كتاب الكبائر لمحمد بن عبد الوهاب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
كتاب الكبائر
 ]]
image page
نزل نسخة مطبوعة
بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الكبائر[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31] الآية، وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ [النجم:32] الآية. روى ابن جرير عن ابن عباس قال: "الكبائر كل ذنب ختمه الله بنار أو لعنة أو غضب أو عذاب"، وله عنه قال: "هي إلى سبعمائة أقرب1 منها إلى سبع، غير أنه لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار". ولعبد الرزاق عنه: "هي إلى سبعين أقرب منها إلى السبع".

(باب أكبر الكبائر)[عدل]

في الصحيحين عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور. فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت"2

(باب كبائر القلب)[عدل]

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"3 رواه مسلم.
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه مرفوعا: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب"4.

(باب ذكر الكبر)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا [النساء:36] وقول الله تعالى: ﴿فَلَبِئۡسَ مَثۡوَى ٱلۡمُتَكَبِّرِينَ [النحل:29].
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. فقال رجل: يا رسول الله، إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة. قال: إن الله جميل يحب الجمال. الكبر بطر الحق، وغمط الناس"5 رواه مسلم.
وروى البخاري عن حارثة بن وهب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر"6. العتل: الغليظ الجافي، والجواظ قيل: المختال الضخم، وقيل القصير البطين، وبطر الحق: رده إذا أتاك، وغمط الناس: احتقارهم.
ولأحمد وصححه ابن حبان من حديث أبي سعيد رفعه: "من تواضع لله درجة رفعه الله درجة، حتى يجعله في أعلى عليين. ومن تكبر على الله درجة وضعه الله درجة، حتى يجعله في أسفل سافلين"7.
وللطبراني عن ابن عمر رفعه: "إياكم والكبر، فإن الكبر يكون في الرجل وعليه العباءة" رواته ثقات.

(باب ذكر العجب)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ هُم مِّنۡ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشۡفِقُونَ ۝٢٧ [المعارج:27] روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "الهلاك في اثنتين: القنوط والعجب".
عن أبي بكرة رضي الله عنه أن رجلا ذُكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فأثنى عليه رجل خيرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ويحك قطعت عنق صاحبك. يقوله مرارا. ثم قال: إن كان أحدكم مادحا لا محالة فليقل: أحسبه كذا وكذا، إن كان يرى أنه كذلك، وحسيبه الله، ولا يزكي على الله أحدا"8 رواه البخاري ومسلم.
ولأحمد بسند جيد: عن الحارث بن معاوية أنه قال لعمر: إنهم كانوا يراودونني على القصص، فقال: أخشى أن تقص فترتفع عليهم في نفسك، ثم تقص فترتفع حتى يخيل إليك أنك فوقهم في منْزلة الثريا، فيضعك الله (تحت أقدامهم يوم القيامة بقدر ذلك".
وللبيهقي عن أنس رضي الله عنه مرفوعا: "لو لم تذنبوا لخَفِْتُ عليكم ما هو أشد من ذلك: العجب".

(باب ذكر الرياء والسمعة)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف:110]. عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سمَّع سمَّع الله به، ومن يرائي يرائي الله به"9 أخرجاه.
قيل معنى: (من سمع سمع الله) به أي فضحه يوم القيامة. ومعنى: (من يرائي) أي: من أظهر العمل الصالح للناس ليعظم عندهم. يرائي به الله قيل معناه: إظهار سريرته للناس.
ولهما عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"10.
ولمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: "إن أول الناس يقضى عليهم يوم القيامة ثلاثة: رجل استشهد في سبيل الله فأتى به فعرفه نِِِعَمَهُ فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت في سبيلك حتى قتلت. قال له: كذبت، ولكنك قاتلت ليقال هو جريء فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن، فأتي به فعرفه نعمه فعرفه. قال: فما عملت فيها؟ قال تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن. قال: كذبت ولكنك تعلمت ليقال هو عالم، وقرأت ليقال هو قارئ فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل وسع الله عليه فأعطاه من أصناف المال فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيه إلا أنفقت فيه لك. قال الله: كذبت، ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار" وللترمذي فيه: "أن معاوية رضي الله عنه لما سمعه بكى وتلا قوله تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا [هود:15] الآية".

