لتهن عين الى مرآك قد طمحت

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

لتهن عين الى مرآك قد طمحت

​لتهن عين الى مرآك قد طمحت​ المؤلف ابن نباتة المصري


لتهن عين الى مرآك قد طمحت
ومهجة فيك بالأشجان قد صلحت
يا من اذا باعت الأبصار أسودها
بحبة فوق خديه فقد ربحت
لا أشتكي فيك أشجاني وان مكثت
ولا اكفكف أجفاني وإن نزحت
أنا الذي كرمت أنفاس صبوته
وكلما مسّ ناراً ندها نفحت
يزيدني العذل تبريحاً ألذ به
فليت عذّال حبي فيك ما برحت
ويعجب الدمع عيني حين يجرحها
وما العدالة إلا حيثما جرحت
ما أدمعي في هواك السمح باخلة
وكيف وهي التي بالعين قد سمحت
سقياً لأوقاتك اللآتي إذا ذكرت
حلت على أنها بالحسن قد ملحت
حيث الصبا بشذا الأزهار نافحة
في فحمة الليل والأقداح قد قدحت
وللقيان بورق الطير مشتبهٌ
هذي وتلك على العيدان قد صدحت
والزهر كالضيف أمسى وهو مبتسم
على زقاقٍ من الصهباء قد ذبحت
والراح في يد ساقيها مشعشعة
كأن وجنة ساقيها بها نضحت
ساقٍ إذا اغتبقت ندمان قهوته
أضآء مبسمه الصبحيّ فاصطبحت
لدن المعاطف يمناه ومقلته
تسقيك إن حملت راحاً وإن لمحت
ذو ناظرٍ بالحيا والسحر مكتحل
فالموت إن غضت الأجفان أو فتحت
كم قابلته لكي تحكيه نرجسة
فصح أن عيون النرجس انفتحت
إذا اعتبرت معاني من كلفت به
عجبت من حسن ما دقت وما وضحت
تلك التي خلفت عيناي غارقة
ترعى نجوم الليالي كلما سبحت
آهاً لذكر ليالٍ ما فطنت لها
حتى أناخَ عليها الدهر فانتزحت
كم يقصد الدهر إغضابي بقادحة
في الحال لكنها في الصبر ما قدحت
إن عاب رونق ألفاظي ذوو إحنٍ
ففي السماء بدور طالما نبحت
دع الليالي إني قد غفرت لها
بالافضل الملك ما كانت قد اجترحت
جاءت به مغرب الأوصاف مشرقها
مثال ما اقترح العليا وما اقترحت
ملك لهاهُ عن الآمال قد فصحت
وراحتاه عن الأيام قد صفحت
له خطىً جازت العليا وما فخرت
وأنمل كفت الدنيا وما بجحت
تندي حياءً غداة الجود طلعته
كأنما منعت كفاه ما بجحت
كانت بنو الدهر غضبى مع زمانهمُ
لكن على يده الفياضة اصطلحت
كم منطق فصحته بالثناء وكم
نحوٍ من الجود في أهل الرجاء نحت
كم نعمة سبحت عن بيت سؤدده
في الخافقين وكم من مدحة سرحت
لاعيبَ في مجده العالي سوى أذنٍ
في الجود لا تسمع العذال إن نصحت
أما الرعايا فقد ردّت بدولته
لها وجوه الأماني بعد ما جمحت
كل البيوت من الأموال باسمة
إلا بيوتاً من الأموال قد كلحت
بين الصوارم والأقلام فكرته
إن دبرت أفلحت أو صاولت فلحت
سجية في بني أيوب قد نفرت
وبين آل تقي الدين قد رجحت
يمدّ زنداً الى العلياء واريةً
أنوارها وهي ما عيبت وما قدحت
إذا أطال كريم وعده اختصرت
وإن طوى قلب باغ غلها شرحت
ياابن الملوك جلت أنوار غرتهم
غياهب الافك عن طرق الهدى ومحت
لو لم يكن لك حق الملك من قدم
لكن حقك بالنفس التي طمحت
لو خط بعض اسمك العالي على علم
وقابلته حصون الأرض لافتتحت
أنت الذي قدمت امداحه فكري
فخراً على فكرٍ من بعد قد مدحت
أنت الذي فسّحت نعماء والده
حالي وفكرتي الغمآء فانفسحت
وأودعتني جدوى كفه منناً
كأنها بعدُ من جفنيّ قد رشحت
كم مدحة لي من آثار أنعمه
سيارة لنجوم الليل قد فضحت
بطالع السعد لاجديٌ ولاحملٌ
جازت مدى الشهب والغفران ما انتطحت
لله درك من ملك له شرف
ثنى قرائحنا عنه وإن كدحت
دامت لملكك أوقات الحبور اذا
تقلدت من حلى إقبالها اتشحت
وجاد قبرَ الشهيد الغيثُ ينشده
يا ساكني السفح كم عين بكم سفحت