لقد طال عمر الهجر يا أم عامر
المظهر
لقد طال عمر الهجر يا أم عامر
لقد طال عمر الهجر يا أم عامر
ورثت حبال الصبر من كل صابر
وحن إلى أرض الشئام معرق
تدافعه عنها أكف المقادر
وباح بمكنون الصبابة مدنف
على حمل أعباء الهوى غير قادر
وما كلفي بالشام واللَه عالم
لزاه يروق الناظرين وزاهر
ولا هزني مر النسيم بناظر
من الدوح يغري بالهوى كل ناظر
ولا آنست نار الهوى من أوانس
هنالك أمثال الظباء التوافر
ربارب لا ينجو من الأسر ضيغم
لديها إذا بتت حبال الظفائر
وليس حنيني للشئام وإنما
حنيني لأفلاذ الفؤاد الأصاغر
تركتهم واللَه خير خليفةٍ
وأسلمتهم واللَه أعظم ناصر
رعى اللَه أحباب إذا ما ذكرتهم
حسبت فؤادي في مخاليب كاسر
أسائل عن أخبارهم كل وارد
وأطرح أخباري على كل صادر
وإن ضحك البرق الشئامي أسبلت
جفوني بمنهل من الدمع هامر
وإن خفقت ريح الشمال تبرجت
على الرغم مني محصنات السرائر
فيا ليت شعري هل يزول دجى النوى
ونصبح في صبح من الوصل سافر
ويلقي العصا بين الأحبة مزمع
مضى عمره ما بين خف وحافر
ويسفر وجه الدين في أرض عامل
على رغم ضليل هناك وكافر
وينشر فيها العدل رايته التي
يذوق الردى في ظلها كل جائر
أكف رفعناها إلى خير منعم
وكسر شكوناه إلى خير جائر
فراق وفقر واغتراب ثلاثة
قد اعترضت بين اللها والحناجر
وأصبح باقينا ترامى به النوى
فمن منجد في المنجدين وغائر
ففي جلق يوماً ويماً ببابل
وبالمنحنى يوماً ويوماً بحاجر
ولا كر حيلي للعراق يطير بي
من العرمس الوجناء أيمن طائر
أخاطر بالنفس النفيسة راكبا
متون السرى والمجد حظ المخاطر
إذا ما أماط الصبح عني رداءه
لبست جلابيب الدجى والدياجر
ولا نهر إلا سراب بقيعةٍ
ولا سمر إلا حنين الأباعر
أرى نار موسى فأنزلوا جانب الحمى
على رغم راج للظلام وداجر
لعلي آتيكم بجذوة قابس
يسير على أنوارها كل سائر
وبادرت أسعى والضياء يقودني
إلى بيت مجد بين تلك المشاعر
فنلت المنى والحمد للَه عندما
أنخت على باب الجوادين ضامري
فصادفت خير الناس فرعاً ومحتداً
وأفضل ناهٍ في الزمان وآمر
جوادين ومهابين أدنى قراهما
لضيفهما محو الذنوب الكبائر
ولما قضيت الفرض من لثم تربةٍ
مطهرةٍ تطوي على كل طاهر
رأيت السرى فرضاً إلى سر من رأى
فبادرت والتوفيق حظ المبادر
ولما تناهى السير كان مصيرنا
إلى خير مغنىً بالمكارم عامر
أقام به بدران أدنى سناهما
يزيد على نور البدور الزواهر
وفيه لعمري غاب مصباحنا الذي
سنا فجره يفضي على كل فاجر
أقمنا به خمساً قصاراً وحبذا
مسرة هاتيك الحسان القصائر
ولما قفلنا منه كان نزولنا
على لابن في حي موسى وتامر
وشمرت ذيلي بعد ذلك ناهضاً
إلى ربع مفضال كريم العناصر
حسين سليل المصطفى وابن حيدر
وأفضل موتور له شر واتر
وريحانة الهادي وناظر عينه
وسيد شبان الجنان النواضر
فوافيت إذ وافيت أشرف بقعةٍ
تزر على نور من الحق زاهر
حضيرة قدسٍ صبر اللَه عفوه
ورضوانه فيها قرا كل زائر
وزرت بنيه الطاهرين وما حوى
هنالك من أنصاره خير حائر
وزرنا أبا الفضل الذي زر قبره
على أسد في الروع دامي الأظافر
ولما قضينا فرضنا وتحدثت
بضائعنا عن متجر غير خاسر
نهضنا سراعاً للغري كأننا
صواد نرى فيه مجاج المواطر
نؤم أمير المؤمنين وكهفهم
وأفضل بادٍ في النام وحاضر
ولولا اختيار السبق كان مسيرنا
غليه على أجفاننا والنواظر
ولما بلغنا ذلك الحي خلتني
ظهرت من الفردوس فوق المظاهر
وبادرت لثماً للتراب وللحصى
ولا عذر لي واللَه إن لم أبادر
وبشرت نفس بالغنا حين أصبحت
وصاحبها ضيف لكنز الجواهر
فيا لك نعمى لا يوازي أقلها
وحقك كل الشكر من كل شاكر
وفي ذلك المغنى وجدت عصابةً
على المجد قد شدوا عقود المآزر
فعالمهم في عصره خير عالم
وشاعرهم في مصره خير شاعر
فشا فضلهم بين الورى وتواترت
مكارمهم في الناس أي تواتر
وقوضت عنهم حين عجت من الظما
إلى ربع موسى والجواد ضوامري
قسرت إلى مغاهما فوجدته
بإنسهما قيد القلوب النوافر
وصادفت فيه من أفاضل عامل
حليف نداً مع قلبة المال وافر
منازل مأوى لكل مقلقل
غريب تحاماه بنو الدهر حائر
وكم ظفرت كفى هناك بسيد
ولوع بإكرام الخليط المعاشر
وجدت به واللَه أنسي وإنني
على وحشة ما بين قال وهاجر
جزا اللَه عني طالب الخير طالباً
بخير جزاء من كريم وقادر
فتى هام بالتقوى فطار مهاجراً
إليها ألا قرت عيون المهاجر
وألقى العصا عند الجوادين مقبلاً
على اللَه يرجو متجراً غير بائر
نزلت به ضيفاً فأصبحت نازلاً
بأهلي على رغم النوا وعشائري
وأفرط في الإكرام حتى كأنه
يراني له مولى مطاع الأوامر
وكنت جديراً أن أكون مجاوراً
له ما اغتدى ظل الحياة مجاوري
ولكن دعاني للرحيل أصاغر
جفائي لها بعض الذنوب الكبائر
قضى لي أن أمسي غريباً مسافراً
وفي يده رد الغريب المسافر
ولا شك عندي أنه الأول الذي
مقاديره تجري إلى خير آخر