انتقل إلى المحتوى

كتاب الأحكام الشرعية الكبرى/كتاب الأمراض والعيادة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
كتاب الأحكام الشرعية الكبرى
كتاب الأمراض والعيادة



باب النهي عن تمني المريض الموت

البخاري : حدثنا آدم ، ثنا شعبة ، ثنا ثابت البناني ، عن أنس ، قال النبي - - : " لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه ، فإن كان لابد فاعلا فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي " .

البخاري : حدثنا آدم ، ثنا شعبة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس ابن أبي حازم قال : " دخلنا على خباب نعوده - وقد اكتوى سبع كيات - فقال : إن أصحابنا الذين سلفوا مضوا ولم تنقصهم الدنيا ، وإنا أصبنا مالا نجد له موضعا إلا التراب ، ولولا أن النبي - - نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به . ثم أتيناه مرة أخرى - وهو يبني حائطا له - فقال : إن المسلم يؤجر في كل شيء ينفقه ، إلا في شيء يجعله في هذا التراب " .

البخاري : حدثنا أبو اليمان ، أنا شعيب ، عن الزهري ، أخبرني أبو عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف ، أن أبا هريرة قال : سمعت رسول الله - - يقول : " لن يدخل أحدا عمله الجنة . قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة ، فسددوا وقاربوا ، ولا يتمنى أحدكم الموت ؛ إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا ، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب " .

النسائي : أخبرني عمرو بن عثمان ، حدثنا بقية ، حدثني الزبيدي ، حدثني الزهري ، عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف ، أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله - - : " لا يتمن أحدكم الموت ؛ إما محسنا فإنه إن يعيش يزدد خيرا ، وهو خير له ، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب " .

الترمذي : حدثنا محمد بن المثنى ، ثنا محمد بن جعفر ، ثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة ، عن علي قال : " كنت شاكيا ، فمر بي رسول الله - - وأنا أقول : اللهم إن كان أجلي قد حضر فأرحني ، وإن كان متأخرا فارفعني ، وإن كان بلاء فصبرني . فقال رسول الله - - : كيف قلت ؟ قال : فأعاد عليه ما قال ، فضربه برجله ، فقال : اللهم عافه ، أو اشفه - شعبة الشاك - فما اشتكيت وجعي بعد " . قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

باب ثواب المرض وما يصيب المسلم من البلاء

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا : ثنا أبو أسامة ، عن الوليد بن كثير ، عن محمد بن عمرو بن عطاء ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد وأبي هريرة أنهما سمعا رسول الله - - يقول : " ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر به من سيئاته " .

مسلم : حدثنا زهير بن حرب ، ثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة قالت : سمعت رسول الله - - قال : " ما من مسلم يشاك بشوكة فما فوقها إلا كتب له بها درجة ، ومحيت عنه بها خطيئة " .

مسلم : حدثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا سفيان ، عن ابن محيصن - شيخ من قريش ، قال مسلم : عمر بن عبد الرحمن بن محيصن من أهل مكة - سمع محمد ابن قيس بن مخرمة ، يحدث عن أبي هريرة قال : " لما نزلت {من يعمل سوءا يجز به} بلغت من المسلمين مبلغا شديدا ، فقال رسول الله - - : قاربوا وسددوا ، ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى النكبة ينكبها أو الشوكة يشاكها " .

أبو داود : حدثنا مسدد ، ثنا يحيى .

وثنا ابن بشار ، ثنا عثمان بن عمر وأبو داود ، عن أبي عامر الخزاز ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة قالت : " قلت : يا رسول الله ، إني لأعلم أشد آية في القرآن ، قول الله - تعالى - : {من يعمل سوءا يجز به} قال : أما علمت يا عائشة أن المسلم تصيبه النكبة ، أو الشوكة ، فيحاسب أو يكافأ بأسوأ عمله ، ومن حوسب عذب . قالت : أليس يقول الله - عز وجل - : {فسوف يحاسب حسابا يسيرا} قال : ذاكم العرض يا عائشة ، من نوقش الحساب عذب " .

