كتاب الأحكام الشرعية الكبرى/كتاب الأدب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة



باب بر الوالدين[عدل]

مسلم : حدثنا محمد بن أبي عمر المكي ، ثنا مروان بن معاوية الفزاري ، ثنا أبو يعفور ، عن الوليد بن العيزار ، عن أبي عمرو الشيباني ، عن عبد الله بن مسعود قال : " قلت : يا نبي الله ، أي الأعمال أقرب إلى الجنة ، قال : الصلاة على مواقيتها . قلت : وماذا يا نبي الله ؟ قال : بر الوالدين . قلت : وماذا يا نبي الله ؟ قال : الجهاد في سبيل الله " .

مسلم : حدثنا قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف الثقفي وزهير بن حرب قالا : ثنا جرير ، عن عمارة بن القعقاع ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة قال : " جاء رجل إلى النبي - - فقال : من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك . قال : ثم من ؟ قال : ثم أمك . قال : ثم من ؟ قال : ثم أمك . قال : ثم من ؟ قال : ثم أبوك " .

البخاري : حدثنا مسدد ، ثنا يحيى ، عن سفيان وشعبة ، قالا : ثنا حبيب .

وثنا محمد بن كثير ، ثنا سفيان ، عن حبيب ، عن أبي العباس ، عن عبد الله ابن عمرو قال : " قال رجل للنبي - - : أجاهد ؟ قال : ألك أبوان ؟ قال : نعم . قال : ففيهما فجاهد " .

الترمذي : حدثنا ابن أبي عمر ، ثنا سفيان بن عيينة ، عن عطاء بن السائب الهجيمي ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن أبي الدرداء " أن رجلا أتاه ، فقال : إن لي امرأة وإن أمي تأمرني بطلاقها . فقال أبو الدرداء : سمعت رسول الله - - يقول : الوالد أوسط أبواب الجنة . فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه " .

قال : وقال ابن أبي عمرو : ربما قال سفيان : " إن أمي " ، وربما قال : " إن أبي " .

قال أبو عيسى : هذا حديث صحيح .

الترمذي : حدثنا أبو حفص عمرو بن علي ، ثنا خالد بن الحارث ، ثنا شعبة ، عن يعلى بن عطاء ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي - - قال : " رضى الرب في رضى الوالد ، وسخط الرب في سخط الوالد " .

قال أبو عيسى : لا نعلم أحدا رفعه غير خالد بن الحارث ، وخالد ثقة مأمون ، سمعت محمد بن المثنى يقول : ما رأيت بالبصرة مثل خالد بن الحارث ، ولا بالكوفة مثل عبد الله بن إدريس . قال : وفي الباب عن عبد الله بن مسعود .

أبو داود : حدثنا ابن المثنى ، ثنا أبو عاصم ، ثنا جعفر بن يحيى بن عمارة ابن ثوبان قال : أنا عمارة ، أن أبا الطفيل أخبره ، قال : " رأيت النبي - - يقسم لحما بالجعرانة - قال أبو الطفيل : وأنا يومئذ غلام ، أحمل عظم الجزور - إذ أقبلت امرأة حتى دنت إلى النبي - - ، فبسط لها رداءه ، فجلست عليه ، فقالوا : من هي ؟ فقالوا : هذه أمه التي أرضعته " .

الترمذي : حدثنا أحمد بن محمد ، أنا ابن المبارك ، أنا ابن أبي ذئب ، عن الحارث بن عبد الرحمن ، عن حمزة بن عبد الله بن عمر ، عن ابن عمر قال : " كانت تحتي امرأة أحبها ، وكان أبي يكرهها ، فأمرني أن أطلقها ، فأبيت فذكرت ذلك للنبي - - فقال : يا عبد الله بن عمر ، طلق امرأتك " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح ، إنما نعرفه من حديث ابن أبي ذئب .

البزار : حدثنا محمد بن يحيى بن عبد الكريم الأزدي ، ثنا عبد الله بن داود - هو الخريبي - عن هشام بن عروة ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر " أن النبي - - قال لرجل : أنت ومالك لأبيك " .

قال أبو بكر : وهذا الحديث إنما يروى عن هشام بن عروة ، عن محمد بن المنكدر مرسلا ، ولا نعلم أحدا أسنده من حديث هشام إلا عثمان بن عثمان الغطفاني وعبد الله بن داود فإنهما أسنداه " .

أبو داود : ثنا محمد بن كثير ، أخبرنا سفيان ، ثنا سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه " .

باب بر الوالدين بعد موتهما[عدل]

أبو داود : حدثنا إبراهيم بن مهدي وعثمان بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء المعنى ، قالوا : ثنا عبد الله بن إدريس ، عن عبد الرحمن بن سليمان ، عن أسيد ابن علي بن عبيد مولى بني ساعدة ، عن أبيه ، عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي قال : " بينما نحن عند رسول الله - - إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال : يا رسول الله ، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما ؟ قال : نعم ، الصلاة عليهما والاستغفار لهما ، وإنفاذ عهدهما من بعدهما ، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما ، وإكرام صديقهما " .

علي بن عبيد هذا لا أعلم روى عنه إلا ابنه أسيد .

باب إجابة دعاء من بر والديه[عدل]

البخاري : حدثنا سعيد بن أبي مريم ، ثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ، أنا نافع ، عن ابن عمر ، عن رسول الله - - قال : " بينما ثلاثة نفر يتماشون أخذهم المطر ، فمالوا إلى غار في الجبل ، فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل ، فأطبقت عليهم ، وقال بعضهم لبعض : انظروا أعمالا عملموها لله صالحة فادعوا الله بها لعله يفرجها . فقال أحدهم : اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران ولي صبية صغار ، كنت أرعى عليهم ، فإذا رحت عليهم فحلبت ، بدأت بوالدي أسقيهما قبل ولدي ، وإنه نأى بي الشجر يوما فما أتيت حتى أمسيت ، فوجدتهما قد ناما ، فحلبت كما كنت أحلب ، فجئت بالحلاب ، فقمت عند رءوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما ، وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما ، والصبية يتضاغون عند قدمي ، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر ، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فرجة نرى منها السماء . ففرج الله لهم حتى يرون منها السماء . قال الثاني : اللهم إنه كانت لي ابنة عم أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء ، فطلبت إليها نفسها ، فأبت حتى آتيها بمائة دينار ، فسعيت حتى جمعت مائة دينار ، فلقيتها بها ؛ فلما قعدت بين رجليها قالت : يا عبد الله ، اتق الله ولا تفتح الخاتم إلا بحقه ، فقمت عنها ، اللهم فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها . ففرج لهم فرجة ، وقال الآخر : اللهم إني كنت استأجرت أجيرا بفرق أرز ، فلما قضى عمله قال : أعطني حقي . فعرضت عليه حقه فتركه ورغب عنه ، فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقرا وراعيها ، فجاءني فقال : اتق الله ولا تظلمني وأعطني حقي . فقلت : اذهب إلى ذلك البقر وراعيها . فقال : اتق الله ولا تهزأ بي . فقلت : إني لا أهزأ بك ، فخذ ذلك البقر وراعيها . فأخذها فانطلق بها ، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج ما بقي ، ففرج الله عنهم " .

باب ما جاء في عقوق الوالدين[عدل]

البخاري : حدثني إسحاق ، ثنا خالد الواسطي ، عن الجريري ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه قال : قال النبي - - : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قلنا : بلى يا رسول الله . قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين . وكان متكئا فجلس فقال : ألا وقول الزور ، وشهادة الزور ، ألا وقول الزور ، وشهادة الزور . فما زال يقولها حتى قلت : لا يسكت " .

مسلم : حدثنا زهير بن حرب ، ثنا جرير ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " رغم أنفه ، رغم أنفه ، رغم أنفه ، قيل : من يا رسول الله ؟ قال : من أدرك والديه عنده الكبر أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخل الجنة " .

أبو داود الطيالسي : ثنا شعبة ، عن قتادة ، سمع زرارة يحدث ، عن أبي مالك ، أن النبي - - قال : " من أدرك أبويه أو أحداهما ثم دخل النار ؛ فأبعده الله " . البزار : حدثنا عمرو بن علي ، ثنا أبو عاصم ، عن عمر بن محمد ، عن عبد الله بن يسار عن سالم ، عن أبيه عن النبي - - قال : " ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة : العاق لوالديه ، والديوث ، والمرأة المترجلة تشبه بالرجال ، وثلاثة لا يدخلون الجنة : العاق لوالديه ، والمنان عطاءه ، ومدمن الخمر " .

تفرد به عمر بن محمد ، عن عبد الله بن يسار .

أبو داود : حدثنا محمد بن جعفر بن زياد ، قال : أناه .

وثنا عباد بن موسى ، ثنا إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله - - : " إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه . قيل : يا رسول الله ، كيف يلعن الرجل والديه ؟ قال : يلعن أبا الرجل فيلعن أباه ، ويلعن أمه فيلعن أمه " .

أبو داود الطيالسي قال : ثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، سمعت حميد ابن عبد الرحمن يقول : سمعت عبد الله بن عمرو يقول : سمعت رسول الله - - يقول : " إن من أكبر الذنوب أن يسب الرجل والديه في الإسلام . قيل : يا رسول الله ، وكيف يسب والديه ؟ قال : يسب أبا الرجل فيسب أباه ، ويسب أمه فيسب أمه " .

باب ما يحذر من دعاء الوالدين[عدل]

مسلم : حدثنا زهير بن حرب ، ثنا يزيد بن هارون ، أنا جرير بن حازم ، ثنا محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى ابن مريم ، وصاحب جريج ، وكان جريج رجلا صالحا ، فاتخذ صومعة فكان فيها ، فأتته أمه وهو يصلي فقالت : يا جريج . فقال : يا رب ، أمي وصلاتي . فأقبل على صلاته ، فانصرفت ، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي فقالت : يا جريج . فقال : يا رب ، أمي وصلاتي . فأقبل على صلاته ؛ فانصرفت فلما كان من الغد أتته وهو يصلي ، فقالت : يا جريج . فقال : أي رب ، أمي وصلاتي . فأقبل على صلاته ، فقالت : اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات . فتذاكر بنو إسرائيل جريجا وعبادته ، وكانت امرأة بغي يتمثل بحسنها ، فقالت : إن شئتم لأفتننه لكم ، قال : فتعرضت له ، فلم يلتفت إليها ، فأتت راعيا كان يأوي إلى صومعته ، فأمكنته من نفسها ، فوقع عليها ؛ فحملت ، فلما ولدت قالت : هو من جريج . فأتوه فاستنزلوه وهدموا صومعته وجعلوا يضربونه . فقال : ما شأنكم ؟ قالوا : زنيت بهذه البغي ، فولدت منك . قال : أين الصبي ؟ فجاءوا به ، فقال : دعوني حتى أصلي . فصلى فلما انصرف أتى الصبي فطعن في بطنه وقال : يا غلام ، من أبوك ؟ قال : فلان الراعي . قال : فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به ، وقالوا : نبني لك صومعتك من ذهب . قال : لا ، أعيدوها من طين كما كانت . ففعلوا ، وبينما صبي يرضع أمه فمر رجل راكب على دابة فارهة وشارة حسنة ، فقالت أمه : اللهم اجعل ابني مثل هذا . فترك الثدي وأقبل إليه ، فنظر إليه فقال : اللهم لا تجعلني مثله . ثم أقبل على ثديه فجعل يرتضع . قال : وكأني أنظر إلى رسول الله - - وهو يحكي ارتضاعه بإصبعه السبابة في فمه ، فجعل يمصها ، قال : ومروا بجارية وهم يضربونها ويقولون : زنيت ، سرقت . وهي تقول : حسبي الله ونعم الوكيل . فقالت أمه : اللهم لا تجعل ابني مثلها ، فترك الرضاع ونظر إليها فقال : اللهم اجعلني مثلها . فهناك تراجعا الحديث ، فقالت : حلقى ، مر رجل حسن الهيئة ، فقلت : اللهم اجعل ابنى مثله ، فقلت : اللهم لا تجعلني مثله ، ومروا بهذه الأمة وهم يضربونها ويقولون : زنيت سرقت ، فقلت : اللهم لا تجعل ابني مثل هذه ، فقلت : اللهم اجعلني مثلها . فقال : إن ذلك الرجل كان جبارا ، فقلت : اللهم لا تجعلني مثله ، وإن هذه يقولون لها : زنيت ولم تزن ، وسرقت ولم تسرق ، فقلت : اللهم اجعلني مثلها " .

قال مسلم : وثنا شيبان بن فروخ ، ثنا سليمان بن المغيرة ، ثنا حميد بن هلال ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة أنه قال : " كان جريج يتعبد في صومعته فجاءت أمه - قال حميد : فوضع أبو رافع صفة أبي هريرة لصفة رسول الله - - أمه حين دعت كيف جعلت كفها فوق حاجبها ، ثم رفعت رأسها إليه تدعوه - فقالت : يا جريج ، أنا أمك كلمني . فصادفته يصلي ، فقال : اللهم ، أمي وصلاتي . قال : فاختار صلاته ، فرجعت ثم عادت في الثانية فقالت : يا جريج ، أنا أمك فكلمني . قال : اللهم ، أمي وصلاتي . فاختار صلاته ، فقالت : اللهم إن هذا جريج وهو ابنى وإني كلمته وأبي أن يكلمني ، اللهم لا تمته حتى تريه المومسات . قال : ولو دعت عليه أن يفتن لفتن ، قال : وكان راعي ضأن يأوي إلى ديره ، قال : فخرجت امرأة من القرية ، فوقع عليها الراعي ، فحملت فولدت غلاما ، فقيل لها : ما هذا . قالت : من صاحب هذا الدير . قال : فجاءوا بفئوسهم ومساحيهم ، فنادوه فصادفوه يصلي ، فلم يكلمهم ، قال : فأخذوا يهدمون ديره ، فلما رأى ذلك نزل إليهم فقالوا له : سل هذه . قال : فتبسم ثم مسح رأس الصبي ، قال : من أبوك ؟ قال : أبي راعي الضأن . فلما سمعوا ذلك منه قالوا : نبني ما هدمناه من صومعتك بالذهب والفضة . قال : لا ، ولكن أعيدوه ترابا كما كان . ثم علاه " .

الترمذي : حدثنا علي بن حجر ، ثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن هشام الدستوائي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي جعفر ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " ثلاث دعوات مستجابات لاشك فيهن : دعوة المظلوم ، ودعوة المسافر ، ودعوة الوالد على ولده " .

قال أبو عيسى : أبو جعفر الذي روى عن أبي هريرة يقال له أبو جعفر المؤذن ، ولا نعرف اسمه ، وقد روى عنه يحيى بن أبي كثير غير حديث .

باب إثم من انتفى من أبيه[عدل]

مسلم : حدثني عمرو الناقد ، ثنا هشيم بن بشير ، أنا خالد ، عن أبي عثمان قال : " لما دعي زياد لقيت أبا بكرة ، فقلت له : ما هذا الذي صنعتم ؟ إني سمعت سعد بن أبي وقاص يقول : سمعت أذني من النبي - - وهو يقول : من ادعى أبا في الإسلام غير أبيه يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام . فقال أبو بكرة : وأنا سمعته من رسول الله - - " .

أبو داود : حدثنا سليمان بن عبد الرحمن ، ثنا عمر بن عبد الواحد ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، حدثني سعيد بن أبي سعيد - ونحن ببيروت - عن أنس بن مالك قال : سمعت رسول الله - - يقول : " من ادعى إلي غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه ؛ فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة " .

باب بر الوالدين المشركين وصلتهما[عدل]

وقول الله تعالى {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا}

البزار : حدثنا محمد بن بشار وأبو موسى قالا : ثنا عمرو بن خليفة ، ثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : " مر رسول الله - - بعبد الله بن أبي وهو في ظل أطمة ، فقال : عتا علينا ابن أبي كبشة . فقال ابنه عبد الله بن عبد الله : يا رسول الله ، والذي أكرمك لئن شئت لآتينك برأسه . فقال : لا ، ولكن بر أباك ، وأحسن صحبته " .

وهذا الحديث لا نعلم رواه عن محمد إلا عمرو بن خليفة وهو ثقة .

البخاري : حدثنا قتيبة ، ثنا حاتم بن إسماعيل ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن أسماء بنت أبي بكر قالت : " قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد قريش ، إذ عاهدوا رسول الله - - ومدتهم مع أبيها ، فاستفتت رسول الله - - فقالت : إن أمي قدمت علي وهي راغبة ، أفأصلها ؟ قال : نعم ، صليها " .

باب بر أصحاب الوالدين وصلتهما[عدل]

مسلم : حدثني أبو الطاهر ، أنا عبد الله بن وهب ، أخبرني حيوة بن شريح ، عن ابن الهاد ، عن عبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - - قال : " أبر البر أن يصل الرجل ود أبيه " .

مسلم : حدثنا الحسن بن علي الحلواني ، ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، ثنا أبي والليث بن سعد ، جميعا عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد ، عن عبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر " أنه كان إذا خرج إلى مكة ، كان له حمار يتروح عليه إذا مل ركوب الراحله ، وعمامة يشد بها رأسه ، فبينما هو يوما على ذلك الحمار ، إذ مر به أعرابي ، فقال : ألست ابن فلان ابن فلان ؟ قال : بلى . فأعطاه الحمار وقال : اركب هذا ، والعمامة ، قال : اشدد بها رأسك . فقال له بعض أصحابه : غفر الله لك ؛ أعطيت هذا الأعرابي حمارا كنت تروح عليه ، وعمامة كنت تشد بها رأسك . فقال : إني سمعت رسول الله - - يقول : إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولى . وإن أباه كان صديقا لعمر " .

باب ما جاء في الخالة[عدل]

الترمذي : حدثنا محمد بن أحمد - وهو ابن مدوية - حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن البراء بن عازب ، عن النبي - - قاله : " الخالة بمنزلة الأم " .

وفي الحديث قصة ، وهذا حديث صحيح .

الترمذي : ثنا أبو كريب ، ثنا أبو معاوية ، عن محمد بن سواقة ، عن أبي بكر بن حفص - هو ابن عمر بن سعد بن أبي وقاص - عن ابن عمر : " أن رجلا أتى النبي - - فقال : يا رسول الله ، إني أصبت ذنبا عظيما ، فهل لي توبة ؟ قال : هل لك من أهل ؟ قال : لا . قال : هل لك من خالة ؟ قال : نعم . قال : فبرها " .

رواه سفيان بن عيينة ، عن محمد بن سوقة ، عن أبي بكر ، عن النبي - - ، وهذا أصح من حديث أبي معاوية .

باب النهي عن التقاطع والتدابر[عدل]

مسلم : حدثنا الحسن الحلواني وعلي بن نصر الجهضمي قالا : ثنا وهب بن جرير ، ثنا شعبة ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " لا تقاطعوا ، ولا تدابروا ، ولا تباغضوا ، ولا تحاسدوا ، وكونوا عبادا لله إخوانا كما أمركم الله "

باب من أحق الناس بحسن الصحبة[عدل]

مسلم : حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ، ثنا ابن فضيل ، عن أبيه ، عن عمارة بن القعقاع ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة قال : " قال رجل : يا رسول الله ، من أحق الناس بحسن الصحبة ؟ ، قال : أمك ، ثم أمك ثم أمك ثم أباك ، ثم أدناك أدناك " .

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا شريك ، عن عمارة وابن شبرمة ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة قال : " جاء رجل إلى النبي - - ... " فذكر بمثل حديث جرير وزاد : " فقال : نعم وأبيك لتنبأن " .

باب صلة الرحم[عدل]

البخاري : حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا هشام ، أنا معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت " .

مسلم : حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عباد قالا : ثنا حاتم - وهو ابن إسماعيل - عن معاوية - وهو ابن أبي مزرد مولى بنى هاشم - قال : " حدثني عمي أبو الحباب سعيد بن يسار ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم ، قامت الرحم فقالت : هذا مقام العائذ من القطيعة . قال : نعم ، أما ترضين أن أصل من وصلك ، وأقطع من قطعك ؟ قالت : بلى . قال : فذلك لك . ثم قال رسول الله - - : اقرءوا إن شئتم : {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} " .

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب - واللفظ لأبي بكر - قالا : ثنا وكيع ، عن معاوية بن أبي مزرد ، عن يزيد بن رومان ، عن عروة ، عن عائشة قالت : قال رسول الله - - : " الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله ، ومن قطعني قطعه الله " .

البخاري : حدثنا خالد بن مخلد ، ثنا سليمان بن بلال ، ثنا عبد الله بن دينار ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة عن النبي - - قال : " الرحم شجنة من الرحمن ، فقال الله : من وصلك وصلته ، ومن قطعك قطعته " .

عبد بن حميد : حدثنا يزيد بن هارون ، أنا شعبة ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " إن الرحم شجنة من الرحمن ، تقول : يا رب إني قطعت ، إني ظلمت ، يا رب إني أسيء إلي يا رب . فيجيبها ربها : ألا ترضين أن أقطع من قطعك ، وأصل من وصلك " .

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا أبو الأحوص .

وحدثنا يحيى بن يحيى ، أنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن موسى ابن طلحة ، عن أبي أيوب قال : " جاء رجل إلى النبي - - قال : دلني على عمل أعمله يدنيني من الجنة ، ويباعدني من النار . قال : تعبد الله لا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصل ذا رحمك . فلما أدبر قال رسول الله - - : إن تمسك بما أمر به دخل الجنة " .

مسلم : حدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث ، حدثني أبي ، عن جدي ، حدثني عقيل بن خالد ، قال : قال ابن شهاب ، أخبرني أنس بن مالك أن رسول الله - - قال : " من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه " .

الترمذي : حدثنا علي بن حجر ، أنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن عيينة بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي بكرة قال : قال رسول الله - - : " ما من ذنب أجدر أم يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي ، وقطيعة الرحم " .

قال أبو عيسى : هذا حديث صحيح .

الترمذي : حدثنا أحمد بن محمد ، أنا عبد الله بن المبارك ، عن عبد الملك ابن عيسى الثقفي ، عن يزيد مولى المنبعث ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ؛ فإن صلة الرحم محبة في الأهل ، مثراة في المال ، منسأة في الأثر " .

قال أبو عيسى : هذا حديث غريب من هذا الوجه ، ومعنى قوله : " منسأة في الأثر " يعني : زيادة في العمر .

البزار : حدثنا سلمة بن شبيب ، ثنا الحسن بن محمد بن أعين ، ثنا عبد الله بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن جده ، عن عمر بن الخطاب قال : سمعت رسول الله - - يقول : " كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي " .

تفرد به عبد الله بن زيد عن أبيه ، وأرسله غيره ، وعبد الله بن زيد ضعفه يحيى بن معين ، ووثقه أحمد بن حنبل ، وقال فيه أبو حاتم : ليس به بأس .

باب لا يدخل الجنة قاطع رحم[عدل]

الترمذي : حدثنا ابن أبي عمر ونصر بن علي وسعيد بن عبد الرحمن ، قالوا : ثنا سفيان ، عن الزهري ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، النبي - - قال : " لا يدخل الجنة قاطع " قال ابن أبي عمر : قال سفيان : يعني : قاطع رحم .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

باب صفة واصل الرحم[عدل]

البخاري : حدثنا محمد بن كثير ، ثنا سفيان - هو الثوري - عن الأعمش والحسن بن عمرو وفطر ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو - قال سفيان : لم يرفعه الأعمش إلى النبي - - ، ورفعه حسن وفطر عن النبي - - قال : " ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها " .

مسلم : حدثني محمد بن المثنى وابن بشار - واللفظ لابن المثنى - قالا : ثنا محمد بن جعفر ، ثنا شعبة ، سمعت العلاء بن عبد الرحمن يحدث ، عن أبيه ، عن أبي هريرة " أن رجلا قال : يا رسول الله ، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني ، وأحسن إليهم ويسيئون إلي ، وأحلم عنهم ويجهلون علي . فقال : لئن كنت كما قلت ، فكأنما تسفهم الملل ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك ،

باب حب الوليد ورحمته وتقبيله[عدل]

مسلم : حدثنا عمرو الناقد وابن أبي عمر ، جميعا عن سفيان ، قال : عمرو : ثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة : " أن الأقرع بن حابس أبصر النبي - - يقبل الحسن ، فقال : إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم . فقال رسول الله - - : إنه من لا يرحم لا يرحم " .

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا : ثنا أبو أسامة وابن نمير ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : " قدم ناس من الأعراب على رسول الله - - ، فقالوا : أتقبلون صبيانكم ؟ فقالوا : نعم . قالوا : لكنا والله ما نقبل . فقال رسول الله - - : وأملك إن كان الله نزع منكم الرحمة " وقال ابن نمير : " من قلبك الرحمة " .

البخاري : حدثني عبد الله بن محمد ، ثنا عارم ، ثنا المعتمر بن سليمان يحدث عن أبيه ، سمعت أبا تميمة يحدث ، عن أبي عثمان النهدي ، يحدثه أبو عثمان ، عن أسامة بن زيد : " كان رسول الله - - يأخذني فيقعدني على فخده ، ويعقد الحسن على فخذه الأخرى ، ثم يضمهما ، ثم يقول : اللهم ارحمهما فإني أرحمهما " .

مسلم : حدثنا عبيد الله بن معاذ ، ثنا أبي ، ثنا شعبة ، عن عدي - وهو ابن ثابت - ثنا البراء بن عازب قال : " رأيت الحسن بن علي على عاتق النبي - - وهو يقول : اللهم إني أحبه فأحبه " .

البخاري : حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا مهدي ، ثنا ابن أبي يعقوب ، عن ابن أبي نعم قال : " كنت شاهدا لابن عمر ، وسأله رجل عن دم البعوض فقال : ممن أنت ؟ قال : من أهل العراق . قال : انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض ، وقد قتلوا ابن النبي - - ، وسمعت النبي يقول : هما ريحاني من الدنيا " .

باب تأديب الولد[عدل]

مسلم : حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار - واللفظ لابن مثنى - قالا : ثنا أمية بن خالد ، ثنا شعبة ، عن أبي حمزة القصاب ، عن ابن عباس قال : " كنت ألعب مع الصبيان ، فجاء رسول الله - - فتواريت خلف باب ، فجاءني فخطأني حطأة ، وقال : اذهب ادع معاوية . قال : فجئت فقلت : هو يأكل . قال : ثم قال لي : اذهب فادع لي معاوية . قال : فجئت فقلت : هو يأكل . فقال : لا أشبع الله بطنه " .

قال ابن المثنى : قلت لأمية : ما حطأني ؟ قال : قفدني قفدة .

تابعه النضر بن شميل ، عن شعبة ، رواه مسلم - رحمه الله .

باب جعل الله الرحمة مائة جزء[عدل]

البخاري : حدثنا الحكم بن نافع البهراني ، أنا شعيب ، عن الزهري ، أنا سعيد بن المسيب ، أن أبا هريرة قال : سمعت رسول الله - - يقول : " جعل الله الرحمة في مائة جزء ، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءا ، وأنزل في الأرض جزءا واحدا ، فمن ذلك الجزء تتراحم الخلق ، حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه " .

باب رحمة الناس والبهائم[عدل]

الترمذي : حدثنا محمد بن بشار ، ثنا يحيى بن سعيد ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، ثنا قيس ، حدثني جرير بن عبد الله قال : قال رسول الله - - : " من لا يرحم الناس لا يرحمه الله " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

الترمذي : حدثنا محمود بن غيلان ، ثنا أبو داود ، أنا شعبة ، قال : كتب به إلى منصور ، وقرأته عليه ، سمع أبا عثمان مولى المغيرة بن شعبة ، عن أبي هريرة قال : سمعت أبا القاسم - - يقول : " لا تنزع الرحمة إلا من شقي " .

أبو عثمان لا يعرف اسمه ، وهذا حديث حسن .

الترمذي : حدثنا ابن أبي عمر ، ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي قابوس ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله - - : " الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من السماء ، الرحم شجنة من الرحمن ، فمن وصلها وصله الله ، ومن قطعها قطعه الله " .

مسلم : حدثنا قتيبة بن سعيد ، عن مالك بن أنس فيما قرئ عليه ، عن سمي مولى أبي بكر ، عن أبي صالح السمان ، عن أبي هريرة : أن رسول الله - - قال : " بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش ، فوجد بئرا فنزل فيها ، فشرب ثم خرج ، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش ، فقال : لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ بي . فنزل البئر ، فملأ خفه ماء ، ثم أمسكه بفيه حتى رقى ، فسقى الكلب ، فشكر الله له ؛ فغفر له . قالوا : يا رسول الله ، وإن لنا في البهائم لأجرا ؟ فقال : في كل كبد رطبة أجر " .

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا أبو خالد الأحمر ، عن هشام ، عن محمد ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - : " أن امرأة بغيا رأت كلبا في يوم حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش ، فنزعت له بموقها ، فغفر لها " .

البزار : حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع ومؤمل بن هشام قالا : ثنا إسماعيل بن إبراهيم - وهو ابن علية - عن زياد بن مخراق ، عن معاوية بن قرة ، عن أبيه : " أن رجلا قال : يا رسول الله ، إني لأذبح الشاة فأرحمها . قال : والشاة إن رحمتها رحمك الله " .

مسلم : حدثني عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي ، ثنا جويرية بن أسماء ، عن نافع ، عن عبد الله - هو ابن عمر - أن رسول الله - - قال : " عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت ، فدخلت فيها النار ؛ لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض " .

باب رحمة البهائم بعضها بعضا وتعاطفها[عدل]

مسلم : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، ثنا أبي ، ثنا عبد الملك ، عن عطاء ، عن أبي هريرة عن النبي - - قال : " إن لله مائة رحمة ، أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام ، فبها يتعاطفون ، وبها يتراحمون ، وبها تعطف الوحش على ولدها ، وأخر الله تسعة وتسعين يرحم الله بها خلقه يوم القيامة " .

مسلم : حدثنا أبو نمير ، ثنا أبو معاوية ، عن داود بن أبي هند ، عن أبي عثمان ، عن سلمان قال : قال رسول الله - - : " إن الله خلق يوم خلق السماوات والأرض مائة رحمة ، كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض ، فجعل منها في الأرض رحمة ، فبها تعطف الوالدة على ولدها ، والوحش والطير بعضها على بعض ، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة " .

وقال الحميدي : أخرج هذا الحديث أبو بكر البرقاني ، من رواية عثمان بن أبي شيبة ، عن أبي معاوية بإسناده ومعناه ، وفي آخره : " فإذا كان يوم القيامة ، أكملها بهذه مائة يقصها على المتقين " .

باب في الرفق[عدل]

مسلم : حدثنا محمد بن المثنى ، ثنا يحيى بن سعيد عن سفيان ، ثنا منصور ، عن تميم بن سلمة ، عن عبد الرحمن بن هلال ، عن جرير ، عن النبي - - قال : " من يحرم الرفق يحرم الخير " .

أبو داود : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا أبو معاوية ، ووكيع ، عن الأعمش ، عن تميم بإسناد مسلم قال : قال رسول الله - - : " من يحرم الرفق يحرم الخير كله " .

الترمذي : حدثنا ابن أبي عمر ، ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن أبي مليكة ، عن يعلى بن مملك ، عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء ، عن النبي - - قال : " من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من الخير ، ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

مسلم : حدثنا عبيد الله بن معاذ ، ثنا أبي ، ثنا شعبة ، عن المقدام - وهو ابن شريح بن هانئ - عن أبيه ، عن عائشة زوج النبي - - عن النبي - - قال : " إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ، ولا ينزع من شيء إلا شانه " .

وحدثناه محمد بن المثنى وابن بشار ، قالا : ثنا محمد بن جعفر ، ثنا شعبة سمعت المقدام بن شريح بهذا الإسناد ، وزاد في الحديث : " ركبت عائشة بعيرا ، فكانت فيه صعوبة ؛ فجعلت تردده ؛ فقال لها رسول الله - - : عليك بالرفق . . " ثم ذكر بمثله .

أبو داود : حدثنا أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة قالا : ثنا شريك ، عن المقدام بن شريح ، عن أبيه قال : " سألت عائشة عن البداوة ، فقالت : كان رسول الله - - يبدو إلى هذه التلاع ، وإنه أراد البداوة في مرة ؛ فأرسل إلي ناقة محرمة من إبل الصدقة ، فقال لي : يا عائشة ، ارفقي ؛ فإن الرفق لم يكن في شيء قط إلا زانه ، ولا نزع من شيء إلا شانه " .

البزار : حدثنا أحمد بن منصور ، ثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : قال رسول الله - - : " ما كان الرفق في قوم إلا نفعهم ، ولا الخرق في قوم إلا ضرهم " .

أبو داود : حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا حماد ، عن يونس بن وحميد ، عن الحسن ، عن عبد الله بن مغفل أن رسول الله - - قال : " إن الله - عز وجل - رفيق يحب الرفق ، ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف " .

زاد مسلم بن الحجاج : " ولا على ما سواه " ، وقد تقدم في باب أسماء الرب سبحانه ، من كتاب الإيمان .

باب في الحلم[عدل]

مسلم : حدثني أبو معن الرقاشي زيد بن يزيد ، ثنا عمر بن يونس ، ثنا عكرمة - وهو ابن عمار - قال : قال إسحاق : قال أنس : " كان رسول الله - - من أحسن الناس خلقا ، فأرسلني يوما لحاجه ، فقلت : والله لا أذهب وفي نفسي أن أذهب لما يأمرني به النبي - - ، فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق ، فإذا رسول الله - - قد قبض بقفاي ، قال : فنظرت إليه وهو يضحك ، فقال : يا أنيس ، ذهبت حيث أمرتك ؟ قال : قلت : نعم ، أنا أذهب يا رسول الله " .

قال أنس : والله لقد خدمته تسع سنين ما علمته قال لشيء صنعته : لم فعلت كذا وكذا ، أو لشيء تركته : هلا فعلت كذا وكذا " .

مسلم : حدثنا سعيد بن منصور وأبو الربيع ، قالا : ثنا حماد بن زيد ، عن ثابت البناني ، عن أنس قال : " خدمت رسول الله - - عشر سنين ، والله ما قال لي أفا قط ، ولا قال لي لشيء : لم فعلت كذا ، وهلا فعلت كذا . زاد أبو الربيع : لشيء مما يصنع الخادم " ولم يذكر قوله : " والله " .

مسلم : حدثنا عبد بن حميد ، ثنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن جابر .

وحدثني : محمد بن جعفر بن زياد أبو عمران - واللفظ له - أنا إبراهيم - يعني : ابن سعد - عن الزهري ، عن سنان بن أبي سنان الدؤلي ، عن جابر بن عبد الله قال : " غزونا مع رسول الله - - غزوة قبل نجد ، فأدركنا رسول الله - - في واد كثير العضاه ، فنزل رسول الله - - تحت شجرة ، فعلق سيفه بغصن من أغصانها ، قال : وتفرق الناس في الوادي يستظلون بالشجرة ، قال : فقال : رسول الله - - : إن رجلا أتاني وأنا نائم ، فأخذ السيف ، فاستيقظت وهو قائم على رأسي ، فلم أشعر إلا والسيف صلتا في يده ، فقال لي : من يمنعك مني ؟ قال : قلت : الله . ثم قال في الثانية : من يمنعك مني . قلت : الله . ثم قال في الثالثة : من يمنعك مني ؟ قال : قلت الله . قال : فشام السيف ، فها هو ذا ، ثم لم يعرض له رسول الله - - " .

مسلم : حدثنا قتيبة ، عن مالك بن أنس فيما قرئ عليه .

وحدثنيه يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة زوج النبي - - قالت : " ما خير رسول الله - - بين أمرين إلا اختار أيسرهما ، ما لم يكن إثما ، فإذا كان إثما كان أبعد الناس منه ، وما انتقم رسول الله - - لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله " .

مسلم : حدثنا عبيد الله بن معاذ ، ثنا أبي ، ثنا قرة بن خالد ، عن أبي جمرة ، عن ابن عباس قال : قال النبي - - للأشج - أشج عبد القيس - : " إن فيك لخصلتين يحبهما الله : الحلم والأناة " .

أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن يونس ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال : قال أشج بني عصر : قال لي النبي - - : " إن فيك لخلقين يحبهما الله . قلت : وما هما ؟ قال : الحلم والحياء . قلت : قديما كان في أو حديثا ؟ قال : : بل قديما . قلت : الحمد لله الذي جعلني على خلقين يحبهما الله " .

الأشج اسمه المنذر ، وفي باب المنذر ذكره البخاري - رحمه الله - روى عنه عبد الرحمن بن أبي بكرة والمثنى بن ماوي العبدي .

باب في الحياء[عدل]

مسلم : حدثنا محمد بن مثنى ، ومحمد بن بشار - واللفظ لابن مثنى - قالا : ثنا محمد بن جعفر ، ثنا شعبة ، عن قتادة ، قال : سمعت أبا السوار يحدث ، أنه سمع عمران بن حصين ، يحدث عن النبي - - أنه قال : " الحياء لا يأتي إلا بخير " .

مسلم : وحدثنا يحيى بن حبيب الحارثي ، ثنا حماد بن زيد ، عن إسحاق - وهو ابن سويد - أن أبا قتادة حدث قال : " كنا عند عمران بن حصين في رهط وفينا بشير بن كعب ، فحدثنا عمران يومئذ قال : قال رسول الله - - : الحياء خير كله - أو قال : الحياء كله خير - فقال بشير بن كعب : إنا لنجد في بعض الكتب أو الحكمة أن منه سكينة ووقارا لله ، ومنه ضعف . قال : فغضب عمران حتى احمرتا عيناه ، وقال : ألا أراني أحدثك عن رسول الله - - وتعارض فيه ؟ قال : فأعاد عمران الحديث ، قال : فأعاد بشير ، قال : فغضب عمران ، قال : فما زلنا نقول فيه إنه منا يا أبا نجيد ، إنه لا بأس به " .

أبو قتادة اسمه تميم بن نذير ، ثقة معروف .

البخاري : حثنا أحمد بن يونس ، حدثني عبد العزيز بن أبي سلمة ، أنا ابن شهاب ، عن سالم عن عبد الله بن عمر : " مر النبي - - على رجل وهو يعاتب أخاه في الحياء يقول : إنك تستحي - حتى كأنه يقول : قد أضر بك - فقال رسول الله - - : دعه ؛ فإن الحياء من الإيمان " .

الترمذي : حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني وغير واحد ، قالوا : ثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ثابت ، عن أنس قال : قال رسول الله - - : " ما كان الفحش في شيء إلا شانه ، وما كان الحياء في شيء إلا زانه " .

قال أبو عيسى : هذا حديث غريب ، لا نعرفه إلا من حديث عبد الرزاق .

أبو بكر الشافعي : حدثنا محمد بن غالب ، ثنا علي بن الجعد ، ثنا أبو غسان محمد بن مطرف ، عن حسان بن عطية ، عن أبي أمامة ، عن النبي - - قال : " الحياة والعي شعبتان من الإيمان " .

محمد بن غالب هو التمتام ، روى عنه قاسم بن أصبغ الأندلسي البياني .

البخاري : حدثنا أحمد بن يونس ، ثنا زهير ، ثنا منصور ، عن ربعي بن حراش ، ثنا أبو مسعود قال : قال النبي - - : " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستحي فاصنع ما شئت " .

الطحاوي : حدثنا ابن أبي داود ، ثنا سعيد بن سليمان الواسطي ، ثنا عباد - هو ابن العوام - عن أبي مالك الأشجعي ، عن ربعي ، عن حذيفة قال : قال رسول الله - - : " آخر ما تمسك به كلام النبوة الأولى : إذا لم تستحي فاصنع ما شئت " .

الترمذي : حدثنا أبو كريب ، ثنا عبدة بن سليمان وعبد الرحيم ومحمد بن بشر ، عن محمد بن عمرو ، ثنا أبو سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " الحياء من الإيمان ، والإيمان في الجنة ، والبذاء من الجفاء ، والجفاء في النار " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

باب لا يستحي من الحق[عدل]

البخاري : حدثنا إسماعيل ، حدثني مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن زينب بنت أبي سلمة ، عن أم سلمة قالت : " جاءت أم سليم إلى رسول الله - - فقالت : يا رسول الله ، إن الله لا يستحي من الحق ، فهل على المرأة غسل إذا احتلمت ؟ فقال : نعم ، إذا رأت الماء " .

باب ما جاء في البذاء والفحش[عدل]

الترمذي : حدثنا ابن أبي عمر ، ثنا سفيان ، ثنا عمرو بن دينار ، عن ابن أبي مليكة ، عن يعلى بن مملك ، عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء أن النبي - - قال : " ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن ، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء " .

قال أبو عيسى : وفي الباب عن عائشة وأبي هريرة وأنس وأسامة بن شريك ، وهذا حديث حسن صحيح .

البزار : حدثنا يوسف بن موسى ، ثنا عبد الرحمن بن مغراء ، ثنا الحسن ابن عمرو ، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد ، عن أبيه ، عن عبد الله قال : قال رسول الله - - : " ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء " .

قال أبو بكر : وهذا الحديث رواه عن الحسن بن عمرو بهذا الإسناد أبو بكر ابن عياش وعبد الرحمن بن مغراء .

الترمذي : حدثنا إسماعيل ، ثنا هشيم ، ثنا منصور بن زاذان ، عن الحسن ، عن أبي بكرة قال : قال رسول الله - - : " البذاء من الجفاء ، والجفاء في النار ، والحياء من الإيمان ، والإيمان في الجنة " .

خرجه أبو عيسى في كتاب " العلل " وقال : سأل محمدا عنه ، فقال : هو حديث محفوظ .

باب في التأني والعجلة[عدل]

الترمذي : حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع ، ثنا بشر بن المفضل ، عن قرة بن خالد ، عن أبي جمرة ، عن ابن عباس أن النبي - - قال لأشج عبد القيس : " إن فيك خصلتين يحبهما الله : الحلم والأناة " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب .

الترمذي : حدثنا أبو مصعب المدني ، ثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل ابن سعد الساعدي ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله - - : " الأناة من الله ، والعجلة من الشيطان " .

قال أبو عيسى : هذا حديث غريب ، وقد تكلم بعض أهل العلم في عبد المهيمن بن عباس ، وضعفه من قبل حفظه ، والأشج اسمه المنذر بن عائذ .

أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا يونس بن محمد ، عن ليث ، عن يزيد ، عن ابن سنان ، عن أنس ، عن النبي - - قال : " التأني من الله ، والعجلة من الشيطان " .

ليث هو ابن سعد ، ويزيد هو ابن أبي حبيب ، وابن سنان هو سعد ، ويقال : سنان بن سعد ، وسعد هذا ثقة ، وثقه يحيى بن معين .

باب الهدي والسمت الصالح والوقار[عدل]

أبو داود : حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني ، ثنا محمد - يعني : ابن سلمة - عن محمد بن إسحاق ، عن يعقوب بن عتبة ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن يوسف بن عبد الله بن سلام ، عن أبيه قال : " كان رسول الله - - إذا جلس يتحدث يكثر أن يرفع طرفه إلى السماء " .

أبو داود : حدثنا النفيلي ، ثنا زهير ، ثنا قابوس بن أبي ظبيان ، أن أباه حدثه قال : ثنا عبد الله بن عباس قال : إن النبي - - قال : " إن الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة " .

الترمذي : حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، ثنا نوح بن قيس ، عن عبد الله ابن عمران ، عن عاصم الأحول ، عن عبد الله بن سرجس أن النبي - - قال : " السمت الحسن والتؤدة والاقتصاد جزء من أربعة وعشرين جزءا من النبوة " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب .

باب في الغضب[عدل]

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا يونس بن محمد ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس أن النبي - - قال : " لما صور الله آدم - - في الجنة ، تركه ما شاء الله أن يتركه فجعل إبليس يطيف به ينظر ما هو ، فلما رآه أجوف عرف أنه خلق خلقا لا يتمالك " .

الترمذي : حدثنا أبو كريب ، ثنا أبو بكر بن عياش ، عن أبي حصين ، عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : " جاء رجل إلى النبي - - قال : علمني شيئا ، ولا تكثر علي لعلي أعيه . قال : لا تغضب . فردد ذلك مرارا ، كل ذلك يقول : لا تغضب " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه .

مسلم : حدثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا ليث ، عن سعيد بن أبي سعيد عن سالم مولى النصريين قال : سمعت أبا هريرة يقول : سمعت رسول الله - - يقول : " اللهم إنما محمد بشر ، يغضب كما يغضب البشر ، وإني قد اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه ، فأيما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته ، فاجعلها له كفارة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة " .

باب فضل من كظم غيظه[عدل]

الترمذي : حدثنا عباس الدوري وغير واحد قالوا : ثنا عبد الله بن يزيد المقرئ ، ثنا سعيد بن أبي أيوب ، حدثني أبو مرحوم عبد الرحيم بن ميمون ، عن سهل بن معاذ بن أنس الجهيني ، عن أبيه ، عن النبي - - قال : " من كظم غيظا وهو يستطيع أن ينفذه ، دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق حتى يخبره في أي الحور شاء " .

قال : هذا حديث حسن غريب .

مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى وعبد الأعلى ، قالا كلاهما : قرأت على مالك ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة أن رسول الله - - قال : " ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " .

مسلم : حدثنا قتيبة بن سعيد وعثمان بن أبي شيبة - واللفظ لقتيبة - قالا : ثنا جرير ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن الحارث بن سويد ، عن عبد الله ابن مسعود قال : قال رسول الله - - : " ما تعدون الرقوب فيكم ؟ قال : قلنا الذي لا يولد له . قال : ليس ذلك الرقوب ولكن الرجل الذي لم يقدم من ولده شيئا . قال : فما تعدون الصرعة فيكم ؟ قال : قلنا : الذي لا يصرعه الرجال . قال : ليس بذلك ، ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب " .

أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا زيد بن حباب ، حدثني الربيع بن سليم ، حدثني أبو عمرو مولى أنس ، أنه سمع أنسا يقول : قال رسول الله - - : " من خزن لسانه ستر عورته ، ومن كف غضبه كف الله عنه عذابه ، ومن اعتذر إلى الله قبل الله منه عذره " .

باب ما يقال عند الغضب[عدل]

مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى ومحمد بن العلاء ، قال يحيى : أنا ، وقال ابن العلاء : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عدي بن ثابت ، عن سليمان بن صرد قال : " استب رجلان عند النبي - - ، فجعل أحدهما تحمر عيناه ، وتنتفخ أوداجه ، فقال رسول الله - - : إني لأعرف كلمة لو قالها لذهب عنه الذي يجد : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . فقال الرجل : وهل ترى بي من جنون " .

