لو جادهن غداة رمن رواحا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

لو جادهنَّ غداة رمنَ رواحا

​لو جادهنَّ غداة رمنَ رواحا​ المؤلف علي بن محمد التهامي


لو جادهنَّ غداة رمنَ رواحا
غيثٌ كدمعي ما أردن بارحا
ماتت لفقدِ الظاعنين ديارهم
فكأنّهم كانوا بها أرواحا
ولقد عهدتُ بها فهل أرينّهُ
مغدىً لمنتجع الصّبى ومراحا
بالنافثات النافذات نواظراً
والنافذين أسنّة وصفاحا
وأرى العيونَ ولا كأعين عامر
قدراً على القدرِ المتاح متاحا
متوارثي مرض الجفونِ وإنما
مرضُ الجفون بأن يكنَّ صحاصا
من كان يكلفُ بالأهلة فليزر
ولديْ هلالٍ رغبةً ورباحا
لا عيب فيهم غيرُ شحِّ نسائهمْ
ومن السماحةِ أن يكنَّ شحاحا
طرقتهُ في أترابها فجلتْ لهُ
وهناً من الغررِ الصّباح صباحا
وبسمنَ عن برَدٍ تألّف نظمهُ
فرأيتُ ضوء البرق منهُ لاحا
أبرزنَ من تلك العيونِ أسنةً
وهززنَ من تلك القدود رماحا
يا حبّذا ذاك السلاح وحبّذا
وقتٌ يكون الحسنُ فيه سلاحا
بيضٌ يلحّفها الظلام بجنحه
كالبيض لحفها الظَّليمُ جناحا
ما عندهنّ العيشُ إلا جنّةٌ
صاغَالوليُّ لنورها مفتاحا
يلثمن فيها الأقحوانَ بمثله
عبثاً وإعجاباً به ومراحا
وتميلهن من الصبا أنفاسها
فتخالُ أنفاسَ الرياح الراحا
يتركن حيث حللن وهو لطيمةٌ
مما نثرنَ به العبيرَ فطاحا
يهدي ثراه إلى البلاد وربما
حيّت برياهُ الرياحُ رياحا
عجنا به هلكى فأهدتْ ريحهُ
أصلاً إلى أجسادنا الأرواحا
أبصرت وصلَ الغانياتِ خديعةً
فرأيتهنَّ وإن حسنَّ قباحا
واعتضت من طرفي الطموح إلى الصبا
طرفاً إلى فلك العلى طمّاحا
أهوى الفتى يعلي جناحاً للعلى
أبداً ويخفض للجليس جناحا
وأحبُّ ذا الوجهين وجهاً في الندى
ندياً ووجهاً في اللقاء وقاحا
وفلاً كأعمار النّسور مسحتها
بيد المطيّةِ أعيت المساّحا
خاضت غمارَ سرابها فكأنها اب
ن الماء خاض لصيده الضحضاحا
وإلى ابن عبد الواحد القاضي ارتمت
بلداً كساحةِ صدرهِ فياحا
شكلتْ مناسمها الطّريق بحمرة
نقباً فأوضحت الفلا إيضاحا
فأتته قوساً فوقها من ربّها
قدح إذا كان الرجال قداحا
مغبوطة بهزالها في قصده
ومن المفاسدِ ما يعدن صلاحا
قد صيغَ من كرمٍ فلو يدُ باخل
لمستهُ فاضت بالنوال سماحا
وكذاكَ ينقلبُ الظّلامُ بأسره
نوراً إذا ما جاور المصباحا
لو مسَّ من إقباله حجراً جرى
ماءً على ظهر الثرى طفّاحا
فازرع رجاءك كلّهُ بفنائهِ
فإذا زرعتَ فقد حصدت نجاحا
يرمي الكتيبة بالكتابِ إليهمُ
فيرونَ أحرفهُ الخميسَ كفاحا
من نقشه دهماً ومن ميماته
زرداً ومن ألفاته أرماحا
ساست أقاليمَ الورى أقلامهُ
فأجمَّ أطرافَ القنا وأراحا
يمججن ريقاً إن أردتَ جعلته
شهداً وإن أحببتَ كان ذباحا
ما زال هذا الثغرُ ليلاً دامساً
حتى طلعتَ لليله إصباحا
فجلتْ لهُ الأيامُ بعد عبوسها
وجهاً كوجهك مشرقاً وضاحا
وحكمت في مهج العدو بحكمة
قرنت برأيك غدوة ورواحا
فسفكتَ ما كان الصلاحُ بسفكهِ
وحقنتَ بعضَ دمائه استصلاحا
فوفودُ شكرِ المسلمينَ وغيرهم
تأتي إليك أعاجماً وفصاحا
غادرتَ أسد بني كلاب أكلباً
إذ زرتهموزئيرهنّّ نباحا
فنسوا النساء ودمّروا ما دبروا
ورأوا بقا أرواحهم أرباحا
يتلو هزيمهمُ السنانُ كأنهْ
حرّان يطلبُ في قراه قراحا
والسُّمرُ قد لفّتهمُ أطرافُها
لفاً كما اكتنف البنان الراحا
فمعفَّرٌ حسدَ الحياةَ وهاربٌ
حسدَ الرُّفات القبر والصفّاحا
حتى إذا اقتنت القنا أرواحهم
قتلاً وفرقت الصّفاح صفاحا
رفعوا أصابعهم إليك ونكّسوا
أرماحهم فثنينَ منك جماحا
وتركتَ أعينهم بصورٍ في الوغى
صوراً وقد جاحَ الورى ما جاحا
فغدوتَ قد طوّقتَ حمدك حامداً
ومقلداً قلدتَ منهُ وشاحا
شاء المهيمنُ أن تسير مشرفاً
حلباً فقيّضَ ما جرى وأتاحا
وأردت إصلاح الأمورِ فأفسدت
فنهضت حتى استحكمت إصلاحا
كانوا يرونك مفرداً في جحفلٍ
ووراء سورٍ إن نزلت براحا
إنَّ النفيس إذا أبيح أبى لهُ
عزُّ النفاسة أن يكون مباحا
انى ترومُ الرومُ حربك بعدما
صليت بحربكَ محرباً ملحاحا
لم يرمِ قطُّ بك الإمامُ مراده
إلا جلوتَ عن الفلاح فلاحا
ولقد غدوتَ أبا الحسين لجيشهِ
للقلب قلباً والجناح جناحا
للعرف عرفٌ نشرهُ في سرّه
كالمسك مهما ازداد صوتاً فاحا
وأخ دعوتك بعدَ طولِ نعاسهِ
فارتاع نحو الجرس ثم ارتاحا
نازعتهُ فيك القوافي فانثنى
فكأنّما نازعتهُ الأقداحا
مدحاً يصدّقه فعالكَ آنفاً
إن الكريمَ يصدِّق المدّاحا
ولو ارتقى شخصُ امرئٍ كمحله
يوماً لصافحتِ النجوم صفاحا