لو لم يقد نحوك العدى الرغب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

لوْ لمْ يقدْ نحوكَ العدى الرغبُ

​لوْ لمْ يقدْ نحوكَ العدى الرغبُ​ المؤلف ابن حيوس


لوْ لمْ يقدْ نحوكَ العدى الرغبُ
أنزلهمْ تحتَ حكمكَ الرهبُ
فَكَيْفَ يُنْجِي الفِرَارُ مِنْ مَلِكٍ
تَطْلُبُ أَعْدَاءَ مُلْكِهِ النُّوَبُ
وَمنْ تولى الإلهُ نصرتهُ
فليسَ يحمي طريدهُ الهربُ
بَني شَبِيبٍ هُبُّوا فَقَدْ رُفِعَتْ
عنْ عفوِ ملغي الجرائمِ الحجبُ
وَعادَ سَيْفُ الهُدى لِعادَتِهِ
فكلُّ ما تأملونهُ كثبُ
علامَ تظمونَ في مجاورةِ الشـ
ـرْكِ وَغَيْثُ الإِسْلامِ مُنْسَكِبُ
حَلأَّتَهُمْ عَنْوَةً وَلَوْلاَكَ ما
مُدَّ لِقَيْسٍ فِي أَرْضِهِمْ طُنُبُ
فحينَ فاقَ العقابَ ما اقترفوا
قِدْماً وَجازَ الجَزَاءَ ما اكْتَسَبُوا
عدتَ إلى العادةِ التي ألفوا
فماتَ في طيَّ صفحكَ الغضبُ
لحاولوا نصرةً عليكَ وَكمْ
طالبِ أمرٍ قدْ غالهُ الطلبُ
حَتَّى إِذَا أَخْفَقَتْ ظُنُونُهُمُ
تَهَافَتَتْ نَحْوَ قَصْرِكَ العُصَبُ
تَنْحُو هُماماً فِي ظِلِّ خِدْمَتِهِ
تجنى المعالي وَتكسبُ الرتبُ
فعاينوا هديَ حضرةٍ ينفقُ الجدُّ
لديها وَيكسدُ اللعبُ
وَمَنْ رَأَى بَعْثَهُ الكَتائِبَ لاَ
ينفعُ حامتْ عنْ نفسهِ الكتبُ
ما ظَفِرُوا فِيْكَ بِالَّذِي طَلَبُوا
فَلْيَظْفَرُوا مِنْكَ بِالَّذِي طَلَبُوا
قَدْ بَذَلُوا الطَّاعَةَ الَّتي مَنَعُوا
فاستَرْجَعُوا النِّعْمَةَ الَّتي سُلِبُوا
وَأنتَ منْ تردعُ الوسائلُ منْ
سطاهُ ما ليسَ تردعُ القضبُ
عَوَاطِفٌ طالَما كَسَوْتَ بِها
مَنْ سَلَبَتْهُ رِماحُكَ السُّلُبُ
قدْ هذبتهمْ لكَ الخطوبُ وَلوْ
لاَ النارُ ما كانَ يخلصُ الذهبُ
فاكشفْ محياً الرضى فصفحتهُ
تَبْدُو لَهُمْ تَارَةً وَتَحْتَجِبُ
لِتَرْجِعَ العِزَّةُ الَّتِي ذَهَبْتَ
فَهُمْ عِبِدَّاكَ حَيْثُ ما ذَهَبُوا
مُشَرَّدُو ذِي السُّيُوفِ إِنْ بَعُدُوا
وَوَارِدُو ذِي الحِياضِ إِنْ قَرُبُوا
عزٌّ مقيمٌ بالشامِ تكلؤهُ
وَذكرهُ في البلادِ مغتربُ
عِنْدَ مُلُوكِ الزَّمانِ يَعْرِفُهُ
متوجٌ منهمُ وَمعتصبُ
فَلْيَهْنِ مَوْلاَكَ أَنَّ دَوْلَتَهُ
تنتجبُ الصفوَ ثمَّ تنتخبُ
أولى الورى أنْ تكونَ طاعتهُ
فَرْضاً عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ يَجِبُ
منْ ذللَ الدهرَ بعدَ عزتهِ
حتى تجلتْ عنْ أهلهِ الكربُ
فَالعَدْلُ فاشٍ وَالجَوْرُ مُكْتَتِمٌ
وَالخوفُ ناءٍ وَالأمنُ مقتربُ
إِنَّ أَجَلَّ المُلُوكِ كُلِّهِمِ
رَضُوا بِهَذَا القَضاءِ أَوْ غَضِبُوا
مَلْكٌ إِلَيْهِ تُعْزى العُلى أبَداً
وَيَنْتَمِي الفَخْرُ حِيْنَ يَنْتَسِبُ
مِنَ الأُلى غَيْرَ ضُمَّرِ الخَيْلِ ما
