مبسوط السرخسي - الجزء الثامن والعشرون

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

المبسوط السرخسي ج 28

[ 1 ] (الجزء الثامن والعشرون من) كتاب المبسوط لشمس الدين السرخسي وكتب ظاهر الرواية أتت * ستا وبالاصول أيضا سميت صنفها محمد الشيباني * حرر فيها المذهب النعماني الجامع الصغير والكبير * والسير الكبير والصغير ثم الزيادات مع المبسوط * تواترت بالسند المضبوط ويجمع الست كتاب الكافي * للحاكم الشهيد فهو الكافي أقوى شروحه الذي كالشمس * مبسوط شمس الامة السرخسي (تنبية) قد باشر جمع من حضرات أفاضل العلماء تصحيح هذا الكتاب بمساعدة جماعة من ذوي الدقة من أهل العلم والله المستعان وعليه التكلان دار المعرفة بيروت - لبنان

[ 2 ] بسم الله الرحمن الرحيم (باب الوصية بغلة الارض والبستان) (قال رحمه الله) وإذا أوصى لرجل بغلة بستانه ولاخر برقبته وهو ثلث ماله فالرقبة لصاحب الرقبة والغلة لصاحب الغلة ما بقى لان الوصية بالغلة في البستان كالوصية بالخدمة في العبد والسكنى في الدار وقد بينا هناك أن يقدم حق صاحب الخدمة والسكنى على حق صاحب الرقبة وان لكل واحد منهما ما أوصي له به فهذا مثله وكذلك ان قال ثمرته لفلان ثم مات ولا ثمرة فيه فالحاصل أن الوصية بالبغلة تنصرف إلى الموجود وإلى ما يحدث سواء قال أبدا أولم يقل لان اسم الغلة حقيقة للموجود والحادث جميعا فأما الثمرة اسم للموجود حقيقة ولا يتناول الحادث الا محازا فإذا أوصى له بثمرة بستانه ولم يقل أبدا فان كان في البستان ثمرة حين يموت الموصى فانما يستحق الموصي له تلك الثمرة ولاحق له فيما يحدث بعد ذلك لان اللفظ إذا صار مستعملا في حقيقته ينتفى المجاز عنه وإذا لم يكن في البستان ثمرة عند موت الموصى فلم يستعمل اللفظ في حقيقته فيجب استعماله في المجاز ويكون له ما يحدث من الثمار ما عاش بمنزلة الغلة فان كان قال أبدا فله الموجود والحادث أبدا جميعا في الفصلين لانه في التنصيص على التأبيد عم الايجاب الحادث والموجود والسقى والخراج وما يصلحه وعلاج ما يصلحه على صاحب الغلة لانه هو المتنفع بالبستان ولو أوصى له بصوف غنمه أو بالبانها أو بسمنها أو باولادها أبدا لم يجز الا ما على ظهورها من الصوف وما في ضروعها من اللبن ومن السمن الذى في اللبن الذى في الضرع ومن الولد الذى في البطن يوم يموت الموصى وما حدث بعد ذلك فلا وصية له فيه وهذا والغلة والثمرة في القياس سواء ولكني أدعى القياس فيه واستحسن ذلك قيل مراده ان القياس في الثمرة والغلة أن لا يستحق الا الموجود فيه

[ 3 ] عند موته كما في الاولاد لانه انما يملك بالوصية ما هو مملوك للموصى والعين الحادث بعد موته لا تكون مملوكة له فلا يستحقها الموصى له ولكنه استحسن فقال الثمار التى تحدث يجوز أن تستحق بايجابه بعقد من العقود كالمعاوضة على قول من يجيزها فكذلك يجوز استحقاقها بالوصية عند التنصيص على التأبيد لان الوصية أو سع العقود جواز بخلاف ما في البطن فان ما يحدث مما ليس بموجود في الحال لا يجوز استحقاقه بشئ من العقود والوصية نوع من العقود وقيل بل مراده ان القياس في مسألة الصوف واللبن والولد أن يستحق الموجود والحادث عند التنصيص على التأييد؟ لان المحل الذى يحدث منه هذه الزوائد يجعل مبقى على ملك الميت حكما لاشتغاله بوصيته والوصية فيما يحدث منها تصير كالمضاف إلى حالة الحدوث فيضع ذلك كما في الثمار ولكنه استحسن فقال ما في بطون الحيوان ليس في وسع البشر ايجاد ما ليس بموجود منه فلا يصح ايجابه للغير بشئ من العقود بخلاف الثمار فان لصنع العباد تأثيرا في ايجاده ولهذا جاز عقد المعاوضة وهو شركة في الخارج فيصح ايجاب الوصية فيما يحدث منه عند التنصيص على التأييد والدليل على الفرق أنه لو أوصى بيد عبده لانسان أو لرجل حياته لا تصح الوصية ولو أوصى بقوائم الخلاف أو سعف النخل صحت الوصية فكان الفرق هذا ان سعف النخل وان كان وصفا للنخل فانه يحتمل التمليك ببعض العقود بخلاف اطراف الحيوان فإذا ظهر هذا الفرق فيما هو موجود منهما فكذلك فيما يحدث وكذلك لو أوصى له بولد جاريته أبدا فانه لا يستحق الا الموجود في البطن عند موته حتى إذا ولدت لاقل من ستة أشهر بعد موته فهو له من الثلث وإذا ولدته لا كثر من ستة أشهر لم يكن للموصى له فيه حق ولا فيما تلد بعده لانه لا يتيقن بوجوده عند الموت وفي الوصية بالثمرة إذا استحق الحادث ثم مات الموصى له فان مات قبل أن تحدث الثمرة بطلت وصيته لان الثابت له حق الاستحقاق وذلك لا يورث عنه وان كان موته بعد ما أثمر البستان فتلك الثمرة لورثته لان تلك العين صارت مملوكة له فيخلفه وارثة (ألا ترى) انه لو كان باعه في حياته وأخذ ثمنه جاز بيعه وكان الثمن لورثته بعد موته وإذا أوصى بغلة نخلة أبد الرجل ولاخر برقبتها ولم يدرك ولم تحمل فالنفقة في سقيها والقيام عليها على صاحب الرقبة لان بهذه النفقة ينمو ملكه ولا ينتفع صاحب الغلة بذلك فليس عليه شئ من هذه النفقة فإذا أثمرت فالنفقة على صاحب الغلة لان منفعة ذلك ترجع إليه فان الثمرة به تحصل فان حملت عاما ثم أحالت فلم تحمل شيأ فالنفقة على صاحب الغلة لان منفعة ذلك

[ 4 ] لصاحب الغلة فالاشجار التى من عادتها أن تحمل في سنة ولا تحمل في سنة يكون ثمارها في السنة التى تحمل فيها وجود وأكثر منها إذا كانت تحمل في كل عام وهو نظير نفقة الموصى بخدمته فانه على الموصى له بالخدمة بالليل والنهار جميعا وان كان هو ينام بالليل ولا يخدم لانه إذا استراح بالنوم بالليل كان أقوى على الخدمة بالنهار فان لم يفعل وأنفق صاحب الرقبة عليها حتى تحمل فانه يستوفى نفقته من ذلك لانه كان محتاجا إلى الانفاق لكيلا يتلف ملكه فلا يكون متبرعا فيه ولكنه يستوفى النفقة من الثمار وما يبقى من ذلك فهو لصاحب الغلة ولو أوصى لرجل بثلث غلة بستانه أبدا ولا مال له غيره فقاسمهم البستان فأغل أحد النصيبين ولم يغل الاخر فانهم يشتركون فيما خرج من الغلة لان القسمة في ذلك باطلة فان الموصى له بالغلة لا يملك شيأ من رقبة البستان والقسمة لتمييز ملك أحدهما من ملك الاخر وذلك لا يتحقق هاهنا فتبطل القسمة وما حصل من الغلة يكون مشتركا بينهم بالحصة وللورثة أن يبيعوا ثلثى البستان لانه لاحق للموصى له بثلث الغلة في ثلثى البستان فإذا نفذ بيعهم قام المشترى مقامهم فيكون شريك صاحب الغلة ولو أوصى بغلة بستانه الذى فيه لرجل وأوصى بغلته أبدا له أيضا ثم مات الموصي ولا مال له غيره وفي البستان غلة تساوى مائة والبستان يساوى ثلثمائة فللموصى له ثلث الغلة التى فيه وثلث ما يخرج من الغلة فيما يستقبل أبدا لان الوصية تنفذ من الثلث وطريق تنفيذها من الثلث هو أن يعطى ثلث الغلة الموجودة وثلثاها للورثة ثم يصير كانه أوصي له بغلته وليس فيه غلة فيكون له ثلث ما يحدث من الغلة أبدا ولو أوصي بعشرين درهما من غلته كل سنة لرجل فاغل سنة قليلا وسنة كثيرا فله ثلث الغلة كل سنة يحبس وينفق عليه كل سنة من ذلك عشرون درهما ما عاش هكذا أوجبه الموصى وربما لا تحصل الغلة في بعض السنين فلهذا يحبس ثلث الغلة على حقه وكذا لو أوصى بان ينفق عليه خمسة دراهم كل شهر من ماله فانه يحبس جميع الثلث لينفق عليه منه كل شهر خمسة كما أوجبه الموصي وعن أبى يوسف انه قال يحبس مقدار ما ينفق عليه في مدة يتوهم أن يعيش إليها في العادة فأما ما زاد على ذلك فلا يشتغل بحبسبه لان الظاهر انه يموت قبل ذلك وشرط استحقاقه بقاؤه حيا فانما يثبت هذا الشرط بطريق الظاهر لما تعذر الوقوف على حقيقته فأما في ظاهر الرواية قال يتوهم أن تطول حياته إلى أن ينفق عليه جميع الثلث أو يهلك بعض الثلث قبل أن ينفق فيحتاج إلى ما بقى منه للانفاق عليه فلهذا يحبس جميع الثلث ويستوى ان أمر بان ينفق عليه في كل شهر منه

[ 5 ] درهما أو عشرة دراهم ولو أوصى أن ينفق عليه كل شهر أربعة من ماله وعلى آخر كل شهر خمسة من غلة البستان ولا مال له غير البستان فثلث البستان بينهما نصفان لاستواء حقهما فيه (ألا ترى) ان كل واحد منهما لو انفرد استحق جميع الثلث بوصيته ثم يباع سدس غلة البستان لكل واحد منهما فيوقف ثمنه على يد الموصى أو على يد ثقة ان لم يكن له وصى وينفق على كل واحد منهما من نصيبه ما سمى له في كل شهر فان ماتا جميعا وقد بقي من ذلك شئ رد على ورثة الموصي لبطلان وصيته بالموت وكذلك لو قال ينفق على فلان أربعة وعلى فلان وفلان خمسة حبس السدس على المنفرد والسدس الاخر على المجموعين في النفقة لانهما كشخص واحد فيما أوجب لهما ولو أوصي بغلة بستانه لرجل وبنصف غلته لاخر وهو جميع ماله قسم ثلث الغلة بينهما نصفان عند أبى حنيفة في كل سنة لان وصية كل واحد منهما فيما زاد على الثلث تبطل ضربا واستحقاقا فان كان البستان يخرج من ثلثه كان لصاحب الجميع ثلاثة ارباع غلته كل سنة وللاخر ربعها القسمة على طريق المنازعة كما هو مذهبه وعندهما القسمة على طريق العول فان لم يكن له مال سواه فثلثه بينهما اثلاثا وان كان يخرج من ثلثه فالكل بينهما اثلاثا على أن يضرب صاحب الجميع بالجميع والاخر بالنصف ولو أوصى لرجل بغلة بستانه وقيمته ألف ولاخر بغلة عبده وقيمته خمسمائة وله سوي ذلك ثلثمائة فالثلث بينهما على أحد عشر سهما في قول أبى حنيفة لان جميع ماله ألف وثمانمائة فثلثه ستمائة والموصى له بغلة البستان تبطل وصيته فيما زاد على الثلث ضربا واستحقاقا فانما يضرب هو بستمائة والاخر بخمسمائة وقيمة العبد فإذا جعلت كل مائة سهما كان الثلث على أحد عشر سهما بينهما لصاحب العبد خمسة أسهم في العبد ولصاحب البستان ستة في غلته ولو أوصى لرجل بغلة أرضه وليس فيها نخل ولا شجر ولا مال له غيرها فان تؤاجر فيكون له ثلث الغلة وان كان فيه شجر أعطى ثلث ما يخرج منها لانه يستحق بمطلق التسمية في كل موضع ما يتناوله الاسم عرفا وإذا أوصى أن تؤاجر أرضه من رجل سنين مسماة كل سنة بكذا ولا مال له غيرها فان كان سمى أجرة مثلها جاز له وان كان أقل منه حسب ذلك من الثلث لان المحاباة في الاجرة بمنزلة المحاباة في الثمن فيكون من ثلثه وهذا لان المنفعة تأخذ حكم المالية بالعقد بدليل انه لو أجر أرضه ولم يسم الاجر كان له أجر مثل ما استوفى المستأجر من المنفعة كما في البيع إذا لم يذكر الثمن ولو أوصى لرجل بغلة أرضه ولاخر برقبتها وهى تخرج من

[ 6 ] الثلث فباعها صاحب الرقبة وسلم صاحب الغلة البيع جاز وبطلت وصيته ولاحق له في الثمن لان الملك لصاحب الرقبة وحق صاحب الغلة في المنفعة فاجازته البيع تكون ابطالا لحقه في المنفعة ويسلم الثمن لصاحب الرقبة كما لو باع الاخر العين المستأجرة ورضى به المستأجر ولو أوصى له بغلة بستانة فاغل البستان سنين قبل موت الموصي ثم مات الموصي لم يكن للموصى له من تلك الغلة شئ الا ما يكون في البستان حين يموت أو ما يحدث بعد ذلك لان وجوب الوصية بالموت وانما يضاف إلى البستان من الغلة عند الموت ما يكون موجودا فيه أو ما يحدث بعد ذلك فان اشترى الموصى له البستان من الورثة بعد موته جاز الشراء وبطلت وصيته كما لو باعوه من غيره برضاه وكذلك لو أعطوه شيأ على أن يبرأ من الغلة فكذلك جائز لانه أسقط حقه بما استوفى منهم من العوض ولو أسقط حقه بغير عوض جاز فذلك بالعوض وكذلك في سكنى الدار وخدمة العبد إذا صالحوه منه على شئ معلوم فهو جائز لانه أسقط حقه بعوض واسقاط الحق عن المنفعة يجوز بالعوض وغير العوض وان كان لا يحتمل التمليك بعوض إذا ملكه أو بغير عوض على ما سبق بيانه والله أعلم (باب الوصية في العتق) (قال رحمه الله) وإذا أوصى بعتق عبده بعد موته أو قال أعتقوه أو قال هو حر بعد موتى بيوم وأوصى لانسان بالف درهم تحاصا في الثلث وليس هذا من العتق الذى يبدأ به وانما يبدأ به إذا قال هو حر بعد موتى عنهما أو أعتقه في مرضه ألبتة أو قال ان حدث لي حدث من مرضى هذا فهو حر فهذا يبدأ به قبل الوصية وكذلك كل عتق يقع بعد الموت بغير وقت فانه يبدأ به قبل الوصية بلغنا عن ابن عمر وابراهيم قالا إذا كان وصية وعتق فانه يبدأ بالعتق وكان المعنى فيه ان العتق الذى يقع بنفس الموت سببه يلزم في حالة الحياة على وجه لا يحتمل الرجوع عنه بخلاف الوصية بالعتق فانه يحتمل الرجوع عنه ولكن هذا لا يستقيم في قوله ان حدث لي حدث من مرضى هذا فان هذا يحتمل الفسخ يبيع الرقبة ولو قال هو حر بعد موتى بيوم فان سببه لا يحتمل الفسخ بالرجوع عنه ومع ذلك لا يكون مقدما على سائر الوصايا ولكن الحرف الصحيح ان يقول ما يكون منفذا عقيب الموت من غير حاجة إلى التنفيذ فهو في المعنى أسبق مما يحتاج إلى تنفيذه بعد الموت لان هذا بنفس

[ 7 ] الموت يتم والاخر لا يتم الا بتنفيذ من الموصى بعد موت الموصى والترجيح يقع بالسبق * يوضحه أن العتق المنفذ بعد الموت مستحق استحقاق الديون فان صاحب الحق ينفرد باستيفاء دينه إذا ظفر بحبس حقه وههنا يصير مستوفيا حقه بنفس الموت والدين مقدم على الوصية فالعتق الذى هو في معنى الدين يقدم أيضا فأما ما يحتاج إلى تنفيذه بعد الموت فهو ليس في معنى الدين فيكون بمنزلة سائر الوصايا ولو أعتق أمته في مرضه فولدت بعد العتق قبل أن يموت الرجل أو بعد ما مات لم يدخل ولدها في الوصية لانها ولدت وهى حرة وهذا التعليل مستقيم على أصلهما لان المستسعاة عندهما حرة عليهما دين والعتق في المرض نافذ عندهما كسائر التصرفات وكذلك عند أبى حنيفة ان كانت تخرج من ثلثه وان كان الثلث أكثر من قيمتها فعليها السعاية فيما زاد على الثلث وتكون بمنزلة المكاتبة ما دامت تسعى وحق الغرماء والورثة لا يثبت في ولد المكاتبة لان الثلث والثلثين لا يعتبر من رقبتها انما يعتبر من بدل الكتابة فلا يثبت حق المولى في ولدها حتى يعتبر خروج الولد من الثلث فان ماتت قبل أن تؤدى ما عليها من السعاية كان على ولدها أن يسعى فيما على أمه في قياس قول أبى حنيفة بمنزلة ولد المكاتبة وعندهما لا شئ على الولد لانه حر فلا يلزمه السعاية في دين أمه بعد موتها ولو دبر عبدا له وقال ان حدث لى حدث من مرضى هذا فانت حر ثم مات من مرضه تحاصا في الثلث لانهما استويا في المعنى الاستحقاق بعد الموت على معنى ان كل واحد منهما في مرض موته فيتحاصان في الثلث ولو أوصى لعبده بدراهم مسماة أو بشئ من ماله مسمي لم تجز كما لو وهب له في حال حياته وهذا لان الكسب يملك الرقبة ففي حياته الملك له في الموصى به والموصى له بعد موته الملك لورثته في جميع ذلك فهذه الوصية لا تفيد شيأ والعقود الشرعية لا تنعقد خالية عن فائدة قال ولو أوصى له ببعض رقبته عتق ذلك المقدار وسعى في الباقي في قول أبى حنيفة بمنزلة ما لو وهب له بعض رقبته في حياته لان العتق عند أبى حنيفة يتجزأ ولو أوصى له برقبته كلها عتق من الثلث وكذلك لو وهب له رقبته أو تصدق بها عليه في مرضه عتق من الثلث ولو أوصى له بثلث ماله جاز لان هذه الوصية تتناول ثلث رقبته فان رقبته من ماله فيعتق ذلك القدر منه بالموت ويصير عندهما حرا وعند أبى حنيفة بمنزلة المكاتب فتصح الوصية له بالمال فإذا بقى له من الثلث شئ أكمل له ذلك من رقبته وأعطى ما فضل على ذلك ان كان في المال كان في قيمته فضل على الثلث سعى فيه للورثة بعد موته

[ 8 ] ولو أوصى بعبده لرجل ثم أوصى بذلك العبد أن يعتق أو يدبر فهذا رجوع عن الوصية الاولى لان بين الوصيتين في محل واحد منافاة يعنى التمليك والعتق بعد موته فالاقدام على الثانية منه دليل الرجوع عن الاولى ولانه صرفه بالوصية الثانية إلى حاجته واستثنى ولاء لنفسه ولو صرفه إلى حاجته في حياته كان به راجعا عن الوصية الاولى أرأيت لو لم يكن راجعا فأعتق الوصي نصفه عن الميت كان يضمن للموصى له النصف الباقي من تركة الميت أو يستسعى الغلام فيه أو يكون شريكا في الغلام هذا كله مستبعدا قال ولو أوصي بعبده لرجل ثم أوصى أن يباع من آخر بثمن سمى حط عنه الثلث ولا مال له غيره فللموصى له بالبيع أن يشترى خمسة أسداس العبد بثلثي قيمته ان شاء أو يدع لان الوصية بالمحاباة بمنزلة سائر الوصايا وقد استوت الوصيتان من حيث استغراق كل واحد منهما الثلث بينها نصفان لصاحب البيع نصفه وهو السدس وللاخر نصف الثلث وهو سدس الرقيه ولايقال ينبغى أن يباع جميع العبد من الموصى له بالبيع بخمسة أسداس قيمته لان الوصية بالرقبة وصية بالعين فلا يمكن تنفيذها من محل آخر بسوى العين وان أبى الموصى له بالبيع ان يشتريها كان للموصى له بالعين ثلث الرقبة لان الوصية بالمحاباة كانت في ضمن البيع وقد بطلت الوصية بالبيع حين ردها الموصي له فيسلم الثلث للموصى من ذلك له بالرقبة ولو أوصى بعتقه ثم أوصي له أن يباع وعلى عكس هذا قال آخر بالاخر لان هاتين الوصيتين لا يجتمعان في محل واحد والثانية منهما دليل الرجوع عن الاولى فهو كالتصريح بالرجوع وإذا أوصى بعبده ان يباع ولم يزد على ذلك أو أوصي بان يباع بقيمته فهو باطل لانه ليس في هذه الوصية معنى القربة فيجب تنفيذها بحق الموصى ولا حق فيها للعبد أيضا لان صفة المملوكية فيه لا تختلف بالبيع انما يتغير النسبة من حيث أنه ينسب إلى المشترى بالملك بعد ما كان منسوبا إلى البائع ولا يمكن تنفيذها لحق الموصى له وهو المشترى لانه مجهول جهالة نسبة ولو أوصي أن يباع نسيئة صحت الوصية بنسبة البيع للعتق بان يحسن العبد خدمة مولاه فيرغب في اعتاقه ولا يتمكن من ذلك لغلة ماله فيبيعه نسيئة ويحط من ثمنه ممن يعتقه ليحصل به ما هو مقصود وهو تخليص العبد عن ذل الرق وهو معنى قوله عليه السلام لبعض أصحابه فك الرقبة وأعتق النسمة الحديث في تنفيذ هذه الوصية حق الموصي وحق العبد فيجب تنفيذها لذلك ثم يباع كما أوصى ويحط من ثمنه مقدار الثلث ان لم يجد من يزيدهم على ذلك ولان معدن الوصية لثلث وفي تنفيد هذه الوصية حق الموصى فيجب

[ 9 ] تنفيذها من معدن هو خالص حقه وهو الثلث ولو أوصى أن يباع من رجل بعينه ولم يسم ثمنا فانه يباع منه بقيمته لا ينقص منه شئ لان تنفيذ هذه الوصية لحق المشترى وهو معلوم وانما أوصى له بالعين بعوض يعد له فكان تنفيذ هذه الوصية ببيعه منه بمثل القيمة فان شاء أخذ وان شاء ترك ولو أوصى بان يعتق عبده وأبى العبد ان يقبل ذلك فانه يعتق من الثلث لان تنفيذ هذه الوصية لحق الموصى فانه استثنى ولاءه لنفسه ولو أوجب العتق له لم يرتد برده مراعاة لحق المولى في الولاء فكذلك إذا أوصي بعتقه ولو أوصي بأن يباع عبدا آخر من فلان بكذا وحط من قيمته مقدار الثلث فالثلث بينهما نصفان لانهما استويا في القوة من حيث ان كل واحد منهما يحتمل الرجوع عنه ويحتال إلى تنفيذه بعد الموت فان كان أعتق العبد بنفسه فابى عتقه ثم باع العبد الاخر وحط عنه الثلث من جميع المال قيل للمشترى يحط عنك نصف الثلث واد ما بقي ان شئت ويسعى المعتق في نصف قيمته وان بدأ بالبيع ثم أعتق سلمت المحاباة للمشترى وعلى العبد السعاية في قيمته وهذا قول أبى حنيفة رحمه الله فانه يقول إذا بدأ بالمحاباة ثم بالعتق تقدم المحاباة وإذا بدأ بالعتق تحاصا وان كانتا محاباتين أو عتقين تحاصا وفي قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله يبدأ بالعتق في الوجوه كلها ولا يحط شئ من القيمة عن المشترى الا أن يفضل شئ من الثلث وفي قول زفر رحمه الله ان ما بدأ به منهما يبدأ به لان لكل واحد منهما نوع قوة وقوة المحاباة من حيث ان سببه تجارة وهو غير محجور عن التجارة بسبب المرض وقوة العتق من حيث انه لا يحتمل الفسخ بعد وقوعه فلما استويا في القوة يبدا بما بدأ به منهما بمنزلة واجبين أو تطوعين وأبو يوسف ومحمد قالا المحاباة بمنزلة الهبة حتى لا تصح ممن لا تصح منه الهبة كالاب والوصى والعتق مقدم على الهبة وان أجره فكذلك المحاباة وهذا لان المحاباة إما أن تكون تمليك العين بغير عوض أو اسقاطا للعوض فان كان اسقاطا فهو كالابراء عن الدين وان كان تمليكا فهو كالهبة والعتق مقدم على كل واحد منهما لان المعنى الذى لاجله قدمنا العتق على الهبة ان الاستحقاق به يثبت بنفسه وانه لا يحتمل الفسخ بعد وقوعه بخلاف الهبة وهذا المعنى موجود في المحاباة لانه يحتمل الفسخ كالهبة يوضحه في ان الوصية بالمحاباة ثابتة بطريق البيع ولهذا لو فسخ البيع لا تبقى الوصية بالمحاباة وما يكون مقصودا بنفسه فهو أقوى مما يكون ثابتا تبعا وأبو حنيفة يقول المحاباة أقوى سببا من العتق لان بسبب المحاباة التجارة فان البيع بالمحاباة عقد تجارة حتى يجب للشفيع

[ 10 ] الشفعة في الكل والشفعة تختص بالمعاوضات دون التبرعات ولهذا قلت ان البيع بالمحاباة يصح من العبد المأذون والصبي المأذون وبالمرض لا يلحقه الحجر عن التجارة فاما العتق تبرع محض وبالمرض يصير محجورا عن التبرعات فمن هذا الوجه المحاباة أقوى ومن حيث الحكم العتق أقوى لانه لا يحتمل الفسخ غير ان السبب يسبق الحكم لان الحكم يثبت بالسبب فلهذا بدأ بالمحاباة قلنا يبدأ بها لبداية الموصى ولقوة السبب فإذا بدأ بالعتق فالعتق يقدم سببه على المحاباة حسا وسبب المحاباة أقوى حكما فيقع التعارض بينهما في قوة السبب فقلنا بانهما يتحاصان وانما يبدأ بما بدأ به الموصى إذا كانا لمستحق واحد فاما إذا كانا لمستحقين فلا كما لو أوصى بثلثه لانسان ثم أوصي بثلثه لاخر ولا يستدل عليهم الا بما قالوا ان الوصية بالمحاباة بيع فان ما يثبت ضمنا للشئ يعتبر حكمه بذلك الشئ كالبيع الذى يثبت ضمنا للعتق يجعل بمنزلة العتق حتى لا يتوقف على القبول وهذا لما ثبت ضمنا للتجارة يجعل بمنزله التجارة وانما لا يحتمل العتق الفسخ لفوات المحل فان المسقط يكون مثلا شيأ وتعذر الفسخ عند فوات المحل ثابت في البيع والهبة أيضا يوضح ما قلنا ان المحاباة تستحق استحقاق الديون لان استحقاقها بعقد ضمان فمن هذا الوجه هي كالديون ومن حيث انه لا يقابله بدل مقصود كان بمنزلة التبرع فيوفر حظه عليهما فلشبهه بالتبرع يعتبر من الثلث ولشبهة بالديون يكون مقدما على ما هو تبرع محض إذا حصلت البداية بها فان بدأ بالبيع وحابى بالثلث ثم أعتق عبدا وهو الثلث ثم باع وحابى بالثلث فللبائع الاول نصف الثلث ونصف الثلث بين المعتق والمشتري الاخر لانه لا مزاحمة للعتق مع المحاباة الاولى فيجعل في حقها كالمعدوم ويقسم الثلث بين المحاباتين نصفين ثم النصف الذى يصيب المشترى الاخر يزاحمه فيه المعتق لان المعتق مقدم عليه وانما كان المعتق محجورا لحق صاحب المحاباة الاولى وقد خرج الوسط حين استوفى حقه ففيما بقى يعتبر حق صاحب العتق وصاحب المحاباة الاخرى فلهذا كان الباقي بينهما نصفين قال وإذا اشترى الرجل ابنه في مرضه بالف درهم وذلك قيمته وله ألف درهم سوى ذلك فانه ابنه يعتق ولا سعاية عليه ويرثه في قول أبى حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يسعى في جميع قيمته ويقاص بها من ميراثه لان العتق في المرض وصية ولا وصية لوارث والابن وارث هاهنا بالاتفاق فيلزمه رد رقبته لبطلان الوصية له وقد تعذر رده فيلزمه السعاية في قيمته وهو بناء على أصلهما ان المستسعى حر عليه دين فبوجوب السعاية عليه لا يخرج من أن يكون وارثا وأبو حنيفة يقول

[ 11 ] لو أوجبنا عليه السعاية في قيمته كان مكاتبا لان المستسعى في بدل رقبته عنده مكاتب والمكاتب لا يرث فيجب تنفيذ الوصية له وإذا أنفذنا الوصية له وأسقطنا عنه السعاية صار وارثا لا يزال يدور هكذا وقطع الدور واجب فيجمع له بين الميراث والوصية لضرورة الدور لان ثبوت الوصية للوارث أسهل من ابطال ميراثه (ألا ترى) ان الميراث لا يرتد برد أحد فانه واجب بايجاب الله تعالى والوصية للوارث تصح عند اجازة الورثة فلهذه الضرورة جمعنا له بين الوصية والميراث وهو نظير جواز تنفيذ الوصية فيما زاد على الثلث لضرورة الدور وقد بينا ذلك في كتاب الهبة انه قد تنفذ الهبة في ثلث المال لضرورة الدور والوصية للوارث بمنزلة الوصية للاجنبي بما زاد على الثلث ولو اشترى ابنه بالف درهم وقيمته خمسمائة وأعتق عبداله آخر يساوي خمسمائة ولا مال له غيرهما ففي قول أبى حنيفة المحاباة تقدم لانه بدأ بها وقد استغرقت الثلث فيجب على كل واحد من العبدين السعاية في قيمته ولا يرث الابن شيأ لما عليه من السعاية وعندهما العتق مقدم الا أن الابن وارث فلا وصية له ولكن يعتق العبد الاخر محاباة ويسعى الابن في قيمته ويطالب البائع بالرد فيما زاد على قيمته من الثمن فيكون ميراثا بينهم على فرائض الله تعالى ولو كان قيمة الابن ألفا فاشتراه بالف وأعتق عبدا آخر يساوى ألفا على قول أبى حنيفة يتحاصان في الثلث ويسعى الابن فيما زاد على حصته ولا ميراث له لانه مستسعى في بعض قيمته فلا يكون وارثا وعند أبى يوسف ومحمد الابن وارث فعليه أن يسعى في جميع قيمته ويقاص بها من ميراثه قال وإذا أعتق الرجل أمته ثم تزوجها وهو مريض ثم دخل بها وقيمتها ألف درهم ومهر مثلها مائة فان كانت قيمتها ومهر مثلها يخرج من الثلث جعلت لها الميراث والمهر وأجزت النكاح وان كانت قيمتها ومهر مثلها لا يخرج من الثلث دفع لها مهر مثلها والثلث مما بقى بعد المهر ثم سعت فيما بقى من قيمتها ولا ميراث لها وهذا قول أبى حنيفة وقد طعن عيسى رحمه الله في اشتراطه خروج القيمة ومهر المثل من الثلث قال كيف يستقيم هذا والمهر دين يعتبر من جميع المال والقيمة وصية تعتبر من الثلث ولكن يقول مراده من ذلك خروج القيمة من الثلث بعد دفع مهر المثل من المال لان مهر المثل دين فيعتبر فيبدأ به ثم إذا كانت القيمة تخرج من ثلث ما بقى فقد عرفنا نفوذ العتق وصحة النكاح وثبوت الميراث لها ولكن يجمع على أصله لها بين الميراث والوصية لضرورة الدور وان كانت قيمتها ومهر مثلها لا يخرج من الثلث فقد علمنا بوجوب السعاية عليها في بعض قيمتها وانها كالمكاتبة والمولى إذا

[ 12 ] تزوج مكاتبته لا يصح النكاح ولكنه لما دخل بها يلزمه مهر المثل للشبهة فيأخذ مهر مثلها أولا ثم لها الثلث مما بقى بطريق الوصية ويسعى فيما بقى من قيمتها وفي قول أبى يوسف ومحمد النكاح جائز على كل حال لان المستسعاة عندهما حرة عليها دين فيكون لها مهر مثلها والميراث وعليها السعاية في قيمتها لانها حين ورثت لم يكن لها وصية فيحاسب بالقيمة التى عليها من مهرها وميراثها لانه لا فائدة في قبض ذلك منها حين وجب ردها عليها فان بقي شئ اداه إلى الورثة وان كان زادها شيأ على مهر مثلها بطلت الزيادة لانها وارثة له ولو أعتق أمته وقيمتها ألف ثم استدان منها مائة درهم ثم تزوجها ثم مات ولم يدخل بها وترك ألفين سوى ذلك عندهما هذا والاول سواء والنكاح جائز وترث ولها مهرها لانتهاء النكاح بالموت ولها دينها الذى استدان منهما لكون ببينة معاينه وعليها السعاية في قيمتها لانها لا وصية لها وعند أبى حنيفة النكاح باطل لانها تستوفى في دينها من المال ثم لها ثلث ما بقى بطريق الوصية وقيمتها ومهر مثلها يزيد على الثلث فلذلك بطل النكاح ولو أعتقها وليس له مال غيرها ثم تزوجها فاستدان منها مائتي درهم فانفقها على نفسه وذلك في مرضه ثم مات فالنكاح باطل في قول أبى حنيفة ولا ميراث لها ولا مهر إذا لم يكن دخل بها وعليها السعاية في ثلث ما بقى بعد الدين ولو أعتقها في مرضه ثم تزوجها وليس له مال غيرها ثم اكتسب ما لا تخرج هي ومهرها من ثلثه فان النكاح جائز ولها المهر والميراث ولا سعاية عليها لان المعتبر عند الموت فان وجوبه الوصية يكون عند موته وعند ذلك رقبتها تخرج من الثلث بعد المهر فلا تسعى في شئ وتبين ان النكاح كان صحيحا بينهما بالموت فلها المهر والميراث ويجمع لها بين الميراث و الوصية لضرورة الدور وإذا أشهد الرجل على وصيته في كتاب شهودا ولم يقرأها عليهم ولم يكتبها بين أيديهم فان ذلك لا يجوز لانهم لم يعرفوا ما في الكتاب والشهادة على ما قال في الكتاب لا على الكتاب وبدون علم الشاهد المشهود به لا يصح الاشهاد وان قرأها عليهم فقالوا نشهد عليك بذلك فحرك رأسه بنعم ولم ينطق فهذا باطل لانهم لم يسمعوا اقراره وتحريك الرأس من الناطق لا يكون اقرار إذ هو محتمل في نفسه يجوز ان يكون لاستبعاد الشئ ويجوز أن يكون للرضي به وان كتبها بين أيديهم وقال اشهدوا انها وصية أو قرأها عليهم فقال اشهدوا ان هذا وصية فهو جائز لانه سمعوا اقراره وعلموا بما كتبه بين أيديهم أو قرأه عليهم وكذلك لو قالوا نشهد ان هذه وصيتك قال نعم فهو جائز لانه أخرج كلامه مخرج الجواب فيصير ما تقدم

[ 13 ] كالمعاد فيه قال تعالى فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم وإذا شهد الشاهدان انه أعتق أحد عبديه في وصيته وقالا سماه لنا فنسيناه لم تجز شهادتهم لانهم لم أثبتو الشهادة وقد أقروا على أنفسهم بالغفلة وبانهم ضيعوا الشهادة وان شهدوا انه أعتق أحد عبيده الاربعة بغير عينه فهذا والاول سواء في القياس ولكني استحسن هذا وأجيزه فيعتق من كل واحد منهم ربعه ان كانت قيمتهم سواء ويسعى كل واحد في ثلاثة ارباع قيمته وقد تقدم بيان هذا في العتاق فان كانت قيمتهم مختلفة أخذا قلهم قيمة وأكثرهم قيمة فجمعنا قيمتهما ثم أخذنا نصف ذلك وقسمناه بينهم على قدر قيمتهم حتى إذا كان قيمة أحدهم ألفا وقيمة الثاني ألفين وقيمة الثالث ثلاثة آلاف وقيمة الرابع أربعة آلاف فانه يجمع بين أقلهم قيمة وأكثرهم قيمة وذلك خمسة آلاف ثم يؤخذ نصف ذلك وهو ألفان وخمسمائة فيضرب أحدهم فيه بألف والاخر بالفين والاخر بثلاثة آلاف والاخر باربعة آلاف فإذا جعلت كل ألف سهما بلغت السهام عشرة فللاول عشر ألفين وخمسمائة وذلك مائتان وخمسون ربع قيمته وللثاني عشران وذلك خمسمائة ربع قيمته وللثالث ثلاثة اعشار وذلك سبعمائة وخمسون ربع قيمته فان قيمته ثلاثة آلاف وللاخر أربعة اعشار وهو ألف درهم ربع قيمته فان كان له عبدان فشهد الشاهدان انه قال هذا حر وهذا فانه يعتق من كل واحد منهما ثلثه ان لم يكن له مال غيرهما فان كان له مال غيرهما يخرج من ثلثه عتق من كل واحد منهما نصفه وليس للورثة أن يعتقوا أحدهما ويمسكوا الاخر لان العتق بالموت يشيع فيهما وانما ينفذ من ثلث ماله ولو شهدوا انه قال لفلان عبدى هذا أو عبدى هذا للاخر وصية وهما يخرجان من الثلث كان للورثة أن يعطوه أيهما شاؤا لان المستحق واحد وهو الموصى له والاقل متيقن به فللورثة أن لا يعطوه الزيادة على ذلك بخلاف العتق وهناك العتق وهناك العتق شاع فيهما بالموت لان المستحق مختلف وليس أحدهما بالتقديم بأولى من الاخر ولو شهدوا انه أعتق عبده هذا وهو يخرج من الثلث ثم شهد آخران من الورثة انه أعتق عبدا آخر سواه فشهادتهما جائزة ويتحاصان في الثلث لانه لا تهمة في شهادة الورثة فان فيه ابطال ملكهم عن العبد وتأخير حقهم إلى خروج السعاية فكانوا في هذه الشهادة كالاجانب وقد ثبت حق كل واحد منهما بمثل ما ثبت به حق الاخر فيتحاصان في الثلث ولو شهد الاجنبيان انه أوصى لفلان بالثلث واجازه القاضي ثم شهد الوارثان انه أعتق عبده هذا في مرضه وهو الثلث جاز اعتاقه من الثلث وبطلت الوصية بالثلث لان