(باب الفرح)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿إِنَّهُۥ كَانَ فِیۤ أَهۡلِهِۦ مَسۡرُورًا ۝١٣ [الانشقاق:13]، وقوله: ﴿إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ [الطور:26]، وقوله: ﴿فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِۦ فَتَحۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَبۡوَ ٰبَ كُلِّ شَیۡءٍ حَتَّىٰۤ إِذَا فَرِحُواْ بِمَاۤ أُوتُوۤاْ أَخَذۡنَـٰهُم بَغۡتَةࣰ فَإِذَا هُم مُّبۡلِسُونَ ۝٤٤ [الأنعام:44] الآية.

(باب ذكر اليأس من روح الله، والأمن من مكر الله)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [يوسف:87]، وقوله: ﴿فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف:99]. عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "أكبر الكبائر: الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله" رواه عبد الرزاق وأخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه مرفوعا ولفظه: "سئل ما الكبائر؟ فقال: الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، واليأس من روح الله".

(باب ذكر سوء الظن بالله)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ [آل عمران:154] وقول الله تعالى: ﴿وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ [فصلت:23] الآية، وقوله: ﴿الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ ۚ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ [الفتح:6] الآية. روي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: "أكبر الكبائر سوء الظن بالله" رواه ابن مردويه.
عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قبل وفاته بثلاث: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله"11، أخرجاه وزاد ابن أبي الدنيا: "فإن قوما أرداهم سوء ظنهم بالله فقال تبارك وتعالى ﴿وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ [فصلت:23] الآية". ولهما عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: "قال الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي" 12 زاد أحمد وابن حبان13: "إن ظن بي خيرا فله، وإن ظن بي شرا فله"14.

(باب ذكر إرادة العلو والفساد)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ [القصص:83] الآية.
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"15 أخرجاه. وعن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به".

(باب العداوة والبغضاء)[عدل]

وقوله تعالى: ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء:59] الآية، وقوله: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ [الممتحنة:4]16 الآية.

(باب الفحش)[عدل]

وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا [النور:19] الآية، وقوله: ﴿إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ [التوبة:91] الآية.

(باب ذكر مودة أعداء الله)[عدل]

وقوله تعالى: ﴿لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [المجادلة:22] الآية، وقوله: ﴿قُلۡ إِن كَانَ ءَابَاۤؤُكُمۡ وَأَبۡنَاۤؤُكُمۡ وَإِخۡوَ ٰنُكُمۡ وَأَزۡوَ ٰجُكُمۡ وَعَشِيرَتُكُمۡ وَأَمۡوَ ٰلٌ ٱقۡتَرَفۡتُمُوهَا وَتِجَـٰرَةࣱ تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا وَمَسَـٰكِنُ تَرۡضَوۡنَهَاۤ أَحَبَّ إِلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادࣲ فِی سَبِيلِهِۦ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِیَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَـٰسِقِينَ ۝٢٤ [التوبة:24]، وقوله: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ [هود:113] الآية. وقال أبو العالية: "لا ترضوا بأعمالهم". وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما: "لا تميلوا إليهم كل الميل في المحبة ولين الكلام والمودة". وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المرء مع من أحب"17 أخرجاه.

(باب ذكر قسوة القلب)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ [المائدة:13] الآية، وقوله تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ [الزمر:23]، وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ [الحديد:16] الآية. عن ابن عمرو مرفوعا: "ارحموا ترحموا، واغفروا يغفر لكم. ويل لأقماع القول، ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون"18 رواه أحمد.
وللترمذي عنه19 مرفوعا: "لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب، وإن أبعد القلوب من الله القلب القاسي"20. ولهما عن جرير رضي الله عنه مرفوعا: "من لا يرحم الناس لا يرحمه الله"21 أخرجاه.

