انتقل إلى المحتوى

ما عند عينك في الخيال الزائر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

ما عِندَ عَينِكَ في الخَيالِ الزّائِرِ

​ما عِندَ عَينِكَ في الخَيالِ الزّائِرِ​ المؤلف الشريف الرضي


ما عِندَ عَينِكَ في الخَيالِ الزّائِرِ
أطُرُوقُ زَوْرٍ أمْ طَمَاعَةُ خَاطِرِ
بات الكرى عندي يزور زورة
من قاطع نايء الديار مهاجر
أحْذاكَ حَرَّ الوَجْدِ غَيرَ مُسَاهِمٍ
وَسَقَاكَ كأسَ الهَمّ غَيرَ مُعَاقِرِ
إنّ الظّعَائِنَ يَوْمَ جَوِّ سُوَيْقَةٍ
عَاوَدْنَ قَلْبي عِنْدَ يَوْمِ الحَاجِرِ
سارت بهم ذلل الركاب فلا روى
للظاميات ولا لعاً للعاثر
كم في سراها من سروب مدامع
تَقْفُو سُرُوبَ رَبَارِبٍ وَجَآذِرِ
حَلَبَتْ ذَخَائِرَها المَدامِعُ بَعدَكم
في أرْبُعٍ قَبْلَ العَقِيقِ دَوَاثرِ
يبكين حيا خف غير مقايض
بهوىً وحيا قرّ غير مزاور
لَوْ تَحْفِلُونَ بِزَفْرَةٍ مِنْ وَاجِدٍ
او تسمعون لانة من ذاكر
لا تحسبوا اني اقمت فانما
قلب المقيم زميل ذاك السائر
قالوا: المَشيبُ! فعِمْ صَباحاً بالنُّهَى
واعقر مراحك للطروق الزائر
لو دام لي ود الا وانس لم ابل
بطُلُوعِ شَيْبٍ وَابيضَاضِ غَدائِرِ
لَكِنّ شَيبَ الرّأسِ إنْ يَكُ طالِعاً
عندي فوصل البيض اول غائر
واهاً على عهد الشباب وطيبه
وَالغَضِّ مِنْ وَرَقِ الشّبَابِ النّاضِرِ
واهاً له ماكان غير دجنة
قلصت صبابتها كظل الطائر
سبع وعشرون اهتصرن شبيبتي
والن عودي للزمان الكاسر
كَانَ المَشِيبُ وَرَاءَ ظِلٍّ قَالِصٍ
لأخ الصبا واما عمر قاصر
وأرى المنايا ان رأت بك شيبة
جَعَلَتْكَ مَرْمَى نَبْلِهَا المُتَوَاتِرِ
تَعْشُو إلى ضَوْءِ المَشيبِ فتَهتَدِي
وَتَضِلّ في لَيْلِ الشّبَابِ الغَابِرِ
لو يفتدى ذاك السواد فديته
بِسَوَادِ عَيْني بَل سَوَادِ ضَمائِرِي
أبَيَاضُ رَأسٍ وَاسوِدادُ مَطالِبٍ؟
صَبراً عَلى حُكْمِ الزّمَانِ الجَائِرِ
ان اصفحت عنه الخدود فطالما
عطفت له بلواجظ ونواظر
وَلَقَدْ يَكُونُ وَمَا لَهُ مِنْ عاذِلٍ
فاليوم عاد وماله من عاذر
كان السواد سواد عين حبيبه
فغدا البياض بياض طرف الناظر
لو لم يكن في الشيب الا انه
عُذْرُ المَلُولِ وَحُجّةٌ للهَاجِرِ
سالم تصاريف الزمان فمن يرم
حَرْبَ الزّمانِ يَعُدْ قَليلَ النّاصِرِ
من يكان يشكو من رشاش خطوبه
فَلَقَدْ سَقَاني بالذَّنُوبِ الوَافِرِ
ابلغ ظباء الحي ان فؤاده