قال ابن العلاء : " فقال : وهل ترى " ولم يذكر " الرجل " .

البخاري : حدثنا عمر بن حفص ، ثنا أبي ، ثنا الأعمش ، ثنا عدي بن ثابت ، سمعت سليمان بن صرد - رجل من أصحاب النبي - - قال : " استب رجلان عن النبي - - ، فغضب أحدهما فاشتد غضبه حتى انتفخ أوداجه وتغير ، فقال النبي - - : إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه الذي يجد ، فانطلق إليه الرجل ، فأخبره بقول النبي - - وقال : تعوذ بالله من الشيطان . فقال : أترى بي بأس ، أمجنون أنا ، اذهب " .

أبو داود : حدثنا أحمد بن حنبل ، حدثنا أبو معاوية ، ثنا داود بن أبي هند ، عن أبي حرب بن أبي الأسود ، عن أبي ذر قال : إن رسول الله - - قال لنا : " إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع " .

باب الغضب والشدة لأمر الله[عدل]

البخاري : حدثنا يسرة بن صفوان ، ثنا إبراهيم ، عن الزهري ، عن القاسم ، عن عائشة قالت : " دخل علي النبي - - وفي البيت قرام فيه صور فتلون وجهه ، ثم تناول الستر فهتكه ، وقالت : قال النبي - - : إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور " .

البخاري : حدثنا مسدد ، ثنا يحيى ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، ثنا قيس ابن أبي حازم ، عن أبي مسعود قال : " أتى رجل النبي - - فقال : إني أتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان ، مما يطيل بنا . قال : فما رأيت رسول الله - - قط أشد غضبا في موعظة منه يومئذ ، فقال : يا أيها الناس ، إن منكم منفرين ، فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز ؛ فإن فيهم المريض والكبير وذا الحاجة " .

باب العفو والإحسان والصبر والتجاوز[عدل]

مسلم : حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر ، قالوا : ثنا إسماعيل - وهو ابن جعفر - عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - - قال : " ما نقصت صدقة من مال ، ولا زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله - عز وجل " .

الترمذي : حدثنا محمود بن غيلان ، ثنا أبو داود ، أنبأنا شعبة ، عن أبي إسحاق قال : سمعت أبا عبد الله الجدلي يقول : " سألت عائشة عن خلق رسول الله - - ، فقالت : لم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا سخابا في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويصفح "

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح ، أبو عبد الله الجدلي اسمه عبد ابن عبد ، ويقال : عبد الرحمن بن عبد .

الترمذي : حدثنا أبو هشام الرفاعي ، ثنا محمد بن فضيل ، عن الوليد بن عبد الله بن جميع ، عن أبي الطفيل ، عن حذيفة قال : قال رسول الله - - " لا تكونوا إمعة تقولون : إن أحسن الناس أحسنا ، وإن ظلموا ظلمنا ، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا ، وإن أساءوا فلا تظلموا " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه .

الترمذي : حدثنا الأنصاري ، ثنا معن ، ثنا مالك بن أنس ، عن الزهري ، عن عطاء بن يزيد ، عن أبي سعيد " أن ناسا من الأنصار سألوا النبي - - فأعطاهم ، ثم سألوه فأعطاهم ، ثم قال : ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم ، ومن يستغن يغنه الله ، ومن يستعفف يعفه الله ، ومن يصبر يصبره الله ، وما أعطي أحد شيئا هو خير وأوسع من الصبر " .

قال أبو عيسى : وفي الباب عن أنس ، وهذا حديث حسن صحيح .

أبو داود : حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، ثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله - يعني : ابن الزبير - في قوله : {خذ العفو} قال : " أمر النبي - - أن يأخذ العفو من أخلاق الناس " .

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا أبو معاوية وأبو أسامة ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن أبي عبد الرحمن السلمي عن أبي موسى قال : قال رسول الله - - : " لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله - عز وجل - إنه يشرك به ، ويجعل له الولد ، ثم يعافيهم ويرزقهم " .

الترمذي : حدثنا محمد بن إسماعيل ، ثنا أبو نعيم ، ثنا عبادة بن مسلم ، ثنا يونس بن خباب ، عن سعيد الطائي أبي البختري أنه قال : حدثني أبو كبشة الأنماري ، أنه سمع رسول الله - - يقول : " ثلاثة أقسم عليهن ، وأحدثكم حديثا فاحفظوه ، قال : ما نقص مال عبد من صدقة ، ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عزا ، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر - أو كلمة نحوها - وأحدثكم حديثا فاحفظوه ، قال : إنما الدنيا لأربعة نفر : عبد رزقه الله مالا وعلما ، فهو يتقي فيها ربه ، ويصل فيه رحمه ، ويعلم لله فيه حقا ، فهذا بأفضل المنازل ، وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا ، فهو صادق النية ، يقول : لو أن لي مالا ، لعملت بعمل فلان فهو نيته ، فأجرهما سواء ، وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما ، يخبط في ماله بغير علم ، لا يتقي فيه ربه ، ولا يصل فيه رحمه ، ولا يعلم لله فيه حقا ، فهذا بأخبث المنازل ، وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما ، فهو يقول : لو أن لي مالا ، لعملت فيه بعمل فلان ، فوزرهما سواء " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

سيأتي هذا الحديث من طريق ابن أبي شيبة في باب ضرب الأمثال ، وهناك يأتي ذكر يونس بن خباب - إن شاء الله - وفي حديث الترمذي زيادة .

باب حسن العهد[عدل]

البخاري : حدثني عبيد بن إسماعيل ، ثنا أبو أسامة ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة - رضي الله عنها - : " ما غرت على امرأة ، ما غرت على خديجة ، ولقد هلكت قبل أن يتزوجني بثلاث سنين ، لما كنت أسمعه يذكرها ، ولقد أمره ربه أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب ، وإن كان رسول الله - - ليذبح الشاة ، ثم يهدي في خلتها منها " .

باب حسن الخلق[عدل]

البزار : حدثنا محمد بن بشار ، ثنا عبد الوهاب ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا " .

مسلم : حدثني هارون بن سعيد ، ثنا عبد الله بن وهب ، حدثني معاوية . يعني : ابن صالح - عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبيه ، عن نواس بن سمعان قال : " أقمت مع رسول الله - - بالمدينة سنة ، ما يمنعني من الهجرة إلا المسألة ، كان أحدنا إذا هاجر لم يسأل رسول الله - - عن شيء ، قال : فسألته عن البر والإثم ، فقال رسول الله - - : البر حسن الخلق ، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس " .

البخاري : حدثنا حفص بن عمر ، ثنا شعبة ، عن سليمان ، سمعت أبا وائل قال : سمعت مسروقا قال : " دخلنا على عبد الله بن عمرو حين قدم معاوية إلى الكوفة ، فذكر رسول الله - - ، فقال : لم يكن فاحشا ولا متفحشا . وقال : قال رسول الله - - : إن من أخيركم أحسنكم أخلاقا " .

وللبخاري : في بعض ألفاظ هذا الحديث : " إن من أحبكم إلي أحسنكم أخلاقا " .

رواه عن حفص بن عمر ، عن شعبة بالإسناد الأول .

الترمذي : حدثنا محمود بن غيلان ، ثنا أبو داود ، أنا شعبة ، عن الأعمش ، سمعت أبا وائل ، يحدث عن مسروق ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله - - : " خياركم أحاسنكم أخلاقا . ولم يكن النبي - - فاحشا ولا متفحشا " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

الترمذي : حدثنا أبو كريب ، ثنا قبيصة بن الليث الكوفي ، عن مطرف ، عن عطاء ، عن أم الدرداء عن أبي الدرداء ، قال : سمعت النبي - - يقول : " ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق ، وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة " .

قال أبو عيسى : هذا حديث غريب من هذا الوجه .

البزار : حدثنا محمد بن المثنى ، ثنا زكريا بن يحيى الطائي ، ثنا شعيب بن الحبحاب ، عن أنس قال : قال رسول الله - - : " إن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا ، وإن حسن الخلق ليبلغ درجة الصوم والصلاة " .

تفرد به زكريا ، عن شعيب ، عن أنس .

البزار : حدثنا محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي ، ثنا الأسود بن سالم ، ثنا عبد الله بن إدريس ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ، ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق " .

وهذا الحديث لا نعلم رواه عن ابن إدريس ، عن أبيه ، عن جده إلا الأسود ابن سالم ، وكان ثقة بغداديا .

الترمذي : حدثنا محمد بن العلاء ، ثنا عبد الله بن إدريس ، حدثني أبي عن جدي ، عن أبي هريرة قال : " سئل رسول الله - - عن أكثر ما يدخل الناس الجنة . قال : تقوى الله ، وحسن الخلق . وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار ، قال : الفم والفرج " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب .

الترمذي : حدثنا محمد بن بشار ، ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، ثنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ميمون بن أبي شبيب ، عن أبي ذر قال : قال لي رسول الله - - : " اتق الله حيثما كنت ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن " .

وفي الباب عن أبي هريرة ، قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

أبو داود الطيالسي : حدثنا شعبة والمسعودي ، عن زياد بن علاقة ، عن أسامة بن شريك قال : " سئل رسول الله - - : ما خير ما أعطي الناس ؟ قال : خلق حسن " .

أبو داود : حدثنا محمد بن عثمان الدمشقي ، ثنا أبو كعب أيوب بن محمد السعدي ، حدثني سليمان بن حبيب المحاربي ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله - - : " أنا زعيم ببيت في ربض الجنة ، لمن ترك المراء وإن كان محقا ، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا ، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه " .

أيوب بن محمد لا أعلم روى عنه إلا محمد بن عثمان الدمشقي ، وقال أبو محمد بن أبي حاتم : أيوب بن موسى .

الترمذي : حدثنا قتيبة ، ثنا جعفر بن سليمان الضبعي ، عن ثابت ، عن أنس قال : " خدمت النبي - - عشر سنين قال : فما قال لي أف قط ، وما قال لشيء صنعته لم صنعته ؟ ولا لشيء تركته لم تركته ؟ وكان رسول الله - - من أحسن الناس خلقا ، ولا مسست خزا ولا حريرا قط ولا شيئا ألين من كف رسول الله - - ، ولا شممت مسكا ولا عطرا كان أطيب من عرق رسول الله - - " .

قال أبو عيسى : وفي الباب عن عائشة والبراء ، هذا حديث حسن صحيح .

باب بسط الوجه[عدل]

النسائي : أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك ، ثنا أبو هشام ، ثنا سلام بن مسكين ، ثنا عقيل بن طلحة السلمي ، عن أبي جري الهجيمي أنه قال : " يا رسول الله ، إنا قوم من أهل البادية فنحب أن تعلمنا عملا لعل الله أن ينفعنا به . قال : لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستقي ، ولو أن تكلم أخاك ووجهك إليه منبسط ، وإياك وتسبيل الإزار فإنها من الخيلاء ، والخيلاء لا يحبها الله ، وإذا سبك رجل بما يعلمه فيك ، فلا تسبه بما تعلمه فيه ، فإنه يكون أجر ذلك لك ووباله عليه " .

عقيل ثقة مشهور ، وسلام ثقة صالح .

باب حسن العشرة ومن لم يواجه الناس بالعتاب[عدل]

البخاري : حدثنا عمر بن حفص ، ثنا أبي ، ثنا الأعمش ، ثنا مسلم ، عن مسروق ، قالت عائشة - رضي الله عنها - : " صنع النبي - - شيئا فرخص فيه ، فتنزه عنه قوم ، فبلغ ذلك النبي - - ، فخطب فحمد الله ثم قال : ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه ، فوالله إني لأعلمهم بالله ، وأشدهم له خشية " .

مسلم : حدثنا أبو كريب ، ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، عن عائشة قالت : " أتى النبي - - أناس من اليهود فقالوا : السام عليكم يا أبا القاسم ، قال : وعليكم . قالت عائشة : قلت : بل عليكم السام والذام ، فقال رسول الله - - : يا عائشة ، لا تكوني فاحشة . فقالت : ما سمعت ما قالوا ؟ فقال : أو ليس قد رددت عليهم الذي قالوا ، قلت : وعليكم " .

وحدثناه إسحاق بن إبراهيم ، أنا يعلى بن عبيد ، ثنا الأعمش بهذا الإسناد غير أنه قال : " ففطنت بهم عائشة ، فسبتهم ، فقال رسول الله - - : مه يا عائشة ، فإن الله لا يحب الفحش والتفحش " وزاد " وأنزل الله - عزوجل - : {وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله} إلى آخر الآية " .

مسلم : حدثنا زهير بن حرب ، ثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن المنكدر ، سمع عروة بن الزبير يقول : حدثتني عائشة " أن رجلا استأذن على النبي - - فقال : ائذنوا له ، فلبئس ابن العشيرة - أو بئس رجل العشيرة - فلما دخل عليه ألان له القول ، قالت عائشة : فقلت : يا رسول الله ، قلت له الذي قلت ثم ألنت له القول ! قال : يا عائشة ، إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه - أو تركه - الناس اتقاء فحشه " .

وحدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد ، كلاهما عن عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن ابن المنكدر في هذا الإسناد مثل معناه غير أنه قال : " بئس أخو القوم وابن العشيرة هذا " .

أبو داود : حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا حماد ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن عائشة في هذه القصة ، فقال رسول الله - - : " يا عائشة ، إن الله لا يحب الفاحش المتفحش " .

أبو داود : حدثنا أحمد بن منيع ، ثنا أبو قطن ، أنا مبارك - هو ابن فضالة - عن ثابت ، عن أنس قال : " ما رأيت رجلا التقم أذن رسول الله - - فينحي رأسه حتى يكون الرجل هو الذي ينحي رأسه ، وما رأيت رجلا أخذ بيده فترك يده حتى يكون الرجل هو الذي يدع يده " .

أبو قطن اسمه عمرو بن الهيثم .

البزار : حدثنا عبدة بن عبد الله القسملي ، حدثنا يونس بن عبيد الله العميري ، ثنا مبارك بن فضالة ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر أن رسول الله - - قال : " إن الله يحب مكارم الأخلاق ، ويكره سفسافها " .

قال : وهذا الحديث لا نعلم رواه عن ابن المنكدر عن جابر إلا المبارك بن فضالة ، يونس بن عبيد الله لا بأس به ، روى عنه محمد بن مثنى ومحمد بن حسان وعدة غيرهما .

باب ما جاء في الغليظ الفظ[عدل]

البخاري : حدثنا محمد بن المثنى ، ثنا غندر ، ثنا شعبة ، عن معبد بن خالد ، سمعت حارثة بن وهب سمعت النبي - - يقول : " ألا أدلكم على أهل الجنة ، كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره ، وعلى أهل النار ، كل جواظ عتل مستكبر " .

باب في السخاء[عدل]

مسلم : حدثنا محمد بن جعفر بن زياد ، أنا إبراهيم ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس قال : " كان رسول الله - - أجود الناس بالخير ، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان ، إن جبريل - عليه السلام - كان يلقاه في كل سنة في رمضان حتى ينسلخ فيعرض عليه رسول الله - - القرآن ، فإذا لقيه جبريل كان رسول الله - - أجود بالخير من الريح المرسلة " .

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد قالا : ثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن المنكدر ، سمع جابر بن عبد الله قال : " ما سئل رسول الله - - شيئا قط فقال : لا " .

الترمذي : حدثنا أبو الخطاب زياد بن يحيى البصري ، ثنا حاتم بن وردان ، ثنا أيوب ، عن ابن أبي مليكة ، عن أسماء بنت أبي بكر قالت : " قلت : يا رسول الله ، إنه ليس لي من بيتي إلا ما أدخل علي الزبير أفأعطي ؟ قال : نعم ، ولا توكي فيوكى عليك " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

باب ما جاء في الشح[عدل]

مسلم : حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، ثنا داود - يعني ابن قيس - عن عبيد الله بن مقسم ، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - - قال : " اتقوا الظلم ؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ، واتقوا الشح ؛ فإن الشح أهلك من كان قبلكم ، حملهم على أن سفكوا دماءهم ، واستحلوا محارمهم " .

النسائي : أخبرني محمد بن علي الرقي ، ثنا محمد بن يوسف ، ثنا سفيان - هو الثوري - عن منصور ، عن ربعي بن حراش ، عن أبي ذر قال : قال رسول الله - - : " يحب الله ثلاثة ، ويبغض ثلاثة ، يبغض : المختال المقل ، والبخيل المستكثر ، والشيخ الزاني " .

باب صنائع المعروف[عدل]

الترمذي : حدثنا عباس بن عبد العظيم العنبري ، ثنا النضر بن محمد الجرشي ، ثنا عكرمة بن عمار ، ثنا أبو زميل ، عن مالك بن مرثد ، عن أبيه ، عن أبي ذر قال : قال رسول الله - - : " تبسمك في وجه أخيك لك صدقة ، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر لك صدقة ، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة ، وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة ، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة ، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة " .

قال : وفي الباب عن ابن مسعود وجابر وحذيفة وعائشة وأبي هريرة . قال أبو عيسى : وهذا حديث غريب وأبو زميل اسمه سماك بن الوليد الحنفي .

أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا الفضل بن دكين ، عن عيسى بن عبد الرحمن السلمي ، ثنا طلحة الأيامي ، عن عبد الرحمن بن عوسجة ، عن البراء قال : " جاء أعرابي إلى النبي - - ، فقال : يا رسول الله ، علمني عملا يدخلني الجنة . قال : لئن كنت أقصرت الخطبة ، لقد أعرضت المسألة ، فقال : أعتق النسمة ، وفك الرقبة . قال : أو ليستا واحدا ؟ قال : لا ، عتق النسمة أن تنفرد بعتقها ، وفك الرقبة أن تعين في ثمنها . والمنحة الوكوف والفيء على ذي الرحم الظالم ، فإن لم تطق ذلك فأطعم الجائع ، واسق الظمآن ، وأمر بالمعروف وانه عن المنكر ، فإن لم تطق ذلك فكف لسانك إلا من خير " .

عبد الرحمن بن عوسجة سمع البراء ، سمع منه طلحة هذا وقنان والضحاك ، ذكر ذلك البخاري في تاريخه .

باب شكر المعروف والمكافأة عليه[عدل]

أبو داود : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، ثنا جرير ، عن الأعمش عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله - - : " من استعاذ بالله - عز وجل - فأعيذوه ، ومن سأل بالله فأعطوه ، ومن دعاكم فأجيبوه ، ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه ، فإن لم تجدوا ما تكافئونه ؛ فادعوا له حتى تروا أن قد كافأتموه " .

رواه أبو بكر البزار : عن فضيل بن حسين ، عن أبي عوانة .

وعن عبد الواحد بن غياث ، عن عبد العزيز بن مسلم ، كلاهما عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، عن النبي - - وقال : " فادعوا له حتى يعلم أن قد كافأتموه " .

الترمذي : حدثنا الحسين بن الحسن المروزي بمكة ، ثنا ابن أبي عدي ، ثنا حميد ، عن أنس قال : " لما قدم النبي - - المدينة أتاه المهاجرون ، فقالوا : يا رسول الله ، ما رأينا قوما أبذل من كثير ، ولا أحسن مواساة من قليل من قوم نزلنا بين أظهرهم ، لقد كفونا المئونة ، وأشركونا في المهنإ حتى لقد خفنا أن يذهبوا بالأجر كله . فقال النبي - - : لا ما دعوتم الله لهم ، وأثنيتم عليهم " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه .

رواه النسائي : عن محمد بن معمر ، عن يحيى بن حماد ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس قال فيه : " أليس تثنون عليهم ، وتدعون لهم ؟ قالوا : بلى . قال : فذاك بذاك " .

الترمذي : حدثنا الحسين بن الحسن المروزي بمكة وإبراهيم بن سعيد الجوهري ، قالا : ثنا الأحوص بن جواب ، عن سعير بن الخميس ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان النهدي ، عن أسامة بن زيد قال : قال رسول الله - - : " من صنع إليه معروف ، فقال لفاعله : جزاك الله خيرا ، فقد أبلغ في الثناء " .

قال أبو عيسى : هذا حديث جيد غريب لا نعرفه من حديث أسامة إلا من هذا الوجه .

وقال في موضع آخر في جامعه : سعير بن الخمس ثقة عند أهل الحديث . وذكر هذا الحديث في كتاب " العلل " وذكر تضعيف البخاري لسعير وقال : هو قليل الحديث ، تروى عنه مناكير .

الترمذي : حدثنا أحمد بن محمد ، أنا عبد الله بن المبارك ، عن الربيع بن مسلم ، ثنا محمد بن زياد ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " من لا يشكر الناس ، لا يشكر الله " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

أبو داود : حدثنا عبد الله بن الجراح ، ثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، عن النبي - - قال : " من أبلى بلاء فذكره فقد شكره ، وإن كتمه فقد كفره " .

أبو بكر بن أبي شيبة : عن الفضل بن دكين أنا محمد بن طلحة ، عن عبد الله بن شريك ، عن عبد الرحمن بن عدي ، عن الأشعث بن قيس قال : قال رسول الله - - : " إن أشكر الناس لله أشكر الناس للناس " .

باب قول المعروف[عدل]

البخاري : حدثنا أبو الوليد ، ثنا شعبة ، أخبرني عمرو بن دينار ، عن خيثمة ، عن عدي بن حاتم قال : " ذكر النبي - - النار ؛ فتعوذ منها ، وأشاح بوجهه ، ثم ذكر النار ؛ فتعوذ منها ، وأشاح بوجهه - قال شعبة : أما مرتين فلا أشك - ثم قال : اتقوا النار ولو بشق تمرة ، فإن لم تجد فبكلمة طيبة " .

باب كل معروف صدقة[عدل]

البخاري : حدثنا علي بن عياش ، ثنا أبو غسان ، ثنا محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله عن النبي - - قال : " كل معروف صدقة " .

باب لا يحتقر من المعروف شيء[عدل]

مسلم : حدثني أبو غسان المسمعي ، ثنا عثمان بن عمر ، ثنا أبو عامر - يعني الخزاز - عن أبي عمران الجوني ، عن عبد الله بن الصامت ، عن أبي ذر قال : قال لي النبي - - : " لا تحقرن من المعروف شيئا ، ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق " .

باب موالاة الصالحين ومحبتهم[عدل]

البخاري : حدثنا عمرو بن عباس ، ثنا محمد بن جعفر ، ثنا شعبة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، أن عمرو بن العاص قال : سمعت النبي - - جهازا غير سر - يقول : " إن آل أبي - قال عمرو : في كتاب محمد بن جعفر بياض - ليسوا بأولياء ، إنما وليي الله وصالح المؤمنين " .

باب الحب في الله والبغض في الله[عدل]

النسائي : أخبرنا إسحاق بن عبد الله أنا جرير ، عن منصور ، عن طلق بن حبيب ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله - - : " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان وطعمه : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب في الله ، وأن يبغض في الله ، وأن توقد نار عظيمة فيقع فيها أحب إليه من أن يشرك بالله شيئا " .