(باب ذكر ضعف القلب)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ [الكهف:14] الآية، وقوله: ﴿أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوۤاْ أَن يَقُولُوۤاْ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ ۝٢ [العنكبوت:2] الآيتين، وقوله: ﴿قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ [المائدة:22] الآية، وقوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ [العنكبوت:10] الآية. ولهما عن ابن عمرو مرفوعا: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه"22.

"أبواب كبائر اللسان"[عدل]

(باب التحذير من شر اللسان)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿وَعِبَادُ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمۡشُونَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ هَوۡنࣰا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلۡجَـٰهِلُونَ قَالُواْ سَلَـٰمࣰا ۝٦٣ [الفرقان:63]، وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ [القصص:55]، وقوله: ﴿مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدࣱ ۝١٨ [ق:18]. عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت"23 أخرجاه. ولهما عن سهل بن سعد مرفوعا: "من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة"24.
وعن سفيان بن عبد الله قال: قلت: يا رسول الله ما أخوف ما تخاف علي؟ فأخذ بلسان نفسه ثم قال: كف عليك هذا"25 قال الترمذي: حسن صحيح.
وله وصححه عن معاذ رضي الله عنه: "قلت: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو قال على مناخرهم - إلا حصائدُ ألسنتهم "26. وله عن أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعا: "إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان، تقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك، إن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا"27 قوله: تكفر أي: تذل وتخضع.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: "إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها، يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب "28 أخرجاه. وللترمذي وصححه عن بلال بن الحارث رضي الله عنه مرفوعا: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه. وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه"29.
ولمسلم عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه مرفوعا: "أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله (: من ذا الذي يتألى عليّ أن لا أغفر لفلان؟ إني قد غفرت له، وأحبطت عملك"30 وروى أن القائل رجل عابد، قال أبو هريرة: "تكلم بكلمة أو بقت دنياه وآخرته31".

(باب ما جاء في كثرة الكلام)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿$2 الآيتين. عن المغيرة بن شعبة مرفوعا: "إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعا وهات. وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال"32 أخرجاه.
وعن جابر رضي الله عنه مرفوعا: "إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلسا يوم القيامة الثرثارون المتشدقون والمتفيهقون "33 حسنه الترمذي.

(باب التشدق وتكلف الفصاحة)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ [المنافقون:4] الآية. عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا: "إن من البيان لسحرا"34 رواه البخاري.
وعن ابن عمر مرفوعا: "إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل البقرة"35 حسنه الترمذي.

(باب من هابه الناس خوفا من لسانه)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿وَيۡلࣱ لِّكُلِّ هُمَزَةࣲ لُّمَزَةٍ ۝١ [الهمزة:1] الآية. عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن شر الناس منْزلة عند الله36 يوم القيامة من ودعه الناس - أو تركه الناس - اتقاء فحشه".

(باب البذاء والفحش)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ لَا يَشۡهَدُونَ ٱلزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِٱللَّغۡوِ مَرُّواْ كِرَامࣰا ۝٧٢ [الفرقان:72]
وعن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا: "ليس المؤمن بطعان، ولا لعان، ولا فاحش، ولا بذيء" حسنه الترمذي37.
وله وصححه عن أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعا: "ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيء الذي يتكلم بالفحش"38.
ولمسلم عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنْزع من شيء إلا شانه"39.
وللترمذي وحسنه عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا: "ألا أخبركم بمن يحرم على النار، أو تحرم عليه النار؟ تحرم على كل قريب هين لين سهل"40.
ولمسلم عن جرير رضي الله عنه مرفوعا: "من يحرم الرفق، يحرم الخير كله"41.