[ 14 ] ثبوتهما بالبينة كثبوتهما بالمعاينة والعتق والمنفذ في الثلث مقدم على سائر الوصايا وذكر في الزيادات ان شهادة الوارثين لا تقبل هاهنا لان الموصى له بالثلث استحق الثلث عليهما بقضاء القاضي فهما بهذه الشهادة يبطلان استحقاقه وما قضى به القاضي عليهما بهذه الشهادة فلا يقبل ولكن يعتق العبد لا قرارهما بفساد رقه وعليه السعاية في قيمته لان العتق في المرض نفذ من الثلث وقد بينا ان الثلث كله مستحق للموصى له بقضاء القاضى ولو شهد الاجنبيان انه أوصى ان بعتق عبده سالم وهو الثلث وشهدا وارثان انه رجع عن ذلك وأوصى بعتق عبده زياد وهو الثلث جازت شهادتهما لانه لا منفعة في هذه الشهادة للورثة إذ لا فرق في حقهم بين أن يكون الاول هو المستحق للثلث عليهم أو الاخر ولانهما يشهدان للاخر على الاول فهو بمنزلة مالو أوصى لرجل بالثلث فشهد وارثان انه قد رجع عنه وجعله لهذا الاخر أو انه أشركه معه فيه ولو كانت قيمة العبد الثاني أقل من الثلث أجزت شهادتهما للاخر فأعتقه ولا أصدقهما على الفصل الذي في الاول لانهما بشهادتهما على الرجوع عن وصيته يجران إلى أنفسهما منفعة ولا تقبل شهادتهما على ذلك ولكن يثبت عتق الا آخر بشهادتهما لان أحد الحكمين ينفصل عن الاخر ولا تهمة في هذا فينفذ العتق للعبدين من الثلث بالحصص ولو شهد شاهدان انه أعتق عبديه هذين في مرضه وقيمة أحدهما ألف وقيمة الاخر خمسمائة ولا مال له غيرهما فالثلث بينهما اثلاثا لان الوصية لكل واحد منهما بالبراءة عن السعاية فيضرب بجميع ما أوصى له به في الثلث وان كان أكثر من الثلث ولو كان أوصى بأحدهما لرجل وبالاخر لاخر فكذلك عند أبي يوسف ومحمد الجواب وعند أبي حنيفة الثلث بينهما نصفان لان الموصي له بالعين تبطل وصيته فيما زاد على الثلث عند عدم الاجازة ضربا واستحقاق وإذا قال الرجل في مرضه لعبد له ومدبر أحد كما حر ثم مات ولا مال له غيرهما وقيمتها سواء فللمدبر ثلثا الثلث وللاخر ثلثه لان قوله أحد كما حر يتخير العتق وهو معتبر في حق المدبر لحاجته إلى ذلك فيجب له حرية رقبته ويشيع فيهما بالموت قبل البيان فكان القن موصى له بنصف رقبته والمدبر موصى له بجميع رقبته لا يزاد على ذلك شئ بما أصابه من العتق في المرض لان العتق في المرض وصية كالتدبير فيضرب المدبر في الثلث بجميع رقبته والقن بنصف رقبته فكان الثلث بينهما اثلاثا ولو كان قال في الصحة سعى المدبر في سدس قيمته والاخر في نصف قيمته لان العتق في الصحة من جمع المال فإذا فات البيان بالموت عتق من كل واحد منهما نصفه من جميع المال

[ 15 ] وانما مال الميت رقبة واحدة والمدبر موصي له بالنصف الباقي من رقبته فتنفذ وصيته من الثلث فيسلم له بالعتق البات نصف الرقبة وبالتدبير ثلث الرقبة ويسعى في سدس القيمة وانما يسلم للقن نصف رقبته بالعتق البات فيسعى في قيمته ولو شهد شاهدان انه دبر عبده فلانا ان قتل وانه قد قتل وشهد شاهدان انه مات موتا فانى أجيز العتق من الثلث لان في احدى الشهادتين اثبات العتق والقتل وفي الاخرى نفيهما والمثبت من البينتين أولى وكذلك لو شهدا أنه أعتقه ان حدث به حدث في مرضه أو سفره هذا وانه قد مات في ذلك السفر أو المرض وشهد آخران انه رجع من ذلك السفر ومات في أهله فانى أجيز شهادة شهود العتق لان في شهادتهما اثبات العتق واثبات تاريخ سابق في موته وان شهدا هذان الاخران انه قال ان رجعت من سفري هذا فمت في أهلى ففلان حر وانه قد رجع فمات في أهله وجاؤا جميعا إلى القاضي فانى لا أجيز شهادة اللذين شهدا على الرجوع وأجيزا شهادة اللذين شهدا انه مات في أهله ذلك لانهما أثبتا موته بتاريخ سابق ولابد من القضاء بموته في ذلك الوقت لانعدام المعارض ثم الموت لا يتكرر عادة فيبطل شهادة الاخرين جميعا ضرورة (ألا ترى) ان الرجل لو قال ان مت في جمادى الاخر ففلان حر وان مت في رجب ففلان حر لعبد آخر فشهد شاهدان انه مات في جمادى الاخر وشهد آخر ان انه مات في رجب أخذنا بقول الشاهدين على الموت الاول لهذا المعنى ولو شهدا انه قال ان مت من مرضى هذا ففلان حر وقالا لا ندرى مات أم لا فقال الغلام مات منه وقال الوارث صح منه ثم مات فالقول قول الوارث مع بمينه لان الغلام يدعى شرط العتق والوارث منكر لذلك فالظاهر وان كان يشهد للغلام ولكن ثبوت الشرط ظاهرا لا يكفى لثبوت الحرية لان الظاهر يدفع به الاستحقاق ولا تثبت به الاستحقاق وان أقاما جميعا البينة فالبينة بنية العبد لانه هو المثبت للشرط والعتق وان قال ان مت من مرضى هذا ففلان حر وان برأت منه ففلان آخر حر فقال العبد قد مات منه وقال الوارث قد برأ فالقول قول الوارث لما بينا فان أقام الاخر البينة على ما يدعى اعتقته أيضا لانه يثبت العتق ببينة لنفسه وان قامت البينتان لهما أخذت ببينة الذين شهدوا على الوقت الاول انه مات من مرضه وأبطلت الاخرى لانه لا يموت مرتين وإذا أمته في الاول بطل الاخر ضرورة لان الميت لا يموت والله أعلم

[ 16 ] (باب عتق النسمة عن الميت) (قال رحمه الله) وإذا اشترى الموصى نسمة ليعتقها عن الميت كتب هذا ما اشترى فلان بن فلان وصي فلان بن فلان اشترى مملوكا يقال له فلان الفلاني وهو رجل قد اجتمع بكذا درهما نسمة كان فلان بن فلان أوصى أن يشتريه بها له فيعتقها عنه ثم يكتب التقابض وما بعده على الرسم والحاصل ان الصك حكاية ما جرى والمقصود التوثيق فينبغي أن يكتب على أحوط الوجوه فالنسمة هي الرقبة التي تشرى للعتق وينبغى للوصي إذا لم يعين الموصي رقبة أن يشترى رجلا مجتمعا لان معنى التقرب انما يتم باعتاق مثله فان الصغير والمجنون عاجزان عن الكسب والانثى كذلك فيصير بعد العتق عيالا على غيره وإذا كان رجلا قد اجتمع يتخلص من ذلك الرق ويتفرغ للعبادة والتكسب للانفاق على نفسه فانما يتم معنى الرقبة في أعتاق مثله وقصد الموصى التقرب وصفة الاطلاق تقتضي الكمال وإذا أوصى أن يعتق عنه نسمة بمائة درهم فلم يبلغ ثلث ماله مائة درهم لم يعتق عنه في قول أبى حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يعتق عنه بالثلث رقبة ما بلغت لان وجوب تنفيذ هذه الوصية لحق الموصى وهو قصده التقرب ولهذا صحت وصيته من غير تعيين النسمة فيجب تنفيذ وصيته من محلها ويحصل مقصوده بقدر الامكان كما لو أوصي أن يحج عنه بمائة درهم فلم يبلغ الثلث الا خمسين درهما يحج عنه من حيث يبلغ الثلث وكذلك لو أوصى أن بصدق له من ماله بمائة وأبو حنيفة يقول تنفيذ الوصية لغير من أوجبها له الموصى لا يجوز وهو انما أوجب الوصية بنسمة قيمتها مائة درهم والتي قيمتها خمسون غير التي قيمتها مائة فلو قلنا بأنه يشترى بثلث ما يوجد كان هذا تنفيذ الوصية لغير من أوجب له الموصى ثم للموصى في تقدير الثمن غرض صحيح وهو التحرز عن اعتاق الحديث والتقرب باعتاق أفضل الرقاب على ماروى أن النبي عليه الصلاة والسلام سئل عن أفضل الرقاب فقال أعلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها والانسان قد يرغب في ولاء عبد كثير القيمة ويتحرز عن ولاء قليل القيمة ففي تنفيذ هذه الوصية من الثلث ابطال مقصود الموصى والزام ولالم يرض بالتزامه وبهذين الحرفين يتضح الفرق بين هذا وبين الصدقة والحج وانما نظير هذا من مسألة الحج لو أن صحيحا أمر رجلا أن يحج عنه رجلا بمائة درهم فأحج عنه رجلا بخمسين درهما وهناك يصير مخالفا ضامنا فكذلك هاهنا وعلى

[ 17 ] هذا الخلاف لو أوصى أن يعتق نسمة بجميع ماله فلم يجز الورثة ذلك فالوصية تبطل في قول أبى حنيفه وفي قولهما يشترى له بالثلث نسمة فتعتق عنه واستكثر من الشواهد لهما في الاصل قال أرأيت لو أوصي أن يعتق عنه نسمة بمائتي درهم مائة من ماله ومائة من مال فلان لرجل أجنبي أكنت أبطل وصيته من أجل انه سمى مال الاجنبي أرأيت لو أوصى أن يشترى له نسمة بمائة درهم أو بخمر أو خنزير أو بانسان حر أو يزاد مع هذه المائة شئ لا يصلح من ماله أكنت أبطل الوصية لا أبطلها وهي جائزة من ثلثه. أرأيت لو أوصى أن يعتق عنه نسمة بمائة درهم بعينها فإذا فيها درهم ستوقة أو أكثر لا ينفق أما كنت آمره أن يشترى بما بقى أرأيت لو تجوز بهذا البائع أما كنت آمره أن يشترى بها أرأيت لو استحق منها درهم أو هلك منها درهم أكنا نبطل الوصية قيل هذا كله على الخلاف ومن عادة محمد رحمه الله الاستشهاد بالمختلف على المختلف لا يضاح الكلام وقيل بل أبو حنيفة رحمه الله يفرق بين هذه الفصول فيقول إذا أوصى أن يشترى نسمة بجميع ماله فلو أجازت الورثة لكان المشترى كله والعتق يكون من جهته وولاؤه له وإذا لم يجيزوا لو قلنا يشترى بثلثه كنا نلزمه ولو لم يرض بالتزامه وأما في مسألة ماله ومال غيره لو أجاز الغير هناك لا يكون المشترى كله له ولا ينفذ العتق في جميعه من جهته فليس في تنفيذ وصيته في ماله الزام شئ لم يرض بالتزامه وإذا أوصى أن يعتق عنه نسمة وأوصي لاخر بالثلث فثلث ماله يقسم على الثلث وعلى أدنى ما يكون من قيمة النسمة لان بمطلق التسمية لا يثبت الا الادنى فانه هو المتقين به وانما يجب قسمة الثلث على مقدار ما يثبت من كل وصيته فما أصاب قيمة النسمة يعتق به النسمة وما أصاب الثلث فهو للموصى له بالثلث ولو أوصى أن يشترى عبد فلان فيعتق عنه فانه يشترى من ثلثه لان تنفيذ الوصية محلها الثلث وإذا امتنع صاحبه من البيع بالثلث أوقف الثلث حتى يبيعه صاحبه لانه مشغول بالوصية فما دام فيه رجاء التنفيذ يجب أن يوقف الثلثه عليه فان مات العبد فقد انقطع رجاء تنفيذ هذه الوصية لفوات محلها فيرجع إلى الوارث ذلك ان كان سمى ما يشترى به من الثلث ولو أوصى إلى رجل أن يشترى له نسمة بهذه المائة بعينها فيعتقها من الثلث عنه فان اشترى بها نسمة فأعتقها عنه ثم استحق رجل تلك المائة أو بعضها أو لحقه دين والمائة أكثر من ثلثه فالوصى ضامن لتلك المائة لانه هو المشترى فالثمن مضمون في ذمته حتى يسلمها للمشترى ثم بما ظهر تبين ان الوصي مخالف لانه اشترى باكثر من ثلث مال الميت

[ 18 ] ولا يمكن تنفيذ وصيته في أكثر من ثلثه فصار مخالفا مشتريا لنفسه فالثمن دين عليه وانما قضى بمال الميت دينا عليه فيضمن مثلها ويكون العتق عن نفسه لان أعتق ملك نفسه فان خرج للميت مال لم يعلم به من دين أو عين يكون ثمن النسمة الثلث من ذلك برئ الوصي من الضمان لان بما ظهر من المال تبين ان الوصي غير مخالف وانه نفذ الوصية في محلها فلا يلحقه عهد ولا ضمان وإذا أوصى أن يباع عبده ويشترى بثمنه نسمة فتعتق عنه فباع الوصي العبد واشترى بثمنه نسمة فأعتقها وهو الثلث ثم رد العبد من عيب بعد ذلك ضمن الوصي الثمن لانه هو المشترى فتتعلق حقوق العقد به وذلك رد الثمن عند رد المبيع عليه بالعيب ثم يقال بع العبد فان بلغ ذلك الثمن فالعتق جائز عن الميت كما كان لانه تبين انه غير مخالف في شراء النسمة والعتق عن الميت بل هو منفذ الوصية في محلها وان نقص عنه أو زاد عليه فالعتق عن الوصي لانه مخالف في الوجهين أما إذا نقص ثمن العبد عما اشترى به النسمة فظاهر وكذلك إذا زاد عليه لانه انما أمره أن يعتق عنه نسمة يشتريها بثمن العبد وهذه نسمة اشتراها ببعض الثمن فكان غير ما تتناوله الوصية فلهذا كان مشتريا لنفسه في الوجهين والعتق عنه ويشترى بالثمن نسمة أخرى فيعتقها عن الميت ولو لم يرد العبد بالعيب ولكن استحق رجع المشترى على الوصي بالثمن لانه هو الذي قبض منه بحكم البيع الثمن فكان العتق عن الوصي نفسه لانه تبين بطلان الوصية وان اشترى الوصي النسمة لا يمكن تنفيذها عن الميت فكان مشتريا لنفسه على ما هو الاصل انه متى تعذر تنفيذ الشراء على من اشترى له ينفذ على العاقد وكان العتق عن الوصي نفسه ولا يرجع على الورثة في نصيبهم بشئ من المال لان الميت لم يوص في ذلك المال بشئ فكيف يرجع الوصي به. أرأيت لو اشترى شيأ لليتيم من ميراثه أو باع له فلحقه غرم وليس لليتيم مال أكان يرجع في حصة غيره من الورثة ولو أوصى بأن يشترى من ثلثى ماله نسمة تعتق عنه وماله ثلثمائة فاشترى الوصي بمائة نسمة فأعتقها وأعطى الورثة مائتين فاستحقت النسمة وردت في الرق وقبض الوصي المائة ليشترى بها نسمة أخرى فتلفت منه مائة يرجع على الورثة بثلث ما أخذوا ليشترى به في قول أبى حنيفة وما تقدم من المقاسمة باطل ما لم يحصل مقصود الموصى وفي قولهما مقاسمة الوصي الورثة جائزة ولا يرجع فيما أصاب الورثة بشئ وقد بطلت الوصية وهذا نظير ما تقدم بيانه في الحج ولو أوصى أن يشترى له نسمة بعينها فتعتق عنه فاشتراها الوصي ثم ماتت فقد بطلت الوصية لانها وقعت لشخص بعينه فلا يمكن تنفيذها لشخص آخر وقد فات محل الوصية

[ 19 ] فتبطل الوصية وكذلك لو جنت جناية قبل أن تعتق فدفعت بها بطلت الوصية لفوات محلها وهو ملك الموصى ولو فداها الورثة كانوا متطوعين في الفداء وتعتق عن الميت لانها طهرت عن الجناية وبقيت على ملكه محلا لوصيته والورثة ما كانوا مجبورين على الفداء فكانوا متبرعين فيه لان النسمة باقية على ملك الموصى حكما فكأنهم فدوها من الجناية في حياة الموصى ولو أوصي بعتق أمة له تخرج من ثلثه كان حالها كذلك فان ولدت النسمة أو الامة قبل أن تعتق فالولد رقيق للورثة لان الوصية بالعتق لا تسرى إلى الولد فان فيه الزام الميت الولاء وانما التزم الميت ولاء الامة لاولاء ولدها والامة قبل أن تعتق مبقاة على حكم ملك الميت فيفصل منها الولد لذلك الا أن الورثة لا يملكونها لكونها مشغولة بوصية الميت وذلك غير موجود في الولد فكان الولد للورثة وان كانت النسمة والام ذات رحم محروم من الورثة لم تعتق بذلك حتى تعتق عن الميت لان اشتغالها بالوصية يمنع انتقالها إلى الوارث بل هي مبقاة على حكم ملك الميت ولهذا كان ولاؤها له إذا عتقت عنه ولو أعتقها بعض الورثة عن نفسه كان العتق عن الميت لان العتق في هذه العين مستحق عن الميت وما يكون مستحقا على المرء في عين بجهة فعلى أي وجه أتى به يقع عن الوجه المستحق وتصريحه بخلافه باطل وكذلك لو قال أنت حرة ان دخلت الدار أو قال بعد موتى لم تكن مدبرة ولكنها تعتق عن الميت ان دخلت الدار ومات القائل لان الوارث في حكم المالك لها بدليل انه يملك وزوائدها وكسبها الا انه لا يجعل مللكا فيما فيه ابطال وصية الموصى فأما فيما فيه تنفيذ وصيته فيجعل الوارث كالمالك فيصح منه تعليق عتقها بموته أو بشرط آخر وعند وجود الشرط يجعل كالمنجز لعتقها فيعتق عن الميت وبه فارق الوصي فانه إذا علق عتقها بالشرط لم يصح التعليق لان الوصي غير مالك لها وانما يتصرف بحكم التفوض والمفوض إليه ينجز العتق والمأمور بالتنجيز إذا علق العتق بالشرط كان ذلك منه باطلا ولو قال لها الوارث أنت حرة على ألف درهم ان قبلت فقبلت فهي حرة بغير شئ لانها لا تعتق لوجود الشرط وانما تعتق بجهة لوصية عن الميت وكان ذلك بغير جعل ولو أوصى أن تعتق نسمة عن شئ واجب عليه من ظهار أو غيره فانها تعتق من ثلثه لانه لا يجب الاعتاق عنه بعد موته بغير وصية فإذا أوصى كان معتبرا من ثلثه كالتطوعات وكذلك الزكاة وحجة الاسلام وقد بينا هذا فيما سبق ولو أوصى بعتق نسمة فاشتريت له أو بعتق أمة له تخرج من الثلث فجنى عليها جناية فالارش للورثة لان الارش بمنزلة الولد في كونه

[ 20 ] فارغا عن الوصية فالوارث بمنزلة المالك لها فيما هو فارغ عن الوصية الميت فكان كسبها للورثة لهذا المعنى ولو زوجوها لم يجز لان ولاية التزويج تثبت لملك الرقبة وهم لا يملكون رقبتها لكونها مشغولة بالوصية فان دخل بها الزوج سقط الحد للشبهة ووجب المهر وكان ذلك بمنزلة ولد ولدته فيكون للورثة ولو أوصى إلى رجل ببيع عبده هذا ويتصدق بثمنه على المساكين فباعه الوصي وقبض الثمن فهلك عنده ثم استحق العبد كان أبو حنيفة مرة يقول يضمن الوصي ولا يرجع على أحد بشئ لان الوصية قد بطلت باستحقاق العبد والوصى هو الذي قبض الثمن فيضمن مثله للمشترى ولا يرجع على الورثة بشئ لان الميت ما أوصى بشئ مما وصل إلى الورثة ثم رجع وقال يرجع الوصي بما يضمن من الثمن في مال الميت وهو قولهما لان الوصي في هذا البيع كان عاملا للميت فما يلحقه من العهدة بسبب عمله يرجع به على الميت ويكون ذلك بمنزلة الدين له يستوفيه من جميع ماله وروى ابن سماعة عن محمد رحمهما الله انه يرجع بقدر ثلث ماله مما يغرم لانه انما لحقه هذا الغرم باعتبار وصية الميت ومحل الثلث فلهذا يقتصر رجوعه على ثلث مال الميت والله أعلم (باب الوصي والوصية) (قال رحمه الله) ويكتب في كتاب وصيته تركته لان الكتاب للتوثق والرجوع إليه عند المنازعة وأكثر ما تقع فيه المنازعة التركة التى تصير في يد الموصى فينبغي أن يذكرها في الكتاب ان كتب فيه انه يعمل كذا ان مات من مرضه هذا أو في سفره هذا فرجع من ذلك السفر وبرأ من ذلك المرض بطلت تلك الوصية لانه عقلها بشرط وقد فات والوصية إلى الغير اثبات الخلافة أو الاطلاق وهو يحتمل التعليق بالشرط كالوكالة أو هي اثبات الولاية بمنزلة تقليد القضاء فيحتمل التعليق بالشرط وإذا أوصى إلى رجلين فمات أحدهما جعل القاضي مكانه وصيا آخر والكلام ها هنا في فصول ثلاثة * أحدها أن أحد الوصيين لا ينفرد بالتصرف في قول أبى حنيفة ومحمد رحمهما الله الا في أشياء معدودة استحسانا وفي قول أبى يوسف ينفرد كل واحد منهما بالتصرف وجه قوله أن الوصايا تثبت؟ الولاية للوصي في التصرف وكل واحد من الوليين يتصرف بانفراده كانه ليس معه غيره كالاخوين في النكاح والابوين وهذا لان الولاية لا تحتمل التجزى وبتكامل السبب في حق كل واحد منهما

[ 21 ] بانفراده يثبت الحكم بخلاف الوكيلين فان الوكالة انابة وانما جعلهما تائبين عنه في التصرف فلا تثبت الانابة لكل واحد منهما بانفراده وبيان ان ثبوت حق التصرف الفرق للموصى لا يكون الا بعد زوال ولاية الموصى والانابة تستدعى قيام ولاية المنوب عنه وتبطل سقوط ولايته كالوكالة وأما الولاية بطريق الخلافة فتستدعى سقوط ولاية من هو أصل ليصير الخلف قائما مقامه كالجد مع الاب وأبو حنيفة ومحمد رحمهما الله قالا سبب هذه الولاية التفويض فلابد من مراعاة سبب التفويض وانما فوض اليهما حق التصرف وكل واحد منهما في هذا السبب بمنزلة شطر العلة وشطر العلة لا يثبت شيأ من الحكم بخلاف الاخوين فالسبب هناك الاخوة وهي متكاملة في حق كل واحد منهما * يوضحه ان ولاية التصرف للوصي بعد موت الموصى باعتبار اختيار الموصى ورضاه به وهو انما رضي برأى المثنى فرأى الواحد لا يكون كرأى المثنى ومقصوده توفير المنفعة عليه وعلى ورثته وذلك عند اجتماع رأييهما أظهر فاشبهت من هذا الوجه الوكالة فأما الاشياء المعدودة فهو تجهيز الميت وشراء ما لا بد منه للصغير وقضاء الدين ورد الوديعة وتنفيذ الوصية في العين وقبول الهبة والخصومة والقياس في هذه الاشياء ان لا ينفرد أحدهما به لما قلنا ولكنا استحسنا لان التجهيز لا يمكن تأخيره وربما يكون أحدهما غائبا ففي اشتراط اجتماعهما الحاق الضرر لا توفير المنفعة عليه وكذلك شراء ما لابد للصبي منه فان ذلك لحاجته فلا يحتمل التأخير والظاهر ان الموصى رضى برأى كل واحد منهما على الانفراد فيه عند تحقق الحاجة وأما قضاء الدين فلان صاحب الدين يستبد باستيفائه من غير حاجة فيه إلى فعل أو رأى من الوصي فرد الوديعة كذلك والوصية بالعين إذا كانت تخرج من الثلث كذلك فالوصى له أن يأخذه فكذلك لاحدهما أن يعينه على ذلك بالتسليم والخصومة مما لا يتحقق اجتماعهما عليه (ألا ترى) انهما وان حضرا لم يتكلم الا أحدهما لانهما لو تكلما جميعا لم يفهم القاضي كلام كل واحد منهما ولهذا ملك أحد الوكيلين الخصومة والتفرد بها اما قبول الهبة والصدقة فانه لا يستدعى الولاية (ألا ترى) ان الصبي يقبل بنفسه ومن يعوله وان كان أجنبيا له ان يقبل الهبة له فأحد الوصيين بذلك أولى فاما اقتضاء الدين واسترداد الوديعة فهو على الخلاف لان هذا يقبل التأخير ويتحقق اجتماعهما عليه وفيه توفير المنفعة لان حفظ الواحد لا يكون كحفظ المثنى وانما رضى الموصى بحفظهما ولم يذكر في الكتاب فأما إذا أوصى إلى كل واحد منهما على الانفراد وقد قال كثير من مشايخنا ان هاهنا ينفرد كل واحد منهما

[ 22 ] بالتصرف بمنزلة الوكيلين إذا وكل واحد منهما على الانفراد ولكن الاصح ان الخلاف في الفصلين لان وجوب الوصية يكون عند الموت وعند الموت انما تثبت الوصية لهما معا بخلاف الوكالة وهذا لان بالايصاء إلى الثاني يقصد اشتراكه مع الاول وهو يملك الرجوع عن الوصية إلى الاول فيملك أشراك الثاني معه وقد يوصى الانسان إلى غيره على ظن أنه يتمكن من اتمام مقصوده وحده ثم يتبين له عجزه عن ذاك فيضم له غيره فكان بمنزلة الوصية اليهما معا بخلاف الوكيلين فان رأى الموكل قائم هناك وإذا عجز الوكيل يمكن الموكل من المباشرة بنفسه فلم يكن قصده ضم الثاني إلى الاول وانما كان قصده انابة كل واحد منهما منابه بانفراده فان مات أحدهما جعل القاضي مكانه وصيا آخر أما عند أبى حنيفة ومحمد فلان الاخر عاجز عن التفرد بالتصرف والقاضي قائم مقام الميت في النظر فيعجزه بنفسه عن النظر فيضم إليه وصيا آخر وعند أبى يوسف الحى منهما وان كان يقدر على التصرف فانما كان الموصى قصد أن يخلف متصرفين في حقوقه وتحصيل مقصوده بنصب وصى آخر هاهنا لان رأى الميت منهما باق حكما برأى من نصبه وروى الحسن عن أبى يوسف ان الحى لا ينفرد بالتصرف هاهنا لان الموصى ما رضى برأيه وحده ولايكون للوصي أن يرضى بما يعلم ان الموصى لم يرض به بخلاف ما إذا أوصي إلى غيره وإذا مات وأوصى إلى آخر فهو وصية في تركته وتركة الميت الاول عندنا وقال الشافعي لا يكون وصيا في تركة الميت الاول بحال وقال ابن أبى ليلى لا يكون وصيا في تركة الميت الاول الا أن يوصي إليه بوصية الاول وجه قول الشافعي ان الوصي بمنزلة الوكيل لانه مفوض إليه بوصية الاول التصرف بعد الموت بعقد فهو كالمفوض إليه التصرف في حالة الحياة بالعقد وهو الوكيل ثم الوكالة تنقطع بموت الموكل ولا يملك الوكيل أن يوكل به غيره فكذلك الوصي إذا مات ولا معنى للفرق لان حق التصرف للموصى انما يثبت بعد سقوط ولاية وصي لان حق التصرف انما يثبت له في الوقت الذي فوض إليه التصرف في الوجهين جميعا وانما تصح الوصية باعتبار قيام ولاية الموصى حكما كما تصح الوصية له بالمال بعد موته باعتبار قيام ملكه فيه حكما وفقه ما بينا ان الموصى رضى برأيه والناس في الرأي يتفاوتون فلا يكون ذلك منه رضا برأي غيره ولهذا لا يوكل الوصي أيضا عندي وحجتنا في ذلك الوصي يتصرف بولاية منتقلة إليه فيملك الايصاء إلى الغير كالجد وتقريره ان الولاية التي كانت ثابتة للموصى تنتقل في المال إلى الوصي في النفس وإلى الجد في النفس ثم

[ 23 ] الجد فيما ينتقل إليه قائم مقام الاب فكذلك الوصي فيما انتقل إليه لانه خلف عن الاول وباعتبار هذه الخلاف يجعل الاول قائما حكما والخلف يعمل عمل الاصل عند عدم الاصل ومن شرط ثبوت الخلاف اعدام الاصل * يوضحه ان مقصود الموصى أن يتدارك برأيه ما فرط فيه بنفسه ولما استعان به في ذلك مع علمه انه قد تخترمه المنية قبل تتميم مقصوده فقد صار راضيا بايصائه إلى الغير في ذلك لما فيه من تحصيل مقصوده وبه فارق الوكيل لان الموكل هناك قائم يمكنه أن يحصل مقصوده بنفسه فلا يضمن لوكليه الرضا بوكيل غيره أو الايصاء إلى غيره عند موته فأما ابن أبى ليلى فيقول هو بمطلق الايصاء يجعل الوصي خلفا عنه فيما هو من حوائجه وحقوقه التي فرط فيها وهذا مقصور على تركته فاما التصرف في تركة الموصى فليس من حوائجه في شئ فلا يملك الوصي ذلك الا بالتنصيص عليه ولكنا نقول بعد قبوله الوصية وموت الموصى صار التصرف في تركة الاول وأولاده الصغار من حوائجه فيما هو مستحق عليه بمنزلة التصرف في تركة نفسه * يوضحه انه جعل الثاني خلفا عنه قائما مقامه في كل مكان يملكه بنفسه مما يقبل النقل إلى الغير بعد موته وقد كان ملك التصرف في التركتين جميعا في حال حياته فيخلفه الوصي الثاني فيهما جميعا بمطلق الايصاء وعن أبى يوسف رحمه الله كذلك إلى أن يخص تركته عند الايصاء إلى الثاني فحينئذ يعمل تخصيصه لانه نظر لنفسه في هذا التخصيص وهو انه لا يتحمل وبال التصرف في ملك الغير حيا وميتا وإذا قبل الوصي الوصية في حياة الموصي ثم أراد الخروج منها بعد موته فليس له ذلك والوصية له لازمة لان المقصود توفير المنفعة على الموصى ودفع الضرر عنه وبعد ما قبل الوصي لو جاز له الرد بعد الموت تضرر به الموصى لانه ترك النظر والايصاء إلى الغير اعتمادا على قبوله ويصير هذا الوصي بالقبول كالغار له والغرور حرام والضرر مدفوع بخلاف الوصية بالمال فان هناك وان قبله في حياته فله أن يرده بعد موته لان المقصود هناك توفير المنفعة على الموصى له وليس في رده معنى الضرر والغرور حق الموصى لانه إذا رده لا يضيع المال بل يصير إلى وارثه وذلك خير للموصى شرعا فامأ إذا لم يقبل الوصي حى مات الموصى فهو بالخيار ان شاء قبله وان شاء رده لانه متبرع بالتصرف في حق الغير فلا يلزمه ذلك بدون قبوله كالوكالة وليس في رده هنا غرور من جهته وانما الموصى هو الذي اغتر حين لم يعرف عن حالة أنه يقبل الوصية أم لا فان رده في وجه الموصى فقال الموصي ما كان ظنى بك هذا فمن يقبل وصيتى إذا أمكث حتى

[ 24 ] مات الموصى ثم قبل لم تكن وصية لان برده في وجهه بطلت الوصاية فلا يمكن قبولها بعد ذلك ولو أنه ردها في غير وجه الموصي ثم قبلها بأن سمع كلام الناس في ذلك لا يكون وصيا عندنا وقال زفر رحمه الله يكون وصيا لان رده في غير وجه الموصي انما يتم إذا بلغ الموصى فإذا لم يبلغه حتى قبل صار كأن الرد لم يوجد ولكنا نقول قبل القبول هو ينفرد بالرد في وجه الموصى وفي حال غيبته فيبطل العقد برده ولا يعتبر القبول بعد ذلك ولو قبلها بعد موته ولم يكن ردها في حياته فقد لزمته الوصية بمنزلة ما لو قبلها في وجهه بل أولى لان أو ان ولايته بعد الموت فالقبول في هذه الحالة يكون ألزم منه قبل أوانه ثم دليل القبول كصريح القبول حتى لو باع بعض تركة الميت أو اشترى للورثة بعض ما يحتاجون إليه أو اقتضى مالا أو قضاه لزمته الوصية لوجود دليل القبول والرضى به كالمشروط له الخيار إذا وجد منه ما يدل على الاجازة أو الفسخ كان ذلك بمنزلة التصريح بذلك والاصل في ذلك قوله عليه الصلاة والسلام لبريرة أن وطئك الزوج فلا خيار لك وإذا اشتكى الورثة أو بعضهم الوصي إلى القاضى فانه لا ينبغى له أن يعزله حتى تبدو له منه خيانة لان الموصي اختاره ورضى به والشاكى قد يكون ظالما في شكواه فما لم يتبين خيانته لا يحتاج القاضي إلى النيابة عن الميت في النظر له والاستبدال به فان علم منه خيانة عزله عن الوصية لان الموصى اعتمد في اختياره أمانته والظاهر أنه لو علم بخيانته عزله والقاضي بعد موته قائم مقامه نظرا منه للميت وان كان الوصي هو الذى شكى إلى القاضي عجزه عن التصرف فعلى القاضي أن ينظر في ذلك فان علم عدالته وعجزه عن الاستبداد ضم إليه غيره لانه لو لم يفعل ذلك فاما أن يتصرف الوصي بالعجز عن التصرف في حقوق نفسه أو يترك التصرف في حوائج الموصى فيتمكن الخلل في مقصوده ويرتفع هذا الخلل بضم غيره إليه وان ظهر عنده عجزه عن القيام بالوصية استبدل به لانه مأمور بالنظر من الجانبين ولو ظهر عند الموصى في حياته عجزه استبدل به فكذلك من قام مقامه في النظر وهو القاضي وإذا أوصى إلى عبد غيره فالوصية باطلة وان أجاز مولاه لان الوصية ولاية الرق ينفى ولايته على نفسه فيمنع ولايته على غيره ولانه عاجز عن تحصيل مقصود الموصى لان منافعه لمولاه فالظاهر أنه يمنعه من التبرع به على غيره وكذلك بعد اجازته على غيره لان هذا بمنزلة الاعارة منه للعبد فلا يتعلق به اللزوم فإذا رجع عنه كان عاجزا عن التصرف وكذلك ان أوصى إلى عبده والورثة كبار أو فيهم كبير فللكبير أن يمنعه من

[ 25 ] التصرف وله أن يبيع نصيبه منه فيمنعه المشترى من التصرف فان كانت الورثة صغارا كلهم فالوصية إليه جائزة في قول أبى حنيفة و لا يجوز في قول أبى يوسف ومحمد وهو القياس لان الرق الذي ينفى الولاية قائم في عبده كما هو في عبد غيره ولانه صار مملوكا للورثة واثبات الولاية للمملوك على المالك من أبعد ما يكون كما لو كان فيهم كبير وأبو حنيفة يقول أوصى إلى مخاطب مطلع فيجوز كما لو أوصى إلى مكاتبه أو مكاتب غيره ومعنى قولنا مطلع أي مستبد بالتصرف في حوائج الموصى على وجه لا يملك أحد منعه عن ذلك ولا اكتساب سبب يمنعه ولو كان الرق يمنع الايصاء إليه لم تجز الوصية إلى المكاتب لقيام الرق فيه الا أنهما يقولان المكاتب لا يصير مملوكا للوارث فلا يؤدى إلى اثبات الولاية للمملوك على المالك وأبو حنيفة يقول الصغار من الورثة وان كانوا يملكون رقبة العبد فلا يملكون التصرف عليه فيجوز اثبات ولاية التصرف له في حقوقهم بخلاف ما إذا كان فيهم كبير وانما استحسن أبو حنيفة هذا لما رأى فيه من توفر المنفعة على الميت وعلى ورثته فان من ربى عبده وأحسن إليه فالظاهر أن شفقته على الصغار من أولاده بعد موته أكثر من شفقة الاجنبي ولهذا اختاره للوصية فلتوفير المنفعة عليه جوز الوصاية إليه استحسانا كالوصية إلى مكاتبه فان عجز المكاتب عن المكاتبة عاد قنا فيكون الجواب فيه كالجواب في العبد وإذا أوصى المسلم إلى ذمى أو إلى حربى مستأمن أو غير مستأمن فهو باطل لان في الوصية اثبات الولاية للوصي على سبيل الخلافة عنه ولا ولاية للذمي ولا للحربى على المسلم ثم الوصي يخلف الموصى في التصرف كما أن الوارث يخلف المورث في الملك بالتصرف ثم الكافر لا يرث المسلم فكذلك لا يكون وصيا للمسلم وكذلك ان أوصى الذمي إلى الحربى لم تجز لهذا المعنى ولو أوصى الذمي إلى الذمي فهو جائز لانه يثبت لبعضهم على البعض ولاية بالقرابة فكذلك بالتفويض وأحدهما يرث صاحبه فيجوز أن يكون وصيا له أيضا ولو أوصى إلى رجل مسلم أو إلى امرأة أو أعمى أو محدود في قذف فهو جائز لان هؤلاء من أهل الولاية والخلافة ارثا وتصرفا ولو أوصى إلى فاسق منهم متخوف على ماله فالوصية باطلة لان الايصاء إلى الغير انما يجوز شرعا ليتم به نظر الموصى لنفسه ولاولاده وبالايصاء إلى الفاسق لايتم معنى النظر ولم يرد بقوله الوصية إليه باطلة أنه لا يصير وصيا بل يصير وصيا لكون الفاسق من أهل الولاية والخلافة ارثا وتصرفا حتى لو تصرف نفذ تصرفه ولكن القاضي يخرجه من الوصية ويجعل مكانه وصيا آخر لانه لم

[ 26 ] يحصل نظر الموصي لنفسه وكان عليه أن يتدارك ذلك وإذا لم يفعل حتى عجز عن التظر لنفسه بالموت أناب القاضي منابه في نصب وصي آخر له بمنزلة ما لو أوصى مكانه وصيا آخر لهذا وإذا أوصى إلى رجل بماله فهو وصى في ماله وولده وسائر أسبابه عندنا وقال الشافعي لا يكون وصيا الا فيما جعله وصيا فيه لانه تفويض التصرف إلى الغير فيختص بما خصه به المفوض كالتوكيل ولئن سلمنا أن الوصي تثبت له الولاية فيثبت هذه الولاية ايجاب الموصى وقيل يقبل التخصيص كولاية القضاء لما كان سبب التقليد كان قابلا للتخصيص وهذا لان الايصاء إلى الغير مشروع بحاجة الموصى وهو اعلم بحاجته فربما يكون التفريط منه في نوع دون نوع فنجعله وصيا فيما فرط فيه وربما يؤتمن هذا الوصي على نوع دون نوع أو يعرف هدايته في نوع من التصرف دون نوع وربما يعرف شفقة الام على الاولاد ولا يأتمنها على ما لهم فيجعل الغير وصيا على المال دون الاولاد للحاجة إلى ذلك فكان هذا تخصيصا مقيدا فيجب اعتباره ووجه قولنا انه ينصرف بولاية منتقلة إليه فيكون كالجد وكما أن تصرف الجد لا يختص بنوع دون نوع لانه قائم مقام الاب عند عدمه فكذلك تصرف الوصي فيما يقبل النقل إليه ودليل صحة هذه القاعدة أن الايصاء يتم بقوله أوصيت اليك مطلقا ولو كان طريقه طريق الانابة لم يصح الا بالتنصيص على ما هو المقصود كالتوكيل فانه لو قال وكلتك بمالى لا يملك التصرف وكذلك لو قال جعلتك حاكما لا يملك تنفيذ القضاء ما لم يتبين له ذلك وههنا لما صح الايصاء إليه مطلقا عرفنا أنه اثبات للولاية بطريق الخلافة والدليل عليه أن ولايته بعد زوال ولاية الموصى بخلاف التوكيل والتقليد في الحكومة ولئن سلمنا أن الايصاء تفويض ولكن لما كان هذا التفويض انما يعمل بعد زوال ولاية الموصى وعجزه عن النظر كان جوازه لحاجته والحاجة تتجدد في كل وقت فهو عند الايصاء لا يعرف حقيقة ما يحتاجون فيه إلى النائب بعده فلو لم تثبت للوصي حق التصرف في جميع الانواع تضرر به الموصى والظاهر أنه بهذا التخصيص لم يقصد تنفيذ ولايته بما سمى وانما سمى نوعا لان ذلك كان أهم عنده والانسان في مثل هذا يذكر الاهم وهذا بخلاف الوكالة لان رأى الموكل قائم عند تصرف الوكيل فإذا تجددت الحاجة أمكنه أن ينظر فيه بنفسه أو بتفويضه إليه أو إلى غيره وكذلك في التقليد فان رأى المقلد قائم فيمكنه أن يفصل بنفسه أو يفوض ذلك إليه أو إلى غيره عند الحاجة ولو أوصي بماله المعين إلى رجل وبتقاضي الدين إلى آخر

