لنا خمر وليس بخمر مخل

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

لنا خمرٌ وليسَ بخمر مخْلٍ

​لنا خمرٌ وليسَ بخمر مخْلٍ​ المؤلف أبو نواس


لنا خمرٌ، وليسَ بخمر مخْلٍ،
و لكن من نتاجِ الباسقاتِ
كَرائمُ في السماءِ، زَهيْنَ طولاً
ففاتَ ثمارُها أيْدي الجُناةِ
قلائصُ في الرّؤوسِ لها ضُرُوعٌ
تدِرّ على أكفّ الحالِباتِ
صحائِحُ لا تُعَدّ، ولا نراها
عِجافاً في السنينَ الماحِلاتِ
مسارحُها المدارُ، فبطنُ جَوْخَى
إلى شَطّ الأُبُلّةِ فالفُراتِ
تُراثاً عن أوائلِ أوّلينـا
بني الأحرار، أهْلِ المكرماتِ
تذُبُّ بها يدُ المعروفِ عنّا
وتصبرُ للحقوقِ اللاّزماتِ
فحينَ بدا لكَ السّرطانُ يتْلــو
كَواكِبَ كالنّعاجِ الرّاتِعاتِ
بَدا بينَ الذّوائبِ في ذُراهَا
نباتُ كالأكُفّ الطّالعاتِ
فَشُقِّقَتِ الأكفّ، فخلتُ فيها
لآلىءَ في السّلوكِ مُنَظَّمَاتِ
و مازالَ الزّمانُ بحافَتَيْها
و تقليبُ الرّياحِ الــلاّقحاتِ
فعادَ زُمُرّداً، واخْضَرّ حَتّى
تخال به الكِباشَ الناطحاتِ
فلمّا لاحَ للسّاري سهيل،
قُبَيْلَ الصّبْح من وقتِ الغَداةِ
بدا الياقوتُ، وانتسبتْ إليْهِ
بحُمْرٍ، أو بصُفرٍ فاقعاتِ
فلمّا عاد آخرها خبيصاً،
بعثْتُ جُنَاتها بمُعقَّفَاتِ
فضُمّنَ صَفْوُ ما يجْنونَ منها
خوابيَ، كالرّجالِ، مُقَيَّراتِ
وقلتُ: اسْتَعْجِلوا، فاسْتَعْجَلوها
بِضَرْبٍ بالسّياطِ مُحَدْرَجاتِ
ذوائبُ أمّها جُعلتْ سياطاً
تحثّ، فما تناهَى ضارباتِ
فولّدَتِ السّيَاطُ لها هَديراً
كترجيعِ الفُحُولِ الهائجاتِ
فلمّا قِيلَ قد بلغتْ، ولَمّا،
وتوشكُ أن تقَرّ، وأن تُؤاتي
نَسَجْتُ لها عمائم من ترابٍ
و ماءٍ، محْكَماتٍ مُوثَقاتِ
ستَرْتُ الْجَوّ خَوْفاً من أذاهُ
فباتَتْ من أذاهُ آمِناتِ
فلمّا قِيلَ قد بلغَتْ كشفْنا الـ
ــعمائمَ عن وجوهٍ مشْرِقاتِ
حساها كلُّ أرْوعَ، شَيْظَمـِيٍّ
كريمِ الْجَدّ، محمودٍ مُؤاتِ
تحية بينهم «تفديك روحي!»
وى خر قولهمْ " أفديك! هاتِ.."