(باب ما جاء في الكذب)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَفۡتَرِی ٱلۡكَذِبَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِـَٔايَـٰتِ ٱللَّهِۖ وَأُوْلَـٰۤئِكَ هُمُ ٱلۡكَـٰذِبُونَ ۝١٠٥ [النحل:105]، وقوله ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [البقرة:10] وقوله تعالى: ﴿وَيۡلࣱ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمࣲ ۝٧ [الجاثية:7].
عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا: "إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة؛ وإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا. وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار؛ وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا"42 أخرجاه.
وفي الموطأ عنه: "لا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب، فينكت في قلبه نكتة سوداء حتى يسود قلبه؛ فيكتب عند الله من الكاذبين".
وفيه عن صفوان بن سليم قال: "قيل43 لرسول الله: أيكون المؤمن جبانا؟ قال: نعم. قيل: أيكون المؤمن بخيلا؟ قال: نعم. قيل: أيكون المؤمن كذابا؟ قال: لا" - وللترمذي وحسنه عن ابن عمر: "إذا كذب العبد تباعد عنه الملك ميلا".

(باب ما جاء في إخلاف الوعد)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ [التوبة:77] الآية. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتُمن خان"44 أخرجاه. ولهما عن ابن عمر مرفوعا: "أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر"45.

(باب ما جاء في "زعموا")[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم [النور:15] الآية، وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات:6] الآية.
عن أبي مسعود أو حذيفة46 مرفوعا: "بئس مطية الرجل: زعموا"47 رواه أبو داود بسند صحيح. ولمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: "كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع"48.

(باب ما جاء في الكذب والمزح ونحوه)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ۖ [البقرة:67] الآية. عن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها مرفوعا: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، فيقول خيرا أو ينمي خيرا"49 أخرجاه.
ولمسلم: "قالت: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث – يعني: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل زوجته، وحديث المرأة زوجها"50.
وعن عبد الله بن عامر رضي الله عنه قال: "دعتني أمي يوما ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في بيتنا، قالت: ها! تعال أعطك! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما أردت أن تعطيه؟ قالت أعطيه تمرا فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أنك لو لم تعطيه لكُتِبت عليك كذبة"51 رواه أبو داود52.
ولأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: "من قال لصبي: ها! تعال أعطك! ثم لم يعطه، فهي كذبة"53.
وله عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها: "قلت: يا رسول الله إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه لا أشتهيه"أيعد ذلك كذبا؟ قال: نعم إن الكذب يكتب كذبا، حتى تكتب الكذيبة كذيبة"54. وللترمذي وحسنه مرفوعا: "ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب، ويل له، ويل له"55.

(باب ما جاء في التملق ومدح الإنسان بما ليس فيه)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ [الحج:30]. وروى الإمام أحمد عن أبي داود عن شعبة عن قيس بن مسلم أنه سمع طارق بن شهاب يحدث عن عبد الله يقول: "إن الرجل ليخرج من بيته ومعه دينه، فيلقى الرجل وله إليه حاجة، فيقول له: أنت كيت وكيت يثني عليه لعله أن يقضي من حاجته شيئا، فيسخط الله عليه، فيرجع وما معه من دينه شيء".

(باب ما جاء في النهي عن كون الإنسان مداحا)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم [النساء:49] الآية. ولمسلم عن المقداد: "أن رجلا جعل يمدح عثمان، فجثى المقداد على ركبتيه، فجعل يحثو في وجهه التراب، فقال عثمان: ما شأنك؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب "56. وفي المسند عن معاوية مرفوعا: "إياكم والمدح، فإنه الذبح"57.

(باب ما يمحق الكذب من البركة)[عدل]

عن حكيم بن حزام رضي الله تعالى عنه مرفوعا: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا. فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما. وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما"58.

(باب من تحلم ولم ير شيئا)[عدل]

روى البخاري عن ابن عباس مرفوعا: "من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل"59.

