كتاب ميزان الحكمة/المقالة الأولى/الباب السادس

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة



الباب السادس
في الرسوب والطفو في مسائل السفينة


أحكام الأجسام المصمتة والمجوفة في الرسوب في الماء والطفو عليه وأثقالها فيه مختلفة بحسب اختلاف أحوالها والقول فيه يشتمل على ثلاثة فصول:-


الفصل الأول
في أحكام الجسم المصمت في الماء


إذا تساوت مساحتا الجسم المصمت والماء معا ثم اتفقا في الزنة أو اختلفا فيها فإنا نسمى هذا الماء ماء المثل وثقله ثقل ماء المثل وكان للجرم أيضاً ثقل ما فإن نسبة ثقله إلى ثقل الماء المساوي مساحته لجرمه تكون على ثلاثة أقسام أحدها أن يكون ثقلهما متساويين في الوزن فنسمى هذا الجرم مثليّا أي ثقله مثل ثقل الماء، والثاني أن يكون الجرم أكثر ثقلا من الماء فنسميه راسباً، والثالث أن يكون أقل ثقلا منه فنسمّيه طافياً عليه فالمصمت المثلي إذا ألقى في الماء فإنه يغوص فيه إلى أن يتساوي سطحا الماء والجرم المثليّ ولا يرسب فيه أكثر من ذلك، ولا يصل إلى قراره لا ثقل له فيه والمصمت الراسب إذا ألقى فيه فيرسب إلى قراره وكان ثقله وزنته فيه بقدر فضله زنة جرمه على زنة ماء المثل له ونسمّيه فضلة الراسب فيه، وإذا ألقى الجرم الطافي فيه فيرسب ببعضه فيه ويأخذ مكاناً منه ملؤه من الماء مثل زنة الجرم كلّه، وتبقي منه في الهواء باقية لعلة القوة الهوائيّة فيه، وهي بمقدار ثقل ماء المثل إلا زنة الجرم أي إذا أخذنا زنة الماء المساوي لجرمه ونقصنا منها زنة الماء الذي زنته الجرم الطافي فتبقي زنة قوته الهوائية، فإذا وضع عليه علاوة وزنها زنة القوة الهوائيّة فيصير الجرم الطافي بمنزلة الجرم المثليّ فيغوص في الماء إلى أن يتساوي سطحاهما.


الفصل الثاني
في أحكام الجرم المجوف في الماء والرسوب فيه والطفو عليه


إن الجرم المصمت الراسب إذا صيّر مجوفاً يقال لزنة الماء الذي يسع في تجويفه زنة ماء التجويف، فإذا كان التجويف بقدر ما يأخذ سطحه المماس للماء مكاناً زنة ملئه مثل زنة الجرم سواء، فحينئذ يتكافأ الجرمان المجوف والماء، وأريد بالتكافؤ ههذا بلوغ الماء حروف المجوف سواء أي يصير سطحاهما منطبقين، ونسميه السطح المكافىء للماء وللتجويف التجويف المكافىء فالتجويف إذا كان أقل من حد التكافؤ فإن الجرم يرسب فيه، وإذا كان أكثر فيطفو عليه بالقوة الهوائية في التجويف ومعرفة حد التكافؤ في الراسب إذا كانت زنة ماء التجويف مثل زنة فضلة الراسب على زنة ماء المثل سواء فهذا التجويف يكافئه، ويطفو عليه فإذا نقص التجويف عن هذا الحد رسب فيه وإذا زاد عليه فيطفو ومعرفة مقدار التكافؤ من التجويف الزائد أن ينقص من زنة ماء التجويف زنة الجرم المجوف فيبقى وزن الماء الذي بقدره يحصل التكافؤ أيضاً، والجرم المثلي إذا صير مجوفا أي مقدار كان فإنه يطفو عليه فإذا ملىء تجويفه يتكافىء سطحاهما ولا يختلف حكمه بزيادة التجويف ونقصانه والجرم الطافي لا يرسب فيه وإن ملىء تجويفه، ويرتفع وجه الماء الداخل عن خارجه بقدر زيادة القوة الهوائية فيه ولا تستوي السطوح الثلاثة إلا بالثقل الخارج عنها.


الفصل الثالث
في الغرق بالأثقال


أحكام الأثقال التي توضع في التجويف أو على الجرم المصمت الطافي خارجة عن حكم دخول الماء في تجويفه لأن في الراسب المجوف إذا زاد الثقل على حد التكافؤ فالجرم يغرق فيه، وكذلك في تجويف المثل إذا زاد الثقل على مقدار زنة ملء التجويف يغرق أيضاً، وفي الطافي كالسفينة إذا كان الثقل مثل زنة ملء التجويف وزنة قوتها الهوائية معا سواء تتساوي السطوح الثلاثة وتتكافؤ، فإذا زاد الثقل على ذلك رسب إلى قراره، وكذلك حكم المصمت الطافي إذا زاد الثقل على ثقل علاوته، وإذا ركب على الجسم المصمت الراسب جسم طاف، وكانت قوة الهوائية فيه مثل قوة رسوبه فيصير ان بمنزلة الجسم المثلي فيغوص في الماء، ويتكافأ ولا يرسب إلى قراره وإذا كانت الفضلة لأحد الجانبين فيصير مثل ما ذكرناه.

تمت المقدمات الطبيعية في الثقل والخفة ولله الحمد والمنة.