كتاب الأم - المجلد الثالث3

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

باب صرف السلف إلى غيره أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال روي عن ابن عمر وأبي سعيد أنهما قالا من سلف في بيع فلا يصرفه إلى غيره ولا يبيعه حتى يقبضه قال وهذا كما روي عنهما إن شاء الله تعالى وفيه دلالة على أن لايباع شيء ابتيع حتى يقبض وهو موافق قولنا في كل بيع أنه لا يباع حتى يستوفى أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه سئل عن رجل ابتاع سلعة غائبة ونقد ثمنها فلما رآها لم يرضها فأرادا أن يحولا بيعها في سلعة غيرها قبل أن يقبض منه الثمن قال لايصلح قال كأنه جاءه بها على غير الصفة وتحويلهما بيعهما في سلعة غيرها بيع للسلعة قبل أن تقبض قال ولو سلف رجل رجلا دراهم في مائة صاع حنطة وأسلفه صاحبه دراهم في مائة صاع حنطة وصفة الحنطتين واحدة ومحلهما واحد أو مختلف لم يكن بذلك بأس وكان لك واحد منها على صاحبه مائة صاع بتلك الصفة وإلى ذلك الأجل ولا يكون واحدا منهما قصاصا من الآخر من قبل أني لو جعلت الحنطة بالحنطة قصاصا كان بيع الطعام قبل أن يقبض وبيع الدراهم بالدراهم لأن دفعهما في يومين مختلفين نسيئة ومن أسلف في طعام بكيل أو وزن فحل السلف فقال الذي له السلف كل طعامي أوزنه وأعزله عندك حتى آتيك فأنقله ففعل فسرق الطعام فهو من ضمان البائع ولا يكون هذا قبضا من رب الطعام ولو كاله البائع للمشتري بأمره حتى يقبض أو يقبضه وكيل له فيبرأ البائع من ضمانه حينئذ ID ' ' كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

صفحة : 962

باب الخيار في السلف قال الشافعي رحمه الله ولا يجوز الخيار في السلف لو قال رجل لرجل أبتاع منك بمائة دينار أنقدكها مائة صاع تمر إلى شهر على أني بالخيار بعد تفرقنا من مقامنا الذي تبايعنا فيه أو أنت بالخيار أو كلانا بالخيار لم يجز فيه البيع كما يجوز أن يتشارطا الخيار ثلاثا في بيوع الأعيان وكذلك لو قال ابتاع منك مائى صاع تمرا بمائة دينار على أني بالخيار يوما إن رضيت أعطيتك الدنانير وإن لم أرض فالبيع بيني وبينك مفسوخ لم يجز لأن هذا بيع موصوف والبيع الموصوف لايجوز إلا بأن يقبض صاحبه ثمنه قبل أن يتفرقا لأن قبضه ما سلف فيه قبض ملك وهو لو قبض مال الرجل على أنه بالخيار لم يكن قبضه قبض ملك ولا يجوز أن يكون الخيار لواحد منهما لأنه إن كان للمشتري فلم يملك البائع ما دفع إليه وإن كان للبائع فلم يملكه البائع ما باعه لأنه عسى أن ينتفع بماله ثم يرده إليه فلا يجوز البيع فيه إلا مقطوعا بلا خيار وكذلك لايجوز أن يسلف رجل رجلا مائة دينار على أن يدفع إليه مائة صاع موصوف إلى أجل كذا فإذا حل الأجل فالذي عليه الطعام بالخيار في أن يعطيه ما أسلفه أو يرد إليه رأس ماله حتى يكون البيع مقطوعا بينهما ولا يجوز أن يقول فإن حبستني عن رأس مالي فلي زيادة كذا فلا يجوز شرطان حتى يكون الشرط فيهما واحدا معروفا ID ' ' عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

صفحة : 963

باب ما يجب للمسلف على المسلف من شرطه قال الشافعي رحمه الله تعالى إذا أحضر المسلف السلعة التي أسلف فكانت طعاما فاختلفا فيه دعى له أهل العلم به فإن كان شرط المشتري طعاما جيدا جديدا قيل هذا جيد جديد فإن قالوا نعم قيل ويقع عليه اسم الجوده فإن قالوا نعم لزم المسلف أخذ أقل ما يقع عليه اسم الصفة من الجوده وغيرها ويبرأ المسلف ويلزم المسلف أخذه وهكذا هذا في الثياب يقال هذا ثوب من وشي صنعاء والوشي الذي يقال له يوسفي وبطول كذا وبعرض كذا صفيق أو دقيق أو جيد أو هما ويقع عليه اسم الجودة فإذا قالوا نعم فأقل ما يقع عليه اسم الجودة يبرأ منه الذي سلف فيه ويلزم المسلف ويقال في الدقيق من الثياب وكل شيء هكذا إذا ألزمه في كل صنف منه صفة وجودة فأدنى ما يقع عليه اسم الصفة من دقة وغيرها واسم الجودة يبرئه منه وكذلك إن شرطه رديئا فالردىء يلزمه قال الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم القداح عن ابن جريح عن عطاء قال إذا أسلفت فإياك إذا حل حقك بالذي سلفت فيه كما اشترطت ونقدت فليس لك خيار إذا أوفيت شرطك وبيعك قال الشافعي وأن جاء به على غاية من الجودة أكثر من أقل ما يقع عليه اسم الجودة فهو متطوع بالفضل ويلزم المشتري لأن الزيادة فيما يفع عليه اسم الجودة خير له إلا في موضع سأصف لك منه إن شاء الله تعالى ID ' ' وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

صفحة : 964

باب إختلاف المتبايعين بالسلف إذا رآه المسلف قال الشافعي رحمه الله لو أن رجلا سلف رجلا ذهبا في طعام موصوف حنطة أو زبيب أو تمر أو شعير أو غيره فكان أسلفه في صنف من التمر ردىء فأتاه بخير من الرىء أو جيد فأتاه بخير مما يلزمه اسم الجيد بعد أن لا يخرج من جنس ما سلفه فيه إن كان عجوة أو صيحانيا أو غيره لزم المسلف أن يأخذه لأن الردىء لا يعنى غناء إلا أغناء الجيد وكان فيه فضل عنه وكذلك إذا ألزمناه أدنى ما يقع عليه اسم الجوده فأعطاه أعلى منها فالأعلى يغني أكثر من غناء الأسفل فقد أعطى خيرا مما لزمه ولم يخرج له مما يلزمه اسم الجيد فيكون أخرجه من شرطه إلى غير شرطه فإذا فارق الاسم أو الجنس لم يجبر عليه وكان مخيرا في تركه وقبضه قال الشافعي وهكذا القول في كل صنف من الزبيب والطعام المعروف كيله قال وبيان هذا القول أنه لو أسلفه في عجوة فأعطاة برديا وهو خير منها أضعافا لم أجبره على أخذه لأنه غير الجنس الذي اسلفه فيه قد يريد العجوة لأمر لا يصلح له البردي وهكذا الطعام كله إذا اختلفت أجناسة لأن هذا أعطاه غير شرطه ولو كان خيرا منه قال الشافعي وهكذا العسل ولا يستغنى في العسل عن أن يصفه ببياض أو صفرة أو خضرة لأنه يتباين في ألوانه في القيمة وهكذا كل ماله لون يتباين به ما خالف لونه من حيوان وغيره قال ولو سلف رجل رجلا عرضا في فضة بيضاء جيدة فجاء بفضة بيضاء أكثر مما يقع عليه أدنى اسم الجودة أو سلفه عرضا في ذهب أحمر جيد فجاء بذهب أحمر أكثر من أدنى ما يقع عليه أدنى اسم الجودة لزمه وكذا لو سلفه في صفر أحمر جيد فجاءه بأحمر بأكثر مما يقع عليه أقل اسم الجودة لزمه ولكن لو سلفه في صفر أحمر فأعطاه أبيض والأبيض يصلح لما لا يصلح له الأحمر لم يلزمه إذا اختلف اللونان فيما يصلح له أحد اللونين ولا يصلح له الآخر لم يلزمه المشتري إلا ما يلزمه اسم الصفة وكذلك إذا اختلفا فيما تتباين فيه الأثمان بالألوان لم يلزم المشتري إلا ما يلزمه بصفة ما سلف فيه فأما مالا تتباين فيه بالألوان مما لايصلح له المشتري فلا يكون أحدهما أغنى فيه من الآخر ولا أكثر ثمنا وإنما يفترقان لاسمه فلا أنظر فيه إلى الألوان قال الشافعي رحمه الله تعالى ولو سلفه في ثوب مروى ثخين فجاء برقيق أكثر ثمنا من ثخين لم ألزمه إياه لأن الثخين يدفىء أكثر مما يدفىء الرقيق وربما كان أكثر بقاء من الرقيق ولأنه مخالف لصفته خارج منها قال وكذلك لو سلفه في عبد بصفة وقال وضىء فجاءه بأكثر من صفته إلا

صفحة : 965

أنه غير وضىء لم ألزمه إياه لمباينته من أنه ليس بوضىء وخروجه من الصفة وكذلك لو سلفه في عبد بصفة فقال غليظ شديد الخلق فجاء بوضىء ليس بشديد الخلق أكثر منه ثمنا لم يلزمه لأن الشديد يغني غير غناء الوضىء وللوضىء ثمن أكثر منه ولا ألزمه أبدا خيرا من شرطه حتى يكون منتظما لصفته زائدا عليها فأما إذا زاد عليها في القيمة وقصر عنها في بعض المنفعة أو كان هذا خارجا منها بالصفة فلا ألزمه إلا ما شرط فعلى هذا هذا الباب كله وقياسه باب ما يجوز فيه السلف وما لايجوز قال الشافعي رحمه الله ولا يجوز السلف في حنطة أرض رجل بعينها بصفة لأن الآفة قد تصيبها في الوقت الذي يحل فيه السلف فلا يلزم البائع أن يعطيه صفته من غيرها لأن البيع وقع عليها ويكون قد انتفع بماله في أمر لايلزمه والبيع ضربان لاثالث لهما بيع عين إلى غير أجل وبيع صفة إلى أجل أو إلى غير أجل فتكون مضمونة على البائع فإذا باعه صفة من عرض بحال فله أن يأخذ منها من حيث شاء قال وإذا كان خارجا من البيوع التي أجزت كان بيع مالا يعرف أولى أن يبطل قال الشافعي وهكذا ثمر حائط رجل بعينه ونتاج رجل بعينه وقرية بعينها غير مأمونة ونسل ماشية بعينها فإذا شرط المسلف من ذلك ما يكون مأمونا أن ينقطع أصله لايختلف في الوقت الذي يحل فيه جاز وإذا شرط الشيء الذي الأغلب منه أن لا يؤمن إنقطاع أصله لم يجز قال وهكذا لو أسلفه في لبن ماشية رجل بعينه وبكيل معلوم وصفة لم يجز وإن أخذ في كيله وحلبه من ساعته لأن الآفة قد تأتي عليه قبل يفرغ من جميع ما أسلفت فيه ولا نجيز في شيء من هذا إلا كما وصفت لك في أن يكون بيع عين لايضمن صاحبها شيئا غيرها إن هلكت انتقض البيع أو بيع صفة مأمونة أن تنقطع من أيدي الناس في حين محله فأما ما كان قد ينقطع من أيدي الناس فالسلف فيه فاسد قال الشافعي وإن أسلف سلفا فاسدا وقبضه رده وإن استهلكه رد مثله إن كان له مثل أو قيمته إن لم يكن له مثل ورجع برأس ماله فعلى هذا هذا الباب كله وقياسه ID ' ' تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

صفحة : 966

باب إختلاف المسلف والمسلف في السلم قال الشافعي رحمه الله ولو اختلف المسلف والمسلف في السلم فقال المشتري أسلفتك مائة دينار في مائتي صاع حنطة وقال البائع أسلفتني مائة دينار في مائة صاع حنطة أحلف البائع بالله ما باعه بالمائة التي قبض منه إلا مائة صاع فإذا حلف قيل للمشتري إن شئت فلك عليه المئة الصاع التي أقر بها وإن شئت فاحلف ما ابتعت منه مائة صاع وقد كان بيعك مائتي صاع لأنه مدع عليك أنه ملك عليك المائة الدينار بالمائة الصاع وأنت منكر فإن حلف تفاسخا البيع قال الشافعي وكذلك لو اختلفا فيما اشترى منه فقال اسلفتك مائتي دينار في مائة صاع تمرا وقال بل اسلفتني في مائة صاع ذرة أو قال اسلفتك في مائة صاع بردى وقال بل اسلفتني في مائة صاع عجوة أو قال اسلفتك في سلعة موصوفة وقال الآخر بل اسلفتني في سلعة غير موصوفة كان القول فيه كما وصفت لك يحلف البائع ثم يخير المبتاع بين أن يأخذ بما أقر له البائع بلا يمين أو يحلف فيبرأ من دعوى البائع ويتفاسخان قال الربيع إن أخذه المبتاع وقد ناكره البائع فإن أقر المبتاع ثم قال البائع حل له أن يأخذها وإلا فلا يحل له إذا أنكره والسلف ينفسخ بعد أن يتصالحا قال الشافعي وكذلك لو تصادقا في السلعة واختلفا في الأجل فقال المسلف هو إلى سنة وقال البائع هو إلى سنتين حلف البائع وخير المشتري فإن رضي وإلا حلف وتفاسخا فإن كان الثمن في هذا كله دنانير أو دراهم رد مثلها أو طعاما رد مثله فإن لم يوجد رد قيمته وكذلك لو كان سلفه سلعة غير مكيلة ولا موزونة ففاتت رد قيمتها قال وهكذا القول في بيوع الأعيان إذا اختلفا في الثمن أو في الأجل أو اختلفا في السلعة المبيعة فقال البائع بعتك عبدا بألف واستهلكت العبد وقال المشتري اشتريته منك بخمسمائة وقد هلك العبد تحالفا ورد قيمة العبد وإن كانت أقل من الخمسمائة أو أكثر من ألف قال الشافعي وهكذا كل ما اختلفا فيه من كيل وجودة وأجل قال ولو تصادقا على البيع والأجل فقال البائع لم يمض من الأجل شيء أو قال مضى منه شيء يسير وقال المشتري بل قد مضى كله أو لم يبقى منه إلا شيء يسير كان القول قول البائع مع يمينه وعلى المشتري البينة قال الشافعي رحمه الله ولا ينفسخ بيعهما في هذا من قبل تصادقهما على الثمن والمشترى والأجل فأما مايختلفان فيه في أصل العقد فيقول المشتري اشتريت إلى شهر ويقول البائع بعتك إلى شهرين فإنهما يتحالفان ويترادان من قبل اختلافهما فيما يفسخ العقدة والأولان لم يختلفا قال الشافعي وكرجل استأجر رجلا سنة بعشرة دنانير فقال الأجير قد مضت وقال المستأجر لم

صفحة : 967

تمض فالقول قول المستأجر وعلى الأجير البينة لأنه مقر بشيء يدعى المخرج منه باب السلف في السلعة بعينها حاضرة أو غائبة قال الشافعي رحمه الله ولو سلف رجل رجلا مائة دينار في سلعة بعينها على أن يقبض السلعة بعد يوم أو أكثر كان السلف فاسدا ولا تجوز بيوع الأعيان على أنها مضمونه على بائعها بكل حال لأنه لايمتنع من فوتها ولا بأن لايكون لصاحبها السبيل على أخذها متى شاء هو لايحول بائعها دونها إذا دفع إليه ثمنها وكان إلى أجل لأنها قد تتلف في ذلك الوقت وإن قل فيكون المشتري قد اشترى غير مضمون على البائع بصفة موجودة بكل حال يكلفها بائعها ولا ملكه البائع شيئا بعينه يتسلط على قبضه حين وجب له وقدر على قبضه قال الشافعي وكذلك لايتكارى منه راحلة بعينها معجلة الكراء على أن يركبها بعد يوم أو أكثر لأنها قد تتلف ويصيبها مالا يكون فيها ركوب معه ولكن يسلفه على أن يضمن له حمولة معروفة وبيوع الأعيان لاتصلح إلى أجل إنما المؤجل ما ضمن من البيوع بصفة وكذلك لايجوز أن يقول أبيعك جاريتي هذه بعبدك هذا على أن تدفع إلي عبدك بعد شهر لأنه قد يهرب ويتلف وينقص إلى شهر قال الشافعي وفساد هذا خروجه من بيع المسلمين وما وصفت وأن الثمن فيه غير معلوم لأن المعلوم ما قبضه المشتري أو ترك قبضه وليس للبائع أن يحول دونه قال ولابأس أن أبيعك عبدي هذا أو أدفعه إليك بعبد موصوف أو عبدين أو بعير أو بعيرين أو خشبة أو خشبتين إذا كان ذلك موصوفا مضمونا لأن حقي في صفة مضمونة على المشتري لافي عين تتلف أو تنقص أو تفوت فلا تكون مضمونه عليه قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا حل حق المسلم وحقه حال بوجه من الوجوه فدعا الذي عليه الحق الذي له الحق إلى أخذ حقه فامتنع الذي له الحق فعلى الوالي جبره على أخذ حقه ليبرأ ذو الدين من دينه ويؤدي إليه ماله عليه غير منتقص له بالأداء شيئا ولا مدخل عليه ضررا إلا أن يشاء رب الحق أن يبرئه من حقه بغير شيء يأخذه منه فيبرأ بإبرائه إياه قال الشافعي فإن دعاه إلى أخذه قبل محله وكان حقه ذهبا أو فضة أو نحاسا أو تبرا أو عرضا غير مأكول ولا مشروب ولا ذي روح يحتاج إلى العلف أو النفقة جبرته على أخذ حقه منه إلا أن يبرئه لأنه قد جاءه بحقه وزيادة تعجيله قبل محله ولست أنظر في هذا إلى تغير قيمته فإن كان يكون في وقته أكثر قيمة أو أقل قلت للذي له الحق إن شئت حبسته وقد يكون في وقت أجله أكثر قيمة منه

صفحة : 968

حين يدفعه وأقل قال الشافعي فإن قال قائل مادل على ما وصفت قلت أخبرنا أن أنس بن مالك كاتب غلاما له على نجوم إلى أجل فأراد المكاتب تعجيلها ليعتق فامتنع أنس من قبولها وقال لاآخذها إلا عند محلها فأتى المكاتب عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فذكر ذلك له فقال عمر إن أنسا يريد الميراث فكان في الحديث فأمره عمر بأخذها منه وأعتقه قال الشافعي وهو يشبه القياس قال وإن كان ما سلف فيه مأكولا أو مشوربا لايجبر على أخذه لأنه قد يريد أكله وشربه جديدا في وقته الذي سلف إليه فإن عجله ترك أكله وشربه وأكله وشربه متغيرا بالقدم في غير الوقت الذي أراد أكله او شربه فيه قال الشافعي وإن كان حيوانا لاغناء به عن العلف أو الرعي لم يجبر على أخذه قبل محله لأنه يلزمه فيه مؤنة العلف أو لرعي الرعي إلى أن ينتهي إلى وقته فدخل عليه بعض مؤنة وأما ما سوى هذا من الذهب والفضة والتبر كله والثياب والخشب والحجارة وغير ذلك فإذا دفعه برىء منه وجبر المدفوع إليه على أخذه من الذي هو له عليه قال الشافعي فعلى هذا هذا الباب كله وقياسه لا أعلمه يجوز فيه غير ما وصفت أو أن يقال لايجبر أحد على أخذ شيء هو له حتى يحل له فلا يجبر على دينار ولادرهم حتى يحل له وذلك أنه قد يكون لاحرز له ويكون متلفا لما صار في يديه فيختار أن يكون مضمونا على ملىء من أن يصير إليه فيتلف من يديه بوجوه منها ما ذكرت ومنها أن يتقاضاه ذو دين أو يسأله ذو رحم لو لم يعلم ما صار إليه لم يتقاضاه ولم يسأله فإنما منعنا من هذا أنا لم نر أحدا خالف في أن الرجل يكون له الدين على الرجل فيموت الذي عليه الدين فيدفعون ماله إلى غرمائه وإن لم يريدوه لئلا يحبسوا ميراث الورثة ووصية الموصي لهم ويجبرونهم على أخذه لأنه خير لهم والسلف يخالف دين الميت في بعض هذا ID ' ' والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله : (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

صفحة : 969

باب السلف في الرطب فينفد قال الشافعي رحمه الله إذا سلف رجل رجلا في رطب أو عنب إلى أجل يطيبان له فهو جائز فأن نفد الرطب أو العنب حتى لايبقى منه شيء بالبلد الذي سلفه فيه فقد قيل المسلف بالخيار فإن شاء رجع بما بقي من سلفه كأن سلف مائة درهم في مائة مد فأخذ خمسين فيرجع بخمسين وإن شاء أخذ ذلك إلى رطب قابل ثم أخذ بيعه بمثل صفة رطبه وكيله وكذلك العنب وكل فاكهة رطبة تنفد في وقت من الأوقات وهذا وجه قال وقد قيل إن سلفه مائة درهم في عشرة آصع من رطب فأخذ خمسة آصع ثم نفذ الرطب كانت له الخمسة الآصع بخمسين درهما لأنها حصتها من الثمن فانفسخ البيع فيما بقي من الرطب فرد إليه خمسين درهما قال الشافعي وهذا مذهب والله تعالى أعلم ولو سلفه في رطب لم يكن عليه أن يأخذ فيه بسرا ولا مختلفا وكان له أن يأخذ رطبا كله ولم يكن عليه أن يأخذه إلا صحاحا غير منشدخ ولا معيب بعفن ولا عطش ولا غيره وكذلك العنب لايأخذه إلا نضيجا غير معيب وكذلك كل شيء من الفاكهه الرطبة يسلف فيها فلا يأخذ إلا صفته غير معيبة قال وهكذا كل شيء أسلفه فيه لم يأخذه معيبا إن أسلف في لبن مخيض لم يأخذه رائبا ولا مخيضا وفي المخيض ماء لايعرف قدره والماء غير اللبن قال الشافعي ولو أسلفه في شيء فأعطاه إياه معيبا والعيب مما قد يخفى فأكل نصفه أو أتلفه وبقي نصفه كأن كان رطبا فأكل نصفه أو أتلفه وبقي نصفه يأخذ النصف بنصف الثمن ويرجع عليه بنقصان ما بين الرطب معيبا وغير معيب وإن اختلفا في العيب والمشترى قائم في يد المشتري ولم يستهلكه فقال دفعته إليك بريئا من العيب وقال المشتري بل دفعته معيبا فالقول قول البائع إلا أن يكون ما قال عيب لايحدث مثله وإن كان أتلفه فقال البائع ما أتلفت منه غير معيب وما بقي معيب فالقول قوله إلا أن يكون شيئا واحدا لايفسد منه شيء إلا بفساده كله كبطيخة واحدة أو دباءة واحدة وكل ما قلت القول فيه قوله فعليه فيه اليمين ID ' ' يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

صفحة : 970

كتاب الرهن الكبير إباحة الرهن أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال قال الله تبارك وتعالى يا أيها الذين أمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل وقال عز وجل وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهن مقبوضة قال الشاعي فكان بينا في الآية الأمر بالكتاب في الحضر والسفر وذكر الله تبارك اسمه الرهن إذا كانوا مسافرين ولم يجدوا كاتبا فكان معقولا والله أعلم فيها أنهم أمروا بالكتاب والرهن احتياطا لمالك الحق بالوثيقة والمملوك عليه بأن لاينسى ويذكر لا أنه فرض عليهم أن يكتبوا ولا أن يأخذوا رهنا لقول الله عز وجل فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته فكان معقولا أن الوثيقة في الحق في السفر والإعواز غير محرمةوالله أعلم فيف الحضر وغير الإعواز ولا بأس بالرهن في الحق الحال والدين في الحضر والسفر وما قلت من هذا مما لاأعلم فيه خلافا وقد روي أن رسول الله رهن درعه في الحضر عند أبي الشحم اليهودي وقيل في سلف والسلف حال قال الشافعي أخبرنا الدراوردي عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال رهن رسول الله درعه عند أبي الشحم اليهودي قال الشافعي وروى الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة أن النبي مات ودرعه مرهونة قال الشافعي فأذن الله جل ثناؤه بالرهن في الدين والدين حق لازم فكل حق مما يملك أو لزم بوجه من الوجوه جاز الرهن فيه ولا يجوز الرهن فيما لايلزم فلو ادعى رجل على رجل حقا فأنكره وصالحه ورهنه به رهنا كان الرهن مفسوخا لأنه لايلزم الصلح على الإنكار ولو قال أرهنك داري على شيء إذا داينتني به أو بايعتني ثم داينه أو بايعه لم يكن رهنا لأن الرهن كان ولم يكن للمرتهن حق وإذن الله عز وجل به فيما كان للمرتهن من الحق دلاله على أن لايجوز إلا بعد لزوم الحق أو معه فأما قبله فإذا لم يكن حق فلا رهن ID ' ' وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

صفحة : 971

باب ما يتم به الرهن من القبض قال الله عز وجل فرهان مقبوضة قال الشافعي فلما كان معقولا أن الرهن غير مملوك الرقبة للمرتهن ملك البيع ولا مملوك المنفعة له ملك الإجارة لم يجز أن يكون رهنا إلا بما أجازه الله عزوجل به من أن يكون مقبوضا وإذا لم يجز فللاهن ما لم يقبضه المرتهن منه منعه منه وكذلك لو أذن له في قبضه فلم يقبضه المرتهن حتى رجع الراهن في الرهن كان ذلك له لما وصفت من أنه لايكون رهنا إلا بأن يكون مقبوضا وكذلك كل ما لم يتم إلا بأمرين فليس يتم بأحدهما دون الآخر مثل الهبات التي لاتجوز إلا مقبوضة وما في معناها ولو مات الراهن قبل أن يقبض المرتهن الرهن لم يكن للمرتهن قبض الرهن وكان هو والغرماء فيه أسوة سواء ولو لم يمت الراهن ولكنه أفلس قبل أن يقبض المرتهن الرهن كأن المرتهن والغرماء فيه أسوة لأنه لا يتم له ولو خرس الراهن أو ذهب عقله قبل أن يقبض المرتهن الرهن ولا سلطه على قبضه لم يكن للمرتهن قبض الرهن ولو أقبضه الراهن إياه في حال ذهاب عقله لم يكن له قبضه ولا يكون له قبض حتى يكون جائز الأمر في ماله يوم رهنه ويوم يقبضه الراهن إياه ولو رهنه إياه وهو محجور ثم أقبضه إياه وقد فك الحجر عنه فالرهن الأول لم يكن رهنا إلا بأن يجدد له رهنا ويقبضه إياه بعد أن يفك الحجر عنه وكذلك لو رهنه إياه وهو غير محجور فلم يقبضه حتى حجر عليه لم يكن له قبضه منه ولو رهنه عبدا فلم يقبضه حتى هرب العبد وسلطه على قبضه فإن لم يقدر عليه حتى يموت الراهن أو يفلس فليس برهن وإن لم يقدر على قبضه حتى رجع الراهن في الرهن لم يكن للمرتهن له قبضه ولو رهنه عبدا فارتد العبد عن الإسلام فأقبضه إياه مرتدا أو أقبضه إياه غير مرتد فارتد فالعبد رهن بحاله إن تاب فهو رهن وإن قتل على الردة قتل بحق لزمه وخرج من ملك الراهن والمرتهن ولو رهنه عبدا ولم يقبضه حتى رهنه من غيره وإقبضه إياه كان الرهن للثاني الذي أقبضه صحيحا والرهن الذي لم يقبض كما لم يكن وكذلك لو رهنه إياه فلم يقبضه حتى أعتقه كان حرا خارجا من الرهن وكذلك لو رهنه إياه فلم يقبضه حتى كاتبه كان خارجا من الرهن وكذلك لو وهبه أو أصدقه امرأة أو أقربه لرجل أو دبره كان خارجا من الرهن في هذا كله قال الربيع وفيه قول آخر أنه لو رهنه فلم يقبضه المرتهن حتى دبره أنه لايكون خارجا من الرهن بالتدبير لأنه لو رهنه بعدما دبره كان الرهن جائزا لأن له أن يبيعه بعدما دبره فلما كان له بيعه كان له أن يرهنه قال الشافعي ولو رهن رجل رجلا عبدا ومات المرتهن قبل أنر يقبضه كان

صفحة : 972

لرب الرهن منعه من ورثته فإن شاء سلمه لهم رهنا ولو لم يمت المرتهن ولكنه غلب على عقله فولى الحاكم ماله رجلا فإن شاء الراهن منعه الرجل المولى لأنه كان له منعه المرتهن وإن شاء سلمه له بالرهن الأول كما كان له أن يسلمه للمرتهن ويمنعه إياه ولو رهن رجل رجلا جاريه فلم يقبضه إياه حتى وطئها ثم أقبضه إياها بعد الوطء فظهر بها حمل أقر به الراهن كانت خارجة من الرهن لأنها لم تقبض حتى حبلت فلم يكن له أن يرهنها حبلى منه وهكذا لو وطئها قبل الرهن ثم ظهر بها حمل فأقر به خرجت من الرهن وإن كانت قبضت لأنه رهنها حاملا ولو رهنه إياها غير ذات زوج فلم يقبضها حتى زوجها السيد ثم أقبضه إياها فالتزويج جائز وهي رهن بحالها ولا يمنع زوجها من وطئها بحال وإذا رهن الرجل الرجل الجارية فليس له أن يزوجها دون المرتهن لأن ذلك ينقص ثمنها ويمنع إذا كانت حاملا وحل الحق بيعها وكذلك المرتهن فأيهما زوج فالنكاح مفسوخ حتى يجتمعا عليه ولو رهن رجل رجلا عبدا وسلطه على قبضه فآجره المرتهن قبل أن يقبضه من الراهن أو غيره لم يكن مقبوضا قال الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريح أنه قال لعطاء ارتهنت عبدا فآجرته قبل أن أقبضه قال ليس بمقبوض قال الشافعي ليس الإجارة بقبض وليس برهن حتى يقبض وإذا قبض المرتهن الرهن لنفسه أو قبضه له أحد بأمره فهو قبض كقبض وكيله له قال الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريح عن عمرو بن دينار أنه قال إذا ارتهنت عبدا فوضعته على يد غيرك فهو قبض قال الشافعي وإذا ارتهن ولي المحجور له أو الحاكم للمحجور فقبض الحاكم وقبض ولي المحجور للمحجور كقبض غير المحجور لنفسه وكذلك قبض الحاكم له وكذلك إن وكل الحاكم من يقبض للمحجور أو وكل ولي المحجور من يقبض له فقبضه له كقبض الرجل غير المحجور لنفسه وللراهن منع الحاكم وولي المحجور من الرهن ما لم يقبضاه ويجوز ارتهان ولي المحجور عليه له ورهنهما عليه في النظر له وذلك أن يبيع لهما فيفضل ويرتهن فأما أن يسلف مالهما ويرتهن فلا يجوز عليهما وهو ضامن لأنه لافضل لهما في السلف ولا يجوز رهن المحجور لنفسه وإن كان نظرا له كما لايجوز بيعه ولا شراؤه لنفسه وإن كان نظرا له ID ' ' فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