(باب ذكر مرض القلب وموته)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ [البقرة:10] الآية، وقوله: ﴿لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ [الأحزاب:60] الآية.
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المؤمن إذا أذنب ذنبا كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستعتب صقل قلبه، وإن زاد زادت حتى تعلو قلبه؛ فذلك الران الذي قال الله تعالى فيه: ﴿كَلَّاۖ بَلۡۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ ۝١٤ [المطففين:14]"60 رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. قال الأعمش: أرانا مجاهد بيده قال: كانوا يرون أن القلب في مثل هذا الكف، فإذا أذنب العبد ذنبا ضم منه، وقال بأصبعه الخنصر هكذا، فإذا أذنب ضم، وقال بأصبعه الأخرى هكذا، حتى ضم أصابعه كلها. ثم قال: يطبع عليه بطابع؛ وكانوا يرون أن ذلك هو الران. رواه ابن جرير عن أبي كريب عن وكيع عنه بنحوه، وعن مجاهد أيضا قال: "الران أيسر من الطبع، والطبع أيسر من الإقفال".
وعن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "القلوب أربعة: قلب أجرد فيه مثل السراج يزهر، وقلب أغلف مربوط بغلافه، وقلب منكوس، وقلب مصفح. فأما القلب الأجرد فقلب المؤمن فسراجه فيه نور. وأما القلب الأغلف فقلب كافر. وأما القلب المنكوس فقلب المنافق الخالص، عرف الحق ثم أنكر. وأما القلب المصفح فقلب فيه إيمان ونفاق؛ ومثل الإيمان فيه كمثل البقلة يمدها الماء الطيب؛ ومثل النفاق فيه كمثل القرحة يمدها القيح والدم، فأي المادتين غلبت على الأخرى غلبت عليه".

(باب ذكر الرضاء بالمعصية)[عدل]

روي عن عبد الله بن مسعود قال: "هلكت إن لم يعرف قلبك المعروف وينكر المنكر".
ولمسلم عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره. ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون؛ فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن. وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل"61.
وله عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها مرفوعا: "أنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن أنكر فقد برئ، ومن كره فقد سلم، ولكن من رضي وتابع"62 أي من كره بقلبه وأنكر بقلبه.
وفي رواية غير الصحيحين بعد وتابع: "فأولئك هم الهالكون".

(باب ذكر تمني المعصية والحرص عليها)[عدل]

في الصحيحين عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار. قالوا: يا رسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه"63.
وعن أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه مرفوعا: "مثل هذه الأمة مثل أربعة رجال: رجل آتاه الله مالا وعلما فهو يعمل في ماله بعلمه، ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالا فقال: لو كان لي مال مثل مال فلان لعملت فيه مثل عمله، فهما في الأجر سواء، ورجل آتاه الله مالا ولم يؤته علما فهو يتخبط في ماله لا يدري ما له مما عليه، ورجل لم يؤته الله مالا ولا علما فقال: لو كان لي مثل مال فلان لعملت فيه مثل عمله، فهما في الوزر سواء" صححه الترمذي.

(باب ذكر الريب)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا [الحجرات:15] الآية، وقوله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِمَاۤ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَاۤ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ وَبِٱلۡءَاخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ ۝٤ أُوْلَـٰۤئِكَ عَلَىٰ هُدࣰى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَـٰۤئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ۝٥ [البقرة:4–5]، وقوله تعالى ﴿وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ [الجاثية:32] إلى قوله تعالى ﴿وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ [الجاثية:32]، وكان معاذ يقول في مجلسه كل يوم قلما يخطئه: "الله حكم قسط، هلك المرتابون". وقال ابن مسعود: "إن من اليقين أن لا ترضي أحدا بسخط الله، ولا تحمد أحدا على ما آتاك الله، ولا تلم أحدا على ما لم يؤتك الله. وإن الله بعلمه وقسطه جعل الروح والفرح في اليقين، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط. وإن رزق الله لا يجره حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره". وقال عمر يوم الحديبية: "فعملت لذلك أعمالا وفيه قوله: ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا" أخرجه مسلم، وعن العباس رضي الله عنه مثله.

(باب السخط)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [التغابن:11]. قال علقمة: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم.
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فعليه السخط"64 رواه الترمذي وحسنه.

