انتقل إلى المحتوى

كفى الدين عزا ما قضاه لك الدهر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

كَفى الدِّينَ عِزّاً مَا قَضَاهُ لَكَ الدَّهْرُ

​كَفى الدِّينَ عِزّاً مَا قَضَاهُ لَكَ الدَّهْرُ​ المؤلف ابن حيوس



كَفى الدِّينَ عِزّاً مَا قَضَاهُ لَكَ الدَّهْرُ
 
فمنْ كانَ ذا نذرٍ فقدْ وجبَ النذرُ
لَقَدْ ظَلَّلتْ هذِي الْبِلادَ سَحابَة ٌ
 
بوارقها بشرٌ وَإيماضها تبرُ
إذا ما غمامٌ خصَّ أرضاً بغيثهِ
 
همى هاطلاً في كلَّ قطرٍ لها قطرُ
ثَمانِيَة ٌ لَمْ تَفْتَرِقْ مُذْ جَمَعْتَها
 
فَلاَ افْتَرَقَتْ ما ذَبَّ عَنْ ناظِرٍ شُفْرُ
يقينكَ وَالتقوى وجودكَ وَالغنى
 
وَلَفْظُكَ وَالْمَعْنى وَعَزْمُكَ وَالنَّصْرُ
بكَ انجابتِ اللأوآءُ وَامتدتِ المنى
 
وَضُوعِفَتِ الآلاءُ وَافتَخَرَ الْعَصْرُ
وَرَدَّ إِلَيْكَ الأَمْرَ لُطْفاً وَرَحْمَة ً
 
بذا الخلقِ طراً منْ لهُ الخلقُ وَالأمرُ
فَآمَنْتَهُمْ غَضَّ الْجُفُونِ عَلَى قَذى ً
 
فَأَقْصى مُناهُمْ أَنْ يَطُولَ لَكَ الْعُمْرُ
فللهِ ملكٌ زينَ الدستَ ملكهُ
 
وَجادَ الْحَيا مَلْكاً تَضَمَّنَهُ الْقَبْرُ
وكنا نظنُّ الأرضَ تظلمُ بعدهُ
 
فقمتَ مقامَ الشمسِ إذْ غيبَ البدرُ
لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أَعْظَمُ أُسْوَة ٍ
 
فَلاَ تَظْهَرِ الشَّكْوى وَلاَيَتْعَبِ الْفِكْرُ
فَقِيدُكَ مَنْ لاَيَمْلِكُ الْهَمُّ رَدَّهُ
 
وَخصمكَ منْ لا يقتضى عندهُ وترُ
مضى حيثُ لا تغني الصوارمُ وَالقنا
 
وَلاَ النَّسَبُ الزَّاكي وَلاَ النَّائِلُ الْغَمْرُ
وَلَوْ كَانَتِ الأَقْدَارُ تُثْنى بِقُوَّة ٍ
 
حماهُ الإباءُ المحضُ وَالجحفلُ المجرُ
وَسارتْ على مثلِ النعامِ ضراغمٌ
 
عَلَيْها مِنَ الْماذِيِّ أَوْشِحَة ٌ خُضْرُ
إذا أظهروا سرَّ الجفونِ فلاَ دجى ً
 
وَإِنْ لَفَّهُمْ نَقْعُ الْمَذَاكِي فَلاَ فَجْرُ
وَلكنها تمضي على غلوانها
 
سَوَادٌ عَلَيْها مُسْتَعِدٌّ وَمُغْتَرُّ
صَبَرْنا عَلَى حُكْمِ الزَّمانِ الَّذي سَطا
 
على أنهُ لولاكَ لمْ يمكنِ الصبرُ
غزانا ببؤسى لا يماثلها الأسى
 
تقارنُ نعمى لا يقومُ بها شكرُ
وَأَوْجَبَتِ الأُولى الْمَلاَمَ فَلَمْ نَلُمْ
 
وَأنى لهُ لومٌ وَأنتَ لهُ عذرُ
وَكادَ شعارُ الخوفِ ينبثُّ في الورى
 
فنادى شعارُ الأمنِ يا نصرُ يا نصرُ
فَمَرَّتْ بِكَ الشَّقْراءُ تَسْمُو تَحَلُّقاً
 
كَما حَلَّقَتْ فَتْخاءُ يَجْذِبُها وَكْرُ
عَلَيْها هُمامٌ يَمْلأُ الأْرْضَ هَيْبَة ً
 
عَلَى الْجَيْشِ كَرَّارٌ إِذَا حِزْبُهُ فَرُّوا
بِحَيْثُ حَمى تِلْكَ الْوُجُوهَ بِسَيْفِهِ
 
