كتاب الأم/كتاب صلاة الخوف/كيفية صلاة الخوف
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: قال الله تبارك وتعالى {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم، ولتأت طائفة أخرى} الآية، أخبرنا مالك عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات بن جبير عمن صلى مع رسول الله ﷺ يوم ذات الرقاع (صلاة الخوف أن طائفة صفت معه، وطائفة، وجاء العدو فصلى بالذين معه ركعة ثم ثبت قائما، وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفوا، وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت عليه ثم ثبت جالسا، وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم).
[قال الشافعي]: وأخبرني من سمع عبد الله بن عمر بن حفص يخبر عن أخيه عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات بن جبير عن النبي ﷺ مثل هذا الحديث أو مثل معناه لا يخالفه.
[قال الشافعي]: فكان بينا في كتاب الله عز وجل أن يصلي الإمام بطائفة فإذا سجد كانوا من ورائه، وجاءت طائفة أخرى لم يصلوا فصلوا معه، واحتمل قول الله عز وجل {فإذا سجدوا} إذا سجدوا ما عليهم من سجود الصلاة كله، ودلت على ذلك سنة رسول الله ﷺ مع دلالة كتاب الله عز وجل فإنه ذكر انصراف الطائفتين والإمام من الصلاة، ولم يذكر على واحد منهما قضاء.
[قال الشافعي]: ورويت أحاديث عن رسول الله ﷺ في صلاة الخوف حديث صالح بن خوات أوفق ما يثبت منها لظاهر كتاب الله عز وجل فقلنا به.
[قال الشافعي]: فإذا صلى الإمام صلاة الخوف صلى كما وصفت بدلالة القرآن ثم حديث رسول الله ﷺ.
[قال الشافعي]: فإذا صلى بهم صلاة الخوف مسافر فكل طائفة هكذا يصلي بالطائفة الأولى ركعة ثم يقوم فيقرأ فيطيل القراءة، وتقرأ الطائفة الأولى لأنفسها لا يجزيها غير ذلك لأنها خارجة من إمامته بأم القرآن وسورة إلى القصر، وتخفف ثم تركع، وتسجد، وتتشهد، وتكمل حدودها كلها وتخفف ثم تسلم فتأتي الطائفة الثانية فيقرأ الإمام بعد إتيانهم قدر أم القرآن وسورة قصيرة لا يضره أن لا يبتدئ أم القرآن إذا كان قد قرأ في الركعة التي أدركوها بعد أم القرآن ثم يركع، ويركعون معه، ويسجد فإذا انقضى السجود قاموا فقرءوا لأنفسهم بأم القرآن، وسورة قصيرة، وخففوا ثم جلسوا معه، وجلس قدر ما يعلمهم قد تشهدوا، ويحتاط شيئا حتى يعلم أن أبطأهم تشهدا قد أكمل التشهد أو زاد ثم يسلم بهم، ولو كان قرأ أم القرآن، وسورة قبل أن يدخلوا معه ثم ركع بهم حين يدخلون معه قبل أن يقرأ أو يقرءوا شيئا أجزأه، وأجزأهم ذلك، وكانوا كقوم أدركوا ركعة مع الإمام، ولم يدركوا قراءته، وأحب إلي أن يقرءوا بعدما يكبرون معه كما تقدم بأم القرآن، وسورة خفيفة فإذا كانت الصلاة التي يصليها بهم الإمام مما لا يجهر الإمام فيها بالقراءة لم يجز الطائفة الأولى إلا أن تقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن أو أم القرآن، وزيادة معها إذا أمكنهم أن يقرءوا، ولم يجز الطائفة الثانية إذا أدركت مع الإمام ما يمكنها فيه قراءة أم القرآن إلا أن تقرأ بأم القرآن أو أم القرآن وشيء معها بكل حال.
[قال الشافعي]: وإذا كانت صلاة الخوف في الحضر لا يجهر فيها لم يجز واحدة من الطائفتين ركعة لا يقرأ فيها بأم القرآن إلا من أدرك الإمام في أول ركعة له في وقت لا يمكنه فيه أن يقرأ بأم القرآن.
[قال الشافعي]: وإذا كانت صلاة خوف أو غير خوف يجهر فيها بأم القرآن فكل ركعة جهر فيها بأم القرآن ففيها قولان: أحدهما لا يجزئ من صلى معه إذا أمكنه أن يقرأ إلا أن يقرأ بأم القرآن، والثاني يجزئه أن لا يقرأ، ويكتفي بقراءة الإمام، وإذا كانت الصلاة أربعا أو ثلاثا لم يجزه في واحد من القولين في الركعتين الآخرتين أو الركعة الآخرة إلا أن يقرأ بأم القرآن أو يزيد، ولا يكتفي بقراءة الإمام.
[قال الشافعي]: وإذا صلى الإمام بالطائفة الأولى فقرأ السجدة فسجد، وسجدوا معه ثم جاءت الطائفة الثانية لم يسجدوا تلك السجدة لأنهم لم يكونوا في صلاة كما لو قرأ في الركعة الآخرة بسجدة فسجدت الطائفة الآخرة لم يكن على الأولى أن تسجد معهم لأنهم ليسوا معه في صلاة.