[ 27 ] فهما وصيان في العين والدين جميعا في قول أبى حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله كل واحد منهما وصى فيما سمى له خاصة وهو رواية عن أبى يوسف أيضا وجه قوله أن الموصى أحسن النظر لنفسه ههنا حين اختار التصرف في العين بمن يكون أمينا قادرا على التصرف فيه واختار لتقاضي الدين من يكون مهتديا إلى ذلك والفصل الاول انما قلنا تتعدى الوصاية من نوع إلى نوع لان به تمام النظر للميت وتمام النظر ههنا في أن يختص كل واحد منهما بما سمى له فانما يختار ليتقاضى إلى الناس وللتصرف في العين أمين الناس * يوضحه أن هناك التصرف في بعض الانواع للوصي منصوص عليه وفي البعض مسكوت عنه فيلحق بالمنصوص عليه وههنا التصرف لكل واحد منهما فيما سمى له منصوص عليه فلا يلحق غير المنصوص بالمنصوص وفي اثبات الشركة بينهما قصر ولاية كل واحد منهما عما سمى له لانه لا ينفرد بالتصرف عند أبى حنيفه إذا ثبت الشركة بينهما وأبو حنيفة يقول الايصاء إلى الغير مملوك للموصى شرعا والتقييد بنوع دون نوع غير مملوك له بدليل أنه لو قيد تصرفه بنوع ونهاه عن التصرف في سائر الانواع ولكن لم يوص إلى غيره في ذلك كان له أن يتصرف في الكل عرفنا أن التقييد غير مملوك له فانما يعتبر من كلامه ما يكون مملوكا له وذلك الايصاء اليهما * يوضحه أن في حق كل واحد منهما أحد النوعين منصوص عليه والاخر مسكوت عنه وقد بينا في الواحد إذا نص له على نوع تتعدى ولايته إلى سائر الانواع فكذلك ههنا والدليل عليه أنه لو ذكر لكل واحد منهما نوعا خاصا ولم يتعرض لسائر الانواع يثبت لهما ولاية التصرف في سائر الانواع على سبيل الشركة فكذلك في النوع الذي سمي لكل واحد منهما لان الولاية بطريق الوصية لا تقبل التمييز في الانواع على أن يكون نائبه في بعضها على وجه الاختصاص وفي بعضها على وجه الشركة ولو قال فلان وصي حتى يقدم فلان ثم الوصية إلى فلان فهو كما قال لانه قد يحتاج إلى هذا لكون من يختاره لوصيته غائبا فيحتاج إلى نصب غيره لكيلا يضيع ماله إلى أن يقدم الغائب ثم إذا قدم فهو المختار للوصية وهذا لان الوصية الخاصة إلى الوصي الاول قد انتهت بقدوم الثاني فهو كالمنتهى ببلوغ الولد وقد جعل الوصية للثاني معلقة بقدومه والوصية تقبل التعليق ثم بهذا الفصل يستدل محمد رحمه الله فيقول التقييد تارة يكون من حيث الزمان وتارة يكون من حيث النوع ثم لما صح النوع له أن يقيد بصرف كل واحد منهما بزمان فكذلك يصح تقييده بالنوع بخلاف ما إذا سمى نوعا ولم يذكر سائر

[ 28 ] الانواع لانه لو سمى جزأ من الزمان كالوصية إليه شهرا أو سنة كان وصيا بعد ذلك الوقت إلى أن يدرك الولد ثم إذا نص لكل واحد منهما على جزء من الزمان كان الامر على ما نص عليه ولكن قد روى عن أبى حنيفة رحمه الله أنه قال إذا قدم فلان فهما وصيان فعلى هذا يندفع السؤال لان الوصية في حق الثاني تنضاف إلى ما بعد قدومه وفي حق الاخر مطلقة فيتصرف الاول إلى أن يقدم فلان لان المضاف إلى وقت أو المعلق بالشرط لا يكون موجودا قبله فإذا وجد الشرط صار الثاني وصيا والاول وصى فيشتركان في التصرف ولو سلمناه فالفرق ما ذكرنا من حيث ان ههنا لا تثبت الشركة بينهما بحال فان العقد في حق أحدهما مطلق وفي الاخر معلق فاما ههنا فتثبت الشركة بينهما فيما سوى النوعين اللذين نص عليهما والعقد في كل واحد منهما مطلق ولان ثبوت الخلافة لهما واحد وهو عند موت الموصى فلهذا تثبت الوصية لكل واحد منهما في النوعين جميعا وكذلك لو أوصي ببعض ولده وميراثهم إلى رجل وببقية ولده وميراثهم إلى آخر فهما وصيان في جميع المال والولد استحسانا في قول أبى حنيفة وأبى يوسف لان ولاية الموصى كانت ثابتة في الكل وهي مما تقبل النقل إلى الغير بالايصاء فيقومان مقامه بعد موته في جميع ذلك وإذا اختلف الوصيان في المال عند من يكون فانه يكون عند كل واحد منهما نصفه وان اختلفا استودعاه رجلا وان أحيا كان عندهما لان حفظ المال اليهما ويتعذر اجتماعهما على حفظه آناء الليل والنهار لانهما ينقطعان بذلك عن أشغالهما فيكون لكل واحد منهما أن يحفظ نصفه كالمودعين فيما يحتمل القسمة وان أحبا استودعاه رجلا لان الوصي لو كان واحدا كان له أن يودع المال من غيره لانه قائم ماقم الموصى فيما له من ولاية التصرف في المال والايداع يدخل في هذا وقد يعجز الوصي عن الحفظ بنفسه لكثرة أشغاله فإذا جاز للوصي الواحد أن يودع المال جاز للوصيين ذلك وأن أحبا أن يكون عندهما جاز لانهما لما جاز لهما أن يودعاه غيرهما فلان يجوز لهما أن يودعاه أحدهما وهو أقرب إلى موافقة رأى الموصى كان أولى قال وللوصي أن يتجر بنفسه بمال اليتيم ويدفعه مضاربة ويشارك به لهم وعلى قول ابن أبى ليلى رحمه الله ليس له أن يفعل شيئا من ذلك سوى التجارة في ماله بنفسه لان الموصى جعله قائما مقامه في التصرف في المال ليكون المال محفوظا عنده وانما يحصل هذا المقصود إذا كان هو الذي يتصرف بنفسه فلا يملك دفعه إلى غيره للتصرف كالوكيل ولكنا نقول هو قائم مقام الموصى في ولايته في

[ 29 ] مال الولد وقد كان للموصى أن يفعل هذا كله في ماله فكذلك الوصي وهذا لان المأمور به ما يكون أصلح لليتيم وأحسن قال الله تعالى ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي أحسن وقال تعالى ويسئلونك عن اليتامى قل اصلاح لهم خير وقد يكون الاحسن في تفويض التصرف في ماله إلى غيره ببعض هذه الاسباب لعجزه عن مباشرة ذلك بنفسه اما لكثرة أشغاله أو لقلة هدايته وقال محمد إذا لم يشهد الوصي على نفسه أنه يعمل بالمال مضاربة كان ما اشترى للورثة وهذا قولهم جميعا لان الوصي في التصرف في مالهم قائم مقامهم ولو تصرفوا بأنفسهم كان الريح؟ لهم لانه نماء ملكهم فكذلك الوصي إذا تصرف ثم هو كتب أعمل فيه مضاربة يريد أن يتملك عليهم بعض الربح الحاصل وهو ليس بأمين في ذلك الا أن يشهد قبل العمل أنه يعمل بالمال مضاربة لانه بهذا الاشهاد لا يملك شيأ من مالهم عليهم بل يبقى بعض ما يحصل بعمله على ملكه ويجعل بعض ذلك لهم باعتبار مالهم فلا تتمكن التهمة في تصرفه فلهذا يجوز ولو أوصي بالثلث والورثة صغار فقاسم الموصى أهل الوصية فأعطاهم الثلث وأمسك الثلثين للورثة فهو جائز لانه قائم مقام الورثة فأن الموصى أثبت له هذه الخلافة لحاجة ورثته إلى ذلك وليكون قائما مقامه في النظر لهم إلى أن يتمكنوا من النظر لانفسهم فجازت مقاسمته مع أصحاب الوصية كما تجوز مقاسمة الورثة معهم أن لو كانوا بالغين فان هلكت حصة الورثة في يد الوصي لم يرجعوا على أهل الوصية بشئ لان الهلاك بعد تمام القسمة يكون على من وقع الهلاك في قسمه فان كان الوارث كبيرا وصاحب الوصية صغيرا فاعطى الوصي الوارث الثلثين وأمسك الثلث لصاحب الوصية لم تصح هذه القسمة على الموصى له حتى إذا هلك الثلث في يد الموصى كان لصاحب الوصية أن يرجع على الوارث بثلث ما بقى في يده وهذا لان الوصي لا ولاية له على الموصى له فلا يقوم مقامه في المقاسمة مع الورثة ثم الموصى له يتملك المال ابتداء بالعقد الا أن يبقي له ما كان من الملك للميت في المقاسمة ولا ولاية للوصي في تميز الملك الثابت له بقبوله بعقد جديد فاما الوارث فيخلف المورث في ملكه ويبقى له ما كان ثابتا للمورث ولهذا يرد بالعيب فيقوم الوصي مقامه في تميز ذلك الملك باعتبار أنه خلف عن الميت وإذا ثبت أن القسمة لم تصح ههنا فما هلك من المال يهلك على الشركة وما يبقى يبقي على الشركة ولو كانت الورثة صغارا فقال الوصي أنفقت عليهم كذا درهما فان كان ذلك نفقة مثلهم في تلك المدة أو زيادة شئ قليل فهو مصدق فيه وعليه اليمين ان اتهموه لانه أمين فالقول قوله في المحتمل مع اليمين

[ 30 ] ثم هو مسلط على الانفاق عليهم بالمعروف وبالقليل من الزيادة لا يخرج انفاقه من أن يكون بالمعروف لان التحرز عن ذلك القدر غير ممكن والمسلط على الشئ إذا أخبر فيما سلط عليه بما لا يكذبه الظاهر فيه يجب قبول قوله كالمودع يدعى رد الوديعة وان اتهموه فعليه اليمين لدفع التهمة وإذا كان في الورثة صغير وكبير فقاسم الوصي الكبير وأعطاه حصته وأمسك حصة الصغير فهو جائز لانه قائم مقام الصغير في التصرف في ماله والمقاسمة مع الكبير من التصرف في ماله لانه تميز به ملكه عن ملك غيره فيكون فعله كفعل الصغير بعد بلوغه وإذا كانت الورثة صغارا فقال الوصي أنفقت على هذا كذا وعلى هذا كذا وكانت نفقة أحدهما أكثر فهو مصدق فيما يعرف من ذلك لانه النفقة للحاجة وربما تكون حاجة أحدهما أكثر لان كان أكبر سنا أو لان الناس يتفاوتون في الاكل فباختياره مع التفاوت لا يزول احتمال الصدق في كلامه ولا يخرج الظاهر من أن يكون شاهدا له فيقبل قوله في ذلك وإذا قال الوصي للوارثين وهما كبيران قد أعطيتكما ألف درهم وهو الميراث فقال أحدهما صدقت وقال الاخر كذبت فان الذي صدقه ضامن لمائتين وخمسين درهما يؤديها إلى شريكه بعد ما يحلف شريكه ما قبض الخمسمائة ولاضمان على الوصي في ذلك لانه أمين أخبر باداء الامانة وقد أقر الذي صدقه بقبض خمسمائة وأنكر الاخر أن يكون قبض وقول الوصي غير مقبول عليه في وصول الخمسمائة إليه وان كان مقبولا في براءته عن الضمان وانما بقى من التركة الخمسمائة التي أقر المصدق بقبضها فيلزمه أن يدفع نصفها إلى شريكه بعد أن يحلف شريكه ما قبض شيئا لان المصدق يدعى الاختصاص بهذه الخمسمائة والوصى يشهد له بذلك ولا يثبت الاختصاص بقولهما وما زاد على هذه الخمسمائة من التركة كالبادي وإذا قسم الوصي التركة بين الورثة وهم صغار وعزل لكل انسان نصيبه أو كانوا صغارا وكبارا وذلك منه بغير محضر من الكبار لم يجز وما هلك يهلك منهم جميعا لان القسمة لتمييز الانصباء والواحد لا ينفرد بذلك ثم الوصي لا ينفرد بالتصرف في مال اليتامى مع نفسه الا لمنفعة ظاهرة تكون لهم وبالقسمة لا يحصل ذلك لكل واحد منهم فكانت قسمته باطلة وما هلك يهلك على الشركة وما بقى يبقى على الشركة وإذا قضى الوصي دينا على الميت بشهود فلا ضمان عليه وان كان قضى ذلك بغير أمر القاضى لانه قائم مقام الموصى في حوائجه وتفريغ الذمة بقضاء الدين من حوائجه وقد كان لصاحب الدين أن يأخذ دينه إذا ظفر بجنس حقه من التركة فللوصى أن

[ 31 ] يعطيه ذلك أيضا وان لم يأمره به القاضى وان لحق الميت دين بعد ذلك فهو ضامن لحصة الغريم الاخر لانه خص بعض الغرماء بقضاء دينه وليس للوصي ذلك فان حق الغرماء تعلق بالتركة وفي التخصيص ابطال حق بعضهم ولا ولاية للوصي على واحد منهم في ابطال حقه فيكون دفعه جناية في حق الغريم الاخر وان كان أعطى الاول بأمر القاضى فلاضمان عليه لان دفعه بأمر القاضى كدفع القاضى ولكن الغريم يتبع القابض والقاضي بهذا لا يصير ضامنا شيئا فالمأمور من جهته بالدفع كذلك ولكن الغريم يتبع القابض بحصته لانه ظهر أن المقبوض كان مشغولا بحقيهما ثم ليس في الدفع بأمر القاضي ابطال حق الاخر عن المدفوع لانه إذا كان ذلك معلوما للقاضي فالقابض لا يتمكن من الجحود وأما إذا دفع بغير أمر القاضي فذلك منه ابطال لحق الاخر أو بغير نص كذلك لان القابض ربما يجحد القبض فيكون القول قوله في ذلك فلا يتمكن الغريم الاخر من اتباعه قال ولو كان اوصى إلى رجلين فدفعا إلى رجل دينا وشهدا أنه له على الميت ثم لحق الميت دين بعد ذلك بشهادة غيرهما فهما ضامنان لجميع ما دفعا لان شهادتهما بالدين على الميت غير مقبولة في هذه الحالة لتمكن التهمة فيها فقد صارا ضامنين لما دفعا إلى الطالب من غير حجة وانما قصدا بشهادتهما اسقاط الضمان عن أنفسهما فإذا بطلت شهادتهما بذلك بقى دفعهما المال المدعى جناية في حق من أثبت دينه بشهادة غيرهما فكانا ضامنين لجميع ما دفعا ولو لم يكونا دفعا حتى شهدا عند القاضى فقضى القاضى بالدين الاول فهما في ذلك كغيرهما من الاجانب وانما دفعا بعد ثبوت الدين بشهادتهما وأمرهما بالدفع ثم قامت بينة على دين بعد ذلك لم يكن عليهما ضمان لانه لا تهمة في شهادتهما بالدين الاول فهما في ذلك كغيرهما من الاجانب وانما دفعا بعد ثبوت الدين بأمر القاضى فلا ضمان عليهما ولكن الغريب يتبع المقضى حتى يأخذ منه حصته لانه تبين أن المقبوض كان مشغولا بحقهما قال ولو شهد وارثان بدين على الميت جازت شهادتهما وهي كشهادة غيرهما لانه لا منفعة لهما في هذه الشهادة بل عليهما فيها ضرر والوصى مصدق في كفن الميت فيما يكفن به مثله لانه مسلط على ذلك أمين منصوب له ولو اشترى الوصي الكفن من ماله ونقد له الثمن كان له أن يرجع في مال الميت لانه كفن ومعنى هذا أن الكفن لا يمكن تأخيره وقد لا يكون مال الميت حاضرا يتيسر الاداء منه في الحال فيحتاج الوصي إلى أن يؤدي ذلك من مال نفسه ليرجع به من مال الميت وكذلك الوارث قد يحتاج إلى ذلك فلا يكون متبرعا فيما أداه من مال

[ 32 ] نفسه وكذلك لو قضى الوصي أو لوارث من ماله دينا كان على الميت بشهود فله أن يرجع به في مال الميت لانه هو المأخوذ وهو الذي يخاصم في دين الميت معناه قد ثبت عليه الدين في حال لا يتيسر عليه أداؤه من مال الميت فيحتاج إلى الاداء من مال نفسه ليرجع به في مال الميت ولا فرق في حق الميت بين أدائه من مال نفسه ليرجع به في ماله وكذلك الوصي يشترى لليتيم الطعام والكسوة من ماله بشهادة الشهود أو يؤدى من مال نفسه خراجهم بشهود فله أن يرجع بذلك في مال الميت لان شراء ما يحتاج إليه الصبي لا يقبل التأخير وفي الخراج بعد ما طولب بالاداء لا يتمكن من التأخير فيؤدى من مال نفسه لعدم تيسر الاداء من مال الميت في ذلك الوقت فلا يصدق على اداء الخراج ولا شراء شئ من ماله الا بشهادة شهود على ذلك لانه يدعى لنفسه دينا في مال الميت وهو لم يجعل أمينا في ذلك وان كان للميت عنده مال فقال أديت منه وانفقت منه عليه فهو مصدق على ذلك بالمعروف لانه أمين فيما في يده من المال فهو ينفى الضمان عن نفسه بما يخبر به مما هو محتمل فيقبل قوله في ذلك وهو نظير المودع إذا أمره المودع بقضاء دينه من الوديعة فزعم انه قد قضى صاحب الدين دينه كان القول قوله مع اليمين في براءة نفسه عن الضمان بخلاف ما إذا أمره بقضاء دينه من مال نفسه فقال قد قضيت لا يقبل قوله في اثبات حق الرجوع له عليه الا ببينة وإذا قبض الوصي دينا كان للميت على انسان كتب له البراءة بما قبض ولم يكتب البراءة من كل قليل أو كثير لانه لا يدرى لعل للميت ما لاسوى ذلك فيكون بما يكتب عليه البراءة من كل قليل وكثير مبطلا لحق الميت ولانه أمين فيما يقبضه فانما يكتب له البراءة عما هو أمين فيه وهو ما وصلت إليه يده ولو أقر الوصي أن هذا جميع ماله عليه لم يصدق على الورثة لانه مجازف في هذا الاقرار لا طريق له إلى معرفة كون المقبوض جميع ماله للميت عليه بخلاف ما إذا أقر الموصى بذلك لانه عالم بما أقر به ولانه مسقط لما وراء ذلك من جهته وهو يملك الاسقاط فاما الوصي فلا يملك اسقاط شئ من حق الورثة وانما يملك الاستيفاء ثم هذا من الوصي اقرار على الغير ومن الموصى اقرار على نفسه وكذلك ابراء الوصي الغريم لا يجوز الا أن يقول برئت الان من المال الذي كان عليك فحينئذ هو اقرار بالقبض لانه ببراءته بفعل من المطلوب متصل بالطالب وذلك ايفاء المال وفي قوله برئت كذلك الجواب عند أبى يوسف وعند محمد هو لفظ ابراء كما بيناه في الكفالة وإذا أخذ الصبى مال الورثة

[ 33 ] إلى رجل لم يجز عليهم وان كانوا صغارا وكذلك ان حط شيأ عن الغريم لان هذا اسقاط في الدين الواجب لا بعقد هو ثابت في الاستيفاء فيكون في الاسقاط كاجنبي آخر والتأخير اسقاط المطالبة إلى مدة فهو بمنزلة الابراء فإذا احتال به على انسان أملاء من الغريم فهو جائز لانه ليس فيه اسقاط حقهم بل فيه تصرف على وجه النظر لهم لان الدين في ذمة الملئ ئ يكون أقوى منه في ذمة المفلس فهو بمنزلة ما لو اشترى لهم عينا وان كان الذي احتال عليه مفلسا والغريم مليأ فالحوالة باطلة والمال على الاول على حال لانه لا منفعة لهم في هذا التصريف بل فيه ضرر عليهم وهو مأمور بقربان مالهم على الاصلح والاحسن وكذلك إذا صالح على حق اليتيم فان كان الصلح خيرا له يوم صالح فهو جائز وان كان شرا له لم يجز معناه إذا كان الدين لليتيم ولا حجة له على ذلك فصالح الوصي على مال يستوفيه لليتيم خير له من يمين المدعى عليه وان كان لليتيم بينة فالصلح شر له لما فيه من اسقاط بعض حقه مع تمكنه من اثباته فان مبنى الصلح على الحط والتجوز بدون الحق وكذلك ان ابتاع لنفسه من متاعهم شيأ فان كان ذلك خير لهم فان ابتاع باكثر من ثمن مثله وان كان ثمن المثل أو دون ذلك لم يجز في قول أبي حنيفه وأبي يوسف الاخر وفي وقوله الاول وهو قول محمد وزفر رحمه الله لا يجوز بحال وكذلك الخلاف فيما إذا باع مال نفسه من مال اليتيم فان كان بمثل قيمته أو أكثر لم يجز وان كان أقل من قيمته فهو على الخلاف فأما الاب إذا فعل هذا مع نفسه يجوز في قول علمائنا الثلاثة رحمهم الله بمثل قيمته أو بغبن يسير وفي قول زفر لا يجوز لان الواحد لا يتولى طرفي العقد من الجانبين في البيع والشراء كالوكيل وهذا لانه يؤدى إلى تضاد الاحكام لانه يكون مستزيدا مستنقصا مسلما متسلما طالبا مطالبا ثم في حق نفسه هو متهم وليس للاب والوصى أن يتصرف في مال اليتيم على وجه يؤدى إلى التهمة (ألا ترى) انه لا يعامل الأجنبي بغبن فاحش لاجل التهمة فكذلك لا يعامل نفسه في ذلك * وجه الاستحسان أن الاب غير متهم في حق ولده لان له من الشفقة عليه ما يؤثره على نفسه ويكون تصرفه مع نفسه مع أجنبي آخر سواء في انتفاء التهمة ثم في هذا التصرف يكون تائبا محضا في جانب الصغير ولهذا لو بلغ الصغير كانت العهدة عليه لان الاب يمكنه التزام سبب الزام العهدة اياه بأن يأذن له في التجارة فإذا صار تائبا في جانبه لا يؤدى إلى تضاد الاحكام بخلاف الوكيل وأما وجه قول محمد في الوصيين انما تركنا القياس في الاب لمعنى وفور شفقته وذلك لا يوجد في حق الوصي فيؤخذ فيه بالقياس

[ 34 ] (ألا ترى) أنه لا يملك التصرف مع نفسه بمثل قيمته لهذا ولو كان هو مالكا للتصرف مع نفسه لملك مثل قيمته كما يملك ذلك مع الأجنبي وأبو حنيفة وأبو يوسف استحسنا إذا كان للصبي في تصرفه منفعة ظاهرة لانه قد ظهر منه ما يدل على وفور الشفقة وايثاره الصبي على نفسه فيما هو المقصود بالتصرف لانه لا مقصود فيه سوى المالية فباعتبار هذا المعنى يلتحق بمن هو وافر الشفقة وهذا لانه يمكن أن يجعل نائبا في جانب الصبى لانه يملك أن يلزمه العهدة بالاذن له في التجارة كالاب بخلاف ما إذا كان تصرفه بمثل القيمة لانه لم يظهر منه ما ينفى التهمة عنه ولا ما يكون جائزا لنقصان تفويت المقصود بالعين على الصبي وإذا نفذ الوصي أمور الميت وسلم الباقي إلى الوارث وأراد أن يكتب على الوارث كتاب براءة للوصي من كل قليل أو كثير فللوارث أن يمتنع من ذلك لانه لا يدرى ان ما سلم إليه جميع حقه فلعله أخفى بعض ذلك أو أتلفه فان الخيانة من الاوصياء ظاهرة واداء الامانة منهم نادر فلا يجب على الوارث أن يكتب له البراءة الا بما أخذ منه بعينه فهذا هو العدل بينهما لان على طريقة القياس من استوفى حق نفسه لا يلزمه أن يكتب البراءة لغيره ولكن لاجل النظر للوصي يأمره أن يكتب له البراءة وانما يكتب على وجه لا يتصور هو به وذلك في أن يكتب البراءة مما أخذ منه بعينه قال وإذا أعطى الوصي أحد الورثة وهو كبير نصيبه مما وصل إليه من الميراث وهو ألف درهم ثم جحد وقال لم يكن عندي غير هذا فهو ضامن لالف أخرى حصة الصغير لانه قد تقدم منه الاقرار بوصول الالفين إليه لان من ضرورة دفعه ألفا إلى أحدهما اقراره ان المدفوع نصيبه اقرار بان عنده مثل ذلك للصغير فالثابت بضرورة النص كالثابت بالنص فكان في الجحود بعد ذلك مناقضا فلا يقبل قوله ويضمن للصغير ألف أخرى وإذا كان في الورثة صغير كان للوصي أن يبيع العقار وسائر الميراث وكذلك لو كان على الميت دين أو أوصى بوصية وهذا قول أبى حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد ليس له أن يبيع حصة الكبار من العقار وانما يبيع حصة الصغار خاصة وكذلك لا يبيع الا بقدر الدين من العقار وهو قول ابن أبى ليلى والقياس هذا لان ولايته على نصيب الصغير دون نصيب الكبير اعتبار الحالة الاختلاط بحالة الانفراد وكذلك ولايته باعتبار الدين فيتقدر بقدر الدين وفيما زاد على ذلك يجعل كأنه لادين على الميت ولا صغير في ولايته فلا يكون له أن يبيع العقار وأبو حنيفة استحسن فقال لما ثبتت له الولاية في بيع البعض ثبتت في الكل لان الولاية بسبب الوصاية لا تحتمل التجزى

[ 35 ] وهذا لان في بيع البعض اضرارا بالصغير والكبير جميعا لانه يثبت به نصيب الكبير والاشقاص لا يشترى بما يشترى به الجل فكان في بيع الكل توفر المنفعة عليهم وللوصي ولاية في نصيب الكبير فيما يرجع إلى توفير المنفعة عليه (ألا ترى) أنه يملك الحفظ وبيع المنقولات حال غيبته لما فيه من المنفعة له * قال وإذا أوصى بالثلث في أشياء يشترى به ويتصدق بها والورثة كلهم كبار فللوصى أن يبيع العقار كله في قول أبى حنيفة لما فيه من توفير المنفعة على الورثة وعندهما ليس له أن يبيع من العقار غير الثلث لان ثبوت الولاية له بسبب الوصية فيقتصر على معدن الوصية وهو الثلث فان كانت الورثة كبارا كلهم وليس عليه دين ولم يوص بشئ فان كانت الكبار غيبا أو بعضهم كان للوصي أن يبيع الحيوان والعروض لانه يملك حفظ التركة إلى أن يحضروا فيقتسموا ويبيع الحيوان والعروض من الحفظ لانه يخشى عليها التلف وحفظ الثمن أيسر وليس له ولاية بيع العقار لانها مختصة بنفسها فبيعها ليس من الحفظ وان كانوا حضورا لم يكن له أن يبيع شيأ من ذلك ولكن يسلم الكل إليهم لينظروا فيه لانفسهم بالبيع أو القسمة بينهم لانهم يتمكنون من النظر لانفسهم إذا كانوا حضورا فلا حاجة إلى نظر الوصي لهم وان كانوا غيبا فأجر الوصي عبدا أو دابة فهو جائز لان هذا من باب النظر والحفظ فان المنفعة أقرب إلى الهلاك من العين لانها لا تبقي وقتين ففي استبدال ذلك بما يبقى لهم وهي الاجرة توفر المنفعة عليهم وما اشترى الوصي للرقيق من الكسوة فلا ضمان على الوصي فيه لانه أمين حافظ لهم بحق فهلاكه في يده كهلاكه في أيديهم وإذا قسم الوصي المال بينهم وهم كبار فأعطى نصيب الحضور منهم وأمسك نصيب الغائب فهو جائز لانه في العروض يملك البيع في نصيب الغائب فيملك القسمة أيضا وهذا لان في قسمته معنى الحفظ في حق الغائب لانه يتميز بالقسمة ملكه من ملك غيره وإذا قسم الوصيان مال الورثة وأخذ لك واحد منهما طائفة فقال أحدهما الذي عندي لفلان خاصة والذي عندك لفلان فقسمتهما باطلة لان الوصيين في التصرف كوصي واحد والوصي الواحد لو قاسم نفسه لم تجز القسمة فكذلك الوصييان وهذا عند أبي حنيفة ومحمد ظاهر لان كل واحد منهما لا يستبد بالتصرف عندهما وأما عند أبى يوسف فيستبد كل واحد منهما بالتصرف مع الأجنبي فإذا اجتمعا في تصرف كانا في ذلك كشخص واحد وقد اجتماع في هذه القسمة فهما فيه كوصي واحد ولو غاب أحد الوصيين فقاسم الاخر الورثة وأعطى الكبار حصتهم وأمسك حصة الصغير فان

[ 36 ] ذلك لا يجوز في قول أبى حنيفة ومحمد حتى إذا ضاعت حصة الصغير كان له أن يرجع فيما قبض الكبار بحصته وفي قول أبى يوسف تجوز هذه القسمة وهذا بناء على ما سبق من بيع أحد الوصيين وشرائه لليتيم بدون رضا صاحبه وإذا كان للميت وديعة عند رجل فأمره الوصي أن يقرضها أو يهبها أو يسلفها فأمره باطل لانه لا يملك مباشرة هذه التصرفات بنفسه فلا يعتبر أمره به ويكون الضمان على الذى فعل ذلك لانه هو المستهلك للمال بدفعه إلى الغير على وجه التمليك منه وان أمره أن يدفعها إلى رجل فدفعها إليه جاز وبرئ منها لان الوصي بهذا يصير موكلا للقابض بالقبض وهو يملك القبض بنفسه فيملك أن يوكل غيره * يوضحه أنه لو قبض بنفسه ودفعه إلى هذا الرجل وديعة كان ذلك صحيحا منه فكذلك إذا أمر من في يده بان يدفعه إليه ولو أمره الوصي بان يعمل بالمال مضاربة أو يشترى به متاعا كان ذلك جائزا لان هذا تصرف يملك الوصي مباشرته بنفسه فيعتبر أمره فيه ويكون بمنزلة شراء الصبى بعد بلوغه والله أعلم (باب اقرار الوراث) (قال رحمه الله) وإذا أقر الوارث أن أباه أوصى بالثلث لفلان وشهدت الشهود ان أباه أوصى بالثلث لاخر فانه يؤخذ بشهادة الشهود ولا شئ للذى أقر له الوارث لان الشهادة حجة في حق الكل والاقرار حجة في حق المقر خاصة فوصية المشهود له ثابتة في حق المقر له ووصية المقر له ليست بثابتة في حق المشهود له ومحل الوصية الثلث وإذا صار الثلث مستحقا للمشهود له بقضاء القاضى لم يبق للمقر له شئ لان الوارث انما أقر له بالثلث وصية والاستحقاق بالوصية لا يكون الا في محلها قال ولو أقر الوارث ان أباه أوصى بالثلث لفلان ثم قال بعد ذلك بل أوصى به لفلان أوقال أوصى به لفلان لا بل لفلان فهو للاول في الوجهين جميعا ولا شئ للاخر لان الاول استحق الثلث باقرار الوارث له على وجه لا يملك الوارث ابطال استحقاقه بالرجوع عنه وقوله لا بل لاستدراك الغلط بالرجوع عن الاول واقامة الثاني مقامه ولم يصح رجوعه وما بقي الثلث مستحقا للاول لا يملك المقر ايحابه لغيره فاقراره للثاني صادف محلا هو مستحق لغيره فكان الاول أحق به * قال ولو أقر اقرارا متصلا فقال أوصى بالثلث لفلان وأوصى به لفلان جعلت الثلث بينهما نصفين لانه أشرك الثاني مع الاول في الثلث

[ 37 ] والعطف للاشراك وهو صحيح منه لان الكلام المتصل بعضه ببعض إذا كان في آخره ما يغير موجب أوله يتوقف أوله على آخره ويصير هذا بمنزلة ما لو أقر لهما معا بخلاف ما إذا لم يكن كلامه متصلا لان البيان المعير له بمنزلة الاستثناء يصح موصولا لا مفصولا وقد بيناه في الاقرار * قال وإذا أقر أنه أوصى به لفلان ودفعه إليه ثم قال لا بل لفلان فهو ضامن له حتى يدفع مثله إلى الثاني ولا يصدق على الاول لانه بالكلام الثاني اقران الثلث كان مستحقا للثاني دون الاول وقد دفعه إلى الاول باختياره فصار مستهلكا للمدفوع ويجعل ذلك كالقائم في حقه فيلزمه دفع مثله إلى الثاني ولا يقبل قوله في الرجوع عن الاستحقاق الذي أقر به للاول ولو كان دفعه إلى الاول بقضاء القاضى لم يضمن للثاني شيأ لانه ما استهلك شيئا من المال فان الدفع كان بقضاء القاضي ومحل الوصية تعين فيما قضى به القاضى للاول فيكون هو شاهدا للثاني على الاول والشاهد إذا ردت شهادته لم يغرم شيئا بخلاف الاول فهناك هو الذى دفع بنفسه فكان مستهلكا وتعيينه في حق الثاني غير صحيح فيجعل في حق الثاني كان محل الوصية في يده على حاله ولو أقر لرجل بوصية ألف بعينها وهو الثلث ثم أقر لاخر بعد ذلك بالثلث ثم رفع إلى القاضى فانه ينقد الالف للاول لانه أقر له والمال فارغ عن حق الغير وبقضاء القاضى يتعين المدفوع إلى الاول محلا للوصية ولايكون للثاني على الوارث شئ لانه لم يبق شئ من محل الوصية في يده ويتبين أن الوارث في الكلام الثاني كان شاهدا للثاني على الاول لا مقرا له على نفسه وشهادة الورثة على الوصية جائزة كما تجوز شهادة غير الوارث لانه لا منفعة له في هذه الشهادة بل عليه فيها ضرر * قال وإذا شهد وارثان أن الميت أوصى لفلان بالثلث فدفعا ذلك إليه ثم شهدا انما كان أوصى به لاخر وقالا أخطأنا فانهما لا يصدقان على الاول لانهما رجعا عن شهادتهما بعد تمام الاستحقاق للاول فلا يعمل رجوعهما في حقه وهما ضامنان للثلث يدفعانه إلى الاخر لان اقرارهما على أنفسهما صحيح وقد أقرا أنهما استهلكا محل حق الثاني بالدفع إلى الاول فكانا ضامنين له ولو لم يكونا دفعا شيئا أجزت شهادتهما للاخر وأبطلت وصية الاول لانهما يشهدان للاول على الاخر فان محل الوصية ما ثبت مستحقا للاول وقد شهدا ان استحقاق ذلك المحل للثاني دون الاول فوجب قبول شهادتهما لانتفاء التهمة عنهما خلاف الاول فقد صارا ضامنين هناك لانهما متهمان في حق الاول من حيث انهما قصدا بشهادتهما للثاني اسقاط الضمان عن أنفسهما * قال وإذا كانت الورثة ثلاثة والمال ثلاثة آلاف

[ 38 ] فأخذ كل انسان ألفا ثم أقر أحدهم أن أباه أوصى بالثلث لفلان وجحد الاخران ذلك فانه يعطيه ثلث ما في يده استحسانا وفي القياس يعطيه في الفصل الثاني نصف ما في يده وفي الفصل الاول ثلاثة أخماس ما في يده وجه القياس أن المقر في حق نفسه كان ما أقر به حق ولا يصدق في حق غيره فإذا كانا اثنين فالمقر يزعم أن حقه في التركة وحق المقر له سواء لانه يقول له الثلث وصية والثلثان بينى وبين آخر نصفان وإذا كان يزعم أن حقهما سواء يقسم ما في يده بينهما نصفين كما لو أقرا بأخ آخر وهذا لانهما يزعمان أن حق الجاحد في ثلث المال وقد أخذ نصف المال فما أخذه زيادة على حقه كالتاوي فلا يكون ضرر ذلك على أحدهما دون الاخر وكذلك في الفصل الاول المقر يزعم أن للمقر له الثلث والثلثان بيننا أثلاثا وحقه في ثلاثة من تسعة وحقى في سهمين فيجعل ما في يده بينهما أخماسا باعتبار زعمه وجه الاستحسان أن الجاحد مع ما أخذ يجعل كالمعدوم وكأن جميع التركة ما في يد المقر وهو الوارث فانما يلزمه أن يدفع الثلث إلى المقر له بطريق الوصية * يوضحه أنا لو أخذنا بالقياس فأمرناه أن يدفع إليه نصف ما في يده ثم أقر الابن الاخر بالوصية بالثلث الاخر فانه يدفع إليه نصف ما في يده أيضا فيؤدى إلى تنفيذ الوصية في نصف المال والوصية لا تنفذ في أكثر من ثلث المال فلهذا أخذنا بالقياس ولو كان المال ألفا عينا وألفا دينا على أحدهما فأقر الذى ليس عليه دين أن أباهما أوصى لهذا بالثلث أخذ من هذه الالف ثلثها وكان للمقر ثلثاها لان في زعم المقر أن حق المقر له في ثلث كل ألف وكان منعه الابن المديون حقه في الدين لا يلزمه أن يدفع إليه من العين زيادة على حقه فلهذا يعطيه ثلث العين الذي في يده وفي القياس يعطيه نصف ذلك لاقراره أن حقهما في التركة سواء ولو كان المال كله عينا فأخذ كل واحد منهما ألفا ثم أقر كل واحد منهما على حياله الرجل غير الذي أقر له صاحبه أن الميت أوصى له بالثلث فان كل واحد منهما يأخذ ثلث ما في يد الذى أقر به وهذا يدلك على أن ترك القياس أحسن من القياس وأن القياس في هذا فاحش قبيح يعنى أن القول به يؤدى إلى تنفيذ الوصية في نصف المال (ألا ترى) أن الميت لو ترك امرأة وابنا فأخذت المرأة الثمن ثم أقرت أن الميت أوصى لهذا بالثلث فان المقر له يأخذ ثلث ما في يدها ولو أخذنا بالقياس لكان يأخذ أربعة أخماس ما في يدها لانها تزعم أن حق الموصي له في أربعة من اثنى عشر وحقها في واحد وهو ثمن ما بقي فبهذا ونحوه تبين أن الاخذ بالقياس ههنا قبيح * قال ولو ترك اثنين

