انتقل إلى المحتوى

مالك لا تطرب يا حادي النعم

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مالك لا تطرب يا حادي النَّعمْ

​مالك لا تطرب يا حادي النَّعمْ​ المؤلف مهيار الديلمي


مالك لا تطرب يا حادي النَّعمْ
أما سمعتَ قولَ خنساءَ نعم
أصخرةٌ قلبك أم أنت عصاً
لا تنثني أم بك وقرٌ من صممْ
عدْ برذاياك الطِّلاحِ بدّنا
وراخ من حبلها وارعَ ونمْ
قد أنستْ خنساءُ شيئا وارعوى
نفارها ووصلتْ بعد الصَّرمْ
وقد تحدَّثنا على كاظمةٍ
بنافثِ السحرِ حديثَ ذي سلمْ
تذكرةً من الهوى وسرّهِ
نامَ العدا ونمّ عنها ما كتمْ
وليلةٍ صابحةٍ ما تركتْ
يقظتها للعين حظّاً في الحلمْ
بتنا نغنِّي بالعتاب ووفتْ
بسكرنا أوعيةُ العذبِ الشَّبمْ
وسفرتْ عن الوفاء أوجهٌ
نواعمٌ بالغدرِ كانت تلتثمْ
يا حبذا ليلُ الغضا وطوله
تمّت لنا أقماره ولم تتمْ
وخلسٌ من لذَّةٍ ما نقعت
كلَّ الصدى ولا شفت كلَّ القرمْ
من لي بيومِ الوصل أو ساعته
لو دام لي بحاجرٍ ما لم يدم
أبارقٌ على الحمى أم شارقٌ
أم شمتَ من صبابتي ما لم تشمْ
يا صاحبي لو شئتَ لعلمتَ لي
منْ موقدُ النار على رأسي العلمْ
وهل أثيلات الغضا كعهدنا
ظلائلٌ تضفو وسوقٌ تلتحمْ
أنتَ ابنُ عزم الليل إن صحبتني
على تباريح الكلالِ والسأمْ
وإن ركبتَ خطر البيد معي
ركوبَ من لا يستشير إن عزمْ
كم القعودُ تحت أدراج الأذى
فرصةَ من ضام ونهبَ من ظلمْ
تعدُّ كلّ راحةٍ قناعةً
وفي القنوع راحةٌ ما لم تضمْ
اهجمْ على الأمر إذا اتقيته
وقم إذا قالت لك العلياءُ قمْ
ولا تقلِّم ظفريك رابضا
إن الليوثَ أسراءُ في الأجمْ
إن لؤم الشّقّ الذي تحلُّه
فملْ إلى شقّ الوفاء والكرمْ
قد وضح الفجرُ فأيّ عذرةٍ
لابن السّرى في خبط عشواءِ الظُّلمْ
وعدلتْ كفُّ أبي القاسم في ال
جود لا تحفل بجور من قسمْ
بالصاحب استذرت إلى ظلالها
شتائتُ الفضل وشذَّان الكلمِ
ونشلَ المجدُ التليدُ نفسه
منتصرا من كفّ كلِّ مهتضمْ
وقرَّ كلُّ قلقٍ لرزقه
وقام ميت الجود من تحت الرَّجمْ
وانشعبت فلائقٌ مصدوعة
في الملك ما كانت فطوراً تلتئمْ
أبلجُ تلقى البدرَ منه حادراً
فضلَ اللثام والهلالَ ملتثمْ
مباركُ الشيمةِ يورى وجهه
في الحادثاتِ قبساً وهي عتم
يهدي لأبناءِ السؤال بشرهُ
نخبةَ ما تهدي إلى الروض الدِّيمْ
توعَّدَ اللوّامَ في الجود فلو
جادَ بما خلف الضلوع لم يلمْ
كأنما عاذله على الجدا
مجتهدٌ يحثو على النارِ الفحمْ
قال له العافون قلْ مالي سدىً
فقالها ولم يقل كيفَ ولمْ
لم يعترقْ بنانهُ ندامة
على الندى ولا ندىً مع الندمْ
كم دولةٍ قيدَ به ريّضها
ونعمةٍ شبّت على رأس الهرمْ