طلق بن حبيب روى عن أنس وجابر وابن الزبير ، قال أيوب السختياني : ما رأيت عبدا أعبد من طلق ، ونهاني سعيد بن جبير عن مجالسته ، قال : كان يرى الإرجاء . ذكر ذلك البخاري ، وقال أبو زرعة : طلق بن حبيب ثقة ولكنه يرى الإرجاء . وقال أبو حاتم : طلق صدوق في الحديث ، وكان يرى الإرجاء ذكر ذلك ابن أبي حاتم ، وقال أبو عمر بن عبد البر : طلق بن حبيب ثقة عندهم فيما نقل ، ولكنه رأس من رءوس المرجئة ، وكان مالك يثني عليه في عبادته وفضله ولا يرضى مذهبه .

البخاري : حدثنا آدم ، ثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك قال : قال النبي - - : " لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وحتى أن يقذف في النار أحب إليه من أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله ، وحتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما " .

البزار : أخبرنا محمد بن حرب الواسطي ، ثنا يزيد بن هارون ، أنا مبارك ابن فضالة ، عن ثابت ، عن أنس قال : قال رسول الله - - : " ما تحاب اثنان في الله - تبارك وتعالى - إلا كان أفضلهما أشد حبا لصاحبه " .

باب فضل الحب في الله[عدل]

البخاري : حدثنا محمد بن بشار ، ثنا يحيى بن عبيد الله ، حدثني خبيب ابن عبد الرحمن ، عن خفص بن عاصم ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ... " فذكر الحديث قال : ورجلان تحابا في الله ، اجتمعا عليه ، وتفرقا عليه " .

الطحاوي : حدثنا علي بن زيد الفرائضي وفهد بن سليمان والحسن بن عبد الله بن منصور البالسي ، قالوا : ثنا محمد بن كثير ، عن الأوزاعي ، عن يونس بن حلبس ، عن أبي إدريس عائذ الله قال : " دخلت مسجد حمص ، فقعدت في حلقة فيها نيف وثلاثون من أصحاب رسول الله - - منهم يقول : سمعت رسول الله - - يقول كذا وكذا ، وينصت الآخرون ، ويقول الرجل منهم : سمعت رسول الله - - يقول كذا ، وينصت الآخرون ، وفيهم فتى أدعج براق الثنايا ، إذا اختلفوا في شيء انتهوا إلى قوله ، فلما انصرفت إلى منزلي بت بأطول ليلة ، فقلت : جلست في حلقة فيها كذا وكذا من أصحاب رسول الله - - لا أعرف منازلهم ولا أسماءهم ، فلما أصبحت غدوت إلى المسجد ، فإذا الفتى الأدعج قاعدا إلى سارية فجلست إليه ، فقلت : إني لأحبك لله - عز وجل - فأخذ بحبوتي حتى مست ركبتي ركبتيه ، ثم قال : آلله إنك لتحبني لله - عز وجل - ؟ فقلت : الله إني لأحبك لله - عز وجل - قال : أفلا أخبرك بشيء سمعته من رسول الله - - ؟ فقلت : بلى ، قال : سمعت رسول الله - - يقول : المتحابون في الله يظلهم الله - عز وجل - بظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله . قال : فبينما نحن كذلك إذ مر رجل ممن كان في الحلقة ، فقمت إليه فقلت : إن هذا حدثني بحديث عن رسول الله - - فهل سمعته منه ؟ قال : وما حدثك ؟ ما كان ليحدثك إلا حقا . فأخبرته فقال : قد سمعت هذا من رسول الله - - ، وما هو أفضل منه ، سمعته يقول - يأثر عن الله عز وجل - : حقت محبتي للمتحابين في ، وحقت محبتي للمتواصلين في ، وحقت محبتي للمتزاورين في ، وحقت محبتي للمتباذلين في . قلت : من أنت يرحمك الله ؟ قال : عبادة بن الصامت . قلت : فمن الفتى ؟ قال : معاذ بن جبل " .

ذكر سماع أبي إدريس من معاذ في هذا الحديث عطاء بن عبد الله الخراساني ، ويونس بن ميسرة بن حلبس ، والوليد بن عبد الرحمن ، وأبو حازم بن دينار .

مالك بن أنس : عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر ، عن أبي الحباب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " إن الله - تبارك وتعالى - يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي " .

الترمذي : ثنا أحمد بن منيع ، ثنا كثير بن هشام ، ثنا جعفر بن برقان ، ثنا حبيب بن أبي مرزوق ، عن عطاء بن رباح ، عن أبي مسلم الخولاني ، حدثني معاذ بن جبل قال : سمعت رسول الله - - يقول : " قال الله : المتحابون في جلالي لهم منابر من نور ، يغبطهم النبيون والشهداء " .

قال أبو عيسى : وهذا حديث حسن صحيح ، وأبو مسلم اسمه عبد الله بن ثوب .

باب المرء مع من أحب[عدل]

مسلم : حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم ، قال إسحاق : أنا ، وقال عثمان : ثنا جرير ، عن منصور ، عن سالم بن أبي الجعد ، ثنا أنس ابن مالك قال : " بينما أنا ورسول الله - - خارجين من المسجد ، فلقينا رجل عند سدة المسجد ، فقال : يا رسول الله ، متى الساعة ؟ قال رسول الله - - : ما أعددت لها ؟ قال : فكأن الرجل استكان ، ثم قال : يا رسول الله ، ما أعددت لها كبير صلاة ولا صيام ولا صدقة ، ولكني أحب الله ورسوله . قال : فأنت مع من أحببت " .

مسلم : بإسناده إلى جرير ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : " جاء رجل إلى النبي - - فقال : يا رسول الله ، كيف ترى رجلا أحب قوما ولما يلحق بهم ؟ فقال رسول الله - - : المرء مع من أحب " .

أبو داود : حدثنا وهب بن بقية ، أنا خالد ، عن يونس بن عبيد ، عن ثابت ، عن أنس قال : " رأيت أصحاب النبي - - فرحوا بشيء لم أرهم فرحوا بشيء أشد منه ، قال رجل : يا رسول الله ، الرجل يحب الرجل على العمل من الخير يعمل به ولا يعمل مثله . فقال رسول الله - - : المرء مع من أحب " .

الترمذي : حدثنا أحمد بن عبدة ، ثنا حماد بن زيد ، عن عاصم ، عن زر بن حبيش قال : " أتيت صفوان بن عسال ... " فذكر الحديث ، وفيه عن صفوان قال : " كنا مع رسول الله - - في بعض أسفاره فناداه رجل كان في آخر القوم بصوت جهوري - أعرابي جلف جاف - فقال : يا محمد ، يا محمد . فقال له القوم : مه إنك نهيت عن هذا . فأجابه رسول الله - - نحوا من صوته : هاؤم . فقال : الرجل يحب القوم ولم يلحق بهم . قال : فقال رسول الله - - : المرء مع من أحب " .

قال : هذا حديث حسن صحيح .

وفي طريق أخرى له صححها أيضا : " المرء مع من أحب يوم القيامة " .

الترمذي : حدثنا أبو هشام الرفاعي ، ثنا حفص بن غياث ، عن أشعث ، عن الحسن ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله - - : " المرء مع من أحب ، وله ما اكتسب " .

قال : هذا حديث حسن غريب .

البزار : حدثنا محمد بن إسحاق البغدادي ، ثنا غفر بن مسلم ، ثنا همام بن يحيى قال : سمعت إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، حدثني شيبة الخضري ، أنه شهد عروة يحدث عمر بن عبد العزيز ، عن عائشة أن النبي - - قال : " لا يجعل الله رجلا له سهم في الإسلام كمن لا سهم له ، وسهام الإسلام : الصوم ، والصلاة ، والصدقة ، ولا يتولى الله رجلا في الدنيا فيوليه يوم القيامة غيره ، ولا يحب رجل قوما إلا جامعهم يوم القيامة ، قال : والرابعة ، لا يستر الله على عبد ذنبا في الدنيا إلا ستر الله عليه في الآخرة . فقال عمر بن عبد العزيز : إذا سمعتم مثل هذا الحديث من مثل عروة عن عائشة عن رسول الله - - فاحفظوه " .

قال أبو بكر : وهذا حديث لا نعلمه يروى عن رسول الله - - إلا بهذا الإسناد .

باب إذا أحب الرجل أخاه فليعلمه[عدل]

الترمذي : حدثنا محمد بن بشار ، ثنا يحيى بن سعيد القطان ، ثنا ثور بن يزيد ، عن حبيب ، عن المقدام بن معدي كرب قال : قال رسول الله - - : " إذا أحب أخاه أحدكم فليعلمه إياه " .

وفي الباب عن أنس وأبي ذر ، قال أبو عيسى : وحديث المقدام حديث حسن صحيح غريب .

النسائي : أخبرني محمد بن عقيل النيسابوري ، ثنا علي بن الحسين - وهو ابن واقد - حدثني أبي ، عن ثابت ، حدثني أنس بن مالك قال : " كنت جالسا عند النبي - - إذ مر رجل ، فقال رجل من القوم : يا نبي الله ، والله إني لأحب هذا الرجل . قال : هل أعلمته ذلك ؟ قال : لا . قال : قم فأعلمه . فقام إليه فقال : والله يا هذا ، إني لأحبك . فقال : أحبك الذي أحببتني له " .

رواه الحسن بن موسى ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن حبيب ابن سبيعة الضبعي ، عن الحارث " أن رجلا كان عند النبي - - ، فمر به رجل فقال : يا رسول الله ، إني أحبه في الله . . " وذكر الحديث .

ورواه الحجاج ، عن حماد ، عن ثابت ، عن حبيب بن أبي سبيعة ، عن الحارث عن رجل حدثه بهذا الحديث ، والحارث له صحبة ، قال أبو عبد الرحمن : وهذا الصواب عندنا .

باب تعارف الأرواح وتناكرها[عدل]

مسلم " حدثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله - - قال : " الأرواح أجناد مجندة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف " .

رواه ابن أبي شيبة : عن خالد بن مخلد ، عن موسى بن يعقوب ، عن سهيل ، وقال : " جنود مجندة تطوف بالليل " .

مسلم : حدثني زهير بن حرب ، حدثني كثير بن هشام ، ثنا جعفر بن برقان ، ثنا يزيد بن الأصم ، عن أبي هريرة بحديث يرفعه ، قال : " الناس معادن ، كمعادن الذهب والفضة ، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ، والأرواح جنود مجندة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف " .

باب إذا أحب الله عبدا حببه إلى عباده[عدل]

البخاري : حدثنا ابن سلام ، أنا مخلد ، أنا ابن جريج ، أخبرني موسى ابن عقبة ، عن نافع ، عن أبي هريرة - وتابعه أبو عاصم ، عن ابن جريج قال : أخبرني موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن أبي هريرة - عن النبي - - قال : " إذا أحب الله العبد نادى جبريل : إن الله يحب فلانا فأحببه . فيحبه جبريل ، فينادي جبريل في أهل السماء : إن الله يحب فلانا فأحبوه . فيحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول في الأرض " .

باب ما يدعو إلى التحابب[عدل]

أبو داود : حدثنا أحمد بن أبي شعيب ، ثنا زهير ، ثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أفلا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم : أفشوا السلام بينكم " .

باب الزيارة في الله[عدل]

مسلم : حدثني عبد الأعلى بن حماد ، ثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - : " أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى ، فأرصد الله له على مدرجته ملكا ، فلما أتى عليه قال : أين تريد ؟ قال : أريد أخا لي في هذه القرية . قال : هل لك عليه من نعمة تربها ؟ قال : لا ، غير أني أحببته في الله - عز وجل - قال : فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه " .

باب الزيارة كل يوم[عدل]

البخاري : حدثني إبراهيم ، أنا هشام ، عن معمر ، وقال الليث : حدثني عقيل ، قال ابن شهاب : فأخبرني عروة بن الزبير ، أن عائشة قالت : " لم أعقل أبواي إلا وهما يدينان الدين ، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله - - طرفي النهار بكرة وعشيا ... " وذكر الحديث .

باب فضل الزيارة في الله[عدل]

مالك : عن أبي حازم بن دينار ، عن أبي إدريس الخولاني ، عن معاذ - سمعته منه - قال : سمعت رسول الله - - يقول : " قال الله - تبارك وتعالى - : وجبت محبتي للمتحابين في ، والمتجالسين في ، والمتباذلين في ، والمتزاورين في " .

باب إكرام الزائر ومن ألقي له وسادة[عدل]

البخاري : حدثنا إسحاق بن شاهين الواسطي ، ثنا خالد بن عبد الله ، عن خالد

خالد الحذاء ، عن أبي قلابة قال : حدثني أبو المليح قال : " دخلت مع أبيك

على عبد الله بن عمرو ، فحدثنا أن رسول الله

ذكر له صومي ، فدخل علي

فألقيت له وسادة من أدم حشوها ليف ، فجلس على الأرض ، فصارت الوسادة

بيني وبينه ، فقال : أما يكفيك من كل شهر ثلاثة أ ام ... " وذكر الحديث .

باب قول مرحبا[عدل]

البخاري : حدثنا عمران بن ميسرة ، ثنا عبد الوارث ، ثنا أبو التياح ، عن أبي جمرة ، عن ابن عباس قال : " لما قدم وفد عبد القيس على النبي - - قال : مرحبا بالوفد الذين جاءوا غير خزايا ولا ندامى . فقالوا : يا رسول الله ، إنا حي من ربيعة وبيننا وبينك مضر ، وإنا لا نصل إليك إلا في الشهر الحرام ، فمرنا بأمر فصل ندخل به الجنة ، وندعو به من وراءنا . فقال : أربع وأربع : أقيموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، وصوموا رمضان ، وأعطوا خمس ما غنمتم ، ولا تشربوا في الدباء والحنتم والنقير والمزفت " .

باب فداك أبي[عدل]

البخاري : حدثنا مسدد ، ثنا يحيى ، عن سفيان ، حدثني سعد بن إبراهيم عن عبد الله بن شداد ، عن علي قال : " ما سمعت رسول الله - - يفدي أحدا غير سعد يقول : ارم ، فداك أبي وأمي . أظنه يوم أحد " .

باب لبيك وسعديك[عدل]

النسائي : أخبرنا عبدة بن عبد الله الصفار ، عن محمد بن بشر ، ثنا زكريا ابن أبي زائدة ، قال : حدثني سماك بن حرب ، عن محمد بن حاطب قال : " تناولت قدرا كان لي ، فاحترقت يدي ، فانطلقت بي أمي إلى رجل جالس في الجبانة ، فقالت له : يا رسول الله . قال : لبيك وسعديك . ثم أدنتني منه فجعل يتفل ويتكلم بكلام ما أدري ما هو ، فسألت أمي بعد ذلك ما كان يقول ؟ قالت : كان يقول : أذهب البأس رب الناس ، اشف أنت الشافي ، لا شافي إلا أنت " .

أبو داود : حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا حماد .

وثنا مسلم ، ثنا هشام ، جميعا عن حماد - يعني : ابن أبي سليمان - عن زيد بن وهب ، عن أبي ذر قال : قال رسول الله - - : " أبا ذر . قلت : لبيك وسعديك يا رسول الله ، وأنا فداؤك " .

باب إطعام الزائر[عدل]

البخاري : حدثني محمد بن سلام ، أنا عبد الوهاب ، عن خالد الحذاء ، عن أنس بن سيرين ، عن أنس بن مالك " أن رسول الله - - زار أهل بيت من الأنصار ، فطعم عندهم ، فلما أراد أن يخرج أمر بمكان من البيت فنضح له على بساط ، فصلى عليه ودعا لهم " .

البزار : حدثنا محمد بن عبد الملك ، ثنا جعفر بن سليمان ، عن ثابت ، عن أنس قال : " كان رسول الله - - يزور الأنصار ، فإذا جاء إلى دور الأنصار ، جاء صبيان الأنصار حوله ، فيدعو لهم ، ويمسح رءوسهم ويسلم عليهم ، فأتى النبي - - باب سعد ، فسلم عليهم ، فقال : السلام عليكم ورحمة الله . فرد سعد ، فلم يسمع النبي - - حتى سلم ثلاث مرات ، وكان النبي - - لا يزيد على ثلاث تسليمات ، فإن فإذن أذن له و إلا انصرف ، فرجع النبي - - ، فخرج سعد مبادرا ، فقال : يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق ما سلمت تسليمة إلا سمعتها ورددتها عليك ، ولكن أردت أن تكثر علينا من السلام والرحمة ، ادخل يا رسول الله . فدخل فجلس ، فقرب إليه سعد طعاما ، فأصاب منه النبي - - فلما أراد أن ينصرف قال : أكل طعامكم الأبرار ، وأفطر عندكم الصائمون ، وصلت عليكم الملائكة " .

قال : وهذا الحديث رواه جعفر بن سليمان ومعمر ، عن ثابت ، عن أنس .

باب من زار قوما فقال عندهم[عدل]

البخاري : حدثنا قتيبة ، ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، حدثني أبي ، عن ثمامة " أن أم سليم كانت تبسط للنبي - - نطعا فيقيل عندها على ذلك النطع ، قال : فإذا قام النبي - - أخذت من عرقه وشعره فجمعته في قارورة ، ثم جعلته في سك ، قال : فلما حضر أنس بن مالك الوفاة أوصى إلى أن يجعل في حنوطه من ذلك السك ، قال : فجعل في حنوطه " .

باب الخروج مع الزائر[عدل]

أبو داود : حدثنا محمد بن المثنى وهشام أبو مروان المعنى ، قال محمد بن المثنى : ثنا الوليد بن مسلم ، ثنا الأوزاعي قال : سمعت يحيى بن أبي كثير يقول : حدثني محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة ، عن قيس بن سعد قال : " زارنا رسول الله - - في منزلنا ، فقال : السلام عليكم ورحمة الله . قال : فرد سعد ردا خفيا ، قال قيس : فقلت : ألا تأذن لرسول الله - - ؟ فقال : ذره يكثر علينا من السلام . فقال رسول الله - - : السلام عليكم ورحمة الله . فرد سعد ردا خفيا ثم قال رسول الله - - : السلام عليكم ورحمة الله . ثم رجع رسول الله - - ، فاتبعه سعد فقال : يا رسول الله ، إني كنت أسمع تسليمك وأرد عليه ردا خفيفا ؛ لتكثر علينا من السلام . قال : فانصرف معه رسول الله - - ، وأمر له سعد بغسل فاغتسل ، ثم ناوله ملحفة مصبوغة بزعفران أو ورس ، فاشتمل بها ثم رفع رسول الله - - يديه وهو يقول : اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة . قال : ثم أصاب رسول الله - - من الطعام ، فلما أراد الانصراف قرب له سعد حمارا قد وطأ عليه بقطيفة ، فركب رسول الله - - فقال سعد : يا قيس ، اصحب رسول الله - - . قال قيس : فقال رسول الله - - : اركب . فأبيت ، ثم قال : إما أن تركب وإما أن تنصرف . قال : فانصرفت " .

قال هشام أبو مروان : عن محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة .

قال أبو داود : رواه عمر بن عبد الواحد وابن سماعة ، عن الأوزاعي مرسلا .

باب إكرام الكبير وتوقيره وتقديمه[عدل]

البزار : حدثنا محمد بن الليث ، ثنا أبو نعيم ، ثنا قيس ، عن نسير بن ذعلوق ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن رسول الله قال : " ليس منا من لم يوقر كبيرنا ، ويرحم صغيرنا " .

قال أبو بكر : ولا نعلم أسند نسير بن ذعلوق عن عكرمة غير هذا الحديث .

مسلم : ثنا نصر بن علي الجهضمي ، أخبرني أبي ، قال : ثنا صخر - يعني : ابن جويرية - عن نافع ، أن عبد الله بن عمر حدثه أن رسول الله - - قال : " أراني في المنام أتسوك بسواك ، فجذبني رجلان أحدهما أكبر من الآخر ، فناولت السواك الأصغر منهما ، فقيل لي : كبر . فدفعته إلى الأكبر " .

البخاري : حدثنا سليمان بن حرب ، ثنا حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد ، عن بشير بن يسار مولى الأنصار ، عن رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة في حديث ذكره قال : " فجاء عبد الرحمن بن سهل وحويصة ومحيصة ابنا مسعود إلى النبي - - ، فتكلموا في أمر صاحبهم ، فبدأ عبد الرحمن - وكان أصغر القوم - فقال له النبي - - : كبر الكبر - قال يحيى : يعني : ليلي الكلام الأكبر - فتكلموا في أمر صاحبهم ... " وذكر باقي الحديث .

باب صحبة الصالحين ومجالستهم[عدل]

البزار : حدثنا محمد بن عمر بن هياج ومحمد بن عثمان بن كرامة - واللفظ لمحمد - قالا : ثنا عبيد الله بن موسى ، ثنا مبارك بن حسان ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : " قيل : يا رسول الله ، أي جلسائنا خير ؟ قال : من ذكركم بالله رؤيته ، وزادكم في علمه منطقه ، وذكر بالآخرة عمله " .

وهذا الحديث لا نعلم رواه عن عطاء إلا مبارك بن حسان ، وهو رجل من أهل البصرة مشهور .

الترمذي : حدثنا محمد بن بشار ، ثنا أبو عامر وأبو داود قالا : ثنا زهير بن محمد ، حدثني موسى بن وردان ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " الرجل على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب .

البزار : حدثنا عمر بن الخطاب ، ثنا أصبغ بن الفرج ، عن أبي صخر ، عن أبي حازم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " المؤمن يألف ، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف " .

رواه مصعب بن ثابت ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد .

باب مثل الجليس الصالح والجليس السوء[عدل]

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، عن سفيان بن عيينة ، عن بريد بن عبد الله ، عن جده ، عن أبي موسى ، عن النبي - - .

وثنا محمد بن العلاء - واللفظ له - ثنا أبو أسامة ، عن بريد ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، عن النبي - - قال : " إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء ، كحامل المسك ونافخ الكير ؛ فحامل المسك : إما أن يحذيك ، وإما أن تبتاع منه ، وإما أن تجد منه ريحا طيبة ، ونافخ الكير : إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد ريحا خبيثة " .

باب سعة المجالس[عدل]

أبو داود : حدثنا القعنبي ، ثنا عبد الرحمن بن أبي الموالي ، عن عبد الرحمن ابن أبي عمرة الأنصاري ، عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله - - يقول : " خير المجالس أوسعها " .

قال أبو داود : هو عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري .

باب النهي أن يقيم الرجل الرجل من مجلسه[عدل]

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا محمد بن بشر وأبو أسامة وابن نمير قالوا : ثنا عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - - قال : " لا يقيم الرجل الرجل من مقعده ، ثم يجلس فيه ، ولكن تفسحوا وتوسعوا " .

ولمسلم في بعض ألفاظ هذا الحديث : " لا يقيم أحدكم أخاه ثم يجلس في مجلسه " .

وله من طريق أبي الزبير ، عن جابر ، عن النبي - - : " لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ، ثم يخالف إلى مقعده فيقعد فيه " .

أبو بكر بن أبي شيبة : عن غندر ، عن شعبة ، عن عقيل بن طلحة ، سمعت أبا الخصيب قال : " كنت قاعدا ، فجاء ابن عمر ، فقام رجل من مجلسه ، فلم يجلس فيه وقعد في مكان آخر ، فقال الرجل : ما كان عليك ما قعدت ؟ فقال : لم أكن لأقعد مقعدك ولا مقعد غيرك ، بعد شيء شهدته من رسول الله - - ، جاء رجل إلى رسول الله فقام له رجل من مجلسه ، فذهب ليجلس فيه ، فنهاه رسول الله - - " .