قال أبو داود : هذا لفظ ابن بشار .

مسلم : حدثنا عثمان بن أبي شيبة وزهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم ، قال إسحاق : أنا ، وقال الآخران : ثنا جرير ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن الحارث بن سويد ، عن عبد الله قال : " دخلت على رسول الله - - وهو يوعك فمسسته بيدي ، فقلت : يا رسول الله ، إنك توعك وعكا شديدا ؟ فقال رسول الله - - : أجل ، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم . قال : فقلت : ذلك أن لك أجرين ؟ فقال رسول الله - - : أجل . ثم قال رسول الله : ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله به سيئاته ، كما تحط الشجرة ورقها " .

وليس في حديث زهير : " فمسسته بيدي " .

الترمذي : حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، ثنا يزيد بن زريع ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة " .

قال : هذا حديث حسن صحيح .

البزار : حدثنا محمد بن بشار ، ثنا عمرو بن خليفة ثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : " قال رسول الله - - لأعرابي : هل أخذتك أم ملدم قط ؟ قال : ما أم ملدم ؟ قال : حر يكون بين الجلد واللحم . قال : لا . قال : ما أخذك الصداع قط ؟ قال : وما الصداع ؟ قال : عرق يضرب على الإنسان في رأسه . قال : ما وجدت هذا قط . فلما ولي قال رسول الله - - : من سره أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا " .

باب من يرد الله به خيرا يصب منه

البخاري : حدثنا عبد الله بن يوسف ، أنا مالك ، عن محمد بن عبد الله ابن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه قال : سمعت سعيد بن يسار أبا الحباب يقول : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله - - : " من يرد الله به خيرا يصب منه " .

باب مثل المؤمن وما يصيبه من البلاء

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا عبد الأعلى ، عن معمر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " مثل المؤمن كمثل الزرع ، لا تزال الريح تميله ، ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء ، ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز لا تهتز حتى تستحصد " .

البخاري : حدثنا إبراهيم بن المنذر ، حدثني محمد بن فليح ، حدثني أبي ، عن هلال بن علي - من بني عامر بن لؤي - عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع ، من حيث أتتها الريح كفأتها ، فإذا اعتدلت تكفأ بالبلاء ، والفاجر كالأرزة ، صماء معتدلة ، حتى يقصمها الله - عز وجل - إذا شاء " .

مسلم : حدثني زهير بن حرب ، ثنا بشر بن السري وعبد الرحمن بن مهدي ، قالا : ثنا سفيان ، عن سعد بن إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن أبيه قال : قال رسول الله - - : " مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع ، تفيئها الرياح تصرعها مرة ، وتعدلها مرة ، حتى يأتيه أجله ، ومثل المنافق مثل الأرزة المجذية ، التي لا يصيبها شيء حتى يكون انجعافها مرة واحدة " .

باب أي الناس أشد بلاء

الترمذي : حدثنا قتيبة ، ثنا حماد بن زيد ، عن عاصم بن بهدلة ، عن مصعب بن سعد ، عن أبيه قال : " قلت لرسول الله - - : أي الناس أشد بلاء ؟ قال : الأنبياء ، ثم الأمثل فالأمثل ، فيبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه ، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه ، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة " .

قال : هذا حديث حسن صحيح .

البخاري : حدثنا عبدان ، عن أبي حمزة ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن الحارث بن سويد ، عن عبد الله قال : " دخلت على النبي - - وهو يوعك ، فقلت : يا رسول الله ، إنك توعك وعكا شديدا ؟ قال : أجل ، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم . قلت : ذلك بأن لك أجرين ؟ قال : أجل ، ذلك كذلك ، ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها ، إلا كفر الله به سيئاته ، كما تحط الشجرة ورقها " .