صفحة : 973

باب الرهن وما يكون بعد قبضه قال الشافعي رحمه الله قال الله تعالى فرهان مقبوضة قال الشافعي إذا قبض الرهن مرة واحدة فقد تم وصار المرتهن أولى به من غرماء الراهن ولم يكن للراهن إخراجه من الرهن حتى يبرأ مما في الرهن من الحق كما يكون المبيع مضمونا من البائع فإذا قبضه المشتري مرة صار في ضمانه فإن رده إلى البائع بإجارة أو وديعة فهو من مال المبتاع ولا ينفسخ ضمانه بالبيع وكما تكون الهبات وما في معناها غير تامة فإذا قبضها الموهوب له مرة ثم أعارها إلى الواهب أو أكراها منه أو من غيره لم يخرجها من الهبة وسواء إذا قبض المرتهن الرهن مرة ورده على الراهن بإجاره أو عارية أو غير ذلك ما لم يفسخ الراهن الرهن أو كان في يده لما وصفت قال الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريح أنه قال لعطاء ارتهنت رهنا فقبضته ثم آجرته منه قال نعم هو عندك إلا أنك آجرته منه قال ابن جريج فقلت لعطاء فأفلس فوجدته عنده قال أنت أحق به من غرمائه قال الشافعي يعني لما وصفت من أنك إذا قبضته مرة ثم آجرته من راهنه فهو كعبد لك آجرته منه لأن رده إليه بعد القبض لايخرجه من الرهن قال ولا يكون الرهن مقبوضا إلا أن يقبضه المرتهن أو أحد غير الراهن بأمر المرتهن فيكون وكيله في قبضه فإن أرتهن رجل من رجل رهنا ووكل المرتهن الراهن أن يقبضه له من نفسه لم يكن قبضا ولا يكون وكيلا على نفسه لغيره في قبض كما لو كان له عليه حق فوكله بأن يقبضه له من نفسه ففعل فهلك لم يكن بريئا من الحق كما يبرأ منه لو قبضه وكيل غيره ولا يكون وكيلا على نفسه في حال إلا الحال التي يكون فيها وليا لمن قبض له وذلك أن يكون له ابن صغير فيشترى له من نفسه ويقبض له أو يهب له شيئا ويقبضه فيكون قبضه من نفسه قبضا لإبنه لأنه يقوم مقام ابنه وكذلك إذا رهن ابنه رهنا فقبضه له من نفسه فإن كان ابنه بالغا غير محجور لم يجز من هذا شيء إلا أن يقبضه ابنه لنفسه أو وكيل لإبنه غير أبيه وإذا كان لرجل عبد في يد رجل وديعة أو دار أو متاع فرهنه إياه وأذن له بقبضه فجاءت عليه مدة يمكنه فيها أن يقبضه وهو في يده فهو قبض فإذا أقر الراهن أن المرتهن قد قبض الرهن فصدقه المرتهن أو أدعى قبضه فالرهن مقبوض وإن لم يره الشهود وسواء كان الرهن غائبا أو حاضرا وذلك أن الرهن قد يقبضه المرتهن بالبلد الذي هو به فيكون ذلك قبضا إلا في خصلة أن يتصادقا على أمر لايمكن أن يكون مثله مقبوضا في ذلك الوقت وذلك أن يقول اشهدو أني قد رهنته اليوم داري التي بمصر وهما بمكة وقبضها فيعلم أن الرهن إن كان اليوم لم يمكن أن

صفحة : 974

يقبض له بمكة من يومه هذا وما في هذا المعنى ولو كانت الدار في يده بكراء أو وديعة كانت كهى لو لم تكن في يده لايكون قبضا حتى تأتى عليها مدة يمكن أن تكون في يده بالرهن دون الكراء أو الوديعة أو الرهن معهما أو مع أحدهما وكينونتها في يده بغير الرهن غير كينونتها في يده بالرهن فأما إذا لم يؤقت وقتا وأقر بأنه رهنه داره بمكه وقبضها ثم قال الراهن إنما رهنته اليوم وقال المرتهن بل رهنتيها في وقت يمكن في مثله أن يكون قبضها قابض بأمره وعلم القبض فالقول قول المرتهن أبدا حتى يصدق الراهن بما وصفت من أنه لم يكن مقبوضا ولو أراد الراهن أن أحلف له المرتهن على دعواه بأنه أقر له بالقبض ولم يقبض منه فعلت لأنه لايكون رهنا حتى أقبضه والله سبحانه وتعالى أعلم ما يكون قبضا في الرهن ولايكون وما يجوز أن يكون رهنا قال الشافعي رحمه الله كل ما كان قبضا في البيوع كان قبضا في الرهن والهبات والصدقات لايختلف ذلك فيجوز رهن الدابة والعبد والدنانير والدراهم والأرضين وغير ذلك ويجوز رهن الشقص من الدار والشقص من العبد ومن السيف ومن اللؤلؤة ومن الثوب كما يجوز أن يباع هذا كله والقبض فيه أن يسلم إلى مرتهنه لاحائل دونه كما يكون القبض في البيع وقبض العبد والثوب وما يجوز أن يأخذه مرتهنه من يد راهنه وقبض ما لايحول من أرض ودار وغراس وأن يسلم لاحائل دونه وقبض الشقص مما لا يحول كقبض الكل أن يسلم لا حائل دونه وقبض الشقص مما يحول مثل السيف واللؤلؤة وما أشبههما أن يسلم للمرتهن فيها حقه حتى يضعها المرتهن والراهن على يد عدل أو في يد الشريك فيها الذي ليس براهن أو يد المرتهن فإذا كان بعض هذا فهو قبض وإن صيرها المرتهن إلى الراهن أو إلى غيره بعد القبض فليس بإخراج لها من الرهن كما وصفت لايخرجها إلا فسخ الرهن أو البراءة من الحق الذي به الرهن إذا أقر الراهن أن المرتهن قد قبض الرهن وادعى ذلك المرتهن حكم له بأن الرهن تام بإقرار الراهن ودعوى المرتهن ولو كان الرهن في الشقص غائبا فأقر الراهن أن المرتهن قد قبض الرهن وادعى ذلك المرتهن أجزت الإقرار لأنه قد يقبض له وهو غائب عنه فيكون قد قبضه بقبض من أمره يقبضه له ولو كان لرجل عبد في يد رجل بإجارة أو وديعة فرهنه إياه وأمره بقبضه كان هذا رهنا إذا جاءت عليه ساعة بعد ارتهانه إياه وهو في يده لأنه مقبوض في يده بعد الرهن ولو كان العبد الرهن غائب عن المرتهن لم يكن قبضا حتى يحضره فإذا أحضره بعد ما أذن له بقبضه فهو مقبوض كما يبيعه إياه وهو في

صفحة : 975

يديه ويأمره بقبضه فيقبضه بأنه في يديه فيكون البيع تاما ولو مات مات من مال المشتري ولو كان غائبا لم يكن مقبوضا حتى يحضر المشتري بعد البيع فيكون مقبوضا بعد حضوره وهو في يديه ولو كانت له عنده ثياب أو شيء مما لايزول بنفسه وديعه أو عارية أو بإجارة فرهنه إياها وأذن له في قبضها قبل القبض وهي غير غائبة عن منزله كان هذا قبض وإن كانت غائبة عن منزله لم يكن قبضا حتى يحدث لها قبضا وإن كان رهنه إياها في سوق أو مسجد وهي في منزله وأذن له في قبضها لم يكن قبضا حتى يصير إلى منزله وهي فيه فيكون لها حينئذ قابضا لأنها قد تخرج من منزله بخلافه إلى سيدها وغيره ولا يكون القبض إلا ما حضره المرتهن لاحائل دونه أو حضره وكيله كذلك ولو كان الرهن أرضا أو دارا غائبة عن المرتهن وهي وديعة في يديه وقد وكل بها فأذن له في قبضها لم يكن مقبوضا حتى يحضرها المرتهن أو وكيله بعد الرهن مسلمة لاحائل دونها لأنها إذا كانت غائبة عنه فقد يحدث لها مانع منه فلا تكون مقبوضة أبدا إلا بأن يحضرها المرتهن أو وكيله لاحائل دونها ولو جاءت عليه في هذه المسائل مدة يمكنه أن يبعث رسولا إلى الرهن حيث كان يقبضه فادعى المرتهن أنه قبضه كان مقبوضا لأنه يقبض له وهو غائب عنه وإذا رهن الرجل رهنا وتراضى الراهن والمرتهن بعدل يضعانه على يديه فقال العدل قد قبضته لك ثم اختلف الراهن والمرتهن فقال الراهن لم يقبضه لك العدل وقال المرتهن قد قبضه لي فالقول قول الراهن وعلى المرتهن البينة أن العدل قد قبضه له لأنه وكيل له فيه ولا أقبل فيه شهادته لأنه يشهد على فعل نفسه ولا يضمن المأمور بقبض الرهن بغروره المرتهن شيئا من حقه وكذا لو أفلس غريمه أو هلك الرهن الذي ارتهنه فقال قبضته ولم يقبضه لأنه لو يضمن له شيئا وقد أساء في كذبه ولو كان كل ما ذكرت من الرهن في يدي المرتهن بغصب الراهن فرهنه إياه قبل أن يقبضه منه وأذن له في قبضه فقبضه كان رهنا وكان مضمونا على الغاصب بالغصب حتى يدفعه إلى المغصوب فيبرأ أو يبرئه المغصوب من ضمان الغصب ولا يكون أمره له بالقبض لنفسه براءة من ضمان الغصب وكذلك لو كان في يديه بشراء فاسد لأنه لايكون وكيلا لرب المال في شيء على نفسه ألا ترى أنه لو أره أن يقبضه لنفسه من نفسه حقا فقبضه وهلك لم يبرأ منه ولكنه لو رهنه إياه وتواضعاه على يدي عدل كان الغاصب والمشترى شراء فاسدا بريئين من الضمان بإقرار وكيل رب العبد أنه قد قبضه بأمر رب العبد وكان كإقرار رب العبد أنه قد قبضه وكان رهنا مقبوضا ولو قال الموضوع على يديه الرهن بعد قوله قد قبضته ولم أقبضه لم يصدق على

صفحة : 976

الغاصب ولا المشترى شراء فاسدا وكان بريئا من الضمان كما يبرأ لو قال رب العبد قد قبضته منه وكان مقبوضا بإقرار الموضوع على يديه الرهن أنه قبضه ولو رهن رجل رجلا عبدين أو عبدا وطعاما أو عبدا ودارا أو دارين فقبض أحدهما ولم يقبض الآخر كان الذي قبض رهنا بجميع الحق وكان الذي لم يقبض خارجا من الرهن حتى يقبضه إياه الراهن ولا يفسد الذي قبض بأن لم يقبض الذي معه في عقدت الرهن وليس كالبيوع في هذا وكذلك لو قبض أحدهما ومات الآخر أو قبض أحدهما ومنعه الآخر كان الذي قبض رهنا والذي لم يقبض خارجا من الرهن وكذلك لو وهب له دارين أو عبدين أو دارا وعبدا فأقبضه أحدهما ومنعه الآخر كان له الذي قبض ولم يكن له الذي منعه وكذلك لو لم يمنعه ولكنه غاب عنه أحدهما لم تكن الهبة في الغائب تامة حتى يسلطه على قبضه فيقبضه بأمره وإذا رهنه رهنا فأصاب الرهن عيب إما كان عبدا فاعور أو قطع أو أي عيب أصابه فأقبضه إياه فهو رهن بحاله فإن قبضه ثم أصابه ذلك العيب عند المرتهن فهو رهن بحاله وهكذا لو كانت دارا فانهدمت أو حائطا فتقعر نخله وشجره وانهدمت عينه كان رهنا بحاله وكان للمرتهن منع الراهن من بيع خشب نخله وبيع بناء الدار لأن ذلك كله داخل في الرهن إلا أن يكون ارتهن الأرض دون البناء والشجر فلا يكون له منع مالم يدخل في رهنه ولو رهنه أرض الدار ولم يسم له البناء في الرهن أو حائطا ولم يسم له الغراس في الرهن كانت الأرض له رهنا دون البناء والغراس ولا يدخل في الرهن إلا ما سمي داخلا فيه ولو قال رهنتك بناء الدار كانت الدار له رهنا دون أرضها ولا يكون له الأرض والبناء حتى يقول رهنتك أرض الدار وبناءها وجميع عمارتها ولو قال رهنتك نخلي كانت النخل رهنا ولم يكن ما سواها من الأرض ولا البناء عليها رهنا حتى يكتب رهنتك حائطي بحدوده أرضه وغراسه وبناءه وكل حق له فيكون جميع ذلك رهنا ولو قال رهنتك بعض داري أو رهنتك شقصا أو جزءا من داري لم يكن هذا رهنا ولو أقبضه جميع الدار حتى يسمى كم ذلك البعض أو الشقص أو الجزء ربعا أو أقل أو أكثر منه كما لايكون بيعا وكذلك لو أقبضه الدار ولو قال رهنتكها إلا ما شئت أنا وأنت منها أو إلا جزءا منها لم يكن رهنا قال الشافعي رحمه الله وجماع ما يخرج الرهن من يدي المرتهن أن يبرأ الراهن من الحق الذي عليه الرهن بدفع أو غبراء من المرتهن له أو يسقط الحق الذي به الرهن بوجه من الوجوه فيكون الرهن خارجا من يدي المرتهن عائدا إلى ملك راهنه كما كان قبل أن يرهن أو يقول المرتهن قد

صفحة : 977

فسخت الرهن أو أبطلته أو أبطلت حقي فيه ولو رهن رجل رجلا أشياء مثل دقيق وإبل وغنم وعروض ودراهم ودنانير بألف درهم أو ألف درهم ومائة دينار أو ألف درهم ومائتي دينار أو بعيرا وطعاما فدفع الراهن إلى المرتهن جميع ماله في الرهون كلها إلا درهما واحدا أو أقل منه أو ويبة حنطة أو أقل منها كانت الرهون كلها بالباقي وإن قل لاسبيل للراهن على شيء منها ولا لغرمائه ولا لورثته لو مات حتى يستوفي المرتهن كل ماله فيها لأن الرهون صفقة واحدة لايفك بعضها قبل بعض ولو رهن رجل رجلا جارية فقبضها المرتهن ثم أذن للراهن في عتقها فلم يعتقها أو أذن له في وطئها فلم يطأها أو وطئها فلم تحمل فهي رهن بحالها لايخرجها من الرهن إلا بأن يأذن له فيما وصفت كما لو أمره أن يعتق عبدا لنفسه فأعتقه عتق وإن لم يعتقه فهو على ملكه بحاله وكذلك لو ردها المرتهن إلى الراهن بعد قبضه إياها بالرهن مرة واحدة فقال استمتع من وطئها وخدمتها كانت مرهونة بحالها لاتخرج من الرهن فإن حملت الجارية من الوطء فولدت أو أسقطت سقطا قد بان من خلقه شيء فهي أم ولد لسيدها الراهن وخارجه من الرهن وليس على الراهن أن يأتيه برهن غيرها لأنه لم يتعدى في الوطء وهكذا لو أذن له في أن يضربها فضربها فماتت لم يكن له عليه أن يأتيه ببدلا منها يكون رهنا مكانها لأنه لم يتعدى عليه في الضرب وإذا رهن الرجل الرجل أمة فآجره إياها فوطئها الراهن أو اغتصبها الراهن نفسها فوطئها فإن لم تلد فهي رهن بحالها ولا عقر للمرتهن على الراهن لأنها أمة الراهن ولو كانت بكر فنقصها الوطء كان للمرتهن أخذ الراهن بما نقصها يكون رهنا معها أو قصاصا من الحق إن شاء الراهن كما تكون جنايته عليها وهكذا لو كانت ثيبا فأفضاها أو نقصها نقصا له قيمة وإن لم ينقصها الوطء فلا شيء للمرتهن على الراهن في الوطء وهي رهن كما هي وإن حبلت وولدت ولم يأذن له في الوطء ولا مال له غيرها ففيها قولان أحدهما أنها لا تباع ما كانت حبلى فإذا ولدت بيعت ولم يبع ولدها وإن نقصتها الولادة شيء فعلى الراهن ما نقصتها الولادة وإن ماتت من الولادة فعلى الراهن أن يأتي بقيمتها صحيحة تكون رهنا مكانها أو قصاصا متى قدر عليها ولا يكون إحباله إياها أكبر من أن يكون رهنها ثم أعتقها ولا مال له غيرها فأبطل العتق وتباع بالحق وإن كانت تسوى ألفا وإنما هي مرهونه بمائة بيع منها بقدر المائة وبقي ما بقي رقيقا لسيدها ليس له أن يطأها وتعتق بموته في قول من اعتق أم الولد بموت سيدها ولا تعتق قبل موته لو كان رهنه إياها ثم أعتقها ولم تلد ولا مال له بيع منها بقدر الدين وعتق ما بقي

صفحة : 978

مكانه وإن كانت عليه دين يحيط بما له عنق ما بقي ولم يبع لأهل الدين والقول الثاني أنه إذا اعتقها فهي حره أو أولدها فهي أم ولد له لاتباع في واحدة من الحالين لأنه مالك وقد ظلم نفسه ولا يسعى في شيء من قيمتها وهكذا القول فيما رهن من الرقيق كلهم ذكورهم وإناثهم وإذا بيعت أم الولد في الرهن بما وصفت فملكها السيد فهي أم ولد له بذلك الولد ووطؤه إياها وعتقه بغير إذن المرتهن مخالف له بإذن المرتهن ولو اختلفا في الوطء والعتق فقال الراهن وطئتها أو اعتقتها بإذنك وقال المرتهن ما أذنت لك فالقول قول المرتهن مع يمينه فإن نكل المرتهن حلف الراهن لقد أذن له ثم كانت خارجة من الرهن وإن لم يحلف الراهن أحلفت الجارية فقد أذن له بعتقها أو وطئها وكانت حره أو أم ولد وإن لم تحلف هي ولا السيد كانت رهنا بحالها ولو مات المرتهن فادعى الراهن عليه أنه أذن له في وطئها أو عتقها وقد ولدت منه أو أعتقها كانت عليه البينة فإن لم يقم بينه فهي رهن بحالها وإن أراد أن يحلف له ورثة الميت أحلفوا ما علموا أباهم أذن له لم يزادوا على ذلك في اليمين ولو مات الراهن فادعى ورثة هذا احلف لهم المرتهن ما أذن للراهن في العتق والوطء كما وصفت أولا وهذا كله إذا كان مفلسا فأما إذا كان الراهن موسرا فتؤخذ قيمة الجارية منه في العتق والإيلاد ثم يخير بين أن تكون قيمتها رهنا مكانها وإن كان أكثر من الحق أو قصاصا من الحق فإن اختار أن يكون قصاصا من الحق وكان فيه فضل عن الحق رد ما فضل عن الحق عليه وإذا أقر المرتهن أنه أذن للراهن في وطء أمته ثم قال هذا الحبل ليس منك هو من زوج زوجتها إياه أو من عبد فادعاه الراهن فهو ابنه ولا يمين عليه لأن النسب لاحق به وهي أم ولد له بإقراره ولا يصدق المرتهن على نفي الولد عنه وإنما منعني من احلافة أنه لو أقر بعد دعوته الولد أنه ليس منه ألحقت الولد به وجعلت الجارية أم ولد فلا معنى ليمينه إذا حكمت بإخراج ام الولد من الرهن ولو اختلف الراهن والمرتهن فقال الراهن أذنت لي في وطئها فولدت لي وقال المرتهن ما أذنت لك كان القول قول المرتهن فإن كان الراهن معسرا والجارية حبلى لم تبع حتى تلد ثم تباع ولا يباع ولدها ولو قامت بينه أن المرتهن أذن لراهن منذ مدة ذكروها في وطء أمته وجاءت بولد يمكن أن يكون من السيد في مثل تلك المدة فادعاه فهو ولده وإن لم يمكن أن يكون من السيد بحال وقال المرتهن هو من غيره بيعت الأمة ولا يباع الولد بحال ولا يكون الولد رهنا مع الأمة وإذا رهن رجل رجلا أمة ذات زوج أو زوجها بعد الرهن بإذن المرتهن لم يمنع زوجها من وطئها والبناء بها فإن ولدت فالولد خارج من الرهن وإن حبلت ففيها

صفحة : 979

قولان أحدهما لاتباع حتى تضع حملها ثم تكون الجارية رهنا والولد خارجا من الرهن ومن قال هذا قال إنما يعني من بيعها حبلى وولدها مملوك أن الولد لايملك بما تملك به الأم إذا بيعت في الرهن فإن سأل الراهن أن تباع ويسلم الثمن كله للمرتهن فذلك له والقول الثاني أنها تباع حبلى وحكم الولد حكم الأم حتى يفارقها فإذا فارقها فهو خارج من الرهن وإذا رهن الرجل الرجل جارية فليس له أن يزوجها دون المرتهن لأن ذلك ينقص ثمنها ويمنع إذا كانت حاملا وحل الحق من بيعها وكذلك ليس للمرتهن أن يزوجها لأنه لايملكها وكذلك العبد الرهن وأيهما زوج العبد أو الأمة فالنكاح مفسوخ حتى يجتمعا على التزويج قبل عقدة النكاح وإذا رهن الرجل الرجل رهنا إلى أجل فاستأذن الراهن المرتهن في بيع الرهن فأذن له فيه فباعه فالبيع جائز وليس للمرتهن أن يأخذ من ثمنه شيئاولا أن يأخذ الراهن برهن مكانه وله ما لم يبعه أن يرجع في إذنه له بالبيع فإن رجع فباعه بعد رجوعه في الإذن له فالبيع مفسوخ وإن لم يرجع وقال إنما أذنت له في أن يبيعه على أن يعطيني ثمنه وإن كنت لم أقل له أنفذت البيع ولم يكن له أن يعطيه من ثمنه شيئا ولا أن يجعل له رهنا مكانه ولو أختلفا فقال أذنت له وشرطت أن يعطيني ثمنه وقال الراهن أذن لي ولم يشترط على أن أعطيه ثمنه كان القول قول المرتهن مع يمينه والبيع مفسوخ فإن مات العبد أخذ الراهن المشترى بقيمته حتى يجعلها رهنا مكانه ولو تصادقا على أنه أذن له ببيعه على أن يعطيه ثمنه لم يكن له أن يبيعه لأنه لم يأذن له في بيعه إلا على أن يعجل له حقه قبل محله ولو قامت بينة على أنه أذن له أن يبيعه ويعطيه ثمنه فباعه على ذلك فسخت البيع من قبل فساد الشرط في دفعه حقه قبل محله بأخذ الرهن فإن مات العبد في يدي المشتري بموت فعلى المشتري قيمته لأن البيع فيه كان مردودا وتوضع قيمته رهنا إلى الأجل الذي إليه الحق إلا أن يتطوع الذي عليه الحق بتعجيله قبل محله تطوعا مستأنفا لاعلى الشرط الأول ولو أذن له أن يبيعه على أن يكون المال رهنا لم يجز البيع وكان كالمسأله قبلها التي أذن له فيها أن يبيعه على أن يقبضه ثمنه في رد البيع فكان فيه غير ما في المسأله الأولى غير أنه أذن له أن يبيعه على أن يرهنه ثمنه وثمنه شيء غيره غير معلوم ولو كان الرهن بحق حال فأذن الراهن للمرتهن أن يبيع الرهن على أن يعطيه حقه فالبيع جائز وعليه أن يدفع إليه ثمن الرهن ولا يحبس عنه منه شيئا فإن هلك في يده أخذه بجميع الحق في ماله كان أقل أو أكثر من ثمن الرهن وإنما أجزناه ههنا لأنه كان عليه ما شرط عليه من بيعه وإيفائه حقه قبل شرط ذلك عليه ولو كانت المسألة يحالها فأذن له في بيع الرهن ولم يشترط عليه

صفحة : 980

أن يعطيه ثمنه كان عليه أن يعطيه ثمنه إلا أن يكون الحق أقل من ثمنه فيعطيه الحق ولو أذن المرتهن للراهن في بيع الرهن ولم يحل كان له الرجوع في إذنه له ما لم يبعه فإذا باعه وتم البيع ولم يقبض ثمنه أو قبضه فأراد المرتهن أخذ ثمنه منه على أصل الرهن لم يكن ذلك له لأنه أذن له في البيع وليس له البيع وقبض الثمن لنفسه فباع فكان كمن أعطى عطاء وقبضه أو كمن أذن له في فسخ الرهن ففسخه وكان ثمن العبد مالا من مال الراهن يكون المرتهن فيه وغيره من غرمائه أسوة ولو أذن له في بيعه فلم يبعه فهو على الراهن وله الرجوع في الإذن له إلا أن يكون قال قد فسخة فيه الرهن أو أبطلته فإذا قاله لم يكن له الرجوع في الرهن وكان في الرهن كغريم غيره وإذا رهن الرجل الرجل الجارية ثم وطئها المرتهن أقيم عليه الحد فإن ولدت فولده رقيق ولا يثبت نسبهم وإن كان أكرهها فعليه المهر وإن لم يكرهها فلا مهر عليه وإن ادعى جهالة لم يعذر بها إلا أن يكون ممن أسلم حديثا أو كان ببادية نائية أو ما أشبهه ولو كان رب الجارية أذن له وكان يجهل درىء عنه الحد ولحق الولد وعليه قيمتهم يوم سقطوا وهم أحرار وفي المهر قولان أحدهما أن عليه مهر مثلها والآخر لامهر عليه لأنه أباحها ومتى ملكها لم تكن له أم ولد وتباع الجارية ويؤدب هو والسيد للإذن قال الربيع إن ملكها يوما ما كانت أم ولد له بإقراره أنه أولدها وهو يملكها قال الشافعي ولو ادعى أن الراهن المالك وهبها له قبل الوطء أو باعه إياها أو أعمره إياها أو تصدق بها عليه أو اقتصه كانت أم ولد له وخارجه من الرهن إذا صدقه الراهن أو قامت عليه بينه بذلك كان الراهن حيا أو ميتا وإن لم تقم له بينة بدعواه فالجارية وولدها رقيق إذا عرف ملكها للراهن لم تخرج من ملكه إلا ببينة تقوم عليه وإذا أراد المرتهن أحلف له ورثة الراهن على علمهم فيما ادعى من خروجها من ملك الراهن إليه قال الربيع وله في ولد قول آخر أنه حر بالقيمة ويدرأ عنه الحد ويغرم صداق مثلها قال الشافعي رحمه الله أذن الله تبارك وتعالى في الرهن مع الدين وكان الدين يكون من بيع وسلف وغيره من وجوه الحقوق وكان الرهن جائزا مع كل الحقوق شرط في عقدة الحوق أو ارتهن بعد ثبوت الحقوق وكان معقولا أن الرهن زيادة وثيقة من الحق لصاحب الحق مع الحق مأذون فيها حلال وأنه ليس بالحق نفسه ولا جزء من عدده فلو أن رجلا باع رجلا شيئا بألف على أن يرهنه شيئا من ماله يعرفه الراهن والمرتهن كان البيع جائزا ولم يكن الرهن تاما حتى يقبضه الراهن المرتهن أو من يتراضيان به معا ومتى ما اقبضاه إياه قبل أن يرفعا إلى الحاكم فالبيع لازم له

صفحة : 981

وكذلك إن سلمه ليقبضه فتركه البائع كان البيع تاما قال الشافعي وإن ارتفعا إلى الحاكم وامتنع الراهن من أن يقبضه المرتهن لم يجبره الحاكم على أن يدفعه إليه لأنه لايكون رهنا إلا بأن يقبض إياه وكذلك لو وهب رجل لرجل هبة فلم يدفعها إليه لم يجبره الحاكم على دفعها إليه لأنها لاتتم له إلا بالقبض وإذا باع الرجل الرجل على أن يرهنه رهنا فلم يدفع الراهن الرهن إلى البائع المشترط له فللبائع الخيار في إتمام البيع بلا رهن أو رد البيع لأنه لم يرض بذمة المشتري دون الرهن وكذلك لو رهنه رهونا فأقبضه بعضها ومنعه بعضها وهكذا لو باعه على أن يعطيه حميلا بعينه فلم يحمل له بها الرجل الذي اشترط حمالته حتى مات كان له الخيار في إتمام البيع بلا حميل أو فسخه لأنه لم يرض بذمته دون الحميل ولو كانت المسألة بحالها فأراد المشتري فسخ البيع فمنعه الرهن أو الحميل لم يكن ذلك له لأنه لم يدخل عليه هو نقص يكون له به الخيار لأن البيع كان في ذمته وزيادة رهن أو ذمة غيره فسقط ذلك عنه فلم يزد عليه في ذمته شيء لم يكن عليه ولم يكن في هذا فساد البيع لأنه لم ينتقص من الثمن شيء يفسد به البيع إنما انتقص شيء غير الثمن وثيقه للمرتهن لاملك ولم يشترط شيئا فاسدا فيفسد به البيع وهكذا هذا في كل حق كان لرجل على رجل فشرط له فيه رهنا أو حميلا فإن كان الحق بعوض أعطاه إياه فهو كالبيع وله الخيار في أخذ العوض كما كان له في البيع وإن كان الرهن في أن أسلفه سلفا بلا بيع أو كان له عليه حق قبل أن يرهنه بلا رهن ثم رهنه شيئا فلم يقبضه إياه فالحق بحاله وله في السلف أخذه متى شاء به وفي حقه غير السلف أخذه متى شاء به وإن كان حالا ولو باعه شيئا بألف على أن يرهنه رهنا يرضيه أو يعطيه حميلا ثقة أو يعطيه رضاه من رهن و حميل أو ماشاء المشتري والبائع أو ماشاء أحدهما من رهن وحميل بغير تسمية شيء بعينه كان البيع فاسدا لجهالة البائع والمشتري أو أحدهما بما تشارطا ألا ترى أنه لو جاءه بحميل أو رهن فقال لا أرضاه لم يكن عليه حجة بأنه رضى رهنا بعينه أو حميلا بعينه فأعطيه ولو كان باعه بيعا بألف على أن يعطيه عبدا له يعرفانه رهنا له فأعطاه إياه رهنا فلم يقبله لم يكن له نقض البيع لأنه لم ينقصه شيئا من شرطه الذي عرفا معا وهكذا لو باعه بيعا بألف على أن يرهنه ما أفاد في يومه أو من قدم عليه من غيبته من رقيقه أو ما أشبه هذا كان البيع مفسوخا بمثل معنى المسألة قبلها أو أكثر وإذا اشترى منه شيئا على أن يرهنه شيئا بعينه ثم مات المشتري قبل أن يدفع الرهن إلى المرتهن لم يكن الرهن رهنا ولم يكن على ورثته دفعه إليه وإن تطوعوا ولا وارث معهم ولا صاحب وصية فدفعوه إليه

