لكم أن تجوروا معرضين وتغضبوا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

لَكُمْ أَنْ تَجُورُوا مُعْرِضِينَ وَتَغْضَبُوا

​لَكُمْ أَنْ تَجُورُوا مُعْرِضِينَ وَتَغْضَبُوا​ المؤلف ابن حيوس



لَكُمْ أَنْ تَجُورُوا مُعْرِضِينَ وَتَغْضَبُوا
 
وَعَادَتُكُمْ أَنْ تَزْهَدُوا حِينَ نَرْغَبُ
جَنَيْتُمْ عَلَيْنا وَاعْتَذَرْنا إِلَيْكُمُ
 
وَلَوْلاَ الْهَوى لَمْ يُسْأَلِ الصَّفْحَ مُذْنِبُ
وَمَوَّهْتُمُ يَوْمَ الْفِرَاقِ بِأَدْمُعٍ
 
تُخَبِّرُ عَنْ صِدْقِ الْوِدَادِ فَتَكْذِبُ
وَكَمْ غَرَّ ظَمْآناً سَرَابٌ بِقَفْرة ٍ
 
وَخَبَّرَ بَرْقٌ بِالْحَيَا وَهْوَ خُلَّبُ
وَمَا بَلَغَتْ مِنِّي نَوَى ً بِسِهَامِها
 
رماني التجني قبلها والتجني قبلها وَالتجنبُ
وَلمْ يبقَ مما كانَ إلاَّ بقية ٌ
 
تجيءُ كما جاءَ الجهامُ وَتذهبُ
يُكَلَّفُ طَرْفي رَعْيَهَا وَهْوَ طامِحٌ
 
وَيسألُ قلبي حفظها وَهوَ قلبُ
صُبَابَة ُ شَوْقٍ مِنْ بَقَايَا صَبَابَة ٍ
 
إذا ذلَّ فيها طالبٌ عزَّ مطلبُ
وَما زادَ ذاكَ الوصلُ أيامَ عطفكمْ
 
عَلَى مَاأَنَالَ الطَّارِقُ الْمُتَأَوِّبُ
مواصلة ٌ كانتْ كأحلامِ نائمٍ
 
وَإنْ لام فِيهَا عَاذِلٌ وَمُؤَنِّبُ
دنا بعدها منْ قربها فكأنها
 
منَ الصدَّ تسبى أوْ منَ الهجرِ تسلبُ
وَقَدْ رُمْتَ أَنْ أَلْقى الصُّدُودَ بِمِثْلِهِ
 
مقابلة ً لكنني أتهيبُ
سَأَصْبِرُ صَبْرَ الضَّبِّ وَالْمَاءُ ذُو قَذَى ً
 
وَأمشي على السعدانِ وَالذلُّ مركبُ
وَأَقْفُو بِعَزْمي أُسْرَة ً تَغْلَبِيَّة ً
 
إَلَى الْمَوْتِ مِمَّا يُكْسِبُ الْعَارَ تَهْرُبُ
وَكُلَّ فَتى ً كَالْخَيْزُرَانَة ِ دِقَّة ً
 
يُرَاعُ بِهِ لَيْثُ الشَّرى وَهْوَ أَغْلَبُ
إذا ركبوا ألووا بعزَّ عدوهمْ
 
وَإنْ وهبوا جادوا بما ليسَ يوهبُ
تظلُّ المعالي منْ ثوابِ عفاتهمْ
 
وَداعيهمُ يومَ الوغى لا يثوبُ
وَلَسْتُ كَمَنْ أَنْحى عَلَيْهِ زَمَانُهُ
 
فَظَلَّ عَلَى أَحْدَاثِهِ يَتَعَتَّبُ
تلذُّ لهُ الشكوى وَإنْ لمْ يفدْ بها
 
صلاحاً كما يلتذُّ بالحكَّ أجربُ
وَلكِنَّني أَحْمِي ذَمارِي بِعَزْمَة ٍ
 
تَنُوبُ مَنَابَ السَّيْفِ وَالسَّيْفُ مِقْضَبُ
لقدْ كذبتْ بالأمسِ منْ ظنَّ أنني
 
عنِ الحزمِ أزوى أوْ على الرأيِ أغلبُ
وَدَاوِيَّة ٍ بِكْرٍ جَعَلْتُ نِكَاحَهَا
 
سُرى ضُمَّرٍ فَارَقْتُهَا وَهْيَ ثَيِّبُ
تضلُّ فلوْ بعضُ النجومِ سرى بها
 
وَرامَ نجاة ً ما درى كيفَ يذهبُ
دَلِيلاَيَ فِيهَا حُسْنُ ظَنِّي وَبَارِقٌ
 
يبشرُ بالتهطالِ وَالعامُ مجدبُ
وَمُذْ أَرَيَانِي نَاصِرَ الدَّوْلَة ِ أنْجَلى
 
بِرُؤْيَاهُ مَاأَخْشى وَمَا أَتَرَقَّبُ
رغبتُ بنفسي أنْ أكونَ مصاحباً
 
أناساً إذا قيدوا إلى الضيمِ أصحبوا
فجاورتُ ملكاً تستهلُّ يمينهُ
 
نَدى ً حِينَ يَرْضى أَوْ رَدَى ً حِينَ يَنْضَبُ
تَدُورُ كَؤُوسُ الْحَمْدِ حِيناً فَيَنْتَشِي
 