الترمذي : حدثنا محمود بن غيلان ، ثنا أبو داود ، أنبأنا شعبة ، عن الأعمش قال : سمعت أبا وائل يقول : قالت عائشة : " ما رأيت الوجع على أحد أشد منه على رسول الله - - " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

باب ثواب الحمد على البلاء والعافية

البزار : ثنا محمد بن عبد الله ، ثنا عبد الرحمن بن غزوان ، ثنا المسعودي ، عن حبيب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أن نبي الله - - قال : " أول من يقوم فأول من يدعى يوم القيامة الحمادون على كل حال " .

باب سؤال العافية

البزار : حدثنا عبد الله بن الوضاح الكوفي ، ثنا الحسين بن علي الجعفي ، ثنا زائدة ، عن عاصم - يعني : ابن بهدلة - عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : " قام فينا أبو بكر - رحمه الله - فقال : قام فينا رسول الله - - كمقامي فيكم اليوم ، فقال : إن الناس لم يعطوا شيئا خيرا من العفو والعافية ، فسلوهما الله " .

باب ما يحذر من الضجر وقلة الصبر

البخاري : حدثنا معلى بن أسد ، ثنا عبد العزيز بن مختار ، ثنا خالد - هو الحذاء - عن عكرمة ، عن ابن عباس " أن النبي - - دخل على أعرابي يعوده ، قال : وكان النبي - - إذا دخل على مريض يعوده . قال : لا بأس طهور إن شاء الله . قال : قلت : طهور ! كلا ، بل هي حمى تفور - أو تثور - على شيخ كبير تزيره القبور . فقال النبي - - : فنعم إذا " .

باب ما جاء أن المريض يكتب له عمله الذي كان يعمل صحيحا

البخاري : حدثنا مطر بن الفضل ، ثنا يزيد بن هارون ، أنا العوام ، أنا إبراهيم أبو إسماعيل السكسكي قال : " سمعت أبا بردة واصطحب هو ويزيد بن أبي كبشة في سفر ، فكان يزيد يصوم في السفر ، فقال له أبو بردة : سمعت أبا موسى مرارا يقول : قال رسول الله - - : إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا " .

البزار : حدثنا زهير بن محمد ، ثنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن عاصم بن بهدلة ، عن خيثمة ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله - - : " إذا كان العبد على طريقة حسنة من العبادة ثم مرض ، قيل للملك الموكل به : اكتب له مثل أجر عمله إذا كان طلقا حتى أطلقه ، أو أكفته إلي " .

تابعه القاسم بن مخيمرة ، عن عبد الله بن عمرو .

باب ثواب من أصابته الحمى

مسلم : حدثني عبيد الله بن عمر القواريري ، ثنا يزيد بن زريع ، ثنا الحجاج الصواف ، حدثني أبو الزبير ، ثنا جابر بن عبد الله : " أن رسول الله - - دخل على أم السائب - أو أم المسيب - فقال : ما لك يا أم السائب - أو يا أم المسيب - تزفزفين ؟ قالت : الحمى ، لا بارك الله فيها . فقال : لا تسبي الحمى ، فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد " .

البزار : حدثني محمد بن موسى القطان الواسطي ، ثنا عثمان بن مخلد ، ثنا هشيم ، عن المغيرة ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، أن النبي - - قال : " الحمى حظ كل مؤمن من النار " .

قال : وهذا الحديث لا نعلم أحدا أسنده عن هشيم إلا عثمان بن مخلد .

باب من ذهب بصره

البخاري : حدثنا عبد الله بن يوسف ، أنا الليث ، حدثني ابن الهاد ، عن عمرو مولى المطلب ، عن أنس سمعت النبي - - يقول : " إن الله قال : إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه ثم صبر عوضته منهما الجنة . يريد : عينيه " .

تابعه أشعث بن جابر وأبو ظلال عن أنس عن النبي - - .

باب ثواب الصرع

مسلم " حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري ، ثنا يحيى بن سعيد وبشر بن المفضل ، قالا : ثنا عمران أبو بكر قال : حدثني ابن أبي رباح قال : : قال لي ابن عباس : ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت : بلى . قال : هذه المرأة السوداء ، أتت النبي - - قالت : إني أصرع وإني أتكشف ، فادع الله لي . قال : إن شئت صبرت ولك الجنة ، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك . قالت : أصبر . قالت : فإني أتكشف ، فادع الله ألا أتكشف . فدعا لها " .

