ما هاج شوقك من عهود رسوم

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

ما هاجَ شوقكَ منْ عهودِ رسومِ

​ما هاجَ شوقكَ منْ عهودِ رسومِ​ المؤلف جرير


ما هاجَ شوقكَ منْ عهودِ رسومِ
بادتْ معارفها بذي القيصومِ
هِجْنَ الهَوَى وَمَضَى لعَهدِكَ حِقبةٌ
و بلينَ غيرَ دعائمِ التخييمِ
و لقدْ نراكِ وأنتِ جامعةُ الهوى
إذْ عهدُ أهلكِ كانَ غيرَ ذميمِ
فسقيتِ منْ سبلِ الغوادي ديمةً
أوْ وبلَ مرْ تجسن الربابِ هزيمِ
قدْ كدتَ يومَ قشاوتينِ منَ الهوى
تبدي شواكلَ سركَ المكتومِ
إلىَ أميركَ لا يردُّ تحيةً
ماذا بمنْ شعفَ الهوى برحيمِ
أوْ بالصّفَاحِ وَغَارِبٍ مَكْلُومِ
فَلَقَدْ عَجِبْتُ لحَبْلِنا المَصْرُومِ
وَلَقَدْ رَأيْتُ، وَلَيسَ شىء باقِياً،
يوماً ظعائنَ سلوةٍ ونعيمِ
فإذا احتَمَلنَ حَلَلْنَ أوْسَعَ مَنزِلٍ؛
وَإذا اتّصَلْنَ دَعَوْنَ يالَ تَمِيمِ
و غذا وعدنكَ نائلاً أخلفنهُ
و إذا طلبنَ لوينَ كلَّ غريمِ
فاعصِي مَلامَ عَوَاذلٍ يَنْهَيْنَكُمْ،
فَلَقَدْ عصَيْتُ إلَيْكِ كُلّ حَميمِ
وَلَقَدْ تَوَكّلُ بِالسّهَادِ لِحُبّكُمْ
عينٌ تبيتُ قليلةَ التهويم
إنّ امْرَأً مَنَعَ الزّيَارَةَ مِنْكُمُ
حنقاً لعمرُ أبيهِ غيرُ حليمِ
يرمينَ منْ خللِ الستورِ بأعينٍ
فيها السقامُ وبرءُ كلَّ سقيمِ
يا مسلمَ المنضيفونَ إليكمْ
أهْلَ الرّجَاء طَلَبْتُ وَالتّكْرِيمِ
كمْ قدْ قطعتُ إليكَ منْ ديمومةٍ
قُفْرٍ وَغولِ صَحاصِحٍ وَحُزُومِ
لا يأمنونَ على الأدلةِ هولها
إلاّ بِأشْجَعَ صَادِقِ التّصْمِيمِ
كَيفَ الحَديثُ إلى بَني داوِيّةٍ،
معتصبينَ لدى خوامسَ هيمِ
أبْصَرْتِ أنّ وُجُوهَهُمْ قد شفّها
مَا لا يَشُفّكِ مِنْ سُرًى وَسَمُومِ
و يقولُ منْ وردتْ عليهِ ركابنا
أمِنَ الكُحَيْلِ بهِنّ لَوْنُ عَصِيمِ
تشكو جوالبَ دامياتٍ بالكلى
أوْ بالصفاحَ وغاربٍ مكاومِ
حتى استرَ حنَ اليكَ منْ طولِ السرى
و منَ الحفا وسرائحِ التخديمِ
نامَ الخليُّ وما تنامُ همومي
وَكَأنّ لَيْليَ باتَ لَيْلَ سَلِيمِ
إنَّ الهمومَ عليكَ داءٌ داخلٌ
حتى تُفَرِّجَ شَكّهَا بِصَرِيمِ
ما أنصفَ المتوددونَ إلىَ الردى
وَحَمَيْتُ كُلَّ حِمًى لهُمْ وَحرِيمِ
لوْ يقدرونَ بغيرِ ما أبليتهمْ
لسقيتُ كأسَ مقشبٍ مسمومِ
وَوَجَدْتُ مَسْلَمَةَ الكَرِيمَ نِجَارُهُ
مِثْلَ الهِلالِ أغَرَّ، غَيْرَ بَهِيمِ
أنْتَ المُؤمَّلُ وَالمُرَجّى فَضْلُهُ،
يا ابنَ الخَليفَةِ، وَابنَ أُمّ حَكِيمِ
للبدرُ وابنُ غمامةٍ ربعيةٍ
أصْبَحْتَ أكْرَمَ ظاعِنٍ وَمُقِيمِ
و نباتُ عيصكمُ لهُ طيبُ الثرى
و قديمُ عبصكَ كانَ خيرَ قديم
لما نزلتُ بكمْ عرفتمْ حاجتي
فجبرتَ عظمي واستجدَّ أديمي
و لقد حبوني بالجيادِ وأخدموا
خَدَماً إلى مائةٍ بهَازِرَ كُومِ
حَيّيْتُ وَجْهَكَ بِالسّلامِ تَحِيّةً،
و عرفتُ ضربَ كريمةٍ لكريم
و اللهُ فضلَ والديكَ فأنجبا
و عددتَ خيرَ خؤولةٍ وعموم
أرْضَيْتَنَا وَخُلِقْتَ نُوراً عالِياً
بِالسّعْدِ، بَيْنَ أهِلَّةٍ وَنَجُومِ
أنتَ ابنُ مُعْتَلَجِ الأباطِحِ فافتَخِرْ
مِنْ عَبدِ شَمسَ بذِرْوَةٍ وَصَمِيمِ
و لقدْ بنيَ لكَ في المكارمِ والعلا
آلُ المغيرةِ منْ بني مخزوم
و بآلِ مرةَ رهطِ سعدي فافتخرْ
منْهُمْ بِمَكْرُمَةٍ وَفَضْلِ حُلُومِ
المانعينَ إذا النساءُ تبذلتْ
وَالجاسِرِينَ بِمُضْلِعِ المَغْرُومِ
ما كانَ في أحدٍ لهمْ مستنكراً
فَكُّ العُنَاةِ، وَحَملُ كُلّ عَظِيمِ
وَبَنى لِمَسْلَمَةَ الخَلائِفُ في العُلى
شَرَفاً، أقَامَ بِمَنْزِلٍ مَعْلُومِ