وَقَدْ كُشِفَتْ عَنْها البَرَاقِعُ وَالْخُمْرُ
حَبِيبٌ إِلَيْهِ الْعَدْلُ وَاللِّينُ وَالنّدى
 
بَغِيضٌ إِلَيْهِ الْجَوْرُ وَالبُخْلُ وَالْكِبْرُ
أرى المجدَ عقداً أنتَ واسطة ٌ لهُ
 
وَعَن جانِبَيْهِ صالِحٌ وَفَنا خُسْرُو
فَجَدٌّ لَهُ دَانَتْ نِزَارٌ وَيعْرُبٌ
 
وجدٌّ رعايا ملكهِ البدوُ وَالحضرُ
وأَنْتَ الَّذِي يُرْوى بِسَحِّ بَنانِهِ
 
فَكَيْفَ إِذَا فاضَتْ أَنامِلُهُ الْعَشْرُ
وَما الْمَرْءُ إِلاَّ مَنْ يُخافُ وَيُرْتَجى
 
لديهِ العطاءُ الحلوُ وَالأنفُ المرُّ
سَعِدْنا بِمَوْلى ً يَوجَدُ الْخَيْرُ عِنْدَهُ
 
وَيعدمُ إلاَّ في مواضعهِ الشرُّ
عواديهِ مدٌّ يحدثُ العفوُ جزرهُ
 
وَجَدْوَاهُ مَدٌّ لاَيُعَقِّبُهُ جَزْرُ
وَلَمَّا أَرَادَ اللّهُ إِظْهارَ حَقِّهِ
 
وَجاهرَ فيهِ الناسُ إذْ أمكنَ الجهرُ
بدا لاَ كما يبدو النباتُ منَ الثرى
 
وَلكنْ كما يبدو منَ الصدفِ الدرُّ
فداؤكَ منْ هذي الصفاتُ وَذكرها
 
عَلَى ظَهْرِهِ وِقْرٌ وَفِي سَمْعِهِ وَقْرُ
أَعانَتْ عَلَى إِدْرَاكِ ما تَسْتَحِقُّهُ
 
طريقتكَ المثلى وَهمتكَ البكرُ
وَلَمْ تَكُ فِيهِ كَکبْنِ هِنْدٍ فَإِنَّهُ
 
بَغى فَبَغى ما لمْ يُخَلِّفْ لَهُ صَخْرُ
وَما ضَرَّ مَنْ فاقَ الْمُلُوكَ بِرَأْيِهِ
 
وَإِقْدَامِهِ أَلاَّ يَكُونَ لَهُ عَمْرُو
وَخالكَ منْ شادتْ دعائمَ بيتهِ
 
سجيتهُ الحسنى وَنائلهُ الغمرُ
فيا طيبَ ما حيتْ به مصرَ بابلٌ
 
وَيا حسنَ ما أهدتْ إلى حلبٍ مصرُ
فجاءَ كما يهدى إلى الروضِ صيبُ الـ
 
ـحيا لاَ كما يهدى إلى هجرَ التمرُ
فَأَهْلاً بِمَنْ تَقْضِي فَضائِلُهُ لَهُ
 
بِأَضْعافِ ما تَقْضِي الْقَرَابَة ُ وَالصِّهْرُ
وَلمْ يتركْ تلكَ البلادَ لأنها
 
بغتْ بدلاً منهُ وَلاَ أنْ نبا دهرُ
وَلكنهُ كالسيفِ فارقَ غمدهُ
 
ليشهدَ حداهُ بما خبرَ الأثرُ
وَإخوتكَ الراقونَ يبغونَ ذروة ً
 
تقيلها منْ قبلُ آباؤكَ الغرُّ
مَلَكْتَ فَما كَانُوا كَإِخْوَة ِ يُوسُفٍ
 
توددهمْ مكرٌ وَمحصولهُ خترُ
وَلكِنْ أَباحُوكَ الْمَوَدَّاتِ أُخْلِصَتْ
 
فَما فَوْقَها وُدٌّ وَلاَ تَحْتَها غِمْرُ
وَقبلكَ ما راءَ الأنامُ وَلنْ يروا
 
مدى الدهرِ شمساً حولها أنجمٌ زهرُ
فجاوزْ بهمْ حدَّ الأخوة ِ بالغاً
 
إِلى غايَة ٍ فِيها لَكَ الْحَمْدُ وَالأَجْرُ
وَأَمَّا الْعِدى خابُوا فَإِنَّ غَناءَهُمْ
 