باب ثواب المبطون

أبو بكر بن أبي شيبة : عن غندر ، عن شعبة ، عن جامع بن شداد ، عن عبد الله بن يسار ، قال : " كنت جالسا مع سليمان بن صرد وخالد بن عرفطة ، وهما يريدان أن يتبعا جنازة مبطون ، فقال أحدهما لصاحبه : ألم يقل رسول الله - - : من يقتله بطنه فلم يعذب في قبره ؟ قال : بلى " .

مسلم : حدثنا زهير بن حرب ، ثنا جرير ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة في حديث ذكره قال : قال رسول الله - - : " من مات في البطن فهو شهيد " .

وقد تقدم الحديث بكماله في باب كم الشهداء من كتاب الجهاد .

باب ذكر الطاعون وثواب من مات فيه وأجر الصابر فيه

مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى قال : قرأت على مالك ، عن محمد بن المنكدر وأبي النضر مولى عمر بن عبيد الله ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه ، أنه سمعه يسأل أسامة بن زيد : ماذا سمعت من رسول الله - - في الطاعون ؟ فقال أسامة : قال رسول الله - - : " الطاعون رجز أو عذاب أرسل على بني إسرائيل أو على من كان قبلكم ، فإذا سمعتم به في أرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها ، فلا تخرجوا فرارا منه " .

وقال أبو النضر : " لا يخرجكم إلا فرارا منه " .

مسلم : حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو وحرملة بن يحيى ، قالا : ثنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، أخبرني عامر بن سعد ، عن أسامة بن زيد ، عن رسول الله - - أنه قال : " إن هذا الوجع والسقم رجز عذب به بعض الأمم قبلكم ، ثم بقي بعد بالأرض ، فيذهب المرة ، ويأتي الأخرى ، فمن سمع به بأرض فلا يقدمن عليه ، ومن وقع بأرض هو بها فلا يخرجه الفرار منه " .

مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى التميمي ، قال : قرأت على مالك ، عن ابن شهاب ، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن عباس " أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام ، حتى إذا كان بسرغ لقيه أهل - مدن الشام - الأجناد أبو عبيدة وأصحابه ، فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام . قال ابن عباس : فقال عمر : ادع لي المهاجرين الأولين . فدعوتهم فاستشارهم ، وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام ، فاختلفوا : فقال بعضهم : خرجت لأمر ، ولا نرى أن ترجع عنه . وقال بعضهم : معك بقية الناس ، وأصحاب رسول الله - - ، ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء . فقال : ارتفعوا عني . فقال : ادع لي الأنصار . فدعوتهم فاستشارهم ، فسلكوا سبيل المهاجرين ، واختلفوا كاختلافهم ، فقال : ارتفعوا عني . ثم قال : ادع لي من كان هاهنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح . فدعوتهم ، فلم يختلف عليه رجلان فقالوا : نرى أن ترجع بالناس ، ولا تقدمهم على هذا الوباء . فنادى عمر في الناس : إني مصبح على ظهر ، فأصبحوا عليه . فقال أبو عبيدة بن الجراح : أفرارا من قدر الله ؟ فقال عمر : لو غيرك قالها يا أبا عبيدة - وكان عمر يكره خلافه - نعم يفرر من قدر الله إلى قدر الله ، أرأيت لو كانت لك إبل ، فهبطت واديا له عدوتان ، الواحدة خصبة ، والأخرى جدبة ، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله ، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله ؟ قال : فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان متغيبا في بعض حوائجه فقال : إن عندي من هذا علما ، سمعت رسول الله - - يقول : إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه . قال : فحمد الله عمر بن الخطاب ثم انصرف " .

مسلم : حدثنا حامد بن عمر - هو البكراوي - ثنا عبد الواحد - يعني : ابن زياد - ثنا عاصم ، عن حفصة ابنة سيرين قالت : قال لي أنس بن مالك : بم مات يحيى بن أبي عمرة ؟ قالت : قلت : بالطاعون . قالت : فقال : قال رسول الله - - : " الطاعون شهادة لكل مسلم " .