[ 39 ] وعشرين درهما فاقتسماها نصفين ثم غاب أحدهما فأقام رجل البينة على الحاضر بوصية الثلث أخذ منه نصف ما في يده لانه أثبت بالبينة أن حقهما في التركة على السواء فأخذنا بالقياس ههنا بخلاف مسألة الاقرار لان ههنا وصية المشهود له ثبتت في حق الحاضر والغائب حتى إذا رجع الغائب كان لهما أن يرجعا عليه بما أخذاه زيادة على حقه فلا يجعل هومع ما في يده كالمعدوم بخلاف مسألة الاقرار * يوضحه أن ههنا لو أقام آخر البينة على الوصية بالثلث أيضا على الغائب ثم اجتمعا لم يكن لهما الا الثلث بينهما نصفين فلا يؤدى هذا إلى تنفيذ الوصية في أكثر من الثلث بخلاف الاقرار على مابينا * وإذا أقر الوارث بوصية لرجل تخرج من الثلث أو بعتق ثم أقر بدين بعد ذلك لم يصدق على ابطال الوصية والعتق وكان الدين عليه في نصيبه لان محل الدين جميع التركة وقد بقى في يده جزء من التركة فيؤمر بقضاء الدين منه باقراره وأصل هذا الفرق فيما إذا أقر أحد الابنين بدين على الميت فانه يؤمر بقضاء جميع الدين من نصيبه بخلاف الوصية وقد أوضحنا هذا؟ في كتاب الاقرار فان أقر الوارث بدين ثم أقر بدين يبدأ بالاول لان صحة اقراره على الميت بالدين باعتبار ما في يده من التركة وقد صار ذلك مستحقا للاول وهو فارغ حين الاقرار له وانما أقر للثاني والمحل مشغول بحق غيره فلا يصح اقراره ما لم يفرغ المحل من حق الاول كالراهن إذا أقر بالمرهون لانسان فان أقر لهما في كلام متصل استويا لان في آخر كلامه ما يغير موجب أوله وإذا قال الوارث لفلان كذا من الدين ولفلان كذا من الوديعة والوديعة بعينها وهو جميع ما ترك الميت فانهما يتحاصان فيها لانه حين أقر بالوديعة فقد أقر هناك بدين شاغل لما في يده من التركة فيكون هذا بمعنى اقراره بوديعة مستهكلة فكأنه استهلكها بتقديم الاقرار بالدين عليها والاقرار بوديعة مستهلكة اقرار بالدين وكانه أقر بدينين في كلام موصول وان بدأ بالوديعة ثم بالدين بدئ؟ بالوديعة لانه أقر بها ولا دين هناك فصارت عينها مستحقه للمقر له ثم الاقرار بالدين انما يصح في تركة الميت لا فيما تبين أنه ليس من تركته وإذا أقر بوديعة بعينها ثم بوديعة أخرى بكلام متصل بدئ بالاول لان الاول استحق ذلك العين بنفسه بنفس الاقرار والاقرار الثاني لا يصح في المحل الذي استحقه الاول وهذا بخلاف الدينين لان موجب ثبوت الدينين الشركة بينهما في التركة فكان في آخر كلامه ما يغير موجب أوله وههنا ليس موجب ثبوت الوديعة بأعيانهما الشركة بين المقر لهما في شئ بل كل واحد منهما يستحق ما أقر له بعينه فليس في آخر كلامه ما يغير موجب أوله

[ 40 ] فلهذا كان المتصل والمنقطع في هذا سواء حتى انه إذا أقر بوديعتين بغير أعيانهما فهو والاقرار بدينين سواء * قال وإذا أقر أحد الورثة بدين وأنكر ذلك بقيتهم لزمه في نصيبه جميع الدين عندنا بخلاف الوصية وفي الحقيقة لا فرق فانا نجعل في موضعين الجاحد مع ما في يده كالمعدوم وكان الوارث هو المقر والتركة ما في يده ولو كان كذلك لكان يؤمر بقضاء جميع الدين مما في يده إذا كان بقى بذلك ولا يؤمر بأن يدفع إليه بالوصية الا الثلث وهذا لان الموصى له شريك الوارث والدين مقدم على الميراث من حيث انه لا ميراث له الابعد قضاء جميع الدين ولو كان الوارث واحدا فقال هذه الوديعة لفلان لا بل لفلان أو قال هي لفلان ثم قال بعد ما سكت ولفلان معه فانها للاول دون الثاني لان الاول استحقها على وجه لا يملك الوارث الرجوع عنه ولا الاشراك لغيره فيه ولو قال هي وديعة لفلان ودفعها إليه ثم أقر أنها كانت لهذا الاخر وأنه قد أخطأ فهو ضامن للثاني مثلها لانه قد استهلكها بالدفع إلى الاول بزعمه وإذا لم يدفع فهو غير مستهلك شيئا وانما هو شاهد للثاني على الاول وعلى الميت وقد ردت شهادته فلا يكون ضامنا شيئا * قال ولو قال أوصى إلى هذا بالثلث ولهذا على أبى دين ألف درهم في كلام متصل والدين يستغرق جميع المال أجزت الدين وأبطلت الوصية لان الدين مقدم على الوصية وفي آخر كلامه ما يغير موجب أوله لان موجب أول كلامه استحقاق المقر له ثلث التركة في الوصية مطلقا وموجب آخر كلامه أن يكون استحقاق الوصية مؤخرا عن الدين والبيان معتبر صحيح إذا كان موصولا (ألا ترى) أنه لو قال أوصى إلى فلان بالثلث وأعتق هذا العبد وهو الثلث صدقته في العتق وأبطلت الوصية لانها بيان معتبر فالعتق المنفذ مقدم في الثلث على سائر الوصايا وان فصل من الاقرارين أجزت الثلث الاول لان البيان بمنزلة الاستثناء لا يصح مفصولا فيبقى محل الوصية مستحقا للاول وقد فسد رق العبد باقراره فعليه أن يسعى في جميع قيمته لان سقوط السعاية عنه باعتبار الوصية ولم يبق شئ من محل الوصية فعليه السعاية في قيمته ولو أقر الوارث ان أباه أوصى لفلان باكثر من الثلث وانه قد أجازه بعد موت أبيه ثم مات الوارث قبل أن يقضيه الموصى له وعليه دين فان الوصية يبدأ بها من مال أبيه قبل دين الوارث لان ما أقر به الوارث من الوصية والاجازة كالمعاينة فانه غير متهم في ذلك حين أقر في صحته واستحقاق الموصى له عند اجازة الوارث يكون بطريق الوصية من جهة المورث فتم استحقاقه بنفس الاقرار به ثم اقراره بالدين انما يشغل

[ 41 ] تركته لاما كان مستحقا بعينه لغيره فان كان الوارث قد استهلك مال أبيه فهو دين فيما ترك الوارث يحاص صاحبه صاحب دين الوارث لان اقراره بذلك بعد ما استهلكه اقرار بالدين على نفسه ومن أقر بدين ثم بدين ثم مات تحاص الغرماء؟ في تركته * قال وإذا شهد وارثان على الوصية جازت وشهادتهما على جميع الورثة لانه لاتهمة في شهادتهما فان كانا غير عدلين أو أقرا ولم يشهدا بالحصة فشهادتهما في نصيبهما لان اقرارهما ليس بحجة على غيرهما وكذلك شهادتهما بدون صفة العدالة لا تكون حجة على غيرهما وانما هي حجة عليهما ولا يقال إذا شهدا في الابتداء وهما عدلان فهما متهمان في اخراج الكلام مخرج الشهادة لانهما لو لم يذكرا لفظة الشهادة لزمها في نصيبهما خاصة وهذا لان في الوصية لا يتأتى هذا الاشكال فانهما لو شهدا أو أقرا لم يلزمهما الا مقدار حصتهما وانما هذا الاشكال في الدين ومع هذا تقبل شهادتهما لانه لم يلزمهما قبل الشهادة قضاء شئ من نصيبه لتمكن التهمة في اخراجهما الكلام مخرج الشهادة ولو شهدا وهما عدلان على الوصية وعلى بقية الورثة أنهم أجازوها بعد الموت جازت شهادتهما لانهما لم يجران بهذه الشهادة إلى أنفسهما شيئا ولو شاهد أن انه أوصى بالثلث لهذا الرجل وشهد وارثان أنه رجع عن الوصية بالثلث لهذا وجعله لهذا الاخر جازت شهادتهما لانهما يشهدان للثاني على الاول ولا يجران إلى أنفسهما شيئا ولو لم يشهدا على الرجوع ولكن شهدا بالثلث للاخر تحاصا في الثلث لانه لا تهمة في شهادتهما فانه لا فرق في حقهما بين ان يكون المستحق للثلث عليهما واحدا أو مثنى ولو شهد شاهدان أنه أوصى لهذا الاجنبي وشهد وارثان أنه أوصى بالثلث لهذا الوارث وأجازت الورثة فالثلث الاجنبي لا استحقاق الاجنبي الثلث سببه أقوى من حيث انه غير محتاج إلى اجازة الورثة ولانه لما ثبت استحقاق الثلث للاجنبي ثبت أنه لاحق للوارث فيه فشهادتهما على اجازة الورثة ليست بشئ وبدون الاجازة لا مزاحمة للوارث مع الاجنبي في محل الوصية * قال ولو شهد وارثان أنه رجع عن وصيته للاجنبي وجعلها لهذا الوارث وأنهما مع جميع الورثة قد سلموا له ذلك بعد الموت كان ذلك جائزا في قول أبى يوسف رحمه الله الاول وفي قوله الاخر لاتقبل شهادة الوارثين على ذلك وهو قول محمد رحمه الله وجه قوله الاول ان الورثة بالاجازة قد أخرجوا الثلث من حق أنفسهم فهذه شهادة بالاستحقاق للثاني على الاول فلا يتمكن فيه التهمة كما لو شهدا بذلك للاجنبي وجه قوله الاخر أن الاجنبي استحق الثلث عليهما فهما يبطلان ذلك الاستحقاق

[ 42 ] بشهادتهما على الرجوع فيتهمان في ذلك وهذا لانهما يوجبان للثاني مع ذلك الاستحقاق حتى يكون تحويلا من الاول إلى الثاني لان الاستحقاق للاول ثابت من غير اجازتهم والاستحقاق للثاني لا يثبت الا باجازتهم ولان الاستحقاق للثاني مع اجازتهم مختلف فيه فمن العلماء من يقول لا وصية للوارث وان اجازت الورثة ولو قضى القاضى بذلك معتمدا على ظاهر الخبر ينفذ قضاؤه فمن هذا الوجه يجران إلى أنفسهما شيئا بخلاف مااذا شهدا بها لاجنبي آخر (باب اقرار الوارث بالعتق) (قال رحمه الله) وإذا مات رجل وترك وارثا واحدا وثلاثة أعبد قيمتهم سواء لا مال له غيرهم فقال ذلك الوارث أعتق أبى هذا في مرضه ثم قال بعد ذلك لا بل هذا ثم قال لا بل هذا فانهم يعتقون جميعا لانه حين أقر للاول عتق كله إذ ليس في قيمته فضل على الثلث ثم بالكلام الثاني رجع عن الاقرار الاول وأقر للثاني ورجوعه باطل ولكنه زعم أنه استهلك الاول باقراره فيجعل ذلك كالقائم في حقه فيعتق الثاني كله باقراره وكذلك الثالث وانما هذا بمنزلة اقراره بالثلث لفلان وصية ودفعه إليه ثم أقر به للاجنبي لان العتق لا يحتاج فيه إلى التسليم فنفس الاقرار به بمنزلة التسليم في المال ولو قال في كلام متصل أعتق أبى هذا وهذا وهذا سعى كل واحد منهم في ثلثي قيمته لان في آخر كلامه ما يغير موجب أوله فيتوقف أوله على آخر ويصير كانه أقر لهم في كلام واحد فقال اعتقهم الميت فيعتق ثلث كل واحد منهم ويسعى في ثلثى قيمته * ولو قال أعتق أبى هذا ثم سكت ثم قال وهذا ثم سكت ثم قال وهذا عتق الاول كله ونصف الثاني وثلث الثالث لانه أقر بالثلث للاول في الكلام الاول فيعتق كله ثم في الكلام الثاني أقران الثلث بينه وبين الاول نصفان فيكون اقراره للثاني بنصف الثلث صحيحا فيعتق نصفه وابطاله استحقاق الاول في النصف غير صحيح بل يجعل هو في حق الثاني كالمستهلك لذلك النصف ثم أقر في الكلام للثالث أن الثلث بينهم اثلاث فيصح ايجاب الثلث للثالث ولا يصح رجوعه عن شئ عما أوجبه للاولين بل يجعل هو كالمستهلك لما زاد على مقدار حق الاولين في حق الثالث ولو أقر أن أباه أعتق هذا في مرضه وهو الثلث وشهد الشهود أنه أعتق هذا الاخر وهو الثلث فالذي أقام البينة حر ويسعى الذي أقر له الوارث في قيمته لان الوارث انما أقر له بطريق الوصية وقد صار محل الوصية

[ 43 ] كله للذي أقام البينة ولو أقر الوارث أن أباه دبر هذا العبد في مرضه ثم سكت ثم قال وأعتق هذا الاخر في مرضه فان المدبر يعتق كله من الثلث ويعتق من الاخر نصف الثلث لان اقراره بالتدبير له واقراره بالعتق في مرضه سواء فانه يعتق من الثلث بعد موته في الوجهين وقد بينا في كتاب العتق أن الاول يعتق كله وأنه يعتق من الثاني نصفه وكذلك لو شهد الشهود على اقرار الوارث في حياة أبيه أو بعد موته أن أباه أعتق عبده هذا وهو ينكر أخذ بذلك لان الثابت من اقراره بالبينة كالثابت بالمعاينة ولو عايناه اقراره بذلك كان مؤاخذا به سواء أقر بذلك قبل موت أبيه أو بعده وكذلك لو شهد أحد الشاهدين أنه أقر بذلك قبل موت أبيه وشهد الاخر أنه أقر له بعد موت أبيه فالشهادة جائزة لانه اقرار كله يعنى أن الاقرار قول والقول فيما يعاد ويكرر وحكم الاقرار قبل الموت وبعد الموت واحد في حقه فهو بمنزلة شاهدي الاقرار إذا اختلفا في المكان أو الزمان وذلك لا يمنع قبول الشهادة فهذا قياسه (باب الوصية بالعتق على مال أو خدمة) (قال رحمه الله) وإذا أوصى الرجل لعبده بأن يؤدى كذا وكذا ويعتق فهو جائز على ما قال ان كان الذي شرط عليه أداؤه أكثر من قيمتها أو مثلها أو دونها بمقدار ثلث ماله فان كان النقصان عن القيمة أكثر من ثلث ماله حط عنه ثلث المال ويسعى فيما بقى اعتبار لما أوصى به بمال نقده في مرضه وهذا لان هذا في معنى الوصية ببيعه من غيره ولو أوصى ببيعه من معلوم بثمن مسمى وجب تنفيذ وصيته فان حط شيئا من الثمن في قيمته يجعل ذلك من ثلث ماله وكذلك إذا أوصى بأن يباع من نفسه بل أولى لان في هذه الوصية منفعة الموصى أيضا من حيث الولاء وانما جعلنا هذا في معنى البيع لانه شرط عليه اداء ما يقوم مقام مالية رقبة في توفر المنفعة على الورثة ودفع الضرر عنهم فان حقهم في المالية وذلك يسلم لهم بهذا الطريق فان أعتق مع هذا عبدا على غير جعل بدئ بالعتق من غير جعل ثم أعتقنا هذا الاخر بما بقى من الثلث على ما بينا لان ما نفذ من العتق في حال حياته مقدم على ما أوصى به بعد موته عتقا كان أو غيره فان ما بعده صار بحيث لا يحتمل الفسخ ولايحتاج فيه إلى التنفيذ وما أوصى به ليس بهذه الصفة فلهذا قدمنا العتق المنفذ في ثلثه وإذا أوصى أن يخدم عبده بعد موته ورثته سنة ثم يعتق لم يجز

[ 44 ] الا أن يجيزه الورثة لان الوصية بخدمة العبد لبعض ورثته بمنزله الوصية بالرقبة وذلك باطل الا أن يجيزه الورثة ثم الوصية بالعتق للعبد مرتبة على الوصية بالخدمة متأخرة عنها فإذا بطلت الاولى لعدم اجازة الورثة تبطل الثانية لفوات شرطها فإذا صحت الاولى باجازة الورثة بعد الموت وهم كبار يجب تنفيذ الاخرى جزما على خدمة العبد سنة كما أوصى به ولو أوصى بأن يخدم جميع الورثة سنة ثم هو حر فهذا جائز لانه ليس في هذه الوصية ايثار بعض الورثة ولكنه ايفاء ما كان من استخدام الورثة اياه سنة بعد موته ثم أوصى بعتقه بعد ذلك فيجب تنفيذ وصيته من الثلث فان كره ذلك بعضهم أجبر عليه لان سلامة خدمته لهم بطريق الارث لا بطريق الوصية والارث لا يرد لكراهة الورثة فان قيل الخدمة لا تورث قلنا نعم مقصودا ولكنها تورث تبعا لملك الرقبة ولما لم يجب تنفيذ الوصية بالعتق في الحال صارت الرقبة مع الخدمة مملوكة لهم ارثا على أن يعاد إلى الميت حكما عند الاعتاق وهو بعد مضى السنة لتسليم الولاء له ثم مقصود من كره منم ابطال الوصية بالعتق والوارث لا يملك ذلك في محل الوصية وهو الثلث فان أوصى أن يخدم فلانا سنة ثم هو حر وفلان غير وارث فهو جائز من الثلث لانه جمع بين وصيتين تصح كل واحدة منهما منفردة فيصح ترتب احداهما على الاخرى أيضا فان أبى أن يقبل الخدمة لم يجبر على ذلك لان الخدمة ههنا تسلم للموصى له بالوصية وللموصى له حق الرد في الموصى به على ما نبينه في الوصية بالرقبة بعد هذا وإذا بطلت الوصية الاولى برده بطلت الثانية حكما لانه أوجبها مرتبة على الاولى وقد فات شرطها حين رد الوصية بالخدمة وكذلك لو قتل ثم مات قبل سنة لان الوصية بالخدمة تبطل بموت الموصى له فان الارث لا يجرى في مجرد المفعة فوارث الموصى له لا يخلفه في ذلك وكذلك لو قال إذا خدم فلانا سنة أو أن خدم سنة فهو حر فان الشرط يفوت بموت فلان قبل مضى السنة فتبطل الوصية بالعتق لفوات الشرط فان كان فلان غائبا فقدم بعد موته بسنة فالخدمة تكون له من يوم قدم لان الموصى ذكر سنة منكرة ولا حاجة إلى تعيين السنة التى تعقب موته لان الجهالة في الموصى به لا تمنع صحة الوصية ولو قال يخدم فلانا هذه السنة ثم هو حر فلم يقدم حتى مضت السنة بطلت الوصية بالخدمة لفوات محلها فانه عين الوصية للمنافع التى تحدث في السنة التى عينها وذلك يفوت بمضيها ويبطل العتق أيضا لفوات شرطه ولو قال يخدم فلانا سنة ثم هو حر ولا مال له غيره فانه يخدم فلان يوما والورثة يومين فإذا مضت ثلاث سنين عتق لان

[ 45 ] الوصية تنفذ من الثلث وفي تسليم العبد إلى الموصى له ليخدمه في جميع السنة قصر يد الوارث عن جميع التركة لمكان الوصية وذلك لا يجوز وحق الورثة ضعف حق الموصى له فقلنا يخدم الموصى له يوما والورثة يومين حتى يمضى ثلاث سنين فيصير مستوفيا كمال حقه في الوصية بالخدمة ويتم به شرط الوصية بالعتق فيعتق ثلثه وعليه السعاية في ثلثى قيمته للورثة ولو أوصى أن يخدم ورثته سنة ثم هو حر فصالحوه من الخدمة على دراهم وعجلوا عتقه جاز لان الخدمة مستحقة لهم بالميراث فيجوز الاعتياض عنه بالمال ويجعل وصول البدل إليهم كوصول المبدل بأن يخدمهم سنة فيعتق منه ثلثه ثم هم أسقطوا حقهم عن الخدمة بعوض ولو أسقطوه بغير عوض وعجلوا العتق جاز لان الميت صار راضيا بالتزام ولائه فكذلك إذا أسقطوه بعوض ولو أوصى أن يعتق عنه هذه الجارية بعد موته بسنة فولدت ولدا وأغلت عليه قبل السنة أو بعدها فذلك للورثة وتعتق هي من الثلث وقد بينا فيما سبق أن الوصية بالعتق لا تسرى إلى الولد ولا إلى الكسب والغلة والورثة بمنزلة الملك لهما فيما هو فارغ عن الوصية لان سبب الملك لهم فيها قد تقرر والباقى لملك الميت كذلك الا أنا نجعلها كالباقية على ملك الميت حكما لضرورة الحاجة إلى تنفيذ وصيتها وفيما وراء ذلك هي مملوكة للورثة وان جنت جناية فذلك إلى الوارث ان شاء دفعها بالجناية وأبطل العتق وان اشاء فداها بالارش وأعتقها؟ عن الميت لانه بمنزلة المالك لها في حكم الجناية فان اختار دفعها دفع به محل الوصية بالعتق وهو ملك الميت وان اختار الفداء فقد طهرت عن الجناية وبقيت محلا للعتق عن الميت كما كانت والوارث متبرع في الفداء لانه غير مجبور على ذلك وإذا أعتقها أحد الورثة عن نفسه قبل مضى السنة فهو حرعن الميت لان الوارث بمنزلة المالك فلا بد من تنفيذ عتقه ثم عتقها مستحق عن الميت وما استحق في عين بجهة فعلى أي وجه أتى به يقع عن المستحق عليه وعليه حصة من بقي من الورثة من قيمة الخدمة لاحتباس ذلك عنده حتى نفذ العتق فيه من بعض الورثة وذلك متقوم فيما هو بينه وبين الورثة على ما بينا وإذا كان اعتقه بعد مضى السنة فلا شئ على أحد إذا كان يخرج قيمتها من الثلث لان هذا تنفيذ للوصية وأحد الورثة بمنزلة جماعتهم في تنفيذ جميع وصية الموصى في العتق بعد موته وان دبرها وارث عن نفسه ثم مات فهى حرة عن الميت بمنزلة ما لو علق عتقها بشرط آخر وقد يوجد الشرط وان لم يمت فتدبيره باطل لانه لا يملك اعتاقها عن نفسه فلا يملك تدبيرها عن نفسه أيضا وليس في التدبير تنفيذ وصية الميت

[ 46 ] وكذلك لو قال الوصي لانسان بعد مضى السنة اعتقها عن الميت فأعتقها أو احتضر الوصي فأوصى إلى آخر أن يعتقها عن الميت جاز ذلك بخلاف المأمور بالعتق في حالة الحياة إذا أمر غيره به لان المأمور نائب محض والآمر ما أنابه مناب نفسه في الوصية إلى الغير وللوصي ولاية تحصيل المقصود بنفسه وفي أمره غيره بذلك وايصائه إليه بعد موته تحصيل مقصود الموصى فيصح ذلك من الموصى وإذا أوصى بعتق ما في بطن جاريته بعد موته بشهر فهو جائز لان ما في البطن كالمنفصل في حكم مقصود المعتق فيه فان أعتق الام بعض الورثة فهى حرة عنه وما في بطنها حر عن الميت لان الجنين تابع للام في العتق الذي أوجبه المعتق فيها ولو أعتق الجنين أحدهما عتق عن الميت فذلك إذا أعتق الام أحدهم وقد صارت الام مشتركة بينهم بالميراث لانها فارغة عن الوصية فإذا أعتقها أحدهم يخير شركاؤه كما هو قول أبى حنيفة في عتق أحد الشركاء المملوك المشترك وان دبرها قبل أن تلد فتدبيره جائز لانه يملك نصيبه منها ومن ضرورة نفوذ التدبير منه في نصيبه منها نفوذه في نصيبه من الولد لان الجنين لا ينفصل عنها في حكم التدبير كما لا ينفصل في حكم العتق فانه بمنزلة جزء منها وتبطل وصية الميت في الجنين لفوات محله وهو أن يكون المملوك باقيا على ملك الموصى حكما ليعتق عنه فيكون ولاؤه له وينفذ التدبير من الذى دبر في بعض الجنين عن نفسه بتقرر ملكه ويستحق ولاءه ضرورة فيفوت به محل الوصية ولو أوصى أن يعتق عنه جاريته فلانة بعد موته بسنة وهي الثلث فباعها الورثة فبيعهم باطل لانها باقية على ملك الميت حكما مشغولة بحاجته فبيعهم اياها في هذه الحالة كبيعهم اياها قبل موت الموصى أو كبيع الورثة التركة المستغرقة بالدين وذلك باطل فهذا أيضا كذلك بل أولى لان في البيع ابطال الوصية بالعتق أصلا فان ولدت من المشترى فالولد ولده والمشترى مغرور من جهة الورثة حيث لم يعلم بالوصية حين اشتراها وولد المغرور حر بالقيمة الا أن ههنا لا قيمة لها لانها لو وجبت وجبت للورثة وللمشترى أن يرجع بها عليهم لاجل الغرور فلا فائدة في ايجابها وعليه العقر لهم لانه وطئها بشبهة وايجاب العقر مقيد فان المشترى لا يرجع بما يغرم من العقر على البائع بسبب الغرور ويردون عليه لبطلان البيع وتؤخذ الجارية وتعتق عن الميت بعد سنة كما أوصي ولو أوصى بعتق جاريته وقميتها ألف وله ألفان فهلكت الالفان قبل أن يعتقها الوصي فان الجارية يعتق ثلثها وتسعى في ثلثى قيمتها لان ما هلك من المال قبل استيفاء الورثة صار كأن لم يكن وهو والهالك قبل

[ 47 ] موت الوصي سواء فلم يبق الا الجارية فلا تنفذ الوصية في أكثر من الثلث فيعتق ثلثها وتسعى في ثلثى قيمتها والله أعلم (باب الوصية إذا لم يقبلها الموصى له) (قال رحمه الله) قد بينا أنه لاحكم لقبول الموصى له ورده في حياة الموصى لان أوان وجوب الوصية ما بعد موته ولا معتبر بالقبول والرد قبل أوانه فإذا مات الموصى فان قبل الموصى له الوصية فالملك له في الموصى به قبضه أو لم يقبضه لان بمجرد القبول يلزم العقد على وجه لا يملك أحد ابطاله فيثبت حكمه وهو الملك بخلاف الهبة بعد القبول قبل القبض وان رد الموصى له الوصية بطلت برده عندنا وفي قول الشافعي لا تبطل وهو احدى الروايتين عن زفر لان الملك بالوصية بمنزلة الملك بالارث على معنى أنه عقب الموت ثم الارث لا يرتد برد الوارث فكذلك الوصية وهذا لان الملك هاهنا يثبت بطريق الخلافة وهو أن الموصى له صار خلفا عن الموصى في ملك الموصى به كالوارث في التركة وجه قول علمائنا رحمهم الله أن هذا تمليك المال بالعقد فلا يثبت الا بالقبول أو مما يقوم مقامه كالتمليك لسائر العقود وهذا لان الملك يثبت للموصى له ابتداء ولهذا لا يرد بالعيب ولا يصير مغرورا فيما اشتراه الموصى والملك المتجدد يستدعى شيئا مبتدأ واحد لا يملك تتميم سبب الملك لغيره بغير رضاه بخلاف الميراث فانه يبقى للوارث الملك الذى كان ثابتا للمورث حتى يرده بالعيب ولا يصير مغرورا فيما اشتراه المورث والبقاء لا يستدعى سببا مبتدأ أو لان أحدا لا يثبت له على غيره ولانه ادخال الشئ في ملكه قصدا من عير اختياره وفي الميراث الملك ثبت من غير اختيار من المورث (ألا ترى) انه لو أراد أن يمنعه لا يتمكن من ذلك وللشرع هذه الولاية فأما ما هنا فان الملك يثبت بايجاب الموصى بدليل أن له أن يمنعه من ذلك الرجوع عن الوصية قبل موته ولا يثبت الا بالقبول من الموصى له لانعدام ولاية الموصى عليه ولان تنفيذ الوصية لمنفعة الموصى له ولو أثبتنا الملك له قبل قبوله تضرر به فانه لو أوصى له بعبد أعمى تجب عليه نفقته إذا أثبت الملك له ولو أوصى بدنان مسكرة أو بزبل اجتمعت في داره ولو ثبت الملك له بغير قبوله وجب عليه نقلها شاء أو أبى وفي هذه من الضرر عليه ما لا يخفى وكذلك لو أوصى له بآنية أو بمملوك له ذي رحم محرم منه أو مملوك قد حلف بعتقه ان ملكه لو دخل في ملكه

[ 48 ] من غير قبوله لكان يعتق عليه ويلزمه ولاؤه وليس لاحد أن يلزمه الولاء من غير اختياره ولو أوصى له بزوجته أو ملكها بدون قبوله نفذ نكاحه وليس للموصى ولاية افساد نكاحه فلهذا قلنا بانه لا يثبت له الملك ما لم يقبل وكذلك ان أوصى بأم ولده فما لم يقبلها لا تصير أم ولد له فان لم يعلم الموصى له بالوصية بعد موت الموصى حتى مات ففي القياس ورثته بمنزلته لا يجبرون على القبول وهو احدى الروايتين عن زفر رحمه الله لان الورثة انما يخلفونه بالقيام في الملك الذي كان ثابتا له في حياته وهاهنا الملك ما كان ثابتا له في حياته قبل قبول الوصية وانما كان الثابت له حق القبول وهو حق متاكد لا يملك غيره ابطاله فيقوم وارثه فيه مقامه فلا يثبت الملك ما لم يقبل الوارث وهذا لان موت الموصى له مناف للوصية لا متمم لها (ألا ترى) أنه لو مات في حياة الموصى بطلت الوصية وهاهنا الوصية ما كانت تامة قبل موته ويستحيل أن يكون الموت الذى هو المنافى متمما للوصية ولكنا ندع القياس في هذا ونجعلها من مال الموصى له استحسانا حتى إذا كانت أم ولده تعتق وإذا كانت غير أم ولده تصير مملوكة لورثتة لان سبب الملك قديم من جهة الموصى على وجه لا يتمكن هو ولا من يقوم مقامه من ابطاله وانما بقى حق الرد للموصى له وذلك يبطل بموته كالمشترى إذا شرط الخيار لنفسه ثم مات في مدة الخيار ثم الملك لان الثابت له حق الرد ولم يبق بعد موته فيتم الملك فهذا مثله وهذا لان حق الرد انما كان ثابتا له لحاجته إلى دفع الضرر عن نفسه وقد انتهت حاجته بموته ولو كان الموصى له حيا لم يعلم بالوصية وكان يطؤها بالنكاح حتى ولدت له أولادا ثم علم بالوصية فهو بالخيار لان اقدامه على وطئها قبل العلم بالوصية لا يكون دليل القبول والرضا منه بالوصية والنكاح كان قائما بينهما قبل القبول وحل الوطئ ثابت له بحكم النكاح فلهذا نفى خياره في القبول إذا علم بالوصية فان قبلها كانت أم ولد له لانه ملكها وله منها ولد ثابت النسب وأولاده أحرار ان كانوا يخرجون من الثلث لانهم حدثوا بعد تمام الوصية من جهة الموصى وبعد تمام السبب الموجب للمك قبل ثبوت الملك فكانوا بمنزلة الولد الحادث في مدة الخيار إذا تم الملك للمشترى وان رد الوصية فهي وأولادها للورثة والنكاح بينه وبينها قائم ونسب الاولاد منه ثابت ولو أوصى رجل لرجلين بثلثه فرد أحدهما الوصية بعد موته كان للاخر حصته من الوصية إذا قبل لان في حق الراد منهما بطلت الوصية برده ولو بطلت بسبب آخر بان كان وارثا جاز في حصة الاخر فكذلك إذا بطلت برده وهذا لان الشيوع لا يمنع صحة الوصية بخلاف الهبة

[ 49 ] فان القسمة مشروطة في الهبة ليتم القبض والقبض ليس بشرط لوقوع الملك في الوصية وإذا أوصى رجل بوصية فقبلها بعد موته ثم ردها على الورثة فرده جائز إذا قبلوا ذلك لان الرد عليهم فسخ للوصية وهم قائمون مقام الميت ولو تصور منه الرد على الميت كان ذلك صحيحا إذا قبله فكذلك إذا ردها على الورثة الذين يقومون مقامه وهذا لان فسخ العقد معتبر بالعقد فإذا كان أصل هذا العقد بالايجاب والقبول كذلك يجوز فسخه بالتراضى وبهذا فارق الصدقة والهبة فان ذلك ابتداء التمليك والشيوع فيما يحتمل القسمة مع صحته وهذا فسخ الوصية والشيوع لا يؤثر في فسخ الوصية كما لا يؤثر في أصل الوصية وان ردها على بعض الورثة دون البعض ففي القياس هذا باطل لان هذا تمليك منه لمن ردها عليه فيكون التملك بلفظ الهبة والاعطاء ولكنا نستحسن فنجعل ذلك كالرد على جماعتهم وكان بينهم على فرائض الله تعالى لان أصل العقد كان بينه وبين الموصى والرد فسخ لذلك العقد فيجوز بينه وبين الموصى أيضا وأحد الورثة يقوم مقام الورثة في حقوقهم كجماعتهم فكان الرد على أحدهم بمنزلة الرد عليهم أو هذا فسخ لقبوله وهو ينفرد بفسخ القبول في حق نفسه وانما كان لا يثبت في حق الورثة إذا أبوا ذلك دفعا للضرر عنهم وعن مورثهم فإذا رضوا بذلك أو رضى به أحدهم وهو قائم مقامهم في فسخ القبول منهم وصار كأنه رده قبل أن يقبل فيكون ميراثا للورثة وكذلك لو كان على الميت دين فوهبه الطالب للورثة أو لبعضهم فهو هبة لهم كلهم كأنه وهبه للميت لان أصل المنفعة بهذه الهبة للميت وانه يبرئ ذمته لها وأحد الورثة يقوم مقامه فيما هو من حقه ولو أوصى له بخادم ثم مات الموصى فوهب انسان للخادم ألف درهم والخادم هي الثلث ثم قبل الموصى له الوصية فله الخادم وثلث الالف لان السبب من جهة الموصى قديم لكن لم يثبت الملك للموصى له لانعدام القبول منه والكسب الحادث بعد تمام السبب يثبت فيه حكم السبب فإذا قبل فله الخادم وثلث الالف لانه لو خرج جميع الالف من الثلث سلمت له فكذلك يسلم له ثلثها وكذلك لو ولدت ولدا فان هلك بعض المال فله الخادم من الثلث فان بقى شئ من الثلث فله ذلك من الولد والهبة في قول أبى حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف ومحمد الثلث؟ من الخادم وولدها وما وهب لها بالحصة لا يقدم شئ من ذلك على شئ لان حدوث ذلك بعد تمام السبب وقبل تمام الملك بمنزلة المقترن باصل السبب (ألا ترى) أن المبيعة قبل القبض إذا ولدت جعل الولد كالموجود عند العقد في اقتسام الثمن عند القبض

[ 50 ] فكذلك هاهنا ولو كان جميع ذلك موجودا عند العقد وأوصى بالكل كان يسلم للموصى له بالثلث من الكل بالحصة والدليل عليه أن التركة بعد الموت قبل القسمة مبقاة على حكم الميت وكذلك الموصى به بعد الموت وقبل القبول ثبوت حكم الوصية في الولد والكسب ليس بطريق التبعية لان حكم التبعية لا يبقى بعد الانفصال ولا تعتبر السراية لان السراية إلى غير متولد من الاصل لا تكون والكسب غير متولد من الاصل فعرفنا أن ثبوت الحكم في الولد والكسب باعتبار أنه يجعل كالموجود ويصير كأن الوصية تناولته قصدا وأبو حنيفة يقول الجارية هي المقصودة بالوصية والكسب والولد تبع فانما يبدأ من محل الوصية ما هو المقصود بالوصية لان استقرار الحكم يكون في محله فيكون هو فيما هو المقصود وبيان ذلك أن وجوب الوصية بالموت وعند الموت الموجود أم فقط والموجب انما أوجب الوصية فيها ثم يثبت حكم الوصية فيما يحدث من الكسب والولد بعد ذلك بطريق التبعية والانفصال لا ينافى التبعية (ألا ترى) أنه ولد المبيعة قبل القبض يكون مملوكا تبعا ولهذا لا يمنع رد الاصل بالعيب والدليل عليه ان حكم الوصية لا يثبت في الكسب والولد الحادث قبل موته لان ثبوت الحكم بطريق التبعية لا يكون الا بعد ثبوته في الاصل فإذا ثبت هذا فنقول الوصية فيما زاد على الثلث أضعف من الوصية بالثلث وما يثبت حكم الوصية فيه تبعا يكون أضعف مما يثبت حكم الوصية فيه مقصودا فيتعين للقوى محل أقوى وللضعيف محل يليق به * يوضحه انا لو أخذنا بما قال أبو يوسف ومحمد أدى إلى أن تبطل الوصية في الاصل لمكان البيع فانه إذا كان الثلث بقدر قيمتها قبل أن تلد يجب تنفيذ الوصية في جميعها ثم إذا ولدت ولدا قيمته مثل قيمتها تنفذ الوصية في نصف الام ونصف الولد أو في ثلث الام وثلثي الولد فيؤدى إلى أن تبطل الوصية في بعض الاصل لاجل تنفيذ الوصية في التبع ولا يجوز أن يكون التبع مبطلا للحكم الثابت في الاصل بحال والله أعلم (باب الوصية بمثل نصيب أحدهم) (قال رحمه الله) وإذا كان للرجل خمس بنين فأوصى لرجل بمثل نصيب أحدهم وثلث ما بقى من الثلث فالفريضة من أحد وخمسين سهما لصاحب النصيب ثمانية أسهم ولصاحب ثلث ما بقى ثلاثة ولكل ابن ثمانية فتخريج المسألة على طريق الكتاب أن نقول السبيل