أبو الخصيب اسمه زياد بن عبد الرحمن ، لا أعلم روى عنه إلا عقيل بن طلحة ، وعقيل ثقة مشهور .

باب القيام للسيد والكبير والقيام معه[عدل]

البخاري : حدثنا سليمان بن حرب ، ثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن أبي أمامة ، عن أبي سعيد الخدري قال : " لما نزلت بنو قريظة على حكم سعد بن معاذ ، بعث رسول الله - - إليه وكان قريبا منه ، فجاء على حمار ، فلما دنا قال رسول الله - - : قوموا إلى سيدكم . فجاء فجلس إلى رسول الله - - ، فقال له : إن هؤلاء نزلوا على حكمك . قال : فإني أحكم أن تقتل المقاتلة ، وأن تسبى الذرية . قال : لقد حكمت فيهم بحكم الملك " .

الطحاوي : حدثنا أبو أمية ، ثنا خالد بن مخلد القطواني ، ثنا محمد ابن هلال ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : " كنا نقعد مع رسول الله - - بالغدوات ، فإذا قام إلى بيته ، لم نزل قياما حتى يدخل بيته " .

وهلال هذا هو ابن أبي هلال مولى بني كعب ، لا أعلم روى عنه إلا ابنه محمد .

باب إذا أراد أن يقام إليه[عدل]

أبو داود : حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا حماد ، عن حبيب بن الشهيد ، عن أبي مجلز قال : " خرج معاوية إلى ابن الزبير وابن عامر ، فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير . فقال معاوية لابن عامر : اجلس ؛ فإني سمعت رسول الله - - يقول : من أحب أن يمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار " .

الطحاوي : حدثنا علي بن معبد ، ثنا شبابة بن سوار ، حدثني المغيرة بن مسلم ، ثنا عبد الله بن بريدة ، قال : سمعت معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - يقول : " من أحب أن يستجيم له الرجال قياما وجبت له النار " .

الترمذي : حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن ، أنا عفان ، أنا حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن أنس قال : " لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله - - ، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا ؛ لما يعلمون من كراهيته لذلك " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

باب إذا قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به[عدل]

مسلم : حدثنا قتيبة بن سعيد ، أنا أبو عوانة ، وقال قتيبة أيضا : حدثنا عبد العزيز - يعني ابن محمد - كلاهما عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله - - قال : " إذا قام أحدكم - وفي حديث أبي عوانة : من قام - من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به " .

باب صفة الجلسة المكروهة[عدل]

أبو داود : حدثنا علي بن بحر ، ثنا عيسى بن يونس ، ثنا ابن جريج ، عن إبراهيم بن ميسرة ، عن عمر بن الشريد ، عن أبيه الشريد بن سويد قال : " مر بي رسول الله - - وأنا جالس هكذا ، وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري ، واتكأت على ألية يدي ، فقال : أتقعد قعدة المغضوب عليهم ؟ " .

باب الاتكاء[عدل]

الترمذي : حدثنا يوسف بن عيسى ، ثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن سماك ابن حرب ، عن جابر بن سمرة قال : " أرأيت النبي - - متكئا على وسادة " . قال : هذا صحيح .

رواه : عن عباس بن محمد الدوري ، عن إسحاق بن منصور ، أنا إسرائيل عن سماك ، عن جابر قال : " رأيت النبي - - متكئا على وسادة على يساره " .

قال : هذا حديث حسن غريب .

باب من اتكأ بين يدي أصحابه[عدل]

البخاري : حدثنا علي بن عبد الله ، ثنا بشر بن المفضل ، ثنا الجريري ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه قال : قال رسول الله - - : " ألا أخبركم بأكبر الكبائر ؟ قالوا : بلى يا رسول الله . قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين " .

ثنا مسدد ، ثنا بشر مثله : " وكان متكئا فجلس فقال : ألا وقول الزور . فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت " .

باب الاحتباء باليد[عدل]

البخاري : حدثني محمد بن أبي غالب ، ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، ثنا محمد بن فليح ، عن أبيه ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : " رأيت رسول الله - - بفناء الكعبة محتبيا بيده هكذا " .

باب من جلس متربعا[عدل]

أبو داود : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، ثنا أبو داود الحفري ، ثنا سفيان الثوري ، عن سماك بن حرب ، عن جابر بن سمرة قال : " كان النبي - - إذا صلى الفجر ، تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس حسناء " .

باب في الرجل يضطحع على بطنه[عدل]

الترمذي : حدثنا أبو كريب ، ثنا عبدة بن سليمان و عبد الرحيم ، عن محمد بن عمرو ، ثنا أبو سلمة ، عن أبي هريرة قال : " رأى رسول الله - - مضطجعا على بطنه ، فقال : إن هذه ضجعة لا يحبها الله " .

أبو داود : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن يحيى بن أبي كثير ، ثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن ، عن يعيش بن طخفة بن قيس الغفاري قال : " كان أبي من أصحاب الصفة ، فقال رسول الله - - : انطلقوا بنا إلى بيت عائشة . فانطلقنا ، فقال : يا عائشة ، أطعمينا . فجاءت بحشيشة ، فأكلنا ، ثم قال : يا عائشة ، أطعمينا . فجاءت بحيسة مثل القطاة ، فأكلنا ، ثم قال : يا عائشة ، اسقينا ، فجاءت بعس من لبن فشربنا ، ثم قال : يا عائشة ، اسقينا . فجاءت بقدح صغير فشربنا ، ثم قال : إن شئتم بتم وإن شئتم انطلقتم إلى المسجد . قال : فبينما أنا مضطجع من السحر على بطني ، إذا رجل يحركني برجله ، فقال : إن هذه ضجعة يبغضها الله . قال : فنظرت ، فإذا رسول الله - - " .

باب في الرجل يستلقي واضعا إحدى رجليه على الأخرى[عدل]

مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك ، عن ابن شهاب ، عن عباد بن تميم ، عن عمه " أنه رأى رسول الله - - مستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى " .

باب في النهي عن ذلك[عدل]

مسلم : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن حاتم ، قال إسحاق : أنا ، وقال ابن حاتم : ثنا محمد بن بكر ، ثنا ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث أن النبي - - قال : فذكر الحديث وفيه : " و لا تضع إحدى رجليك على الأخرى إذا استلقيت " .

وقد تقدم الحديث في أبواب الانتعال " .

باب النهي أن يفضي الرجل إلى الرجل أو المرأة إلى المرأة في ثوب واحد[عدل]

أبو داود : حدثنا مؤمل ، حدثنا إسماعيل .

وثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا حماد ، عن الجريري - كلاهما - عن أبي نضرة - يعني : عن الطفاوي - عن أبي هريرة ، عن النبي - - : " ألا لا يفضين رجل إلى رجل ، ولا امرأة إلى امرأة إلا إلى ولد أو إلى والد " .

وقال موسى : ثنا حماد ، عن الجريري ، عن أبي نضرة ، عن الطفاوي .

قد ثبت النهي أن يفضي الرجل إلى الرجل ، أو المرأة إلى المرأة في ثوب واحد ، من طريق أبي سعيد ، رواه مسلم وغيره ، وهذا الاستثناء لا أعلمه روي إلا من حديث الطفاوي ، والطفاوي لا يعرف اسمه ، ولا يعرف إلا من هذا الحديث .

باب ما جاء في الجلوس بالطرقات[عدل]

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا عفان ، ثنا عبد الواحد بن زياد ، ثنا عثمان بن حكيم ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أبيه قال : قال أبو طلحة : " كنا قعودا بالأفنية نتحدث ، فجاء رسول الله - - فقام علينا ، فقال : ما لكم ولمجالس الصعدات ! اجتنبوا مجالس الصعدات . فقلنا : إنما قعدنا لغير ما بأس ، قعدنا نتذاكر ونتحدث . قال : أما لا ، فأدوا حقها : غض البصر ، ورد السلام ، وحسن الكلام " .

أبو داود : حدثنا عبد الله بن مسلمة ، ثنا عبد العزيز - يعني : ابن محمد - عن زيد - يعني : ابن أسلم - عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - - قال : " إياكم والجلوس في الطرقات . فقالوا : يا رسول الله ، ما بد لنا من مجالسنا نتحدث فيها ، فقال رسول الله - - : إن أبيتم فأعطوا الطريق حقه . قالوا : وما حق الطريق يا رسول الله ؟ قال : غض البصر ، وكف الأذى ، ورد السلام ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر " .

ثنا مسدد ، ثنا بشر - يعني : ابن المفضل - ثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - في هذه القصة قال : " وإرشاد السبيل " .

وزاد أبو داود في حديث آخر : " وتغيثوا الملهوف " .

باب ما جاء في الجلوس في الشمس[عدل]

أبو داود : حدثنا مسدد ، ثنا يحيى ، عن إسماعيل ، حدثني قيس ، عن أبيه " أنه جاء و رسول الله - - يخطب فقام في الشمس ، فأمر به فحول إلى الظل " .

باب ما جاء في الجلوس وسط الحلقة[عدل]

الترمذي : حدثنا سويد ، أنا عبد الله ، أنا شعبة ، عن قتادة ، عن أبي مجلز " أن رجلا قعد وسط حلقة ، فقال حذيفة : ملعون على لسان محمد - أو لعن الله على لسان محمد - - من قعد وسط الحلقة " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

باب الأمر بتشميت العاطس إذا حمد الله[عدل]

البخاري : حدثنا آدم ، ثنا شعبة ، ثنا أشعث بن سليم ، قال : سمعت معاوية بن سويد بن مقرن ، سمعت البراء بن عازب قال : " نهانا النبي - - عن سبع : نهانا عن خاتم الذهب - أو قال : حلقة الذهب - وعن الحرير ، والإستبرق ، والديباج ، والميثرة الحمراء ، والقسي ، وآنية الفضة . وأمرنا بسبع : بعيادة المريض ، واتباع الجنائز ، وتشميت العاطس ، ورد السلام ، وأجابة الداعي ، وإبرار المقسم ، ونصر المظلوم " .

مسلم : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، ثنا حفص - وهو ابن غياث - عن سليمان التيمي ، عن أنس بن مالك قال : " عطس عند النبي - - رجلان ، فشمت أحدهما ، ولم يشمت الآخر ، فقال الذي لم يشمته : عطس فلان فشمته ، وعطست أنا فلم تشمتني ! قال : إن هذا حمد لله ، وإنك لم تحمد الله " .

باب النهي عن تشميت العاطس إن لم يحمد الله[عدل]

مسلم : حدثني زهير بن حرب ومحمد بن عبد الله بن نمير - واللفظ لزهير قالا : ثنا القاسم بن مالك ، عن عاصم بن كليب ، عن أبي بردة ، قال : " دخلت على أبي موسى وهو في بيت ابنة الفضل بن عباس ، فعطست فلم يشمتني ، وعطست فشمتها ، فرجعت إلى أمي فأخبرتها ، فلما جاءها قالت : عطس عندك ابني فلم تشمته ، وعطست فشمتها ! فقال : إن ابنك عطس فلم يحمد الله فلم أشمته ، وعطست فحمدت الله فشمتها ، سمعت رسول الله - - يقول : إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه ، فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه " .

باب ما يقول العاطس وما يقال له[عدل]

البخاري : حدثنا مالك بن إسماعيل ، ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة ، ثنا عبد الله بن دينار ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " إذا عطس أحدكم فليقل : الحمد لله ، وليقل أخوه أو صاحبه : يرحمك الله ، فإذا قال له : يرحمك الله ، فليقل : يهيدكم الله ويصلح بالكم " .

النسائي : حدثنا عمرو بن علي ، ثنا أبو داود ، ثنا ابن أبي ذئب ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله - - قال : " العطاس من الله ، والتثاؤب من الشيطان ؛ فإذا عطس أحدكم فليحمد الله ، وحق على من سمعه أن يقول : يرحمكم الله " .

أبو داود : حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة ، عن عبد الله بن دينار ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " إذا عطس أحدكم فليقل : الحمد لله على كل حال ، وليقل أخوه أو صاحبه : يرحمك الله ، ويقول هو : يهديكم الله ويصلح بالكم " .

النسائي : أخبرني محمد بن قدامة ، ثنا جرير ، عن منصور ، عن هلال بن يساف قال : " كنا مع سالم بن عبيد في سفر ، فعطس رجل من القوم فقال : السلام عليكم ، فقال : السلام عليكم ، فقال السلام عليك وعلى أمك ، ثم قال : لعلك وجدت مما قلت لك ، إنما قلت لك كما قال رسول الله - - ، بينما نحن نسير مع رسول الله - - إذ عطس رجل من القوم ، فقال : السلام عليكم ، فقال رسول الله - - : عليك وعلى أمك ، ثم قال : إذا عطس أحدكم فليحمد الله ، فذكر بعض المحامد ، وليقل من عنده : يرحمك الله ، وليرد عليهم : يغفر الله لنا ولكم " .

أبو داود : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، ثنا جرير بهذا الإسناد ، وهذا الحديث ، وقال فيه : " لعلك وجدت مما قلت . قال : لوودت أنك لم تذكر أمي بخير ولا بشر " .

رواه سفيان ، عن منصور ، عن هلال بن يساف ، عن رجل ، عن خالد بن عرفطة ، عن سالم بن عبيد . قال أبو عبد الرحمن : والأول خطأ .

باب كم يشمت العاطس[عدل]

مسلم : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أنا أبو النضر هاشم بن القاسم ، ثنا عكرمة بن عمار ، حدثني إياس بن سلمة بن الأكوع ، أن أباه حدثه " أنه سمع النبي - - وعطس عنده رجل ، فقال له : يرحمك الله . ثم عطس أخرى ، فقال رسول الله - - : الرجل مزكوم " .

الترمذي : حدثنا سويد بن نصر ، أنا عبد الله ، أنا عكرمة بهذا الإسناد نحوه ، إلا أنه قال في الثانية : " أنت مزكوم " .

البزار : حدثنا محمد بن إسحاق البكائي ، ثنا أبو نعيم ، ثنا موسى بن محمد الأنصاري ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " شمته ثلاثا ، فإن زاد فإنما هو زكام " .

أبو داود : حدثنا هارون بن عبد الله ، ثنا مالك بن إسماعيل ، ثنا عبد السلام ابن حرب ، عن يزيد بن عبد الرحمن عن يحيى بن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أمه حميدة - أبو عبيدة - بنت رفاغة الزرقي ، عن أبيها ، عن النبي - - قال : " شمت العاطس ثلاثا ، فإن شئت فشمته وإن شئت فاتركه " .

يزيد بن عبد الرحمن هو أبو خالد الدالاني ، ثقة مشهور ، وعبد السلام بن حرب صدوق .

باب ما يقال لأهل الكتاب إذا عطسوا[عدل]

الترمذي : حدثنا محمد بن بشار ، ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، ثنا سفيان ، عن حكيم بن ديلم ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى قال : " كان اليهود يتعاطسون عند النبي - - ، يرجون أن يقول لهم : يرحمكم الله . فيقول : يهديكم الله ويصلح بالكم " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

باب إخفاء العطاس[عدل]

أبو داود : حدثنا مسدد ، ثنا يحيى ، عن ابن عجلان ، عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : " كان رسول الله - - إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه ، وخفض - أو غض - بها صوته " . شك يحيى .

رواه أبو عيسى الترمذي : عن محمد بن رزين الواسطي ، عن يحيى بإسناد أبي داود ، قال : " غطى وجهه " . وقال : حديث حسن صحيح .

باب ما جاء في العطاس[عدل]

النسائي : أخبرنا إبراهيم بن الحسن ، عن الحجاج - هو ابن محمد - ثنا ابن أبي ذئب ، عن سعيد المقبري ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " إن الله يحب العطاس ، ويكره التثاؤب ، فإذا عطس أحدكم فليحمد الله ، فإن حقا على من سمعه أن يقول : يرحمك الله ، وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان ، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع ، فإن أحدكم إذا قال : هاه ، هاه ضحك الشيطان منه " .

النسائي : أخبرنا محمد بن خلف ، ثنا آدم - هو ابن أبي إياس - ثنا أبو خالد سليمان بن حيان ، حدثني محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - .

قال أبو خالد : ثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي قال أبو خالد : وحدثني داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - .

قال أبو خالد : وحدثني ابن أبي ذباب ، حدثني سعيد المقبري ويزيد بن هرمز ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " خلق الله آدم بيده ، ونفخ فيه من روحه ، وأمر الملائكة فسجدوا له ، فجلس فعطس ، فقال : الحمد لله ، فقال له ربه : يرحمك ربك ، ائت أولئك الملائكة فقل : السلام عليكم . فأتاهم فقال : السلام عليكم . فقالوا له : وعليك السلام ورحمة الله . ثم رجع إلى ربه فقال : هذه تحيتك وتحية ذريتك " .

أنكر أبو عبد الرحمن النسائي هذا الحديث ، ورواه ، عن قتيبة ، عن الليث ، عن ابن عجلان ، عن سعيد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن سلام قوله . قال : وهو الصواب .

باب في التثاؤب[عدل]

البخاري : حدثنا عاصم بن علي ، ثنا ابن أبي ذئب ، عن سعيد المقبري ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " إن الله - تعالى - يحب العطاس ، ويكره التثاؤب ، فإذا عطس أحدكم وحمد الله كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له : يرحمك الله ، وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان ، فإذا تثاءب فليرده ما استطاع ؛ فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان " .

مسلم : حدثني أبو غسان مالك بن عبد الواحد ، ثنا بشر بن المفضل ، ثنا سهيل بن أبي صالح قال : سمعت ابنا لأبي سعيد الخدري ، يحدث أبي ، عن أبيه قال : قال رسول الله - - : " إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فيه ؛ فإن الشيطان يدخل " .

مسلم : حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وعلي بن حجر قالوا : ثنا إسماعيل - يعنون : ابن جعفر - عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله - - قال : " التثاؤب من الشيطان ، فإذا تثاءب أحدكم فليكظم غيظه ما استطاع " .

باب لا يتناجى اثنان دون الثالث[عدل]

مسلم : حدثنا زهير بن حرب وعثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم - واللفظ لزهير - قال إسحاق : أنا ، وقال الآخران : ثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : قال رسول الله - - : " إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس ؛ من أجل أن يحزنه " .

مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير وأبو كريب - واللفظ ليحيى - قال يحيى : أنا ، وقال الآخران : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش عن شقيق ، عن عبد الله قال : قال : رسول الله - - : " إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما ؛ فإن ذلك يحزنه " .

باب الحديث أمانة[عدل]

الترمذي : حدثنا أحمد بن محمد ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، عن ابن أبي ذئب ، أخبرني عبد الرحمن بن عطاء ، عن عبد الملك بن جابر بن عتيك ، عن جابر بن عبد الله ، عن النبي - - قال : " إذا حدث الرجل الحديث ثم التفت فهي أمانة " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن ، وإنما نعرفه من حديث ابن أبي ذئب .

باب الحديث بأخبار الجاهلية[عدل]

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، عن زهير ، ثنا سماك بن حرب قال : " قلت لجابر بن سمرة : أكنت تجالس رسول الله - - ؟ قال : نعم ، كثيرا ، كان يطيل الصمت ، ويتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسم " .

باب ضرب الأمثال[عدل]

مسلم : حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وعلي بن حجر السعدي - واللفظ ليحيى - قالوا : ثنا إسماعيل - يعنون : ابن جعفر - أخبرني عبد الله بن دينار ، أنه سمع عبد الله بن عمر يقول : قال رسول الله - - : " إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها ، وإنها مثل المسلم ، فحدثوني ما هي ؟ فوقع الناس في شجر البوادي ، قال عبد الله : ووقع في نفس أنها النخلة ، فاستحييت ، ثم قالوا : حدثنا ما هي يا رسول الله ؟ قال : فقال هي النخلة . قال : فذكرت ذلك لعمر ، قال : لأن تكون قلت : هي النخلة أحب إلي من كذا وكذا " .

البخاري : حدثنا آدم ، ثنا شعبة ، ثنا محارب بن دثار ، سمعت ابن عمر يقول : قال رسول الله - - : " مثل المؤمن مثل شجرة خضراء لا يسقط ورقها ولا يتحات . فقال القوم : هي شجرة كذا ، هي شجرة كذا ، فأردت أن أقول هي النخلة ، وأنا غلام شاب فاستحييت ، فقال : هي النخلة " .

عن شعبة ، ثنا خبيب بن عبد الرحمن ، عن حفص بن عاصم ، عن ابن عمر مثله ، وزاد : " فحدثت به عمر ، فقال : لو كنت قلتها لكان أحب إلي من كذا وكذا " .

البزار : حدثنا حميد بن مسعدة ، ثنا حصين بن نمير ، ثنا سفيان بن حسين ، عن أبي بشر ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله - - : " مثل المؤمن مثل النخلة ، ما أتاك منها نفعك " .

تفرد به حصين عن سفيان ، وسفيان عن أبي بشر ، وسفيان ثقة ، وإنما يضعف في روايته عن الزهري .

مسلم : حدثنا أبو بكر ، ثنا عبد الله بن نمير ومحمد بن بشر قالا : ثنا زكريا ابن أبي زائدة ، عن سعد بن إبراهيم ، حدثني ابن كعب بن مالك ، عن أبيه كعب قال : قال رسول الله - - : " مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الريح ، تصرعها مرة ، وتعدلها أخرى حتى تهيج ، ومثل الكافر كمثل الأرزة المجذبة على أصلها لا يفيئها شيء حتى يكون انجعافها مرة واحدة " .

أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا يونس بن محمد ، ثنا فليح - هو ابن سليمان - عن هلال بن علي ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " مثل المؤمن مثل الخامة من الزرع تفيئها الريح ، فإذا سكنت اعتدلت ، وكذلك المؤمن يكفأ بالبلاء ، ومثل الكافر كالأرزة معتدلة حتى يقصمها الله إذا ما شاء " .

مسلم : حدثنا محمد بن مثنى ، ثنا عبد الوهاب - يعني : الثقفي - ثنا عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - - قال : " مثل المنافق مثل الشاة العائرة بين الغنمين ، تعير إلى هذه مرة ، وإلى هذه أخرى " .

البزار : حدثنا يحيى بن حكيم ، ثنا محمد بن أبي عدي ، ثنا ابن عون ، عن الشعبي قال : سمعت النعمان بن بشير - ووالله لا أسمع أحدا يقول بعده ، سمعت رسول الله - - يقول : " إن الحلال بين وإن الحرام بين ، وبين ذلك أمور متشابهات ، وسأضرب لكم في ذلك مثلا : إن الله - تبارك وتعالى - حمى حمى ، وإن حمى الله ما حرم ، وإنه من يرعى حول الحمى يوشك أن يواقع ، وإنه من يخالط يوشك أن يجسر " .

أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا وكيع ، ثنا الأعمش ، عن سالم ، عن أبي كبشة الأنماري قال : قال رسول الله - - : " مثل هذه الأمة ، مثل أربعة نفر : رجل آتاه الله علما ومالا ، فهو يعمل بعلمه في ماله ، ينفقه في حقه ، ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالا ، فهو يقول : لو كان لي مثل مال هذا لعملت فيه مثل الذي يعمل . قال رسول الله - - : فهما في الأجر سواء ، ورجل آتاه الله مالا ولم يؤته علما ، فهو يخبط في ماله ، ينفقه في غير حقه ، ورجل لم يؤته الله علما ولا مالا ، فهو يقول : لو كان لي مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل . قال رسول الله - - : فهما في الوزر سواء " .