البخاري : حدثنا إسحاق ، أنا حبان ، أنا داود بن أبي الفرات ، ثنا عبد الله ابن بريدة ، عن يحيى بن يعمر ، عن عائشة أنها أخبرته " أنها سألت رسول الله - - عن الطاعون ، فأخبرها نبي الله - - أنه كان عذابا يبعثه الله على من يشاء ، فجعله الله رحمة للمؤمنين ، فليس من عبد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرا ، يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر الشهداء " .

البخاري : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أنا النضر ، ثنا داود بهذا الإسناد " أن عائشة سألت رسول الله - - عن الطاعون . فقال : كان عذابا يبعثه الله على من يشاء ، فجعله الله رحمة للمؤمنين ما من عبد يكون في بلدة يكون فيه ويمكث فيه لا يخرج من البلدة صابرا محتسبا ، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد " .

أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا عفان بن مسلم ، ثنا عبد الواحد بن زياد ، ثنا عاصم الأحول ، ثنا كريب بن الحارث بن أبي موسى ، عن أبي بردة بن قيس أخي أبي موسى الأشعري قال : قال : رسول الله - - : " اللهم اجعل فناء أمتي قتلا في سبيلك بالطعن والطاعون " .

قال : وثنا يحيى بن أبي بكير ، ثنا النهشلي أبو بكر ، ثنا زياد بن علاقة ، عن قطبة قال : " خرجنا حاجين في بضعة عشر من بني ثعلبة ، فبلغنا أن أبا موسى نزل منزلا فأتيناه فقال : قال رسول الله - - : اللهم اجعل فناء أمتي بالطعن والطاعون . قال : قلنا : هذا الطعن قد عرفناه ، فما الطاعون ؟ قال : وخز أعدائكم من الجن ، فكل فيه شهداء " .

البزار : حدثنا الفضل بن سهل ، ثنا يحيى بن أبي بكير بهذا الإسناد وهذا الحديث ، إلا إنه قال : " وفي كل شهادة " .

النسائي : أخبرني عمرو بن عثمان بن سعيد ، ثنا بقية ، عن بحير ، عن خالد ، عن ابن أبي بلال ، عن العرباض بن سارية أن رسول الله - - قال : " يختصم الشهداء والمتوفون على فرشهم إلى ربنا - عز وجل - في الذين يتوفون من الطاعون ؛ فيقول الشهداء : إخواننا قتلوا كما قتلنا ، ويقول المتوفون على فرشهم إخواننا ماتوا على فرشهم كما متنا . فيقول ربنا - عز وجل - : انظروا إلى جراحهم ، فإن أشبه جراحهم جراح المقتولين فإنهم منهم ومعهم . فإذا جراحهم قد أشبهت جراحهم " .

ابن أبي بلال هو عبد الله ، قال أبو بكر البزار وذكر هذا الحديث : لا نعلمه يروى عن النبي - - إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد ، وإسناده حسن .

باب ذكر أعمار أمة محمد - -

الترمذي : حدثنا الحسن بن عرفة ، ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " أعمار أمتي ما بين ستين إلى سبعين ، وأقلهم من يجوز ذلك " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب ، من حديث محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة عن أبي هريرة ، عن النبي - - ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه .

الترمذي : حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، ثنا محمد بن ربيعة شعبة ، عن كامل أبي العلاء ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " عمر أمتي من ستين سنة إلى سبعين " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب من حديث أبي صالح عن أبي هريرة ، وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة .

باب وجوب عيادة المريض وما جاء في تركها

البخاري : حدثنا قتيبة ، ثنا أبو عوانة ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله - - : " أطعموا الجائع ، وعودوا المريض ، وفكوا العاني " .

مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى و قتيبة وابن حجر قالوا : ثنا إسماعيل - وهو ابن جعفر - عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - - قال : " حق المسلم على المسلم ست : قيل : وما هن يا رسول الله ؟ قال : إذا لقيته فسلم عليه ، وإذا دعاك فأجبه ، وإذا استنصحك فانصح له ، وإذا عطس فحمد الله فشمته ، وإذا مرض فعده ، وإذا مات فاتبعه " .

البخاري : حدثني عمرو بن عباس ، ثنا عبد الرحمن ، ثنا سفيان ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر قال : " جاءني رسول الله - - يعودني ، ليس براكب بغل ولا برذون " .

وقد تقدم من طريق مسلم في باب كلام الرب - سبحانه - قول النبي - - : " إن الله يقول يوم القيامة ، يا ابن آدم ، مرضت فلم تعدني . قال : يا رب ، كيف أعودك وأنت رب العالمين ؟ ! قال : ما علمت أن عبدي فلانا مرض ، فلم تعده ، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده " .

باب فضل العيادة

مسلم : حدثنا زهير بن حرب ، ثنا يزيد بن هارون ، أنا عاصم الأحول ، عن عبد الله بن زيد - هو أبو قلابة - عن أبي الأشعث الصنعاني ، عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان مولى رسول الله

قال : قال رسول الله : " : " من عاد ، مريضا لم يزل في خرفة الجنة . قيل : يا رسول الله ، وما خرفة الجنة ؟ قال : جناها " .

مسلم : حدثنا يحيى بن حبيب ، ثنا يزيد بن زريع ، ثنا خالد ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء الرحبي ، عن ثوبان ، عن النبي - - قال : " إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع " .

قال الترمذي في هذا الحديث : سمعت محمدا يقول : من روى هذا الحديث عن أبي قلابة ، عن أبي الأشعث ، عن أبي أسماء فهو أصح .

قال محمد : وأحاديث أبي قلابة إنما هي عن أبي أسماء إلا هذا الحديث ، وهو عندي عن أبي الأشعث عن أبي أسماء .

أبو داود : حدثنا محمد بن كثير ، أنا شعبة ، عن الحكم ، عن عبد الله بن نافع ، عن علي - رضي الله عنه - قال : " ما من رجل يعود مريضا ممسيا ، إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح ، وكان له خريف في الجنة ، ومن أتاه مصبحا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يمسي ، وكان له خريف في الجنة " .

ثنا عثمان بن أبي شيبة ، ثنا أبو معاوية ، ثنا الأعمش ، عن الحكم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن علي - رضي الله عنه - عن النبي - - بمعناه .

قال أبو داود : أسند هذا من غير وجه عن علي - رحمه الله - عن النبي - - .

أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن الحكم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : " جاء أبو موسى إلى الحسن بن علي يعوده ، وكان شاكيا ، فقال له علي : أعائدا جئت أم شامتا ؟ قال : لا ، بل عائدا . فقال له علي : أما إذ جئت عائدا فإني سمعت رسول الله - - يقول : من أتى أخاه المسلم يعوده مشى في خرافة الجنة حتى يجلس ، فإذا جلس غمرته الرحمة ؛ فإن كان مساء صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح ، وإن كان غدوة صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي " .

قال الترمذي في هذا الحديث : " أعائدا جئت أم زائرا " رواه من طريق ثوير بن أبي فاختة ، عن أبيه ، عن علي . وأبو فاختة اسمه سعيد بن علاقة ، وثوير ضعيف .

باب العيادة على وضوء

أبو داود : حدثنا محمد بن عوف الطائي ، ثنا الربيع بن روح بن خليد ، عن محمد بن خالد ، ثنا الفضل بن دلهم الواسطي ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله - - : " من توضأ فأحسن الوضوء وعاد أخاه المسلم محتسبا بوعد من جهنم مسيرة ستين خريفا " . قلت : يا أبا حمزة ، وما الخريف . قال : العام .

الربيع بن روح هذا يكنى أبا روح ، وقال أبو حاتم : ثنا الربيع بن روح أبو روح ، وكان ثقة خيارا .