[ 51 ] أن يأخذ كل واحد من الخمسة البنين ثمانية وتزيد على ذلك سهما بثمانية لانه أوصى له بمثل نصيب أحدهم ومثل الشئ غيره ثم يضرب بعد ذلك في ثلاثة لاجل وصيته له بثلث ما بقى من الثلث فيكون ثمانية عشر ثم تطرح السهم الذى زدته بقى سبعة عشر فهو الثلث والثلثان ضعف ذلك فيكون جميع المال أحدا وخمسين وانما طرحنا هذا السهم الزائد لتبيين مقدار الثلث والثلثين ولا وصية في الثلثين فلا يمكن اعتبار السهم الزائد فيه فلهذا طرحناه فإذا عرفت أن ثلث المال سبعة عشر فطريق معرفة النصيب من ذلك أن تأخذ النصيب وهو واحد وتضربه في ثلاثة ثم في ثلاثة فيكون تسعة ثم تطرح من ذلك سهما كما طرحت في الابتداء يبقى ثمانية فهو النصيب فإذا رفعت ذلك من سبعة عشر يبقى تسعة فللموصى له ثلث ما يبقى وثلث ذلك ثلاثة يبقى ستة نضيفها إلى ثلثى المال وذلك أربعة وثلاثون فيكون أربعين بين خمسة بنين لكل ابن ثمانية مثل النصيب فاستقام والعامة يسمون هذا طريق الحشو على معنى أن محمدا رحمه الله حشا به كتبه والحساب يسمونه طريق اليتم واليتم هو الاصل ولكن كل ما يعتمدونه في كتب الحساب لكثرة ما يقع فيه من الاختلاف ويحتاج إلى تغيير بعض الشرط في كل نوع فزعموا أن الطريق الذى أحكم فيه شرط واحد يخرج عليه أنواع المسائل أولى بالتأمل وأرادوا بذلك الطريق الجبر فاما المتقدمون من أصحابنا فاختاروا هذا الطريق لانه أليق بكلام الفقهاء وطريق الدينار والدرهم يعتمده أهل الحساب وهو في المعنى مثل طريق الجبر ولكنه أقرب إلى فهم من يكون متبدئا في علم الحساب وبيان تخريج المسألة عليه أن يجعل ثلث المال دينارا أو ثلاثة دراهم لحاجتك إلى الحساب إذا رفعت منه النصيب يكون لما بقى ثلث صحيح فيعطى بالوصية بالنصيب دينار وبالوصية بثلث ما يبقى درهما يبقى من الثلاثة درهمان يضم ذلك إلى ثلث المال وهو دينار أو ستة دراهم فحصل في يدك ديناران وثلاثة دراهم وحاجتك إلى خمسة دنانير لانك جعلت النصيب دينارا فينبغي أن يكون لكل ابن دينار فتجعل الدنانير مثلهما قصاصا يبقى في يدك ثمانية دراهم تعدل بعدل ثلاثة دنانير فاقلب الفضة فاجعل آخر الدراهم آخر الدنانير وآخر الدنانير آخر الدراهم فصار كل دينار بمعنى ثمانية وكل درهم بمعنى ثلاثة ثم عد إلى الاصل وقل قد جعلت الثلث دينارا وذلك ثمانية وثلاثة دراهم فجملته سبعة عشر أعطينا بالنصيب دينارا وهو ثمانية وثلث فثلث يبقى درهم وهو ثلاثة وحصل في يد الورثة ديناران كل دينار ثمانية فذلك ستة عشر وثمانية دراهم كل درهم بثلاثة فذلك أربعة وعشرون إذا جمعت بينهما يكون الكل أربعين بين خمسة بنين لكل

[ 52 ] ابن ثمانية مثل النصيب * وأما طريق الجبر والمقابلة وهو الذى يعتمده الحساب فهى أن تأخذ ثلث مال مجهول فتعطى بالوصية بالنصيب شيئا يبقى معك ثلث مال الاشئ فتعطى بالوصية بثلث ما يبقى ثلث ذلك وذلك تسع مال الا ثلث شئ يبقى من الثلث في يدك تسعا مال الا ثلثا شئ يضم ذلك إلى ثلثى المال فيصير ثمانية اتساع مال إلا ثلثى شئ وذلك يعدل خمسة أشياء لانا جعلنا النصيب شيئا فينبغي أن يكون لكل ابن شئ فاجبر ثمانية اتساع مال بثلثي شئ وزد على ما يقابله وهو خمسة أشياء ثلثى شئ فصار معنا ثمانية اتساع مال يعدل خمسة أشياء وثلث شئ غير أن المال ناقص تسعه وهو ثمن ما معنا فزيد عليه مثل ثمنه ويزيد على خمسة أشياء وثلثي شئ مثل ثمنه أيضا وليس لذلك ثمن صحيح فانكسر بالاثمان فاضرب خمسة أشياء وثلثي شئ في ثمانية فيكون خمسة وأربعين وثلثا لان خمسة في ثمانية باربعين وثلثين في ثمانية بخمسة وثلث زد على ذلك مثل ثمنه وذلك خمسة وثلثان فيكون أحدا وخمسين فظهر أن المال الكامل أحد وخمسون فالثلث من ذلك سبعة عشر ومعرفة النصيب أنا جعلنا النصيب شيأ وضربنا كل شئ في ثمانية فتبين أن النصيب ثمانية إذا رفعتها من سبعة عشر بقي تسعة للموصى له بثلث ما يبقي ثلاثة بقى ستة تضمها إلى ثلثى المال أربعة وثلاثين فيكون أربعين بين خمسة بنين لكل ابن ثمانية مثل النصيب * فأما بيان الطريق الخطائين وتسمى طريق التقدير أيضا أن يجعل الثلث أربعة اسم ويعطى بالوصية بالنصيب سهما وبالوصية بثلث ما يبقى سهما يبقى سهمان يضمهما إلى ثلثى المال ثمانية يكون عشرة وحاجة البنين إلى خمسة لانا جعلنا النصيب سهما فظهر الخطأ بالزيادة خمسا فعد إلى الاصل واجعل الثلث خمسة أسهم ثم أعط بالنصيب سهمين وبثلث ما يبقى سهما يقبى من الثلث سهمان ضمهما إلى ثلثى المال عشرة كان اثنى عشر وحاجتنا إلى عشرة الا أنا جعلنا النصيب سهمين فظهر الخطأ الثاني بزيادة سهمين وكان الخطأ الاول بالزيادة خمسا فلما زدنا سهما أذهب الخطأ بثلثه وبقى من الخطأ سهمان وقد علمنا ان كل سهم يؤثر في ثلثه فالسبيل أن يزيد ما يذهب الخطأ سهمين وذلك ثلثا سهم فيجعل الثلث خمسة وثلاثين يعطي بالنصيب سهمين وثلثين؟ وثلث ما يبقي سهم ويضم السهمين الباقيين إلى ثلثي المال وهو أحد عشر وثلث فيصير ثلاثة عشر وثلث وبين خمسة بنين لكل ابن سهمان وثلثان مثل النصيب فان أردت تصحيح الحساب قلت قد انكسر بالاثلاث والسبيل أن يضرب خمسة وثلاثين في ثلثه فيصير سبعة عشر فهو الثلث وقد كان النصيب سهمين وثلثين ضربت ذلك في ثلثه فهو

[ 53 ] ثمانية وكان المقسوم بين البنين الخمسة ثلاثة عشر وثلثا ضربت ذلك في ثلاثة فيكون أربعة بين خمسة بنين لكل ابن ثمانية مثل النصيب وطريق الجامع الاصغر وهو من فروع الخطأين وهو انه لما ظهر أن الخطأ الاول كان بزيادة خمسة والخطأ الثاني كان بزيادة سهين فأضرب المال الاول وهو أربعة في الخطأ الثاني وهو سهمان فذلك ثمانية واضرب المال الثاني وذلك خمسة في الخطأ الاول وهو خمسة فيكون خمسة وعشرين ثم اطرح الاقل من الاكثر فإذا طرحت ثمانية من خمسة وعشرين بقي سبعة عشر فهو ثلث المال * ومعرفة النصيب أن يأخذ النصيب الاول وهو واحد ويضربه في الخطأ الثاني فيكون اثنين ويأخذ النصيب الثاني وذلك اثنان يضربهما في الخطأ الاول وهو خمسة يكون عشرة ثم اطرح الاقل من الاكثر يبقي ثمانية وهو النصيب والتخريج الح كما بينا * وطريق الجامع الاكبر وهو من فروع الخطأين أيضا انه لما ظهر أن الخطأ الاول كان بزيادة خمسة فالسبيل أن تضعف المال سوى النصيب فيكون الثلث سبعة أعط النصيب سهما يبقى ستة للموصى له بثلث ما يبقى ثلث ذلك سهمان يبقى أربعة يضم ذلك إلى ثلثى المال أربعة عشر فيكون ثمانية عشر وحاجتنا إلى خمسة لانا جعلنا النصيب سهما فظهر الخطأ الثاني بزيادة ثلاثة عشر فيضرب المال الاول وهو الاربعة في الخطأ الثاني وهو ثلاثة عشر فيكون اثنين وخمسين فيضرب المال الثاني وهو سبعة في الخطأ الاول وخمسة فيكون خمسة وثلاثين ثم اطرح الاقل من الاكثر فإذا طرحت خمسة وثلاثين من اثنين وخمسين يبقي سبعة عشر فهو ثلث المال * ومعرفة النصيب أن يطرح أقل الخطأين من أكثرهما بلا ضرب وأقل الخطأين خمسة وأكثرهما ثلاثة عشر فإذا طرحت خمسة من ثلاثة عشر بقى ثمانية فهو نصيب والتخريج إلى آخره كما ذكرنا * وطريق السطوح وهو برهان الجبر بعمل المهندسين أن تأخذ مربعا مستوى الاضلاع والزوايا فتخط في طوله خطين فيصير ثلاثة سطوح ثم في عرضه ثلاثة خطوط فيصير في كل سطح أربعة ثم تبدأ بالسطح الذى على يمينك وتدفع البيت الاول من النصيب وتتم ذلك وتدفع البيت الثاني منه بثلث ما يبقى وسم ذلك قطعة بقي من هذا السطح بيتان هما قطعتان وتجمعهما إلى السطحين الاخريين فيكون ذلك نصيبين وثمان قطاع وحاجتنا إلى خمسة أنصباء فيعطى نصيبين إلى اثنين ويبقى ثمان قطاع بين ثلاثة بنين لكل ابن قطعتان وثلثا قطعة فظهر أن النصيب بمعنى قطعتين وثلثي قطعة وانا حين أعطينا الموصى له النصيب بيتا كان ذلك بمعنى قطعتين وثلثي قطعة وان الذى

[ 54 ] حصل في يد الورثة نصيبان كل نصيب قطعتان وثلثا قطعة فذلك خمسة قطاع مع ثمان قطاع فيكون ثلاثة عشر قطعة وثلث قطعة بين خمسة بنين لكل ابن قطعتان وثلثا قطعة مثل ما أعطينا بالنصيب فاستقام وهذا صورته ثم الحاصل بعد هذا أن تخرجها على طريق الكتاب وعلى طريق نصيب نصيب نصيب الجبر وهو الاصل عند أهل الحساب وتدع ما سوى ذلك للتحرز قطعة قطعة قطعة عن التطول والاشتغال بما ليس فيه كبير فائدة * ولو كان أوصى بمثل قطعة قطعة قطعة نصيب أحدهم وبربع ما يبقي من الثلث الاخر فالفريضة من تسعة قطعة قطعة قطعة وستين لصاحب النصيب أحد عشر ولصاحب ربع ما بقى ثلاثة ولكل ابن أحد عشر وبيانه على طريق الكتاب أن تأخذ عدد البنين وهم خمسة فتزيد عليه سهما بالوصية بالنصيب ثم تضرب ذلك في أربعة لمكان الوصية بربع ما يبقى فيصير أربعة وعشرين ثم تطرح منه سهما يبقى ثلاثة وعشرون فهو الثلث والثلثان ضعف ذلك فتكون الجملة تسعة وستين فهو المال والثلث وعشرون ومعرفة النصيب أن تأخذ النصيب وهو واحد وتضربه في أربعة ثم في ثلاثة فيصير أثنى عشر ثم تطرح منه واحد يبقى أحد عشر فهو النصيب فإذا رفعت من ثلاثة وعشرين أحد عشر بقى اثنا عشر للموصى له بربع ما يبقى ثلاثة يبقى تسعة تضم ذلك إلى ثلثى المال ستة عشر وأربعين فيكون خمسة وخمسين بين خمسة بنين لكل ابن أحد عشر مثل النصيب * وطريق الجبر في ذلك أن تأخذ ثلث مال مجهول وتعطى بالوصية بالنصيب شيأ وبالوصية بربع ما يبقى ربع ما بقي وهو ربع الثلث الا ربع شئ بقى معك ثلاثة أرباع الثلث الا ثلاثة ارباع شئ فتضم ذلك إلى ثلثى المال فيصير أحد عشر جزأ من اثنى عشر جزء من مال الا ثلاثة أرباع شئ وذلك يعدل خمسة أشياء فاجبر بثلاثة أرباع شئ وزد على ما يقابله ثلاثة أرباع شئ فيصير أحد عشر جزأ من اثنى عشر جزء من مال يعدل خمسة أشياء وثلاثة أرباع شئ فالمال ناقص فأكمله بأن تزيد عليه جزأ من أحد عشر وزد على ما يقابله مثل ذلك وليس لخمسة أشياء وثلاثة أرباع جزء من أحد عشر جزء صحيح فاضرب خمسة وثلاثة أرباع في أحد عشر فيكون ثلاثة وستين وربع فان خمسة في أحد عشر خمسة وخمسون وثلاثة أرباع في أحد عشر ثمانية وربع بم زد عليه مثل جزء من أحد عشر جزأ منه وذلك خمسة وثلاثة أرباع فيكون

[ 55 ] تسعة وستين وهو المال الكامل * ومعرفة النصيب انا جعلنا النصيب شيأ وضربناه في أحد عشر فتبين ان النصيبب أحد عشر والتخريج إلى آخره كما بينا * ولو كان أوصى له بمثل نصيب أحدهم والاخر بخمس ما يبقى من الثلث فالفريضة من سبعة وثمانين لصاحب النصيب أربعة عشر وللاخر ثلاثة ولكل ابن أربعة عشر فأما تخريجه على طريق الكتاب فأن تزيد على عدد البنين واحد للوصية بالنصيب فيكون ستة ثم تضرب ذلك في خمسة لوصيته بخمس ما بقي فيكون ثلثين ثم تطرح ما زدت وهو واحد يبقى تسعة وعشرون والثلثان ثمانية وخمسون فيكون جملة المال سبعة وثمانين ومعرفة النصيب أن تأخذ النصيب وذلك واحد وتضربه في خمسة ثم في ثلاثة فيكون خمسة عشر ثم تطرح منها واحدا يبقى أربعة عشر فهو النصيب فإذا رفعت ذلك من الثلث تسعة وعشرين يبقي خمسة عشر للموصى له بخمس ما بقي خمس ذلك ثلاثة يبقى اثنا عشر تضمه إلى ثلثى المال ثمانية وخمسين فيصير سبعين بين خمسة بنين لكل ابن أربعة عشر مثل النصيب وطريق الجبر في ذلك أن يأخذ ثلث مال مجهول وتعطى بالوصية بالنصيب شيأ يبقي ثلث مال الا شئ ويعطي بالوصية الاخر خمس ذلك وهو خمس الثلث الا خمس شئ بقى أربعة أخماس الثلث الا أربعة أخماس شئ ويضم ذلك إلى ثلثي المال فتصير الجملة أربعة عشر جزأ من خمسة عشر جزأ من المال الا أربعة أخماس شئ وذلك يعدل خمسة أشياء فاجبره بأربعة أخماس شئ وزد على ما يعدله مثله فيصير أربعة عشر جزأ من خمسة عشر جزأ ثم زد على ما يعدله مثل ذلك وليس لخمسة وأربعة أخماس جزء من أربعة جزء صحيح فتضرب خمسة وأربعة أخماس في أربعة عشر فيكون ذلك أحد وثمانين وخمسا لان خمسة في أربعة عشر سبعون وأربعة أخماس في أربعة عشر أحد عشر وخمس ثم زد عليه جزأ من أربعة عشر جزء منه وذلك خمسة وأربعة أخماس فيكون سبعة وثمانين فهو المال الكامل الثلث منه تسعة وعشرون * ومعرفة النصيب أنا جعلنا النصيب شيأ وضربنا في كل شئ أربعة عشر فتبين أن النصيب أربعة عشر ثم التخريج إلى آخره كما بينا * ولو أوصى بمثل نصيب أحدهم الا ثلث ما يبقى من الثلث بعد النصيب فالفريضة من سبعة وخمسين النصيب عشرة والاستثناء ثلاثة ولكل ابن عشرة * وتخريجه على طريق الكتاب أن تأخذ عدد البنين خمسة فتزيد عليها سهما بالوصية بالنصيب ثم تضرب ذلك في ثلاثة فيكون ثمانية عشر ثم تزيد عليها سهما مثل ما زدت أولا فيكون تسعة عشر فهو ثلث المال وثلثان ثمانية وثلاثون فالجملة سبعة وخمسون ومعرفة

[ 56 ] النصيب أن تأخذ النصيب وهو واحد وتضربه في ثلاثة فيكون تسعة ثم تزيد عليه سهما كما فعلته في أصل المال فيكون عشرة وهو النصيب الكامل إذا رفعته من تسعة عشر بقي تسعة استرجع بالاستثناء من النصيب مثل ثلث ما بقى وهو ثلاثة وضم ذلك إلى تسعة فيكون اثنى عشر ثم تضم ذلك إلى ثلثي المال ثمانية وثلاثين فيكون خمسين بين خمسة بنين لكل ابن عشرة مثل كامل * وطريق الجبر فيه أن تأخذ مثل ثلث مال مجهول فتعطى بالوصية بالنصيب شيأ ثم تسترجع بالاستثناء مثل ثلث ما بقي وذلك ثلث الثلث الا ثلث شئ فيصير معك أربعة أتساع مال الاشياء وثلث شئ تضمه إلى ثلثى المال فيكون الجملة مالا وتسع مال الا شيأ وثلث شى وذلك يعدل خمسة أشياء فاجبره بشئ وثلث شئ وزد على ما يعدله مثله فصار مالا وتسع مال يعدل ستة أشياء وثلث شئ والمال زائد بعشرة فاطرح منه عشرا واطرح مما يعد له العشر أيضا وليس لستة وثلث عشر صحيح فاضرب ستة وثلثا في عشرة فيكون ثلاثة وستين وثلث اطرح منه عشره وهوستة وثلث بقي سبعة وخمسون فظهر أن المال الكامل سبعة وخمسون * ومعرفة النصيب أنا جعلنا النصيب شيأ وضربنا كل شئ في عشرة فتبين أن النصيب الكامل عشرة والتخريج كما بينا ولو قال الاربع ما يبقى من الثلث بعد النصيب كانت الفريضة من خمسة وسبعين النصيب منها ثلاثة عشر والاستثناء بثلاثة * وتخريجه على طريق الكتاب أن تزيد على عدد البنين سهما للموصى له بالنصيب ثم تضرب ذلك في أربعة الوصية بربع ما يبقى فيكون أربعة وعشرين ثم تزيد عليه سهما فذلك خمسة وعشرون وهو ثلث المال والثلثان خمسون فالمال كله خمسة وسبعون * ومعرفة النصيب أن تضرب النصيب وهو سهم من أربعة في ثلاثة فيكون اثنى عشر ثم تزيد عليه سهما فالنصيب الكامل ثلاثة عشر إذا رفعها من خسمة وعشرين مع اثنى عشر فتسترجع بالاستثناء مثل ربع ما بقي وهو ثلاثة فتضم ذلك إلى اثنى عشر فيكون خمسة عشر ثم تضم ذلك ثلثى المال وهو خمسون فيكون خمسة وستين بين خمسة بنين لكل ابن ثلاثة عشر مثل نصيب كامل * وطريق الجبر فيه أن تأخذ ثلث المال وتعطى بالوصية بالنصيب شيأ ثم تسترجع بالاستثناء مثل ربع ما بقى فيصير معك خمسة أجزاء من اثنى عشر جزأ من مال الاشيا وربع شئ تضمه إلى ثلثى المال فتكون الجملة مالا واثنى عشر جزأ من مالا الاشياء وربع شئ وذلك يعدل خمسة أشياء فاجبره بشئ وربع شئ وزد على ما يعد له منها فصار مالا وجزأ من اثنى عشر يعدل ستة أشياء وربع المال زائد فاطرح من الجملة جزأ

[ 57 ] من ثلاثة عشر لتبيين المال الكامل واطرح مما يعدله مثل ذلك وليس لستة وربع جزء من ثلاثة عشر صحيح فاضرب ستة وربعا في ثلاثة عشر فيكون ذلك أحدا وثمانين وربعا ثم اطرح منه جزأ من ثلاثة عشر وهو ستة وربع يبقى خمسة وسبعون فهو المال ومعرفة النصيب انا جعلنا النصيب شيأ فضربنا كل شئ في ثلاثة عشر فتبين ان النصيب الكامل ثلاثة عشر والتخريج كما بينا * وإذا مات الرجل وترك ابنتين وأما وامرأة وعصبة وأوصى بمثل نصيب احدى ابنتيه وثلث ما بقى من الثلث فالفريضة من ستة وستين والنصيب ستة عشر وثلث ما بقى اثنان والسبيل في تخريج المسألة أن نصحح الفريضة الاولى بدون الوصية فنقول أصل الفريضة من ستة للابنتين الثلثان أربعة وللام السدس سهم وللمرأة ثمن ثلاثة أرباع سهم والباقي للعصبة فتكون القسمة من أربعة وعشرين لمكان الكسر باعتبار نصيب المرأة الا أن في معرفة حكم نصيب المرأة لا حاجة لنا في ذلك فيجعل أصل الفريضة من ستة ثم يزيد عليها مثل نصيب احدى الابنتين وذلك سهمان لوصيته بالنصيب فيكون ثمانية ثم تضرب ذلك في ثلاثة فيكون أربعة وعشرين ثم تطرح ما زدت وذلك سهم بقى اثنان وعشرون فهو الثلث والثلثان أربعه وأربعون والمال ستة وستون ومعرفة النصيب أن تأخذ سهمين وتضرب ذلك في ثلاثة يكون ستة ثم في ثلاثة فيكون ثمانية عشر ثم تطرح منها سهمين يبقى ستة عشر فهو النصيب إذا رفعت ذلك من الثلث اثنين وعشرين يبقى ستة للموصى له بثلث ما بقي ثلث ذلك اثنان بقى أربعة تضمها إلى ثلثي المال أربعة وأربعين فيكون ثمانية وأربعين للابنتين الثلثان اثنان وثلاثون لكل واحدة منهما ستة عشر مثل النصيب وللام السدس ثمانية وللمرأة الثمن ستة والباقي وهو سهمان للعصبة * وعلى طريق الجبر فالسبيل أن تأخذ ثلث مال وتعطى بالوصية بالنصيب شيأ وبالوصية بثلث ما يبقى ثلث المال الباقي يبقى ملاك منها مال الا ثلثى شئ تضمه إلى ثلثى المال فيكون ثمانية أتساع إلى ثلثى شى الباقي وذلك بعد ونصيب احدى الابنتين ثلث المال فيظهر أن حاجتنا إلى ثلاثة اشياء فاجبر بما يثبت شئ وزد على ما يعدله ثلاثة مثل ذلك وليس لثلاثة أشياء جزء صحيح والمال ناقص فزد عليه مثل ثمنه وزد عليه ما يعدله مثل ذلك وليس لثلاثة وثلاثين ثمن صحيح فاضرب ثلاثة أشياء وثلثي شئ في ثمانية فيصير تسعة وعشرين وثلثا ثم زد عليه مثل ثمنه وهو ثلاثة وثلثان فيكون ثلاثة وثلاثين فهو المال الكامل الثلث من ذلك أحد عشر * ومعرفة النصيب انا جعلنا النصيب شيأ

[ 58 ] وضربنا كل شئ في ثمانية فتبين أن النصيب ثمانية إذا رفعته من أحد عشر يبقى ثلاثة للموصى له بثلث ما بقى سهم ثم يضم ما بقي وهو سهمان إلى ثلثى المال وهو اثنان وعشرون فيكون أربعة وعشرين بين الورثة للابنتين الثلثان ستع عشر لكل واحدة منهما ثمانية مثل النصيب وللام السدس أربعة وللمرأة الثمن ثلاثة والباقى للعصبة فخرج على هذا الطريق مستقيما على النصف مما أخرجه محمد رحمه الله ولو أوصى بمثل نصيب احدى الابنتين الا ثلث ما يبقى من الثلث بعد النصيب فالفريضة من ستمائة وأربعة وعشرين والنصيب مائة وستون وثلث الباقي ستة عشر فقد طول محمد رحمه الله الحساب في هذه المسألة ليخرج ميراث المرأة مستقيما ولا حاجة بنا إلى ذلك في معرفة الوصية والمسألة تخرج من دون هذا الاصل الذي ذكرنا أن الفريضة من ستة ثم تزيد للموصى له بالنصيب مثل نصيب احدى الابنتين سهمين فيكون ثمانية ثم تضرب ذلك في ثلاثة فيكون أربعة وعشرين ثم تزيد عليه سهمين كما هو الاصل في مسائل الاستثناء فيكون ستة وعشرين فهو ثلث المال والثلثان ضعف ذلك اثنين وخمسين فيكون جملة المال ثمانية وسبعين ومعرفة النصيب أن تأخذ النصيب سهمين وتضرب ذلك في ثلاثة فيكون ستة ثم في ثلاثة فيكون ثمانية عشر ثم تزيد عليه سهمين فيكون عشرين فهو النصيب الكامل إذا رفعته من الثلث يبقي ستة فتسترجع بالاستثناء مثل ثلث ما يبقى وذلك سهمان فيصير معك من الثلث ثمانية تضمها إلى ثلثى المال اثنين وخمسين فيكون ذلك ستين بين الورثة للابنتين الثلثان أربعون لكل واحدة منهما عشرون مثل النصيب الكامل وللام السدس عشرة وللمرأة الثمن الا أنه ليس للستين ثمن صحيح فلهذا ضرب محمد رحمه الله أصل الحساب ثمانية وسبعين في ثمانية فيكون ستمائة وأربعة وعشرين وخرج المسألة من ذلك لاجلها * وطريق الجبر فيه أن تأخذ ثلث مال فتعطى بالنصيب شيأ وتسترجع بالاستثناء مثل ثلث ما يبقى من ذلك ثلث الا ثلث شئ فيكون معك أربعة اتساع مال الاشياء وثلث شئ تضمه إلى ثلثى المال فتصير الجملة مالا وتسع مال الا شيا وثلث شئ وذلك ثلاثة أشياء لانا جعلنا النصيب شيأ ونصيب احدى الابنتين ثلث المال وجبره بشئ وثلث شئ وزد على ما يعد له مثله فكان مالا وتسع مال يعدل أربعة أشياء وثلث شئ والمال زائد فاطرح الزيادة وهو عشر الجملة واطرح ما يعد له مثل ذلك أيضا وليس لاربعة وثلاثة عشر صحيح فاضرب أربعة أشياء وثلثاه في عشرة فيكون ذلك ثلاثة وأربعين وثلثا ثم اطرح منه عشره وذلك أربعة وثلث يبقى تسعة

[ 59 ] وثلاثون فهو المال الكامل الثلث منه ثلاثة عشر * ومعرفة النصيب انا جعلنا النصيب شيأ فضربنا كل شئ في عشرة فتبين ان النصيب الكامل عشرة إذا رفعتها من ثلاثة عشر يبقى ثلاثة فتسترجع بالاستثناء مثل ثلث ما بقى سهما فيصير معك من الثلث أربعة تضمها إلى ثلثى المال سته وعشرين فيصير ذلك ثلاثين مقسومة بين الورثة للابنتين الثلثان عشرون لكل واحدة عشرة مثل النصيب الكامل وللام السدس خمسة وللمرأة الثمن وذلك ثلاثة وثلاثة ارباع للعصبة فاستقام التخريج من نصف ما أخرجنا على طريق الكتاب ولو كان اوصى بمثل نصيب المرأة وثلث ما بقي من الثلث فالفريضة من مائتين وأربعة وثلاثين والنصيب أربعة وعشرون وثلث الباقي ثمانية عشر والتخريج على طريق الكتاب أن تصحيح الفريضة هاهنا من أربعة وعشرين لانه أوصى بمثل نصيب المرأة فلا بد من معرفة نصيب المرأة مستقيما فتجعل الفريضة من أربعة وعشرين للابنيتن الثلثان ستة عشر وللام السدس أربعة وللمراة الثمن ثلاثة والباقى وهو سهم العصبة ثم تزيد على ذلك مثل نصيب المرأة ثلاثة لوصيته بمثل نصيبها فيكون سبعة وعشرين تضرب ذلك في ثلاثة لوصيته بثلث ما بقي فيكون احدى وثمانين ثم تطرح ما زدنا وهو ثلاثة بقى ثمانية وسبعون فهو ثلث المال والثلثان ضعف ذلك مائة وسته وخمسون فيكون جملة المال مائتين وأربعة وثلاثين ومعرفة النصيب أن تأخذ النصيب وهو ثلاثة وتضربها في ثلاثة فيكون تسعة ثم في ثلاثة فيكون سبعة وعشرين ثم تطرح ثلاثة يبقى أربعة وعشرون فهو النصيب إذا رفعت ذلك من الثلث ثمانية وسبعين يبقي أربعة وخمسون للموصى له بثلث ما بقى ثلث ذلك وذلك ثمانية عشر يبقى ستة وثلاثون تضمها إلى ثلثى المال مائة وستة وخمسون فيكون جملته مائة واثنين وتسعين للمرأة ثمن ذلك وذلك أربعة وعشرون مثل ما أعطينا الموصى له بنصيبهما وقسمة الباقي بين الورثة معلومة كما بيناه * وطريق الجبر فيه أن تأخذ ثلث مال وتعطى بالوصية بالنصيب شيأ وبالوصية الاخرى ثلث ما بقى يبقى معك تسعا مال الا ثلثى شئ تضمه إلى ثلثى المال فيكون ثمانية أتساع مال الا ثلث شئ وذلك يعدل ثمانية أشياء لانا جعلنا النصيب شيأ ونصيب المرأة الثمن فعرفنا ان حاجة الورثة الي ثمانية أشياء فاجبر ثمانية أتساع مال بثلثي شئ وزد على ما يعدله مثله فيصير ثمانية أتساع مال بثلثي شئ وزد على ما يعدله مثله فيصير ثمانية اتساع مال يعدل ثمانية أشياء وثلثي شئ والمال ناقص فزد عليه مثل ثمنه وزد علي ما يعدله مثله وليس لثمانية وثلاثين ثمن صحيح فاضرب ثمانية أشياء وثلثي شئ في ثمانية فيكون سبعة وستين وثلثا وثم زد عليه مثل ثمنه

[ 60 ] وذلك ثمانية وثلاثون فيصير المال ثمانية وسبعين فهو المال الكامل الثلث من ذلك ستة وعشرون ومعرفة النصيب أنا جعلنا النصيب شيأ وضربنا كل شئ في ثمانية فعرفنا أن النصيب ثمانية إذا رفعتها من ستة وعشرين بقيت ثمانية عشر للموصى له بثلث ما بقى ذلك بقى اثنا عشر يضم ذلك إلى ثلثى المال اثنين وخمسين للمرأة الثمن ثمانية مثل النصيب والتخريج في الميراث كما بينا * ولو كان لرجل خمس بنين فأوصى لاحدهم بكمال الربع بنصيبه وبثلث ما بقى من الثلث الاخر فأجازوا فالفريضة من اثنى عشر النصيب اثنان ويكمله الربع واحد وثلث ما بقي من الثلث واحد * وتخريج المسألة على طريق الكتاب أن نقول المال لولا الوصية بين البنين الخمسة على خمسة لكل واحد منهم سهم فإذا أوصى لاحدهم بكمال الربع بنصيبه فهذه وصية منه للوارث ولا يصح ذلك بالاجازة الورثة فإذا أجازوا فالسبيل أن يطرح نصيب الابن الموصى له وهو سهم يبقى أربعة ثم يضرب ذلك في ثلاثة لوصيته بثلث ما يبقى من الثلث فيكون اثنى عشر فهو المال الثلث من ذلك أربعة والربع ثلاثة * ومعرفة النصيب أن تأخذ النصيب وهو واحد فتضربه في ثلاثة فيكون ثلاثة ثم تطرح منه واحدا يبقى اثنان فهو النصيب فإذا دفعت إلى الابن الموصى له كمال الربع وهو ثلاثة واسترجعت منه مقدار النصف وذلك اثنان بقى واحد فعرفنا أن وصيته بتكمله الربع واحد فإذا رفعت ذلك السهم من ثلث المال أربعة بقى ثلاثة للموصى له بثلث ما يبقى ثلث ذلك وهو سهم يبقي سهمان يضمهما إلى ثلثي المال ثمانية فيكون عشرة بين خمسة بنين لكل ابن سهمان مثل النصيب فإذا ضم الابن الموصى له هذين السهمين إلى السهم الذي أخذه بالوصية حصل له ثلاثة وذلك كمال ربع المال بنصيبه وطريق الجبر في ذلك أن تأخذ ثلث مال فتعطى الابن الموصى له ثلاثة أرباعه لانه أوصى له بكمال الربع بنصيبه ونحن نعلم أن الربع ثلاثة أرباع الثلث فلهذا تعطيه ثلاثة ارباع الثلث ثم تسترجع منه النصيب شيأ فتضمه إلى ما يبقى من الثلث وتعطي الموصى له الاخر ثلث ما يبقى وهو ثلث شئ وثلثي ربع اللثلث بقي معنا ثلثا ربع الثلث وثلثا شئ فتضم ذلك إلى ثلثى المال فيصير ثمانية اجزاء وثلث جزء من اثنى عشر جزأ من مال وثلثي شئ وذلك يعدل خمسة أشياء لانا جعلنا النصف شيأ فقلنا شئ قصاص بمثله يبقى ثمانية معنا أجزاء وثلثا جزء من اثنى عشر جزأ من مال يعدل ذلك أربعة أشياء وثلثا وأربعة وثلث مثل نصف ثمانية وثلاثين فيتبين أن كل جزء بمعنى شئ واحد وأنا في الابتداء أعطينا الابن ثلاثة أجزاء ثم استرجعنا منه بالنصيب شيأ وذلك بمعنى جزء يبقى له بالوصية بالتكملة

[ 61 ] جزء واحد فكان الباقي من الثلث ثلاثة اجزاء أعطينا الموصى له بثلث ما يبقى جزأ واحدا يبقى جزء وان ضممنا ذلك إلى ثلثى المال ثمانية أجزاء فيكون عشرة بين خمسة بنين لكل ابن جزآن مثل النصيب الذي جعلناه مستثنى وهو الشئ والله أعلم (باب العين بالدين) (قال رحمه الله) وإذا مات الرجل وترك ابنين له على أحدهما دين عشرة دراهم وترك عشرة عينا ولامال له غير ذلك ولا وارث له غيرهما وأوصى بالثلث فان الفريضة من ثلاثة الثلث واحد ولكل واحد من الابنين واحد فاطرح نصيب الذي عليه الدين واقسم العين على سهمين للموصى له خمسة وللابن خمسة وفي تخريج المسألة طريقان أحدهما أن حق الموصى له بالثلث في سهم من ثلاثة وحق كل ابن في سهم والابن المديون مستوف حقه مما عليه وزيادة فهو لا يزاحم الاخرين في قسمة العين ولكن العشرة العين بين الموصى له وبين الابن الذي لا دين عليه نصفان لاستواء حقيهما في التركة فإذا أخذ الابن الذي لادين عليه خمسة تبين أن الابن المديون صار مستوفيا مثل ذلك مما عليه خمسة وأن المتعين من التركة خمسة عشر أعطينا الموصي له بالثلث ثلث ذلك خمسة فاستقام إلى أن يتيسر خروج ما بقى من الدين فإذا تيسر ذلك أمسك الابن المديون تمام نصيبه مما عليه وذلك ستة وثلثان وأدى ثلاثة وثلثا فكان ذلك بين الابن الذي لا دين عليه وبين الموصى له نصفين كما كانت العشرة العين فاخذ الموصى له مرة خمسة ومرة درهما وثلثين وذلك ستة وثلثان ثلث العشرين وسلم لكل ابن ستة وثلثان * وطريق آخر أن الدين في حكم التاوى ما لم يخرج فلا يعتبر في القسمة ولكن العشرة العين تقسم أثلاثا فيأخذ الموصى له ثلثها ثلاثة وثلثا والابن الذي لا دين عليه مثل ذلك ويبقى ثلاثة وثلث نصيب الابن المديون الا أنه لا يعطى له ذلك فان لهما عليه هذا المقدار وزيادة وصاحب الدين متى ظفر بجنس حقه من مال المديون يكون له أن يأخذه فهما يأخذان ذلك بهذا الطريق فيقتسمانه نصفين لاستواء حقيهما في ذمته فحصل لكل واحد منهما خمسة الا أن يتيسر خروج ما بقى من الدين ثم القسمة كما بينا * وطريق الجبر فيه أن جزأ من الدين قد تعين باعتبار أنه نصيب الابن المديون وحاجتنا إلى معرفة مقدار ذلك فالسبيل أن تجعل الخارج من الدين شيأ وتضمه إلى العشرة العين فتقسم ذلك أثلاثا للموصى له الثلث وذلك ثلاثة دراهم

[ 62 ] وثلث ثلث شئ ولكل واحد من الاثنين مثل ذلك وحاجتنا إلى شيئين لانا جعلنا الخارج من الدين شيأ وهو نصيب أحد الاثنين فكان حاجتنا إلى ستين وثلثي شئ قصاص بمثله يبقى في يد الاثنين وسنة وثلثان وذلك يعدل شيأ وثلث شئ وإذا كانت ستة وثلثين يعدل شيأ وثلث شئ عرفنا أن الذي يعدل الشئ من الدراهم خمسة وانا حين جعلنا الخارج من الدين شيأ كان ذلك بمعنى خمسة دراهم ثم أعطينا الموصى له ثلث العشرة وثلث شئ وذلك خمسة دراهم ثم التخريج إلى آخره كما بينا وكذلك لو كانت الوصية بثلث العين والدين لان المتعين من الدين قدر الثلث وزيادة فيجب تنفيذ الوصية الموصى له باعتبار ما تعين من الدين فكان هذا والوصية بثلث المال سواء ولو لم يوص له بالثلث ولكنه أوصي له بربع ماله فالعين بين الموصى له وبين الابن الذي لا دين عليه على خمسة لان أصل الفريضة من ثمانية لحاجتنا إلى الحساب إذا رفعنا منه الربع يقسم ما بقى نصفين وذلك ثمانية للموصى له سهمان ولكل ابن ثلاثة ثم على أحد الطريقين تطرح السهام الابن المديون وتقسم العين بين الموصى له والابن الاخر على مقدار حقهما فيضرب الابن فيها بثلاثة والموصى له بسهمين فكانت القسمة على خمسة للموصى له خمسا العشرة وهو أربعة دراهم وللابن ثلاثة اخماسها ستة وظهر أن المتعين من الدين ستة باعتبار نصيب الابن المديون فيكون المتعين في الحاصل ستة عشر وقد نفذنا الوصية في ربعها أربعة إلى أن يتيسر خروج ما بقى فيمسك الابن المديون تمام نصيبه مما عليه وذلك سبعة ونصف ويؤدى درهمين ونصفا فيقسم ذلك بين الموصى له والابن الاخر على خمسة وخمسها وهو درهم للموصى له فقد أخذ أربعة مرة ومرة درهما وذلك خمسة كمال ربع العشرين وحصل للابن الاخر مرة سنة ومرة درهم ونصف وذلك سبعة ونصف وسلم للابن المديون مما عليه مثل ذلك فاستقام * وعلى الطريق الاخر لا يعتبر الدين في القسمة وتقسم العين بينهم على ثمانية للموصى له ربعها وذلك درهمان ونصف وللابن الذي لا دين عليه ثلاثة أثمانها وثلاثة أرباعها وللابن المديون مثل ذلك الا أنه لا يعطى له ذلك لان عليه لهما فوق ذلك فيستوفيان ذلك من حقهما ويقتسمانه أخماسا على مقدار حقهما في ذمته خمسا ذلك وهو درهم ونصف للموصى له فحصل له أربعة وثلاثة أخماسه درهمان ونصف وربع للابن الذى لادين عليه يحصل له ستة إلى أن يتيسر خروج بقية الدين ثم القسمة كما بينا * وعلى طريق الجبر يجعل الخارج من الدين شيأ ويضم العشرة إلى العين فيقسم بينهم للموصى له ربعها درهمان ونصف وربع شئ وللابنين ما بقي وحاجة

