انتقل إلى المحتوى

ما لها مفرية بيدا فبيدا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

ما لها مفرية ً بيداً فبيدا

​ما لها مفرية ً بيداً فبيدا​ المؤلف عبد الغفار الأخرس


ما لها مفريةً بيداً فبيدا
تَقْطَعُ الأَرضَ هبُوطاً وصُعودا
كلّما لاح لها برق الحمى
نثرت من لؤلؤ الدمع عقودا
لستُ بالمنكر منها عبرة
إنّها كانت على الحبّ شهودا
فإلى أين سُراها ولمن
تطس البيداء أو تحشو الصعيدا
أَوْقَدَ الشوق بها نيرانه
فَتَلَظَّتْ بلظى الوَجد وقودا
تخمد النارُ وما لي لا أرى
للجوى من مهجة الصبِّ خمودا
يا أخلاّئي وأعلاقُ الهوى
جاوزتْ من شغف القلب حدودا
أَخْلَقَتِ بالصَّبر عنكم لوعة
تبعثُ الشوق بها غضاً جديدا
ووهى يوم نأيتم جلدي
بعدَ ما كنتُ على الدهر جليدا
خنتمُ عهدَ الهدى ما بيننا
ورَعَيْنا لكمُ فيها عهودا
من معيدٌ لي في وادي الغضا
زَمَناً مَرَّ ومن لي أَنْ يعودا
في زرودٍ وقفة أذكرها
فَسقى الله حيا المزن زرودا
ومن السّربِ مهاةٌ لحظها
يَصْرَع اللّبَّ ويصطاد الأسودا
وبروحي شادنٌ من ريقه
لا أعافُ الخمرَ والماء البرودا
سلب الغصن رطيباً قدُّه
والظِباءُ العُفْرُ ألحاظاً وجيدا
لامني اللائم عن جهلٍ به
والهوى يأَنَفُ إلاَّ أن يزيدا
أيّها العاذل يبغي رشدي
خَلِّني والغيّ إنْ كنتَ رشيدا
إنَّ مَن كانت حياتي عنده
طالما جرَّعني الحتفَ صدودا
وحرامٌ أنْ أرى سلوانه
ولو أنّي متُّ في الحبِّ شهيدا
غَلَبَتْني منه أجناد الهوى
إنَّ لمحبِّ على الصبِّ جنودا
من يريني البانَ والورد معاً
في تَثَنّيه خدوداً وقدودا
يمّمي أيّتها النوق بنا
سيّدَ السادات والركن الشديدا
فلئن سِرْتِ بنا حينئذٍ
لعليٍّ كان مسراك حميدا
لا ترى وجهاً عبوساً عنده
حين تلقاه ولا صدراً حقودا
منعمٌ سابغةٌ نعمتهُ
ومفيد من نداه المستفيدا
كلّما قرَّبتُ من حضرته
فرَّبتْ لي أملاً كان بعيدا
حيثُ طالعنا فأَبْصَرْنا به
طالعاً من ذلك الوجه سعيدا
أسرعُ العالم وعداً منجزاً
وإذا أوعدَ أبطاهم وعيدا
آل بيت سَطَعَتْ أنوارهم
لم تدعْ للغيّ شيطاناً مريدا
وإذا أعربتَ عن أبنائهم
فاذكر الآباء منهم والجدودا
تأْخُذُ الآراء عنه رشدها
فيُريها الرشدَ والرأي السديدا
ليّن الجانب فيه شدّةٌ
قد أذابت من أعاديه الحديدا
قُيِّدَتْ عادية الخطب فما
تضع الأغلال عنها والقيودا
ببنيهِ حفظ الله بهم
مهجةَ المجد طريفاً وتليدا
رافعٌ راية أعلام الهدى
عاقدٌ للدين بالعزّ بنودا
في بيوت أذِن الله لها
أنْ نراه في مبانيها عمودا
من سيوف الله إذ ما جردتْ
قطعت من عنق الشرك الوريدا
سيّدٌ برٌّ رؤوفٌ محسنٌ
ترك الأحرار بالبرّ عبيدا
فترى الأشراف في حضرته
قُوَّماً بين يديه وقعودا
أمطرتْ من يده قطرَ النّدى
في رياض الفضل يُنْبِتْنَ الورودا
فترى الأقلام في أمداحه
رُكّعاً تملي ثناه وسجودا
يا ابن قطب الغوث والغيث الذي
لم يزلْ يهلُّ إحساناً وجودا
أنتم البحر وما زلتُ بكم
مستمدّاً منكم البحر المديدا
إنْ وَرَدْنا منهلاً من نَيلكم
ما صدرنا عنكم إلاّ ورودا
ما سواكم مقصد الراجي ولا
في سوى شكرانكم نملي القصيدا
ليس بالبدع ولا غرو إذا
همتُ في مدحك نظماً ونشيداً
جُدْتَ لي بالجود حتى خِلْتَني
بندى وابلك الروض المجودا
وقليلٌ فيك لو أنظمها
في مزاياك لها دُرّاً نضيدا
فاهنا بالنيشان من سلطاننا
مبدئاً للفخر فيه ومعيدا
ذلك اليوم الذي وافى به
كان للأشراف في بغداد عيدا
ملكٌ أرسله مفتخراً
وبه أرسلَ مولاي البريدا
لم تزل ترقى إليها رتباً
نكبت الشانىءَ فيها والحسودا