صفحة : 982

فهو رهن وله بيعه مكانه لأن دينه قد حل وإن لم يفعلوا فالبائع بالخيار في نقض البيع أو إتمامه ولو كان البائع المشترط الرهن هو الميت كان دينه إلى أجله إن كان مؤجلا أو حالا إن كان حالا وقام ورثته مقامه فإن دفع المشتري إليهم الرهن فالبيع تام وإن لم يدفعه إليهم فلهم الخيار في نقض البيع كما كان لأبيهم فيه أو إتمامه إذا كان الرهن فائتا قال الشافعي إذا كان الرهن فائتا أو السلعة المشتراه فائته جعلت له الخيار بين أن يتمه فيأخذ ثمنه أو ينقضه فيأخذ قيمته كما أجعله له لو باعه عبدا فمات فقال المشتري اشتريته بخمسمائة وقال البائع بعته بألف وجعلت له إن شاء أن يأخذ ما أقر له به المشتري وإن شاء أن يأخذ قيمته بعد أن يحلف على ما ادعى المشتري ولا أحلفه ههنا لأنه لايدعى عليه المشتري براءة من شيء كما ادعى هناك المشتري براءة مما زاد على خمسمائة قال الشافعي ولو باع رجل رجلا بيعا بثمن حال أو إلى أجل أو كان له عليه حق فلم يكن له رهن في واحد منهما ولا شرط الرهن عند عقده واحدا منهما ثم تطوع له المشتري بأن يرهنه شيئا بعينه فرهنه إياه فقبضه ثم أراد الراهن إخراج الرهن من الرهن لأنه كان متطوعا به لم يكن له ذلك إلا أن يشاء المرتهن كما لايكون له لو كان الرهن بشرط وكذا لو كان رهنه رهنا بشرط فأقبضه إياه ثم زاده رهنا آخر معه أو رهونا فاقبضه إياها ثم أراد إخراجها أو اخراج بعضها لم يكن ذلك له ولو كانت الرهون تسوى أضعاف ما هي مرهونة به ولو زاده رهونا أو رهنه رهونا مرة واحدة فأققبضه بعضها ولم يقبضه بعضها كان ما أقبضه رهنا وما لم يقبضه غير رهن ولم ينتقض ما أقبضه بما لم يقبضه وإذا باع الرجل الرجل البيع على أن يكون البيع نفسه رهنا للبائع فالبيع مفسوخ من قبل أنه لم يملكه السلعة إلا بأن تكون محتبسة عن المشتري وليس هذا كالسلعة لنفسه يرهنه إياها ألا ترى أنه لو وهب له سلعة لنفسه جاز وهو لو اشترى منه شيئا على أن يهبه له لم يجز وسواء تشارطا وضع الرهن على يدي البائع أو عدل غيره وإذا مات المرتهن فالرهن بحاله فلورثته فيه ما كان له وإذا مات الراهن فالرهن بحاله لاينتقض بموته ولا موتهما ولا بموت واحد منهما قال لورثة الراهن إذا مات فيه ما للراهن من أن يؤدوا ما فيه ويخرج من الرهن أو يباع عليهم بأن دين أبيهم قد حل ولهم أن يأخذوا المرتهن ببيعه ويمنعوه من حبسه عن البيع لأنه قد يتغير في حبسه ويتلف فلا تبرأ ذمة أبيهم وقد يكون فيه الفضل عما رهن به فيكون ذلك لهم ولو كان المرتهن غائبا أقام الحاكم من يبيع الرهن ويحعل حقه على يدي عدل إن لم يكن له وكيل يقوم بذلك وإذا كان للرجل على الرجل الحق بلا رهن ثم

صفحة : 983

رهنه رهنا فالرهن جائز كان الحق حالا أو إلى أجل فإن كان الحق حالا أو إلى أجل فقال الراهن ارهنك على أن تزيدني ففي الأجل ففعل فالرهن مفسوخ والحق الحال حال كما كان والمؤجل إلى أجله الأول بحاله والأجل الآخر باطل وغرماء الراهن في الرهن الفاسد أسوة المرتهن وكذلك لو لم يشترط عليه تأخير الأجل وشرط عليه أن يبيعه شيئا أو يسلفه إياه أو يعمل له بثمن على أن يرهنه ولم يرهنه لم يجز الرهن ولا يجوز الرهن في حق واجب قبله حتى يتطوع به الراهن بلا زيادة شيء على المرتهن ولو قال له بعني عبدك بمائة على أن أرهنك بالمائة وحقك الذي قبلها رهنا كان الرهن والبيع مفسوخا كله ولو هلك العبد في يدي المشتري كان ضامنا لقيمته ولو أقر المرتهن أن الموضوع على يديه الرهن قبضه جعلته رهنا ولم أقبل قول العدل لم اقبضه إذا قال المرتهن قد قبضه العدل إختلاف المرهون والحق الذي يكون به الرهن قال الشافعي رحمه الله وإذا كانت الدار أو العبد أو العرض في يدي رجل فقال رهننيه فلان على كذا وقال فلان ما رهنتكه ولكني أودعتك إياه أو وكلتك به أو غصبتنيه فالقول قول رب الدار والعرض والعبد لأن الذي في يده يقر له بملكه ويدعي عليه فيه حقا فلا يكون فيه بدعواه إلا ببينة وكذلك لو قال الذي هو في يديه رهنتنيه بألف وقال المدعى عليه لك علي ألف ولم أرهنك به ما زعمت كان القول قوله وعليه ألف بلا رهن كما أقر ولو كانت في يدي رجل داران فقال رهننيهما فلان بألف وقال فلان رهنتك إحداهما وسماها بعينها بالف كان القول قول رب الدار الذي زعم أنها ليست برهن غير رهن وكذلك لو قال له رهنتك إحداهما بمائة لم يكن رهنا إلا بمائة ولو قال الذي هما في يديه رهنتنيهما بألف وقال رب الدارين بل رهنتك أحدهما بغير عينها بألف لم تكن واحدة منهما رهنا وكانت عليه ألف بإقراره بلا رهن لأنه لايجوز في الأصل أن يقول رجل لرجل أرهنك إحدى داري هاتين ولا يسميها ولا أحد عبدي هذين ولا أحد ثوبي هذين ولا يجوز الرهن حتى يكون مسمى بعينه ولو كانت دار في يدي رجل فقال رهننيها فلان بألف ودفعها إلي وقال فلان رهنته إياها بألف ولم أدفعها إليه فعدا عليها فغصبها أو تكاراها مني رجل فأنزله فيها أو تكاراها مني هو فنزلها ولم أدفعها إليه قبضا بالرهن فالقول قول رب الدار ولا تكون رهنا إذا كان يقول ليست برهن فيكون القول قوله وهو إذا أقر بالرهن ولم يقبضه المرتهن فليس برهن ولو كانت الدار في يدي رجل فقال رهننيها فلان

صفحة : 984

بألف دينار وأقبضنيها وقال فلان رهنته إياها بألف درهم أو ألف فلس وأقبضته إياها كان القول قول رب الدار ولو كان في يدي رجل عبد فقال رهننيه فلان بمائة وصدقه العبد وقال رب العبد ما رهنته إياه بشيء فالقول قول رب العبد ولا قول للعبد ولو كانت المسألة بحالها فقال ما رهنتكه بمائة ولكني بعتكه بمائة لم يكن العبد رهن ولا بيعا إذا اختلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه ولو أن عبدا بين رجلين فقال رجل رهنتمانيه بمائة وقبضته فصدقه أحدهما وقال الآخر ما رهنتكه بشيء كان نصفه رهنا بخمسين ونصفه خارجا من الرهن فإن شهد شريك صاحب العبد عليه بدعوى المرتهن وكان عدلا عليه أحلف المرتهن معه وكان نصيبه منه رهنا بخمسين ولا شيء في شهادة صاحب الرهن يجر بها إلى نفسه ولا يدفع بها عنه فأردبها شهادته ولا أرد شهادته لرجل له عليه شيء لو شهد له على غيره ولو كان العبد بين اثنين وكان في يدي اثنين وادعيا أنهما ارتهناه معا بمائة فأقر الرجلان لأحدهما أنه رهن له وحده بخمسين وأنكرا دعوى الآخر لزمهما ما أقرا به ولم يلزمهما ما أنكرا من دعوى الآخر ولو أقرا لهما معا بأنه لها رهن وقالا هو رهن بخمسين وادعيا مائة لم يلزمهما إلا ما أقرا به ولو قال أحد الراهنين لأحد المرتهنين رهناكه أنت بخمسين وقال الآخر للآخر المرتهن أنت بخمسين كان نصف حق كل واحد منهما من العبد وهو ربع العبد رهنا للذي أقر له بخمسة وعشرين نجيز إقراره على نفسه ولا نجيز إقراره على غيره ولو كانا ممن تجوز شهادته فشهد كل واحد منهما على صاحبه ونفسه أجزت شهادتهما وجعلت على كل واحد منهما خمسة وعشرين دينارا بإقراره وخمسة وعشرين أخرى بشهادة صاحبه إذا حلف المدعي مع شاهده وإذا كانت في يدي رجل ألف دينار فقال رهننيهما فلان بمائة دينار أو بألف درهم وقال الراهن رهنتكها بدينار واحد أو عشرة دراهم فالقول قول الراهن لأن المرتهن مقر له بملك الألف دينار ومدع عليه حقا فالقول قوله فيما ادعى عليه من الدنانير إذا كان القول قول رب الرهن المدعى عليه الحق في أنه ليس برهن بشيء كان إقراره بأنه رهن بشيء أولى أن يكون القول قوله فيه وإذا اختلف الراهن والمرتهن فقال المرتهن رهنتني عبدك سالما بمائة وقال الراهن بل رهنتك عبدي موفقا بعشرة حلف الراهن ولم يكن سالم رهنا بشيء وكان لصاحب الحق عليه عشرة دنانير إن صدقه بأن موفقا رهن بها فهو رهن وإن كذبه وقال بل سالم رهن بها لم يكن موفق ولا سالم رهنا لأنه يبرئه من أن يكون موفق رهنا ولو قال رهنتك داري بألف وقال الذي يخالفه بل اشتريتها منك بألف وتصادقا على قبض

صفحة : 985

الألف تحالفا وكانت الألف على الذي أخذها بلا رهن ولا بيع وهكذا لو قال لو رهنتك داري بألف أخذتها منك وقال المقر له بالرهن بل اشتريت منك عبدك بهذه الألف تحالفا ولم تكن الدار رهنا ولا العبد بيعا وكانت له عليه ألف بلا رهن ولا بيع ولو قال رهنتك داري بألف وقبضت الدار ولم أقبض الألف منك وقال المقر له بالرهن وهو المرتهن بل قبضت الألف فالقول قول الراهن بأنه لم يقر بأن عليه ألفا فتلزمه ويحلف ما أخذ الألف ثم تكون الدار خارجه من الرهن لأنه لم يأخذ ما يكون به رهنا ولو كانت لرجل على رجل ألف درهم فرهنه بها دارا فقال الراهن رهنتك هذه الدار بألف درهم إلى سنة وقال المرتهن بل بألف درهم حالة كان القول قول الراهن وعلى المرتهن البينه وكذلك لو قال رهنتكها بألف درهم وقال المرتهن بل بألف دينار فالقول قول الراهن وكل ما لم أثبته عليه إلا بقوله جعلت القول فيه قوله لأنه لو قال لم أرهنكها كان القول قوله وإذا كان لرجل على رجل ألفان أحدهما برهن والآخر بغير رهن فقضاه ألفا ثم اختلفا فقال القاضي قبضتك الألف التي بالرهن وقال المقتضي بل الألف التي بلا رهن فالقول قول الراهن القاضي ألا ترى أنه لو جاءه بألف فقال هذه الألف التي رهنتك بها فقبضها كان عليه استلام رهنه ولم يكن له حبسه عنه بأن يقول لي عليك ألف أخرى ولو حبسه عنه بعد قبضه كان متعديا بالحبس وإن هلك الرهن في يديه ضمن قيمته فإذا كان هذا هكذا لم يجز أن يكون القول إلا قول دافع المال والله أعلم ID ' ' والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

صفحة : 986

جماع ما يجوز رهنه قال الشافعي رحمه الله كل من جاز بيعه من بالغ حر غير محجور عليه جاز رهنه ومن جاز له أن يرهن أو يرتهن من الأحرار البالغين غير المحجور عليهم جاز له أن يرتهن على النظر وغير النظر لأنه يجوز له بيع ماله وهبته بكل حال فإذا جازت هبته في ماله كان له رهنه بلا نظر ولا يجوز أن يرتهن الأب لابنه ولا ولي اليتيم له إلا بما فيه فضل لهما فأما أن يسلف مالهما برهن فلا يجوز له وأيهما فعل فهو ضامن لما أسلف من ماله ويجوز للمكاتب والمأذون له في التجارة أن يرتهنا إذا كان ذلك صلاحا لمالهما وازديادا فيه فأما أن يسلفا ويرتهنا فلا يجوز ذلك لهما ولكن يبيعان فيفضلان ويرتهنان ومن قلت لايجوز ارتهانه إلا فيما يفضل لنفسه أو يتيمه أو ابنه من أبي ولد وولي يتيم ومكاتب وعبد مأذون له فلا يجوز أن يرهن شيئا لأن الرهن أمانة والدين لازم فالرهن بكل حال نقص عليهم ولا يجوز أن يرهنوا إلا حيث يجوز أن يودعوا أموالهم من الضروره بالخوف إلى تحويل أموالهم وما أشبه ذلك ولا نجيز رهن من سميت لايجوز رهنه إلا في قول من زعم أن الرهن مضمون كله فأما ما لايضمن منه فرهنه غير نظر لأنه قد يتلف ولا يبرأ الراهن من الحق والذكر والأنثى والمسلم والكافر من جميع ما وصفنا يجوز رهنه ولا يجوز سواء ويجوز أن يرهن المسلم الكافر والكافر المسلم ولا أكره من ذلك شيئا إلا أن يرهن المسلم الكافر مصحفا فإن فعل لم أفسخه ووضعناه له على يدي عدل مسلم وجبرت على ذلك الكافر إن امتنع وأكره أن يرهن من الكافر العبد المسلم صغيرا أو كبيرا لئلا يذل المسلم بكينونته عنده بسبب يتسلط عليه الكافر ولئلا يطعم الكافر المسلم خنزيرا أو يسقيه خمرا فإن فعل فرهنه منه لم أفسخ الرهن قال وأكره رهن الأمة البالغة أو المقاربة للبلوغ التي يشتهى مثلها من مسلم إلا على أن يقبضها المرتهن ويقرها في يدي مالكها أو يضعها على يدي امرأة أو محرم للجارية فإن رهنها مالكها من رجل وأقبضها إياه لم أفسخ الرهن وهكذا لو رهنها من كافر غير أني أجبر الكافر على أن يضعها على يدي عدل مسلم وتكون امرأة أحب إلي ولو لم تكن امرأة وضعت على يدي رجل عدل معه امرأة عدل وإن رضي الراهن والمرتهن على أن يضعا الجارية على يدي رجل غير مأمون عليها جبرتهما أن يرضيا بعدل توضع على يديه فإن لم يفعلا اخترت لهما عدلا إلا أن يتراضيا أن تكون على يدي مالكها أو المرتهن فأما ماسوى بني آدم فلا أكره رهنه من مسلم ولا كافر حيوان ولا غيره وقد رهن النبي درعه عند أبي الشحم اليهودي وإن

صفحة : 987

كانت المرأة بالغة رشيدة بكرا أو ثيبا جاز بيعها ورهنها وإن كانت ذات زوج جاز رهنها وبيعها بغير إذن زوجها وهبتها له ولها من مالها إذا كانت رشيدة مالزوجها من ماله وإن كانت المرأة أو رجل مسلم أو كافر حر أو عبد محجورين لم يجز رهن واحد منهما كما لايجوز بيعه وإذا رهن من لايجوز رهنه فرهنه مفسوخ وما عليه وما رهن كما لم يرهن من ماله لاسبيل للمرتهن عليه وإذا رهن المحجور عليه رهنا فلم يقبضه هو ولا وليه من المرتهن ولم يرفع إلى الحاكم فيفسخه حتى يفك عنه الحجر فرضي أن يكون رهنا بالرهن الأول لم يكن رهنا حتى يبتدىء رهنا بعد فك الحجر ويقبضه المرتهن فإذا فعل فالرهن جائز وإذا رهن الرجل الرهن وقبضه المرتهن وهو غير محجور ثم حجر عليه فالرهن بحاله وصاحب الرهن أحق به حتى يستوفي حقه ويجوز رهن الرجل الكثير الدين حتى يقف السلطان ماله كما يجوز بيعه حتى يقف السلطان ماله وإذا رهن الرجل غير المحجور عليه الرجل المحجور عليه الرهن فإن كان من بيع فالبيع مفسوخ وعلى الراهن رده بعينه إن وجد أو قيمته إن لم يوجد والرهن مفسوخ إذا انفسخ الحق الذي به الرهن كان الرهن مفسوخا بكل حال وهكذا إن أكراه دارا أو أرضا أو دابة ورهن المكترى المكرى المحجور عليه بذلك رهنا فالرهن مفسوخ والكراء مفسوخ وإن سكن أو ركب أو عمل له فعليه أجر مثله وكراء مثل الدابة والدار بالغا ما بلغ وهكذا لو أسلفه المحجور مالا ورهنه غير المحجور رهنا كان الرهن مفسوخا لأن السلف باطل وعليه رد السلف بعينه وليس له إنفاق شيء منه فإن أنفقه فعليه مثله إن كان له مثل أو قيمته إن لم يكن له مثل وأي رهن فسخته من جهة الشرط في الرهن أو فساد الرهن أو فساد البيع الذي وقع به الرهن لم أكلف الراهن أن يأتي برهن غيره بحال وكذلك إن كان الشرط في الرهن والبيع صحيحا واستحق الرهن لم أكلف الراهن أن يأتي برهن غيره قال وإذا تبايع الرجلان غير المحجورين البيع الفاسد ورهن أحدهما به صاحبه رهنا فالبيع مفسوخ والرهن مفسوخ وجماع علم هذا أن ينظر كل حق كان صحيح الأصل فيجوز به الرهن وكل بيع كان غير ثابت فيفسد فيه الرهن إذا لم يملك المشترى والمكترى ما بيع أو أكرى لم يملك المرتهن الحق في الرهن إنما يثبت الرهن للراهن بما يثبت به عليه ما أعطاه به فإذا بطل ما أعطاه به بطل الرهن وإذا بادل رجل رجلا عبدا بعبد أو دارا بدار أو عرضا ما كان بعرض ما كان وزاد أحدهما الآخر دنانير آجلة على أن يرهنه الزائد بالدنانير رهنا معلوما فالبيع والرهن جائز إذا قبض وإذا ارتهن الرجل من الرجل الرهن وقبضه لنفسه أو

صفحة : 988

قبضه له غيره بأمره وأمر صاحب الرهن فالرهن جائز وإن كان القابض ابن الراهن أو امرأته أو أباه أو من كان من قرابته وكذلك لو كان ابن المرتهن أو واحدا ممن سميت أو عبد المرتهن فالرهن جائز فأما عبد الراهن فلا يجوز قبضه للمرتهن لأن قبض عبده عنه كقبضه عن نفسه وإذا رهن الرجل الرجل عبدا فأنفق عليه المرتهن بغير أمر الراهن كان متطوعا وإن رهنه أرضا من أرض الخراج فالرهن مفسوخ لأنها غير مملوكة فإن كان فيها غراس أو بناء للراهن فالغراس والبناء رهن وإن أدى عنها الخراج فهو متطوع بأداء الخراج عنها لايرجع به على الراهن إلا أن يكون دفعه بأمره فيرجع به عليه ومثل هذا الرجل يتكارى الأرض من الرجل قد تكاراها فيدفع المكتري الأرض كراءها عن المكتري الأول فإن دفعه بإذنه رجع به عليه وإن دفعه بغير إذنه فهو متطوع به ولا يرجع به عليه ويجوز الرهن بكل حق لزم صداق أو غيره وبين الذمي والحربي المستأمن والمستأمن والمسلم كما يجوز بين المسلمين لايختلف وإذا كان الرهن بصداق فطلق قبل الدخول بطل نصف الحق والرهن بحاله كما يبطل الحق الذي في الرهن إلا قليلا والرهن بحاله وإذا ارتهن الرجل من الرجل رهنا بتمر أو حنطة فحل الحق فباع الموضوع على يديه الرهن بتمر أو حنطة فالبيع مردود ولايجوز بيعه إلا بالدنانير أو الدراهم ثم يشترى بها قمح أو تمر فيقضاه صاحب الحق ولا يجوز رهن المقارض لأن الرهن غير مضمون إلا أن يأذن رب المال للمقارض يرهن بدين له معروف وكذلك لايجوز ارتهانه إلا أن يأذن له رب المال أن يبيع بالدين فإذا باع بالدين فالرهن ازدياد له ولا يجوز إرتهانه إلا في مال صاحب المال فإن رهن عن غيره فهو ضامن ولا يجوز الرهن ID ' ' سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

صفحة : 989

العيب في الرهن قال الشافعي رحمه الله تعالى الرهن رهنان فرهن في أصل الحق لا يجب الحق إلا بشرطه وذلك أن يبيع الرجل الرجل البيع على أن يرهنه الرهن يسميانه فإذا كان هكذا فكان بالرهن عيب في بدنه أو عيب في فعله ينقص ثمنه وعلم المرتهن العيب قبل الارتهان فلا خيار له والرهن والبيع ثابتان وإن لم يعلمه المرتهن فعلمه بعد البيع فالمرتهن بالخيار بين فسخ البيع وإثباته وإثبات الرهن للنقص عليه في الرهن كما يكون هذا في البيوع والعيب الذي يكون له به الخيار كل ما نقص ثمنه من شيء قل أو كثر حتى الأثر الذي لا يضر بعمله والفعل فإذا كان قد علمه فلا خيار له ولو كان قتل أو ارتد وعلم ذلك المرتهن ثم ارتهنه كان الرهن ثابتا فإن قتل في يديه فالبيع ثابت وقد خرج الرهن من يديه وإن لم يقتل فهو رهن بحاله وكذلك لو سرق فقطع في يديه كان رهنا بحاله ولو كان المرتهن لم يعلم بارتداده ولا قتله ولا سرقته فارتهنه ثم قتل في يده أو قطع كان له فسخ البيع ولو لم يكن الراهن دلس للمرتهن فيه بعيب ودفعه إليه سالما فجنى في يديه جناية أو أصابه عيب في يديه كان على الرهن بحاله ولو أنه دلس له فيه بعيب وقبضه فمات في يديه موتا قبل أن يختار فسخ البيع لم يكن له أن يختار فسخه لما فات من الرهن وليس هذا كمن يقتل بحق في يديه أو يقطع في يديه وهكذا كل عيب في رهن ما كان حيوان أو غيره ولو اختلف الراهن والمرتهن في العيب فقال الراهن رهنتك الرهن وهو بريء من العيب وقال المرتهن ما رهنتنيه إلا معيبا فالقول قول الراهن مع يمينه إذا كان العيب مما يحدث مثله وعلى المرتهن البينه فإن أقامها فللمرتهن الخيار كما وصفت وإذا رهن الرجل الرجل العبد أو غيره على أن يسلفه سلفا فوجد بالرهن عيبا أو لم يجده فسواء وله الخيار في أخذ سلفه حالا وإن كان سماه مؤجلا وليس السلف كالبيع ورهن يتطوع به الراهن وذلك أن يبيع الرجل الرجل البيع إلى أجل بغير شرط رهن فإذا وجب بينهما البيع وتفرقا ثم رهنه الرجل فالرجل متطوع بالرهن فليس للمرتهن إن كان بالرهن عيب ما كان أن يفسخ البيع لأن البيع كان تاما بلا رهن وله إن شاء أن يفسخ الرهن وكذلك له إن شاء لو كان في أصل البيع أن يفسخه لأنه كان حقا له فتركه ويجوز رهن العبد المرتد والقاتل والمصيب للحد لأن ذلك لا يزيل عنه الرق فإذا قتل فقد خرج من الرهن فإذا ارتد الرجل عن الإسلام ثم رهن عبدا له فمن أجاز بيع المرتد أجاز رهنه ومن رد بيعه رد رهنه قال الربيع كان الشافعي يجيز رهن المرتد كما يجوز بيعه

صفحة : 990

الرهن يجمع الشيئين المختلفين من ثياب وأرض وبناء وغيره قال الشافعي رحمه الله تعالى إذا رهن الرجل الرجل أرضه ولم يقل ببنائها فالأرض رهن دون البناء وكذلك إن رهنه أرضه ولم يقل بشجرها فكان فيها شجر مبدد أو غير مبدد فالأرض رهن دون الشجر وكذلك لو رهنه شجرا وبين الشجر بياض فالشجر رهن دون البياض ولا يدخل في الرهن إلا ما سمي وإذا رهنه ثمرا قد خرج من نخله قبل يحل بيعه ونخله معه فقد رهنه نخلا وثمرا معها فهما رهن جائز من قبل أن يجوز له لو مات الراهن أو كان الحق حالا أن يبيعهما من ساعته وكذلك لو كان إلى أجل لأن الراهن يتطوع ببيعه قبل يحل أو يموت فيحل الحق وإذا كان الحق في هذا الرهن جائزا إلى أجل فبلغت الثمرة وبيعت خير الراهن بين أن يكون ثمنها قصاصا من الحق أو مرهونا مع النخل حتى يحل الحق ولو حل الحق فأراد بيع الثمرة قبل أن يبدو صلاحها دون النخل لم يكن له وكذلك لو أراد قطعها وبيعها لم يكن له إذا لم يأذن له الراهن في ذلك ولو رهنه الثمرة دون النخل طلعا أو مؤبرة أو في أي حال قبل أن يبدو صلاحها لم يجز الرهن كان الدين حالا أو مؤجلا إلا أن يتشارطا أن للمرتهن إذا حل حقه قطعها أو بيعها فيجوز الرهن وذلك أن المعروف من الثمرة أنها تترك إلى أن تصلح ألا ترى أن النبي نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه لمعرفة الناس أنه يترك حتى يبدو صلاحه وأن حلالا أن تباع الثمرة على أن تقطع قبل أن يبدو صلاحها لأنه ليس المعنى الذي نهى عنه النبي وهكذا كل ثمرة وزرع رهن قبل أن يبدو صلاحه ما لم يجز بيعه فلا يجوز رهنه إلا على أن يقطع إذا حل الحق فيباع مقطوعا بحاله وإذا حل بيع الثمر حل رهنه إلى أجل كان الحق أو حالا وإذا بلغ ولم يحل الحق لم يكن للراهن بيعه إذا كان يبس إلا برضا المرتهن فإذا رضي قيمته رهن إلا أن يتطوع الراهن فيجعله قصاصا ولا أجعل دينا إلى أجل حالا أبدا إلا أن يتطوع به صاحب الدين وإذا رهنه ثمرة فزيادتها في عظمها وطيبها رهن له كما أن زيادة الرهن في يديه رهن له فإن كان من الثمن شيء يخرج فرهنه إياه وكان يخرج بعده غيره منه فلا يتميز الخارج عن الأول المرهون لم يجز الرهن في الأول ولا في الخارج لأن الرهن حينئذ ليس بمعروف ولا يجوز الرهن فيه حتى يقطع مكانه أو يشترط أنه يقطع في مدة قبل أن تخرج الثمرة التي تخرج بعده أو بعدما تخرج قبل أن يشكل أهي من الرهن الأول أم لا فإذا كان هذا جاز وإن ترك حتى تخرج بعده ثمرة لا يتميز حتى تعرف ففيها قولان أحدهما أنه يفسد الرهن كما يفسد البيع لأني لا

صفحة : 991

أعرف الرهن من غير الرهن والثاني أن الرهن لا يفسد والقول قول الراهن في قدر الثمرة المرهونه من المختلطة بها كما لو رهنه حنطة أو تمرا فاختلطت بحنطة للراهن أو تمر كان القول قوله في قدر الحنطة التي رهن مع يمينه قال الربيع وللشافعي قول آخر في البيع أنه إذا باعه ثمرا فلم يقبضه حتى حدثت ثمرة أخرى في شجرها لا تتميز الحادثة من المبيع قبلها كان البائع بالخيار بين أن يسلم له الثمرة الحادثة مع المبيع الأول فيكون قد زاده خيرا أو ينقض البيع لأنه لا يدري كم باع مما حدث من الثمرة والرهن عندي مثله فإن رضي أن يسلم ما زاد مع الرهن الأول لم يفسخ الرهن وإذا رهنه زرعا على أن يحصده إذا حل الحق بأي حال ما كان فيبيعه فإن كان الزرع يزيد بأن ينبت منه ما لم يكن نابتا في يده إذا تركه لم يجز الرهن لأنه لا يعرف الرهن منه الخارج دون ما يخرج بعده فإن قال قائل ما الفرق بين الثمرة تكون طلعا وبلحا صغارا ثم تصير رطبا عظاما وبين الزرع قيل الثمرة واحدة إلا أنها تعظم كما يكبر العبد المروهن بعد الصغر ويسمن بعد الهزال وإذا قطعت لم يبقى منها شيء يستخلف والزرع يقطع أعلاه ويستخلف أسفله ويباع منه شيء قصلة بعد قصلة فالخارج منه غير الرهن والزائد في الثمرة من الثمرة ولا يجوز أن يباع منه ما يقصل إلا أن يقصل مكانه قصلة ثم تباع القصلة الأخرى بيعة أخرى وكذلك لايجوز رهنه إلا كما يجوز بيعه وإذا رهنه ثمرة فعلى الراهن سقيها وصلاحها وجدادها وتشميسها كما يكون عليه نفقة العبد وإذا أراد الراهن أن يقطعها قبل أوان قطعها أو أراد المرتهن ذلك منع كل واحد منهما ذلك حتى يجتمعا عليه وإذا بلغت إبانها جبر الراهن على قطعها لأن ذلك من صلاحها وكذلك لو أبي المرتهن جبر فإذا صارت تمرا وضعت على يدي الموضوع على يديه الرهن أو غيره فإن أبى العدل الموضوع على يديه بأن يتطوع أن يضعها في منزله إلا بكراء قيل للراهن عليك لها منزل تحرز فيه لأن ذلك من صلاحها فإن جئت به وإلا يكترى عليك منها ولا يجوز أن يرتهن الرجل شيئا لايحل بيعه حين يرهنه إياه وإن كان يأتي عليه مدة يحل بعدها وهو مثل أن يرهنه جنين الأمة قبل أن يولد على أنها إذا ولدته كان رهنا ومثل أن يرهنه ما ولدت أمته أو ماشيته أو ما أخرجت نخله على أن يقطعه مكانه ولا يجوز أن يرهنه ما ليس ملكه له بتام وذلك مثل أن يرهنه ثمرة قد بدا صلاحها لايملكها بشراء ولا أصول نخلها وذلك مثل أن يتصدق عليه وعلى قوم بصفاتهم بثمرة نخل وذلك أنه قد يحدث في الصدقة معه من ينقص من حقه ولا يدري كم رهنه ولا يجوز أن يرهن الرجل الرجل جلود ميته لم تدبغ لأن ثمنها لايحل ما لم تدبغ ويجوز أن يرهنه