[ 63 ] الابنين إلى شيئين لانا جعلنا الخارج من الدين شيأ وفي يدهما ثلاثة أرباع شئ فيجعل ذلك قصاصا بمثله يبقى في يدهما سبعة دراهم ونصف يعدل شيأ وربع شئ فظهر أن الدين يعدل من الدراهم ستة وانا حين جعلنا الخارج من الدين شيأ كل ذلك بمعنى ستة دراهم ثم التخريج كما بينا ولو كان أوصى له بالخمس كان له ثلث العين وللابن ثلثاه لان أصل الفريضة من خمسة لحاجتنا إلى حساب له خمس صحيح وأقل ذلك خمسة للموصى له سهم والباقى وهو أربعة بين الاثنين نصفين فعلى احدى الطريقين يطرح نصيب الابن المديون ويقسم العين بين الموصي له والابن الاخر فيضرب الابن فيها بسهمين والموصى له بسهم فله ثلث العشرة العين وللابن ثلثاها فظهر أن المتعين من الدين ثلثاها أيضا ستة وثلثان وأن جملة أن العين ستة عشر وثلثان أخذ الموصى له خمس ذلك ثلاثة وثلثا إلى أن يتيسر خروج بقية الدين فيمسك الابن المديون حصته مما عليه وذلك ثمانية دراهم ويؤدى درهمين فيكون بين الاخرين على ثلاثة للموصى له الثلث وهو ثلثا درهم فقد أخذ مرة ثلاثة وثلثا ومرة ثلثى درهم فذلك أربعة خمس العشرين والباقى وهو ستة عشر بين الاثنين نصفان لكل واحد منهما ثمانية وقد أخذ الابن مرة ستة وثلثين ومرة درهما وثلثا وذلك كمال حقه وعلى الطريق الاخر الدين تاو فتقسم العين بينهما أخماسا يأخذ الموصى له خمسها درهمين والابن خمسها أربعة دراهم وذلك مثل نصيب الابن المديون الا أنه لا يعطي ذلك ولكنهما يأخذ انها قصاصا مما لهما عليه فيقتسمان ذلك أثلاثا على مقدار حقيهما فله ثلث ذلك وهو درهم وثلث للموصى له فقد أخذ مرة درهمين ومرة درهما وثلث ذلك ثلاثة وثلث أخذ الابن مرة أربعة ومرة درهمين وثلثين وذلك ستة وثلثان ثم التخريج كما بينا * وعلى طريق الجبر يجعل الخارج من الدين شيأ فتضمه إلى العشرة العين وتعطى الموصى له خمس ذلك درهمين وخمس يبقى في يد الاثنين ثمانية دراهم وأربعة اخماس وحاجتنا إلى شيئين وأربعة أخماس شئ فيجعل أربعة اخماس شئ قصاصا بمثلها يبقى في يدهما ثمانية دراهم يعدل شيأ وخمس شئ فظهر أن الدين يعدل الشئ ستة وثلثان وانا حين جعلنا للمتعين من الدين شيأ كان ذلك ستة وثلثين ثم التخريج كما ذكرنا ولو كان أوصى له بدرهم أو باكثر إلى خمسة دراهم أخذ وصيته كلها من العين لان الوصية بالدراهم المرسلة تنفذ من الثلث مقدما على حق الوارث وقد بينا أن ثلث ما تعين من المال خمسة لان جميع المتعين خمسة عشر وإذا كانت الوصية بخمسة دراهم أو أقل أمكن تنفيذها في الحال من ثلث

[ 64 ] العين فكذلك وجب تنفيذها بخلاف الاول فالموصى له بالثلث شريك الوارث في التركة (ألا ترى) ان هناك يزداد حقه بزيادة التركة وينتقص بنقصانها فلهذا كانت القسمة كما بينا ولو أوصى بالثلث وبالربع كان للابن نصف العين ونصف العين بين صاحبي الوصية على سبعة لصاحب الثلث أربعة ولصاحب الربع ثلاثة لان الوصيين حازا الثلث ولكن الوصية لا تنفذ في أكثر من الثلث المتعين من المال وقد بينا أن الثلث المتعين خمسة دراهم نصف العين فيعزل ذلك لتنفيذ الوصيتين ثم يضرب كل واحد منهما بجميع حقه فيحتاج إلى حساب له ثلث وربع وذلك اثنا عشر فثلثها أربعة وربعها ثلاثة فإذا ضرب كل واحد منهما بحقه كانت القسمة بينهما على سبعة أسهم لصاحب الثلث أربعة ولصاحب الربع ثلاثة * ولو أوصى لرجل بثلث العين ولاخر بربع العين والدين كان نصف العين بين صاحبي الوصية يضرب فيها صاحب العين بثلاثة وثلث وصاحب ربع العين والدين بخمسة لانه قد تعين من الدين مقدار خمسه فالموصى له بربع العين والدين يضرب في محل الوصية بجميع حقه وذلك خمسة دراهم والموصى له بثلث العين يضرب بجميع وصيته وذلك ثلاثة دراهم وثلث فيقسم محل الوصية وهو نصف العين بينهما على ثمانية وثلث ثم يحتسب الابن المديون نصيبه مما عليه ستة وثلثان ويؤدى ما بقى فيأخذ الابن نصفه وصاحب الوصية نصفه فيقتسمان ذلك بينهما على ثمانية وثلث كما فعلاه في القسمة الاولى ولو أوصى بربع العين لرجل وثلث العين والدين لاخر فان لاهل الوصية نصف الدين يضرب فيها صاحب ربع العين بجميع وصيته درهمين ونصف وصاحب ثلث العين والدين بجميع وصيته ستة وثلاثين لان المتعين من الدين فوق ثلثها فيكون محل الوصية بينهما على تسعة وسدس إلى أن يتيسر خروج ما بقى من الدين ثم التخريج كما بينا ولو لم يوص بهذا ولكنه أوصى بنصف المال كله الدين والعين وأجاز الابن المديون ولم يجز الاخر فان العين بين الابن وصاحب الوصية نصفان لانه لا معتبر باجازة الابن المديون في قسمة العين والابن الاخر لم يجز الوصية فكان الموصى له بالنصف في المقاسمة معه كالموصى له بالثلث فلهذا يقتسمان العين نصفين إلى أن يتيسر خروج الدين فحينئذ يحتسب للابن المديون نصيبه مما عليه خمسة لانه مجيز للوصية فيجعل في حقه كأنهما أجازا ولو أجازا كان للموصى له نصف المال عشرة وكل ابن خمسة فلهذا يحتسب للابن المديون خمسة ويؤدى مما بقي وهو خمسة فيأخذ الابن منها درهما وثلثين لانه لم يجز الوصية فيجعل في حقه كأنهما لم يجيزا

[ 65 ] وتمام حقه ستة وثلثان وقد وصل إليه خمسة فيأخذ الاب درهما وثلثين كما حقه ويأخذ صاحب الوصية ثلاثة وثلثا فحصل للموصى له ثمانية وثلث وسبعة وثلثان بلا منه أحد لانه ثلث جميع المال ودرهم وثلثان حصة المجيز فضل ما بين الثلث والنصف لان ذلك الفضل ثلاثة وثلث فحصة المجيز نصفها درهم وثلثان * ولو ترك ابنا وامرأة وعشرة دراهما عينا وعشرة على امرأته دينا وأوصى لرجل بدرهمين ولاخر بما بقى من الثلث ولاخر بالربع فأبوا أن يجيزوا فان الفريضة من اثنى عشر الثلث أربعة وللمرأة الثمن بعد الثلث وذلك سهم فاطرح نصيبها لان عليها فوقها واقسم العين على أحد عشر سهما سبعة للابن والاربعة لاهل الوصية فإذا تبين محل الوصية بهذه القسمة يضرب فيها صاحب دين درهمين وصاحب الربع بما أصاب ثلاثة ولم يرد بقوله بضرب صاحب الربع ثم ما أصاب ثلاثة دراهم وانما راد به ثلاثة أسهم من سهام الفريضة فقد سمى له الربع وذلك ثلاثة اسهم من اثنى عشر وقد فسره في كتاب العين والدين كذلك إلى أن يتيسر خروج الدين فحينئذ المرأة يحسب نصيبها مما عليها وذلك درهم وخمسة اثمان وثلث لان الوصايا قد استغرقت الثلث فان ميراثها ثمن الثلثين وثلثا المال ثلاثة عشر وثلث وثمن ذلك درهم وخمسة أثمان وثلث درهم فهما سواء ويؤدى ما بقي فيكون بين الابن وصاحب الوصية بالربع وصاحب الوصية بالدرهمين مقسموما على نحو ما بينا في العشرة العين ولا شئ لصاحب الوصية مما بقى لانه لم يبق من الثلث بعد الوصيتين شئ فثلث المال ستة وثلثان واحدى الوصيتن درهمان والاخرى الربع خسمة فذلك سبعة فعرفنا أن الوصيتين جاوزتا الثلث فلا يكون لصاحب ما بقى شئ * ولو ترك ابنين وعشرة عينا وعشرة على أحد ابنيه دينا وأوصى لرجل بثلث العين والاخر بربع الدين فان العين تقسم أثلاثا فيأخذ صاحب ثلث العين ثلثها والابن الذي لا دين عليه ثلثها ويبقي ثلثها نصيب الابن المديون فلا يعطى ذلك بل يضرب فيها الابن بما بقي له وصاحب الوصية بالدين بربع الدين لانه قد تعين من الدين ربعها وزيادة فيضرب هو بجميع وصيته ويقسم نصيب الابن المديون وذلك ثلاثة وثلث بينهما على هذا ولا شئ للموصى له بثلث العين من هذا لانه قد استوفى كمال حقه فإذا تيسر خروج الدين أمسك الابن المديون نصيبه مما عليه وذلك سبعة وقيراط لانه أوصى بثلث العين وهو ثلاثة وثلث وربع الدين وذلك درهمان ونصف فيكون خمسة وخمسة أسداس وذلك دون جميع المال فيعطى كل واحد منهما كمال حقه يبقى أربعة عشر درهما وسدس بين الابنين نصفين

[ 66 ] لكل واحد منهما سبعة وقيراط والقيراط نصف السدس فلهذا قال يمسك للابن المديون نصيبه مما عليه سبعة وقيراط ويؤدي ما بقي فيقتسمه صاحب ربع الدين والابن الذي لادين عليه على ما بقى لكل واحد منهما كما كانا اقتسما ثلث العين بينهما على مقدار حق كل واحد منهما فقد خرج جواب هذه المسائل في كتاب العين والدين بخلاف هذا وما ذكرنا هناك ادق نبين ذلك إذا انتيهنا إليه ان شاء الله * ولو ترك ابنين له على أحدهما عشرة دراهم دينا وترك عشرة عينا وترك رجلين غريمين على كل واحد منهما عشرة دراهم فأوصى لكل واحد من الغريمين بما على صاحبه وأوصى لاخر بثلث العين فجاء أحد الغريمين بما عليه فاداه والاخر لا شئ له فان هذه العشرة العين والعشرة التي على الابن عين كلها تقسم على ستين سهما فيأخذ أهل الوصية ما أصاب ثلاثة عشر وثلثا ويأخذ الابنان ما أصابا ستة وأربعين وثلثين لكل ابن ثلاثة وعشرون وثلث والوجه في تخرج المسألة أن نقول وصيته لكل واحد من الغريمين بما على صاحبه ووصيته لكل واحد منهما بما عليه سواء لانه لا فائدة في أن يأخذ كل واحد منهما من صاحبه مثل ما يعطيه فلان حق كل واحد منهما دين في ذمة صاحبه وقد ظفر كل واحد منهما بجنس حقه مما هو لصاحبه وهو ما في ذمته ولو كان في يده كان له أن يأخذه قضاء من حقه فإذا كان في ذمته يتملكه أيضا قضاء لحقه إذا عرفنا هذا فنقول حين أدى أحدهما ما عليه فقد صار المال العين عشرين فتبين أن جميع الدين الذي على الابن الاخر قد تعين لان الوصية لا تنفذ في أكثر من الثلث وإذا ضممنا ما على الابن إلى العين كان ثلث الجملة عشرة ونحن نتيقن ان مقدار الثلث يسلم للابن المديون فلهذا تعين جميع ما عليه ثم حق الموصى له بثلث العين في ثلاثة وثلث حق كل واحد من الغريمين في عشرة وذلك ثلاثة وعشرون وثلث وإذا صار الثلثى بين أصحاب الوصايا على ثلاثة وعشرين وثلث فالثلثان ستة وأربعون وثلثان فالجملة سبعون الا أنه يطرح نصيب الغريم المفلس لان عليه فوق حقه وزيادة فلهذا جعلت القسمة فيما بقي وهو ستة وأربعون وثلثان بين الابنين نصفين لكل واحد منهما ثلاثة وعشرون وثلث فيحسب للابن المديون مما عليه ويستوفى الفضل من العين ويحسب للغريم المقدم نصيبه مما عليه فيحصل تنفيذ الوصية في ثلاثة وعشرين وثلث وللاختصار وجه بان يجعل كل ثلاثة وثلث سهما فيكون حق أصحاب الوصايا سبعة أسهم والجملة على أحد وعشرين وثلثين ثم يطرح نصيب المقدم ثلاثة ويقسم الثلثان على ثمانية عشر سهما فيكون كل سهم من

[ 67 ] ذلك درهما وثلثين فيحصل للموصى له ثلث العين درهم وثلثان وللموصى له المؤدى خمسة دراهم ولكل واحد من الابنين أحد عشر فيستوفى الابن الذي لا دين عليه أحد عشر وثلثين فيستوفى المديون درهما وثلثين فيسلم له ما عليه وهو عشرة ويحسب للموصى له المقدم كما عليه خمسة أيضا فيحصل تنفيذ الوصية في أحد عشر وثلثين ويسلم للابنين ضعف ذلك إلى أن يتيسر خروج ما بقى من الدين فحينئذ يقسم الكل على أحد وعشرين سهما فيمسك الغريم المديون نصيبه مما عليه ويؤدى ما بقى فيقتسمه أهل الوصية والورثة على ما اقتسموا عليه قبل ذلك * ولو ترك ابنين وعشرة دينا على أحدهما وعشرة عينا وأوصى لرجل بثلثي الدين فنصيب العين للابن الذي لا دين عليه والنصف الاخر هو نصيب الذي على الدين فكأنه خرج عليه مما عليه فيبدأ بصاحب الوصية ويأخذ الخمسة كلها لان الوصية في محل غير مقدم في التنفيذ على حق الورثة إذا كان يخرج من الثلث وهاهنا مقدار الخمسة يخرج من الثلث فباعتبار ما تعين من الدين وهو نصيب الابن المديون فيأخذ الموصى له ذلك إذ لا فائدة في أن يدفع ذلك إلى المديون ثم يسترده باعتبار دينه قبله فإذا تيسر خروج ما على المديون يحسب الذي عليه الدين نصيبه مما عليه ستة وثلاثين فيؤدى الفضل ثلاثة وثلثا ويقتسمانه نصفين كما اقتسما العشرة العين فيحصل للموصى له ستة وثلثان مقدار ثلثى الدين وهو ثلث جميع المال ويسلم لكل ابن ستة وثلثان ولو أوصى مع هذا بثلث العين لاخر فان نصف العين بين صاحبي الوصية لان الوصية انما تنفذ من الثلث وباعتبار ما تعين من الدين ثلث المال نصف العين ثم يضرب فيه صاحب ثلث العين بثلاثة وثلث وصاحب ثلثي المال بثلاثة وثلث فيقتسمانه نصفين ويجب للذي عليه الدين نصيبه مما عليه ستة وثلثان ويؤدى ثلاثة وثلثا فيأخذ الابن نصفها وصاحب الوصية نصفها بينهما نصفان قال الحاكم الجليل رحمه الله وهذا الجواب على هذا السؤال غلط لانه أوصى لاحدهما بثلثي الدين فاما أن يضرب بجميع وصيته ستة وثلاثين أو بما تعين من الدين خمسة فاما أن يضرب بثلاثة وثلث كما يضرب به صاحب ثلث العين فهذا لا معنى له وقد أجاب بمثله في كتاب العين والدين وإذا كانت الوصية بثلث الدين وهو صواب لان ثلث الدين وثلث العين سواء لكن مشايخنا رحمهم الله على تصويب الحاكم فيما ذكر * قال رحمه الله ولما ذكره في الكتاب وجه صحيح أيضا فان نصف الدين صار في حكم المتعين ولو تعين جميعه لكان الموصى له بثلثي الدين يضرب في محل الوصية

[ 68 ] بستة وثلاثين فإذا تعين نصفه فانما يضرب بثلاثة وثلين * يوضحه أن المتعين من الدين في حق وصية صاحب الدين لا يزيد على ستة وثلث لان وصية الموصى له بثلث العين في ثلث العين مقدم وانما يبقي للابنين ثلثا العين بينهما نصفين لكل واحد منهما ثلاثة وثلث والمتعين من الدين في حق الموصى له بالدين قدر نصيب الابن المديون من العين وذلك ثلاثة وثلث فلهذا قال يضرب بثلاثة وثلث في محل الوصية كما يضرب الموصى له بثلث العين ولكن هذا مستقيم قبل أن يخرج ما بقي من الدين فبعد خروج الدين لا وجه للقسمة بينهما مناصفة الا أن تكون المسألة على ما ذكره في كتاب العين والدين أوصى لاحدهما بثلث الدين ولاخر بثلث العين ولو ترك مع هذا ثوبا قيمته خمسة دراهم فأوصى لرجل بثلث ماله وأوصى لاخر بالثوب فان نصيب الثوب من الثوب أربعة غير ربع ونصيب صاحب الثلث أربعة غير ربع ويكون ثلث ذلك في الثوب وثلثاه في العشرة ويأخذ الابن الذي لادين عليه سبعة ونصفا ويأخذ ما بقي من الثوب وتمام سبعة ونصف مما بقى من العشرة ويحسب للذي عليه الدين نصيبه ثمانية وثلثا إلى آخره ووجه تخريج المسألة ان تقول اجتمع في الثوب وصيتان وصية بجميعه وبثلثه فتكون القسمة على طريق المنازعة عند أبى حنيفة رحمه الله ويكون الثوب بينهما على ستة خمسة للموصى له بالثوب وسهم للموصى له بالثلث ثم كل خمسة من العشرة العين تكون على ستة وذلك اثنا عشر للموصى له بالثلث من ذلك أربعة تبلغ سهام الوصايا عشرة وحق الورثة في ضعف ذلك عشرين الا أنه يطرح سهام الابن المديون في الحال ويقسم العين وهو خمسة عشر درهما في الحاصل سبعة ونصف للابن الذي لا دين عليه والثوب مع درهمين ونصف بين الموصى لهما نصفان نصف ذلك وهو ثلاثة وثلث وثلاثة ارباع للموصى له بالثوب كله في الثوب ونصفه وهو ثلاثة وثلث وثلاثة أرباع للموصى له بثلث المال ثلث ذلك في الثوب وثلثاه في العشرة على حساب أصل حقه في الثوب والعشرة فيسلم له من العشرة درهمان ونصف ومن الثوب قدر درهم وربع إلى أن يتيسر خروج الدين هذا كله مستقيم الا حرفا وقع فيه الغلط من جهة الكتاب وهو أنه قال يأخذ الابن الذي لادين عليه ما بقى من الثوب وتمام سبعة ونصف مما بقى من العشرة ولم يبق من الثوب شئ لان ثلاثة أرباع الثوب أخذه الموصى له بالثوب وربعه أخذه الموصى له بثلث المال على ما بينا من تخريج قول أبى حنيفة وكذلك عندهما لو قسمنا الثوب على طريق العول يكون الثوب بينهما هكذا فاى شئ بقي من الثوب حتى يأخذه

[ 69 ] الابن فعرفنا ان الصحيح أنه يأخذه سبعة ونصفا من العشرة العين فإذا تيسر خروج الدين فنقول جملة المال خمسة وعشرون وانما تنفذ الوصية في ثلثها وذلك ثمانية وثلث ويكون نصيب كل ابن ثمانية وثلثا أيضا فيحسب للابن المديون نصيبه مما عليه ويؤدى درهما وثلثين ثم يستقبل القسمة في الثلث وهو ثمانية وثلث بين صاحبي الوصية ويضرب معه فيها صاحب الثوب بخمسة اسداس الثوب وذلك أربعة دراهم وثلث ويضرب معه الاخر بسبعة ونصف وذلك ثلث العشرين ستة وثلثان وسدس الثوب خمسة اسداس الثوب فيكون سبعة ونصفا فما أصاب صاحب الثوب كان في الثوب وما أصاب الاخر كان في الثوب له من ذلك خمس ما بقى منه والباقى من نصيبه في الدراهم لان حقه في الاصل كان في الثوب في ثلاثة مقدار ذلك درهم وثلثان وفي المال ستة وثلثان فإذا جعلت كل درهم وثلثين سهما يكون ذلك أربعة فعرفنا ان أصل حقه في المحلين أربعة أخماس خمس نصيبه في الثوب وأربعة أخماسه في الدراهم وان شئت قلت يأخذ من الثوب مثل ثلث ما أصاب صاحب الثوب ويأخذ ما بقى من الدراهم وهذا والاول في المعنى سواء إذا تأملت وان مثل ثلث ما أخذه صاحب الثوب خمس حق صاحب ثلث المال وإذا ترك ابنين ومائتي درهم عينا وثلثمائة درهم على أحد ابنيه دينا وسيفا قيمته مائة فأوصى لرجل بالسيف ولاخر بثلث العين فلاهل الوصية نصف العين يضرب فيه صاحب السيف بخمسة أسداس السيف وصاحب الثلث بسدس السيف وثلث المائتين إلى آخره لان قسمة السيف بينهما على طريق المنازعة عند أبى حنيفة وقيمة السيف على ستة خمسة اسداسه لصاحب السيف وسدسه لصاحب ثلث العين ثم صار كل مائة من العين على ستة أيضا فذلك اثنا عشر للموصى له بالثلث ثلث ذلك أربعة فتكون سهام الوصيتين عشرة وإذا صار الثلث عشرة فالثلثان عشرون ثم يطرح سهام الابن والمديون لان عليه فوق حقه وتقسم العين بين الابن الذي لا دين عليه وبين الموصى لهما نصفين للموصى لهما بالسيف قدر الخمسين من المائتين وللابن الذي لا دين له قدر مائة وخمسين من العين ويحسب للمديون مثله مما عليه فيستقيم الثلث والثلثان ثم المعزول لتنفيذ الوصية بين الموصى لهما نصفان لاستواء حقهما نصف ذلك وذلك خمسة وسبعون للموصى لهما بالسيف كله في السيف وذلك ثلاثة أرباع السيف ونصف ذلك للموصى له بثلث العين ثلث ذلك في السيف وذلك خمسة وعشرون وثلثاه في المائتين وذلك خمسون على مقدار أصل حقه في المحلين إلى أن يتيسر خروج الدين فحينئذ يحسب للابن

[ 70 ] المديون نصيبه مما عليه مائتا درهم لان جملة المال خمسمائة والسيف وقيمته مائة وذلك ستمائة تنفذ الوصية في ثلثها ويسلم لكل ابن ثلثها وذلك مائتا درهم ويؤدى مائة فإذا أداها اقتسموا الثلث بينهم فيضرب فيه صاحب السيف بخمسة اسداس السيف وصاحب الثلث بسدس السيف وثلث خمسمائة فما أصاب صاحب السيف كان في السيف وما أصاب صاحب الثلث كان في السيف أو نقول الابن الاخر يأخذ من هذه المائة ما بقي من حقه وذلك خمسون درهما لانه وصل إليه مائة وخمسون وحقه مائتين لم يستقبل قسمة الثلث بين صاحبي الوصية على نحو ما ذكره * قال الحاكم الجليل رحمه الله قوله يضرب بثلث خمسمائة خطأ بين لانه انما أوصى له بثلث العين فكيف يضرب بثلث العين والدين وقوله يضرب بسدس السيف أيضا غير سديد لان الوصية بثلث العين لا تقع على العروض وانما تقع على النقد خاصة وقد ذكر نحو هذه المسألة في كتاب العين والدين فقال لو أوصى له بثلث العين وبثلث كذا وسمى تلك العروض وإذا حمل على ذلك وجب تنفيذ وصيتهما إذا خرج من الدين ثلاثة وثلاثون وثلث لان وصيتهما تخرج الان من ثلث ما يعين من المال أما طعنه في اللفظ الاول فهو على ماقاله وأما طعنه في اللفظ الثاني ففيه نظر لان اسم العين فيما هو متعين بمنزلة اسم المال فيما هو متمول واسم المال في الوصية يقع على كل ما يتمول مال الزكاة وغيره فيه سواء وان كان في بعض المواضع يختص بمال الزكاة فكذلك اسم العين في الوصية يقع على كل متعين النقد والنسيئة فيه سواء وكانه بالغ في البيان في كتاب العين والدين فسمى ذلك العروض لازالة هذا الابهام وأما قوله إذا خرج من الدين ثلاثة وثلاثون وثلث فقد وجب تنفيذ وصيتهما فهو مستقيم وبيانه أن جملة العين من المال ثلثمائة درهم وثلاثة وثلاثون وثلث وانما يعزل ذلك لتنفيذ الوصيتين اللتين كانتا بالسيف وقيمته مائة وبلثث المائتين وذلك ستة وستون وثلثان فعرفنا أن بخروج ثلاثة وثلاثين وثلث من الدين يجب تنفيذ الوصيتين وأنه يتعين مما بقى من الدين مثل نصف العين بسبب الابن المديون * ولو ترك ابنين وامرأة وعلى امرأته عشرة دينا وعلى أحد ابنيه دين عشرة وترك ثوبا يساوى خمسة وأوصى بالثوب إلى لرجل فان الثوب يقسم بين الموصى له والابن الذي لادين عليه على خمسة عشر سهما لصاحب الوصية ثمانية وللابن سبعة لان الفريضة انما تستقيم من أربعة وعشرين للموصى له ثمانية وللمرأة ثمن ما بقى سهمان ولكل ابن سبعة ثم تطرح سهام الابن وسهام المرأة لان عليها فوق ذلك يبقى الثوب فيضرب

[ 71 ] فيه الابن الذي لادين عليه بمقدار حقه وهو سبعة والموصى له بثمانية فيكون بينهما على خمسة عشر سهما ويحسب للابن المديون نصيبه مما عليه وكذلك للمرأة نصيبها مما عليها فتستقيم القسمة إلى تيسر خروج الدينين فحينئذ يسلم لصاحب الثوب جميع الثوب لانه موصى له بالعين وقيمته دون الثلث فيكون حقه فيه مقدما على حق الوارث ويبقى المال عشرين درهما للمرأة الثمن درهمان ونصف يمسك ذلك مما عليها ويؤدى سبعة ونصفا ولكل ابن ثمانية وثلاثة أرباع فيمسك الابن المديون مما عليه نصيبه ويؤدى درهما وربعا فيحصل في يد الابن الذي لا دين عليه ثمانية وثلاثة أرباع مثل ما حبسه المديون فاستقام * ولو مات وترك ابنين وامرأتين على احداهما مائة درهم وعلى أحد ابنيه مائة درهم وتلك خادما تساوي مائة درهم فأعتقها عند الموت فان الخادم تسعى في نصف قيمتها لان العتق في مرض الموت وصية فتنفذ من الثلث وثلث ماله نصف العين وهو نصف رقبتها فيسلم لها ذلك وتسعى في نصف قيمتها للمرأة من ذلك ثمنه وللابن سبعة أثمانه فتصير المرأة المديونة مستوفيه مما عليها مثل ما وصل إلى المرأة الاخرى والابن المديون مستوف مما عليه مثل ما وصل إلى الابن الاخر فيستقيم الثلث والثلثان إلى أن يتيسر خروج الدينين فحينئذ يرد على الخادم ما اخذ منها من السعاية لانه تبين أن جميع المال ثلثمائة وقيمتها مائة فهي خارجة من الثلث فيرد عليها ما أخذ منها والمال المقسوم بين الورثة مائتا درهم ثمن ذلك للمرأتين وذلك خمسة وعشرون لكل واحدة منهما اثنا عشر ونصف فتمسك المديونة مما عليها مقدار حقها تؤدى سبعة وثمانين ونصفا إلى الابن الذي لادين عليه ويمسك الابن المديون نصيبه مما عليه سبعة وثمانين ونصفا و يؤدى ما بقى اثنا عشر ونصف إلى المرأة التى لا دين عليها فقد وصل إلى كل واحد منهما كمال حقه * قال وإذا ترك ابنين على كل واحد عشرة وترك رجلين على كل واحد منهما عشرة وأوصى لكل واحد من الرجلين بما على صاحبه وأوصى لاخر بالثلث ثم أدى أحد الرجلين فان هذه العشرة والعشرين التي على الابنين يجمع كله فيقسم بين الورثة وبين صاحب الثلث والذى أدى العشرة على ثلاثة وأربعين سهما لان وصيته لكل واحد منهما بما على صاحبه ووصيته بما عليه سواء وباداء أحدهما صار ما على الابنين في حكم المتعين أما من حيث الظاهر فلان الوصية تنفذ من الثلث والثلثان يسلم لهما وذلك مقدار ما عليهما فمن حيث الحقيقة نصيب كل واحد منهما بالقسمة أكثر مما عليه وبيان ذلك أن العشرة التى أدى أحد الغريمين صارت بين الموصى له

[ 72 ] بالثلث وبين المؤدى أسداسا فباعتبار القسمة على طريق المنازعة عند أبى حنيفة له السدس وللمؤدي خمسة وللاخر مما عليه مثل ذلك خمسة للموصى له بالثلث سهم وكذلك ما كان على كل ابن يصير ستة فذلك اثنا عشر للموصى له بالسدس أربعة فجملة ما للموصى له بالثلث ستة ولكل واحد من الاخوين خمسة فذلك ستة عشر هذا مبلغ سهام الثلث والثلثان ضعف ذلك اثنان وثلاثون الا أن نصيب الغريم الذي لم يؤد يطرح وذلك خمسة يبقى للاخوين أحد عشر سهما وللورثة اثنان وثلاثون وذلك ثلاثة وأربعون سهما أحد عشر من ذلك لاصحاب الوصيتين لصاحب الوصية بالثلث ستة ولصاحب العشرة خمسة وللورثة اثنان وثلاثون ونحن نعلم أن اثنين وثلاثين من ثلاثة وأربعين أكثر من ثلاثة فتبين أن نصيب كل واحد منهما فوق ما عليه فلهذا جعل ما عليهما كالمتعين في القسمة فإذا قدر الاخر على الاداء يحسب له نصيبه مما عليه وذلك أن يقسم المال أربعين درهما على ثمانية وأربعين سهما فيمسك نصيبه مما عليه خمسة ويؤدى ما بقى فيقسم بينهم على ثلاثة وأربعين سهما كما بينا في القسمة الاولى * ولو مات وترك ابنين وامرأة وخادما يساوى مائة درهم وترك على رجل مائة درهم وأوصى للرجل بما عليه وأوصى أن يعتق الخادم فان الخادم يعتق منها خمسها وتسعى في أربعة أخماسها للورثة لان الوصية بالعتق تقدم بالتنفيذ على سائر الوصايا فوصية الخادم مثل وصية الرجل الاخر لان قيمتها مثل ما أوصى به للاخر فكان الثلث بينهما على سهمين والثلثان أربعة الا أنه يطرح سهم المديون لان عليه فوق نصيبه ويبقى الخادم فتضرب هي بسهم فيها والورثة بأربعة فلهذا يعتق خمسها وتسعى للورثة وتسعى في أربعة أخماس قيمتها فإذا أدى المديون ما عليه يحسب له نصيبه مما عليه وذلك في الحاصل ثلث ما عليه نصف ثلث جميع المال ويؤدى ما عليه ويدفع من ذلك إلى الخادم تمام الثلث من قيمتها ويأخذ الورثة الفضل فحصل للورثة من جهة كل واحد منهما ستة وثلاثون وثلثان ونفذ بالوصية لهما في ستة وستين وثلثين لكل واحد منهما وثلاثة وثلاثون وثلث هذا قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله فأما قول أبى حنيفة رحمه الله فبخلاف هذا ذكره في كتاب العين والدين فقال ان الخادم يسعى في عشرة أجزاء من ثلاثة عشر جزأ من قيمتها لان من أصله أن الموصى له بما زاد على الثلث عند عدم اجازة الورثة لا يضرب بما زاد على الثلث من وصيته والموصى له بالعتق يضرب بجميع وصيته في الثلث وههنا أوصى لكل واحد منهما بنصف المال والمديون انما يضرب في الثلث

[ 73 ] بمقدار ثلث المال وذلك ستة وستون وثلثان والخادم تضرب بجميع قيمتها وهو مائة فإذا جعلت كل ثلاثة وثلاثين وثلث سهما صار ذلك خمسة أسهم للخادم ثلاثة وللمديون سهمان والثلثان عشرة ثم يطرح نصيب المديون ويضرب الورثة في الخادم بعشرة والخادم بثلاثة فلهذا قال تسعى في عشرة أجزاء من ثلاثة عشر جزأ من قيمتها إلى أن يتيسر خروج الدين فحينئذ تكون القسمة بينهم على خمسة عشر فإذا قسمت الديون يصيبه مما عليه ستة وعشرون وثلثان لان له سهمين من خمسة عشر فإذا قسمت المائتين على خمسة عشر كان كل سهم من ذلك ثلاثة عشر وثلثا فلهذا يمسك ستة وعشرين وثلثين ويؤدى ما بقى فإذا أداه رد على الخادم إلى تمام أربعين درهما لان حقه في خمس المال في الحاصل وذلك ثلاثة من خمسة عشر وخمس المائتين أربعون فقد نفذنا الوصية لهما في ستة وستين وثلثين وأخذ الورثة من الخادم ستين درهما ومن المديون ثلاثة وسبعين وثلثا فذلك مائة وثلاثة عشر وثلث ضعف ما نفذنا فيه الوصية فاستقام * ولو ترك ابنين والفين عينا وألفا دينا على رجل وأوصى لصاحب الدين بما عليه وأوصى لاخر بالف من العين فانه يأخذ الموصى له بالعين أربعمائة لان الثلث بينه وبين الموصى له المديون على سهمين فتكون الفريضة من ستة يطرح سهم المديون وتقسم العين بين الاثنين والموصى له بالعين على خمسة للموصى له بالعين خمسها وخمس العين أربعمائة فإذا خرج الدين فالموصى له المديون يحبس مما عليه مقدار حقه وذلك خمسمائة درهم نصف الثلث ويؤدى ما بقى فيقسم بينه وبين الورثة على خمسة له الخمس منه حتى يصير مستوفيا الخمسمائة كمال حقه ويحصل تنفيذ الوصية لهما في ألف ويسلم للورثة ألفان ولو كان أحد الالفين دينا على أحد الابنين كان لصاحب الوصية من الالف العين ثلثها لان الابن المديون مستوف حقه مما عليه فيطرح نصيبه وذلك سهمان يبقى للابن الاخر سهمان وللموصى له بثلث العين سهم فكانت القسمة في الالف العين بينهما على ثلاثة ثلثها إلى أن يتيسر خروج الدينين فحينئذ يحسب للابن المديون نصيبه مما عليه وهو ثمانمائة درهم ويؤدى ما يبقى فيكون بينهما على ثلاثة فيأخذ الموصى له نصيبه من ذلك والموصى له الاخر يمسك نصيبه مما عليه خمسمائة ويؤدى ما بقى فيكون بينهم على خمسة للابنين أربعة وللموصى له بثلث العين واحد فيسلم في الحاصل لكل واحد من الابنين ألف درهم وقد نفذنا الوصية لهما في ألف لكل واحد منهما خمسمائة وانما جعل نصيب الابن المديون مما عليه ثمانمائة قبل أداء الموصى له المديون لان ما عليه يضم إلى الالف

[ 74 ] العين ثم يقسم بين الموصى له بالثلث وبين الابنين على خمسة فللابن المديون خمسا ذلك وذلك ثمانمائة فلهذا قال يحسب له ثمانمائة ويؤدى مائتين والله أعلم بالصواب (باب الدعوى من بعض الورثة للوارث) (قال رحمه الله) وإذا مات الرجل وترك ابنين فادعى أحدهما أختا يعنى بنتا للميت وكذبه الاخر فان الاخت تأخذ من المقر بها ثلث ما في يده عندنا وقال ابن أبى ليلى خمس ما في يده لانها انما تأخذ منه الفاضل على نصيبه بزعمه بما في يده وأصل التركة بزعمه على خمسة لكل ابن سهمان وللاخت سهم وفي يده نصف المال سهمان ونصف فالفاضل على نصيبه بزعمه نصف سهم من سهمين ونصف وذلك خمس ما في يده يوضحه أنه أقر لها بسهم من جميع التركة نصف ذلك السهم في يده ونصفه في يد أخيه والاخ يظلمها بالجحود فليس لها أن تأخذ شيأ مما لها في يد الجاحد وانما تأخذ من المقر مقدار مالها من الحق وفي يده وذلك نصف سهم خمس ما في يده * وجه قولنا ان الذي في يد المقر جزء من التركة وفي زعمها ان حقها في التركة في سهم وحق المقر في سهمين وزعمه معتبر في حقه فيضرب كل واحد منهما فيما في يده بحصته فيكون بينهما أثلاثا وهذا لان الجاحد استوفى زيادة على حقه فيجعل ذلك في حقه بمنزلة ما لو غصبه غاصب فلا يكون ضرره على بعض الورثة دون البعض والحاصل انه يجعل الجاحد مع ما في يده في حق المقر كالمعدوم فكأن جميع التركة ما في يد المقر وهو الوارث خاصة فيقسم ذلك بينه وبين أخته * أثلاثا ولو لم يقر باخت وأقر بزوجة لابيه أعطاها سبعى ما في يده لانه زعم أن الميت ترك ابنين وامرأة فتكون الفريضة من ستة عشر للمرأة سهمان ولكل ابن سبعة فتضرب هي فيما يده بسهمين وهو بسبعة فيعطيها سعى ما في يده وعند ابن أبى ليلى ما فضل نصيبه مما في يده وذلك نصف الثمن ولو كانت له امرأة معروفة سواها فان المقر يعطى هذه التي أقر بها مما في يده لان بزعمه الفريضة من ستة عشر لكل امرأة سهم ولكل ابن سبعة فهو يضرب فيما هو في يده بسبعة والمقر لها بسهم فيعطيها ثمن ما في يده * ولو ترك ابنا وبنتا وزوجة فادعت الابنة أختا لها أعطتها نصف ما في يدها لانها تزعم ان حقهما في التركة سواء فان كانت أقرت باخ لها أعطت ثلثى ما في يدها لانها تزعم أن حقه في التركة ضعف حقها ولو تركت زوجا وأما وأختا فادعت الاخت أخا وأقر بذلك الزوج وجحدت