وَطَوْراً تَصِلُّ الْمُرْهَفَاتُ فَيَطْرَبُ
إِذا مَاارْتَبا غِبَّ الْوَغى خِلَتَ أَجْدَلاً
 
لَهُ أَبَداً فَوقَ الْمَجَرَّة ِ مَرْقَبُ
وَإِنْ أَعْمَلَ الأَفْكَارَ عِنْدَ مُلِمَّة ٍ
 
تُلِمُّ أَرَتْهُ مايُسِرُّ الْمُغَيَّبُ
وَربَّ نصولٍ لا تنصلُ إنْ جنتْ
 
وَتنصلُ منْ قاني النجيعِ فتخضبُ
إِذا الْبِيضُ كَلَّتْ يَوْمَ حَرْبٍ فَإِنَّها
 
مواطنٍ قواضٍ أنَّ تغلبَ تغلبُ
فَإِحْكَامُهُ الأَيَّامَ غَضَّ جِمَاحَهَا
 
وَأَحْكامُهُ في الدَّهْرِ أَوْ هُمَامٌ لا تْتعقَّبُ
وَلوْ حدتُ عنهُ ضلة ً واستمالني
 
كَريمٌ مُرَجّى ً أوهامٌ مُحَجَّبُ
لأغنى كما أغنى عنِ الصبحِ حندسٌ
 
دجا كما أغنى عنِ البدرِ كوكبُ
فَدَاكَ مِنَ الأسْواءِ كَلُّ مُمَلَّكٍ
 
عَلَى الْجُودِ يُحْدى أَوْ إِلى الرَّوْعِ يُجْذَبُ
تخذتَ اقتضابَ المكرماتِ سجية ً
 
فَحَالَفْتَ قَوْماً بِالْمَوَاعِيدِ شَبَّبُوا
أصختَ إلى داعي الوغى وتصامموا
 
وَصَدَّقْتَ آمَالَ الْعُفَاة ِ وَكَذَّبُوا
تَبِيتُ النِّيَاقُ عِنْدَهُمْ مُطْمَئِنَّة ً
 
وَلما يدرْ قعبٌ وَلمْ يدنَ محلبُ
إِذَا حَارَدَتْ أَخْلاَفُهَا عُطِّلَ الْقِرى
 
وَعِنْدَكَ مِنْ أَوْدَاجِهَا الدَّمُ يُحْلَبُ
مَسَاعٍ بِهَا وَصّى رَبِيعَة ُ وَائِلاً
 
وَلما يحلْ عنها عديٌّ وتغلبُ
وَمنهُ إلى حمدانَ كلُّ مملكٍ
 
لَهُ الْجُودُ وَكْدٌ وَالْمَحَامِدُ مَكْسَبُ
مصاعبُ نالوا بعضَ ما نلتَ منْ على ً
 
مُؤَمِّلُها مَاعَاشَ يُكْدِي وَيَتْعَبُ
سِوَاكَ بَغَاهَا وَالشَّبَابُ رِدَاؤُهُ
 
فَعَزَّتْ وَزَادَتْ عِزَّة ً وَهْوَ أَشْيَبُ
فأحرزتها طفلاً فمهدكَ كعبة ٌ
 
يَلُوذُ بِهَا الرَّاجِي وَنَادِيكَ مَكْتَبُ
خَلاَئِقُ كَالْمَاءِ الزُّلاَلِ وَتَحْتَها
 
مِنَ الْعَزْمِ وَالإِقْدَامِ نَارٌ تَلَهَّبُ
وَضحنَ فأعلمنَ المعلمَ أنهُ
 
يُؤَدَّبُ في أَثْنَائِهَا لاَ يُؤَدِّبُ
يُقِرُّ لَكَ الأعْداءُ بِالْبَأْسِ عَنْوَة ً
 
وَكلُّ عدوًّ مدحهُ لا يكذبُ
وَحسبهمُ يومٌ ثبتَّ لشرهِ
 
وَقدْ عردَ الحامونَ عنكَ وَنكبوا
مَضَوْا وَلِكُلٍّ في النَّجَاة ِ مَذَاهِبٌ
 
وَمَا لَكَ إِلاَّ نُصْرَة َ الْحَقِّ مَذْهَبُ
وَلَوْ شِئْتَهَا كَانَتْ لَدَيْكَ سَوَابِقٌ
 