صفحة : 992

إياها إذا دبغت لأن ثمنها بعد دباغها يحل ولا يرهنه إياه قبل الدباغ ولو رهنه إياها قبل الدباغ ثم دبغها الراهن كانت خارجة من الرهن لأن عقدة رهنها كان وبيعها لايحل وإذا وهب للرجل هبة أو تصدق عليه بصدقة غير محرمة فرهنها قبل أن يقبضها ثم قبضها فهي خارجة من الرهن لأنه رهنها قبل يتم له ملكها فإذا أحدث فيها رهنا بعد القبض جازت قال وإذا أوصي له بعبد بعينه فمات الموصى فرهنه قبل أن تدفعه إليه الورثة فإن كان يخرج من الثلث فالرهن جائز لأنه ليس للورثة منعه إياه إذا خرج من الثلث والقبض وغير القبض فيه سواء وللواهب والمتصدق منعه من الصدقة ما لم يقبض وإذا ورث من رجل عبدا ولا وارث له غيره فرهنه فالرهن جائز لأنه مالك للعبد بالميراث وكذلك لو أشتراه فنقد ثمنه ثم رهنه قبل يقبضه وإذا رهن الرجل مكاتبا له فعجز المكاتب قبل الحكم بفسخ الرهن فالرهن مفسوخ لأني إنما انظر إلى عقد الرهن لاإلى الحكم وإن اشترى الرجل عبدا على أنه بالخيار ثلاثا فرهنه فالرهن جائز وهو قطع لخياره وإيجاب للبيع في العبد وإذا كان الخيار للبائع أو للبائع والمشتري فرهنه قبل مضي الثلاث وقبل اختيار البائع إنفاد البيع ثم مضت الثلاث أو اختار المشتري انفاذ البيع فالرهن مفسوخ لأنه انعقد وملكه على العبد غير تام ولو أن رجلين ورثا رجلا ثلاثة أعبد فلم يقتسماهم حتى رهن أحدهما عبدا من العبيد الثلاثة أو عبدين ثم قاسم شريكه واستخلص منه العبد الذي رهن أو العبدين كانت أنصافهما مرهونه له لأن ذلك الذي كان يملك منهما وأنصافهما التي ملك بعد الرهن خارجة من الرهن إلا أن يجدد فيهما رهنا ولو أستحق صاحب وصية منهما شيئا خرج ما استحق منهما من الرهن وبقي مالم يستحق من أنصافهما مرهونا قال الربيع وفيه قول آخر أنه إذا رهن شيئا له بعضه ولغيره بعضه فالرهن كله مفسوخ لأن صفقة الرهن جمعة شيئين ما يملك وما لايملك فلما جمعتهما الصفقة بطلت كلها وكذلك في البيع قال وهذا أشبه بجملة قول الشافعي لو أن رجلا له أخ هو وارثه فمات أخوه فرهن داره وهو لايعلم أنه مات ثم قامت البينة بأنه كان ميتا قبل رهن الدار كان الرهن باطلا ولايجوز الرهن حتى يرهنه وهو مالك له ويعلم الراهن أنه مالك وكذلك لو قال قد وكلت بشراء هذا العبد فقد رهنتكه إن كان اشترى لي فوجد قد اشترى له لم يكن رهنا قال فإن قال المرتهن قد علم أنه قد صار له بميراث أو شراء قبل أن يرهنه احلف الراهن فإن حلف فسخ الرهن وإن نكل فحلف المرتهن على ما ادعى ثبت الرهن وكذلك لو رأى شخصا لايثبته فقال إن كان هذا فلانا فقد رهنتكه لم يكن رهنا وإن قبضه

صفحة : 993

حتى يجدد له مع القبض أو قبله أو بعده رهنا وهكذا إن رأى صندوقا فقال قد كانت فيه ثياب كذا الثياب يعرفها الراهن والمرتهن فإن كانت فيه فهي لك رهن فلا تكون رهنا وإن كانت فيه وكذلك لو كان الصندوق في يدي المرتهن وديعة وفيه ثياب فقال قد كنت جعلت ثيابي التي كذا في هذا الصندوق فهي رهن فإن كانت فيه ثياب غيرها أو ثياب معها فليس رهن فكانت فيه الثياب التي قال إنها رهن لاغيرها فليست برهن وهكذا لو قال قد رهنتك ما في جرابي فأقبضه إياه والراهن لا يعرفه لم يكن رهنا وهكذا إن كان الراهن يعرفه والمرتهن لايعرفه ولا يكون الرهن أبدا إلا ما عرفه الراهن والمرتهن وعلم الراهن أنه ملك له يحل بيعه ولا يجوزأن يرهنه ذكر حق له على رجل لأن ذكر الحق ليس بشيء يملك إنما هو شهادة على رجل بشيء في ذمته والشيء الذي في ذمته ليس بعين قائمة يجوز رهنها إنما ترهن الأعيان القائمة ثم لا يجوز حتى تكون معلومة عند الراهن والمرتهن مقبوضة ولو أن رجلا جائته بضاعة أو ميراث كان غائبا عنه لايعرف قدره فقبضه له رجل بأمره أو بغير أمره ثم رهنه المالك القابض والمالك لايعرف قدرة لم يجز الرهن وإن قبضه المرتهن حتى يكون عالما بما رهنه علم المرتهن والله أعلم الزيادة في الرهن والشرط فيه قال الشافعي رحمه الله وإذا رهن رجل رجلا رهنا وقبضه المرتهن ثم أراد أن يرهن ذلك الرهن من غير المرتهن أو فضل ذلك الرهن لم يكن ذلك له وإن فعل لم يجز الرهن الآخر لأن المرتهن الأول صار يملك أن يمنع رقبته حتى تباع فيستوفى حقه ولو رهنه إياه بألف ثم سأل الراهن المرتهن أن يزيده ألفا ويجعل الرهن الأول رهنا بها مع الألف الأولى ففعل لم يجز الرهن الآخر وكان مرهونا بالألف الأولى وغير مرهون بالألف الآخره لأنه كان رهنا بكماله بالألف الأولى فلم يستحق بالألف الآخرة من منع رقبته على سيده ولا غرمائه إلا ما استحق أولا ولا يشبه هذا الرجل يتكارى المنزل سنة بعشرة ثم يتكاراه السنة التي تليها بعشرين لأن السنة الأولى غير السنة الآخرة ولو أنهدم بعد السنة الأولى رجع بالعشرين التي هي حظ السنة الآخرة وهذا رهن واحد لايجوز الرهنان فيه إلا معا لا مفترقين ولا أن يرهن مرتين بشيئين مختلفين قبل أن يفسخ كما لايجوز مرتين أن يتكارى رجل دارا سنة بعشرة ثم يتكاراها تلك السنة بعينها بعشرين إلا أن يفسخ الكراء الأول ولا يبتاعها بمائة ثم يبتاعها بمائتين إلا أن يفسخ البيع الأول ويجدد بيعا فإن أراد أن يصح له الرهن الآخر مع الأول فسخ الرهن الأول وجعل الرهن بألفين ولو لم يفسخ الرهن وأشهد

صفحة : 994

المرتهن أن هذا الرهن بيده بألفين جازت الشهادة وكان الرهن بألفين إذا لم يعرف كيف كان ذلك فإذا تصادقا بأن هذا رهن ثان بعد الرهن الأول لم يفسخ لما وصفت وكان رهنا بالألف وكانت الألف الأخرى بغير رهن ولو كانت لرجل على رجل ألف درهم فرهنه بها بعد شيئا جاز الرهن لأنها كانت غير واجبه عليه وكذلك لو زاده ألفا أخرى ورهنه بهما رهنا كان الرهن جائزا ولو أعطاه ألفا ورهنه بها ثم قال له بعد الرهن اجعل لي الألف التي قبل هذا رهنا معها ففعل لم يجز إلا بما وصفت من فسخ الرهن وتجديد رهن بهما معا ولو كانت لرجل على رجل ألف درهم بلا رهن ثم قال له زدني ألفا على أن ارهنك بهما معا رهنا يعرفانه ففعل كان الرهن مفسوخا لأنه أسلفه الأخرة على زيادة رهن في الأولى ولو كان قال بعني عبدا بألف على أن أعطيك بها وبالألف التي لك علي بلا رهن داري رهنا ففعل كان البيع مفسوخا وإذا شرط في الرهن هذا الشرط لم يجز لأنها زيادة في سلف أو حصة من بيع مجهولة ولو أن رجلا ارتهن من رجل رهنا بألف وقبضه ثم زاده رهنا آخر مع رهنه بتلك الألف كان الرهن الأول والآخر جائزا لأن الرهن الأول بكماله بالألف والرهن الآخر زيادة معه لم تكن للمرتهن حتى جعلها له الراهن فكان جائزا كما جاز أن يكون له حق بلا رهن ثم يرهنه به شيئا فيجوز ID ' ' (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله : (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

صفحة : 995

باب ما يفسد الرهن من الشرط قال الشافعي رحمه الله تعالى يروى عن أبي هريره رضي الله تعالى عنه الرهن مركوب ومحلوب وهذا لايجوز فيه إلا أن يكون الركوب والحلب لمالكه الراهن لاللمرتهن لأنه إنما يملك الركوب والحلب من ملك الرقبة والرقبة غير المنفعة التي هي الركوب والحلب وإذا رهن الرجل الرجل عبدا أو دارا أو غير ذلك فسكنى الدار وإجارة العبد وخدمته للراهن وكذلك منافع الرهن للراهن ليس للمرتهن منها شيء فإن شرط المرتهن على الراهن أن له سكنى الدار أو خدمة العبد أو منفعة الرهن أو شيئا من منفعة الرهن ما كانت أو من أي الرهن كانت دارا أو حيوانا أو غيره فالشرط باطل وإن كان أسلفة ألفا على أن يرهنه بها رهنا وشرط المرتهن لنفسه منفعة الرهن فالشرط باطل لأن ذلك زيادة في السلف وإن كان باعه بيعا بألف وشرط البائع للمشتري أن يرهنه بألفه رهنا وأن للمرتهن منفعة الرهن فالشرط فاسد والبيع فاسد لأن لزيادة منفعة الرهن حصة من الثمن غير معروفة والبيع لايجوز إلا بما يعرف ألا ترى أنه لو رهنه دارا على أن للمرتهن سكناها حتى يقضيه حقه كان له أن يقضيه حقه من الغد وبعد سنين ولا يعرف كم ثمن السكن وحصته من البيع وحصة البيع لاتجوز إلا معروفة مع فساده من أنه بيع وإجارة ولو جعل ذلك معروفا فقال ارهنك داري سنة على أن لك سكناها في تلك السنة كان البيع والرهن فاسدا من قبل أن هذا بيع وإجارة لاأعرف حصة الآجارة ألا ترى أن الإجارة لو انتقضت بأن يستحق المسكن أو ينهدم فلو قلت تقوم السكنى وتقوم السلعة المبيعة بالألف فتطرح عنه حصة السكنى من الألف وأجعل الألف بيعا بهما ولا أجعل للمشتري خيارا دخل عليك أن شيئين ملكا بألف فاستحق أحدهما فلم تجعل للمشتري خيارا في هذا الباقي وهو لم يشتره إلا مع غيره أولا ترى أنك لو قلت بل أجعل له الخيار دخل عليك أن ينقص بيع الرقبة بأن يستحق معها كراء ليس هو ملك رقبة ألا ترى أن المسكن إذا انهدم في أول السنة فإن قومت كراء السنة في أولها لم يعرف قيمة كراء آخرها لأنه قد يغلو ويرخص وإنما يقوم كل شيء بسوق يومه ولا يقوم ما لم يكن له سوق معلوم فإن قلت بل أقوم كل وقت مضى وأترك ما بقي حتى يحضر فأقومه قيل لك أفتجعل مال هذا محتبسا في يد هذا إلى أجل وهو لم يؤجله قال فإن شبه على أحد بأن نقول قد نجيز هذا في الكراء إذا كان منفردا فيكترى منه المنزل سنة ثم ينهدم المنزل بعد شهر فيرده عليه بما بقي قيل نعم ولكن حصة الشهر الذي أخذه معروفة لأنا لانقومه إلا بعدما يعرف بأن يمضى

صفحة : 996

وليس معها بيع وهي إجارة كلها ولو رهن رجل رجلا رهنا على أنه ليس للمرتهن بيعه عند محل الحق إلا بكذا أوليس له بيعه إلا بعد ان يبلغ كذا أو يزيد عليه أو ليس له بيعه إن كان رب الرهن غائبا أو ليس له بيعه إلا أن يأذن له فلان أو يقدم فلان أو ليس له بيعه إلا بما رضي الراهن أوليس له بيعه إن هلك الراهن قبل الأجل أوليس له بيعه بعدما يحل الحق إلا بشهر كان هذا الرهن في هذا كله فاسدا لايجوز حتى لايكون دون بيعه حائل عند محل الحق قال الشافعي ولو رهنه عبدا على أن الحق إن حل والرهن مربض لم يبعه حتى يصح أو أعجف لم يبعه حتى يسمن أو ما أشبه هذا كان الرهن في هذا كله مفسوخا ولو رهنه حائطا على أن ما أثمر الحائط فهو داخل في الرهن أو أرضا على أن ما زرع في الأرض فهو داخل في الرهن أو ماشية على أن ما نتجت فهو داخل في الرهن كان الرهن المعروف بعينه من الحائط والأرض والماشية رهنا ولم يدخل معه ثمر الحائط ولا زرع الأرض ولا نتاج الماشية إذا كان الرهن بحق واجب قبل الرهن قال الربيع وفيه قول آخر إذا رهنه حائطا على أن ما أثمر الحائط فهو داخل في الرهن أو أرضا على أن ما زرع في الأرض فهو داخل في الرهن فالرهن مفسوخ كله من قبل أنه رهنه ما يعرف وما لايعرف وما يكون وما لايكون ولا إذا كان يعرف قدر ما يكون فلما كان هكذا كان الرهن مفسوخا قال الربيع الفسخ أولى به قال الشافعي وهذا كرجل رهن دارا على أن يزيده معها دارا مثلها أو عبدا قيمته كذا غير أن البيع إن وقع على شرط هذا الرهن فسخ الرهن وكان للبائع الخيار لأنه لم يتم له ما أشترط ولو رهنه ماشية على أن لربها لبنها ونتاجها أو حائطا على أن لربه ثمره أو عبدا على أن لسيده خراجه أو دارا على أن لمالكها كراءها كان الرهن جائزا لأن هذا لسيده وإن لم يشترطه قال الشافعي كل شرط اشترطه المشتري على البائع هو للمشتري لو لم يشترطه كان الشرط جائزا كهذا الشرط وذلك أنه له لو لم يشترطه ID ' ' سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

صفحة : 997

جماع ما يجوز أن يكون مرهونا وما لايجوز قال الشافعي رحمه الله الرهن المقبوض ممن يجوز رهنه ومن يجوز ارتهانه ثلاث أصناف صحيح وآخر معلول وآخر فاسد فأما الصحيح منه فكل ما كان ملكه تاما لراهنه ولم يكن الرهن جنى في عنق نفسه جناية ويكون المجني عليه أحق برقبته من مالكه حتى يستوفى ولم يكن الملك أوجب فيه حقا لغير مالكه من رهن ولا إجارة ولا بيع ولا كتابة ولا جارية أولدها أو دبرها ولا حقا لغيره يكون أحق به من سيده حتى تنقضي تلك المدة فإذا رهن المالك هذا رجلا وقبضه المرتهن فهذا الرهن الصحيح الذي لاعلة فيه وأما المعلول فالرجل يملك العبد أو الأمة أو الدار فيجني العبد أو الأمة على آدمي جناية عمدا أو خطأ أو يجنيان على مال آدمي فلا يقوم المجني عليه ولا ولي الجناية عليهما حتى يرهنهما مالكهما ويقبضها المرتهن فإذا ثبتت البينة على الجناية قبل الرهن أو أقر بها الراهن والمرتهن فالرهن باطل مفسوخ وكذلك لو أبطل رب الجناية الجناية عن العبد أو الأمة أو صالحه سيدهما منها على شيء كان الرهن مفسوخا لأن ولي الجناية كان أولى بحق في رقابهما من مالكهما حتى يستوفي حقه في رقابهما أرش جنايته أو قيمة ماله فإذا كان أولى بثمن رقابهما من مالكهما حتى يستوفي حقه في رقابهما لم يجز لمالكهما رهنهما ولو كانت الجناية تسوى دينارا وهما يسويان ألوفا لم يكن ما فضل منهما رهنا وهذا أكثر من أن يكون مالكهما رهنهما بشيء ثم رهنهما بعد الرهن بغيره فلا يجوز الرهن الثاني لأنه يحول دون بيعهما وإدخال حق على حق صاحبهما المرتهن الأول الذي هو أحق به من مالكهما وسواء ارتهنهما المرتهن بعد علمه بالجناية أو قبل علمه بها أو قال ارتهن منك ما يفضل عن الجناية أو لم يقله فلايجوز الرهن وفي رقابهما جناية بحال وكذلك لايجوز ارتهانهما وفي رقابهما رهن بحال ولا فضل من رهن بحال ولو رهن رجل رجلا عبدا أو دارا بمائة فقضاه إياها إلا درهما ثم رهنه غيره لم تكن رهنا للآخر لأن الدار والعبد قد ينقص ولا يدرى كم انتقاصه يقل أو يكثر ولو رهن رجل رجلا عبدا أو أمة فقبضهما المرتهن ثم أقر الراهن أنهما جنيا قبل الرهن جناية وادعى ذلك ولي الجناية ففيها قولان أحدهما أن القول للراهن لأنه يقر بحق في عنق عبده ولا تبرأ ذمته من دين المرتهن وقيل يحلف المرتهن ما علم الجناية قبل رهنه فإذا حلف وأنكر المرتهن أو لم يقر بالجناية قبل رهنه كان القول في إقرار الراهن بأن عبده جنى قبل أن يرهنه واحدا من قولين أحدهما أن العبد رهن ولا يؤخذ من ماله شيء وإن كان موسرا لأنه

صفحة : 998

إنما أقر في شيء واحد بحقين لرجلين أحدهما من قبل الجناية والآخر من قبل الرهن وإذا فك من الرهن وهو له فالجناية في رقبته بإقرار سيده إن كانت خطأ أو عمدا لاقصاص فيها وإن كانت عمدا فيها قصاص لم يقبل قوله على العبد إذا لم يقر بها والقول الثاني أنه إن كان موسرا أخذ من السيد الأقل من قيمة العبد أو الجناية فدفع إلى المجني عليه لأنه يقر بأن في عنق عبده حقا أتلفه على المجني عليه لأنه يقر بأن في عنق عبده حقا أتلفه على المجني عليه برهنه إياه وكان كمن أعتق عبده وقد جنى وهو موسر وقيل يضمن الأقل من قيمته أو الجناية وهو رهن بحاله ولا يجوز أن بخرج من الرهن وهو غير مصدق على المرتهن وإنما أتلف على المجني عليه لاعلى المرتهن وإن كان معسرا فهو رهن بحاله ومتى خرج من الرهن وهو في ملكه فالجناية في عنقه وإن خرج من الرهن ببيع ففي ذمة سيده الأقل من قيمته أو الجناية ولو شهد شاهد على جنايتهما قبل الرهن والرهن عبدان حلف ولي المجني عليه مع شاهده وكانت الجناية أولى يهما من الرهن حتى يستوفى المجني عليه جنايته ثم يكون ما فضل من ثمنهما رهنا مكانهما ولو أراده الراهن أن يحلف لقد جنيا لم يكن ذلك له لأن الحق بالجناية في رقابهم لغيره ولا يحلف على حق غيره ولو رهن رجل رجلا عبدا فلم يقبضه حتى أقر بعتقه أو بجناية لرجل أو برهن فيه قبل الرهن فإقراره جائز لأن العبد لم يكن مرهونا تام الرهن إنما يتم الرهن فيه إذا قبض ولو رهنه العبد وقبضه المرتهن قم أقر الراهن بأنه أعتقه كان أكثر من إقراره بأنه جنى جناية فإن كان موسرا أخذت منه قيمته فجعلت رهنا وإن كان معسرا وأنكر المرتهن بيع له منه بقدر حقه فإن فضل فضل عتق الفضل منه وإن برىء العبد من الرهن في ملك المقر بالعتق عتق وإن بيع فملكه سيده بأي وجه ملكه عتق عليه لأنه مقر أنه حر ولو رهنه جارية فقبضها ثم أقر بوطئها قبل الرهن فإن لم تأتي بولد فهي رهن بحالها وكذلك لو قامت بينة على وطئه إياها قبل الرهن لم تخرج من الرهن حتى تأتي بولد فإذا جاءت بولد وقد قامت بينة على إقراره بوطئه إياها قبل الرهن خرجت من الرهن وإن أقر بوطئها قبل الرهن وجاءت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم كان الرهن فهو إبنه وهي خارجة من الرهن قال الربيع قال أبو يعقوب البويطي وكذلك عندي إن جاءت بولد لأكثر ما تلد له النساء وذلك لأربع سنين ألحق به الولد وإن كان إقراره بالوطء قبل الرهن قال الربيع وهو قولي أيضا قال الشافعي وإن جاءت بولد لستة أشهر من يوم كان الرهن أو أكثر فأقر الراهن بالوطء كان كإقرار سيدها بعتقها أو أضعف وهي رهن بحالها ولا تباع حتى تلد ولدها ولد حر

صفحة : 999

بإقراره ومتى ملكها فهي أم ولد له ولو لم يقر المرتهن في جميع المسائل ولم ينكر قيل أن أنكرت وحلفت جعلنا الرهن رهنك وإن لم تحلف أحلفنا الراهن لكان ما قال قبل رهنك وأخرجنا الرهن من الرهن بالعتق والجارية بأنها أم ولد له وكذلك إن أقر فيها بجناية فلم يحلف المرتهن على علمه كان المجني عليه أولى بها منه إذا حلف المجني عليه أو وليه ولو اشترى أمة فرهنها وقبضت ثم قال هو أو البائع إنك اشتريتها مني على شرط فذكر أنه كان الشراء على ذلك الشرط فاسدا كان فيها قولان أحدهما أن الرهن مفسوخ لأنه لايرهن إلا ما يملك وهو لم يملك ما رهن وهكذا لو رهنها ثم أقر أنه غصبها من رجل أو باعه إياها قبل الرهن وعلى الراهن اليمين بما ذكر للمرتهن وليس على المقر له يمين والقول الثاني أن الرهن جائز بحاله ولا يصدق على إفساد الرهن وفيما أقر به قولان أحدهما أن يغرم للذي أقر له بأنه غصبها منه قيمتها فإن رجعت إليه دفعت إلى الذي أقر له بها إن شاء ويرد القيمة وكانت إذا رجعت إليه بيعا للذي أقر أنه باعها إياه ومردودة على الذي أقر أنه اشتراها منه شراء فاسدا قال الربيع وهذا أصح القولين قال الشافعي ولو رهن رجل رجلا عبدا أو أمة قد ارتدا عن الإسلام وأقبضهما المرتهن كان الرهن فيهما صحيحا ويستتابان فإن تابا وإلا قتلا على الردة وهكذا لو كانا قطعا الطريق قتلا إن قتلا وهكذا لو كانا سرقا قطعا وهكذا لو كان عليهما حد أقيم وهما على الرهن في هذا كله لايختلفان سقط عنهما الحد أو عطل بحال لأن هذا حق لله تعالى عليهما ليس بحق لآدمي في رقابهم وهكذا ولو أتيا شيئا مما ذكرت بعد الرهن لم يخرجا من الرهن بحال لو رهنهما وقد جنيا جناية كان صاحب الجناية أولى بهما من السيد الراهن فإن أعفاهما أو فداهما سيدهما أو كانت الجناية قليلة فبيع فيها أحدهما فليسا برهن من قبل أن صاحب الجناية كان أحق بهما من المرتهن حين كان الرهن ولو كانا رهنا وقبضا ثم جنيا بعد الرهن ثم برئا من الجناية بعفو من المجني عليه أو وليه أو صلح أو أي وجه برئا من البيع فيهما كانا على الرهن بحالهما لأن أصل الرهن كان صحيحا وأن الحق في رقابهما قد سقط عنهما ولو أن رجلا دبر عبده ثم رهنه كان الرهن مفسوخا لأنه قد أثبت للعبد عتقا قد يقع بحال قبل حلول الرهن فلا يسقط العتق والرهن غير جائز فإن قال قد رجعت في التدبير أو أبطلت التدبير ثم رهنه ففيها قولان أحدهما أن يكون الرهن جائزا وكذلك لو قال بعد الرهن قد رجعت في التدبير قبل أن أرهنه كان الرهن جائزا ولو قال بعد الرهن قد رجعت في التدبير وأثبت الرهن لم يثبت إلا بأن يجدد رهنا بعد

صفحة : 1000

الرجوع في التدبير والقول الثاني أن الرهن غير جائز وليس له أن يرجع في التدبير إلا بأن يخرج العبد من ملكه ببيع أو غيره فيبطل التدبير وإن ملكه ثانية فرهنه جاز رهنه لأنه ملكه بغير الملك الأول ويكون هذا كعتق إلى غاية لايبطل إلا بأن يخرج العبد من ملكه قبل أن يقع وهكذا المعتق إلى وقت من الأوقات ولو قال إن دخلت الدار فأنت حر ثم رهنه كان هكذا ولو كان رهنه عبدا ثم دبره بعد الرهن كان التدبير موقوفا حتى يحل الحق ثم يقال إن أردت إثبات التدبير فاقض الرجل حقه أو أعطه قيمة العبد المدبر قضاء من حقه وإن لم ترده فارجع في التدبير بأن تبيعه فإن أثبت الرجوع في التدبير بعد محل الحق أخذنا منك قيمته فدفعناها إليه فإن لم نجدها بيع العبد المدبر حتى يقضي الرجل حقه وإنما يمنعني أن آخذ القيمة منه قبل محل الحق أن الحق كان إلى اجل لو كان العبد سالما من التدبير لم يكن للمرتهن بيعه ولم يكن التدبير عتقا واقعا ساعته تلك وكان يمكن أن يبطل فتركت أخذ القيمة منه حنى يحل الحق فيكون الحكم حينئذ ولو رهن رجل عبده ثم دبره ثم مات الراهن المدبر فإن كان له وفاء يقضي صاحب الحق حقه منه عتق المدبر من الثلث وإن لم يكن له ما يقضى حقه منه ولم يدع مالا إلا المدبر بيع من المدبر بقدر الحق فإن فضل منه فضل عتق ثلث ما بقي من المدبر بعد قضاء صاحب الحق حقه وإن كان ما يقضي صاحب الحق بعض حقه قضيته وبيع له من العبد الرهن المدبر بقدر ما يبقى من دينه وعتق ما يبقى منه في الثلث قال الشافعي ولو رهن رجل رجلا عبدا له قد أعتقه إلى سنة أو أكثر من سنة كان الرهن مفسوخا للعتق الذي فيه وهذا في حال المدبر أو أكثر حالا منه لايجوز الرهن فيه بحال ولو رهنه ثم أعتقه إلى سنة أو أكثر من سنة كان القول فيه كالقول في العبد يرهنه ثم يدبره وإذا رهنه اشتراه شراء فاسدا فالرهن باطل لأنه لم يملك ما رهنه ولو لم يرفع الراهن الحكم إلى الحاكم حتى يملك العبد بعد فأراد إقراره على الرهن الأول لم يكن ذلك لها حتى يجددا فيه رهنا مستقبلا بعد الملك الصحيح ولو أن رجلا رهن رجلا عبدا لرجل غائب حي أو لرجل ميت وقبضه المرتهن ثم علم بعد ذلك أن الميت أوصى به للراهن فالرهن مفسوخ لأنه رهنه ولا يملكه ولو قبله الراهن كان الرهن مفسوخا ولا يجوز حتى يرهنه وهو يملكه ولو لم تقم بينة وادعى المرتهن أن الراهن رهنه إياه وهو يملكه كان رهنا على المرتهن اليمين ما رهنه منه إلا وهو يملكه فإن نكل عن اليمين حلف الراهن ما رهنه وهو يملكه ثم كان الرهن مفسوخا ولو رهن رجل رجلا عصيرا حلوا كان الرهن جائزا ما بقي عصيرا بحاله فإن حال إلى

صفحة : 1001

أن يكون خلا أو مزا أو شيئا لايسكر كثيره فالرهن بحاله وهذا كعبد رهنه ثم دخله عيب أو رهنه معيبا فذهب عنه العيب أو مريضا فصح فالرهن بحاله لايتغير بتغير حاله لأن بدن الرهن بعينه وإن حال إلى أن يصير مسكرا لايحل بيعه فالرهن مفسوخ لأنه حال إلى أن يصير حراما لايصح بيعه كهو لو رهنه عبدا فمات العبد ولو رهنه عصيرا فصب فيه الراهن خلا أو ملحا أو ماء فصار خلا كان رهنا بحاله ولو صار خمرا ثم صب فيه الراهن خلا أو ملحا أو ماء فصار خلا خرج من الرهن حين صار خمرا ولم يحل لمالكه تملكه ولا تحل الخمر عندي والله تعالى أعلم أبدا إذا فسدق بعمل آدمي فإن صار العصير خمرا ثم صار خلا من غير صنعة آدمي فهو رهن بحاله ولا أحسبه يعود خمرا ثم يعود خلا بغير صنعة آدمي إلا بأن يكون في الأصل خلا فلا ينظر إلى تصرفه فيما بين أن كان عصيرا إلى أن كان خلا ويكون إنقلابه عن الحلاوة والحموضة منزلة انقلب عنها كما انقلب عن الحلاوة الأولى إلى غيرها ثم يكون حكمه حكم مصيره إذا كان بغير صنعة آدمي ولو تبايعا الراهن والمرتهن على أن يرهنه عصيرا بعينه فرهنه إياه وقبضه ثم صار في يديه خمرا خرج من أن يكون رهنا ولم يكن للبائع أن يفسخ البيع لفساد الرهن كما لو رهنه عبدا فمات لم يكن له أن يفسخه بموت العبد ولو تبايعا على أن يرهنه هذا العصير فرهنه إياه فإذا هو من ساعته خمر كان له الخيار لأنه لم يتم له الرهن ولو اختلفا في العصير فقال الراهن رهنتكه عصيرا ثم عاد في يديك خمرا وقال المرتهن بل رهنتنيه خمرا ففيها قولان أحدهما أن القول قول الراهن لأن هذا يحدث كما لو باعه عبدا فوجد به عيبا يحدث مثله فقال المشتري بعتنيه وبه العيب وقال البائع حدث عندك كان القول قوله مع يمينه ومن قال هذا القول قال بهراق الخمر ولا رهن له والبيع لازم والقول الثاني أن القول قول المرتهن لأنه لم يقر له أنه قبض منه شيئا يحل إرتهانه بحال لأن الخمر محرم بكل حال وليس هذا كالعيب الذي يحل ملك العبد وهو به والمرتهن بالخيار في أن يكون حقه ثابتا بلا رهن أو يفسخ البيع إذا رهن الرجل الرجل الرهن على أن ينتفع المرتهن بالرهن إن كانت دارا سكنها أو كانت دابة ركبها فالشرط في الرهن باطل ولو كان اشترى منه على هذا فالبائع يالخيار في فسخ البيع أو إقراره بالرهن ولا شرط له له فيه ولا يفسد هذا الرهن إن شاء المرتهن لأنه شرط زيادة مع الرهن بطلت لاالرهن قال الربيع وفيها قول آخر ان البيع إذا كان على هذا الشرط فالبيع منتقض بكل حال وهو أصحهما قال الشافعي ولا بأس أن يرهن الرجل الرجل الأمة ولها ولد صغير لأن هذا ليس بتفرقة منه