قَطَعَ العَلاقَةَ، وَارْعَوَى للزّاجِرِ
اوردنني فعلمت ان مواردي
لَوْلا النُّهَى، لمْ أدْرِ أيْنَ مَصَادِرِي
نَالَتُّ لُبّاً مِنْ عَلائِقِ صَبْوَةٍ
ونشطت قلباً من جوى متخامر
أنَا مَنْ عَلِمْتُنّ، الغَداةَ، نَقِيّةً
أُزُرِي، وَضَامِنَةَ العَفافِ مَآزِرِي
فَاعْرِفْنَ كَيْفَ شَمَائِلي وَضَرَائبي
وانظرن كيف مناقبي ومآثري
كمعاقد الجبل الاشم معاقدي
ومجاور البيت الحرام مجاوري
لمْ يَشْتَمِلْ قَلْبي الرّجَاءَ وَلمْ يكُنْ
طرفي جنيبة كل برق نائر
وابيت ان ترد المطالب همتي
او ان يسف الى المطامع طائري
اسعى على اثر النوائب منصفاً
مِنْهَا، وَآسِي كُلَّ عِرْقٍ ناغِرِ
قل للاعادي جنبوا عن ساحلي
لا يغرقنكم التطام زواخري
لَوْلا خُمُولُكُمُ لَقَدْ قُلِّدْتُمُ
عاراً بنظم غرائبي وسوائري
أخزَيْتُمُ ذا كِبْرَةٍ وَتَكاوُسٍ
وفضلتم ذا ودعة وقراقر
فتناذروا ناب الشجاع مشى به
جِنحُ الدُّجَى، وَيَدُ العَقورِ الخادِرِ
يا ساعياً لينال مطمح غايتي
اين الذوائب من مدق الحافر
إذْهَبْ بِسَبّي إنْ سَبَبْتُكَ فَاخِراً
قد نوهت بك ضربة من باتر
من عار هذا الدهر نيلك للعلى
وجنون هذا المنجنون الدائر
قَوْمي الأُولى لَحَبُوا إلى نَيْلِ العُلى
وضح الطريق لمنجد أو غائر
أخَذُوا المَعَالي عَنْ مُتُونِ قَوَاضِبٍ
تَرِدُ الغِوَارَ وَعَنْ ظُهُورِ ضَوَامِرِ
وَعَنِ الرّمَاحِ يَشيطُ في أطْرَافِهَا
بالطعن كل معامر ومغاور
قَوْمٌ إذا اشتَجَرَتْ عَلَيْهِمْ خُطّةٌ
زعموا النوائب بالقنا المتشاجر
وَإذا التَقَتْ أيْدِيهِمُ في أزْمَةٍ
ساجلن اذنبة السحاب الماطر
وَتَسُوفُ أفْوَاهُ المُلُوكِ أكُفَّهُمْ
سَوْفَ السّوَامِ رَبِيعَ رَوْضٍ بَاكِرِ
شجعاء افئدة بغير صوارم
خطباء السنة بغير منابر
ذمروا قلوب المادحين وانما
مَدْحُ المُلُوكِ شَجَاعَةٌ للشّاعِرِ
يتغايرون على السماح كأنما
يتغايرون عل وصال ضرائر
أُهْدِي إلى قَوْمي نَصِيحَةَ حَازِمٍ
طَبٍّ بِأدْوَاءِ الضّغَائِنِ خَابِرِ
لا تنْظُرُوا الجَاني لِمَحْوِ ذُنُوبِهِ
بِمُلَفّقَاتِ تَنَصُّلٍ وَمَعَاذِرِ
لن تظفروا بالعز حتى تصبغوا
ثوب المعالي بالنجيع المائر
لا تعتبوا الا بالسنة القنا
فَلَهُنّ إطْآرُ البَعِيدِ النّافِرِ
وَدَعُوا التّظاهُرَ بالحُلُومِ، فإنّهَا
سبب انبعاث جرائم وجرائر
لا تُخْدَعَنّ، فَما عُقوبَةُ قَادِرٍ
إلاّ بِأحْسَنَ مِنْ تَجَاوُزِ قَادِرِ