(باب القلق والاضطراب)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ [الفتح:26]، وقوله تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ [النساء:65] الآية، وقوله تعالى ﴿يَـٰۤأَيَّتُهَا ٱلنَّفۡسُ ٱلۡمُطۡمَئِنَّةُ ۝٢٧ ٱرۡجِعِیۤ إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةࣰ مَّرۡضِيَّةࣰ ۝٢٨ [الفجر:27–28] الآية. ولهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"65.
وللبخاري: "أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني. قال: لا تغضب. فردد مرارا. قال: لا تغضب"66.
وعن أبي ذر رضي الله عنه مرفوعا: "قد أفلح من أخلص الله قلبه للإيمان، وجعل قلبه سليما ولسانه صادقا، ونفسه مطمئنة، وخليقته مستقيمة، وجعل أذنه مستمعة، وعينه ناظرة؛ فأما الأذن فقمع، وأما العين فمعبرة لما يوعي القلب؛ وقد أفلح من جعل الله قلبه واعيا"67 رواه أحمد.

(باب الجهالة)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا [الأعراف:179] الآية. وعن ابن عباس ومعاوية وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين"68. وفي حديث البراء بن عازب رضي الله عنه: "أن المرتاب هو الذي يقول إذا سأله الملكان: هاه! هاه! لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته".

(باب الخفية)[عدل]

وقول الله تعالى: ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ [النساء:108] الآية.
وفي البخاري عنه عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت"69.


