انتقل إلى المحتوى

لله في كل ما يجري به القدر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

لِلَّهِ في كُلِّ ما يَجري بِهِ القَدَرُ

​لِلَّهِ في كُلِّ ما يَجري بِهِ القَدَرُ​ المؤلف محمد بن عثيمين


لِلَّهِ في كُلِّ ما يَجري بِهِ القَدَرُ
لُطفٌ تَحارُ بِهِ الأَفهامُ وَالفِكَرُ
إِنَّ الَّذي قَد شَكا عَينُ الزَمانِ لَهُ
شَكا لَهُ المُسلِمونَ البَدوُ وَالخَضَرُ
وَكَيفَ وَهوَ لَهُم روحٌ تَقومُ بِهِم
وَهُم وَإِن كَثُروا فيما تُرى الصُوَرُ
أَقولُ لِلنّاسِ إِذ راعَت شَكِيَّتُهُ
مَهلاً فَلِلَّهِ في أَحوالِنا نَظَرُ
لِلَّهُ أَلطَفُ أَن يُخلي بِرِيَّتَهُ
مِن ناصِرٍ لِلهُدى بِالرُشدِ يَأتَمِرُ
وَلَيسَ فيما رَأَينا أَو أَتى خَبَرٌ
غَيرُ الإِمامِ لِدينِ اللَهِ يَنتَصِرُ
عَبدُ العَزيزِ الَّذي كانَت وِلايَتُهُ
لِلمُسلِمينَ حَياةً بَعدَ ما قُبِروا
لَهُ طُهورٌ وَنورٌ ثُمَّ عافِيَةٌ
وَزالَ عَنهُ إِلى اَعدائِهِ الضَرَرُ
فَالحَمدُ لِلَّهِ حَمداً نَستَمِدُّ بِهِ
لَهُ مِنَ اللَهِ أَن يَنسا لَهُ الأَثَرُ
فَفيهِ لِلدّينِ وَالدُنيا الصَلاحُ كَما
فيهِ لِمَن حارَبَ الإِسلامَ مُزدَجَرُ
فَردٌ طَوى المَجدَ وَالتَقوى بِبُردَتِهِ
وَعاشَ في فَضلِهِ قَحطانُ أَو مُضَرُ
يا أَفضَلَ الناسِ فيما يُمدَحونَ بِهِ
وَأَوسَعَ الناسِ عَفواً حينَ يَقتَدِرُ
لِلَّهِ فيكَ عِناياتٌ سَتَبلُغُها
نِتاجُها شَرَفُ الدارَينِ وَالعُمرُ
فَاِجعَل مُشيرَكَ فيما أَنتَ فاعِلُهُ
مُهَذَّبَ الرَأيِ لِلآثارِ يَقتَفِرُ
إِنَّ الرُكونَ إِلى مَن لَستَ تَأمَنُهُ
أَو مَن وَتَرتَ لَمَعقودٌ بِهِ الخَطَرُ
وَالنُصحُ إِن لَم يَكُن بِالدينِ مُرتَبِطاً
فَأَحرِ مِن صَفوِهِ أَن يَحدُث الكَدَرُ
وَاللَهُ يُبقيكَ لِلإِسلامِ مُدَّرَءاً
تَروحُ بِالعِزِّ مَحروساً وَتَبتَكِرُ
ظِلّاً لَنا مِن حَرورِ الجَورِ مُنتَعِشاً
لِبائِسٍ مَسَّهُ مِن دَهرِهِ عُسُرُ
أَجَلتَ أَقداحَ فِكري في الوَرى نَظَراً
أُصَوِّبُ الفِكرَ أَحياناً وَأَنحَدِرُ
فَلَيسَ إِلّاكَ في الدُنيا نُؤَمِّلُهُ
لِنُصرَةِ الدينِ وَالدُنيا وَنَنتَظِرُ
لَو اِستَطَعنا لَشاطَرناكَ مُدَّتَنا
وَكانَ بَيعاً بِهِ رِبحٌ وَمُتَّجَرُ
أَنتَ الَّذي قُدتَها جُرداً مُسَوَّمَةً