صفحة : 1002

الرهن الفاسد قال الشافعي رحمه الله والرهن الفاسد أن يرتهن الرجل من الرجل مكاتبه قبل أن يعجز ولو عجز لم يكن على الرهن حتى يجدد له رهنا يقبضه بعد عجزه ولو ارتهن منه أم ولده كان الرهن فاسدا في قول من لايبيع أم الولد أو يرتهن من الرجل ما لايحل له بيعه مثل الخمر والميته والخنزير أو يرتهن منه ما لايملك فيقول أرهنك هذه الدار التي أنا فيها ساكن ويقبضه إياها أو هذا العبد الذي هو في يدي عارية أو بإجارة ويقبضه إياه على أني اشتريه ثم يشتريه فلايكون رهنا ولا يكون شيء رهنا حتى ينعقد الرهن والقبض فيه معا والراهن مالك له يجوز بيعه قبل الرهن ومعه ولو عقد الرهن وهو لايجوز له رهنه ثم أقبضه إياه وهو يجوز رهنه لم يكن رهنا حتى يجنمع الأمران معا وذلك مثل أن يرهنه الدار وهي رهن ثم ينفسخ الرهن فيها فيقبضه إياها وهي خارجة من الرهن الأول فلا يجوز الرهن فيها حتى يحدث له رهنا يقبضها به وهي خارجة من أن تكون رهنا لرجل أو ملكا لغير الراهن ولا يجوز أن يرهن رجل رجلا ذكر حق له على رجل قبل ذلك الذي عليه ذكر الحق أو لم يقبله لأن إذكار الحقوق ليست بعين قائمة للراهن فيرهنها المرتهن وإنما هي شهادة بحق في ذمة الذي عليه الحق فالشهادة ليست ملكا والذمة بعينها ليست ملكا فلا يجوز والله تعالى أعلم أن يجوز الرهن فيها في قول من اجاز بيع الدين ومن لم يجزه أرأيت إن قضى الذي عليه ذكر الحق المرهون صاحب الحق حقه أما يبرأ من الدين فإذا برىء منه انفسخ رهن المرتهن للدين بغير فسخه له ولا اقتضائه لحقه ولا إبرائه منه ولا يجوز أن يكون رهن إلى الراهن فسخه بغير أمر المرتهن فإن قيل فيتحول رهنه فيما اقتضى منه قيل فهو إذا رهنه مرة كتابا ومرة مالا والرهن لايجوز إلا معلوما وهو إذا كان له مال غائب فقال أرهنك مالي الغائب لم يجز حتى يقبض والمال كان غير مقبوض حين رهنه إياه وهو فاسد من حميع جهاته ولو أرتهن رجل من رجل عبدا وقبضه ثم إن المرتهن رهن رجلا أجنبيا العبد الذي ارتهن أو قال حقي في العبد الذي ارتهنت لك رهن وأقبضه إياه لم يجز الرهن فيه لأنه لايملك العبد الذي ارتهن وإنما له شيء في ذمة مالكه جعل هذا الرهن وثيقة منه إذا أداه المالك انفسخ من عنق هذا أو رأيت إن أدى الراهن الأول الحق أو أبرأه منه المرتهن أما ينفسخ الرهن قال فإن قال قائل فيكون الحق الذي كان فيه رهنا إذا قبضه مكانه قيل فهذا إذا مع أنه رهن عبدا لايملكه رهن مرة في عبد وأخرى في دنانير بلا رضا المرتهن الآخر أرأيت لو رهن رجل

صفحة : 1003

رجلا عبدا لنفسه ثم أراد أن يعطي المرتهن مكان العبد خيرا منه وأكثر ثمنا أكان ذلك له فإن قال ليس هذا له فإذا كان هذا هكذا لم يجز أن يرهن عبدا لغيره وإني كان رهنا له لأنه إذا اقتضاه ما فيه خرج من الرهن وإن لم يقبض مرتهنه ماله فيه وإن قال رجل لرجل قد رهنتك أول عبد لي يطلع علي أو أي عبد وجدته في داري فطلع عليه عبد له أو وجد عبدا في داره فأقبضه إياه فالرهن مفسوخ لا يجوز الرهن حتى ينعقد على شيء بعينه وكذلك ما خرج من صدفي من اللؤلؤ وكذلك ما خرج من حائطي من الثمر وهو لاثمر فيه فالرهن في هذا كله مفسوخ حتى يجدد له رهنا بعد ما يكون عينا تقبض ولو قال رهنتك أي دوري شئت أو أي عبيدي شئت فشاء بعضهم وأقبضه إياه لم يكن رهنا بالقول الأول حتى يجدد فيه رهنا ولو رهن رجل رجلا سكنى دار له معروفة وأقبضه إياها لم يكن رهنا لأن السكنى ليست بعين قائمة محتبسة وأنه لو حبس المسكن لم يكن فيه منفعة للحابس وكان فيه ضرر على الرهن ولو قال رهنتك سكنى منزلي يعني يكريه ويأخذ كراءه كان إنما رهنه شيئا لايعرفه يقل ويكثر ويكون ولا يكون ولو قال أرهنك سكنى منزلي يعني يسكنه لم يكن هذا كراء جائزا ولا رهنا لأن الرهن مالم ينتفع المرتهن منه إلا بثمنه فإن سكن على هذا الشرط فعليه كراء مثل السكنى الذي سكن ولو كان لرجل عبدا فرهنه من رجل ثم قال لرجل آخر قد رهنتك من عبدي الذي رهنت فلانا ما فضل عن حقه ورضي بذلك المرتهن الأول وسلم العبد فقبضه المرتهن الآخر أو لم يرض وقد قبض المرتهن الآخر الرهن أو لم يقبضه فالرهن منتقض لأنه لم يرهنه ثلثا ولا ربعا ولا جزءا معلوما من عبد وإنما رهنه ما لايدرى كم هو من العبد ولا كم هو من الثمن ولا يجوز الرهن على هذا وهو رهن للمرتهن الأول ولو رهن رجل رجلا عبدا بمائة ثم زاده مائة وقال إجعل لي الفضل عن المائة الأولى رهنا بالمائة الآخرة ففعل كان العبد مرهونا بالمائة الأولى ولا يكون مرهونا بالمائة الأخرى وهي كالمسألة قبلها ولو أقر الراهن أن العبد ارتهن بالمائتين معا في صفقة واحدة وادعى ذلك المرتهن أو أن هذين الرجلين ارتهنا العبد معا بحقيهما وسمياه وادعيا ذلك معا أجزت ذلك فإذا أقر أنه رهنه رهنا بعد رهن لم يقبل ولم يجز الرهن قال ولو كانت لرجل على رجل مائة فرهنه بها دارا ثم سألة أن يزيدة رهنا فزاده رهنا غير الدار وأقبضه إياه فالرهن جائز وهذا كرجل كان له على رجل حق بلا رهن ثم رهنه به رهنا وأقبضه إياه فالرهن جائز وهو خلاف المسألتين قبلها ولو أن رجلا رهن رجلا دارا بألف فأقر المرتهن لرجل غيره أن هذا الدار رهن

صفحة : 1004

بينه وبينه بألفين هذه الألف وألف سواها فأقر الراهن بألف لهذا المدعي الرهن المقر له المرتهن بلا رهن وأنكر الراهن فالقول قول رب الرهن والألف التي لم يقر فيها بالرهن عليه بلا رهن في هذا الرهن والأولى بالرهن الذي أقر به ولو كان المرتهن أقر أن هذه الدار بينه وبين رجل ونسب ذلك إلى أن الألف التي بإسمه بينه وبين الذي أقر له لزمه إقراره وكانت الألف بينهما نصفين وهو كرجل له على رجل حق فأقر أن ذلك الحق لرجل غيره فذلك الحق لرجل غيره على ما أقر به ولو دفع رجل إلى رجل حقا فقال لقد رهنتكه بما فيه وقبضه المرتهن ورضي كان الرهن بما فيه إن كان فيه شيء منفسخا من قبل أن المرتهن لايدري مافيه أرأيت لو لم يكن فيه شيء أو كان فيه شيء لاقيمة له فقال المرتهن قبلته وأنا أرى أن فيه شيئا ذا ثمن ألم يكن ارتهن ما لم يعلم والرهن لايجوز إلا معلوما وكذلك جراب بما فيه وخريطة بما فيها وبيت بما فيه من المتاع ولو رهنه في هذا كله الحق دون مافيه أو قال الحق ولم يسمي شيئا كان الحق رهنا وكذلك البيت دون ما فيه وكذلك كل ما سمي دون مافيه وكان المرتهن بالخيار في فسخ الرهن والبيع إن كان عليه أو إرتهان الحق دون ما فيه وهذا في أحد القولين والقول الثاني أن البيع إن كان عليه مفسوخ بكل حال فأما الخريطة فلا يجوز الرهن فيها إلا بأن يقول دون ما فيها لأن الظاهر من الحق والبيت أن لهما قيمة والظاهر من الخريطة أن لاقيمة لها وإنما يراد بالرهن ما فيها قال ولو رهن رجل من رجل نخلا مثمرا ولم يسمي الثمر فالثمر خارج من الرهن كان طلعا أو بسرا أو كيف كان فإن كان قد خرج طلعا كان أو غيره فاشترطه المرتهن مع النخل فهو جائز وهو رهن مع النخل لأنه عين ترى وكذلك لو ارتهن الثمر بعد ما خرج ورؤى جاز الرهن وله تركه في نخله حتى يبلغ وعلى الراهن سقيه والقيام بما لابد له منه مما لايثبت إلا به ويصلح في شجره إلا به كما يكون عليه نفقة عبده إذا رهنه ولو رهن رجل رجلا نخلا لاثمرة فيها على ان ما خرج من ثمرها رهن أو ماشية لانتاج معها على أن ما نتجت رهن كان الرهن في الثمرة والنتاج فاسدا لأنه ارتهن شيئا معلوما وشيئا مجهولا ومن أجاز هذا في الثمرة لزمه والله أعلم أن يجيز أن يرهن الرجل الرجل ما أخرجت نخله العام وما نتجت ماشيته العام ولزمه أن يقول أرهنك ما حدث لي من نخل أو ماشية أو ثمرة نخل أو أولاد ماشية وكل هذا لايجوز فإن ارتهنه على هذا فالرهن فاسد وإن اخذ من الثمرة شيئا فهو مضمون عليه حتى يرد مثله وكذلك ولد الماشية أو قيمته إن لم يكن له مثل ولا يفسد الرهن في النخل والماشية التي هي بأعيانها بفساد ما شرط معها في

صفحة : 1005

قول من أجاز أن برهنه عبدين فيجد أحدهما حرا أو عبدا أو زق خمر فيجيز الجائز ويرد المردود معه وفيها قول آخر أن الرهن كله يفسد في هذا كما يفسد في البيوع لايختلف فإذا جمعت صفقة الرهن شيئين أحدهما جائز والآخر غير جائز فسدا معا وبه أخذ الربيع وقال هو أصح القولين قال الشافعي وإذا رهن الرجل رجلا كلبا لم يجز لأنه لاثمن له وكذلك كل ما لايحل بيعه لايجوز رهنه ولو رهنه جلود ميته لم تدبغ لم يجز الرهن ولو دبغت بعد لم يجز فإن رهنه إياها بعد ما دبغت جاز الرهن لأن بيعها في تلك الحال يحل ولو ورث رجل مع ورثة غيب دارا فرهن حقه فيها لم يجز حتى يسميه نصفا أو ثلثا أو سهما من أسهم فإذا سمى ذلك وقبضه المرتهن جاز وإذا رهن الرجل الرجل شيئا على أنه إن لم يأت بالحق عند محله فالرهن بيع للمرتهن فالرهن مفسوخ والمرتهن فيه اسوة الغرماء ولا يكون بيعا له بما قال لأن هذا لارهن ولا بيع كما يجوز الرهن أو البيع ولو هلك في يدي المرتهن قبل محل الأجل لم يضمنه المرتهن وكان حقه بحاله كما لايضمن الرهن الصحيح ولا الفاسد وإن هلك بعد محل الأجل في يديه ضمنه بقيمته وكانت قيمته حصصا بين أهل الحق لأنه في يديه ببيع فاسد ولو كان هذا الرهن الذي فيه هذا الشرط أرضا فبني فيها قبل محل الحق قلع بناءه منها لأنه بنى قبل أن يجعله بيعا فكان بانيا قبل أن يؤذن له بالبناء فلذلك قلعه ولو بناها بعد محل الحق فالبقعة لراهنها والعمارة للذي عمر متى أعطى صاحب البقعة قيمة العمارة قائمة أخرجه منها وليس له أن يخرجه بغير قيمة العمارة لأن بنائه كان بإذنه على البيع الفاسد ولا يخرج من بنائه إلا بإذن رب البقعة إلا بقيمته قائما وإذا دفع الرجل إلى الرجل المتاع ثم قال كل ما اشتريت منك أو اشترى منك فلان في يومين أو سنتين أو أكثر أو على الأبد فهذا المتاع مرهون به فالرهن مفسوخ ولا يجوز الرهن حتى يكون معلوما بحق معلوم وكذلك لو دفعه إليه رهنا بعشرة عن نفسه أو غيره ثم قال كل ما كان لك علي من حق فهذا المتاع مرهون به مع العشرة أو كل ما صار لك علي من حق فهذا مرهون لك به كان رهنا بالعشرة المعلومة التي قبض عليها ولم يكن مرهونا بما صار له عليه وعلى فلان لأنه كان غير معلوم حين دفع الرهن به فإن هلك المتاع في يدي المدفوع في يديه قبل أن يشترى منه شيئا أو يكون له على فلان شيء أو بعد فهو غير مضمون عليه كما لايضمن الرهن الصحيح ولا الفاسد إذا هلك ولو أنه دفع إليه دارا رهنها بألف ثم ازداد منه ألفا فجعل الدار وهنا بألفين كانت الدار رهنا بالألف الأولى ولم تكن رهنا بالألف الآخرة وإن كان عليه دين بيعت الدار فبدى المرتهن بالألف

صفحة : 1006

الأولى من ثمن الدار وحاص الغرماء بالألف الآخرة في ثمن الدار وفي مال إن كان للغريم سواها فإذا أراد أن يصح له أن تكون الدار رهنا بألفين فسخ الرهن الأول ثم استأنف أن تكون مرهونة بألفين ولو رهنه إياها بالف ثم تقادا على أنها رهن بألفين ألزمتهما إقرارهما لأن الرهن الأول مفسوخ وتجدد فيها رهن صحيح بألفين وإذا كان الإقرار ألزمته صاحبه قال وإذا رهن الرجل الرجل ما يفسد من يومه أو غده أو بعد يومين أو ثلاثة أو مدة قصيرة ولا ينتفع به يابسا مثل البقل والبطيخ والقثاء والموز وما أشبهه فإن كان الحق حالا فلا بأس بارتهانه ويباع على الراهن وإن كان الرهن إلى أجل يتباقى إليه فلا يفسد فلا بأس وإن كان إلى أجل يفسد إليه الرهن كرهنه ولم أفسخه وإنما منعني من فسخه أن للراهن بيعه قبل محل الحق على أن يعطى صاحب الحق حقه بلا شرط وإن الراهن قد يموت من ساعته فيباع فإن تشارطا في الرهن أن لايبيعه إلى أن يحل الحق أو أن الراهن إن مات لم يبعه إلى يوم كذا وهو يفسد إلى تلك المدة فالرهن مفسوخ ولو رهنه ما يصلح بعد مدة مثل اللحم الرطب ييبس والرطب ييبس وما أشبهه كان الرهن جائزا لاأكرهه بحال ولم يكن للمرتهن تيبيسه حتى يأذن بذلك الراهن فإن سأل المرتهن في المسائل كلها بيع الرهن خوف فساده إذا لم يأذن للمرتهن بتيبيس ما يصلح للتيبيس منه لم يكن ذلك له إلا أن يأذن الراهن وكذلك كرهت رهنه وإن لم أفسخه قال الشافعي رحمه الله وإذا رهن الرجل الرجل الجارية حبلى فولدت أو غير حبلى فحبلت ولدت فالولد خارج من الرهن لأن الرهن في رقبة الجارية دون ما يحدث منها وهكذا إذا رهنه الماشية مخاضا فنتجت أو غير مخاض فمخضت ونتجت فالنتاج خارج من الرهن وكذلك لو رهنه شاة فيها لبن فاللبن خاج من الرهن لأن اللبن غير الشاة قال الربيع وقد قيل اللبن إذا كان فيها حين رهنها فهو رهن معها كما يكون إذا باعها كان اللبن لمشتريها وكذلك نتاج الماشية إذا كانت مخاضا وولد الجارية إذا كانت حبلى يوم يرهنها فما حدث بعد ذلك من اللبن فليس برهن قال الشافعي ولو رهنه جارية عليها حلي كان الحلي خارجا من الرهن وهكذا لو رهنه نخلا أو شجرا فأثمرت كانت الثمرة خارجة من الرهن لأنها غير الشجرة قال وأصل معرفة هذا أن للمرتهن حقا في رقبة الرهن دون غيره وما يحدث منه مما قد يتميز منه غيره وهكذا لو رهنه عبدا فاكتسب العبد كان الكسب خارجا من الرهن لأنه غير العبد والولاد والنتاج واللبن وكسب الرهن كله للراهن ليس للمرتهن أن يحبس شيئا عنه وإذا رهن الرجل الرجل عبدا فدفعه

صفحة : 1007

إليه فهو على يديه رهن ولا يمنع سيده من أن يؤجره ممن شاء فإن شاء المرتهن أن يحضر إجارته حضرها وإن أراد سيده أن يخدمه خلى بينه وبينه فإذا كان الليل أوى إلى الذي هو على يديه وإن أراد سيده إخراجه من البلد لم يكن له إخراجه إلا بإذن المرتهن وهكذا إن أراد المرتهن إخراجه من البلد لم يكن له إخراجه منه وإذا مرض العبد أخذ الراهن بنفقته وإذا مات أخذ بكفنه لأنه مالكه دون المرتهن وأكره رهن الأمة إلا أن توضع على يدي امرأة ثقة لئلا يغب عليها رجل غير مالكها ولا أفسخ رهنها إن رهنها فإن كان لرجل الموضوعه على يديه أهل أقررتها عندهم وإن لم يكن عنده نساء وسأل الراهن أن لايخلو الذي هي على يديه بها أقررتها رهنا ومنعت الرجل غير سيدها المغب عليها لأن رسول الله نهى أن يخلو الرجل بإمرأة وقلت تراضيا بامرأة تغب عليها وإن أراد سيدها أخذها لتخدمه لم يكن له ذلك لئلا يخلو بها خوف أن يحبلها فإن لم يرد ذلك الراهن فيتواضعانها على يدي امرأة بحال وإن لم يفعلا جبرا على ذلك ولو شرط السيد للمرتهن أن تكون على يديه أو يد رجل غيره ولاأهل لواحد منهما ثم سأل إخراجها أخرجتها إلى امرأة ثقة ولم أجز أبدا أن يخلو بها رجل غير مالكها وعلى سيد الأمة نفقتها حية وكفنها ميته وهكذا إن رهنه دابة تعلف فعليه علفها وتأوي إلى المرتهن أو إلى الذي وضعت على يديه ولا يمنع مالك الدابة من كرائها وركوبها وإذا كان في الرهن در ومركب فللراهن حلب الرهن وركوبه أخبرنا سفيان عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريره قال الرهن مركوب ومحلوب قال الشافعي يشبه قول أبي هريرة والله تعالى أعلم أن من رهن ذات در وظهر لم يمنع الراهن درها وظهرها لأن له رقبتها وهي محلوبه ومركوبة كما كانت قبل الرهن ولا يمنع الراهن برهنه إياها من الدر والظهر الذي ليس هو الرهن بالرهن الذي هو غير الدر والظهر وهكذا إذا رهنه ماشية راعية فعلى ربها رعيها وله حلبها ونتاجها وتأوي إلى المرتهن أو الموضوعة على يديه وإذا رهنه ماشية وهو في بادية فأجدب موضعها وأراد المرتهن حبسها فليس ذلك له ويقال له إن رضيت أن ينتجع بها ربها وإلا جبرت على أن تضعها على يدي عدل ينتجع بها إذا طلب ذلك ربها وإذا أراد رب الماشية النجعة من غير جدب والمرتهن المقام قيل لرب الماشية ليس لك إخراجها من البلد الذي رهنتها به إلا من ضرر عليها ولا ضرر عليها فوكل برسلها من شئت وإن أراد المرتهن النجعة من غير جدب قيل له ليس لك تحويلها من البلد الذي ارتهنتها وهو بحضرة مالكها إلا من ضرورة فتراضيا من شئتما ممن يقيم

صفحة : 1008

في الدار ما كانت غير مجدبة فإن لم يفعلا جبرا على رجل تأوي إليه وإن كانت الأرض التي رهنها بها غير مجدبة وغيرها أخصب منها لم يجبر واحد منهما على نقلها منها فإن أجدبت فاختلفت نجعتهما إلى بلدين مشتبهين في الخصب فسأل رب الماشية أن تكون معه وسأل المرتهن أن تكون معه قيل إن اجتمعتما معا ببلد فهي مع المرتهن أو الموضوعة على يديه وإن اختلفت داركما فاختلفتما جبرتما على عدل تكون على يديه في البلد الذي ينتجع إليه رب الماشية لينتفع برسلها وأيهما دعا إلى بلد فيه عليها ضرر لم يجب عليه لحق الراهن في رقابها ورسلها وحق المرتهن في رقابها وإذا رهنه ماشية عليها صوف أو شعر أو وبر فإن أراد الراهن أن يجزه فذلك له لأن صوفها وشعرها ووبرها غيرها كاللبن والنتاج وسواء كان الدين حالا أو لم يكن أو قام المرتهن ببيعه أو لم يقم كما يكون ذلك سواء في اللبن قال الربيع وقد قيل إن صوفها إذا كان عليها يوم رهنها فهو رهن معها ويجز ويكون معها مرهونا لئلا يختلط به ما يحدث من الصوف لأن ما يحدث للراهن قال الشافعي وإذا رهنه دابة أو ماشية فأراد أن ينزى عليها وأبى ذلك المرتهن فليس ذلك للمرتهن فإن كان رهنه منها ذكرنا فأراد أن ينزيها فله أن ينزيها لأن إنزائها من منفعتها ولا نقص فيه عليها وهو يملك منافعها وإذا كان فيها ما يركب ويكرى لم يمنع أن يكربه ويعلفه وإذا رهنه عبدا فأراد الرهن أن يزوجه أو أمة فأراد أن يزوجها فليس ذلك له لأن ثمن العبد أو الأمة ينتقص بالتزويج ويكون مفسدة لها بينة وعهدة فيها وكذلك العبد ولو رهنه عبدا أو أمة صغيرين لم يمنع أن يعذرهما لأن ذلك سنة فيهما وهو صلاحهما وزيادة في أثمانهما وكذلك لو عرض لهما ما يحتاجان فيه إلى فتح العروق وشرب الدواء أو عرض للدواب ما تحتاج به إلى علاج البياطرة من توديج وتبزيغ وتعريب وما أشبهه لم يمنعه وإن امتنع الراهن أن يعالجها بدواء أو غيره لم يجبر عليه فإن قال المرتهن أنا أعالجها وأحسبه على الراهن فليس ذلك له وهكذا إن كانت ماشية فجربت لم يكن للمرتهن أن يمنع الراهن من علاجها ولم يجبر الراهن على علاجها وما كان من علاجها ينفع ولا يضر مثل أن يملحها أو يدهنها في غير الحر بالزيت أو يمسحها بالقطران مسحا خفيفا أو بسعط الجارية أو الغلام أو يمرخ قدميه أو يطعمه سويقا قفارا أو ما أشبه هذا فتطوع المرتهن بعلاجها به لم يمنع منه ولم يرجع على الراهن به وما كان من علاجها ينفع أو يضر مثل فتح العروق وشرب الأدوية الكبار التي قد تقتل فليس للمرتهن علاج العبد ولا الدابة وإن فعل وعطبت صمن إلا أن يأذن السيد له به وإذا كان الرهن أرضا لم يمنع الراهن من أن يزرعها الزرع

صفحة : 1009

الذي يقلع قبل محل الحق أو معه وفيما لاينبت من الزرع قبل محل الحق قولان أحدهما أن يمنع الراهن في قول من لايجيز بيع الأرض منزرعه دون الزرع من زرعها ما ينبت فيها بعد محل الحق وإذا تعدى فزرعها بغير إذن المرتهن ما ينبت فيها بعد محل الحق لم يقلع زرعه حتى يأتي محل الحق فإن قضاه ترك زرعه وإن بيعت الأرض مزروعه فبلغت وفاء حقه لم يكن له قلع زرعه وإن لم تبلغ وفاء حقه إلا بأن يقلع الزرع أمر بقلعه إلا أن يجد من يشتريها منه بحقه على أن يقلع الزرع ثم يدعه إن شاء متطوعا وهذا في قول من أجاز بيع الأرض مزروعه والقول الثاني لايمنع من زرعها بحال ويمنع من غراسها وبنائها إلا أن يقول أنا أقلع ما أحدثت إذا جاء الأجل فلا يمنعه وإذا رهنه الأرض فأراد أن يحدث فيها عينا أو بئرا فإن كانت العين أو البئر تزيد فيها أو لاتنقص ثمنها لم يمنع ذلك وإن كانت تنقص ثمنها ولا يكون فيما يقى منها عوض من نقص موضع البئر أو العين بأن يصير إذا كانا فيه أقل ثمنا منه قبل يكونان فيه منعه وإن تعدى في عمله فهو كما قلت في الزرع لايدفن عليه حتى يحل الحق ثم يكون القول فيه القول في الزرع والغراس وهكذا كلما أراد أن يحدث في الأرض المرهونة إن كان لاينقصها لم يمنعه وإن كان ينقصها منعه ما يبقى ولا يكون ما أحدث فيها داخلا في الرهن إلا أن يدخله الراهن فكان إذا أدخله لم ينقص الرهن لم يمنعه وإن كان ينقصه منعه وإذا رهنه نخلا لم يمنعه أن يأبرها ويصرمها يعني يقطع جريدها وكرانيفها وكل شيء أنتفع به منها لايقتل النخل ولا ينقص ثمنه نقصا بينا ويمنع ما قتل النخل وأضر به من ذلك وإن رهنه نخلا في الشربة منه نخلات فأراد تحويلهن إلى موضع غيره وامتنع المرتهن سئل أهل العلم بالنخل فإن زعموا أن الأكثر لثمن الأرض والنخل أن يتركن لم يكن له تحويلهن وإن زعموا أن الأكثر لثمن الأرض والنخل أن يحول بعضهن ولو ترك مات لأنهن إذا كان بعضهن مع بعض قتله أو منع منفعته حول من الشربة حتى يبقى فيها ومالا يضر بعضه بعضا وإن زعموا أن لو حول كله كان خيرا للأرض في العاقبة وأنه قد لايثبت لم يكن لرب الأرض أن يحوله كله لأنه قد لايثبت وإنما له أن يحول منه ما لانقص في تحويله على الأرض لو هلك كله وهكذا لو أراد أن يحول مساقيه فإن لم يكن في ذلك نقص النخل أو الأرض ترك وإن كان فيه نقص الأرض أو النخل أو هما لم يترك فإن كانت في الشربة نخلات فقيل الأكثر لثمن الأرض أن يقطع بعضهن ترك الراهن وقطعه وكان جميع النخلة المقطوعة جذعها وجمارها رهنا بحاله وكذلك قلوبها وما كان من جريدها لو كانت قائمة لم يكن لرب النخلة قطعها وكان ما سوى ذلك من ثمرها

صفحة : 1010

وجريدها الذي لو كانت قائمة كان لرب النخلة نزعه من كرانيف وليف لرب النخلة خارجا من الرهن وإذا قلع منها شيئا فثبته في الأرض التي هي رهن فهو رهن فيها لأن الرهن وقع عليه وإذا أخرجه إلى أرض غيرها لم يكن ذلك له إن كان له ثمن وكان عليه أن يبيعه فيجعل ثمنه رهنا أو يدعه بحاله ولو قال المرتهن في هذا كله للراهن اقلع الضرر من نخلك لم يكن ذلك عليه لأن حق الراهن بالملك أكثر من حق المرتهن بالرهن قال الشافعي وإذا رهنه أرضا لانخل فيها فأخرجت نخلا فالنخل خارج من الرهن وكذلك ما نبت فيها ولو قال المرتهن له اقلع النخل وما خرج قيل إن أدخله في الرهن متطوعا لم يكن عليه قلعها بكل حال لأنها تزيد الأرض خيرا فإن قال لا أدخلها في الرهن لم يكن عليه قلعها حتى يحل الحق فإن بلغت الأرض دون النخل حق المرتهن لم يقلع النخل وإن لم تبلغه قيل لرب النخل إما أن توفيه حقه بما شئت من أن تدخل من الأرض النخل أو بعضه وإما أن تقلع عنه النخل وإن فلس بديون الناس والمسألة بحالها بيعت الأرض بالنخل ثم قسم الثمن على أرض بيضاء بلا نخل وعلى ما بلغت قيمة الأرض والنخل فأعطى مرتهن الأرض ما أصاب الأرض والغرماء وما أصاب النخل وهكذا لو كان هو غرس النخل أو أحدث بناء بالأرض وهكذا جميع الغراس والبناء والزرع ولو رهنه أرضا ونخلا ثم اختلفا فقال الراهن قد نبت في هذه الأرض تحل لم أكن رهنتكه وقال المرتهن ما نبت فيه إلا ما كان في الرهن أريه أهل العلم به فإن قالوا قد ينبت مثل هذا النخل بعد الرهن كان القول قول الراهن مع يمينه وما نبت خارج من الرهن ولا ينزع حتى يحل الحق ثم يكون القول فيه كما وصفت فإن قالوا لاينبت مثل هذا في هذا الوقت لم يصدق وكان داخلا في الرهن لايصدق إلا على ما يكون مثله وإذا ادعى أنه غراس لابوساطة منبت سئلوا أيضا فإن كان يمكن أن يكون من الغراس ما قال فهو خارج من الرهن وإن لم يكن يمكن فهو داخل في الرهن ولو كان ما اختلفا فيه بنيانا فإن كانت جائت عليه مدة يمكن أن يكون يبنى في مثلها بحال فالقول قول الراهن وإن كانت لم تأتي عليه مدة يمكن أن يكون يبنى في مثلها بحال فالبناء داخل في الرهن وإن كانت جائت عليه مدة يمكن أن يكون بعض البناء فيها وبعض لايمكن أن يكون فيها كان البناء البناء الذي لايمكن أن يكون فيها داخلا في الرهن والبناء الذي يمكن أن يكون فيها خارجا من الرهن مثل أن يكون جدار طوله عشرة أذرع يمكن أن يكون أساسه وقدر ذراع منه كان قبل الرهن وما فوق ذلك يمكن أن يكون بعد الرهن وإذا رهنه شجرا صغارا فكبر فهو رهن بحاله لأنه رهنه بعينه