[ 75 ] الام فالفريضة من عشرين لان الفريضة بزعم الام تستقيم على ثمانية وأصلها من ستة للزوج النصف ثلاثة وللام الثلث سهمان وللاخت النصف ثلاثة فتكون القسمة من ثمانية لها سهمان وهو الربع وعلى زعم الزوج والاخت الفريضة من ستة للزوج النصف ثلاثة وللام السدس سهم والباقي بين الاخ والاخت أثلاثا فانكسرت بالاثلاث فاضرب سنة في ثلاثة فتكون ثمانية عشر للام ثلاثة وللزوج تسعة وللاخ أربعة سهمان فاقرار الاخ والاخت ولا يكون معتبرا في حق الام في حق الام وحجودها لا يكون معتبر في حقها فتجعل في حق المقرين القسمة على الفريضة الثانية فحقها خمسة عشر وفي حق الام تجعل القسمة على الفريضة الاولى وحقها ربع المال فالسبيل أن يضم إلى خمسة عشر مثل ثلاثة حتى لا يكون المضموم ربع المبلغ وهو نصيب الام ومثل ثلاثة خمسة فإذا ضممت خمسة إلى خمسة عشر كان عشرين للام خمسة فإذا أخذت نصيبها قسم ما بقى وهو خمسة عشر على ما اتفقوا عليه للزوج سبعة وللاخ أربعة وللاخت سهمان * ولو تركت زوجا وأختا فاقر الزوج أن لها أخا وجحدت الاخت فان الزوج يعطيه خمسى ما في يده لان بزعمه الفريضة من ستة له ثلاثة وللاخ سهمان فيقسم ما في يده بينهما باعتبار زعمه فلهذا يأخذ خمسى ما في يده وكذلك لو أقر باخت مثل الاخت المعروفة لاب وأم أو لاب أعطاها خمس ما في يده وكذلك لو أقر باخت مثل الاخت المعروفة لاب وأم أو لاب فالفريضة من ستة للزوج ثلاثة وللاختين الثلثان أربعة يعول بسهم وهو يزعم أن حقها في سهمين وحقه في ثلاثه فيعطيها خمس ما في يده * ولو تركت زوجا وأختا لاب وأم فأقر الزوج باخت لاب أعطاها ربع ما في يده لانها خلفت بزعمه زوجا وأختا لاب وأم وأختا لاب فللزوج النصف ثلاثة وللاخت لاب وأم ثلاثة وللاخت لاب السدس تكملة الثلثين سهم فهي تضرب فيما في يده بسهم وهو بثلاثة فلهذا يعطيها ربع ما في يده وكذلك لو أقر باخ أو أخت لام لان نصيب المقر له سهم بزعمه وهو السدس وان أقربهما لام أعطاها خمسى ما في يده لانه يقول تركت زوجا وأختا لاب وأم وأخا واختا لام فيكون لهما الثلث سهمان من ستة ويعول بسهمين فحقها بزعمه في سهمين وحقه في ثلاثة فلهذا يعطيهما خمسى ما في يده ولو تركت زوجا وأختا لاب فاقر الزوج بام فانه يعطيها خمسى ما في يده لانه حقهما بزعمه الثلث سهمان من ستة وحقه في ثلاثة * ولو تركت زوجا وأختا لاب فاقر الزوج باخت لاب وأم أعطاها نصف ما في يده لانه يزعم أن حقها في التركة سواء لكل واحد منهما

[ 76 ] ثلاثة من سبعة * ولو ترك ابنين وامرأة فاقر أحد الا بنين بامرأتين أعطاهما أربعة من خمسة وعشرين سهما مما في يده لانه يزعم انه خلف ثلاث نسوة وابنين فللنسوة الثمن بينهن أثلاثا لا يستقيم وللابن سبعة نصفان لا يستقيم فيضرب ثلاثة في اثنين فيكون ستة ثم يضرب ثمانية في ستة فيكون ثمانية وأربعين منه تصح القسمة لكل امرأة سهمان ولكل ابن أحد وعشرون فهو يزعم أن حقها في أربعة أسهم يضربان بذلك فيما في يده وهو واحد وعشرون فلهذا أعطاهما أربعة من خمسة وعشرين مما في يده * ولو ترك ابنين وأبوين فأقرت احدى الابنتين بامرأة أعطتها ثلاثة من أحد عشر مما في يدها لان الفريضة بزعمها من أربعة وعشرين للابنتين الثلثان ستة عشر وللابوين السدسان ثمانية وللمرأة الثمن ثلاثة فتعول إلى سبعة وعشرين وهي المنبرية التي أجاب فيها علي رضى الله عنه على المنبر على البديهة فقال انقلب ثمنها تسعا فإذا هي تزعم أن حق المرأة ثلاثة وحقها في ثمانية فيقسم ما في يدها بينهما على ذلك * ولو ترك أمرأة وابنة وأبوين فأقرت المرأة بامرأة أخرى أعطتها نصف ما في يدها لان نصيب النساء من التركة في يدها وقد زعمت أن حقها في التركة في ذلك سواء فان أقرت لها احدى الابنتين أيضا فانها تأخذ نصف ما في يد المرأة ولا تأخذ من الابنة شيأ لان ميراث النساء الثمن واحدة كانت أو اثنتين وذلك الثمن في يد المرأة وهي مقرة للاخرى بنصيبها من ذلك فلا تأخذ من الابنة شيأ لذلك * ولو ترك ابنتين وأبوين فأقرت احدى الابنتين بامرأة وصدقتها الام فالفريضة من تسعين سهما للابنتين ستون وللابوين ثلاثون فخذ نصيب الام خمسة عشر ونصيب الابنة ثلاثين وذلك نصف المال من الحاصل واعط المرأة من ذلك تسعة وللابنة أربعة وعشرين وللام اثنى عشر وقد طول هذه المسألة وهي تخرج من خمسة عشر لانهما يزعمان ان المرأة لها ثلاثة وللابنة ثمانية وللام أربعة مما في أيديهما وهو نصف المال يقسم بينهما على ذلك تضرب فيه المرأة بثلاثة والام باربعة والابنة بثمانية فتستقيم من خمسة عشر * ولو جحدت الام ولم تقر قسمت ما في يد الابنة على ثلاثة وثلاثين وهو تطويل غير محتاج إليه أيضا فقد بينا أن القسمة تستقيم من أحد عشر ولو لم تقر الابنة بالمرأة وأقرت الام قسمنا ما في يدها على أحد وعشرين للام اثنا عشر وللمراة تسعة وهذا أيضا تطويل فان القسمة تستقيم من سبعة لانها تضرب فيما في يدها فحقها أربعة والمراة ثلاثة فيكون بينهما على سبعة * ولو تركت زوجا وأخا فادعى الزوج ابنة كبيرة لها من غيره قاسمها ما في يده على أربعة ونصف للزوج سهم ونصف وللابنة ثلاثة

[ 77 ] لانه يزعم أن حقه الربع سهم ونصف من ستة فيقسم ما في يده على اثنى عشر وفي الحاصل تعطيه ثلثى ما في يدها لانه يزعم أن حقه في ثمانية وحقها في أربعة فيعطيها ثلثى ما في يدها وإذا كان الورثة اثنين فأقر أحدهما على ابنة للابن بشركة أو بوديعة بعينها أو مجهولة وكذبه الاخر فانه يستوفيه كله من نصيب المقر عندنا وقال ابن أبى ليلى يأخذ منه بقدر حصته وهو قول الشافعي ومذهبنا مذهب علي رضى الله عنه وقد تقدم بيان المسألة في الاقرار * قال ولو أقر بشركة كانت بينه وبين ابنه فان كان أقر بشركة النصف أخذ من حصته الثلثين لانه يزعم ان المال على أربعة أسهم للمقر له سهمان ولكل ابن سهم فهو يضرب فيما في يده بسهم والمقر له بسهمين فيعطي ثلثى ما في يده وان كان أقر بالثلث أخذ منه النصف لانه يزعم ان المال على ثلاثة أسهم للمقر له سهم ولكل ابن سهم فحقه فيما في يده مثل حق المقر له بزعمه فلهذا أخذ منه نصف ما في يده قال وإذا كان للميت ابنان وعبدان لامال له غيرهما قيمة كل واحد منهما ثلاثمائة قأقر أحد الابنين ان أباهما أعتق هذا بعينه في مرضه وأقر الاخر أنه أعتق أحدهما لا يدرى أيهما هو فان الذي أقر له بعينه يعتق منه ثلثا نصيبه ويسعى له في الثلث الاخر في نصف قيمته ويعتق من نصيب الاخر الثلث منهما جميعا ويسعيان له في ثلثى نصيبه لان كل واحد من العبدين صار مشتركا بينهما نصفين والعتق في المرض وصية فالذي أقر بالعتق لاحدهما بعينه فقد أقر أنه عتق منه بقدر الثلث من مال الميت وذلك ثلثا رقبته واقراره نافذ في نصيبه غير نافذ في نصيب شريكه فيعتق ثلثا نصيب ويسعى له في ثلث نصيبه والنصف من الاخر مملوك له وقد تعذر عليه استدامة الرق باقرار شريكه فيسعى له الاخر في نصف قيمته وقد أقر الآخر بالثلث مبهما لان العتق المبهم بالموت يشيع فيهما فينفد اقراره في نصيبه مبهما فيعتق ثلث نصيبه من كل واحد منهما ويسعى كل واحد منهما له في ثلثى نصيبه وان أقر أحدهما أنه أعتق هذا بعينه وأقر الاخر أنه أعتق هذا بعينه سعى كل واحد منهما للذي أقر له في ثلث نصيبه منه وللذي أنكر عتقه في جميع نصيبه منه لان اقراره حجة عليه دون صاحبه وقد تعذر استدامة الرق في نصيبه من الاخر باقرار صاحبه ولو قال أحدهما أعتق أحدهما في مرضه ولا يدرى أيهما هو وأنكر الاخر عتق من نصيب المقر من كل واحد منهما ثلث نصيبه لاقراره والثلث لهما ويسعى كل واحد منهما للاخر في نصيبه كاملا لانكاره عتقهما جميعا ولو شهداأنه أعتق هذا بعينه وقال أحدهما أعتق هذا الاخر أيضا

[ 78 ] عتق ثلثا الذي شهدا له ويسعى الاخر في جميع قيمته لهما لان الذى شهدا له أولى بالثلث من الاخر فان شهادتهما له حجة بمنزلة شهادة غيرهما ولو شهد أجنبيان بالعتق لاحدهما كان هو أولى بالثلث من الذي أقر له الوارث لان رق الاخر يفسد باقرار أحدهما بعتقه ولم يبق من الثلث شئ فتلزمه السعاية في جميع قيمته لهما ولو شهد أحدهما انه أعتق هذا بعينه في صحته وشهد الاخر أنه أعتق هذا الاخر في مرضه عتق نصيب الشاهد من الذى شهد له في الصحة لان العتق في الصحة من جميع المال فهو مقر بحريته واقراره حجة عليه في نصيبه ويسعى للاخر في نصف قيمته لانكاره عتقه ويعتق ثلثا نصيب الذي شهد له في المرض من الذي شهد له ويسعى له في ثلث نصيبه ولاخيه في جميع نصيبه لانه أقر بالثلث لهذا الاخر واقراره في نصيبه صحيح وفي زعمه أن شريكه صار متلفا لنصيبه من الاخر فيكون ذلك محسوبا عليه وان مال الميت رقبتان فالثلث منه ثلثا رقبة فلهذا يعتق ثلثا نصيبه والله أعلم بالصواب (باب اقرار المريض وأفعال) (قال رحمه الله) وإذا كان على المريض دين في الصحة فغصب في مرضه من انسان شيأ ثم قضاه فهو جائز لانه لو رد عين المغصوب لم يكن لغرماء الصحة عليه سبيل فكذلك إذا رد عليه مثله أو قيمته لان ذلك يحكى عينه وهذا بدل مال وصل إلى المريض فهو بمنزلة ما لو اشترى شيأ بمثل قيمته ونقد ثمنه فلا يكون لغرماء الصحة على البائع سبيل لان المريض ما أتلف عليهم شيأ حين وصل إليه ما تكون ماليته مثل مالية ما أدى وكذلك ما أخذه فأنفقه على نفسه في كسوته وطعامه ودوائه ثم قضاه فانه قد وصل إليه ما تكون ماليته مثل مالية ما أدى ثم حاجته في ماله تقدم على حق غرمائه * ولو استأجر أجيرا أو تزوج امرأة وأعطاهما ذلك لم يجز وكانا أسوة غرماء الصحة فيه لانه لم يصل إليه مثل ما يكون ما أدى في صفة المالية فكان هذا ابطالا منه لحق غرماء الصحة عن ذلك المال وتخصيص بعض غرمائه بقضاء الدين والمريض ممنوع عن ذلك الا أن الدين وجب لهما بسبب لا تهمة فيه فكان أسوة غرماء الصحة في ماله ولو أقر المريض أن دينه الذى على هذا الرجل لفلان فان ذلك لا يجوز حتى يستوفى غرماء الصحة دينهم لان اقراره في المرض بدين له على الغير كاقراره بعين له في يده أو في يد غيره وذلك غير صحيح منه في حق غرماء الصحة وهذا بخلاف ما إذا أقر باستيفاء

[ 79 ] الدين من غريمه وهو غير وارث وقد كان الدين في الصحة لانه مسلط على الاستيفاء وقد ثبت للغريم حق براءة ذمته عند اقراره بالاستيفاء منه فلا يتغير ذلك بمرضه وهو غير مسلط على الاقرار بالدين الواجب له أو لغيره بل هو ممنوع من ذلك لحق غرماء الصحة كما هو ممنوع من تمليكه منه بالهبة وقد ذكرنا في كتاب الشفعة بيع المريض من الاجنبي بالمحاباة وغير المحاباة وما يجب فيه من الشفعة للوارث وغير الوارث وما ذلك من اختلاف الروايات وأن بيعه من وارثه غير صحيح أصلا عند أبى حنيفة وعندهما وابن أبى ليلى إذا باع بالقيمة أو باكثر جاز قال ولو أوصى رجل إلى رجل بثلثه يضعه حيث أحب أو يجعله حيث أحب فهما سواء وله أن يجعله لنفسه ولمن أحب من ولده لانه قائم مقام الموصى في الوضع والجعل والموصى له وضعه فيه أو في ولده أو جعله له جاز ذلك فكذلك الوصي إذا فعل ذلك لان الوضع والجعل يتحقق منه في نفسه كما يتحقق في غيره وليس له أن يجعله لاحد من ورثة الميت لانه قائم مقام الموصى فان جعله لبعض ورثته فهو باطل ويرد على جميع الورثة وليس له أن يعطيه بعد ذلك أحد لا نه ممتثل أمر الموصى فينتهى به ما فوض إليه ويصير فعله كفعل الموصى ولو فعله الموصى لبعض ورثته كان ذاك باطلا وكان مردودا على جميع الورثة فهذا مثله ولو أوصى بثلثه إليه أن يعطيه من شاء فليس له أن يعطيه نفسه لانه مأمور بالاعطاء من جهة الموصى وهو لا يكون معطيا نفسه كما يكون جاعلا لها واضعا عندها ألا ترى أن من عليه الزكاة أو صدقة الفطر ليس له أن يضعه في نفسه لانه مأمور بالايتاء والاداء ولا يحصل ذلك بالصرف إلى نفسه ومن وجد ركازاله أن يضع الخمس في نفسه إذا كان مصرفا له لان الواجب جعل الخمس لمصارف الخمس ووضعها فيهم وقد جعل ذلك ولو أوصى إلى رجل فقال قد جعلت ثلثى لرجل سميته فصدقوه فقال الوصي هو هذا وخالفه الورثة لم يصدق الوصي على ذلك لانه أوصى بما هو خلاف حكم الشرع وهو اثبات الاستحقاق بشهادة شاهد واحد لان الوصي هاهنا بمنزلة الشاهد وشهادة الواحد لا تكون حجة بخلاف الاول فان هناك أوصى إليه بالوضع والواضع يكون متسببا بالتصرف على وجه النيابة لا شاهدا فلم يكن ذلك وصية بما يخالف الشرع وعلى هذا قال للوصي اعتق أي عبيدى شئت كان له أن يعتق أيهم شاء ولو قال قد أعتقت عبدى فسميته للوصي فصدقوه في ذلك لم يصدق ولو أوصى إلى رجلين أن يضعا ثلثه حيث شاء أو يعطياه من شاء أو اختلفا فقال أحدهما أعطيه فلانا وقال الاخر لا بل فلانا لم يكن لواحد من الرجلين شئ لان الوصيين

[ 80 ] لم يجمعا على واحد منهما وانما فوض الموصى الرأى في الوضع اليهما وهذا شئ يحتاج فيه إلى الرأى لاختيار المصرف ورأي الواحد لا يكون كرأي المثنى ولو قال قد أوصيت بثلثي لفلان وقد سميته للوصيين فصد قوهما فقال هو هذا وشهدا له بذلك جازت شهادتهما لخلوها عن التهمة وشهادة المثنى حجة تامة وان اختلفا في ذلك أبطلت قولهما لان كل واحد منهما يشهد بغير ما شهد به صاحبه ولو أوصى بعبده أن يعتق ثم أوصى له أن يباع أو على عكس ذلك فهذا رجوع عن الوصية الاولى للمنافاة بين التصرفين في محل واحد وكذلك لو أوصى بان يعتق نصفه بعد ما اوصى ببيعه من رجل أو على عكس ذلك كانت الثانية رجوعا عن الاولى في جميع العبد وان أضاف الثانية إلى نصفه لان بين التصرفين في العقد الواحد منافاة وان أوصى به لرجل ثم أوصى به أن يباع لرجل آخر تحاصا فيه وكذلك ان بدأ بالبيع ثم بالوصية لان كل واحد منهما تمليك احدهما بعوض والاخر بغير عوض والجمع بينهما في عبد واحد صحيح فلا يكون اقدامه على الثانية دليل الرجوع عن الاولى وإذا شهد شاهد ان بعد موته أنه قال في حياته لعبديه احدكما حر جازت الشهادة اما عندهما فلان الدعوى ليست بشرط في عتق العبد وعند أبي حنيفة العتق المبهم يشيع فيهما بالموت فتتحقق الدعوى منهما ويجعل الثابت من اقراره بشهادتهما كالثابت بالمعاينة ولو سمعا ذلك منه ثم مات عتق من كل واحد منهما نصفه فهذا مثله والله اعلم بالصواب (باب الشهادة في الوصية وغيرها) (قال رحمه الله) وإذا شهد الوصيان أنه أوصى إلى هذا معهما فان كذبهما ذلك الرجل فشهادتهما باطلة لانهما متهمان فيها وأنهما يثبتان بشهادتهما من يعينهما على التصرف وان ادعاها الرجل جازت شهادتهما استحسانا وفي القياس لا تجوز لاجل التهمة ولكنه استحسن فقال لو سألا من القاضى أن يجعل هذا الرجل وصيا معهما والرجل راغب في ذلك كان على القياس للقاضي أن يجيبهما إلى ذلك فلا يتهمان في اخراج الكلام مخرج الشهادة في هذه الحالة فأما إذا كان الرجل مكذبا لهما فهما متهمان في اخراج الكلام مخرج الشهادة لانهما لو سألا ذلك من القاضى لم يجبهما إذا لم يكن الرجل راغبا فيه ثم إذا كذبهما الرجل أدخلت معهما آخر لان في ضمن شهادتهما اقرارا منهما بوصي آخر معهما للميت واقرارهما حجة عليهما فلا يتمكنان من

[ 81 ] التصرف بعد ذلك بمنزلة ما لو مات أحد الاوصياء الثلاثة وكذلك لو صدقهما وقال لا أقبل الوصية كان له ذلك لانه لم يسبق منه القبول ولكن يتعذر على الوصيين التصرف بدون رأى الثالث فيدخل القاضى معهما وصيا ثالثا وهذا القياس والاستحسان في فصول أربعة أحدها مابينا والثانى إذا شهد ابنا الميت ان أباهما أوصى إلى هذا ففي القياس لا تقبل شهادتهما لانهما ينصبان نائبا عن أبيهما ومن يتصرف لهما ولو شهدا أن اباهما وكل هذا الرجل ففي حياته والاب غائب لم تقبل الشهادة فكذلك إذا شهدا بالوصية وفي الاستحسان إذا كان الرجل مدعيا للوصية تقبل شهادتهما لخلوها عن التهمة فانهما لو سألا من القاضى أن يجعل هذا الرجل وصيا والرجل راغب فيه أجابهما القاضي إلى ذلك بخلاف ما إذا لم يكن الرجل مدعيا للوصيه وبخلاف الوكالة فانما لو سألاه أن يوكل هذا الرجل عن أبيهما لم يفعل ذلك وهذا لانه ليس للقاضى ولاية في مال أبيهما والثالث الموصى لهما إذا شهدا أن الموصى أوصى إلى هذا فهو القياس والاستحسان لان الموصى له بالثلث شريك الوارث فهو في هذه الشهادة كالوارث والرابع غريمان لهما على الميت دين له شهدا أنه أوصى إلى هذا الرجل في القياس لاتقبل الشهادة بمنزلة ما لو شهدا في حياته أنه وكل هذا الرجل بقضاء ديونه وهذا لان في هذه الشهادة منفعة لهما فانهما يطالبانه بقضاء دينهما وفي الاستحسان إذا كان الرجل مدعيا للوصية قبل الشهادة لان للقاضى أن ينصب وصيا بالتماسهما من غير شهادة فلا يتهمان في اخراج الكلام مخرج الشهادة * ولو أن غريمين للميت عليهم دين شهدا أن الميت أوصى إلى هذا جازت شهادتهما قياسا واستحسانا لخلوها عن التهمة فانهما ينصبان بشهادتهما من يطالبا بقضاء الدين فتقبل الشهادة لخلوها عن التهمة ولو شهدا بنا الميت الموصى أو أبوه ورجل آخر أن الميت أوصى إليه أبطلته لانه يشهد للوصي بثبوت ولاية التصرف له والولادة تمنع قبول شهادة أحدهما للاخر * وكذلك لو شهد ابنا أحد الوصيين أن الميت أوصى إلى ابيهما والى هذا الاخر فشهادتهم باطلة لانهما يشهدان لابيهما والمشهود به كلام واحد فإذا بطل في حق أبيهما بطل في الاخر وشهادة ابني الوصيين على أن الموصى عزله وأوصى إلى رجل أخر جائزة لانهما يشهدان على أبيهما بالعزل ويشهدان للاجنبي بولاية التصرف * وكذلك شهادة ابني الغريمين أو غريمه على انه عزل هذا وأوصى بولاية التصرف إلى الاخر جائزة لانهما يشهدان بثبوت الولاية للثاني وينقل ولاية التصرف من الاول إلى الثاني فلا تتمكن التهمة فيهما واختلاف الشاهدين

[ 82 ] على أنه أوصى إليه في الوقت والمكان لا تفسد الشهادة لان الايصاء إلى العين قول تكرر فلا يختلف المشهود به باختلافهما في المكان والزمان * ولو شهد أنه قال هو وكيلي فيما تركت بعد موتى جعله وصيا له لان النائب بعد الموت وصي سواء شهد بلفضة الوصاية أو بلفظة الوكالة قال ولا تجوز شهادة الوصي للموصى للميت لانه متهم في شهادته باثبات حق القبض لنفسه وكذلك لو شهد الوصي للميت شهادة بعد أن يدرك ورثته ويقبضوا مالهم لم أجز شهادته لانه لو قبض ذلك جاز قبضه عليهم فكان هو الخصم في ذلك فلا شهادة له فيما كان خصما فيه ولو شهد الوصي لوارث كبير أو صغير على الميت بدين لم تجز شهادته له في قول أبى حنيفة رحمه الله وفي قولهما وابن أبى ليلى رحمهم الله تجوز شهادته للكبير ولا تجوز شهادته للصغير لانه إذا شهد للصغير فهو الذى يقبض وإذا شهد للكبير فليس له حق القبض فيما للكبير الحاضر فلا تتمكن التهمة في شهادته وأبو حنيفة يقول كان هو الخصم فيما شهد به حين كان هذا الكبير صغيرا فلا يكون شاهدا فيه * وقد بينا المسألة في الشهادات وأما فيما ليس من الميراث فان شهادة الوصي للصغير لا تقبل على الصغير لانه هو القابض وتجوز للكبير لانه أجنبي في ذلك فانه انما صار خصما بقبوله الوصاية فيما هو من جملة ميراث الميت فاما فيما للوارث الكبير على الأجنبي لا بطريق الارث فهو أجنبي * وإذا شهد شاهدان لرجل على الميت بدين وشهد رجلان للشاهدين على الميت بدين فهو جائز في قول أبى حنيفة ومحمد رحمها الله وقال أبو يوسف تبطل شهادتهم وهذه ثلاثة فصول أحدها لاتقبل الشهادة بالاتفاق وهو أن يشهد رجلان لرجلين بوصية الميت لهما بالثلث ويشهد المشهود لهما للشاهدين بالوصية بالثلث وهذا لان الثلث مشترك بين الموصي لهم فشهادة كل فريق لاقت محلا مشتركا بين الشاهد والمشهود له وفي الوجه الثاني الشهادة مقبولة بالاتفاق وهو أن يشهد الرجلان أن الميت أوصى لهما بهذا العبد ويشهد الاخر أن الميت أوصى للشاهدين بهذه الجارية فالشهادة تقبل لان كل واحد من الفريقين يثبت الحق للمشهود عليهما في محل لاشركة لهما في ذلك المحل والفصل الثالث على الخلاف وهو فصل الدين فأبو يوسف يقول حق الغرماء بعد الموت يتعلق بالتركة ولهذا لا يثبت الملك للوارث ولا ينفذ تصرفه فيه إذا كان الدين محيطا بها فشهادة كل فريق تلاقى محلا مشتركا فهو نظير مسألة الوصية بالثلث وهذا لان المقصود من اثبات الدين بعد الموت الاستيفاء من التركة وباعتبار المقصود تتحقق الشركة بينهم فيه وأبو حنيفة ومحمد قالا كل

[ 83 ] فريق انما يشهد للفريق الاخر بالدين في ذمة الميت ولو شهدا بذلك في حياته كانت الشهادة مقبولة فكذلك إذا شهدوا به بعد موته وهذا لان الدين بالموت لا يتحول من الذمة إلى التركة (ألا ترى) أن التركة لو هلكت لا يسقط شئ من الدين وأن للوارث أن يستخلص التركة لنفسه بقضاء الدين من محل اخر فلا تتمكن الشركة بينهم ههنا بخلاف الوصية بالثلث فان حق الموصى له ثبت في عين التركة حتى لا يبقى بعد هلاك التركة ولو أراد الوارث أن يستخلص التركة لنفسه ويقضى حق الموصى له من محل آخر لم يكن له ذلك فكانت الشركة بينهم ثابتة في التركة باعتبار شهادتهما وكذلك لو شهد بذلك ابنا هذين لهذين فهذا والاول في الفصول الثلاثة سواء لان الشركة كما تمنع قبول شهادة الشريك لنفسه قبول شهادة ابنه له ولو شهد الميت أو غيرهما بدين لرجلين على الميت ثم شهد هذان الرجلان بدين لاخر على الميت فهو جائز لانهما يضران أنفسهما فان دينهما قد ثبت فيها وبشهادتهما يثبتان من يزاحمهما في التركة وهذا بخلاف الاول على قول أبى يوسف لان هناك تتمكن تهمة المواضعة بين الفريقين لنفع كل واحد منهما صاحبه بشهادته ولا يتمكن مثل ذلك ههنا وإذا شهد الوصيان بدين على الميت أو بوصية فشهادتهما جائزة لخلوها عن التهمة فان دفعا ذلك قبل أن يشهدا به ثم شهد فشهادتهما باطلة لانهما صارا ضامنين لما دفعا بغير حجة فهما بشهادتهما يدفعان الضمان عن أنفسهما وكذلك شهادة ابنيهما أو أبويهما لاتقبل بعد الدفع لانهما يدفعان الضمان بشهادتهما عن أبيهما أو أبنيهما والله أعلم (باب الاستثناء) (قال رحمه الله) وإذا أوصى رجل لرجل بدينار الا درهما أو بمائة درهم الا دينارا فهو كما قال يعطى من ثلثه دينار الا درهما وهذا قول أبى حنيفة وابى يوسف فأما عند محمد يعطى ما سمى له أولا والاستثناء باطل وقد بينا المسألة في الاقرار أن الاستثناء بخلاف الجنس لغو عند محمد رحمه الله لان الاستثناء لاخراج ما وراءه ولولاه لكان الكلام متناولا له ولا يتحقق ذلك مع اختلاف الجنس فلا يكون هذا استثناء على الحقيقة بل يكون استثناء منقطعا بمعنى لكن فمعناه أوصيت له بالدينار ولكن لم أوص له بدرهم فلا يكون رجوعا على شئ وهما يقولان المجانسة في المقدار ثابتة معنى من حيث انها ثبتت في الذمة ثبوتا صحيحا وانما كان الاستثناء عبارة

[ 84 ] عما وراء المستثنى بطريق المعنى دون الصورة فكان اعتبار المعنى فيه مرجحا فلهذا صح استثناء المقدر من المقدر وان لم يكن من جنسه صورة فعلى هذا لو قال كر حنطة الا درهما أو كر شعير الا مختوم حنطة نقص من الشعير قيمة ذلك وكذلك لو قال له دارى هذه أو عبدي هذا الا مائة درهم فعندهما يبطل من ذلك قيمة مائة درهم ويجوز له ما بقي من الثلث وهذا مشكل فان الدار والعبد ليسا بمقدورين ولكنهما يشترطان أن يكون المستثنى مقدرا والمستثنى هنا مقدر وكانهما يعتبران الاستثناء فاعتبار المالية في المقدرات يعرف بالتسيمة فيصح استثناء القدر من خلاف جنسه مقدرا كان أو غير مقدر أو يقول هذا في معنى وصية ببيع الدار والعبد منه بمائة فكأنه يقول جعلت ملك هذه الدار وماليتها محاباة الا بقدر مائة درهم فانى لا أخلفها له بعوض ولو كانت الدار قيمتها ألفا فأوصى ببيعها منه بمائة جازت المحاباة من الثلث فهاهنا كذلك الا أن هناك التمليك مضاف إلى جميع الدار وههنا إلى ما وراء المستثنى معنى وقيمة مائة درهم من الدار يكون للورثة والباقى للموصى له * ولو قال أوصيت له بما بين العشرة والعشرين أو من العشرة إلى العشرين أو ما بين العشرة إلى العشرين فهو سواء وله تسعة عشر درهما في قول أبى حنيفة وعندهما له تمام العشرين استحسانا وروى زفر عن أبى حنيفه أن له ثمانية عشر وهو قول زفر وكذلك لو قال بما بين المائة إلى المائتين فعند أبى يوسف ومحمد يدخل الغايتان استحسانا فله المائتان وفي رواية زفر لايدخل الغايتان فله تسعة وتسعون وفي قول أبى حنيفة تدخل الغاية الاولى للضرورة ولا تدخل الغاية الثانية فله مائة وتسعة وتسعون وقد بينا المسألة في الاقرار * ولو أوصى له بعشرة دراهم في عشرة فله عشرة وعلى قول زفر عشرون باعتبار أن حرف في بمعنى حرف الواو أو بمعنى حرف مع وعند الحسن بن زياد له مائة بطريق الحساب فانك إذا سألت واحدا من الحساب كم عشرة في عشرة يقول مائة ولكنا نقول له عشرة لان حرف في للظرف والعشرة لا تصلح ظرفا للعشرة فيلغو آخر كلامه ويجعل بمعنى الواو ومع مجازا وبالمجاز لا يثبت تمليك المال كما لا يثبت بالسك والضرب من حيث الحساب تكثر السهام لا أصل المال فعشرة دراهم وان ضربتها في عشرة أو في مائة تكثر السهام فيها ولا يزداد وزنها * ولو قال بعشرة أذرع في عشرة أذرع من داره أو أرضه جعلت له مائة ذراع مكسرة لان لذوى المساحات طولا وعرضا فقوله فيها عشرة في عشرة لبيان الطول والعرض وذلك لا يتناول الا مائة ذراع مكسرة بخلاف الدراهم فليس فيها لا طول ولا عرض وانما يعرف

[ 85 ] مقدارها بالوزن وبأول كلامه صار مقدار الوزن معلوما فيكون آخر كلامه خاليا عن الفائدة ولو أوصى له بثوب سبع في أربع جعلت له ذلك كما قال لان للثوب طولا وعرضا فانما مراده بهذا اللفظ فيه بيان الطول والعرض على أن يكون الاكثر لبيان طوله والاقل لبيان العرض وهذا لان اسم الثوب لا يتغير بزيادة الطول والعرض ونقصانهما وانما يتغير الوصف فكان قوله سبعا في أربع بيانا لصفة ما أوصى له به من الثوب بخلاف الدراهم فبزيادة المقدار يتبدل الاسم لانه لا يقال للمائة عشرة دراهم بحال وكذلك لا يقال لها عشر مرات عشرة في العادة فلم يبق الا الغاء آخر الكلام فيه * ولو أوصى له بحنطة في جوالق أعطيته الحنطة دون الجوالق لانه أوجب له مظروفا في ظرف فانما يستحق المظروف خاصة وذكر الجوالق لتعيين محل الجوالق وهذا لان حرف في للظرف وانما يقال أوصى له بكذا ولايقال أوصى له في كذا فانما يتناول الوصية بهذا اللفظ ما اتصل به حرف الباء وهو الحنطة دون ما اتصل به حرف في وهو الجوالق ولو أوصى له بهذا الجراب الهروي أعطيته الجراب وما فيه لانه أوصل حرف الباء بالجراب والجراب الهروي اسم للجراب المملوء بيانا دون الجراب فارغا * ولو أوصى له بهذا الدن الخل أعطيته الدن وما فيه كأنه قال بهذا الدن والخل فيكون حرف الباء متصلا بهما جميعا معنى ولانه وصل هذا الحرف بالدين وسمى الدين الخل وانما يسمى به حقيقة إذا كان مملوأ خلا * وكذلك لو أوصى له بقوصرة تمر ولو أوصى له بسيف أعطيته السيف بجفنه وحمائله لان اسم السيف عند الاطلاق يتناول الكل ولو أوصى له بسرج أعطيته السرج وما حمل من متاعه ولو أوصى له بقبة أعطيته عيدان القبة من غير كسوة لان الاسم للعيدان (ألا ترى) أن في العادة لا يكون مع القبة كسوة ولكن كل مالك يتخذ كسوة القبة لنفسه على حسب ما يريده بخلاف السرج والسيف ولو أوصى بقبة تركية أعطيته القبة بالكنودلان الاسم يطلق على الكل عادة (ألا ترى) أنه لا يتخذ كل مالك للعيدان الا كنودا آخر عادة وان أوصى له بحجلة فله الكسوة دون العود لان اسم الحجلة يتناول الكسوة بدون العيدان والعيدان بدون الكسوة لها اسم آخر وهي القبة فلهذا لا يستحق باسم القبة الكسوة ولا باسم الحجلة العيدان * ولو أوصى له بسلة زعفران أعطيته الزعفران دون السلة وكان ينبغى على قياس ما تقدم أن يستحق السلة لانه وصل حرف الباء بالسلة ولكنه ترك القياس لعرف الناس فانهم إذا قالوا سلة زعفران فانما يريدون به بيان مقدرا الزعفران لا حقيقة السلة كما يقال كيل حنطة

[ 86 ] وكيل شعير * وكذلك لو أوصى له بهذا العسل وهو في زق أعطيته العسل دون الزق وكذلك لو قال بهذا السمن أو الزيت وما أشبه ذلك لانه سمى في وصيته له المظروف وبتسمية المظروف لا يستحق الظرف فلهذا لم يكن له من الوعاء شئ والله أعلم بالصواب (باب الوصية بما في البطن) (قال رحمه الله) وإذا أوصى رجل لرجل بما في بطن هذه الجارية ثم ولدت بعد موته لستة أشهر أو أكثر فلا وصية له لانه أوصى بالمعدوم ولم يعلم وجوده عند موت الموصى حقيقة ولا حكما ووجوب الوصية بالموت فما لم تكن العين معلومة الوجود عند وجوب الوصية لا تكون الوصية به صحيحة وبيان ذلك أن أدنى مدة الحبل ستة أشهر فيحتمل أن يكون هذا الولد من علوق حادث بعد موته وقد بينا أن الوصية بما في بطن الحيوان لا تصح قبل الوجود واسناد العلوق إلى وقت سابق يكون لضروره الحاجة إلى اثبات نسبه وذلك لا يوجد ههنا وان جاءت به لاقل من ستة أشهر وجب الوصية به من الثلث لانا تيقنا بوجوده عن وجوب الوصية وهو حالة الموت * ولو قال ان كان في بطن فلانه جارية فلها وصية الف وان كان في بطنها غلام فله وصية الفين فولدت جارية لتسة أشهر الا يوما ثم ولدت غلاما بعد ذلك بيومين فيها جميعا الوصية لانا حكمنا بوجود الذى انفصل قبل تمام ستة أشهر عند موت الموصى وهما توأمان خلقا من ماء واحد فمن ضرورة الحكم بوجود احدهما في وقت الحكم بوجود الاخر فيه والوصية أخت الميراث وفي الميراث الجنين في البطن والمولود في الحكم سواء إذا انفصل حيا فكذلك في الوصية ثم شرط الوصية بالالف وجود الجارية في بطنها وقد وجد الشرطان وان ولدت غلامين أو جاريتن لاقل من ستة أشهر فذلك إلى الورثة يعطون اي الغلامين شاؤا أو أي الجاريتين شاؤا لانه أوجب الوصية لاحدهما ومثل هذه الجهالة اليسيرة المستدركة لا تمنع صحة الوصية كما لو أوصى بثلاثة لفلان أو فلان والبيان إلى الورثة لانهم قائمون مقام مورثهم * ولو قال ان كان الذى في بطنك غلام فله ألفان وان كانت جارية فلها الف فولدت غلاما وجاريه فليس لواحد منهما شئ لان اللفظ المذكور يتناول جميع ما في بطنها بمنزلة قوله ان كان ما في بطنك أو جميع ما في بطنك ولم يكن جميع ما في بطنها ولم يكن جميع ما في بطنها على احدى الوصيتين اللذين بهما علق استحقاق الوصية * وكذلك لو قال ان كان حملك فهو اسم جميع المذكور لجميع

[ 87 ] المجهول قال الله تعالى واولات الاحمال اجلهن أن يضعن حملهن ثم العده لا تنقضي الا بوضع جميع ما في البطن وإذا ترك امرأة حبلى فأوصى رجل لما في بطنها وصية ثم وضعت الولد لاقل من ستة وجبت له الوصية لانا نسند العلوق إلى حال حياته لضرورة الحاجة إلى اثبات نسب الولد منه وإذا اسندنا فقد حكمنا بكون الولد موجودا في البطن حين أوجب له الوصية فكان ذلك بمنزلة علمنا حقيقة وان ولدت ميتا فلا وصية له لانه لا يستحق الوصية الا باعتبار صفة الحياة فيه بعد موت الموصي ولا يعلم ذلك حين انفصل ميتا بخلاف ما إذا انفصل حيا ثم مات (ألا ترى) أن في حكم الميراث الذى انفصل ميتا لا يجعل ولدا في حكم الاستحقاق فكذلك في الوصية وان ولدت ولدين أحدهما حي والاخر ميت فالوصية للحي منهما بخلاف ما إذا ولدتهما حيين لانه تم استحقاق الوصية لهما فبموت أحدهما بعد ذلك يصير نصيبه لورثته وأما إذا انفصل أحدهما ميتا فلم تعلم حياته بعد موت الموصى فلا يصح ضمه إلى الحي فكانت الوصية كلها للحي بمنزلة ما لو أوصى لحي وميت وهما منفصلان والله أعلم بالصواب (باب الوصية بالجزء والسهم) (قال رحمه الله) وإذا أوصى لرجل بسهم من ماله فله أحسن سهام ورثته سهام يزاد ذلك على الفريضة الا أن يكون أحسن السهام أكثر من السدس فلا يزاد عليه في قول أبى حنيفة رحمه الله وفي موضع آخر قال له السدس فيتناوله فيما إذا لم يكن في سهام ورثته أقل من ذلك وعلى قول أبى يوسف ومحمد رحمهم الله يزاد على الفريضة للموصى له بسهم كسهم أحدهم قل ذلك أو كثر الا أنه إذا زاد على الثلث رد إلى الثلث ان لم يجز الورثة لا لان السهم لا يتناول ذلك بل لان الوصية لا تنفذ فيما زاد على الثلث بدون الاجازة * وجه قولهما أن التركة بموته تصير سهاما بين ورثته لكل واحد منهم سهم فتسمية السهم للموصى له في هذه الحالة انما تتناول أحد تلك السهام ولا يثبت الا أقلها لان في كون الاقل مرادا تيقن وفيما زاد على ذلك شك وأبو حنيفة اعتبر السدس لحديث ابن مسعود رضي الله عنه حين سئل عمن أوصى لرجل بسهم من ماله فقال له السدس وهكذا نقل عن اياس بن معوية وجماعة من أهل اللغة قالوا لسهم السدس والدليل عليه أن لفظة السهم انما تتناول سهم من يكون من جملة ورثته باعتبار الاصل لا باعتبار سبب عارض وذلك القرابة دون الزوجية فما يكون عارضا في مزاحمة ما هو