قادوا وَغيرَ الكماةِ ما ضربوا
المطرُ الجودُ إنْ همُ سئلوا
وَالعَدَدُ الدَّثْرُ إِنْ هُمُ رَكِبُوا
أبلج تسمو بمدحهِ قالهُ الشـ
ـعْرِ وَتُزْهَى بِذِكْرِهِ الخُطَبُ
ذُو رَاحَةٍ فِي النَّدى يُقِرُّ لَهَا
بأنها لاَ تساجلُ السحبُ
عِدٌّ مِنَ الجُودِ لاَ يَغِيْضُ وَإِنْ
دامَ إليهِ الذميلُ وَالخببُ
لتتركِ التركُ ذكرَ سالفها
فحسبُ منْ ذي العلى لهُ حسبُ
كَمْ حُزْتَ سِرْباً تَحْمِي جَآذِرَهُ الـْ
ـبيضَ هناكَ الجيوشُ لاَ السربُ
فكنتَ ستراً وَالروعُ قدْ كشفتْ
عَمَّا تُجِنُّ البُرودُ وَالنُّقُبُ
لِلّهِ أَفْعَالُكَ الَّتِي نَشَرَتْ
مَا لَيْسَ تَطْوِي بِمَرِّهَا الحِقَبُ
مَلأْتَ أُفْقَ العَلاءِ مِنْ هِمَمٍ
تحسدها في بروجها الشهبُ
فما يجاريكَ في الدنا أحدٌ
أنى تساوى البحارُ وَالقلبُ
وَالرُّومُ قَتْلَى خَوْفٍ وَوَقْعِ ظُبىً
إِنْ زَهِدُوا فِي اللِّقَاءِ أَوْ رَغِبُوا
وَقَدْ دَرَوْا أَنَّهُمْ وَمَا وَهِمُوا
إنْ نكبوا عنْ بلادهمْ نكبوا
مُظَفَّرٌ مَنْ تُظِلُّهُ هذِهِ کلـ
رَّاياتُ لاَم تُظِلُّهُ کلصُّلُبُ
في كلَّ يومٍ يزورُ أرضهمُ
مِنْ ذِكْرِ ذَا العَزِمِ جَحْفَلٌ لَجِبُ
فَکرْمِ بِهِ عُدْوَةَ الخَلِيْجِ فَقَدْ
طارتْ هباءً في ريحهِ حلبُ
أوْ فتربثْ فقدْ ظفرتَ معَ الـ
ـخفضِ بأقصى ما يبلغُ النصبُ
وَشمْ ظباكَ التي إذا نصلتْ
فَمِنْ دِمَاءِ المُلوْكِ تَخْتَضِبُ
فَطَالَمَا أَضْرَمَتْ بَوَارِقُها
ناراً أسودُ الوغى لها حصبُ
وَكَيْفَ تَسْتَعْصِمُ البِلادُ وَأَعْمَا
رحماةِ البلادِ تنتهبُ
وَصَالِحٌ مَنْ قَتَلْتَهُ وَهْوَ مَنْ
قدْ كانَ يجنى منْ بأسهِ الحربُ
أثبتهمْ وطأةً إذا زلتِ الأقـ
ـدَامُ خَوْفاً وَأصْطَكَّتِ الرُّكَبُ
فليسلُ نصرٌ عنِ العواصمِ فالـ
ـقاتلُ في حكمهمْ لهُ السلبُ
ما بالهُ يمنعُ الحقوقَ وَما
مِثْلُ أَمِيرِ الجُيُوشِ يُغْتَصَبُ
يا مصطفى الملكِ كلُّ عارفةٍ
إليكَ تعزى وَمنكَ تكتسبُ
عُمَّ بِجَدْوَاكَ مَنْ أَتَاكَ لَهَا
وَمَا لَهُ في البِلادِ مُضْطَرَبُ
وَاخْصُصْ بِها مَنْ وَفى فَلَيْسَ لَهُ
إلاَّ إلى ذا الجنابِ منقلبُ
فَكَيْفَ يَعْدُو أَبَا سَمَاوَةَ مَا
يرجو وَأنتَ السبيلُ وَالسببُ
وَقدْ أضيفتْ لهُ إلى الخدمةِ الـ
ـقُرْبى فَصَحَّ الوَلاَءُ وَالنَّسَبُ
بلغهُ يا عدةَ الإمامِ مدى
ما بَلَغَتْهُ آباؤُهُ النُّجُبُ
وَارْدُدْ إِلَيْهِ تُراثَ وَالِدِهِ
تثنِ إليهِ الأعنةَ العربُ
فَمِنْ عَجِيْبِ الأَشْيَاءِ أَنْ يُصْبِحَ الـ
ـملكُ شعاعاً وَيحرزَ اللقبُ
وَاسمعْ لها جمةَ المحاسنِ منْ
أَحْسَنِ ما يُصْطَفى وَيُنْتَخَبُ
غَرَّاءَ لَوْ نُوجِيَتْ بِما ضَمِنَتْ
صمُّ الجبالِ استخفها الطربُ