وعن أبي بكر أيضا ، عن أبي أسامة ، عن سفيان ، عن منصور ، عن سالم ، عن أبي كبشة قال : " ضرب لي رسول الله - - مثل هذه الأمة ، مثل أربعة نفر ... " فذكر حديث وكيع إلا أنه قال : " ورجل آتاه الله علما ومالا ، فهو يعمل في ماله بعلمه ، يصل رحمه ، ويؤدي حقه " .

ورواه الترمذي : من طريق يونس بن خباب ، عن أبي البختري الطائي ، عن أبي كبشة ، وفي حديث الترمذي كلام آخر .

ويونس بن خباب ضعيف ، قال فيه يحيى بن معين : يونس بن خباب رجل سوء . وقال فيه النسائي : ليس بثقة .

البزار : حدثنا محمد بن أبي مذعور وأحمد بن جميل قالا : ثنا النضر بن شميل ، ثنا حماد بن سلمة ، عن سماك بن حرب ، عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله - - : " مثل المؤمن ومثل الموت كمثل رجل له ثلاثة أخلاء : أحدهم قال : خذ ما شئت ، ودع ما شئت . وقال الآخر : أنا معك أحملك ، فإذا مت تركتك . وقال الآخر : أنا معك ، أدخل معك ، وأخرج معك . فأحدهم ماله ، والآخر أهله وولده ، والآخر عمله " .

البخاري : حدثنا قتيبة ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن عبد الله بن دينار ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - - قال : " مثلي ومثل الأنبياء من قبلي ، كمثل رجل بنى بنيانا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية ، فجعل الناس يطوفون به ، ويعجبون له ، ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة . قال : فأنا اللبنة ، وأنا خاتم النبيين " .

البخاري : حدثنا محمد بن العلاء ، ثنا أبو أسامة ، عن بريد ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، عن النبي - - قال : " مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير ، فحامل المسك : إما أن يحذيك ، وإما أن تبتاع منه ، وإما أن تجد منه ريحا طيبا ، ونافخ الكير : إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة " .

البخاري : حدثنا أبو نعيم ، ثنا زكريا ، عن عامر سمعته يقول : سمعت النعمان بن بشير يقول : قال رسول الله - - : " مثل المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضوا تداعى له سائره بالسهر والحمى " .

البخاري : حدثنا خلاد بن يحيى ، ثنا سفيان ، عن أبي بردة بن عبد الله بن أبي بردة ، عن جده ، عن أبي موسى ، عن النبي - - قال : " إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ، وشبك أصابعه " .

البخاري : حدثني محمد بن العلاء ، ثنا أبو أسامة ، عن بريد بن عبد الله ابن أبي بردة ، عن أبي موسى قال : قال النبي - - : " مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت " .

وبهذا الإسناد قال : قال رسول الله - - : " مثلي ومثل ما بعثني الله كمثل رجل أتى قوما ، فقال : رأيت الجيش بعيني وإني أنا النذير العريان ، فالنجاء فالنجاء . فأطاعته طائفة ، فأدلجوا على مهلهم ؛ فنجوا ، وكذبته طائفة فصبحهم الجيش فاجتاحهم " .

أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا الفضل بن دكين ، ثنا بشير بن المهاجر ، حدثني عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : " خرج النبي - - ذات يوم ، فنادى ثلاث مرار ، فقال : يا أيها الناس ، أتدرون ما مثلي ومثلكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : إنما مثلي ومثلكم ، مثل قوم خافوا عدوا يأتيهم ، فبعثوا رجلا يتراءى لهم ، فبينا هم كذلك أبصر العدو ، وأقبل لينذرهم فخشي أن يدركه القوم قبل أن ينذر قومه ، فأومأ بيده أيها الناس ، أتيتم ثلاث مرات " .

البخاري : حدثنا أبو اليمان ، أنا شعيب ، ثنا أبو الزناد ، عن عبد الرحمن أنه حدثه ، أنه سمع أبا هريرة ، أنه سمع رسول الله - - يقول : " إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا ، فلما أضاءت ما حوله ، جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها ، فجعل الرجل يزعهن ويغلبنه ، فيتقحمن فيها ، فأنا آخذ بحجزهم عن النار وهم يقتحمون فيها " .

البخاري : حدثنا عبد الله بن يوسف ، أنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر أن رسول الله - - قال : " إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة ، إن عاهد عليها أمسكها ، وإن أطلقها ذهبت " .

البخاري : حدثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا الليث ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن رسول الله - - قال : إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم ما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس ، وإنما مثلكم ومثل اليهود والنصارى كرجل استعمل عمالا ، فقال : من يعمل لي إلي نصف النهار على قيراط قيراط . فعملت اليهود إلى نصف النهار على قيراط قيراط . ثم قال : من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط . فعملت النصارى من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط . ثم قال : من يعمل لي من صلاة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين . ألا فأنتم الذين يعملون من صلاة العصر إلى مغرب الشمس ، ألا لكم الأجر مرتين ، فغضبت اليهود والنصارى ، فقالوا : نحن أكثر عملا وأقل عطاء ، قال الله - عز وجل - : وهل ظلمتكم من حقكم شيئا ؟ قالوا : لا . قال : فإنه فضلي أعطيه من شئت " .

مالك : عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن رسول الله - - قال : " مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم الدائم الذي لا يفتر من صلاته ولا صيامه حتى يرجع " .

الترمذي : حدثنا قتيبة ، ثنا الليث ، عن ابن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة أن رسول الله - - قال : " أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات ، هل يبقى من درنه شيئا ؟ قالوا : لا يبقى من درنه شيئا . قال : فذلك مثل الصلوات الخمس ، يمحو الله بهن الخطايا " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

البخاري : حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا وهيب ثنا ابن طاوس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " مثل البخيل والمتصدق مثل رجلين عليهما جبتان من حديد قد اضطرت أيديهما إلى تراقيهما ، فكلما هم المتصدق بصدقة اتسعت عليه حتى تعفي أثره ، وكلما هم البخيل بالصدقة انقبضت كل حلقة إلى صاحبتها وتقلصت عليه ، وانضمت يداه إلى تراقيه . فسمع النبي - - يقول : فيجهد أن يوسعها ولا تتسع " .

الترمذي : حدثنا الحسن بن علي الخلال وغير واحد قالوا : ثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله - - : " إنما الناس كإبل مائة ، لا يجد الرجل فيها راحلة " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

البزار : حدثنا عمرو بن علي ، ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن الشعبي ، عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله - - : " مثل القائم على حدود الله والمداهن فيها كمثل قوم استهموا على سفينة في البحر ، فأصاب بعضهم أعلاها ، وبعضهم أسفلها ، فكان الذين في أسفلها يخرجون فيستقون الماء ، ويشقون على الذين في أعلاها ، فقال الذين في أعلاها : لا ندعكم تمرون علينا فتؤذونا . فقال الذين في أسفلها : إن منعتمونا فتحنا بابا من أسفلها . فإن أخذوا على أيديهم فمنعوهم نجوا جميعا ، وإن تركوهم هلكوا جميعا " .

البخاري : حدثنا قتيبة ، ثنا أبو عوانة ، عن قتادة ، عن أنس ، عن أبي موسى ، عن النبي - - : " مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ريحها طيب وطعهما طيب ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر ، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة طعمها مر وريحها طيب " .

أبو داود الطيالسي : حدثنا أبان بن يزيد ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن زيد ابن سلام ، عن أبي سلام ، عن الحارث الأشعري ، أن رسول الله - - قال : " إن الله - عز وجل - أوحى إلى يحيى بن زكريا بخمس كلمات ، أن يعمل بهن ، ويأمر بني إسرائيل أن يعلموا بهن ، فكأنه أبطأ بهن ، فأوحى الله إلى عيسى إما أن يبلغهن ، وإما أن تبلغهن ، فأتاه عيسى - عليه السلام - فقال : إن الله - عز وجل - أمرك بخمس كلمات تعمل بهن وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن ، فإما أن تخبرهم وإما أن أخبرهم . فقال : يا روح الله ، لا تفعل ، فإني أخاف إن سبقتني أن يخسف بي أو أعذب . قال : فجمع بني إسرائيل في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد وقعدوا علي الشرفات ، ثم خطبهم فقال : إن الله - عز وجل - أوحى إلي بخمس كلمات ، وأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن : أولهن : ألا تشركوا بالله شيئا ، فإن مثل من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بذهب أو ورق ثم أسكنه دارا ، فقال : اعمل وارفع إلي فجعل العبد يرفع إلى غير سيده ، فأيكم يرضى أن يكون عبده كذلك ، فإن الله - عز وجل - خلقكم ورزقكم فلا تشركوا به شيئا ، وإذا قمتم إلى الصلاة فلا تلتفتوا ، فإن الله يقبل بوجهه إلى وجه عبده ما لم يلتفت ، وأمركم بالصيام ، ومثل ذلك كمثل رجل في عصابة معه صرة مسك فكلهم يحب أن يجد ريحها ، وخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ، وأمركم بالصدقة ، ومثل ذلك كمثل رجل أسره العدو فأوثقوه إلى عنقه أو قربوه ليضربوا عنقه ، فجعل يقول لهم : هل لكم أن أفدي نفسي منكم ؟ فجعل يعطي القليل والكثير حتى فدى نفسه ، وأمركم بذكر الله كثيرا ، ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصنا حصينا ، فأحرز نفسه فيه ، وكذلك العبد لا ينجو من الشيطان إلا بذكر الله - عز وجل " .

وروى أبو داود أيضا قال : ثنا عمران القطان ، عن قتادة ، عن عبد ربه ، عن أبي عياض ، عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله - - قال : " إياكم ومحقرات الأعمال ، إنهن ليجتمعن على الرجل فيهلكنه . وإن رسول الله - - ضرب لهن مثلا كمثل قوم نزلوا بأرض فلاة فحضر صنيع القوم ، فجعل الرجل يجيء بالعود ، والرجل يجيء بالعويد حتى جمعوا من ذلك سوادا ، ثم أججوا نارا فأنضجت ما قذف فيها " .

روى أبو جعفر الطحاوي : ثنا نصر بن مرزوق وفهد بن سليمان وهارون ابن كامل ، جميعا قالوا : ثنا عبد الله بن صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، أن عبد الرحمن بن جبير حدثه ، عن أبيه ، عن نواس بن سمعان الكلابي ، عن رسول الله - - أنه قال : " ضرب الله - عز وجل - مثلا صراطا مستقيما ، وعلى جنبتي الصراط سور فيه أبواب مفتحة ، وعلى الأبواب ستور مرخاة ، وعلى باب الصراط داع يقول : يا أيها الناس ، ادخلوا الصراط جميعا ولا تتعوجوا . وداع يدعو من فوق الصراط ، فإذا أراد - قال أبو جعفر : فكأنهم يعنون رجلا واحدا - فتح شيء من تلك الأبواب قال : ويحك لا تفتحه ؛ فإنك إن تفتحه تلجه . فالصراط الإسلام ، والستور حدود الله ، والأبواب المفتحة محارم الله ، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله ، والداعي من فوق - كأنه يعني الصراط - واعظ الله في قلب كل مسلم " .

أبو بكر بن أبي شيبة : عن وكيع ، عن المسعودي ، عن عمرو بن مرة ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : قال رسول الله - - : " إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال في ظل شجرة في يوم حار ثم راح وتركها " .

باب تناشد الأشعار وما جاء في الشعر[عدل]

البخاري : حدثنا أبو اليمان ، حدثنا شعيب ، عن الزهري ، أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن ، أن مروان بن الحكم أخبره ، أن عبد الرحمن بن الأسود ابن عبد يغوث أخبره ، أن أبي بن كعب أخبره ، أن رسول الله - - قال : " إن من الشعر حكمة " .

أبو داود : حدثنا مسدد ، ثنا أبو عوانة ، عن سماك بن حرب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : " جاء أعرابي إلى النبي - - فجعل يتكلم بكلام فقال رسول الله - - : إن من البيان سحرا ، وإن من الشعر حكما " .

وروى أبو داود قال : ثنا محمد بن يحيى بن فارس ، ثنا سعيد بن محمد - يعني الجرمي - ثنا أبو تميلة ، حدثني أبو جعفر النحوي عبد الله بن ثابت ، حدثني صخر بن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، عن جده قال : سمعت رسول الله - - يقول : " إن من البيان سحرا ، وإن من العلم جهلا ، وإن من الشعر حكما ، وإن من القول عيالا " .

قال صعصعة بن صوحان : صدق نبي الله - - ، أما قوله : " إن من البيان سحرا " فالرجل يكون عليه الحق وهو ألحن بالحجج من صاحب الحق ، فيسحر القوم ببيانه فيذهب بالحق ، وأما قوله : " من العلم جهلا " فيتكلف العالم إلى علمه ما لا يعلم فيجهله ذلك ، وأما قوله : " من الشعر حكما " فهي هذه المواعظ والأمثال التي يتعظ بها الناس ، وأما قوله : " من القول عيالا " فعرضك كلامك وحديثك على من ليس من شأنه ولا يريده .

الترمذي : حدثنا علي بن حجر ، ثنا شريك ، عن سماك ، عن جابر ابن سمرة قال : " جالست النبي - - أكثر من مائة مرة ، فكان أصحابه يتناشدون الشعر ، ويتذاكرون أشياء من أمر الجاهلية ، وهو ساكت فربما تبسم معهم " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح ، وقد رواه زهير عن سماك أيضا .

مسلم : حدثنا عمرو الناقد وابن أبي عمر ، كلاهما عن ابن عيينة - قال ابن أبي عمر : ثنا سفيان - عن إبراهيم بن ميسرة ، عن عمرو بن الشريد ، عن أبيه قال : " ردفت رسول الله - - يوما فقال : هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شيء ؟ قلت : نعم . قال : هيه . فأنشدته بيتا فقال : هيه . أنشدته بيتا حتى أنشدته مائة بيت " .

مسلم : حدثنا ابن أبي عمر ، ثنا سفيان ، ثنا زائدة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة أن رسول الله - - قال : " إن أصدق بيت قاله الشاعر : ألا كل شيء ما خلا الله باطل . وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم " .

النسائي : أخبرني إبراهيم بن يعقوب ، ثنا عبد الله بن محمد بن نفيل ، ثنا هشيم بن ميسرة عن مغيرة ، عن الشعبي ، عن عائشة قالت : " كان رسول الله - - إذا استراث الخبر تمثل بقافية طرفة : ويأتيك بالأخبار من لم تزود " .

الترمذي : حدثنا علي بن حجر ، ثنا شريك ، عن المقدام بن شريح ، عن أبيه ، عن عائشة قال : " قيل لها : هل كان النبي - - يتمثل بشيء من الشعر ؟ قالت : كان يتمثل بشعر ابن رواحة ويتمثل ويقول : ويأتيك بالأخبار من لم تزود " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا أبو أسامة ، عن زائدة ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : " كان رسول الله - - يتمثل من الأشعار ويأتيك بالأخبار من لم تزود " .

أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا عبدة بن سليمان ، عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس " أن النبي - - صدق أمية بن أبي الصلت في شيء من شعره أو قال بيتين من شعره ، فقال : زحل وثور تحت رجل يمينه والنسر للأخرى وليث مرصد فقال النبي - - : صدق : والشمس تطلع كل آخر ليلة حمراء يصبح لونها يتورد تأبى فما تطلع لنا في رسلها إلا معذبة وإلا تجلد

فقال النبي - - : صدق " .

البزار : حدثنا السكن بن سعيد ، ثنا يعقوب بن محمد الزهري ، حدثني يزيد بن عمرو بن مسلم الخزاعي ، حدثني أبي ، عن أبيه مسلم الخزاعي قال : " كنت عند النبي - - فأنشد منشد قول سويد بن عامر المصطلق : لا تأمنن وإن أمسيت في حرم إن المنايا بجنبي كل إنسان واسلك سبيلك تمشي غير مختشع حتى تلاقي ما يمنى لك الماني فكل ذي صاحب يوما مفارقه وكل زاد وإن أبقيته فان والخير والشر مقرونان في قرن وكل ذلك يبليه الجديدان

قال : فبكى أبي ، فقلت : ما يبكيك لمشرك مات في الجاهلية ؟ قال : يا بني ، والله ما رأيت مشركا في شركه مثل سويد " .

باب هجاء المشركين[عدل]

أبو داود : حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا حماد ، عن حميد ، عن أنس أن النبي - - قال : " جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم " .

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب ، قالا : ثنا أبو أسامة ، عن هشام ، عن أبيه " أن حسان بن ثابت كان ممن كثر على عائشة ، فسببته . فقالت : يا ابن أختي دعه ، فإنه كان ينافح عن رسول الله - - " .

مسلم : حدثنا عبيد الله بن معاذ ، ثنا أبي ، ثنا شعبة ، عن عدي - وهو ابن ثابت - قال : سمعت البراء بن عازب قال : " سمعت رسول الله - - يقول لحسان بن ثابت : اهجهم - أو هاجهم - وجبريل معك " .

مسلم : حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث ، حدثني أبي ، عن جدي ، حدثني خالد بن يزيد ، حدثني سعيد بن أبي هلال ، عن عمارة بن غزية ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عائشة ، أن رسول الله - - قال : " اهجوا قريشا ؛ فإنه أشد عليها من رشق بالنبل ، فأرسل إلى ابن رواحة ، فقال : اهجهم فهجاهم ، فلم يرض فأرسل إلى كعب بن مالك ، ثم أرسل إلى حسان بن ثابت ، فلما دخل عليه قال حسان : قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه ، ثم أدلع لسانه فجعل يحركه ، فقال : والذي بعثك بالحق لأفرينهم بلساني فري الأديم . فقال رسول الله - - : لا تعجل ، فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها وإن لي فيهم نسبا حتى يلخص لك نسبي . فأتاه حسان ثم رجع . فقال : يا رسول الله ، قد لخص لي نسبك ، والذي بعثك بالحق لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين . قالت عائشة : فسمعت رسول الله - - يقول لحسان : إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله . وقالت : سمعت رسول الله - - يقول : هجاهم حسان فشفى واشتفى . قال حسان : هجوت محمدا فأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء هجوت محمدا برا حنيفا رسول الله شيمته الوفاء فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وقاء ثكلت بنيتي إن لم تروها تثير النقع من كنفي كداء يبارين الأعنة مصعدات على أكتافها الأسل الظماء تظل جيادنا متمطرات تلطمهن بالخمر النساء فإن أعرضتموا عنا اعتمرنا وكان الفتح وانكشف الغطاء وإلا فاصبروا لضراب يوم يعز الله فيه من يشاء وقال الله قد أرسلت عبدا يقول الحق ليس به خفاء وقال الله قد يسرت جندا هم الأنصار عرضتها اللقاء لنا في كل يوم من معد سباب أو قتال أو هجاء فمن يهجو رسول الله منكم ويمدحه وينصره سواء وجبريل رسول الله فينا وروح القدس ليس له كفاء

الترمذي : حدثنا إسحاق بن منصور ، أنا عبد الرزاق ، أنا جعفر بن سليمان ، ثنا ثابت ، عن أنس : " أن النبي - - دخل مكة في عمرة القضاء وعبد الله ابن رواحة بين يديه يمشي وهو يقول : خلوا بني الكفار عن سبيله اليوم نضربكم على تنزيله ضربا يزيل الهام عن مقيله ويذهل الخليل عن خليله

فقال له عمر : يا ابن رواحة ، بين يدي رسول الله وفي حرم الله تقوم الشعر ! فقال النبي - - : خل عنه يا عمر ، فلهي أسرع فيهم من نضح النبل " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه .

البزار : حدثنا عقبة بن سنان ، ثنا عثمان بن عثمان الغطفاني ، ثنا محمد ابن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : " جاء الحارث الغطفاني إلى رسول الله - - فقال : يا محمد ، ناصفنا تمر المدينة وإلا ملأناها عليك خيلا ورجالا . فقال : حتى أستأمر السعود : سعد بن عبادة ، وسعد بن معاذ - يعني : يشاورهما - فقالا : والله ما أعطينا الدنية من أنفسنا في الجاهلية ، فكيف وقد جاء الله بالإسلام ! فرجع إليه الحارث فأخبره ، فقال : غدرت يا محمد . قال : فقال حسان : يا حار من يغدر بذمة جاره منكم فإن محمدا لا يغدر إن تغدروا فالغدر من عاداتكم واللؤم ينبت في أصول السخبر وأما النهدي حيث لقيته مثل الزجاجة صدعها لا يجبر قال : فقال الحارث : كف عنا يا محمد لسان حسان ، فلو مزج به ماء البحر لمزجه " .

وهذا الحديث لا نعلم رواه عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة إلا عثمان بن عثمان ، ولم نسمعه إلا من عقبة بن سنان .

باب ما جاء في هجاء المسلمين[عدل]

أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا عبيد الله ، عن شيبان ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن يوسف بن ماهك ، عن عبيد بن عمير ، عن عائشة قالت : قال رسول الله - - : " إن أعظم الناس فرية لرجل هجا رجلا ، فهجا القبيلة بأسرها ، ورجل انتفى من أبيه وزنى أمه " .

الطحاوي : حدثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم بن مسلم ، ثنا عبيد الله بإسناد أبي بكر ، قال رسول الله - - : " أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل هجا رجلا فهجا القبيلة بأسرها " .

البزار : حدثنا محمد بن موسى السامي ثنا أبو هلال محمد بن سليم الراسبي ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله - - : " من قال في الإسلام شعرا مقذعا فلسانه هدر " .

محمد بن سليم هذا لا يؤخذ عن مثله هذا الحكم .

باب ما يكره من أن يكون الشعر الغالب على الإنسان[عدل]

مسلم : حدثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا ليث ، عن ابن الهاد ، عن يحنس مولى مصعب بن الزبير ، عن أبي سعيد قال : " بينا نحن نسير مع رسول الله - - بالعرج إذ عرض عليه شاعر ينشد ، فقال رسول الله - - : خذوا الشيطان - أو أمسكوا الشيطان - لأن يمتلئ جوف رجل قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا " .

مسلم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا وكيع ، ثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " لأن يمتلئ جوف الرجل قيحا يريه خير من أن يمتلئ شعرا " .

باب في الصدق وحفظ اللسان[عدل]

أبو داود : حدثنا مسدد ، ثنا عبد الله بن داود .

ثنا أبو بكر بن أبي شيبة : ثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : قال رسول الله - - : " إياكم والكذب ؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ، وعليكم بالصدق ، فإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر ليهدي إلى الجنة ، وإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا " .

البخاري : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله ، ثنا إبراهيم بن سعد ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه " .

البخاري : حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، ثنا عمر بن علي ، سمع أبا حازم ، عن سهل بن سعد ، عن رسول الله - - قال : " من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة " .

البزار : حدثنا محمد بن معمر ، ثنا محمد بن عبيد ، ثنا داود بن يزيد ، سمعت أبي ، يحدث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " أتدرون ما يدخل الناس الجنة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : تقوى الله ، وحسن الخلق ، أتدرون أكثر ما يدخل الناس النار ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : الفم ، والفرج " .

مسلم : حدثنا محمد بن أبي عمر المكي ، ثنا عبد العزيز الدراوردي ، عن يزيد بن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن عيسى بن طلحة ، عن أبي هريرة أن رسول الله - - قال : " إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها ، يهوي بها في النار ابعد ما بين المشرق والمغرب " .