للحقِ العدى لاَ للفرارِ تقربُ
تَطِيحُ إِلى أَنْ تَدَّعِي غَيْرَ أَصْلِهَا
 
وَتعربُ عنْ أحسابها حينَ تجنبُ
إلى الريحِ تعزى حينَ تجري فإنْ مشتْ
 
رويداً فجداها الوجيهُ وَمذهبُ
وَبَعْدَ سُلَيْمانٍ إِلى أَنْ رَكِبْتَهَا
 
وَذللتها ما كانتِ الريحُ ترْكبُ
تَخَالَفْنَ أَلْوَانَاً وَخُضْنَ عَجَاجَة ً
 
فَلَمْ يَخْتَلِفْ في اللَّوْنِ جَوْنٌ وَأَشْهَبُ
ثَبَتَّ ثَبَاتَاً لَمْ يَكُنْ لآبْنِ مُسْلِمٍ
 
وَأُوْتِيْتَ صَبْراً لَمْ يَنَلْهُ الْمُهَلَّبُ
هُوَ الْيَوْمَ لَوْ آلُ الزُّبَيْرِ مُنُوا بِهِ
 
لَقَهْقَرَ عَبْدُاللّهِ عَنْهُ وَمُصْعَبُ
يُخَبَّرُ عَنْهُ مَاتَلاَ الغَسَقَ الضُّحى
 
وَيروى إلى يومِ المعادِ وَيكتبُ
أَبى لَكَ طِيْبُ النَّجْرِ إِلاَّ عَزِيمَة ً
 
على الحزمِ في يومِ النزالِ تغلبُ
وَجُدْتَ بِنَفْسٍ لاَيَجُودُ بِمِثْلِهَا
 
مَعَ الْعِلْمِ بِالْعُقْبى نَبِيٌ مُقَرَّبُ
وَليسَ الفتى منْ لمْ تسمْ جلدهُ الظبا
 
وَتُحْطَمُ فِيْهِ مِنْ قَنَا الْخَطِّ أَكْعُبُ
وَكَمْ زُرْتَ أَحْيَاءً فَلَمْ يُغْنِ عَنْهُمُ
 
طِعَانٌ وَلاَ نَجَّاهُمُ مِنْكَ مَهْرَبُ
يودونَ مذْ صارَ الصباحُ طليعة ً
 
لجيشكَ أنَّ الدهرَ أجمعَ غيهبُ
عرفتَ فصارَ الإنتسابُ زيادة ً
 
وفي سمعه وَقَرٌ وفي فيه إنلبُ
وَفي بعضِ ذا المجدِ الذي ظفرتْ بهِ
 
يداكَ غنى ً عما بنى الجدُّ وَالأبُ
 
على أنهُ فوقَ السماكِ مطنبُ
أَلَمْ تَرَ قِرْواشَاً بَنَت مَكْرُمَاتُهُ
 
لأسرتهِ البيتَ الذي ليسَ يخربُ
مَكَارِمُ لَمْ يَطْمَحْ إِلَيْهَا مُقَلَّدُ
 
لعمري وَلاَ أفضى إليها مسيبُ
وَبينَ اللهى وَالواهيبها تناسبٌ
 
فمنْ أجلِ ذا فيها خبيثٌ وَطيبُ
كذا البأسُ في أهلِ الغناءِ مقسمٌ
 
وَما يستوي فيها عليٌّ وَمرحبُ
وَقبلكَ ما خلتُ البدورَ لنائلٍ
 
ترجى وَلاَ زهرَ الكواكبِ تصحبُ
فإنْ طابتِ الأوطانُ لي وَذكرتها
 
فإنَّ مقامي في جنابكَ أطيبُ
عدلتُ إليكَ وَالبلادُ رحيبة ٌ
 
لِمُرْتَادِهَا لكِنَّ صَدْرَكَ أَرْحَبُ
فهلْ لكَ في منْ لا يشينكَ قربهُ
 
وَيعربُ إنْ أثنى عليكَ وَيغربُ
إِذَا صَاغَ مَدْحاً خِلْتَهُ مِنْ مُزَيْنَة ٍ
 
وَتَحْسَبُهُ مِنْ عُذْرَة ٍ حِينَ يَنْسُبُ
قوافٍ هيَ الخمرُ الحلالُ وَكأسها
 
لِسَانِي وَلكِنْ بِالْمَسَامِعِ تُشْرَبُ
يحلي بها ألحانهُ كلُّ منْ شدا
 
وَتحلو بأفواهِ الرواة ِ وَتعذبُ
إِذَا أُنْشِدَتْ ظَلَّ الْحَسُودُ كَأَنَّهُ
 
بِمَا ضُمِّنَتْ مِنْ بَارعِ الحمدُ يُثلَبُ
على ظهره وِقْرٌ وفي عَيْنهِ قذى ً
 
وَفي سمعهِ وقرٌ وَفي فيهِ إثلبُ
أَخَفْتَ الزَّمَانَ وَهْوَ رَاضٍ مُسَلِّمٌ
 
وَأمنهُ قومٌ مضوا وَهوَ مغضبُ
وَإنكَ أهدى الناسِ في طرقِ العلى
 
سَمَا بِكَ دَسْتٌ أَوْ عَلاَ بِكَ مَوْكِبُ
وَأَقْرَبُ مِنْ إِدْرَاكِ مَا تَعِدُ الْمُنى
 
عداكَ طلوعُ الشمسِ منْ حيثُ تغربُ