[ 88 ] أصلى كالمعدوم وسهام من يستحق بالقرابة السدس أو الثلث أو النصف فاما الربع والثمن انما يستحق بالزوجية فيتناول اللفظ أدنى ما يستحق من السهام بالقرابة وهو السدس حتى لا يزاد على ذلك ولكن ينقص عنه إذا كان في سهم ورثته أقل من ذلك لانه انما يوجب له مثل سهم أحد ورثته فلا يستحق الا المتيقن به وهو الاقل وهذا لانه لما ذكر السهم دون الثلث عرفنا انه مالك أداء الثلث لا النصف لانه ليس له أن يوصى بالنصف فيتعين السدس مرادا له * يوضحه أن أعدل الاعداد في خروج سهام الفرائض منه الستة فانها تشتمل على ما يستحق من السهام بالقرابة الاصلية كالسدس والنصف والثلث والثلثين (ألا ترى) ان الدراهم تجرى على الاسداس فيجعل للسدس سبيلا على حدة ولا يجعل ذلك للثمن ولا للربع فعرفنا ان السدس عدل في هذا الباب فيستحق ذلك بالتسمية الا أن يكون أحسن سهام ورثته دون ذلك ثم يزاد ذلك القدر على سهام الفريضة لانه يجعل الموصى له شريك ورثته بسهم وقد علمنا أنه لم يرد تحويل سهم أحد ورثته إليه لانه لا سبيل إلى ذلك فعرفنا أن المراد ايجاب مثل أحد السهام له ومثل الشئ غيره ولو أوصى له بجزء من ماله أو بنصيب من ماله أو بطائفة من ماله أو ببعض ماله أو بشقص من ماله أعطاه الورثة ما شاؤا لانه سمى له شيا مجهولا وليس لنا عبارة من جنس ما سمي ليصرف مقدار المسمى بالرجوع إلى عبارة وجهالة الموصى به لا تمنع صحة الوصية والوراث في البيان يقام مقام المورث بخلاف السهم فقد وجدنا هناك عيارا من جنس ما سمى عند وجوب الوصية يمكن أن يعلم به مقدار الوصية وذلك سهام ورثته بعد موته * ولو أوصى له بالثلث الا شيأ أو الا قليلا أو الا يسيرا أو بزهاء ألف أو بعامة هذه الالف أو جل هذه الالف أو بعظم هذه الالف وذلك يخرج من الثلث فله النصف من ذلك وما زاد على النصف فهو إلى الورثة يعطون منه ما شاؤا لانه ليس فيه أكثر من مستثنى مجهول وأن جهالته توجب جهالة المستنثى منه ولكن الوصية في المجهول صحيحة ثم في العادة المستثنى بهذه الالفاظ يكون دون المستثنى منه والكلام المقيد بالاستثناء يكون عبارة عما وراء ذلك المستثنى فيجعل كانه أوصى بنصف الالف وزيادة فيكون القول في مقدار بيان الزيادة إلى الورثة ثم عاد إلى بيان قول أبى حنيفة قال إذا أوصى بسهم من ماله وله ابنتان وامرأة وأبوان فله ثلاثة من ثلاثين سهما عندهم جميعا لان هذه الفريضة من سبعة وعشرين بعد العول وأخس السهام نصيب المرأة فيزاد للموصى له مثل نصيبها فيكون له ثلاثة من ثلاثين وكان له عشرة بنين وعشرة بنات فله سهم من أحد وثلاثين لان

[ 89 ] المال بين أولاده على ثلاثين سهما وأخس السهام سهم بنت فيزاد ذلك على سهام الفريضة للموصى له * ولو كانت امرأة لها أبوان وابنتان وزوج فللموصى له سهم من ثمانية أسهم ونصف لان أصل هذه الفريضة من بعد العول من سبعة ونصف للابنتين الثلثان أربعة وللزوج الربع سهم ونصف وللابوين السدسان فزدنا على ذلك مثل أخس السهام وذلك سهم * ولو تركت المرأة أختين لاب وأم وأختين لام وأما وزوجا جعلت له سهما من أحد عشر سهما لان هذه الفريضة بعد العول من عشرة للاختين لاب وأم وأربعة وللاختين لام سهمان وللام سهم وللزوج ثلاثة فيزاد على ذلك سهم للموصى له * ولو تركت زوجا وأخوين وأوصت بسهم من مالها ففي قول أبى حنيفة له السدس لان سهم أحد الورثة زائد على السدس فله السدس ولانه ليس للاخوين فريضة معلومة وانما الفريضة من ستة باعتبار أنها أعدل الاعداد كما بينا وفي قولهما له الخمس لان أخس الانصباء الربع وهو نصيب أحد الاخوين فيزاد على أربعة للموصى له سهم وهو الخمس * ولو ترك الرجل امرأة وأما وأختين لاب وأم وأختين لام فأوصى بسهم من ماله جعلت لصاحب الوصية سهما من تسعة أسهم ونصف لان أصل الفريضة من ثمانية ونصف بعد العول للاختين لاب وأم أربعة وللاختين لام سهمان وللام سهم وللمرأة سهم ونصف فذلك ثمانية ونصف ثم يزاد للموصى له مثل أخس السهام سهما فلهذا كان له سهم من تسعة ونصف والله أعلم بالصواب (باب الوصية على الشرط) (قال رحمه الله) وإذا أوصى الرجل لامته أن تعتق على أن لا تتزوج ثم مات فقالت لا أتزوج فانها تعتق من ثلثة لان الشرط قبولها الامتناع من التزوج وقد قبلت (ألا ترى) أنه لو أعتقها على مال عتقت بنفس القبول فكذلك إذا أوصى بعتقها على أن لا تتزوج تجب الوصية لها بنفس القبول فتعتق من ثلثه * يوضحه أنه لم يقصد المولى بهذا اللفظ انعدام التزوج منها أبدا فان ذلك لا يتم الا بموتها وبعد موتها لا يتصور عتقها فعرفنا أن مراده انعدام التزوج عقيب موته وقد وجد ذلك حين قبلت أن لا تتزوج فتعتق ثم الامتناع من التزوج لا يصير دينا في الذمة لاحد على أحد فان تزوجت بعد ذلك جاز نكاحها ولم تبطل وصيتها لانها قد عتقت والعتق بعد ما نفذ لا يمكن رده ولم يكن للمولى في هذا الشرط منفعة ظاهرة ولا لورثته

[ 90 ] ففواته لا يوجب عليها السعاية كما لو كان شرط عليها أن تصوم أو تصلى تطوعا * يوضحه أن القدر المشروط امتناعها من الزواج عقيب موته ولم يعقب ذلك وان تزوجت بعد ذلك * وكذلك لو قال هي حرة ان ثبتت على الاسلام أو على أن لا ترجع عن الاسلام فان أقامت على الاسلام ساعة بعد موته فهي حرة من ثلثه لانه لم يكن الشرط بثلثها على الاسلام إلى وقت موتها فان الجزاء وهو العتق لا يترك فيها بعد ذلك واللفظ إذا تعذر فيه اعتبار الاقصى يعتبر الادنى وذلك في أن تثبت على الاسلام ساعة بعد موته ثم ظاهر ما قال يدل على أن العتق يتنجز فيها من غير تنجيز وتأويله أنه لم يضف ذلك إلى ما بعد الموت فأما إذا أضافه إلى ما بعد الموت فانها لا تعتق لان العتق إذا لم يتنجز بنفس الموت فلا بد من التنفيذ بعد ذلك وقد بينا ما في هذا الكلام في كتاب العتاق في قوله أنت حر بعد موتى بيوم * ولو أوصى لام ولده بألف درهم على أن لا تتزوج أو قال ان لم تتزوج أو على أن تثبت مع ولدى فقبلت وفعلت ما شرط عليها بعد موته يوما أو أقل أو أكثر فلها الوصية لان المعتبر وجود أدنى ما يتناوله اللفظ لعلمنا انه لم يرد به الاقصى فيتم استحقاقها بقبولها لوجود ذلك الادنى منها ثم لو تزوجت بعد ذلك لم تبطل وصتيها * ولو أوصى لخادمة أن تقيم مع أبيه أو مع ابنيه حتى يستغنيا ثم هي حرة ولا وارث له غيرهما وهي تخرج من ثلثه فان كانا كبيرين خدمتهما حتى تتزوج الجارية ويصيبب الغلام خادما أو ما لا يبلغ خادما يستغنى به عن خدمتها وان كانا صغيرين تخدمهما حتى يدركا فإذا أدركا عتقت لان مطلق اللفظ محمول على ما يتفاهم الناس في مخاطباتهم وهو شرط عليها الخدمة إلى غاية وهو استغناؤهما عن خدمتها فلا بد من اعتبار تلك الغاية وهي استغناء الكبير عن خدمتها فإذا كانا صغيرين فاستغناؤهما يكون بالادراك لانهما عند ذلك يتمكنان من القيام بخدمتهما فإذا وجدت تلك الغاية فقد وجد ما شرط عليها فيجب اعتاقها من ثلثه حتى إذا لم يكن له مال غيرها أعتقت وسعت في ثلثى قيمتها للورثة فان مات أحدهما أو ماتا قبل أن يستغنيا بطلت وصيته بالعتق لفوات الشرط * وإذا أوصى النصراني بخادم له بالعتق ان ثبتت على النصرانية بعد موته أو على الاسلام فثبتت على ذلك بعد موته ساعة أو أكثر فانها تعتق من ثلثه فان تغيرت بعد ذلك لم تبطل وصيتها وعتقها ماض وان أسلمت عقيب موته بلا فصل ولم تثبت على النصرانية فانها لا تعتق لان المعتبر أدنى ما يتناوله اللفظ وشرط ثبوب الوصية ثباتها على ما شرط عليها وهو أن تثبت عليه بعد موته فان ثبتت على ذلك ساعة

[ 91 ] فقد تم الشرط وان لم تثبت فقد بطلت الوصية لفوات الشرط * ولو أوصى لام ولده بالف درهم ان لم تتزوج أبدا أو وقت لذلك وقتا فهو كما قال لانه لاوجه لحمل اللفظ على أدنى ما يتناوله بعد تصريحه بالتأبيد أو بعد التوقيت نصا بل ما نص عليه أولى بالاعتبار فان تزوجت قبل ذلك الوقت فوصيتها باطلة لفوات الشرط * وكذلك لو قال لامته أعتقوها ان لم تخرج من عند ولدي إلى شهر أو قال هي حرة ان لم تتزوج شهرا فإذا تزوجت قبل الشهر أو خرجت من عند ولده بطلت وصيته لها لفوات الشرط * ولو أوصى لها بالعتق على أن لا تتزوج فلانا بعينه فقبلت ذلك عتقت من ثلثه فان تزوجت بعد ذلك لم يضرها ذلك لانه ذكر الشرط مطلقا فيتناول الادنى ويتم بوجود ذلك منها بعد موته ساعة فيجب اعتاقها وبعد ما عتقت لا يمكن ردها إلى الرق * ولو أوصى لها بالعتق على أن لا تتزوج فلانا بعينه أبدا فقبلت ذلك فانها تعتق من ثلثه فان تزوجته بعد ذلك أو لم تتزوج فلا شئ عليها لانا علمنا ان المولى لم يقصد تأخير عتقها امتناعها عن التزوج أبدا إذ لا يتصور العتق بعد ذلك بانه شرط وانما شرط قبولها ذلك وامتناعها من التزوج بعد موته ساعة وقد وجد ذلك ثم لا منفعة للمولى في هذا الشرط ففواته لا يوجب عليها السعاية في شئ بعد ماعتقت وان كان فلان ذلك وارثه لا وارث له غيره وقد اعتقها على أن تتزوجه فأبت أن تزوجه نفسها فانها تسعى في قيمتها لان في التزوج به منفعة الوارث واشتراط منفعة لوارثه عليها كاشتراطه منفعة لنفسه ولو أعتقها في حياته على أن تتزوج به فأبت كانت عليها السعاية في قيمتها لان الشرط الذى فيه منفعة موجبه المطالبة به والامتناع منها يلزمها رد بمقابلته والعتق بعد ما نفذ لا يمكن رده فكان الرد بايجاب السعاية عليها * ولو أوصى بعتق عبد له على أن لا يفارق ولده أبدا وعليه دين يحيط بماله بطلت وصيته ويباع في الدين لان الدين مقدم على الوصية والميراث فان أعتقه الورثة لم يجز عتقهم لكون الدين محيطا بالتركة فكذلك بعد وصية الاب فان كان فيه فضل على الدين جاز عتق الورثة لان الدين الذى هو عين محيط لا يمنع ملك الوارث في جميع التركة في قول أبى حنيفة رحمه الله الاخر وإذا نفذ العتق منهم ضمنوا الدين للغرماء لان حقهم تعلق بمالية رقبته وقد أتلفوا ذلك عليهم بالاعتاق والله أعلم بالصواب (باب وصية الصبي والوارث) (قال رحمه الله) وإذا أوصى الصبى بوصية فوصيته باطلة سواء مات قبل الادراك

[ 92 ] أو بعده عندنا وقال الشافعي وصيته بما يرجع إلى الخير ويكون مستحسنا عند أهل الصلاح صحيحة يجب تنفيذها وكذلك الخلاف في المجنون واستدل في ذلك بحديث عمر رضى الله عنه أنه أجاز وصية غلام يفاع أوقال يافع وهو الذى قارب البلوغ ولم يبلغ بعد وهذا لان أوان وجوب الوصية ما بعد الموت وبالموت يستغنى هو عن المال وانما لا يصح تصرفه في حياته لمعنى النظر له حتى يبقي له المال فيصرفه إلى حوائجه بعد البلوغ ومعنى النظر له في تنفيذ وصيته إذا مات في ذلك لانه يكتسب الزلفى والدرجة بعد ما استغنى عن المال بنفسه والدليل عليه أن الوصية أحب الميراث والصبى في الارث عنه بعد الموت مساو للبالغ فكذلك في الوصية قال ولا يلزمنى على قولى هذا أن اسلامه لا يصح بنفسه وأن قبول الهبة والصدقة لا يصح لان ما فيه منفعة للصبي إذا أمكن تحصيله له بوليه لا يعتبر فيه عقله ورشده وإذا لم يمكن تحصيله بوليه يعتبر فيه عقله ورشده توفيرا للمنفعة عليه والاسلام يحصل له بغيره وكذلك قبول الهبة والصدقة فاما اكتساب الاجر بالوصية فلا يمكن تحصيله له بغيره فلا بد من اعتبار عقله فيه وأصحابنا رحمهم الله يقولون هذا تمليك المال بطريق التبرع ولا يصح من الصبي والمجنون كالهبة والصدقة وهذا لان اعتبار عقله فيما ينفعه دون ما يضره (الا ترى) أنه لم يعتبر عقله في حق الطلاق والعتاق لان ذلك يضره باعتبار أصل الوضع فكذلك تمليك المال بطريق التبرع فيه ضرر باعتبار أصل الوضع وان تصور في الوصية منفعة فذلك باعتبار الحال وفي التصرفات يعتبر أصل الوضع لا الاحوال (ألا ترى) أن الطلاق قد ينفعه في بعض الاحوال بأن يطلق امرأته الفقيرة ويتزوج باختها الموسرة ولم يعتبر هذا فهذا مثله وكما أن منفعة الوصية لا يمكن تحصيلها له بوليه فمنفعة الهبة والصدقة من حيث الاجر وصلة الرحم لا يمكن تحصيلها بوليه وهذا لا يدل على أنه كان يملك ذلك بنفسه وتأويل حديث عمر رضى الله عنه أنه كان الغلام بالغا ولكنه كان قريب العهد بالبلوغ ومثله يسمى يافعا بطريق المجاز (ألا ترى) أنه لم يستفسر وصيته كانت بعمل القربة أو بغيره وكذلك لو قال الصبي إذا أدركت ثم مت فثلثي لفلان فهو باطل لان قول الصبى هدر في التبرعات كما هو هدر في الطلاق والعتاق ثم لا يصح منه اضافة الطلاق والعتاق إلى ما بعد البلوغ كما لا يصح منه غيرهما فكذلك اضافة التبرع وهذا بخلاف المكاتب إذا قال إذا أعتقت فثلث مالى وصية لفلان لان المكاتب مخاطب له قول ملزم في حق نفسه فيصح اضافة التبرع إلى حالة حقيقة ملكه فاما الصبى فغير مخاطب

[ 93 ] وليس له قول ملزم في التبرعات أصلا فأما المكاتب إذا أوصى بثلث ماله ثم أدى فعتق ثم مات فعند أبى حنيفة الوصية باطلة وعند أبى يوسف هي صحيحة وهذا نظير ما سبق في كتاب العتاق إذا قال المكاتب كل مملوك أملكه فيما استقبل فهو حر ثم عتق فملك مملوكا وإذا أوصى الحربى المستامن بماله لمسلم أو ذمي فهو جائز من قبل أن حكمنا لا يجرى على ورثته ومعنى هذا أن امتناع نفوذ الوصية فيما زاد على الثلث لحق الورثة بدليل أنهم إذا أجازوا كان نافذا وليس لورثته حق مرعى عندنا لان من في دار الحرب في حق من هو في دار الاسلام كالميت ولان ثبوت الحرمة في هذا بسبب الامان والامان كان لحقه لا لحق ورثته ومن حقه تنفيذ وصيته لا ابطالها وان أوصى باقل من ذلك القدر أجزت وصيته ورددت الباقي على ورثته لان ذلك مراعاة لحق المستأمن أيضا لا لحق ورثته ومن حقه تسليم ماله إلى ورثته إذا فرغ عن حاجته وتصرفه والزيادة على مقدار ما أوصى به فارغ عن ذلك * وكذلك لو أعتق عبدا له عند الموت أو دبر عبدا له في دار الاسلام فذلك صحيح منه من غير اعتبار الثلث وان شهد على وصيته أهل الذمة أجزت ذلك وان كانوا على غير ملته لان الكفر كله ملة واحدة وشهادة أهل الذمة على المستأمن مقبوله ولو أوصى له مسلم أو ذمي بوصية جاز ذلك لانه مادام في دارنا فهو في المعاملات بمنزلة الذمي بدليل عقود التمليكات في حالة الحياة وذكر في الامالى أن على قول أبى حنيفة وأبى يوسف لا تصح الوصية من المسلم والذمى للمستأمن لانه وان كان في دارنا صورة فهو من أهل دار الحرب حكما حتى يتمكن من الرجوع إلى دار الحرب ولا يتمكن من اطالة المقام في دار الاسلام ووصية من هو من أهل دار الاسلام لمن هو من أهل دار الحرب باطلة لان لتباين الدارين تأثيرا في قطع العصمة والموالاة ومحمد قال الوصية تبرع بالتمليك ابتداء بعد الموت فتعتبر بالتبرع في حالة الحياة كالهبة والصدقة وذلك صحيح من المسلم للمستأمن فكذلك هذا وان أوصى الحربى في دار الحرب بوصية ثم أسلم أهل الدار وصاروا ذمة ثم اختصموا في تلك الوصية فان كانت قائمة بعينها أجزتها وان كانت قد استهلكت قبل الاسلام أبطلتها من قبل أنى لا آخد أهل الحرب بما اغتصب بعضهم من بعض فالمستهلك قبل الاسلام بمنزلة المغصوب والمستهلك لا ضمان فيه على المستهلك وما كان قائما بعينه فالاسلام الموجود منه بعد العقد قبل حصول المقصود بمنزلة المقترن بالعقد فيجب تنفيذها ولا تجوز وصية الذمي باكثر من الثلث لان أهل الذمة التزموا أحكام الاسلام فيما يرجع

[ 94 ] إلى المعاملات فكما أن الوصية فيما زاد على الوصية والوصية لبعض الورثة لا تجوز من المسلم مراعاة لحق ورثته فكذلك لا تجوز من الذمي وان أوصى لغير أهل ملته فهو جائز لانهم أهل ملة واحدة في حكم الارث فكذلك في حكم الوصية وان أوصى لحربي في دار الحرب لم تجز لتباين الدارين بينهما حقيقة وحكما ولهذا لا يجرى التوارث بينهما وان أوصى الذمي للبيعة أو للكنيسة أن ينفق عليها في اصلاحها أو أوصى أن يبنى بماله بيعة أو كنيسة أو بيت نار أو أوصى بأن يذبح لعيدهم أو للبيعة أو لبيت نارهم ذبيحة جاز في قول أبى حنيفة ولم يجز شئ منه في قول أبى يوسف ومحمد (ووصايا أهل الذمة على ثلاثة أوجه) منها أن يوصى بما هو قربة عندنا وعندهم كالوصية بالصدقة والعتق والاسراج في البيت المقدس فهذا يجب تنفيذه من ثلثه بالاتفاق كما يجب تنفيذه إذا كان الموصى مسلما فانهم يتقربون إلى الله تعالى بذلك بزعمهم وان كانوا لا يثابون على ذلك * ووجه منها أن يوصى بما هو قربة عندنا معصية عندهم كالوصية بالحج والغزو إلى الروم إذا كان الموصى منهم فهذه الوصية تبطل لانه لا يعتقد القربة فيه وانما أمرنا أن نبنى الاحكام على ما يعتقدون الا أن يوصى بشئ من ماله لاقوام معينين يصرفونه إلى هذه الجهة فحينئذ تنفذ الوصية لا عيانهم لا لمعنى القربة وهو نظير المسلم يوصى بشئ من ماله للمغنيات أو للنائحات فان كانوا أقواما بعينهم يحصون جازت الوصية لهم والا بطلت * ووجه منها أو يوصى بما هو قربة عندهم معصية عندنا وهذا عند أبى حنيفة رحمه الله بمنزلة الوجه الاول يجب تنفيذها وعندهما بمنزلة الوجه الثاني لانه ليس في هذه الوصية معنى القربة حتى يقال انها وقعت لله تعالى فإذا لم يكن لقوم معينين كان كان الموصى له مجهولا جهالة مستبهمة فلا تصح الوصية وان كان لاقوام معينين فهذه وصية منه لهم فيجب تنفيذها كما في الوجه الثاني وأبو حنيفة يقول الموصى في هذه الوصية قصد التقرب إلى ربه فيجب تنفيذ وصيته وان كان لا يثاب عليه أو كان معصية في الحقيقة كما في الوجه الاول فان اصراره على الكفر واشتغاله بالوصية معصية منه وهو غير مثاب على ما يوصى به من الصدقة ومع ذلك يجب تنفيذ وصيته وهذا لانا أمرنا بان نبنى احكامهم على ما يعتقدون (ألا ترى) انا نجوز التصرف منهم في الخمر والخنزير بناء على اعتقادهم وانما نعتبر ما يظهرون من غير أن نعتبر حقيقة ما يضمرون في ذلك ولهذا يحلفون بالله في الخصومات والدليل عليه ان فيما تبطل الوصية بغير اعتقادهم لا اعتقاد المسلمين فكذلك فيما تصح الوصية وان بني في حياته بيعة أو كنيسة أو بيت نار ثم

[ 95 ] مات كان ميراثا أما عندهما فلان هذه معصية وعند أبى حنيفة هذا بمنزلة الوقف والوقف عنده لا يلزم في حالة الحياة ولا يمنع الارث بخلاف مااذا كان مضافا إلى ما بعد الموت وهذا بخلاف بناء المسجد من المسلم فان ذلك تقرب بتحرير تلك البقعة وجعلها لله تعالى خالصا (ألا ترى) انه يعدها لعباد الله تعالى فاما بقعة البيع فاما يعدها للتبرك وعباده الشياطين فلا تتحرر به عن ملكه فلهذا تصير ميراثا لورثته ووصية الذمي بالخمر والخنزير جائزة لانها مال متقوم في حقهم بمنزلة الشاة والعصير في حقناو لو أوصى الذمي إلى المسلم فذلك جائز عندنا والشافعي لا يجوز ذلك لان الوصي يخلف الموصى وكما أن اختلاف الدين يمنع الخلافة بسبب الارث في الملك والتصرف فكذلك يمنع الخلافة في التصرف بجهة الايصاء إليه ولكنا نقول تفويض التصرف بجهة الايصاء إليه بعد موته بالوصية كتفويض التصرف إليه في الوكالة في حياته الا انه إذا كان في التركة خمر أو خنزير فينبغي للمسلم أن يوكل ببيع ذلك من يثق بأمانته من أهل الذمة ولا يباشره بنفسه لانه ممنوع من التصرف في الخمر والخنزير شرعا ومنهى عنه وإذا شهد قوم من أهل الذمة بدين على الذمي والوصى مسلم فالشهادة جائزة لان الدين بهذه الشهادة لا يثبت في ذمة الوصي انما يثبت في ذمة الميت فيكون القضاء به على الميت وعلى ورثته وهي حجة عليهم (ألا ترى) أن ذميا لو وكل بخصومته مسلما فشهد عليه شهود من أهل الذمة جازت الشهادة قال ولا تجوز شهادتهم بما تولاه الوصي من عقوده لان مباشرته العقد لغيره بمنزلة مباشرته لنفسه وانما يجب الدين في ذمته فلا يثبت الا بشهادة هي حجة في حقه * ولو أوصى الذمي للمسلم أو المسلم للذمي بوصية جاز ذلك عندنا اعتبارا للتبرع بالتمليك بعد الوفاة بالتبرع حالة الحياة * ولو اوصى المسلم ببيت له يبني مسجدا فهو جائز من ثلثه لانه تقرب بتلك البقية إلى الله تعالى حين جعلها معدة لاقامة الطاعة فيها ولو فعل ذلك في حياته جاز فكذلك إذا أوصى بعد موته * ولو أوصى بان يرم مسجد مبنى أو يلقى فيه حصى أو يجصص أو يعلق عليه أبواب فهو جائز من ثلثه لوجود معنى القربة فيما أوصى به ولم يذكر في الكتاب إذا أوصى بشئ من ماله للمسجد وذكر في نوادر هشام أن ذلك لا يجوز عند أبى يوسف الا أن يبين فيقول لمرمة المسجد أو لعمارته أو لمصالحه فان مطلق قوله للمسجد يوجب التمليك من المسجد كقوله لفلان والمسجد ليس من أهل الملك وعلى قول محمد هذه الوصية جائزة من ثلثه لان العرف يقيد مطلق لفظه وفي العرف انما يفهم من هذا اللفظ مرمة المسجد أو عمارته وان جعل

[ 96 ] السفل مسجدا والعلو مسكنا أو على عكس ذلك فهو ميراث يباع لان الاصل في المساجد الكعبة وتلك البقعة جعلت لله تعالى وتحررت عن حقوق العباد فكل ما يكون في معنى ذلك فهو نافذ وما لم يكن في معناه فليس بمسجد وعلى قول الحسن ان جعل السفل مسجدا دون العلو جاز وان جعل العلو مسجدا دون السفل لا يجوز لان المسجد ماله قرار وتأبيد وعن أبى يوسف أنه جوز ذلك كله حين قدم بغداد ورأى ضيق المنازل باهلها وقد بينا هذا الحبس في كتاب الوقف وإذا أوصى المسلم ببيعة أو كنيسة فوصيته باطلة لان المسلم لا يتقرب إلى الله تعالى بمثل هذه الوصية وهو لم يقع لانسان بعينه * ولو أوصى المسلم بغلة جارية تكون في نفقة المسجد ومرمته فانهدم المسجد وقد اجتمع من غلتها شئ انفق عليه ذلك في بنائه لان وصيته بهذا اللفظ تقع لمصالح المسجد ومن المصالح بناء المسجد بعد الانهدام ولو انهد المسجد وليس بيده غلة مجتمعة فانى أبنى المسجد ثانيا وأنفق عليه من غلتها يعنى بطريق الاستقراض فيقضى ذلك من غلتها في المستقبل وان شاء أجمعوا على بناء المسجد من غير ذلك لان التدبير فيه إلى أهل المسجد والله أعلم بالصواب (باب الوصية بسدس داره) (قال رحمه الله) وإذا قال الرجل في مرضه ثلثى لفلان أو سدسي لفلان ثم مات قبل أن يقبض فهو في القياس باطل لانه مجهول غير معروف وحكمها مختلف وهذا التعليل لانه لم يبين أن مراده الهبة في حياته أو الوصية بعد موته وحكمهما مختلف وقيل معناه ان مطلق هذا اللفظ يتناول الهبة والموهوب مجهول غير مقبوض وذلك دون هبة المشاع فيما يحتمل القسمة وقيل معناه ان حقيقة هذا اللفظ يتناول اللفظ نفسه لانه قال ثلثى وسدسي ونفسه لا تحتمل الايجاب للغير ولا يمكن حمله على ماله لانه مجهول فانه لا يدرى أله مال أم لا وأى مقدار ماله ومن أي جنس ماله ولكنه أستحسن فجعل ذلك وصية من جميع تركته كما سمي لان حقيقته تسقط اعتباره بدليل العرف كمن حلف لا يشترى بنفسجا ينصرف إلى الدين دون الورق بدليل العرف والعرف الظاهر انهم لا يريدون باطلاق هذا اللفظ في المرض ايجاب الوصية في ثلث المال فكأنه أوصى له بثلث ماله ومعنى قوله بثلثي أي بالثلث الذي جعل لى الشرع حق التصرف فيه بالوصية بعد موتى على ما قال رسول الله صلى الله عليه

[ 97 ] وسلم ان الله تعالى تصدق عليكم الحديث * وإذا قال في وصيته سدس دارى لفلان فان ذلك جائز وليس هذا باقرار لانه أضاف ما جعله لفلان إلى نفسه أولا فبه تبين أن المراد ايجابه له لا الاخبار أنه كان له وبذكر هذا اللفظ في حالة الوصية يستدل على أن مراده الوصية دون الهبة والشيوع لا يمنع صحة الهبة لان القسمة تتمة القبض وأصل القبض ليس بشرط في معنى الوصية فكذلك القسمة بخلاف الهبة * ولو قال له السدس في دارى فهذا اقرار لان اللام لثبات الملك فقد أخبر بملكه في سدس منكر وجعل داره ظرفا لذلك السدس فلا يصير هو باضافة الظرف إلى نفسه بمضيف ملك السدس إلى نفسه حتى يكون ذلك تمليكا منه ابتداء فهو بمنزلة قوله ذرة في كفى لفلان أو نواة في كمى لفلان * ولو قال له ألف درهم من مالى لم يكن هذا اقرارا وهو وصية إذا كان ذكر في وصيته بخلاف قوله له ألف درهم في مالى لان حرف في للظرف وحرف من للتبعيض فإذا جعل الالف بعضا من ماله كان مضيفا الالف إلى نفسه ثم موجبا لفلان * وان قال عبدى هذا لفلان أو دارى هذه لفلان فهذا مثل قوله سدس دارى لفلان في القياس ان لم يقبضها في حياته فهو باطل بخلاف قوله سدس دارى لفلان لان حقيقة هذا اللفظ للتمليك في الحال ففى العبد والدار يمكن تحصيل مقصوده مع اعتبار حقيقة اللفظ لان اللفظ فيها يصح وفي قوله سدس دارى لا يمكن تحصيل مقصوده مع مراعاة حقيقة اللفظ فلهذا حملنا ذلك على الوصية * ولو قال درهم من دراهمي لفلان فليس هذا باقرار لان من للتبعيض فقد جعل ما أوجبه لفلان من بعض ملكه وكذلك لو قال بيت من دارى لفلان فليس هذا باقرار بخلاف قوله بيت في دارى * ولو قال سدس دارى لفلان ولم يقل بعد موتى ولم يقل ذلك في حالة الوصية فهذه هبة لانه لا يمكن حمل لفظه على الوصية من غير دليل وليس في لفظه ما يدل ولا في حاله ما يدل على ذلك فتكون هذه هبة غير مقسومة ولا مقبوضة ولو قال أوصيت بان يوهب لفلان سدس دارى بعد موتى وصية أو يتصدق به عليه وصية أجزت ذلك وكذلك لو قال سدس دارى لفلان بعد موتى هبة أو صدقة جاز ذلك لانه لما قال بعد موتى فقد صرح بالوصية فانه أضاف التصرف إلى ما بعد الموت والتصرف المضاف إلى ما بعد الموت يكون وصية فيجب تنفيذها من الثلث والله أعلم بالصواب

[ 98 ] (باب الوصية بالكمال) (قال رحمه الله) رجل ترك خمس بنين وبنتا فأوصى لاحد بنيه بكمال الربع بنصيبه فأجازوا فالقسمة من ستة وثلاثين الربع من ذلك تسعة ونصيبه من ذلك ستة وكمال الربع ثلاثة والباقى بين الاخرين لكل ابن ستة وللابنة ثلاثة فتخريجه على طريق الكتاب أن تقول أصل الفريضة لو لم يكن فيها وصية من أحد عشر لكل ابن سهمان وللابنة سهم فاطرح نصيب الموصى له وذلك سهمان واضرب ما بقى وهو تسعة في أربعة لاجل الوصية بكمال الربع فيكون ستة وثلاثين سهما فهو المال * ومعرفة النصيب أن تأخذ ما طرحت وذلك سهمان فتضربهما في أربعة فيكون ثمانية ثم اطرح من ذلك اثنين يبقى ستة فإذا ظهر المال والنصيب يأخذ الموصى له ربع المال تسعة ستة من ذلك ميراثه بلا منة الاجازة وثلاثة الوصية فإذا تبين أن وصيته ثلاثة أسهم يرفع ذلك من رأس المال قبل قسمة الميراث فإذا رفعت ثلاثة من ستة و ثلاثين يبقى ثلاثة وثلاثون بين خمسة بنين وبنت لكل ابن ستة مثل النصيب وللابنة ثلاثة * وطريق الدينار والدرهم في ذلك أن يجعل المال أربعة دراهم وأربعة دنانير لحاجتك إلى حساب له ربع صحيح ثم يدفع إلى الموصى له الربع وذلك دينار ودرهم ويسترد منه بالنصيب دينار فيصير في يد الورثة أربعة دنانير وثلاثة دراهم وحاجتهم إلى خمسة دنانير ونصف لانا جعلنا نصيب الابن دينارا فأربعة دنانير التي في أيديهم قصاص بمثلها يبقى له ثلاثة دراهم يعدل دينارا ونصفا فانكسر فإذا ضوعف يكون ستة دراهم تعدل ثلاثة دنانير ثم اقلب القضية فيصير كل دينار بمعنى ستة فذلك أربعة وعشرون وأربعة دراهم كل درهم بمعنى ثلاثة فتكون الجملة ستة وثلاثين ثم أعطينا الموصى له دينارا ودرهما وذلك تسعة واسترجعنا منه بالنصيب دينارا وذلك ستة فظهر التخريج كما بينا * وطريق الجبر فيه أن يأخذ مالا فيعطى الموصى له ربعه ثم يسترد بالنصيب شيأ فيكون في بدل ثلاثة ارباع مال وشئ وحاجة الورثة إلى خمسة أشياء ونصف شئ لانا جعلنا النصيب شيأ فاجعل الشئ بالشئ قصاصا يبقى في يدك ثلاثة ارباع مال يعدل أربعة أشياء ونصف شئ فزد على ما يعدله مثل ذلك وذلك شئ ونصف شئ فإذا زدت على أربعة أشياء ونصف شيأو نصف شئ يصير ستة أشياء فظهر أن المال الكامل يعدل ستة أشياء فإذا أردت تصحيحه على وجه لا ينكسر فاضرب ستة في ستة فيكون ستة

[ 99 ] وثلاثين فهو المال الربع منه تسعة * ومعرفة النصيب أنا جعلنا النصيب شيأ وضربنا كل شئ في ستة فتبين أن النصيب ستة وطريق الخطأين فيه أن يجعل ثلث المال أربعة ويعطى الموصى له ثلاثة كمال الربع ويسترد منه بالنصيب سهما فيضم ذلك إلى ما في يد الورثة فيصير عشرة وحاجتهم إلى خمسة ونصف لانا جعلنا نصيب الموصى له سهما فظهر الخطأ بزيادة أربعة ونصف فعد إلى الاصل وزد في النصيب نصف سهم فتبين أن النصيب سهم ونصف وحاجتهم إلى ثمانية وربع لانا جعلنا نصيب الابن سهما ونصفا فيكون لخمسة بنين سبعة ونصف وللابنة ثلاثة أرباع فذلك ثمانية وربع فظهر الخطأ الثاني بزيادة سهمين وربع وكان الخطأ الاول بزيادة أربعة ونصف فلما زدنا في النصيب نصف سهم أذهب نصف الخطأ فالسبيل أن تزيد سهما كاملا ليذهب جميع الخطأ فيسترد بالنصيب من الموصى له سهمين يضمه إلى ما بقي من الثلث فيكون ثلاثة ثم يضم ذلك إلى ما في يد الورثة وهو ثمانية فتصير أحد عشر مقسوما بين خمسة بنين والابنة لكل ابن سهمان وللابنة سهم فاستقام التخريج فإذا عرفت طريق الخطأ فطريق الجابرين تخرج عليه مستقيما أيضا * ولو ترك ثلاثة بنين وابنة وأوصى للابنة بالربع بنصيبها وأوصى بثلثي ما بقي من الثلث فأجازوا فالفريضة من ثمانية وأربعين نصيب الابنة من ذلك خمسة وتمام الربع سبعة وثلثا ما بقي من الثلث ستة ولكل ابن عشرة * أما على طريق الكتاب فنقول أصل الفريضة بدون الوصية على سبعة لكل ابن سهمان وللابنة سهم فاطرح نصيب الموصى لهما وذلك واحد ثم اضرب ما بقى وهوستة في ثلاثة لوصيته بثلثي ما بقي من الثلث فيكون ثمانية عشر ثم زد على ذلك سهمين لانه لو كان أوصى بثلث ما بقى من الثلث كنا نزيد سهما واحدا و إذا أوصى بثلثي ما بقى من الثلث تزيد سهمين فيكون ذلك عشرين ثم يضرب ذلك في أربعة لمكان وصيته بكمال الربع فيكون ثمانين فهو ثلث المال وجملة المال مائتان وأربعون الربع من ذلك ستون * ومعرفة النصيب أن تأخذ ما طرحت وهو واحد فتضرب ذلك في أربعة ثم تطرح واحدا ثم تضرب ذلك في ثلاثة فيصير تسعة ثم في ثلاثة فيكون سبعة وعشرين ثم تطرح من ذلك سهمين لما بينا أنه لو كان أوصى له بثلث ما بقي من الثلث كنا نطرح من مبلغ عدد النصيب سهما فإذا أوصى بثلثي ما بقي من الثلث نطرح لاجل ذلك سهمين يبقى خمسة وعشرون وهو النصيب فإذا أخذت الابنة ربع المال ستين واسترد منها بالنصيب فإذا أخذت خمسة وعشرين يبقى لها خمسة وعشرون مقدار وصيتها ثم يرفع ذلك من ثلث المال وهو ثمانون يبقى خمسة وأربعون للموصى له