غناءُ دخانِ النارِ غادرهُ الجمرُ
وَحوشيتَ منْ قرب اللئامِ فإنهمْ
 
إِذَا اسْتُنْصِحُوا غَرُّوا أَوِ أسْتُصْحِبُوا عَرُّوا
فمزقهمُ قتلاً وَنفياً فإنهُ
 
نَهى الدِّينُ أِنْ يَسْتَصْحِبَ الْفاجِرَ الْبَرُّ
وَفَائِضِ إِنْعَامٍ بِهِ يُطْرَدُ الفَقْرُ
 
وَيبعدها منْ ليسَ يغلبهُ القرُّ
 
فيبعدُ عنْ أعطانها منْ بهِ عرُّ
وَأَنْشَرْتَ أَمْوَاتَ الأَمَانِي مُكَذِّباً
 
مَقالَ أُناسٍ لَيْسَ بَعْدَ التَّوى نَشْرُ
فَدَامَتْ وَعَزَّتْ دَوْلَة ٌ نَبَوِيَّة ٌ
 
دعتكَ بما فيهِ لها لعزُّ وَالفخرُ
فَإِنْ فاخَرَتْ يَوْماً فَأَنْتَ جَلاَلُها
 
وَصَمْصَامُها فِي كُلِّ نائِبَة ٍ تَعْرُو
وَإنْ عدمتْ منْ كانَ أظهرَ حقها
 
بمحضِ ولاءٍ لاَ يمازجهُ غدرُ
وألوتْ بمحمودِ بنِ نصرٍ ملمة ٌ
 
عوائدها الإقدامُ وَالقسرُ وَالقهرُ
فنصرُ بنُ محمودِ بنِ صالحٍ
 
لَها عِوَضٌ نِعْمَ البَقِيَّة ُ وَالذُّخْرُ
وَأَنْتُمْ بِحَارُ الجُودِ وَالبَأْسِ وَالحِجَى
 
إذا غاضَ بحرٌ فاضَ يخلفهُ بحرُ
فكمْ منْ بلادٍ أنكحتكمْ رماحكمْ
 
وَليسَ سوى طعنِ النحورِ لها مهرُ
ثغورُ العدى إنْ رمتموهنَّ كالفلاَ
 
وَكلُّ فلاة ٍ رمتمُ منعها ثغرُ
أَحَادِيثُ مَجْدٍ يُعْجِزُ الدَّهْرَ طَيُّهَا
 
وَأخلدها ما كانَ يحفظهُ الشعرُ
تَبَاعَدَتُ عَنْكُمْ حُرْفَة ً لاَ زَهَادة ً
 
وَسرتُ إليكمْ جينَ مسنيَ الضرُّ
فَلاَقَيْتُ بابَ الأَمْنِ ما عَنْهُ حاجِزٌ
 
يَصُدُّ وَبَابَ العُرْفِ ما دُونَهُ سِتْرُ
وَطالَ مقامي في إسارِ جميلكمْ
 
فَدَامَتْ مَعالِيْكُمْ وَدَامَ لِيَ الأَسْرُ
وَأَنْجَزَ لِي رَبُّ السَّموَاتِ وَعْدَهُ الْـ
 
ـكريمَ بأنَّ العسرَ منْ بعدهِ يسرُ
وَجادَ ابْنُ نَصْرٍ لِي بِأَلْفٍ تَصَرَّمَتْ
 
وَإِنِّي عَلْيمٌ أَنْ سَيُخْلِفُها نَصْرُ
لقدْ كنتَ مأموراً ترجى لمثلها
 
فكيفَ وطوعا أمركَ النفعُ وَالضرُّ
وَمَابِي إِلَى الإِشْطاطِ فِي السَّوْمِ حاجَة ٌ
 
وَقدْ عرفَ المبتاعُ وَانفصلَ السعرُ
وَإِنِّي بِآمالِي لَدَيكَ مُخَيِّمٌ
 
وَكمْ في الورى ثاوٍ وَآمالهُ سفرُ
وَعِنْدَكَ لاَ أَبْغِي بِقَوْلِي تَصَنُّعاً
 
بأيسرِ ما توليهِ يستبعدُ الحرُّ
تَقَبَّلْ مِنَ المُثْنِي عَلَيْكَ اعْتِذَارَهُ
 
فقدْ ضاقَ عنْ أوصافكَ النظمُ وَالنثرُ
وَهنيتَ جداً لا يفترُ صاعداً
 
وَمليتَ أياماً عنِ اسمكَ تفترُّ