هامش

  1. هذا لفظ المخطوطات الثلاث مخطوطة المفتي ومخطوطة الشيخ محمد بن عبد اللطيف ومخطوطة عبد الرحمن الحصين. وهو لفظ ابن جرير.
  2. البخاري: الأدب (5976)، ومسلم: الإيمان (87)، والترمذي: البر والصلة (1901) والشهادات (2301) وتفسير القرآن (3019)، وأحمد (5/36،5/38).
  3. مسلم: البر والصلة والآداب (2564).
  4. البخاري: الإيمان (52)، ومسلم: المساقاة (1599)، والترمذي: البيوع (1205)، والنسائي: البيوع (4453) والأشربة (5710)، وأبو داود: البيوع (3329)، وابن ماجه: الفتن (3984)، وأحمد (4/267،4/269،4/270،4/274)، والدارمي: البيوع (2531).
  5. مسلم: الإيمان (91)، والترمذي: البر والصلة (1999)، وأبو داود: اللباس (4091)، وابن ماجه: المقدمة (59) والزهد (4173)، وأحمد (1/399،1/412،1/416،1/451).
  6. البخاري: تفسير القرآن (4918)، ومسلم: الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2853)، والترمذي: صفة جهنم (2605)، وابن ماجه: الزهد (4116)، وأحمد (4/306).
  7. هذا لفظ المخطوطات الثلاث.
  8. البخاري: الأدب (6061)، ومسلم: الزهد والرقائق (3000)، وأبو داود: الأدب (4805)، وابن ماجه: الأدب (3744)، وأحمد (5/41،5/45،5/47).
  9. البخاري: الرقاق (6499)، ومسلم: الزهد والرقائق (2987)، وابن ماجه: الزهد (4207)، وأحمد (4/313).
  10. البخاري: بدء الوحي (1)، ومسلم: الإمارة (1907)، والترمذي: فضائل الجهاد (1647)، والنسائي: الطهارة (75) والطلاق (3437) والأيمان والنذور (3794)، وأبو داود: الطلاق (2201)، وابن ماجه: الزهد (4227)، وأحمد (1/25،1/43).
  11. مسلم: الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2877)، وأبو داود: الجنائز (3113)، وابن ماجه: الزهد (4167)، وأحمد (3/293،3/315،3/325،3/330،3/334،3/390).
  12. البخاري: التوحيد (7405)، ومسلم: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2675)، والترمذي: الزهد (2388) والدعوات (3603)، وابن ماجه: الأدب (3822)، وأحمد (2/391،2/413،2/445،2/480،2/482،2/515،2/517،2/524،2/534).
  13. هذه العبارة في المخطوطات الثلاث.
  14. مسلم: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2675)، والترمذي: الزهد (2388) والدعوات (3603)، وابن ماجه: الأدب (3822)، وأحمد (2/391).
  15. البخاري: الإيمان (13)، ومسلم: الإيمان (45)، والترمذي: صفة القيامة والرقائق والورع (2515)، والنسائي: الإيمان وشرائعه (5016،5017)، وابن ماجه: المقدمة (66)، وأحمد (3/176،3/206،3/251،3/272)، والدارمي: الرقاق (2740).
  16. اعتدنا ترتيب هذا الباب على مخطوطة عبد الرحمن الحصين.
  17. البخاري: الأدب (6168)، ومسلم: البر والصلة والآداب (2641)، وأحمد (1/392،4/405).
  18. أحمد (2/165).
  19. لفظ (عنه) في المخطوطات الثلاث.
  20. الترمذي: الزهد (2411).
  21. البخاري: الأدب (6013) والتوحيد (7376)، ومسلم: الفضائل (2319)، والترمذي: البر والصلة (1922)، وأحمد (4/358،4/360،4/362،4/365،4/366).
  22. البخاري: الإيمان (10)، ومسلم: الإيمان (40)، والنسائي: الإيمان وشرائعه (4996)، وأبو داود: الجهاد (2481)، وأحمد (2/159،2/162،2/187،2/191،2/192،2/193،2/194،2/205،2/209،2/212،2/215،2/224)، والدارمي: الرقاق (2716).
  23. البخاري: الأدب (6018)، ومسلم: الإيمان (47)، وأحمد (2/267،2/433).
  24. البخاري: الرقاق (6474)، والترمذي: الزهد (2408)، وأحمد (5/333).
  25. الترمذي: الزهد (2410)، وابن ماجه: الفتن (3972)، وأحمد (3/413،4/384)، والدارمي: الرقاق (2710).
  26. الترمذي: الإيمان (2616)، وابن ماجه: الفتن (3973)، وأحمد (5/231،5/237).
  27. الترمذي: الزهد (2407)، وأحمد (3/95).
  28. البخاري: الرقاق (6477)، ومسلم: الزهد والرقائق (2988)، والترمذي: الزهد (2314)، وأحمد (2/236،2/297،2/334،2/355،2/378،2/402،2/533)، ومالك: الجامع (1849).
  29. البخاري: الرقاق (6477)، ومسلم: الزهد والرقائق (2988)، والترمذي: الزهد (2314)، وابن ماجه: الفتن (3970)، وأحمد (2/236،2/297،2/334،2/355،2/378،2/402،2/533)، ومالك: الجامع (1849).