والفضل بن دلهم أيضا صالح الحديث ليس به بأس ، روى عنه وكيع وابن المبارك ويزيد بن هارون ، ذكر ذلك ابن أبي حاتم .

باب عيادة الأعمى

ومن وجعت عيناه

الطحاوي : حدثنا محمد بن خزيمة ، ثنا إبراهيم بن بشار الرمادي ، ثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه أن رسول الله - - قال : " اذهبوا بنا إلى بني واقف ، نعود ذلك البصير ، وكان محجوب البصر " .

أبو داود : حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ، ثنا حجاج بن محمد عن يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه ، عن زيد بن أرقم قال : " عادني رسول الله - - من وجع كان بعيني " .

باب عيادة الذمي ومن يظهر إسلامه

البخاري : حدثنا سليمان بن حرب ، ثنا حماد بن زيد ، عن ثابت ، عن أنس قال : " كان غلام يهودي يخدم النبي - - فمرض ، فأتاه النبي - - يعوده فقعد عند رأسه فقال له : أسلم . فنظر إلى أبيه وهو عنده ، فقال : أطع أبا القاسم . فأسلم ، فخرج النبي - - وهو يقول : الحمد لله الذي أنقذه بي من النار " .

أبو داود : حدثنا عبد العزيز بن يحيى ، عن محمد بن سلمة ، عن محمد ابن إسحاق ، عن الزهري ، عن عروة ، عن أسامة بن زيد قال : " خرج رسول الله - - يعود عبد الله بن أبي في مرضه الذي مات فيه ، فلما دخل عليه عرف فيه الموت ، قال : قد كنت أنهاك عن حب يهود . قال : فقد أبغضهم أسعد بن زرارة فمه . فلما مات أتاه ابنه فقال : يا رسول الله ، إن عبد الله بن أبي قد مات ، فأعطني قميصك أكفنه فيه . فنزع رسول الله - - قميصه فأعطاه إياه " .

باب ما يقول من دخل على مريض

الترمذي : حدثنا محمد بن المثنى ، ثنا محمد بن جعفر ، ثنا شعبة ، عن يزيد بن أبي خالد قال : سمعت المنهال بن عمرو ، يحدث عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبي - - أنه قال : " ما من عبد مسلم يعود مريضا لم يحضر أجله يقول سبع مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك . إلا عوفي " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من حديث المنهال ابن عمرو .

النسائي : أخبرنا وهب بن بيان ، ثنا ابن وهب ، قال : أخبرني عمرو بن الحارث ، عن عبد ربه بن سعيد ، حدثني المنهال بن عمرو ومرة سعيد بن جبير ، عن عبد الله بن الحارث ، عن ابن عباس قال : " كان النبي - - إذا عاد مريضا جلس عند رأسه ، ثم قال سبع مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك . فإن كان في أجله تأخير عوفي من وجعه ذلك " .

البخاري : حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا أبو عوانة ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن مسروق ، عن عائشة " أن رسول الله - - كان إذا أتى مريضا أو أتي به قال : أذهب البأس رب الناس ، اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما " .

باب وضع اليد على المريض

البخاري : حدثنا المكي بن إبراهيم ، أنا الجعيد ، عن عائشة بنت سعد ، أن أباها قال : " تشكيت بمكة شكوى شديدة فجاءني النبي - - يعودني ، فقلت : يا نبي الله ، إني أترك مالا وإني لا أترك إلا ابنة واحدة ، فأوصي بثلثي مالي وأترك الثلث ؟ قال : لا . قلت : فأوصي بالنصف وأترك النصف ؟ قال : لا . قلت : فأوصي بالثلث ، وأترك لها الثلثين ؟ قال : الثلث ، والثلث كثير . ثم وضع يده على جبهته ، ثم مسح يده على وجهي وبطني ، ثم قال : اللهم اشف سعدا ، وأتمم له هجرته . فما زلت أجد برده على كبدي - فيما يخال إلي - حتى الساعة " .

تم كتاب الأمراض والعيادة . والحمد لله . يتلوه كتاب الطب - إن شاء الله