صفحة : 1011

وكذلك لو رهنه ثمرا صغارا فبلغ كان رهنا بحاله وإذا رهنه أرضا ونخلا فانقطعت عينها أو انهدمت ودثر مشربها لم يجبر الراهن أن يصلح من ذلك شيئا ولم يكن للمرتهن أن يصلحه على أن يرجع به على الراهن كان الراهن غائبا أو حاضرا وإن أصلحه فهو متطوع بإصلاحه وإن أراد إصلاحه بشيء يكون صلاحا مرة وفسادا أخرى فليس له أن يصلح به وعليه الضمان إن فسد به لأنه متعد بما صنع منه وإذا رهنه عبدا أو أمة فغاب الراهن أو مرض فأنفق عليهما فهو متطوع ولا تكون له النفقة حتى يقضي بها الحاكم على الغائب ويجعلها دينا عليه لأنه لايحل أن تمات ذوات الأرواح بغير حق ولا حرج في إماتت ما لاروح فيه من أرض ونبات والدواب ذوات الأرواح كلها كالعبيد إذا كانت مما تعلف فإن كانت سوائم رعيت ولم يؤمر بعلفها لأن السوائم هكذا تتخذ ولو تساوكت هزلا وكان الحق حالا فللمرتهن أخذ الراهن ببيعها وإن كان الحق إلى أجل فقال المرتهن مروا الراهن بذبحها فيبيع لحومها وجلودها لم يكن ذلك على الراهن لأن الله عزوجل قد يحدث لها الغيث فيحسن حالها به ولو أصابها مرض جرب أو غيره لم يكلف علاجها لأن ذلك قد يذهب بغير العلاج ولو أجدب مكانها حتى تبين ضررة عليها كلف ربها النجعة بها إذا كانت النجعة موجودة لأنهاء إنما تتخذ على النجعة ولو كان بمكانها عصم من عضاه تماسك بها وإن كانت النجعة خيرا لها لم يكلف صاحبها النجعة بها لأنها لاتهلك على العصم ولو كانت الماشية أوارك أو خميصة أو غوداي فاستؤنيت مكانها فسأل المرتهن الراهن أن ينتجع بها إلى موضع غيره لم يكن ذلك له على الراهن لأن المرض قد يكون من غير المرعى فإذا كان المرعى موجودا لم يكن عليه إبدالها غيره وكذلك الماء وإن كان غير موجود كلف النجعة إذا قدر عليها إلا أن يتطوع أن يعلفها فإذا ارتهن الرجل العبد وشرط ماله رهنا كان العبد رهنا وما قبض من ماله رهن وما لم يقبض خارجا من الرهن ID ' ' خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

صفحة : 1012

ضمان الرهن قال الشافعي رحمه الله أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن ابن المسيب أن رسول الله قال لايغلق الرهن الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه قال الشافعي أخبرنا الثقة عن يحيى بن أبي أنيسة عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة عن النبي مثله أو مثل معناه لايخالفه قال الشافعي وبهذا نأخذ وفيه دليل على أن جميع ما كان رهنا غير مضمون على المرتهن لأن رسول الله إذ قال الرهن من صاحبه الذي رهنه فمن كان منه شيء فضمانه منه لامن غيره ثم زاد فأكد له فقال له غنمه وعليه غرمه وغنمه سلامته و زيادته وغرمه عطبه ونقصه فلا يجوز فيه إلا أن يكون ضمانه من مالكه لامن مرتهنه ألا ترى أن رجلا لو ارتهن من رجل خاتما بدرهم يسوى درهما فهلك الخاتم فمن قال يذهب درهم المرتهن بالخاتم كان قد زعم أن غرمه على المرتهن لأن درهمه ذهب به وكان الراهن بريئا من غرمه لأنه قد أخذ ثمنه من المرتهن ثم لم يغرم له شيئا وأحال ما جاء عن رسول الله وقوله والله تعالى أعلم لايغلق الرهن لايستحقه المرتهن بأن يدع الراهن قضاء حقه عند محله ولا يستحق مرتهنه خدمته ولا منفعة فيه بإرتهانه إياه منفعته لراهن لأن النبي قال هو من صاحبه الذي رهنه ومنافعه من غنمه وإذا لم يخص رسول الله رهنا دون رهن فلا يجوز أن يكون من الرهن مضمون ومنه غير مضمون لأن الأشياء لاتعدوا أن تكون أمانة أوفى حكمها فما ظهر هلاكه وخفي من الآمانة سواء أو مضمونه فما ظهر هلاكه وخفي من المضمون سواء ولو لم يكن في الرهن خبر يتبع ما جاز في القياس إلا أن يكون غير مضمون لأن صاحبه دفعه غير مغلوب عليه وسلط المرتهن على حبسه ولم يكن له إخراجه من يديه حتى يوفيه حقه فيه فلا وجه لأن يضمن من قبل أنه إنما يضمن ما تعدى الحابس بحبسه من غصب أو بيع عليه تسليمه فلا يسلمه أو عارية ملك الإنتفاع بها دون مالكها فيضمنها كما يضمن السلف والرهن ليس في شيء من هذه المعاني فإذا رهن الرجل الرجل شيئا فقبضه المرتهن فهلك الرهن في يدي القابض فلا ضمان عليه والحق ثابت كما كان قبل الرهن قال الشافعي لايضمن المرتهن ولا الموضوع على يديه الرهن من الرهن شيئا إلا فيما يضمنان فيه الوديعة والأمانات من التعدى فإن تعديا فيه فهما ضامنان وما لم يتعديا فالرهن بمنزلة الأمانة فإذا دفع الراهن إلى المرتهن الرهن ثم

صفحة : 1013

سأله الراهن أن يرده إليه فامتنع المرتهن فهلك الرهن في يديه لم يضمن شيئا لأن ذلك كان له وإذا قضى الراهن المرتهن الحق أو أحاله به على غيره ورضي المرتهن بالحوالة أو أبرأه المرتهن منه بأي وجه كان من البراءه ثم سأله الرهن فحبسه عنه وهو يمكنه أن يؤديه إليه فهلك الرهن في يدي المرتهن فالمرتهن ضامن لقيمة الرهن بالغة ما بلغت إلا أن يكون الرهن كيلا أو وزنا يوجد مثله فيضمن مثل ما هلك في يديه لأنه متعد بالحبس وإن كان رب الرهن آجره فسأل المرتهن أخذه من عند من آجره ورده إليه فلم يمكنه ذلك أو كان الرهن غائبا عنه بعلم الراهن فهلك في الغيبة بعد برأة الرهن من الحق وقبل تمكن المرتهن أن يرده لم يضمن وكذلك لو كان عبدا فأبقى أو جملا فشرد ثم برىء الراهن من الحق لم يضمن المرتهن لأنه لم يحبسه ورده يمكنه والصحيح من الرهن والفاسد في أنه غير مضمون سواء كما تكون المضاربة الصحيحة والفاسدة في أنها غير مضمونه سواء ولو شرط الراهن على المرتهن أنه ضامن للرهن إن هلك كان الشرط باطلا كما لو قارضه أو أودعه فشرط أنه ضامن كان الشرط باطلا وإذا دفع الراهن الرهن على أن المرتهن ضامن فالرهن فاسد وهو غير مضمون إن هلك وكذلك إذا ضاربه على أن المضارب ضامن فالمضاربه فاسدة غير مضمونه وكذلك لو رهنه وشرط له إن لم يأته بالحق إلى كذا فالرهن له بيع فالرهن فاسد والرهن لصاحبه الذي رهنه وكذلك إن رهنه دارا بألف على أن يرهنه أجنبي داره إن عجزت دار فلان عن حقه أو حدث فيها حدث ينقص حقه لأن الدار الآخره مرة رهن ومرة غير رهن ومرهونه بما لايعرف ويفسد الرهن لأنه إنما زيد معه شيء فاسد ولو كان رهنه داره بألف على أن يضمن له المرتهن داره إن حدث فيها حدث فالرهن فاسد لأن الراهن لم يرض بالرهن إلا على أن يكون له مضمونا وإن هلكت الدار لم يضمن المرتهن شيئا ID ' ' ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

صفحة : 1014

التعدي في الرهن قال الشافعي رحمه الله وإذا دفع الرجل إلى الرجل متاعا له رهنا فليس له أن يخرجه من البلد الذي ارتهنه به إلا بإذن سيده فإن أخرجه بغير إذن سيد المتاع فهلك فهو ضامن لقيمته يوم أخرجه لأنه يوم إذن تعدى فيه فإذا أخذت قيمته منه خير صاحب المتاع أن تكون قصاصا من حقه عليه أو تكون مرهونة حتى يحل حق صاحب الحق ولو أخرجه من البلد ثم رده إلى صاحبه ولم يفسخ الرهن فيه برء من الضمان وكان له قبضه بالرهن فإن قال صاحب المتاع دفعته إليك وأنت عندي أمين فتغيرت أمانتك بتعديك بإخراجك إياه فأنا مخرجه من الرهن لم يكن له إخراجه من الرهن وقيل إن شئت أن تخرجه إلى عدل تجتمع أنت وهو على الرضا به أخرجناه إلا أن يشاء أن يقره في يديه وهكذا لو لم يتعد بإخراجه فتغيرت حاله عما كان عليه إذ دفع الرهن إليه إما بسوء حال في دينه أو إفلاس ظهر منه ولو امتنع المرتهن في هذه الحالات من أن يرضى بعدل يقوم على يديه جبر على ذلك لتغيره عن حاله حين دفع إليه إذا أبى الراهن أن يقره في يديه وإن لم يتغير المرتهن عن حاله بالتعدي ولا غيره مما يغير الأمانه وسأل الراهن أن يخرج من يديه الرهن لم يكن ذلك له وهكذا الرجل يوضع على يديه الرهن فيتغير حاله عن الأمانة فأيهما دعا إلى إخراج الرهن من يديه كان له الراهن لأنه ماله أو المرتهن لأنه مرهون بماله ولو لم يتغير حاله فدعا أحدهما إلى إخراجه من يديه لم يكن له ذلك إلا باجتماعهما عليه ولو اجتمعا على اخراجه من يديه فأخرجاه ثم أراد رب الرهن فسخ الرهن لم يكن له فسخه أو أراد المرتهن قبضه لم يكن له وإن كان أمينا لأن الراهن لم يرض أمانته وإذا دعوا إلى رجل بعينه فتراضيا به أو اثنين او أمرأة فلهما وضعه على يدي من تراضيا به وإن اختلفا فيمن يدعوان إليه قيل لهما اجتمعا فإن لم يفعلا اختار الحاكم الأفضل من كل من دعا واحد منهما إليه إن كان ثقة فدفعه إليه وإن لم يكن واحدا ممن دعوا إليه ثقة قيل ادعوا إلى غيره فإن لم يفعلا اختار الحاكم له ثقه فدفعه إليه وإذا أراد العدل الذي على يديه الرهن الذي هو غير الراهن والمرتهن رده بلا عله أو لعلة والمرتهن والراهن حاضران فله ذلك ولا يجبر على حبسه وإن كانا غائبين أو أحدهما لم يكن له إخراجه من يدي نفسه فإن فعل بغير أمر الحاكم فهلك ضمن وإن جاء الحاكم فإن كان له عذر أخرجه من يديه وذلك أن يبدو له سفر أو يحدث له وإن كان مقيما شغل أو علة وإن لم يكن له عذر أمره بحبسه إن كانا قريبا حتى يقدما أو يوكلا فإن كانا بعيدا لم أر عليه أن يضطره

صفحة : 1015

إلى حبسه وإنما هي وكاله وكل بها بلا منفعة له فيها ويسأله ذلك فإن طابت نفسه بحبسه وإلا أخرجه إلى عدل وغيره وتعدى العدل الموضوع على يديه الرهن في الرهن وتعدى المرتهن سواء يضمن مما يضمن منه المرتهن إذا تعدى فإذا تعدى فأخرج الرهن فتلف ضمن وإن تعدى المرتهن و الرهن موضوع على يدي العدل فأخرج الرهن ضمن حتى يرده على يدي العدل فإذا رده على يدي العدل برىء من الضمان كما يبرأ منه لو رده إلى الراهن لأن العدل وكيل الراهن وإذا أعار الموضوع على يديه الرهن فهلك فهو ضامن لأنه متعد والقول في قيمته قوله مع يمينه فإن قال كان الرهن لؤلؤة صافية وزنها كذا قيمتها كذا قومت بأقل ما تقع عليه تلك الصفة ثمنا وأردئه فإن كان ما ادعى مثله أو أكثر قبل قوله وإن ادعى ما لايكون مثله لم يقبل قوله وقومت تلك الصفة على أقل ما تقع عليه ثمنا وأردئه يغرمه مع يمينه وهكذا إن مات فأوصى بالرهن إلى غيره كان لأيهما شاء إخراجه لأنهما رضيا أمانته ولم يجتمعا على الرضا بأمانة غيره وإن كان من أسند ذلك إليه إذا غاب أو عند موته ثقة ويجتمعان على من تراضيا أو ينصب لهما الحاكم ثقة كما وصفت وإذا مات المرتهن فإن كان ورثته بالغين قاموا مقامهخ وإن كان فيهم صغير قام الوصي مقامه وإن لم يكن وصي ثقة قام الحاكم مقامه في أن يصير الرهن على يدي ثقة ID ' ' وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

صفحة : 1016

بيع الرهن ومن يكون الرهن على يديه قال الشافعي رحمه الله وإذا ارتهن الرجل من الرجل العبد وشرط عليه أن له إذ حل حقه أن يبيعه لمن يجز له بيعه إلا بأن يحضر رب العبد أو يوكل معه ولا يكون وكيلا بالبيع لنفسه فإن باع لنفسه فالبيع مردود بكل حال ويأتي الحاكم حتى يأمر من يبيع ويحضره وعلى الحاكم إذا ثبت عنده بينة أن يأمر رب العبد أن يبيع فإن إمتنع أمر من يبيع عليه وإذا كان الحق إلى أجل فتعدى الموضوع على يديه الرهن فباعه قبل محل الحق فالبيع مردود وهو ضامن لقيمته إن فات ولا يكون الدين حالا كان البائع المرتهن أو عدل الرهن على يديه ولا يحل الحق المؤجل بتعدي بائع له وكذلك لو تعدى بأمر الراهن ولو كان الرهن على يدي عدل لاحق له في المال ووكله الراهن والمرتهن ببيعه كان له أن يبيعه مالم يفسخا وكالته وأيهما فسخ وكالته لم يكن له البيع بعد فسخ الوكالة وببيع الحاكم على الراهن إذا سأل ذلك المرتهن وإذا باع الموضوع على يديه الرهن بإذن الراهن والمرتهن والحاكم بالبيع بما لايتغابن أهل البصر به فالبيع مردود وكذلك إن باع الحاكم بذلك فبيعه مردود وإذا باع بما يتغابن الناس بمثله بإذن الراهن والمرتهن بالبيع فالبيع لازم وإن وجد أكثر مما باع به ولو باع بشيء يجوز فلم يفارق بيعه حتى يأتيه من يزيده قبل الزيادة ورد البيع فإن لم يفعل فبيعه مردود لأنه قد باع له بشيء قد وجد أكثر منه وله الرد وإذا حل الحق وسأل الراهن بيع الرهن وأبى ذلك المرتهن أو المرتهن وأبى الراهن أمرهما الحاكم بالبيع فإن امتنعا أمر عدلا فباع وإذا أمر القاضي عدلا فباع أو كان الرهن على يدي غير المرتهن فباع بأمر الراهن والمرتهن فهلك الثمن لم يضمن البائع شيئا من الثمن الذي هلك في يديه وإن سأل الموضوع على يديه الرهن البائع أجر مثله لم يكن له لأنه كان متطوعا بذلك كان ممن يتطوع مثله أو لايتطوع ولا يكون له أجر إلا بشرط وليس للحاكم إن كان يجد عدلا يبيع إذا أمره متطوعا أن يجعل لغيره أجرا وإن كان عدلا في بيعه ويدعو الراهن والمرتهن بعدل وأيهما جاءه بعدل يتطوع ببيع الرهن أمره ببيعه وطرح المؤنه وإن لم يجده استأجر على الرهن من يبيعه وجعل أجره في ثمن الرهن لأنه من صلاح الرهن إلا أن يتطوع به الراهن أو المرتهن وإذا تعدى البائع بحبس الثمن بعد قبضه إياه أو باعه بدين فهرب المشتري أو ما أشبه هذا ضمن قيمة الرهن قال أبو يعقوب وأبو محمد عليه في حبس الثمن مثله وفي بيعه بالدين قيمته قال الشافعي وإذا بيع الرهن فالمرتهن أولى بثمنه حتى يستوفى حقه فإن لم يكن فيه وفاء حقه حاص غرماء الراهن بما بقي من ماله غير مرهون وإذا أراد أن يحاصهم قبل

صفحة : 1017

أن يباع رهنه لم يكن له ذلك ووقف مال غريمه حتى يباع رهنه ثم يحاصهم بما فضل عن رهنه وإن هلك رهنه قبل أن يباع أو ثمنه قبل أن يقبضه حاصهم بجميع رهنه وإذا بيع الرهن لرجل فهلك ثمنه فثمنه من الراهن حتى يقبضه المرتهن وهكذا لو بيع ما لغرمائه بطلبهم بيعه فوقف ليحسب بينهم فهلك هلك من مال المبيع عليه ومن غرمائه وهو من مال البيع عليه حتى يستوفى غرماؤه وإذا رهن الرجل دارا بألف فمات الراهن فطلب المرتهن بيعها فأمر الحاكم ببيعها فبيعت من رجل بألف فهلكت الألف في يدي العدل الذي أمره الحاكم بالبيع وجاء رجل فاستحق الدار على الميت لايضمن الحاكم ولا العدل من الألف التي قبض العدل شيئا بهلاكها في يده لأنه أمين وأخذ المستحق الدار وكانت ألف المرتهن في ذمة الراهن متى وجد مالا أخذها وكذلك ألف المشتري في ذمة الراهن لأنها أخذت بثمن مال له فلم يسلم له المال فمتى وجد له مالا أخذها وعهدته على الميت الذي بيعت عليه الدار وسواء كان المبيعة عليه الدار لايجد شيئا غير الدار أو موسرا في أن العهدة عليه كهي عليه لو باع على نفسه وليس الذي بيع له الرهن بأمره من العهدة بسبيل قال الشافعي وبيع الرباع والأرضين والحيوان وغيرها من الرهون سواء إذا سلط الراهن والمرتهن العدل الذي لاحق له في الرهن على بيعها باع بغير أمر السلطان قال الشافعي ويتأنى بالرباع والأرضين للزيادة أكثر من تأنيه بغيرها فإن لم يتأنى وباع بما يتغابن الناس بمثله جاز بيعه وإن باع بمالا يتغابن الناس بمثله لم يجز وكذلك لو تأنى فباع بما يتغابن الناس بمثله لم يجز وإن باع بما يتغابن الناس بمثله جاز لأنه قد تمكنه الفرصة في عجلته البيع وقد يتأنى فيحابى في البيع والتأني بكل حال أحب إلي في كل شيء بيع غير الحيوان وغير ما يفسد فأما الحيوان ورطب الطعام فلا يتأنى به وإذا باع العدل الموضوع على يديه الرهن الرهن وقال قد دفعت ثمنه إلى المرتهن وأنكر ذلك المرتهن فالقول قول المرتهن وعلى البائع البينه بالدفع ولو باعه ثم قال هلك الثمن من يدي كان القول قوله فيما لايدعى فيه الدفع ولو قيل له بع ولم يقل له بع بدين فباع بدين فهلك الدين كان ضامنا لأنه تعدى في البيع وكذلك لو قال له بع بدراهم والحق دراهم فباع بدنانير أو كان الحق دنانير فقيل له بع بدنانير فباع بدراهم فهلك الثمن كان له ضامنا وإن لم يهلك فالبيع في هذا كله مفسوخ لأنه بيع تعد ولا يملك مال رجل بخلافه ولو اختلف عليه الراهن والمرتهن فقال الراهن بع بدنانير وقال المرتهن بع بدراهم لم يكن له أن يبيع بواحد منهما لحق المرتهن في ثمن الرهن وحق الراهن في رقبته وثمنه وجاء الحاكم حتى يأمره أن يبيع بنقد البلد ثم

صفحة : 1018

يصرفه فيما الرهن فيه إن كان دنانير أو دراهم ولو باع بعد اختلافهما بما الرهن به كان ضامنا وكان البيع مردودا لأن لكليهما حقا في الرهن ولو باع على الأمر الأول ولم يختلفا بعد عليه بما الحق به كان البيع جائزا ولو بعث بالرهن إلى بلد فبيع فيه واستوفى الثمن كان البيع جائزا وكان ضامنا إن هلك ثمنه وإنما أجزت البيع لأنه لم يتعد في البيع إنما تعدى في اخراج المبيع فكان كمن باع عبدا فأخرج ثمنه فيجوز البيع بإذن سيده ويضمن ثمنه بإخراجه بلا أمر سيده رهن الرجلين الشيء الواحد قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا رهن الرجلان العبد رجلا وقبضه المرتهن منهما فالرهن جائز فإن رهناه معا ثم أقبضه أحدهما العبد ولم يقبضه الآخر فالنصف المقبوض مرهون والنصف غير المقبوض غير مرهون حتى يقبض فإذا قبض كان مرهونا وإذا أبرأ المرتهن أحد الراهنين من حقه أو أقتضاه منه فالنصف الذي يملكه البرىء من الحق خارج من الرهن والنصف الباقي مرهون حتى يبرأ راهنه من الحق الذي فيه وهكذا كل ما رهناه معا عبدا كان أو عبيدا أو متاعا أو غيره وإذا رهناه عبدين رهنا واحدا فهو كالعبد الواحد فإن تراضى الراهنان بأن يصير أحد العبدين رهنا لأحدهما والآخر للآخر فقضاه أحدهما وسأل أن يفك له العبد الذي صار إليه لم يكن ذلك له ونصف كل واحد من العبدين خارج من الرهن والنصف الآخر في الرهن لأنهما دفعا الرهن صفقة فكل واحد من الرهنين مرهون النصف عن كل واحد منهما فليس لهما أن يقتسماه عليه ولا يخرجان حقه من نصف واحد منهما إلى غيره وحظ القاضي منهما الرهنا الرهن خارج من الرهن فلو كان كل واحد منهما رهنه أحد العبدين على الانفراد ثم تقارا في العبدين فصار الذي رهنه عبد الله ملكا لزيد والذي رهنه زيد ملكا لعبدالله فقضاه عبد الله وسأله فك عبده الذي رهنه زيد لأنه صار له لم يكن ذلك له وعبد عبد الله الذي رهنه فصار لزيد خارج من الرهن وعبد زيد الذي صار له مرهون بحاله حتى يفتكه زيد لأن زيدا رهنه وهو يملكه فلا يخرج من رهن زيد حتى يفتكه زيد أو يبرأ زيد من الحق الذي فيه ولو كان عبدان بين رجلين فرهناهما رجلا فقالا مبارك رهن عن محمد وميمون رهن عن عبد الله كانا كما قالا وأيهما أدى فك له العبد الذي رهن بعينه ولم يفك له شيء من غيره ولو كانت المسألة بحالها وزادا فيها شرطا أن أينا أدى إليك قبل صاحبه فله أن يفك نصف العبدين أو له أن يفك أي العبدين شاء كان الرهن مفسوخا لأن كل واحد منهما لم يجعل الحق

صفحة : 1019

محضا في رهنه دون رهن صاحبه فكل واحد منهما في شرط صاحبه مرهون مرة على الكمال وخارج من الرهن بغير براءة من راهنه بجميع الحق ولو كانت المسألة بحالها وشرط له الراهنان أنه إذا قضى أحدهما ما عليه فلا يفك له رهنه حتى يقي الآخر ما عليه كان الشرط فيه باطلا لأن الحق أن يكون خارجا من الرهن إذا لم يكن فيه رهن غيره وأن لايكون رهنا إلا بأمر معلوم لاأن يكون مرهونا بأمر غير معلوم وشرط فيه مرة أنه رهن بشيء غير معلوم على المخاطرة فيكون مرة خارجا من الرهن إذا قضيا معا وغير خارج من الرهن إذا لم يقضي أحدهما ولا يدرى ما يبقى على الآخر وقد كانا رهنين متفرقين ولو كانت المسألة بحالها فتشارطوا أن أحدهما إذا أدى ما عليه دون ما على صاحبه خرج الرهنان معا وكان ما يبقى من المال بغير رهن كان الرهن فاسدا لأنهما في هذا الشرط رهن مرة واحدهما خارج من الرهن أخرى بغير عينه لأني لاأدري أيهما يؤدي وعلى أيهما يبقى الدين ولو رهن رجل رجلا عبدا إلى سنة على أنه إن جاءه بالحق إلى سنة وإلا فالعبد خارج من الرهن كان الرهن فاسدا وكذلك لو رهنه عبدا على أنه إن جاءه بحقه عند محله وإلا خرج العبد من الرهن وصارت داره رهنا لم تكن الدار رهنا وكان الرهن في العبد مفسوخا لأنه داخل في الرهن مرة وخارج منه أخرى بغير براءه من الحق الذي فيه ولو رهنه رهنا على أنه إن جاءه بالحق وإلا فالرهن له بيع فالرهن مفسوخ لأنه شرط أنه رهن في حال وبيع في أخرى ID ' ' (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله : (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

صفحة : 1020

رهن الشيء الواحد من رجلين قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا رهن الرجل العبد من رجلين بماءة فنصفه مرهون لكل واحد منهما بخمسين فإذا دفع إلى أحدهما خمسين فهي له دون المرتهن معه ونصف العبد الذي كان مرهونا عن القاضي منهما خارج من الرهن وكذلك لو أبرأ الراهن من حقه كانت البراءة له تامة دون صاحبه وكان نصف العبد خارجا من الرهن ونصفه مرهونا وإذا دفع إليهما معا خمسين أو تسعين فالعبد كله مرهون بما بقي لهما لايخرج منه شيء من الرهن حتى يستوفي أحدهما جميع حقه فيه فيخرج حقه من الرهن أو يستوفيا معا فتخرج حقوقهما معا والأثنان الراهنان والمرتهنان يخالفان الواحد كما يكون الرجلان يشتريان العبد فيجدان به عيبا فيريد أحدهما الرد بالعيب والآخر التمسك بالشراء فيكون ذلك لهما ولو كان المشتري واحدا فأراد رد نصف العبد وإمساك نصفه لم يكن له ذلك رهن العبد بين الرجلين قال الشافعي رحمه الله وإذا كان العبد بين الرجلين فأذنا لرجل أن يرهنه رجلين بمائة فرهنه بها ووكل المرتهنان رجلا يقبض حقهما فأعطاه الراهن خمسين على أنها حق فلان عليه فهي من حق فلان ونصف العبد خارج من الرهن لأن كل واحد منهما مرتهن نصفه فسواء ارتهنا العبد معا أو احدهما نصفه ثم الآخر نصفه بعده وهكذا لو دفعها إلى أحدهما دون الآخر ولو دفعها إلى وكيلهما ولم يسمي لمن هي ثم قال هي لفلان فهي لفلان فإن قال هذه قضاء مما علي ولم يدفعها الوكيل إلى واحد منهما ثم قال ادفعها إلى أحدهما كانت للذي أمره أن يدفعها إليه وإن دفعها الوكيل إليهما معا فأخذاها ثم قال هي لفلان لم يكن لأحدهما أن يأخذ من الآخر ما قبض من مال غريمه ألا ترى أنه لو وجد لغريمه مالا فأخذه لم يكن لغريمه إخراجه من يديه وإذا كان المرتهن عالما بأن العبد لرجلين وكان الرهن على بيع لم يكن له خيار في نقض البيع وإن افتك المرتهن حق أحدهما دون الآخر كما لو رهنه رجلان عبدا كان لأحدهما أن يفتك دون الآخر ولا خيار للمرتهن وإن كان المرتهن جاهلا أن العبد لإثنين فقضاه الغريم ما قضاه مجتمعا فلا خيار له وإن قضاه عن أحدهما دون الآخر ففيها قولان أحدهما أن له الخيار في نقض البيع لأن العبد إذا لم يفك إلا معا كان خيرا للمرتهن والآخر لاخيار له لأن العبد مرهون كله والله أعلم ID ' ' سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