قد عاهدوه فوفى وعالجوا
برأيه الداءَ العضالَ فحسمْ
وجرّبوه فارسا وجالسا
يومَ الوغى ويومَ يلقون السَّلمْ
أنصحهم جيبا وأمضاهم شباً
والسيفُ نابٍ والشقيقُ متَّهمْ
تحلَّم الدهرُ على تدبيره
والدهرُ ممسوسٌ به جنُّ اللَّممْ
وجمَّع الأمر الشَّعاعَ حزمه
وأضلع الخيل يقطِّعنَ الحزمْ
أملسُ أنبوبِ الفخارِ لم تشنْ
قناتهُ معرّةٌ ولم تصمْ
من طينةٍ بيضاءَ صفيَّ مجدها
تنخُّلُ الدهر وتصفيقُ القدمْ
مشى بنوها فوق هاماتِ العلا
وسبقوا بالفضل أسلاف الأممْ
بيتٌ على الثروةِ لولا عزُّه
ما دانت العربُ قديما للعجمْ
أعلامُ هذي الأرض فيهم وبهم
جريةُ هذا الماءِ والنارُ لهمْ
يفديك يا بن الأكرمين وادعٌ
لا تتصبَّاهُ عليَّاتُ الهممْ
راضٍ من الهونِ ومن عجزِ المنى
بما اكتسى منتفحا وما طعمْ
يعجبه اسمٌ ليس من ورائهِ
معنىً إذا ما هو بالعليا وسمْ
لم يدرِ من أين أتى سؤدده
فهو غريبُ الوجه فيه محتشمْ
رامك بغيا ورماك حسدا
فعاد غربُ السهم من حيث نجمْ
أيقظَ منك الصِّلَّ ثمّ هوَّمتْ
عيناه يستجدي علالات الحلمْ
ومدّ باعا لا ذراعَ فوقها
ولا بنانَ ليباريك رغمْ
فانظر إليه واقعا بجنبه
مصارعَ الغدرِ وعثرات الندمْ
يعلمُ أنْ لو سلمتْ ضلوعه
منك من الغلِّ لقد كان سلمِ
لا نفَّرتْ عنك الليالي نعمةً
وطالما آنستَ وحشيَّ النِّعمْ
ولا وجدتَ من عدوّ فرصةً
إلا عفوتَ ولو اشتدّ الجرمْ
وطلعَ النيروز بسعوده
عليك جذلانَ إليك مبتسمْ
رسول ألفٍ مثلهِ يضمنُ أن
يوفيك الأعدادَ منها ويُتّمْ
يومٌ أتى في الوافدين قائما
مع القيام خادما بين الخدمْ
فاقبله واردده إلى موفده
مكرَّما قد فاز منك وغيمْ
عقدتُ حبلي مذ عرفتُ رشدي
بكم فما خان يدي ولا انفصمْ
وعشتُ فيكم شطرَ عمري باسطا
يد الغنى أدفع في صدر العدمْ
لا تطمعُ الأيام في تهضُّمي
ولا أخافُ زمني ولو عرمْ
وكنتَ أنتَ ناشلي ورافعي
من خفضة الحال إلى العزّ الأشمْ
وغارسي من قبل أن تمسَّني
يدٌ وساقى غصني قبلَ الدِّيمْ
وخاطبا من فكري كرائما
تبذلُ في مهورها أغلى القيمْ
كلّ فتاة عندها شبابها
وعندكم مفضوضُ ما منها ختمْ
لم يكتب الراقي لها عطفا ولم
تعقدْ لها خوفا من الغدر الرَّتمْ
قد ملأتْ بوصفكم عرض الفلا
وطبّقت أقاصى الدنيا بكمْ
منحتكم فيها صفايا مهجتي
جهدَ زهيرٍ قيل في مدح هرمْ
فلا نضع تلك الحقوقُ بينكم
ولا تخبْ عندكمُ تلك الذِّمم
ولا تحِلّوا بسواكم حاجتي
وكلُّ رزق في ذراكم يقتسمْ
ضمّوا إليكم طرفيَّ إنه
لا يطردُ العارُ بمثل أن أضمْ
وحرِّموا صيدى أن يقنصني
سواكمُ صونَ الحمام في الحرم
واحتفظوا بي إنني بقيةٌ
تمضي فلا يخلفها الدهرُ لكمْ