يوري الحُباحِبُ في أَرساغِها الحَجَرُ
مِن كُلِّ مُقرَبٍَ كَالسيِّدِ مُحكَمَةٍ
خَيفانَةٍ زانَها التَحجيلُ وَالغُرَرُ
تَكادُ تُعطيكَ عَن لَوحِ الهَوى خَبَراً
إِذا جَرَت قُلتَ لا سَهلٌ وَلا وَعِرُ
تَعدو بِشُعثِ مَساعيرٍ تَقودُهُم
يا مِسعَرَ الحَربِ حَيثُ الحَربُ تَستَعِرُ
فَكَم مَلاعِبِ أَرماحٍ أَقَمتَ بِها
سوقاً يُغَشَّمُ فيهِ الصارِمُ الذَكَرُ
بيضٌ تُباعِدُ هاماً عَن مَنابِتِها
وَتَستَذِلُّ الَّذي في خَدِّهِ صَعرُ
أَضحَت بِها عَذاباتُ الدينِ بارِضَةً
بَعدَ القُحولَةِ مُهتَزّاً بِها الثَمَرُ
تَشكو الرِماحُ العَوالي مِن تَقَصُّدِها
وَالبيضُ بَعدَ فُلولِ الحَد تَنبَتِرُ
في مَأزِقٍ يُكثِرُ الثَكلى تَأَجُّجُهُ
مِن ناكِثٍ أَو عَدُوٍّ حانَهُ قَدَرُ
كَم ظَنَّ قَومٌ إِذا حَقَّت شَقاوَتُهُم
بِأَن لَهُم عَنكَ إِمّا أَبعَدوا وَزَرُ
فَكانَ مَحرَزُهُم لِلبَينِ يُبرِزُهُم
إِذ قَد وَفَيتَ لَهُم فَضلاً وَهُم غَدَروا
جَلَّلتَ فَضفاضَةَ النُعمى مَناكِبَهُم
عَفواً وَجوداً وَلَو عاقَبتَهُم عَذَروا
فَما سَمِعنا وَلَم تَسمَع أَوائِلُنا
بِمِثلِ حِلمِكَ فيما ضَمَّتِ السِيَرُ
وَلَيسَ رَأيُكَ في مالٍ تُجَمِّعُهُ
كَنزاً إِذا جَمَّعَ الخُزّانُ وَاِدَّخَروا
بَل لِلمَكارِمِ تَبنيها وَتَعمُرُها
حاشا يُخالِطُها زَهوٌ وَلا بَطَرُ
مَآثِرٌ لَكَ تُتلى بَينَ أَظهُرِنا
وَبَعدَنا هُنَّ في صُحفِ العُلى سُوَرُ
يَفديكَ قَومٌ يَرَونَ الكَنزَ مَكرُمَةً
وَما لَهُم في العُلى وِردٌ وَلا صَدرُ
تَسعى مُلوكُ بَني الدُنيا لِأَنفُسِهِم
وَأَنتَ تَسعى لِكَيما يَصلُحَ البَشَرُ
جَزَتكَ عَنّا جَوازي الخَيرِ مِن مَلِكٍ
عَمَّ الرَعِيَّةَ عَدلٌ مِنهُ فَاِنتَشَروا
لي فيكَ صِدقُ وَلاءٍ لا يُغَيِّرُهُ
نَأيُ المَزارِ وَلَو يَخرَوِّطُ السَفَرُ
وَكَيفَ أَنساكَ يا مَن عِشتُ في كَنَفٍ
مِن ظِلِّ إِحسانِهِ وَالناسُ قَد خَبَروا
خُذها اِبنَةَ الفِكرِ يَجلو حُسنُ مَنطِقِها
عَلَيكَ مِنها ثَناءً نَشرُهُ عَطِرُ
وَما عَسى يَبلُغُ المُثني عَلَيكَ وَقَد
جاوَزتَ ما نَظَمَ المُدّاحُ أَو نَثَروا
ثُمَّ الصَلاةُ وَتَسليمُ الإِلهِ مَعاً
عَلى الشَفيعِ إِذا ما الأَنبِيا اِعتَذَروا
وَآلهِ الغُرِّ وَالأَصحابِ ما طَلَعَت
شَمسٌ وَما لاحَ نَجمٌ أَو بَدا قَمَرُ