صفحة : 1021

رهن الرجل الواحد الشيئين قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا رهن الرجل الرجل عبدين أو عبدا ودارا أو عبدا ومتاعا بمائة فقضاه خمسين فأراد أن يخرج من الرهن شيئا قيمته من الرهن أقل من نصف الرهن أو نصفه لم يكن ذلك له ولا يخرج منه شيئا حتى يوفيه آخر حقه وهكذا لو رهنه دنانير أو دراهم أو طعاما واحدا فقضاه نصف حقه فأراد أن يخرج نصف الطعام أو الدنانير أو الدراهم أو أقل من الدراهم لم يكن ذلك له ولا يفك من الرهن شيئا إلا معا لأنه قد يعجل بالقضاء التماس فك جميع الرهن أو موضع حاجته منه ولو كان رجلان رهنا معا شيئا من العروض كلها العبيد أو الدور أو الأرضين أو المتاع بمائة فقضاه أحدهما ما عليه فأراد القاضي والراهن معه الذي لم يقض أن يخرج عبدا من ألئك العبيد قيمته أقل من نصف الرهن لم يكن له ذلك وكان عليه أن يكون نصيبه رهنا حتى يستوفي المرتهن آخر حقه ونصيب كل واحد مما رهنا خارج من الرهن وذلك نصيب الذي قضى حقه ولو كان ما رهنا دنانير أو دراهم أو طعاما سواء فقضاه أحدهما ما عليه فأراد أن يأخذ نصف الرهن وقال الذي أدع في يديك مثل ما آخذ منك بلا قيمة فذلك له ولا يشبه الإثنان في الرهن في هذا المعنى الواحد فإذا رهنا الذهب والفضة والطعام الواحد فأدى أحدهما ورضي شريكه مقاسمته كان على المرتهن دفع ذلك إليه لأنه قد برئت حصته كلها من الرهن وأن ليس في حصته إشكال إذ ما أخذ منها كما بقي وأنها لاتحتاج إلى أن تقوم بغيرها ولا يجوز أن يحبس رهن أحدهما وقد قضى ما فيه برهن آخر لم يقض ما فيه قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا أذن الرجل للرجل أن يرهن عنه عبدا للإذن فإن لم يسم بكم يرهنه أو سمى شيئا يرهنه فرهنه بغيره وإن كان أقل قيمة منه لم يجز الرهن ولا يجوز حتى يسمي مالك العبد ما يرهنه به ويرهنه الراهن بما سمى أو بأقل منه مما أذن له به كان أذن له أن يرهنه بمائة دينار فرهنه بخمسين لأنه قد أذن له بالخمسين وأكثر ولو رهنه بمائة دينار ودينار لم يجز من الرهن شيء وكذلك لو أبطل المرتهن حقه من الرهن فيما زاد على المائة لم يجز وكذلك لو أذن له أن يرهنه بمائه دينار فرهنه بمائة درهم لم يجز الرهن كما لو أمره أن يبيعه بمائة درهم فباعه بمائة دينار أو بمائة شاة لم يجز البيع للخلاف ولو قال المرتهن قد أذنت له أن يرهنه فرهنه بمائة دينار وقال مالك العبد ما أذنت له أن يرهنه إلا بخمسين دينارا أو مائة درهم كان القول قول رب

صفحة : 1022

العبد مع يمينه والرهن مفسوخ ولو أذن له أن يرهنه بمائة دينار فرهنه بها إلى أجل وقال مالك العبد لم آذن له إلا على أن يرهنه بها نقدا كان القول قول مالك العبد مع يمينه والرهن مفسوخ وكذلك لو قال أذنت له أن يرهنه إلى شهر فرهنه إلى شهر ويوم كان القول قوله مع يمينه والرهن مفسوخ ولو قال أرهنه بما شئت فرهنه بقيمته أو أقل أو أكثر كان الرهن مفسوخا لأن الرهن بالضمان أشبه منه بالبيوع لأنه أذن له أن يجعله مضمونا في عنق عبده فلا يجوز أن يضمن عن غيره إلا ما علم قبل ضمانه ولو قال أرهنه بمائة دينار فرهنه بها إلى سنة فقال أردت أن يرهنه نقدا كان الرهن مفسوخا لأن له أن يأخذه إذا كان الحق في الرهن نقدا بافتداء الرهن مكانه وكذلك لو رهنه بالمائة نقدا فقال أذنت له أن يرهنه بالمائة إلى وقت يسميه كان القول قوله والرهن مفسوخ لأنه قد يؤدي المائة على الرهن بعد سنة فيكون أيسر عليه من أن تكون حالة ولايجوز إذن الرجل للرجل بأن يرهن عبده حتى يسمي ما يرهنه به والأجل فيما يرهنه به وهكذا لو قال رجل لرجل ما كان لك على فلان من حق فقد رهنتك به عبدي هذا أو داري فالرهن مفسوخ حتى يكون علم ما كان له على فلان والقول قوله أبدا وكل ما جعلت القول فيه قوله فعليه اليمين فيه ولو علم ماله على فلان فقال لك أي مالي شئت رهن وسلطه على قبض ما شاء منه فقبضه كان الرهن مفسوخا حتى يكون معلوما ومقبوضا بعد العلم لا أن يكون الخيار إلى المرتهن وكذلك لو قال الراهن قد رهنتك أي مالي شئت فقبضه ألا ترى أن الراهن لو قال أردت أن أرهنك داري وقال المرتهن أردت أن أرتهن عبدك أو قال الراهن إخترت أن أرهنك عبدي وقال المرتهن اخترت أن ترهنني دارك لم يكن الرهن وقع على شيء يعرفانه معا ولو قال أردت أن أرهنك داري فقال المرتهن فأنا أقبل ما أردت لم تكن الدار رهنا حتى يجدد له بعد ما يعلمانها معا فيها رهنا ويقبضه إياه وإذا أذن له أن يرهن عبده بشيء مسمى فلم يقبضه المرتهن حتى رجع الراهن في الرهن لم يكن له أن يقبضه إياه وإن فعل فالرهن مفسوخ قال الشافعي ولو أذن له ثم فأقبضه إياه أراد فسخ الرهن لم يكن ذلك له وإن أراد الآذن أخذ الراهن بافتكاكه فإن كان الحق حالا كان له أن يقوم بذلك عليه ويبيع في ماله حتى يوفي الغريم حقه وإن لم يرد ذلك الغريم أن يسلم ما عنده من الرهن وإن كان أذن له يرهنه إلى أجل لم يكن له أن يقوم عليه إلى محل الأجل فإذا حل الأجل فذلك له كما كان في الحال الأول ID ' ' وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

صفحة : 1023

الإذن بالأداء عن الراهن قال الشافعي رحمه الله تعالى ولو أدى الدين الحال أو الدين المؤجل بإذنه رجع به الآذن في الرهن على الراهن حالا ولو أداه بغير إذنه حالا كان الدين أو مؤجلا كان متطوعا بالأداء ولم يكن له الرجوع به على الراهن ولو اختلفا فقال الراهن الذي عليه الحق أديت عني بغير أمري وقال الآذن له في الرهن قد أديت عنك بأمرك كان القول قول الراهن المؤدي عنه لأنه الذي عليه الحق ولأن المؤدى عنه يريد أن يلزمه مالا يلزمه إلا بإقراره أو ببينة تثبت عليه ولو شهد المرتهن الذي أدى إليه الحق على الراهن الذي عليه الحق أن مالك العبدالآذن له في الرهن أدى عنه بأمره كانت شهادته جائزه ويحلف مع شهادته إذا لم يبق من الحق شيء وليس ههنا شيء يجره صاحب الحق إلى نفسه ولا يدفع عنها فأرد شهادته له وكذلك لو كان بقي من الحق شيء فشهد صاحب الحق المرتهن للمؤدى إليه أنه أدى بإذن الراهن الذي عليه الحق جازت شهادته له وكان في المعنى الأول ولو أذن الرجل أن يرهن عبدا له بعينه فرهن عبدا له آخر ثم اختلفا فقال مالك العبد أذنت لك أن ترهن سالما فرهنت مباركا وقال الراهن ما رهنت إلا مباركا وهو الذي أذنت لي به فالقول قول مالك العبد ومبارك خارج من الرهن ولو اجتمعا على أنه أذن له أن يرهن سالما بمائة حالة فرهنه بها وقال مالك العبد أمرتك أن ترهنه من فلان فرهنته من غيره كان القول قوله والرهن مفسوخ لأنه قد يأذن في الرجل الثقة بحسن مطالبته ولا يأذن في غيره وكذلك لو قال له بعه من فلان بمائة فباعه من غيره بمائة أو أكثر لم يجز بيعه لأنه أذن له في بيع فلان ولم يأذن له في بيع غيره وإذا أذن الرجل لرجل أن يرهن عبده فلانا وأذن لآخر أن يرهن ذلك العبد بعينه فرهنه كل واحد منهما على الانفراد وعلم أيهما رهنه أولا فالرهن الأول جائز والآخر مفسوخ وإن تداعيا المرتهنان في الرهن فقال أحدهما رهني أول وقال الآخر رهني أول وصدق كل واحد منهما الذي رهنه أو كذبه أو صدق الراهنان المأذون لهما بالرهن أحدهما وكذبا الآخر فلا يقبل قول الراهنين ولا شهادتهما بحال لأنهما يجران إلى أنفسهما ويدفعان عنها أما ما يجران إليها فالذي يدعي أن رهنه صحيح يجر إلى نفسه جواز البيع على الراهن وأن يكون ثمن البيع في الرهن ما كان الرهن قائما دون ماله سواه وأما الذي يدفع أن رهنه صحيح فأن يقول رهني آحر فيدفع أن يكون لمالك الرهن الآذن له في الرهن أن يأخذه بافتكاك الرهن وإن تركه الغريم وإن صدق مالك العبد المرهون أحد الغريمين فالقول قوله لأن الرهن ماله وفي ارتهانه نقص

صفحة : 1024

عليه لا منفعة له وإن لم يعلم ذلك مالك العبد ولم يدر أي الرهنين أولا فلا رهن في العبد ولو كان العبد المرهون حين تنازعا في أيديهما معا أو أقام كل واحد منهما بينة أنه كان في يده ولم توقف البينتان وقتا يدل على أنه كان رهنا في يد أحدهما قبل الآخر فلا رهن وإن وقتت وقتا يدل على أنه كان رهنا لأحدهما قبل الآخر كان رهنا للذي كان في يديه أولا وأي المرتهنين أراد أن احلف له الآخر على دعواه احلفته له وإن اراد أن احلف لهما المالك أحلفته على علمه وإن أراد أو احدهما أن احلف له راهنه لم احلفه لأنه لو أقر بشيء أو ادعاه لم ألزمه إقراره ولم آخذ له بدعواه ولو أن رجلا رهن عبده رجلين وأقر لكل واحد منهما بقبضه كله بالرهن فادعى كل واحد منهما أن رهنه وقبضه كان قبل رهن صاحبه وقبضه ولم يقم لواحد منهما ببينة على دعواه وليس الرهن في يدي واحد منهما فصدق الراهن أحدهما بدعواه فالقول قول الراهن ولا يمين عليه للذي زعم أن رهنه كان آخرا ولو قامت بينة للذي زعم الراهن أن رهنه كان آخرا بأن رهنه كان أولا كانت البينة أولى من قول الراهن ولم يكن على الراهن أن يعطيه رهنا غيره ولا قيمة رهن ولو أن الراهن أنكر معرفة أيهما كان أولا وسأل كل واحد منهما يمينه وادعى علمه أنه كان أولا أحلف بالله ما يعلم أيهما كان أولا وكان الرهن مفسوخا وكذلك لو كان في أيديهما معا ولو كان في يد أحدهما دون الآخر وصدق الراهن الذي ليس الرهن في يديه كان فيها قولان أحدهما أن القول قول الراهن كان الحق الذي أقر له الراهن في العبد أقل من حق الذي زعم أن رهنه كان آخرا أو أكثر لأن ذمته لاتبرأ من حق الذي أنكر أن يكون رهنه آخرا ولا تصنع كينونة الرهن ههنا في يده شيئا لأن الرهن ليس يملك بكينونته في يده والآخر أن القول قول الذي في يديه الرهن لأنه يملك بالرهن مثل ما يملك المرتهن غيره ID ' ' ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

صفحة : 1025

الرسالة في الرهن قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا دفع الرجل إلى الرجل متاعا فقال له ارهنه عند فلان فرهنه عنده فقال الدافع إنما أمرته أن يرهنه عندك بعشرة وقال المرتهن جاءني برسالتك في أن أسلفك عشرين فأعطيته إياها فكذبه الرسول فالقول قول الرسول والمرسل ولا أنظر إلى قيمة الرهن ولو صدقه الرسول فقال قد قبضت منك عشرين ودفعتها إلى المرسل وكذبه المرسل كان القول قول المرسل مع يمينه ما أمره إلا بعشره ولا دفع إليه إلا هي وكان الرهن بعشرة وكان الرسول ضامنا للعشرة التي أقر بقبضها مع العشرة التي أقر المرسل بقبضها ولو دفع إليه ثوبا فرهنه عند رجل وقال الرسول أمرتني برهن الثوب عند فلان بعشرة فرهنته وقال المرسل أمرتك أن تستلف من فلان عشرة بغير رهن ولم آذن لك في رهن الثوب فالقول قول صاحب الثوب والعشرة حالة عليه ولو كانت المسألة بحالها فقال أمرتك بأخذ عشرة سلفا في عبدي فلان وقال الرسول بل في ثوبك هذا أو عبدك هذا العبد غير الذي أقر به الآمر فالقول قول الآمر والعشرة حالة عليه ولا رهن فيما رهن به الرسول ولا فيما أقر به الآمر لأنه لم يرهن إلا أن يجددا فيه رهنا ولو كانت المسألة بحالها فدفع المأمور الثوب أو العبد الذي أقر الآمر أنه أمره برهنه كان العبد مرهرنا والثوب الذي أنكر الآمر أنه أمره برهنه خارجا من الرهن ولو أقام المرتهن البينة أن الأمر برهن الثوب وأقام الآمر البينة أنه أمر برهن العبد دون الثوب ولم يرهن المأمور العبد أو أنه نهى عن رهن الثوب كانت البينة بينة المرتهن وأجزت له ما أقام عليه البينة رهنا لأني إذا جعلت بينتهما صادقة معا لم تكذب إحداهما الأخرى لأن بينة المرتهن بأن رب الثوب أمره برهنه قد تكون صادقة بلا تكذيب لبينة الراهن أنه نهى عن رهنه ولا أنه أمر برهن غيره لأنه قد ينهى عن رهنه بعد ما يأذن فيه ويرهن فلا ينفسخ ذلك الرهن وينهى عن رهنه قبل يرهن ثم يأذن فيه فإذا رهنه فلا يفسخ ذلك الرهن فإذا كانتا صادقتين بحال لم يحكم لهما حكم المتضادتين اللتين لاتكونان أبدا إلا وإحداهما كاذبة قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا رهن الرجل الرجل عبدا بمائة ووضع الرهن على يدي عدل على أنه إن حدث في الرهن حدث ينقص ثمنه من المائة أو فات الرهن أو تلف فالمائة مضمونة على أجنبي أو ما نقص الرهن مضمون على أجنبي أو على الذي على يديه الرهن حتى يستوفي صاحب الحق رهنه أو يضمن الموضوع على يديه الرهن أو أجنبي ما نقص الرهن كان الضمان في

صفحة : 1026

ذلك كله ساقطا لأنه لايجوز الضمان إلا بشيء معلوم ألا ترى أن الرهن إن وفى لم يكن ضامنا لشيء وإن نقص ضمن في شرطه فيضمن مرة دينارا ومرة مائتي دينار ومرة مائة ههذا ضمان مرة ولا ضمان أخرى وضمان غير معلوم ولا يجوز الضمان حتى يكون بأمر معلوم ولو رهن رجل رجلا رهنا بمائة وضمن له رجل المائة عن الراهن كان الضمان له لازما وكان للمضمون له أن يأخذه بضمانه دون الذي عليه الحق وقيل يباع الرهن وإذا كان لرجل على رجل حق إلى أجل فزاده في الأجل على أن يرهنه رهنا فرهنه إياه فالرهن مفسوخ والدين إلى أجله الأول تداعي الراهن وورثة المرتهن قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا مات المرتهن وادعى ورثته في الرهن شيئا فالقول قول الراهن وكذلك القول قوله لو كان المرتهن حيا فاختلفا وكذلك قول ورثة الراهن وإذا مات المرتهن فادعى الراهن أو ورثته أن الميت أقتضى حقه أو أبرأه منه فعليهم البينة فالقول قول ورثة الذي له الحق إذا عرف لرجل حقا أبدا فهو لازم لمن كان عليه لايبرأ منه إلا بإبراء صاحب الحق له أو ببينة تقوم عليه بشيء يثبتونه بعينه فيلزمه ولو رهن رجل رجلا رهنا بمائة دينار ثم مات المرتهن أو غلب على عقله فأقام الراهن البينة على أنه قضاه من حقه الذي به الرهن عشرة وبقيت عليه تسعون فإذا أداها فك له الرهن وإلا بيع الرهن عند محله واقتضيت منه التسعون ولو قالت البينة قضاه شيئا ما نثبته أو قالت البينة أقر عندنا المرتهن أنه أقتضى منه شيئا ما نثبته كان القول قول ورثته إن كان ميتا قبل أقروا فيها بشيء ما كان واحلفوا ما تعلمون أنه أكثر منه وخذوا ما بقي من حقكم ولو كان الراهن الميت و المرتهن الحي كان القول قول المرتهن فإن قال المرتهن قد قضاني شيئا من الحق ما أعرفه قيل للراهن إن كان حيا وورثته إن كان ميتا إن ادعيتم شيئا تسمونه أحلفناه لكم فإن حلف برىء منه وقلنا أقر بشيء ما كان فما أقر به وحلف ما هو أكثر منه قبلنا قوله فيه ID ' ' ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

صفحة : 1027

العبد المرهون على سيده وملك سيده عمدا أو خطأ قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا رهن الرجل عبده فجنى العبد على سيده جناية تأتي على نفسه فولى سيده بالخيار بين القصاص منه وبين العفو بلا شيء في رقبته فإن اقتص منه فقد بطل الرهن فيه وإن عفا عنه بلا شيء يأخذه منه العبد مرهون بحاله وإن عفا عنه يأخذ ديته من رقبته ففيها قولان أحدهما أن جنايته على سيده إذا أتت على نفس سيده كجنايته على الأجنبي لاتختلف في شيء ومن قال هذا قال إنما منعني إذا ترك الولي القود على أخذ المال أن أبطل الجناية أن الجناية التي لزمت العبد مال للوارث والوارث ليس بمالك للعبد يوم جنى فيبطل حقه في رقبته في أنه ملك له والقول الثاني أن الجناية هدر من قبل أن الوارث إنما يملكها بعدما يملكها المجني عليه ومن قال هذا قال لولا أن الميت مالك ما قضى بها دينه ولو كان لسيد وارثان فعفى أحدهما عن الجناية بلا مال كان العفو في القول الأول جائزا وكان العبد مرهونا بحاله وإن عفى الآخر بمال يأخذه بيع نصفه في الجناية وكان للذي لم يعف ثمن نصفه إن كان مثل الجناية أو أقل وكان نصفه مرهونا وسواء الذي عفا عن المال أو الذي عفا عن غير شيء فيما وصفت ولو كانت المسألة بحالها وللسيد المقتول ورثة صغار وبالغون وأراد البالغون قتله لم يكن لهم قتله حتى يبلغ الصغار ولو أراد المرتهن بيعه عند محل الحق قبل أن يعفو أحد من الورثة لم يكن ذلك له وكان له أن يقوم في مال الميت بماله قيام من لا رهن له فإن حاص الغرماء فبقي من حقه شيء ثم عفا بعض ورثة الميت البالغين بلا مال يأخذه كان حق العافين من العبد رهنا له يباع له دون الغرماء حتى يستوفي حقه وإذا عفا أحد الورثة البالغين عن القود فلا سبيل إلى القود ويباع نصيب من لم يبلغ من الورثة ولم يعف إن كان البيع نظرا له في قول من قال إن ثمن العبيد يملك بالجناية على مالكه حتى يستوفوا مواريثهم من الدية إلا أن يكون في ثمنه فضل عنها فيرد رهنا ولو كانت جناية العبد المرهون على سيده الراهن عمدا فيها قصاص لم يأت على النفس كان للسيد الراهن الخيار في القود أو العفو فإن عفا على غير شيء فالعبد رهن بحاله وإن قال أعفو على أن آخذ أرش الجناية من رقبته فليس له ذلك والعبد رهن بحاله ولا يكون له على عبده دين وإن كانت جنايته على سيده عمدا لاقود فيها أو خطأ فهي هدر لأنه لايستحق بجنايته عليه من العبد إلا ما كان له قبل جنايته ولا يكون له دين عليه لأنه مال له ولا يكون له على ماله دين وإن جنى العبد المرهون على عبد للسيد جناية في نفس أو ما دونها فالخيار إلى السيد

صفحة : 1028

الراهن فإن شاء اقتص منه في القتل وغيره مما فيه القصاص وإن شاء عفا وبأي الوجهين عفا فالعبد رهن بحاله إن عفا على غير شيء أو عفا على مال يأخذه فالعبد رهن بحاله ولا مال له في رقبة عبده ولو كانت جناية العبد المرهون على عبد للراهن مرهون عند آخر كان للسيد الخيار في القود أو في العفو بلا شيء يأخذه فأيهما اختار فذلك له ليس لمرتهن العبد المجني عليه أن يمنعه من ذلك وإن اختار العفو على مال يأخذه فالمال مرهون في يدي مرتهن العبد المجني عليه وإن اختار سيد العبد عفو المال بعد اختياره إياه لم يكن ذلك له لحق المرتهن فيه قال الشافعي وبحق المرتهن أجزت للسيد الراهن أن يأخذ جناية المرتهن على عبده من عنق عبده الجاني ولا يمنع المرتهن السيد العفو على غير مال لأن المال لايكون على الجاني عمدا حتى يختاره ولي الجناية وإذا جنى العبد المرهون على أم ولد للراهن أو مدبر أو معتق إلى أجل فهي كجنايته على مملوكه والعبد مرهون بحاله فإن جنى على مكاتب السيد فقتله عمدا فللسيد القود أو العفو فإن ترك القود فالعبد رهن بحاله وإن كانت الجناية على المكاتب جرحا فللمكاتب القود أو العفو على مال يأخذه وإذا عفاه عنه على مال بيع العبد الجاني فدفع إلى المكاتب أرش الجناية عليه وإن حكم للمكاتب بأن يباع له العبد في الجناية عليه ثم مات المكاتب قبل بيعه أو عجز فلسيد المكاتب بيعه في الجناية حتى يستوفيها فيكون ما فضل من ثمنه أو رقبته رهنا لأنه إنما يملك بيعه عن مكاتبه بملك غير الملك الأول ولو بيع والمكاتب حي ثم اشتراه السيد لم يكن عليه أن يعيده رهنا لأنه ملكه بغير الملك الأول وإذا جنى العبد المرهون على ابن للراهن أو أخ أو مولى جناية تأتي على نفسه والراهن وارث المجني عليه فللراهن القود أو العفو على الدية أو غير الدية فإذا عفا على الدية بيع العبد وخرج من الرهن فإن اشتراه الراهن فهو مملوك له لا يجبر أن يعيده إلى الرهن لأنه ملكه بغير الملك الأول وإن قال المرتهن أنا اسلم العبد وأفسخ الرهن فيه وحقي في ذمة الراهن قيل إن تطوعت بذلك وإلا لم تكره عليه وبلغنا الجهد في بيعه فإن فضل من ثمنه فضل فهو رهن لك وإن لم يفضل فالحق أتى على رهنه وإن ملكه الراهن بشراء او ترك منه للراهن لم يكن عليه أن يعيده رهنا لأنه ملكه بملك غير الأول وبطل الأول وبطل الرهن بفسخك الرهن ألا ترى أن رجلا لو رهن رجلا عبدا فاستحقه عليه رجلا كان خارجا من الرهن وإن ملكه الراهن لم يكن عليه أن يعيده رهنا لمعنيين أحدهما أنه إذا كان رهنه وليس له فلم يكن رهنا كما لو رهنه رهنا فاسدا لم يكن رهنا والآخر أن هذا الملك غير الملك الأول وإنما يمعنى أن أبطل جناية

صفحة : 1029

العبد المرهون إذا جنى على ابن سيده أو على أحد السيد وارثه أن الجناية إنما وجبت للمجني عليه والمجني عليه غير سيد الجاني ولا راهنه إنما ملكها سيده الراهن عن المجني عليه بموت المجني عليه وهذا ملك غير ملك السيد الأول ولو أن رجلا رهن عبده ثم عدا العبد المرهون على ابن لنفسه مملوك لراهن فقتله عمدا أو خطأ أو جرحه جرحا عمدا أو خطأ فلا قود بين الرجل وبين ابنه والجناية مال في عنق العبد المرهون فلا يكون للسيد بيعه بها ولا إخراجه من الرهن لأنه لايكون له في عنق عبده دين وهكذا لو كانت أمة فقتلت ابنها ولو كان الأبن المقتول رهنا لرجل غير المرتهن للأب بيع العبد الأب القاتل فجعل ثمن العبد المرهون المقتول رهنا في يدي المرتهن مكانه ولو كان الأبن مرهونا لرجل غير مرتهن الأب بيع الأب فجعل ثمن الأبن رهنا مكانه ولم يكن للسيد عفوه لأن هذا لم يجب عليه قود قط إنما وجب في عنقه مال فليس لسيده أن يعفوه لحق المرتهن فيه ولو كان الأب والأبن مملوكين لرجل ورهن كل واحد منهما رجلا على حدة فقتل الأبن الأب كان لسيد الأب أن يقتل الأبن أو يعفو عن القتل بلا مال وكذلك لو كان جرحه جرحا فيه قود كان له القود أو العفو بلا مال فإن إختار العفو بالمال بيع الأبن وجعل ثمنه رهنا مكان ما لزمه من أرش الجناية وإذا كان هذا القتل خطأ والعبدان مرهونان لرجلين مفترقين فلا شيء للسيد من العفو ويباع الجاني فيجعل ثمنه رهنا لمرتهن العبد المجني عليه لأنه لم يكن في أعناقهما حكم إلا المال لاخيار فيه لولي الجناية أجنبيا كان أو سيدا وإن جنى العبد المرهون على نفسه جناية عمدا أو خطأ فهي هدر وإن جنى العبد المرهون على أمرأته أو أم ولده جناية فألقت جنينا ميتا فإن كان الأمة لرجل فنكحها العبد فالجناية لمالك الجارية يباع فيها الرهن فيعطى قيمة الجنين إلا أن يكون في العبد الرهن فضل عن قيمة الجنين فيباع منه بقدر قيمة الجنين وجنايته على الجنين كجنايته على غيره خطأ ليس لسيد عفوها لحق المرتهن فيها ويكون ما بقي منه رهنا وإذا جنى العبد المرهون على حر جناية عمدا فاختار المجني عليه أو أولياؤه العقل بيع العبد المرهون بذهب أو ورق ثم اشترى بثمنه إبل فدفعت إلى المجني عليه وإن كان حيا أو أوليائه إن كان ميتا وكذلك إذا جناها خطأ وإن اختار أولياؤه العفو عن الجناية على غير شيء يأخذونه ID ' ' ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

صفحة : 1030

إقرار العبد المرهون بالجناية قال الشافعي رحمه الله تعالى وإن رهن الرجل الرجل عبدا وأقبضه المرتهن فادعى عليه المرتهن أنه جنى عليه أو على رجل هو وليه جناية عمدا في مثلها قود فأقر بذلك العبد المرهون وأنكر الراهن ذلك أو لم يقر به ولم ينكره فإقرار العبد لازم له وهو كقيام البينة عليه ولا يكون قبوله أن يرتهنه وهو جان عليه إبطالا لدعواه لجناية كانت قبل الرهن أو بعده أو معه وله الخيار في أخذ القود أو العفو بلا مال أو العفو بمال فإن اختار القود فذلك وإن اختار العفو بلا مال فالعبد مرهون بحاله وإن اختار المال بيع العبد في الجناية فما فضل من ثمنه كان رهنا وإن أقر العبد بجناية خطأ أو عمدا لاقود فيها بحال أو كان العبد مسلما والمرتهن كافرا فأقر عليه بجناية عمدا أو أقر بجناية على ابن نفسه وكل من لايقاد منه بحال فإقراره باطل لأنه أقر في عبوديته بمال في عنقه وإقراره بمال في عنقه كإقراره بمال على سيده لأن عنقه وما بيعت به عنقه مال لسيده ما كان مملوكا لسيده وسواء كان ما وصفت من الإقرار على المرتهن أو أجنبي غير المرتهن ولو كان مكان الأجنبي و المرتهن سيد العبد الراهن فأقر العبد بجناية على سيده قبل الرهن أو بعده وكذبه المرتهن فإن كانت الجناية مما فيه قصاص جازت على العبد فإن اقتص فذلك وإن لم يقتص فالعبد مرهون بحاله فإن كانت الجناية عمدا على ابن الراهن أو من الراهن وليه فأتت على نفسه فأقر بها العبد المرهون فإقراره جائز ولسيده الراهن قتله أو العفو على مال يأخذه في عنقه كما يكون ذلك له في الأجنبي والعفو على غير مال فإن عفا على غير مال فهو رهن بحاله ولا يجوز إقرار العبد الرهن ولا غير الرهن على نفسه حتى يكون ممن تقوم عليه الحدود فإذا كان ممن تقوم عليه الحدود فلا يجوز إقراره على نفسه إلا فيما فيه القود وإذا أقر العبد المرهون على نفسه بأنه جنى جناية خطأ على غير سيده وصدقه المرتهن وكذبه مالك العبد فالقول قول مالك العبد مع يمينه والعبد مرهون بحاله وإذا بيع بالرهن لم يحكم على المرتهن بأن يعطى ثمنه ولا شيئا منه للمجني عليه وإن كان في إقراره أنه أحق بثمن العبد منه لأن إقراره يجمع معنيين أحدهما أنه أقر به في مال غيره ولا يقبل إقراره في مال غيره والآخر أنه إنما أقر للمجني عليه بشيء إذا ثبت له فماله ليس في ذمة الراهن فلما سقط أن يكون ماله في ذمة الراهن دون العبد سقط عنه الحكم بإخراج ثمن العبد من يديه والورع إلى المرتهن أن يدفع من ثمنه إلى المجني عليه قدر أرش الجناية وإن جحده حل له أن يأخذ أرش ذلك من ثمن العبد ولا يأخذه إن قدر من مال الراهن غير ثمن

صفحة : 1031

العبد وهكذا لو أنكر العبد الجناية وسيده وأقر بها المرتهن ولو ادعى المرتهن أن العبد المرهون في يديه جنى عليه جناية خطأ وأقر بذلك العبد وأنكر الراهن كان القول قوله ولم يخرج العبد من الرهن وحل للمرتهن أخذ حقه في الرهن من وجهين من أصل الحق والجناية إن كان يعلمه صادقا ولو ادعى الجناية على العبد المرهون خطأ لأبن له هو وليه وحده أو معه فيه ولي غيره والجناية خطأ وأقر بذلك العبد وأنكره السيد فالقول فيه قول السيد والعبد مرهون بحاله وهي كالمسألة في دعوى الأجنبي على العبد الجناية خطأ وإقرار العبد والمرتهن بها وتكذيب المالك له جناية العبد المرهون على الأجنبي قال الشافعي رحمه الله وإذا جنى العبد المرهون أو جني عليه فجنايته والجناية عليه كجناية العبد غير المرهون والجناية عليه ومالكه الراهن الخصم فيه فيقال له إن فديته بجميع أرش الجناية فأنت متطوع والعبد مرهون بحاله وإن لم تفعل لم تجبر على أن تفديه وبيع العبد في جنايته وكانت الجناية أولى به من الرهن كما تكون الجناية أولى به من ملكك فالرهن أضعف من ملكك لأنه إنما يستحق فيه شيء بالرهن بملكك فإن كانت الجناية لاتبلغ قيمة العبد المرهون ولم يتطوع مالكه بأن يفديه لم يجبر سيده ولا المرتهن على أن يباع منه إلا بقدر الجناية ويكون ما بقي منه مرهونا ولا يباع كله إذا لم تكن الجناية تحيط بقيمته إلا بإجتماع الراهن والمرتهن على بيعه فإذا اجتمعا على بيعه بيع فأديت الجناية وخير مالكه بين أن يجعل ما بقي من ثمنه قصاصا من الحق عليه أو يدعه رهنا مكان العبد لأنه يقوم مقامه ولا يكون تسليم المرتهن بيع العبد الجاني كله وإن كان فيه فضل كبير عن الجناية فسخا منه لرهنه ولا ينفسخ فيه الرهن إلا بأن يبطل حقه فيه أو يبرأ الراهن من الحق الذي به الرهن ولا أحسب أحدا يعقل يختار أن يكون ثمن عبده رهنا غير مضمون على أن يكون قصاصا من دينه وتبرأ ذمته مما قبض منه وإذا اختار أن يكون رهنا لم يكن للمرتهن الإنتفاع بثمنه وإن أراد الراهن قبضه لينتفع به لم يكن ذلك له وليس المنفعه بالثمن الذي هو دنانير و دراهم كالمنفعه بالعبد الذي هو عين لو باعه لم يجز بيعه ورد بحاله وإذا بيع العبد المرهون في الجناية أو بعضه لم يكلف الراهن أن يجعل مكانه رهنا لأنه بيع بحق لزمه لاإتلاف منه هو له وإن أراد المرتهن أن يفديه بالجناية قيل له إن فعلت فأنت متطوع وليس لك الرجوع بها على مالك العبد والعبد رهن بحاله وإن فداه بأمر سيده وضمن له ما فداه به رجع بما فداه به على سيده ولم يكن رهنا إلا أن يجعله له رهنا به فيكون رهنا به مع الحق الأول قال الربيع معنى