تابعه بكر بن مضر ، عن ابن الهاد من رواية مسلم - رحمه الله - ولم يقل : " ما يتبين ما فيها " .

ورواه محمد بن إسحاق ، عن محمد بن إبراهيم بإسناد مسلم : " إن الرجل ليتكلم بالكلمة ولا يرى بها بأسا ، يهوي بها سبعين خريفا في النار " .

خرجه الترمذي قال : حدثنا محمد بن بشار ، ثنا ابن أبي عدي ، عن محمد بن إسحاق ، وقال : حديث حسن غريب من هذا الوجه .

أبو داود : حدثنا محمد بن الحسين ، ثنا علي بن حفص ، ثنا شعبة ، عن خبيب بن عبد الرحمن ، عن حفص بن عاصم ، عن أبي هريرة ، أن النبي - - قال : " كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع " .

رواه غير علي بن حفص موقوفا .

البزار : حدثنا أحمد بن منصور بن سيار ، ثنا أبو أحمد ، ثنا عمرو بن عبد الله ، عن أبي عمرو الشيباني ، عن معاذ بن جبل أنه قال : " يا رسول الله ، أوصني . قال : احفظ عليك لسانك . فأعاد عليه ، فقال : ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم " .

أبو بكر بن أبي شيبة : عن غندر ، عن شعبة ، عن الحكم قال : سمعت عروة بن النزال ، يحدث عن معاذ بن جبل قال : " أقبلنا مع رسول الله - - من غزوة تبوك ، قال : فلما رأيته خاليا قلت : يا رسول الله ، أخبرني بعمل يدخلني الجنة . قال : بخ ، لقد سألت عن عظيم ، وهو يسير على من يسر الله عليه ، تقيم الصلاة المكتوبة ، وتؤدي الزكاة المفروضة ، وتلقى الله لا تشرك به شيئا ، أولا أدلك على رأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ فأما رأس الأمر من أسلم يسلم ، وأما عموده فالصلاة ، وأما ذروة سنامه فالجهاد في سبيل الله ، أولا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة ، والصدقة برهان ، وقيام العبد في جوف الليل يكفر كل خطيئة ، وتلا هذه الآية : {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون} أولا أدلك على أملك ذلك كله الله ؟ قال : وأشار رسول الله - - بيده إلى لسانه ، قال : قلت : يا رسول الله ، وإنا لنؤاخذ بما نتكلم به ؟ قال : ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس على مناخيرهم إلا حصائد ألسنتهم " .

قال شعبة : قال الحكم ، وحدثني به ميمون بن أبي شبيب منذ أربعين سنة .

قد تقدم هذا الحديث في أول كتاب الصلاة ، خرجه الترمذي من حديث معاذ ، عن النبي - - ، وهو حديث صحيح .

وروى الطحاوي قال : ثنا فهد ، ثنا أبو نعيم ، ثنا أبو معاوية عمرو بن عبد الله النخعي ، ثنا أبو عمرو الشيباني ، حدثني صاحب هذه الدار - يعني : عبد الله بن مسعود - قال : " سألت رسول الله - - : أي الأعمال أفضل ؟ قال : الصلاة على ميقاتها . قلت : ثم ماذا يا رسول الله ؟ قال : بر الوالدين . قلت : ثم ماذا يا رسول الله ؟ قال : أن يسلم الناس من لسانك . ثم سكت ، ولو استزدته لزادني " .

تفرد به عمرو بن عبد الله بقوله : " أن يسلم الناس من لسانك " وعمرو هذا ثقة مشهور ، وثقه أبو حاتم ويحيى بن معين وغيرهما .

النسائي : أخبرنا قتيبة بن سعيد ، ثنا الليث ، عن ابن عجلان ، عن العقعاع ابن حكيم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله - - قال : " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم " .

الترمذي : حدثنا سويد ، أنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن ماعز ، عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال : " قلت : يا رسول الله ، حدثني بأمر أعتصم به . قال : قل ربي الله ثم استقم . قلت : يا رسول الله ، وما أخوف ما تخاف علي ؟ فأخذ بلسان نفسه ثم قال : هذا " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

وروى الترمذي أيضا قال : ثنا محمد بن موسى البصري ، ثنا حماد بن زيد ، عن أبي الصهباء ، عن سعيد بن جبير ، عن أبي سعيد الخدري - رفعه - قال : " إذا أصبح ابن آدم ، فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان فتقول : اتق الله فينا فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا ، وإن أعوججت اعوججنا " .

قال : ثنا هناد ، ثنا أبو أسامة ، عن حماد بن زيد ولم يرفعه وهذا أصح ، ورواه غير واحد ، عن حماد بن زيد ولم يرفعوه .

الترمذي : حدثنا محمد بن بشار وغير واحد قالوا : ثنا محمد بن يزيد بن خنيس المكي ، سمعت سعيد بن حسان ، حدثتني أم صالح ، عن صفية بنت شيبة ، عن أم حبيبة زوج النبي - - ، عن النبي - - قال : " كلام ابن آدم عليه لا له ، إلا أمر بمعروف ، أو نهي عن منكر ، أو ذكر الله - تعالى " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن يزيد بن خنيس .

باب ما جاء في التعمق في الكلام وتعلم الخطب والسجع[عدل]

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا حفص بن غياث ويحيى بن سعيد ، عن ابن جريج ، عن سليمان بن عتيق ، عن طلق بن حبيب ، عن الأحنف بن قيس ، عن عبد الله قال : قال رسول الله - - : " هلك المتنطعون . قالها ثلاثا " .

الترمذي : ثنا أحمد بن الحسن بن خراش ، ثنا حبان بن هلال ، ثنا مبارك بن فضالة ، حدثني عبد ربه بن سعيد ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر ، أن رسول الله - - قال : " إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا ، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلسا يوم القيامة : الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون . قالوا : يا رسول الله ، قد علمنا الثرثارون والمتشدقون ، فما المتفيهقون ؟ قال : المتكبرون " .

قال أبو عيسى الترمذي : الثرثار : الكثير الكلام ، والمتشدق : الذي يتطاول على الناس في الكلام ويبدو عليهم .

قال : أبو عيسى : وهذا حديث حسن غريب من هذا الوجه .

أبو داود : ثنا محمد - هو ابن سنان العوفي الباهلي - ثنا نافع بن عمر ، عن بشر بن عاصم ، عن أبيه ، عن عبد الله - قال أبو داود : هو ابن عمرو - قال : قال رسول الله - - : " إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تخلل الباقرة بلسانها " .

رواه أبو عيسى : عن محمد بن عبد الأعلى ، عن عمر بن علي ، عن نافع ابن عمر بهذا الإسناد ، وقال : " كما تخلل البقرة " ولم يقل : " بلسانها " ، وقال : حديث حسن غريب .

أبو داود : حدثنا ابن السرح ، ثنا ابن وهب ، عن عبد الله بن المسيب ، عن الضحاك بن شرحبيل ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " من تعلم صرف الكلام ليسبي به قلوب الرجال - أو الناس - لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا " .

البزار : حدثنا محمد بن عبد الملك القرشي ، ثنا ديلم بن غزوان ، أنا ميمون الكردي ، عن أبي عثمان النهدي ، عن عمر بن الخطاب قال : " حذرنا رسول الله - - كل منافق عليم اللسان " .

سمعت أبا غسان روح بن حاتم يذكر ، عن سليمان بن حرب ، عن حماد ابن زيد ، عن سويد بن المغيرة ، عن الحسن ، عن الأحنف ، عن عمر بنحوه ، وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن عمر متصلا إلا من حديث الأحنف وأبي عثمان ، وسويد بن المغيرة رجل جليل من أهل البصرة .

قال : وثنا محمد بن عبد الملك ، ثنا خالد بن الحارث ، ثنا حسين المعلم ، عن عبد الله بن بريدة عن عمران بن حصين قال : " حذرنا رسول الله - - كل منافق عليم اللسان " .

قال : وهذا الكلام لا نحفظه إلا عن عمر ، واختلفوا في رفعه عن عمر ، فذكرنا حديث عمران لحسن إسناده ، وحديث عمر أيضا إسناده صالح .

باب الضحك والتبسم[عدل]

البخاري : حدثنا مسدد ، سمع يحيى ، عن سفيان ، حدثني منصور وسليمان ، عن إبراهيم عن عبيدة ، عن عبد الله " أن يهوديا جاء إلى رسول الله - - فقال : يا محمد ، إن الله يمسك السماوات على أصبع ، والأرضين على أصبع ، والجبال على أصبع ، والبحر على أصبع ، والخلائق على أصبع ، ثم يقول : أنا الملك . فضحك رسول الله - - حتى بدت نواجذه " .

وفي طريق أخرى له : " والشجر والأنهار على أصبع " .

رواه عن موسى : عن أبي عوانة ، عن الأعمش ، عن إبراهيم بهذا الإسناد .

مسلم : حدثني هارون بن معروف ، ثنا ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث .

وحدثني أبو الطاهر ، أنا عبد الله بن وهب ، أنا عمرو بن الحارث ، أن أبا النضر حدثه ، عن سليمان بن يسار ، عن عائشة زوج النبي - - أنها قالت : " ما رأيت رسول الله - - مستجمعا ضاحكا حتى أرى منه لهواته ، إنما كان يتبسم ، قالت : وكان إذا رأى غيما أو ريحا عرف ذلك في وجهه ، فقالت : يا رسول الله ، أرى الناس إذا رأوا الغيم فرحوا ؛ رجاء أن يكون فيه المطر ، وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية . قالت : فقال : يا عائشة ، وما يؤمنني أن يكون فيه عذاب ، قد عذب قوم بالريح ، وقد رأى قوم العذاب فقالوا : {هذا عارض ممطرنا} " .

الترمذي : حدثنا أحمد بن خالد ، ثنا يحيى بن إسحاق السيلحاني ، ثنا الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عبد الله بن الحارث بن جزء قال : " ما كان ضحك رسول الله - - إلا تبسما " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب .

باب ما نهي أن يضحك منه[عدل]

البخاري : حدثنا علي بن عبد الله ، ثنا سفيان ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عبد الله بن زمعة قال : " نهى النبي - - أن يضحك الرجل مما يخرج من الأنفس ، وقال : بم يضرب أحدكم امرأته ضرب الفحل ثم لعله يعانقها " .

وقال الثوري ووهيب وأبو معاوية عن هشام : " جلد العبد " .

باب ما جاء في الذي يتكلم ليضحك الناس[عدل]

الترمذي : حدثنا محمد بن بشار ، ثنا يحيى بن سعيد ، ثنا بهز بن حكيم ، حدثني أبي ، عن جدي ، سمعت النبي - - يقول : " ويل للذي يتحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب ، ويل له ، ويل له " .

قال : هذا حديث حسن .

النسائي : حدثنا مسدد بن مسرهد ، ثنا يحيى ، عن بهز ، ثنا أبي ، عن أبيه قال : سمعت رسول الله - - يقول : " ويل للذي يتحدث فيكذب ليضحك به القوم ، ويل له ، ويل له " .

البزار : حدثنا الحسن بن أبي شعيب ، ثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - - : " إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يرى بها بأسا ليضحك بها أصحابه ، يهوي بها في جهنم سبعين خريفا " .

وهذا الحديث لا نعلم أحدا يرويه عن أبي سلمة عن أبي هريرة إلا محمد بن إبراهيم ، ولا رواه عن محمد إلا ابن إسحاق .

باب في المزاح[عدل]

الترمذي : حدثنا عباس بن محمد الدوري البغدادي ، ثنا علي بن الحسن أنا عبد الله بن المبارك ، عن أسامة بن زيد ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال : " قالوا : يا رسول الله ، إنك تداعبنا . قال : إني لا أقول إلا حقا " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن .

الترمذي : ثنا قتيبة ، ثنا خالد بن عبد الله الواسطي ، عن حميد ، عن أنس بن مالك " أن رجلا استحمل رسول الله - - فقال : إني حاملك على ولد الناقة ، فقال : يا رسول الله ، ما أصنع بولد الناقة ؟ فقال رسول الله - - : وهل تلد الإبل إلا النوق " .

قال أبو عيسى : هذا حديث صحيح غريب .

الترمذي : حدثنا محمود بن غيلان ، ثنا أبو أسامة ، عن شريك ، عن عاصم الأحول ، عن أنس بن مالك " أن النبي

قال له : يا ذا الأذنين . قال محمود : قال أبو أسامة : يعني مازحه " .

قال أ و عيسى : هذا حديث صحيح غريب .

أبو داود الطيالسي : حدثنا ربعي بن عبد الله بن الجارود الهذلي ، قال :

حدثني الجارود ، عن أنس قال : " كان رسول الله

يدخل على أمي فتتحفه بالشيئ ، فدخل عليها يوما و عندها أخ لي صغير ، فرآه خاثر النفس فقال : ما لابنك يا م سليم ؟ فقالت : يا رسول الله ، ماتت صعوته التي كان يلعب بها . فقال : يا أبا عمير مات النغير ، أتى عليه الدهير " .

ربعي وجده صالحان ، ذكر ذلك ابن أ ي حاتم - رحمه الله .

الترمذي : حدثنا عبد الله بن الوضاح الكوفي ، حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن شعبة ، عن أ ي التياح عن أنس قال : " إن كان رسول الله

ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير : يا أبا عمير ، ما فعل النغير " . قال : هذا حديث حسن صحيح .

الترمذي : حدثنا إسحاق بن منصور ، أنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن ثابت ، عن أنس : " أن رجلا من أهل البادية كان اسمه زاهرا ، وكان يهدي للنبي - - هدية من البادية فيجهزه النبي - - إذا أراد الخروج ، فقال النبي - - : إن زاهرا باديتنا ونحن حاضروه . وكان رسول الله - - يحبه ، وكان رجلا دميما فأتاه النبي - - وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه ولا يبصره ، فقال : من هذا ؟ أرسلني ، من هذا ؟ فالتفت فعرف النبي - - فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي - - حين عرفه ، فجعل النبي - - يقول : من يشتري العبد ؟ فقال : يا رسول الله ، إذا والله تجدني كاسدا . فقال النبي - - : لكنك عند الله ليست بكاسد - أو قال : أنت عند الله غال " .

خرج أبو عيسى هذا الحديث في كتاب الشمائل .

أبو داود : ثنا يحيى بن معين ، ثنا حجاج بن محمد ، ثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبي إسحاق ، عن العيزار بن حريث عن النعمان بن بشير قال : " استأذن أبو بكر على النبي - - ، فسمع صوت عائشة عاليا ، فلما دخل تناولها ليلطمها وقال : أراك ترفعين صوتك على رسول الله - - . فجعل النبي - - يحجزه ، وخرج أبو بكر مغضبا ، فقال النبي - - حين خرج أبو بكر : كيف رأيتني أنقذتك من الرجل ؟ قال : فمكث أبو بكر أياما ثم استأذن على رسول الله - - فوجدهما قد اصطلحا ، فقال لهما : أدخلاني في سلمكما ، كما أدخلتماني في حربكما . فقال النبي - - : قد فعلنا ، قد فعلنا " .

باب ما نهي عنه من المزاح[عدل]

أبو داود : ثنا محمد بن بشار ، ثنا يحيى ، حدثنا ابن أبي ذئب .

وحدثنا سليمان بن عبد الرحمن ، حدثنا شعيب بن إسحاق ، عن ابن أبي ذئب ، عن عبد الله بن السائب بن يزيد ، عن أبيه ، عن جده ، أنه سمع رسول الله - - يقول : " لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعبا ولا جادا - قال سليمان : لعبا ولا جدا - ومن أخذ عصا أخيه فليردها " .

قال أبو داود : ولم يقل ابن بشار : ابن يزيد ، وقال : قال رسول الله - - .

أبو داود : حدثنا محمد بن سليمان الأنباري ، ثنا ابن نمير ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن يسار ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : " ثنا أصحاب محمد - - أنهم كانوا يسيرون مع النبي - - فنام رجل منهم ، فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه ففزع ، فقال النبي - - : لا يحل لمسلم أن يروع مسلما " .

الترمذي : حدثنا محمد بن بشار ، ثنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي قالا : ثنا سفيان ، عن علي بن الأقمر ، عن أبي حذيفة - وكان من أصحاب ابن مسعود - عن عائشة قالت : " حكيت للنبي - - رجلا ، فقال : ما يسرني أن حكيت رجلا وأن لي كذا وكذا ، قالت : فقلت : يا رسول الله ، إن صفية امرأة - قالت بيدها هكذا ، كأنها تعني قصيرة - فقال : لقد مزجت بكلمة لو مزجت بها ماء البحر لمزج " .

قال أبو عيسى : هذا حديث صحيح .

باب النهي أن يشير إلى المسلم بحديدة[عدل]

مسلم : حدثني عمرو الناقد وابن أبي عمر ، قال : عمرو : ثنا سفيان بن عيينة ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، سمعت أبا هريرة يقول : قال أبو القاسم - - : " من أشار إلى أخيه بحديدة ، فإن الملائكة تلعنه حتى وإن كان أخاه لأمه وأبيه " .

مسلم : حدثنا محمد بن رافع ، ثنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن همام بن منبه قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة ، عن رسول الله - - ، فذكر أحاديث منها وقال : قال رسول الله - - : " لا يشر أحدكم إلى أخيه بالسلاح ، فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار " .

باب كراهية التمادح والتزكية[عدل]

مسلم : ثنا محمد بن مثنى ومحمد بن بشار - واللفظ لابن مثنى - قالا ثنا محمد بن جعفر ، ثنا شعبة ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن همام بن الحارث " أن رجلا جعل يمدح عثمان بن عفان ، فعمد المقداد فجثا على ركبتيه - وكان رجلا ضخما - فجعل يحثو في وجهه الحصى ، فقال له عثمان : ما شأنك ؟ فقال : إن رسول الله - - قال : إذا رأيتم المداحين ، فاحثوا في وجوههم التراب " .

البخاري : ثنا آدم ، ثنا شعبة ، عن خالد بن عبد الرحمن ، بن أبي بكرة ، عن أبيه : " أن رجلا ذكر عند النبي - - فأثنى عليه رجل خيرا ، فقال النبي - - ويحك قطعت عنق صاحبك - يقوله مرارا - إن كان أحدكم مادحا لا محالة ، فليقل : أحسب كذا وكذا إن كان يرى أنه كذلك ، و حسيبه الله ولا يزكى على الله أحد " . قال وهيب عن خالد فقال : " ويلك " .

باب ما جاء في ذي الوجهين[عدل]

مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى قال : قرأت على مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن رسول الله - - قال : " إن من شر الناس ذا الوجهين ، الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه " .

مسلم : حدثنا قتيبة ، ثنا ليث .

وثنا محمد بن رمح ، أنا الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عراك بن مالك ، عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله - - : " إن شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه " .

باب المداراة مع الناس[عدل]

البخاري : حدثنا قتيبة ، ثنا سفيان ، عن ابن المنكدر ، حدثه عروة بن الزبير ، أن عائشة أخبرته " أنه استأذن على النبي - - رجل فقال : ائذنوا له ، فبئس ابن العشيرة - أو بئس أخو العشيرة - فلما دخل لان له في الكلام ، فقلت : يا رسول الله ، قلت ما قلت ثم ألنت له في القول ! فقال : أي عائشة ، إن شر الناس منزلة عند الله من تركه - أو ودعه - الناس اتقاء فحشه " .

البخاري : حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب ، ثنا ابن علية ، أنا أيوب ، عن ابن أبي مليكة " أن النبي - - أهديت له أقبية من ديباج مزررة بالذهب فقسمها في ناس من أصحابه ، وعزل منها واحدة لمخرمة ، فلما جاء قال : خبأت هذا لك . قال أيوب : بثوبه وأنه يريه إياه ، وكان في خلقه شيء " .

ورواه حماد بن زيد ، عن أيوب . وقال حاتم بن وردان : ثنا أيوب ، عن ابن أبي مليكة ، عن المسور : " قدمت على النبي - - ... " .

باب الحذر من الناس[عدل]

مسلم : حدثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا ليث ، عن عقيل ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين " .

باب التجارب[عدل]

الترمذي : حدثنا قتيبة ، ثنا عبد الله بن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - - : " لا حليم إلا ذو عثرة ، ولا حكيم إلا ذو تجربة " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه .

باب ما جاء في الظن والتجسس[عدل]

مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى قال : قرأت على مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن رسول الله - - قال : " إياكم والظن ؛ فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تحسسوا ، ولا تجسسوا ، ولا تنافسوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عبادا لله إخوانا " .

أبو داود : حدثنا عيسى بن محمد وابن عوف - وهذا لفظه - قالا : ثنا الفريابي ، عن سفيان ، عن ثور ، عن راشد بن سعد ، عن معاوية قال : سمعت رسول الله - - يقول : " إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم . فقال أبو الدرداء : كلمة سمعها معاوية من رسول الله - - نفعه الله بها " .

الطحاوي : حدثنا ابن أبي داود ، ثنا يزيد بن عبد الله الحمصي ، ثنا بقية ابن الوليد ، عن إسماعيل بن عياش ، عن ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن جبير بن نفير وعمرو بن الأسود ، عن المقدام وأبي أمامة قالا : إن رسول الله - - قال : " إن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم " .

باب[عدل]

البخاري : حدثنا سعيد بن عفير ، ثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة قالت : قال رسول الله - - : " ما أظن فلانا فلانا يعرفان من ديننا شيئا . قال ليث : كانا رجلين من المنافقين " .

باب من خاف أن يظن به[عدل]

مسلم : حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، ثنا حماد ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك " أن النبي - - كان مع إحدى نسائه فمر به رجل ، فدعاه فجاء ، فقال : أبا فلان ، هذه زوجتي فلانة . فقال : يا رسول الله ، من كنت أظن به فلم أكن أظن بك . فقال رسول الله - - : إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم " .

وفي حديث آخر : " وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا "

رواه البخاري ، وقد تقدم في آخر الاعتكاف .

باب ما جاء فيمن استمع حديث قوم وهم له كارهون[عدل]

الترمذي : حدثنا قتيبة ، ثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - - : " من صور صورة عذبه الله حتى ينفخ فيها - يعني : الروح - وليس بنافخ فيها ، ومن استمع إلى حديث قوم وهو يفرون به منه ، صب في أذنه الآنك يوم القيامة " .

قال : وفي الباب عن عبد الله بن مسعود ، وأبي هريرة وأبي جحيفة وعائشة وابن عمر .

قال أبو عيسى : حديث ابن عباس حديث حسن صحيح .

باب ما جاء في السباب واللعن[عدل]

البخاري : حدثنا سليمان بن حرب ، ثنا شعبة ، عن منصور ، سمعت أبا وائل يحدث ، عن عبد الله يقول : قال رسول الله - - : " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " .

تابعه محمد بن جعفر ، عن شعبة .

أبو بكر بن أبي شيبة : عن عفان ، ثنا همام بن يحيى ، ثنا قتادة ، عن يزيد أخي مطرف ، عن عياض بن حمار أن النبي - - قال : " المستبان شيطانان يتكاذبان ويتهاتران " .

الترمذي : حدثنا قتيبة ، ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله - - قال : " المستبان ما قالا فعلى البادي منهما ما لم يعتد المظلوم " .