  30. مسلم: البر والصلة والآداب (2621).
  31. قوله: روى … إلخ في مخطوطة المفتي.
  32. البخاري: الأدب (5975) ، ومسلم: الأقضية (593) ، وأحمد (4/246 ،4/249 ،4/254) ، والدارمي: الرقاق (2751).
  33. الترمذي: البر والصلة (2018).
  34. البخاري: النكاح (5146) ، والترمذي: البر والصلة (2028) ، وأبو داود: الأدب (5007) ، وأحمد (2/16 ،2/59 ،2/62 ،2/94) ، ومالك: الجامع (1850).
  35. الترمذي: الأدب (2853) ، وأبو داود: الأدب (5005).
  36. (عند الله) هو لفظ مخطوطتي المفتي والحصين.
  37. الترمذي: البر والصلة (1977)، وأحمد (1/404).
  38. الترمذي: البر والصلة (2002)، وأبو داود: الأدب (4799)، وأحمد (6/446 ،6/448 ،6/451).
  39. مسلم: البر والصلة والآداب (2594)، وأبو داود: الجهاد (2478) والأدب (4808)، وأحمد (6/58 ،6/112 ،6/125 ،6/171 ،6/206 ،6/222).
  40. الترمذي: صفة القيامة والرقائق والورع (2488)، وأحمد (1/415).
  41. مسلم: البر والصلة والآداب (2592)، وأبو داود: الأدب (4809)، وابن ماجه: الأدب (3687)، وأحمد (4/362،4/366).
  42. مسلم: البر والصلة والآداب (2607)، والترمذي: البر والصلة (1971)، وأبو داود: الأدب (4989)، وأحمد (1/384 ،1/393 ،1/410 ،1/430 ،1/432 ،1/439).
  43. هذا نص المؤطا.
  44. البخاري: الإيمان (33)، ومسلم: الإيمان (59)، والترمذي: الإيمان (2631)، والنسائي: الإيمان وشرائعه (5021)، وأحمد (2/357 ،2/397 ،2/536).
  45. البخاري: الإيمان (34)، ومسلم: الإيمان (58)، والترمذي: الإيمان (2632)، والنسائي: الإيمان وشرائعه (5020)، وأبو داود: السنة (4688)، وأحمد (2/189 ،2/198 ،2/200).
  46. هذا هو الموافق لما في سنن أبي داود.
  47. أبو داود: الأدب (4972)، وأحمد (4/119 ،5/401).
  48. مسلم: مقدمة (5)، وأبو داود: الأدب (4992).
  49. البخاري: الصلح (2692)، ومسلم: البر والصلة والآداب (2605)، والترمذي: البر والصلة (1938)، وأبو داود: الأدب (4921)، وأحمد (6/404).
  50. هذا نص الحديث في جامع الأصول لابن الأثير.
  51. أبو داود: الأدب (4991)، وأحمد (3/447).
  52. قوله: وما أردت إلى قوله: فقال لها في سنن أبي داود.
  53. أحمد (2/452).
  54. أحمد (6/438).
  55. الترمذي: الزهد (2315)، وأبو داود: الأدب (4990)، والدارمي: الاستئذان (2702).
  56. مسلم: الزهد والرقائق (3002)، والترمذي: الزهد (2393)، وأبو داود: الأدب (4804)، وابن ماجه: الأدب (3742)، وأحمد (6/5).
  57. أحمد (4/98).
  58. البخاري: البيوع (2110)، ومسلم: البيوع (1532)، والترمذي: البيوع (1246)، والنسائي: البيوع (4457 ،4464)، وأبو داود: البيوع (3459)، وأحمد (3/402 ،3/403 ،3/434)، والدارمي: البيوع (2547).
  59. البخاري: التعبير (7042)، والترمذي: الرؤيا (2283)، وابن ماجه: تعبير الرؤيا (3916)، وأحمد (1/216 ،1/246).
  60. الترمذي: تفسير القرآن (3334)، وابن ماجه: الزهد (4244)، وأحمد (2/297).
  61. مسلم: الإيمان (50)، وأحمد (1/458 ،1/461).
  62. مسلم: الإمارة (1854)، والترمذي: الفتن (2265)، وأبو داود: السنة (4760)، وأحمد (6/295 ،6/321).
  63. البخاري: الإيمان (31)، ومسلم: الفتن وأشراط الساعة (2888)، والنسائي: تحريم الدم (4120 ،4121 ،4122 ،4123)، وأبو داود: الفتن والملاحم (4268)، وأحمد (5/41 ،5/43 ،5/46 ،5/48 ،5/51).
  64. الترمذي: الزهد (2396).
  65. البخاري: الأدب (6114)، ومسلم: البر والصلة والآداب (2609)، وأحمد (2/236 ،2/268 ،2/517)، ومالك: الجامع (1681).
  66. البخاري: الأدب (6116)، والترمذي: البر والصلة (2020)، وأحمد (2/362 ،2/466).
  67. أحمد (5/147).
  68. البخاري: العلم (71) وفرض الخمس (3116) والاعتصام بالكتاب والسنة (7312)، ومسلم: الزكاة (1037)، وابن ماجه: المقدمة (221)، وأحمد (4/92 ،4/93 ،4/95 ،4/96 ،4/97 ،4/98 ،4/101)، ومالك: الجامع (1667)، والدارمي: المقدمة (224 ،226).
  69. البخاري: أحاديث الأنبياء (3483 ،3484) والأدب (6120)، وأبو داود: الأدب (4797)، وابن ماجه: الزهد (4183)، وأحمد (4/121 ،4/122 ،5/273).