صفحة : 1032

قول الشافعي إلا أن يريد أن ينفسخ الرهن الأول فيجعله رهنا بما كان مرهونا وبما فداه به بإذن سيده قال الشافعي وإن كانت جناية العبد الرهن عمدا فأراد المجني عليه أو وليه أن يقتص منه فذلك له ولا يمنع الرهن حقا عليه في عنقه ولا في بدنه ولو كان جنى قبل أن يرهن ثم قام عليه المجني عليه كان ذلك له كما يكون له لو جنى بعد أن كان رهنا لايختلف ذلك ولا يخرجه من الرهن أن يجني قبل أن يكون رهنا ثم يرهن ولا بعد أن يكون رهنا إذا لم يبع في الجناية وإذا جنى العبد المرهون وله مال أو اكتسب بعد الجنايه مالا أو وهب له فماله لسيده الراهن دون المرتهن وجنايته في عنقه كهي في عنق العبد غير المرهون ولو بيع العبد المرهون فلم يتفرق البائع والمشتري حتى جنى كان للمشتري رده لأن هذا عيب حدث به وله رده بلا عيب ولو جنى ثم بيع فعلم المشتري قبل التفرق أو بعده بجنايته كان له رده لأن هذا عيب دلس له ولو بيع وتفرق المتبايعان أو خير أحدهما صاحبه بعد البيع فاختار إمضاء البيع ثم جنى كان من المشتري ولم يرد البيع لأن هذا حادث في ملكه بعد تمام البيع بكل حال له ولو جنى العبد الرهن جناية عمدا كان للمجني عليه أو وليه الخيار بين الأرش والقصاص فإن اختار الأرش كان في عنق العبد يباع فيه كما يباع في الجناية خطأ وإن اختار القصاص كان له وإذا جنى العبد المرهون فلم يفده سيده بالجناية فبيع فيها لم يكلف سيده أن يأتي برهن سواه لأنه بيع عليه بحق لاجناية للسيد فإن كان السيد أمر العبد بالجناية وكان بالغا بعقل فهو آثم ولا يكلف السيد إذا بيع فيها أو قتل أن يأتي برهن غيره وإن كان العبد صبيا أو أعجميا فبيع في الجناية كلف السيد أن يأتي بمثل قيمته ثمنا ويكون رهنا مكانه إلا أن يشاء أن يجعلها قصاصا من الحق وإذا تم الرهن بالقبض كان المرتهن أولى به من غرماء السيد وورثته إن مات وأهل وصاياه حتى يستوفي حقه فيه ثم يكون لهم الفضل عن حقه وإذا اذن الرجل للرجل ان يرهن عبد لللآذن فرهنه فجنى العبد المرهون جناية فجنايته في عنقه والقول في هل يرجع سيد العبد الآذن على الراهن المأذون له بمالزم عبده من جنايته وبتلف ان اصابه في يديه قبل ان يفيده كما يرجع عليه لو ان العبد المرهون عارية في يديه لارهن اولا يرجع قولان احدهما انه عاريه فهو ضامن له كما تضمن العاريه والآخر انه لايضمن شيئا مما اصابه ومن قال هذا قال فليس كالعاريه لأن خدمته لسيده والرهن في عنقه كضمان سيده لو ضمن عن الراهن والعارية ما كانت منفعتها مشغولة عن معيرها ومنفعة هذا له قائمة ومن ضمن الراهن ضمن رجلا لو رهن الرجل عن الرجل متاعا له بأمر المرهون وكان هذا

صفحة : 1033

عندي أشبه القولين والله تعالى أعلم الجناية على العبد المرهون فيما فيه قصاص قال الشافعي رحمه الله وإذا رهن الرجل الرجل عبده وقبضه المرتهن فجنى على العبد المرهون عبد للراهن أو للمرتهن أو لغيرهما جناية أتت على نفسه فالخصم في الجناية سيد العبد الراهن ولا ينتظر الحاكم المرتهن ولا وكيله ليحضر السيد لأن القصاص إلى السيد دون المرتهن وعلى الحاكم إذا ثبت ما فيه القصاص أن يخير سيد العبد الراهن بين القصاص وأخذ قيمة عبده إلا أن يعفو فإن اختار القصاص دفع إليه قاتل عبده فإن قتله قتله بحقه ولم يكن عليه أن يبدل المرتهن شيئا مكانه كما لايكون عليه لو مات أن يبدله مكانه ولو عفا عنه بلا مال يأخذه منه كان ذلك له لأنه دم ملكه فعفاه وإن اختار أخذ قيمة عبده أخذه القاضي بأن يدفعه إلى المرتهن إن كان الرهن على يديه أو من على يديه الرهن إلا أن يشاء أن يجعله قصاصا من حق المرتهن عليه وإن اختار ترك القود على أخذ قيمة عبده ثم أراد عفوا بلا أخذ قيمة عبده لم يكن ذلك له وأخذت قيمة عبده فجعلت رهنا وكذلك لو اختار أخذ المال ثم قال أنا أقتل قاتل عبدي فليس ذلك له وإن اختار أخذ المال بطل القصاص لأنه قد أخذ أحد الحكمين وترك الآخر وإن عفا المال الذي وجب له بعد اختياره أو أخذه وهو أكثر من قيمة عبده أو مثله أو أقل لم يجز عفوه لأنه وهب شيئا قد وجب رهنا لغيره وإذا برىء من المال بأن يدفع الحق إلى المرتهن من مال له غير المال المرهون أو أبرأه منه المرتهن رد المال الذي عفاه عن العبد الجاني على سيد الجاني لأن العفو براءة من شيء بيد المعفو عنه فهو كالعطية المقبوضة وإنما رددتها لعلة حق المرتهن فيها فإذا ذهبت تلك العلة فهي تامة لسيد العبد الجاني بالعفو المتقدم وإذا قضى المرتهن حقه مما أخذ من قيمة عبده لم يغرم من المال الذي قضاه شيئا للمعفو عنه وإن فضل في يديه فضل عن حقه رده على سيد العبد المعفو عنه الجناية والمال وإن أراد مالك العبد الراهن أن يهب للمرتهن ما فضل عن حقه لم يكن ذلك له وإن قضى بقيمة العبد المقتول المرهون دراهم وحق المرتهن دنانير وأخذها الراهن فدفعها إلى المرتهن فأراد الراهن أن يدعها للمرتهن بحقه ولم يرد ذلك المرتهن لم يكن ذلك له وبيعت فأعطى صاحب الحق وسيد العبد المعفو عنه ما فضل من أثمانها وإنما منعني لو كان الراهن موسرا أن أسلم عفوه عن المال بعد أن اختاره وأصنع فيه ما أصنع في العبد لو أعتقه وهو موسر أن حكم العتق مخالف جميع ما سواه أنا إذا وجدت السبيل إلى العتق

صفحة : 1034

ببدل منه أمضيته وعفو المال مخالف له فإذا عفا ما غيره أحق به حتى يستوفي حقه كان عفوه في حق غيره باطلا كما لو وهب عبده المرهون لرجل وأقبضه إياه أو تصدق به عليه صدقة محرمة وأقبضه إياه كان ما صنع من ذلك مردودا حتى يقبض المرتهن حقه من ثمن رهنه والبدل من رهنه يقوم مقام رهنه لايختلفان ولو جنى على العبد المرهون ثلاثة أعبد كان على الحاكم أن يخير سيد العبد المقتول بين القصاص وبين أخذ قيمة عبده أو العفو فإن اختار القصاص فيهم فذلك له في قول من قتل أكثر من واحد بواحد وإن اختار أن يقتص من أحدهم ويأخذ ما لزم الأثنين من قيمة عبده كان له ويباعان فيها كما وصفت ويكون ثمن عبده من ثمنهما رهنا كما ذكرت وإن اختار أن يأخذ ثمن عبده منهما ثم أراد عفوا عنهما أو عن أحدهما كان الجواب فيها كالجواب في المسألة قبلها في العبد الواحد إذا اختار أخذ قيمة عبده من رقبته ثم عفاها وأحب أن يحضر الحاكم المرتهن أو وكيله احتياطا لئلا يختار الراهن أخذ المال ثم يدعه أو يفرط فيه فيهرب العبد الجاني وإن اختار الراهن أخذ المال من الجاني على عبده ثم فرط فيه حتى يهرب الجاني لم يغرم الراهن شيئا بتفريطه ولم يكن عليه أن يضع رهنا مكانه وكان كعبده لو رهنه رجلا فهرب ولا أجعل الحق حالا بحال وهو إلى أجل ولو تعدى فيه الراهن ولو جنى حر وعبد على عبد مرهون جناية عمدا كان نصف قيمة العبد المرهون على الحر في ماله حالة تؤخذ منه فتكون رهنا إلا أن يتطوع الراهن بأن يجعلها قصاصا إذا كانت دنانير أو دراهم وخير في العبد كما وصفت بين قتله أو العفو عنه أو أخذ قيمة عبده من عنقه فإن مات العبد الجاني فقد بطل ما عليه من الجناية وإن مات الحر فنصف قيمته في ماله وإن أفلس الحر فهو غريم وكل ما أخذ منه كان مرهونا والحق كله في ذمة الراهن لايبرأ منه بتلف الرهن وتلف العوض منه بحال ولو كانت الجناية على العبد المرهون جناية دون النفس مما فيه القصاص كان القول فيها كالقول في الجناية في النفس لايختلف يخير السيد الراهن بين أخذ القصاص لعبده أو العفو عن القصاص بلا شيء أو أخذ العقل فإن اختار أخذ العقل كان كما وصفت ولا خيار للعبد المجنى عليه إنما الخيار لمالكه لاله لأنه يملك بالجناية مالا والملك لسيده دونه ولو كان الجاني على العبد المرهون عبدا للراهن أو عبدا له وعبدا لغيره ابن أو غيره كان القول في عبد غيره ابنه كان أو غيره كالقول في المسائل التي قبله وخير في عبده الجاني على عبده كما يخير في عبيد غيره بين القود أو العفو عن القود بلا شيء يأخذه لأنه إنما يدع قودا جعل إليه تركه وإن لم يعف القود إلا على اختيار

صفحة : 1035

العوض من المال كان عليه أن يفدي عبده الجاني إن كان منفردا بجميع أرش الجناية فإذا فعل خير بين أن يجعلها قصاصا أو يسلمها رهنا فإن كان أرش الجناية ذهبا أو ورقا كالحق عليه فشاء أن يجعله قصاصا فعل وإن كانت إبلا أو شيئا غير الحق فشاء أن يبيعها ويقضي المرتهن منها حتى يستوفي حقه أو لايبقى من ثمنها شيئا فعل وإن شاء أن يبيعها ويجعل ثمنها رهنا لم يكن له ذلك لأن البدل من العبد المرهون يقوم مقامه ولا يكون له أن أن يبيع البدل منه كما لايكون له أن يبيعه ويجعل ثمنه رهنا ولا يبدله بغيره فإن قضى بجناية العبد دنانير والحق دراهم كانت الدنانير رهنا ولا يكون للمرتهن أن يجعل ثمن العبد المبيع في الجناية دراهم كالحق ثم يجعلها رهنا وعليه أن يجعلها رهنا كما بيع عبده بها فإذا كانت جناية عبد الراهن غير المرهون على عبده المرهون في شيء فيه قصاص دون النفس فهكذا لايختلف ولو أن رجلا رهن رجلا عبدا ورهن آخر عبدا فعدا أحد عبديه على الآخر فقتله أو جنى عليه جناية دون النفس فيها قود فالقول فيها كالقول في عبد غير مرهون وعبد أجنبي يجني على عبده يخير بين قتله أو القصاص من جراحه أو العفو بلا أخذ شيء فإن عفا فالعبد مرهون بحاله وإن اختار أخذ المال بيع العبد المرهون ثم جعلت قيمة العبد المرهون المقتول رهنا مكانه إلا أن يشاء الراهن أن يجعلها قصاصا وإن كانت جرحا جعل أرش جرح العبد المرهون رهنا مع العبد المرهون كشيء من أصل الرهن وإن كانت الجناية جرحا لايبلغ قيمة العبد المرهون الجاني جبر الراهن والمرتهن على أن يباع منه بقدر أرش الجناية ولم يجبرا على بيعه إلا أن يشاءا ذلك وكان ما يقي من العبد رهنا بحاله ولو رضي صاحب الحق المجني على رهنه وسيد العبد المرهون الجاني ومرتهنه بأن يكون سيد العبد المجني عليه شريكا للمرتهن في العبد الجاني بقدر قيمة الجناية لم يجز ذلك لأن العبد المجني عليه ملك للراهن لا للمرتهن وجبر على بيع قدر الرهن إلا أن يعفو المرتهن حقه وإذا رهن الرجل عبدا فأقر العبد بجناية عمدا فيها القود وكذبه الراهن والمرتهن فالقول قول العبد والمجني عليه بالخيار في القصاص أو أخذ المال وإن كانت عمدا لا قصاص فيها أو خطأ فإقرار العبد ساقط عنه في حال العبودية ولو أقر سيد العبد المرهون أو غير المرهون على عبده أنه جنى جناية فإن كانت مما فيه قصاص فإقراره ساقط عن عبده إذا أنكر العبد وإن كانت مما لا قصاص فيه فإقراره لازم لعبده لأنها مال وإنما أقر في ماله قال أبو محمد وفيها قول آخر أنه لايخرج العبد من يدي المرتهن بإقرار السيد أن عبده قد لزمه جناية لا قصاص فيها لأنه إنما يقر في عبد المرتهن أحق برقبته حتى يستوفي

صفحة : 1036

حقه فإذا استوفى حقه كان للذي أقر له السيد بالجناية أن يكون أحق بالعبد حتى يستوفي الجناية على العبد المرهون فيما فيه العقل قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا جنى أجنبي على عبد مرهون جناية لاقود فيها على الجاني بحال مثل أن يكون الجاني حرا فلا يقاد منه مملوك أو يكون الجاني أب العبد المجني عليه أو جده أو أمه أو جدته أو يكون الجاني لم يبلغ أو معتوها أو تكون الجناية مما لا قود فيه بحال مثل المأمومة والجائفة أو تكون الجناية خطأ فمالك العبد المرهون الخصم في الجناية وإن أحب المرتهن حضر الخصومة وإذا قضى على الجاني بالأرش في العبد المرهون لم يكن لسيد العبد الراهن عفوها ولا أخذ أرش الجناية دون المرتهن وخير الراهن بين أن يكون أرش الجناية قصاصا من الدين الذي في عنق العبد أو يكون موضوعا للمرتهن على يدي من كان الرهن على يديه إلى أن يحل الحق ولا أحسب أحدا يعقل يختار أن يكون أرش الجناية موضوعا غير مضمون على أن يكون قصاصا وسواء أتت الجناية على نفس العبد المرهون أو لم تأتي عليها إذا كانت جناية لها أرش لا قود فيها وإن كان أرش الجناية ذهبا أو فضة فسأل الراهن أن يتركه والانتفاع بها كما يترك خدمة العبد وركوب الدابة المرهونه وسكنى الدار وكراءها لم يكن ذلك له لأن العبد والدابة والدار عين قائمة معلومة لاتتغير والعبد والدابة ينفعان بلا ضرر عليهما ويردان ألى مرتهنهما والدار لاتحول ولا ضرر في سكناها على مرتهنها والدنانير والدراهم لامؤنة فيها على راهنها ولا منفعة لها إلا بأن تصرف في غيرها وليس لراهن صرف الرهن في غيره لأن ذلك إبداله ولا سبيل له إلى إبدالها وهي تختلط وتسبك ولا تعرف عينها وإن كان صلحا برضا المرتهن من أرش جنايته على إبل وهي موضوعة على يدي من الرهن على يديه وعلى الراهن علفها وصلاحها وله أن يكريها وينتفع بها كما يكون ذلك له في إبل لو رهنها وإن سأل المرتهن أن تباع الإبل فتجعل ذهبا أو ورقا لم يكن ذلك له لأن ذلك كعين رهنه إذ رضى به كما لو سأل الراهن إبدال الرهن لم يكن ذلك له وإن أراد الراهن مصالحة الجاني على عبده بشيء غير ما وجب له لم يكن ذلك له لأن ما وجب له يقوم مقامه ومصالحته بغيره إبدال له كأن وجب له دنانير فأراد مصالحته بدراهم إلا أن يرضى بذلك المرتهن فإذا رضي به فما أخذ بسبب الجناية على رهنه فهو رهن له وإن أراد سيد العبد المرهون العفو عن أرش الجناية على عبده لم يكن ذلك له إلا أن يبرئه المرتهن أو يوفيه الراهن حقه متطوعا به ولو كانت الجناية على العبد أكثر من

صفحة : 1037

حق المرتهن مرارا لم يكن ذلك له أن يضع شيئا من الجناية كما لو زاد العبد في يديه لم يكن له أن يخرج قيمة زيادته من رقبته إلا أن يتطوع مالك العبد الراهن بأن يدفع إلى المرتهن جميع حقه في العبد حالا فإن فعل فذلك له فإن أراد المرتهن ترك الرهن وأن لايأخذ حقه حالا لم يكن ذلك له وجبر على أخذه إلا أن يشاء إبطال حقه فيبطل إذا أبطله قال والجناية على الأمة المرهونة كالجناية على العبد المرهون لاتختلف في شيء إلا في الجناية عليها بما يقع على غيرها فإن ذلك في الأمة وليس في العبد بحال وذلك مثل أن يضرب بطنها فتلقي جنينا فيؤخذ أرش الجنين ويكون لمالكه لايكون مرهونا معها وإن نقصها نقصا له قيمة بلا جرح له أرش يبقى أثره لم يكن على الجاني شيء سوى أرش الجنين لأن الجنين المحكوم فيه وإن جنى على الأمة جناية لها جرح له عقل معلوم أو فيه حكومة وألقت جنينا أخذ من الجاني أرش الجرح أو حكومته فكان رهنا مع الجارية لأن حكمه بها دون الجنين وكان عقل الجنين لمالكها الراهن لأنه غير داخل في الرهن والجناية على كل رهن من الدواب كهي على كل رهن من الرقيق لا يختلف في شيء إلا أن في الدواب ما نقصها وجراح الرقيق في أثمانهم كجراح الأحرار في دياتهم وفي خصلة واحدة أن من جنى على أنثى من البهائم فألقت جنينا ميتا فإنما يضمن الجاني عليها ما نقصتها الجناية عن قيمتها تقوم يوم جنى عليها وحين ألقت الجنين فنقصت ثم يغرم الجاني ما نقصها فيكون مرهونا معها وإن جنى عليها وألقت جنينا حيا ثم مات مكانه ففيها قولان أحدهما أن عليه قيمة الجنين حين سقط لأنه جان عليه ولا يضمن إن كان إلقاؤه نقص أمه شيئا أكثر من قيمة الجنين إلا أن يكون جرحا يلزم عيبه فيضمنه مع قيمة الجنين كما قيل في الأمة لا يختلفان والثاني أن عليه الأكثر من قيمة الجنين وما نقص أمه ويخالف بينها وبين الأمة يجني عليها فيختلفان في أنه لا قود بين البهائم بحال على جان عليها وللآدميين قود على بعض من يجني عليهم وكل جناية على رهن غير آدمي ولا حيوان لا تختلف سواء فيما جنى على الرهن ما نقصه لايختلف ويكون رهنا مع ما بقي من المجني عليه إلا أن يشاء الراهن أن يجعله قصاصا وقيمة ما جنى على الرهن غير الآدميين ذهب أو فضة إلا ان يكون كيل أو وزن يوجد مثله فيتلف منه شيء فيؤخذ بمثله وذلك مثل حنطة رهن يستهلكها رجل فيضمن مثلها ومثل ما في معناها وإن جنى على الحنطة المرهونة جناية تضر عينها بأن تعفن أو تحمر أو تسود ضمن ما نقص الحنطة تقوم صحيحة غير معيبة كما كانت قبل الجناية وبالحال التي صارت إليها بعد الجناية ثم يغرم الجاني ما نقصها من الدنانير

صفحة : 1038

أو الدراهم وأي نقد كان الأغلب بالبلد الذي جنى به جبر عليه ولم يكن له الإمتناع منه إن كان الأغلب بالبلد الذي جنى به دنانير فدنانير وإن كان الأغلب دراهم فدراهم وكل قيمة فإنما هي بدنانير أو بدراهم والجناية على العبيد كلها دنانير أو دراهم لاإبل ولا غير الدنانير والدراهم إلا أن يشاء ذلك الجاني والراهن والمرتهن أخذ إبل وغيرها بما يصح فيكون ما أخذ رهنا مكان العبد المجني عليه إن تلف أو معه إن نقص ويكون ما غرم رهنا مع أصل الرهن إلا أن يشاء الراهن أن يجعله قصاصا كما وصفت وإذا جنى الراهن على عبده المرهون كانت جنايته كجناية الأجنبي لا تبطل عنه بأنه مالك له لأن فيه حقا لغيره ولا تترك بنقص حق غيره ويؤخذ بأرش الجناية على عبده وأمته كما يؤخذ بها الأجنبي فإن شاء أن يجعلها قصاصا من الحق بطل عن المرتهن بقدر أرش الجناية وهكذا لو جنى ابن الراهن أو أبوه أو امرأته على عبده المرهون ولو جنى عبد للراهن غير مرهون على عبده المرهون خير الراهن بين أن يفدي عبده بجميع أرش الجناية على عبده المرهون متطوعا أو يجعلها قصاصا من الحق أو يباع عبده فيؤدي أرش الجنايه على المرهون فيكون رهنا معه ولا تبطل الجناية على عبده عن عبده لأن في ذلك نقصا للرهن على المرتهن إلا في أن يرهن الرجل الرجل الواحد العبدين فيجني أحدهما على الآخر والجناية خطأ أو عمد لاقود فيه لأن الراهن المالك لا يستحق من ملك عبده المرهون إلا ما كان له قبل الجناية وأن المرتهن لا يستحق من العبد الجاني المرهون بالرهن إلا ما كان له قبل الجناية فبهذا صارت الجناية هدرا وهكذا لو أن رجلا رهن عبدا له بألف درهم ورهنه أيضا عبدا له آخر بمائة دينار أو بحنطة مكيلة فجنى أحدهما على الآخر كانت الجناية هدرا لأن المرتهن مستحق لهما معا بالرهن والراهن مالك لهما معا فحالهما قبل الجناية وبعدها في الرهن والملك سواء ولو أن رجلا رهن عبدا له رجلا ورهن عبدا له آخر رجلا غيره فجنى أحدهما على الآخر كانت جنايته عليه كجناية عبد أجنبي مرهون ويخير السيد بين أن يفدي العبد الجاني بجميع أرش جناية المجني عليه فإن فعل فالعبد الجاني رهن بحاله وإن لم يفعل بيع العبد الجاني فأديت الجناية وكانت رهنا فإن فضل منها فضل كان رهنا لمرتهن الجاني وإن كان في الجاني فضل عن أرش الجناية فشاء الراهن والمرتهن العبد الجاني بيعه معا بيع ورد فضله رهنا إلا أن يتطوع السيد أن يجعله قصاصا وإن دعا أحدهما إلى بيعه كله وامتنع الآخر لم يجبر على بيعه كله إذا كان في ثمن بعضه ما يؤدي أرش الجناية وجناية المرتهن وأب المرتهن وابنه من كان منه بسبيل وعبده على

صفحة : 1039

الرهن كجناية الأجنبي لا فرق بينهما وإن كان الحق حالا فشاء أن تكون جنايته قصاصا وإن كان إلى أجل فشاء الراهن أن يجعله قصاصا فعل وإن لم يشأ الراهن أخرج المرتهن قيمة جنايته فكانت موضوعة على يدي العدل الموضوع على يديه الرهن وإن كان الرهن على يدي المرتهن فشاء الراهن أن يخرج الرهن وأرش الجناية من يديه وكانت الجناية عمدا فذلك له لأن الجناية عمدا تغير من حال الموضوع على يديه الرهن وإن كانت خطأ لم يكن له إخراجها من يديه إلا بأن يتغير حاله عن حالة الأمانة إلى حال تخالفها وإذا كان العبد مرهونا فجنى عليه فسواء بريء الراهن مما في العبد من الرهن إلا درهما أو أقل وكان في العبد فضل أو لم يبرأ من شيء منه ولم يكن في العبد فضل لأنه إذا كان مرهونا بكله فلا يخرجه من الرهن إلا أن لايبقى فيه شيء من الرهن وكذلك لايخرج شيئا من أرش الجناية عليه لأنها كهو وكذلك لو كانوا عبيدا مرهونين معا لا يخرج شيء من الرهن إلا بالبراءة من آخر الحق ولو رهن رجل رجلا نصف عبده ثم جنى عليه الراهن ضمن نصف أرش جنايته للمرتهن كما وصفت وبطل عنه نصف جنايته لأن الجناية على نصفين نصف له لا حق لأحد فيه فلا يلزمه لنفسه غرم ونصف للمرتهن فيه حق فلا يبطل عنه وإن كان مالكه لحق المرتهن فيه ولو جنى عليه أجنبي جناية كان نصفها رهنا ونصفها مسلما لمالك العبد ولو عفا مالك العبد الجناية كلها كان عفوه في نصفها جائزا لأنه مالك لنصفه ولا حق لأحد معه فيه وعفوه في النصف الذي للمرتهن فيه حق مردود ولو عفا المرتهن الجناية دون الراهن كان عفوه باطلا لأنه لايملك الجناية إنما ملكها للراهن و إنما يملك احتباسها بحقه حتى يستوفيه وسواء كان حق المرتهن حالا أو إلى أجل فإن كان إلى أجل فقال أنا أجعل الجناية قصاصا من حقي لم يكن ذلك له لأن حقه غير حال وإن كان حالا كان ذلك له إن كان حقه دنانير وقضى بالجناية دنانير أو دراهم فقضى بالجنايه دراهم لأن ما وجب لسيد العبد مثل ما للمرتهن وإن قضى بأرش الجناية دراهم والحق على الغريم دنانير فقال أجعل الجناية قصاصا من حقي لم يكن ذلك له لأن الجناية غير حقه وكذلك لو قضى بالجناية دراهم وحقه دنانير أو دنانير وله دراهم لم يكن له أن يجعل الجناية قصاصا من حقه لأن أرش الجناية غير حقه وإنما يكون قصاصا ما كان مثلا فأما ما لم يكن مثلا فلا يكون قصاصا ولو كان حقه أكثر من قيمة أرش الجناية إذا لم أكره أحدا على أن يبيع ماله بأكثر من قيمته لم أكره رب العبد أن يأخذ بدنانير طعاما ولا بطعام دنانير وإذا جنى عبد على عبد مرهون فأراد سيد العبد الجاني أن يسلمه

صفحة : 1040

مسترقا بالجناية لم يكن ذلك على الراهن إلا أن يشاء وإن شاء الراهن ذلك ولم يشأه المرتهن لم يجبر على ذلك المرتهن وكذلك لو شاء ذلك المرتهن ولم يشأه الراهن لم يجبر عليه لأن حقهم في رقبته أرش لا رقبة عبد ورقبة العبد عرض وكذلك لو شاء الراهن والمرتهن أن يأخذ العبد الجاني بالجناية و الجناية مثل قيمة العبد أو أكثر أضعافا وأبى ذلك رب العبد الجاني لم يكن ذلك لهما لأن الحق في الجناية شيء غير رقبته وإنما تباع رقبته فيصير الحق فيها كما يباع الرهن فيصير ثمنا يقضي منه الغريم حقه الرهن الصغير أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي رحمه الله قال أصل إجازت الرهن في كتاب الله عز وجل وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة قال الشافعي فالسنة تدل على إجزة الرهن ولا أعلم مخالفا في إجازته أخبرنا محمد بن اسمعيل بن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله قال لا يغلق الرهن الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه قال الشافعي فالحديث جملة على الرهن ولم يخص رسول الله فيما بلغت رهنا دون رهن واسم الرهن يقع على ما ظهر هلاكه وخفي ومعنى قول النبي والله تعالى أعلم لا يغلق الرهن بشيء أي إن ذهب لم يذهب بشيء وإن أراد صاحبه إفتكاكه ولا يغلق في يدي الذي هو في يديه كأن يقول المرتهن قد أوصلته إلي فهو لي بما أعطيتك فيه ولا يغير ذلك من شرط تشارطا فيه ولا غيره والرهن للراهن أبدا حتى يخرجه من ملكه بوجه يصح إخراجه له والدليل على هذا قول رسول الله الرهن من صاحبه الذي رهنه ثم بينه وأكده فقال له غنمه وعليه غرمه قال الشافعي وغنمه سلامته وزيادته وغرمه عطبه ونقصه قال ولو كان إذا رهن رهنا بدرهم وهو يسوى درهما فهلك ذهب الدرهم فلم يلزم الراهن كان إنما هلك من مال المرتهن لا مال الراهن لأن الراهن قد أخذ درهما وذلك ثمن رهنه فإذا هلك رهنه فلم يرجع المرتهن بشيء فلم يغرم شيئا إنما ذهب له مثل الذي أخذ من مال غيره فغرمه حينئذ على المرتهن لا على الراهن قال وإذا كان غرمه على المرتهن فهو من المرتهن لا من الراهن وهذا القول خلاف ما روي عن رسول الله قال الشافعي فلا أعلم بين أحد من أهل العلم خلافا في أن الرهن ملك للراهن وأنه إن أراد إخراجه من يدي المرتهن لم يكن ذلك له بما

صفحة : 1041