وفي الباب عن سعد وابن مسعود وعبد الله بن مغفل ، قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

أبو داود : حدثنا مسدد ، ثنا يحيى ، عن أبي غفار ، ثنا أبو تميمة الهجيمي ، عن أبي جري جابر بن سليم قال : " رأيت رجلا يصدر الناس عن رأيه لا يقول شيئا إلا صدروا عنه ، قلت : من هذا ؟ قالوا : رسول الله - - . قال : قلت : عليك السلام يا رسول الله - مرتين - قال : لا تقل : عليك السلام ، فإن عليك السلام تحية الميت ، قل : السلام عليك . قال : قلت : أنت رسول الله ؟ قال : أنا رسول الله الذي إذا انتابك ضر فدعوته كشفه عنك ، وإن أصابك عام سنة فدعوته أنبتها لك ، وإذا كنت بأرض قفر أو فلاة فضلت راحلتك ، فدعوته ردها عليك . قال : قلت : اعهد إلي قال : لا تسبن أحدا . قال : فما سببت بعده حرا ولا عبدا ولا بعيرا ولا شاة . قال : ولا تحقرن شيئا من المعروف ، وأن تكلم أخاك وأنت منبسط إليه وجهك إن ذلك من المعروف ، وارفع إزارك إلى نصف الساق ، فإن أبيت فإلى الكعبين ، وإياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة ، وإن الله لا يحب المخيلة ، وإن امرؤ شمتك وعيرك بما يعلم فيك فلا تعيره بما تعلم فيه ، فإنما وبال ذلك عليه " .

أبو غفار اسمه المثنى بن سعيد ثقة مشهور ، وأبو تميمة اسمه طريف بن مجالد ثقة معروف .

وهذا الحديث قد تقدم من طريق النسائي ، وقال فيه : " يكون أجر ذلك لك ووباله عليه " وفي حديث أبي داود أيضا زيادة .

البخاري : حدثنا أبو معمر ، ثنا عبد الوارث ، عن الحسين بن عبد الله بن بريدة ، حدثني يحيى بن يعمر ، أن أبا الأسود الدؤلي حدثه ، عن أبي ذر ، أنه سمع النبي - - يقول : " لا يرمي رجل رجلا بالفسوق ، ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك " .

البخاري : حدثنا محمد بن سنان ، ثنا فليح بن سليمان ، ثنا هلال بن علي ، عن أنس قال : " لم يكن رسول الله - - فاحشا ولا لعانا ولا سبابا ، كان يقول عند المعتبة : ما له تربت جبينه " .

البخاري : حدثني محمد بن بشار ، ثنا عثمان بن عمر ، أنا علي بن المبارك ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي قلابة ، أن ثابت بن الضحاك - وكان من أصحاب الشجرة - حدثه ، أن رسول الله - - قال : " من حلف على ملة غير الإسلام فهو كما قال ، وليس على ابن آدم نذر فيما لا يملك ، ومن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة ، ومن لعن مؤمنا فهو كقتله ، ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقتله " .

مسلم : حدثنا هارون بن سعيد الأيلي ، ثنا ابن وهب ، أخبرني سليمان ابن بلال ، عن العلاء بن عبد الرحمن حدثه ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله - - قال : " لا ينبغي لصديق أن يكون لعانا " .

مسلم : حدثني سويد بن سعيد ، حدثني حفص بن ميسرة ، عن زيد بن أسلم ، عن أم الدرداء قالت : سمعت أبا الدرداء يقول : قال رسول الله - - : " لا يكون اللعانون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة " . مختصر .

الترمذي : حدثنا محمد بن يحيى الأزدي البصري ، ثنا محمد بن سابق ، عن إسرائيل ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : قال رسول الله - - : " ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب .

الطحاوي : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس ، حدثنا إبراهيم الدورقي ، حدثنا شعيب بن حرب ، أنا عمر بن ذر ، ثنا العيزار بن جرول ، سمعت أبا عمير وكان صديقا لعبد الله بن مسعود - يحدث عن عبد الله بن مسعود قال : سمعت رسول الله - - يقول : " إن اللعنة إذا هي وجهت إلى أحد توجهت ، فإن وجدت عليه سبيلا أو وجدت فيه مسلكا دخلت عليه ، وإلا رجعت إلى ربها - عز وجل - فقالت : أي رب إن فلانا وجهني إلى فلان ، وإني لم أجد عليه سبيلا ، ولم أجد فيه مسلكا . قال : ارجعي من حيث جئت " . العيزار بن جرول ثقة ذكر ذلك يحيى بن معين ، وعمر بن ذر ثقة ، وشعيب ابن حرب ثقة مأمون .

أبو داود : حدثنا زيد بن أخزم ، ثنا بشر بن عمر ، ثنا أبان بن يزيد ، ثنا قتادة ، عن أبي العالية ، عن ابن عباس " أن رجلا لعن الريح ، فقال النبي - - : لا تلعن الريح ؛ فإنها مأمورة ، وإنه من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه " .

قال أبو عيسى وذكر هذا الحديث : هذا حديث غريب ، لا نعلم أحدا أسنده غير بشر بن عمر .

الترمذي : حدثنا محمد بن المثنى ، ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، ثنا هشام ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله - - : " لا تلاعنوا بلعنة الله ، ولا بغضب الله ، ولا بالنار " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

باب النهي عن سب الموتى[عدل]

البخاري : حدثنا آدم ، ثنا شعبة ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن عائشة قالت : قال النبي - - : " لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا " .

أبو داود : حدثنا زهير بن حرب ، ثنا وكيع ، حدثني هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : قال رسول الله - - : " إذا مات صاحبكم فدعوه لا تعقوا فيه " .

النسائي : أخبرني إبراهيم بن يعقوب ، حدثني أحمد بن إسحاق ، ثنا وهيب ، ثنا منصور بن عبد الرحمن ، عن أمه ، عن عائشة قالت : " ذكر عند رسول الله - - هالك بسوء ، فقال : لا تذكروا هلكاكم إلا بخير " .

باب قول الرجل للرجل ويلك وتربت يمينك ونحوه[عدل]

البخاري : حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا همام ، عن قتادة ، عن أنس " أن النبي - - رأى رجلا يسوق بدنة ، فقال : اركبها . قال : إنها بدنة . قال : اركبها . قال : إنها بدنة . قال : اركبها ويلك " .

البخاري : حدثنا عمرو بن عاصم ، ثنا همام ، عن قتادة ، عن أنس " أن رجلا من أصحاب البادية أتى النبي - - ، فقال : يا رسول الله ، متى الساعة ، متى الساعة قائمة ؟ قال : ويلك ، ما أعددت لها ؟ قال : ما أعددت لها إلا أني أحب الله ورسوله . قال : إنك مع من أحببت . قال : فقلنا : ونحن كذلك ؟ قال : نعم ، ففرحنا يومئذ فرحا شديدا فمر غلام للمغيرة وكان من أقراني فقال : إن أخر هذا فلن يدركه الهرم حتى تقوم الساعة " .

مسلم : حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي ، ثنا الوليد بن مسلم ، ثنا عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، حدثني ابن شهاب الزهري ، حدثني عطاء بن يزيد الليثي ، أنه حدثهم قال : حدثني أبو سعيد الخدري " أن أعرابيا سأل النبي - - عن الهجرة ، فقال : ويحك إن شأن الهجرة لشديد ، فهل لك من إبل ؟ قال : نعم . قال : فهل تؤدي صدقتها ؟ قال : نعم . قال : فاعمل من وراء البحار ، فإن الله لن يترك من عملك شيئا " .

البزار : حدثنا عمرو ، ثنا فضيل بن سليمان ، ثنا يزيد بن عامر بن أبي اليسر ، عن أبيه ، عن أبي اليسر " أن رجلا قال : يا رسول الله ، دلني على عمل يدخلني الجنة . قال : أمسك هذا . وأشار إلى لسانه ، فأعادها عليه ، فقال : ثكلتك أمك ، هل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم ؟ ! " .

قال أبو بكر : وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي اليسر إلا من هذا الوجه ، ولا نعلم رواه إلا عمرو بن مالك عن فضيل بن سليمان ، ولم نسمع أحدا تابعه على هذا الحديث ولا رأيناه عند أحد بإسناد خلاف هذا الإسناد ، فنعلم أنه قد أوهم فيه ، أو يكون هو المصيب ، فلما لم نعلم له علة ، ذكرناه إذ كان إسناده حسنا ومتنه غريبا .

البخاري : حدثنا يحيى بن بكير ، ثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة قالت : " إن افلح أخا أبي القعيس استأذن علي بعدما أنزل الحجاب ، فقلت : والله لا آذن له حتى أستأذن رسول الله - - ، فإن أخا أبي القعيس ليس هو أرضعني ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس ، فدخل علي رسول الله - - ، فقلت : يا رسول الله ، إن الرجل ليس هو أرضعني ولكن أرضعتني امرأته . فقال : ائذني له فإنه عمك ، تربت يمينك . قال عروة : فبذلك كانت عائشة تقول : حرموا من الرضاعة ما يحرم من النسب " .

البخاري : حدثنا آدم ، ثنا شعبة ، ثنا الحكم ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة قالت : " أراد النبي - - أن ينفر فرأى صفية على باب خبائها كئيبة حزينة ، لأنها حاضت ، فقال : عقرى حلقى - لغة لقريش - إنك لحابستنا لحابستنا . ثم قال : كنت أفضت يوم النحر - يعني : الطواف - ؟ قالت : نعم . قال : فانفري إذا " .

باب ما جاء فيمن سبه النبي - - من المسلمين أو دعا عليه[عدل]

مسلم : حدثنا زهير بن حرب ، ثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عائشة قالت : " دخل على رسول الله - - رجلان فكلماه بشيء فأغضباه ، فلعنهما وسبهما ، فلما خرجا قلت : يا رسول الله ، لمن أصاب من الخير شيء ما أصابه هذان . قال : وما ذاك ؟ قالت : قلت : لعنتهما وسببتهما . قال : أو ما علمت ما شارطت عليه ربي ، فقلت : اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرا " .

مسلم : حدثنا زهير بن حرب ، ثنا عمر بن يونس ، ثنا عكرمة بن عمار ، ثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة قال : حدثني أنس بن مالك قال : " كانت عند أم سليم يتيمة - وهي أم أنس - فرأى رسول الله - - اليتيمة فقال : آنت هيه ، لقد كبرت لاكبر سنك . فرجعت اليتيمة إلى أم سليم تبكي ، فقالت أم سليم : ما لك يا بنية ؟ قالت الجارية : دعا علي رسول الله - - ألا يكبر سني ، فالآن لا يكبر سني أبدا - أو قالت : قرني - فخرجت أم سليم مستعجلة تلوث خمارها حتى لقيت رسول الله ، فقال لها رسول الله - - : ما لك يا أم سليم ؟ فقالت : يا نبي الله ، أدعوت على يتيمتي ؟ قال : وما ذاك يا أم سليم قالت : زعمت أنك دعوت ألا يكبر سنها - أولا يكبر قرنها - قال : فضحك رسول الله - - ثم قال : يا أم سليم ، أما تعلمين أن شرطي على ربي أني اشترطت على ربي فقلت : إنما أن بشر أرضى كما يرضى البشر ، وأغضب كما يغضب البشر ، فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل ، أن يجعلها له طهورا ، وزكاة ، وقربة يقربه بها منه يوم القيامة " .

مسلم : حدثنا قتيبة ، ثنا المغيرة - يعني ابن عبد الرحمن الحزامي - عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن النبي - - قال : " اللهم إني أتخذ عندك عهدا لن تخلفنيه ، فإنما أنا بشر ، فأي المؤمنين آذيته ، شتمته ، لعنته ، جلدته ، فاجعلها له رحمة ، وزكاة ، وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة " .

باب من أحب ألا يسب نسبه وإن كانوا كفارا[عدل]

مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى ، أنا يحيى بن زكريا ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : " قال حسان : يا رسول الله ، ائذن لي في أبي سفيان . فقال : كيف بقرابتي منه ؟ قال : والذي أكرمك ، لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من الخميرة ، فقال الحسان : وإن سنام المجد من آل هاشم بنو ابنة مخزوم ووالدك العبد

البخاري : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، ثنا عبدة ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : " استأذن حسان النبي - - في هجاء المشركين ، فقال : كيف بنسبي ؟ قال : لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين " . وعن أبيه قال : " ذهبت أسب حسان عند عائشة ، فقالت : لا نسبه ، فإنه كان ينافح عن النبي - - " .

باب ما جاء في التهاجر[عدل]

مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى قال : قرأت على مالك ، عن ابن شهاب ، عن عطاء بن يزيد الليثي ، عن أبي أيوب الأنصاري ، أن رسول الله - - قال : " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال ، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا ، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام " .

مسلم : حدثنا محمد بن رافع ، ثنا محمد بن أبي فديك ، أنا الضحاك - وهو ابن عثمان - عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله - - قال : " لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام " .

مسلم : ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا عبد العزيز - يعني ابن محمد - عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - - قال : " لا هجرة بعد ثلاث " .

مسلم : حدثنا قتيبة بن سعيد ، عن مالك بن أنس فيما قرئ عليه ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - - قال : " تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس ، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء ، فيقول : أنظروا هذين حتى يصطلحا ، أنظروا هذين حتى يصطلحا " .

أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا إسحاق بن منصور ، ثنا عبد الوارث ، عن يزيد الرشك ، عن معاذة ، عن هشام بن عامر قال : قال رسول الله - - : " لا يحل أن يصطرما فوق ثلاث ، فإن اصطرما فوق ثلاث لم يجتمعا في الجنة أبدا وأيهما بدأ صاحبه كفرت عنه ذنوبه ، وإن هو سلم فلم يرد عليه ، ولم يقبل سلامه رد عليه الملك و رد على ذلك الشيطان " .

أبو داود : حدثنا محمد بن الصباح البزار ، ثنا يزيد بن هارون ، أنا سفيان الثوري ، عن منصور ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فمن هجر فوق ثلاث ، فمات دخل النار " .

أبو داود : حدثنا محمد بن المثنى ، ثنا محمد بن خالد بن عثمة ، ثنا عبد الله بن المنيب ، أخبرني هشام بن عروة ، عن عروة ، عن عائشة أن رسول الله - - قال : " لا يكون لمسلم أن يهجر مسلما فوق ثلاثة أيام ، فإذا لقيه سلم عليه ثلاث مرار كل ذلك لا يرد عليه فقد باء بإثمه " .

أبو داود : حدثنا ابن السرح ، ثنا ابن وهب ، عن حيوة ، عن أبي عثمان الوليد بن أبي الوليد ، عن عمران بن أبي أنس ، عن أبي أخراش السلمي ، أنه سمع رسول الله - - يقول : " من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه " .

أبو خراش اسمه : حدرد ، ذكره ابن أبي حاتم بهذا الحديث ، روى عنه عمران بن أبي أنس .

البزار : حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد ، حدثني أبي ، ثنا شعبة ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله - - : " لو أن رجلين دخلا في الإسلام فاهتجرا ، لكان أحدهما خارجا من الإسلام حتى يرجع - يعني : الظالم منهما " .

باب ما يجوز من الهجران لأهل المعاصي[عدل]

مسلم : حدثني أبو الطاهر ، أخبرني عبد الله بن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، أن عبد الله ابن كعب - وكان قائد كعب من بنيه حين عمي - قال : " سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله - - في غزوة تبوك ، قال : ونهى رسول الله المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة ، فاجتنبنا الناس ، وقال : تغيروا لنا حتى تنكرت لي في نفسي الأرض ، فما هي بالأرض التي أعرف ، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة " .

باب ما جاء في الغيبة والبهتان[عدل]

مسلم : حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر قالوا : ثنا إسماعيل ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - - قال : " أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : ذكرك أخاك بما يكره . قال : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه فقد بهته " .

باب تحريم أعراض المسلمين وما جاء في ذلك[عدل]

البخاري : حدثني محمد بن المثنى ، حدثني يزيد بن هارون ، أنا عاصم بن محمد بن زيد ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال : قال النبي - - بمنى : " أتدرون أي يوم هذا ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . فقال : فإن هذا يوم حرام ، أفتدرون أي بلد هذه ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : بلد حرام . قال : فإن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم ، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا " .

الترمذي : حدثنا الحسن بن علي ، ثنا حسين بن علي الجعفي ، عن زائدة ، عن شبيب بن غرقدة عن سليمان بن عمرو بن الأحوص ، ثنا أبي " أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله - - ، فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال : أي يوم أحرم ؟ أي يوم أحرم ؟ أي يوم أحرم ؟ قال : فقال الناس : يوم الحج الأكبر يا رسول الله . قال : فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا في شهركم هذا ، ألا لا يجني جان إلا على نفسه ، لا يجني والد على ولده ، ألا إن المسلم أخو المسلم ، فليس يحل لمسلم من أخيه إلا ما أحل من نفسه ... " وذكر الحديث .

قال أبو عيسى : وهذا حديث حسن صحيح .

أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا أبو الأحوص ، عن شبيب ، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص ، عن أبيه قال : " قال : سمعت النبي - - في حجة الوداع يقول : ألا أي يوم أحرم - ثلاث مرات - ؟ قالوا له : يوم الحج الأكبر . قال : فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام ، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، ألا لا يجني جان إلا على نفسه ، لا يجني والد على والده ، ولا مولود على والده ، ألا أن الشيطان قد يئس أن يعبد في بلدكم هذا ، ولكن ستكون له طاعة في بعض ما تحقرون من أعمالكم يرضى بها ... " وذكر الحديث ، قال في آخره : " ألا يا أمتاه هل بلغت - ثلاث مرات - ؟ قالوا : نعم . قال : اللهم اشهد " .

أبو داود : حدثنا محمد بن عوف ، ثنا أبو اليمان ، أنا شعيب ، ثنا عبد الله ابن أبي حسين ، ثنا نوفل بن مساحق ، عن سعيد بن زيد ، عن النبي - - قال : " إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق " .

نوفل بن مساحق كان قاضيا بالمدينة ، روى عن : كعب ، وأم سلمة ، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل .

أبو داود : ثنا جعفر بن مسافر ، ثنا عمرو بن أبي سلمة ، ثنا زهير ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " إن من الكبائر استطالة المرء في عرض رجل مسلم بغير حق ، ومن الكبائر السبتان بالسبة " .

هذا الحديث من رواية ابن الأعرابي عن أبي داود .

قال أبو داود أيضا : حدثنا ابن المصفى ، ثنا بقية وأبو المغيرة قالا : ثنا صفوان ، حدثني راشد بن سعد وعبد الرحمن بن جبير ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله - - : " لما عرج بي مررت على قوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ، ويقعون في أعراضهم " .

أبو داود : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، ثنا أسود بن عامر ، ثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن سعيد بن عبد الله بن جريج ، عن أبي برزة الأسلمي قال : قال رسول الله

" يا معشر من آمن بلسانة ولم يدخل الإيمان قلبه ، لا

تغتابوا المسلمين ، ولا تتبعوا عوراتهم ؛ فإنه من اتبع عوارتهم يتبع الله عورته ، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته " .

البزار : حدثنا عمرو بن علي ، ثنا مسلم بن إبراهيم ، ثنا الأسود بن شيبان ، ثنا بحر بن مرار ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه قال : " بينما رسول الله - - يمشي إذ أتى على قبرين يعذبان ، فقال : إن هذين القبرين ليعذبان . فدعا بجريدة ، فأتي بجريدة فشقها بنصفين ، وجعل في هذا القبر واحدة ، ، وفي هذا القبر واحدة ثم قال : لعله يخفف عنهما ما دامتا رطبتين ، ثم قال : إنهما ليعذبان في غير كبير : الغيبة ، والبول " .

وهذا الحديث لا نعلم أحدا يرويه عن أبي بكرة إلا من هذا الطريق . انتهى كلام أبي بكر .

بحر هذا هو ابن مرار بن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، روى عنه : شعبة ، وحماد بن زيد ، ويحيى بن سعيد وغيرهم ، أثنى عليه يحيى بن سعيد خيرا ، ووثقه يحيى بن معين وأحمد بن حنبل ، وقال النسائي فيه : تغير بأخرة .

أبو داود : حدثنا حيوة بن شريح الحمصي ، ثنا بقية ، عن ابن ثوبان ، عن أبيه ، عن مكحول ، عن وقاص بن ربيعة ، عن المستورد أنه حدثه ، أن رسول الله - - قال : " من أكل برجل مسلم أكلة فإن الله يطعمه مثلها من جهنم ، ومن كسي ثوبا برجل مسلم فإن الله يكسوه مثله من جهنم ، ومن قام برجل مقام سمعة ورياء فإن الله يقوم به مقام سمعة ورياء يوم القيامة " .

رواه الطحاوي : عن علي بن معبد ، عن روح بن عبادة ، عن ابن جريج ، عن سليمان بن موسى ، عن وقاص بهذا الإسناد ، وقال : " من قام برجل مسلم مقام سمعه : فإن الله يقوم به مقام سمعة يوم القيامة " .

باب الذب عن عرض المسلم[عدل]

أبو داود : حدثنا إسحاق بن الصباح ، ثنا ابن أبي مريم ، أخبرني الليث ، حدثني يحيى بن سليم ، أنه سمع إسماعيل بن بشير يقول : سمعت جابر بن عبد الله وأبا طلحة الأنصاري يقولان : قال رسول الله - - : " ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته ، وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته ، وما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه ، وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته " .

قال يحيى : وحدثنيه عبيد الله بن عبد الله بن عمر وعقبة بن شداد .

قال أبو داود : يحيى بن سليم هذا هو ابن زيد مولى النبي - - ، وإسماعيل ابن بشير مولى بني مغالة ، وقد قيل : عتبة بن شداد موضع عقبة .

الترمذي : حدثنا أحمد بن محمد ، أنا ابن المبارك ، عن أبي بكر النهشلي ، عن مرزوق أبي بكر التيمي ، عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء عن النبي - - قال : " من رد عن عرض أخيه ؛ رد الله عن وجهه النار يوم القيامة " .

قال أبو عيسى : حديث حسن .

ومن حديث الحاكم : قال : ثنا محمد بن سختويه العدل ، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي وأبو يحيى الناقد قالا : ثنا إبراهيم بن حمزة الزبيري ، ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن حميد ، عن أنس أن النبي - - قال : " من نصر أخاه بظهر الغيب نصره الله في الدنيا والآخرة " .

باب ما يجوز من ذكر الناس نحو قولهم الطويل والقصير وما لا يراد به شين الرجل[عدل]

البخاري : حدثنا حفص بن عمر ، ثنا يزيد بن إبراهيم ، حدثنا محمد ، عن أبي هريرة في حديث ذكره قال : " وفي القوم رجل كان النبي - - يدعوه ذا اليدين " .

باب من ليست له غيبة[عدل]

أبو داود : حدثنا مسدد ، ثنا سفيان ، عن ابن المنكدر ، عن عروة ، عن عائشة قالت : " استأذن رجل على النبي - - فقال : بئس ابن العشيرة أو بئس رجل العشيرة . قالت : ثم قال : ائذنوا له . فلما دخل ألان له القول فقالت عائشة : يا رسول الله ، ألنت له القول وقد قلت له ما قلت قال : إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من ودعه - أو تركه - الناس لاتقاء فحشه " .

باب من تصدق بعرضه[عدل]

البزار : حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث ، ثنا هاشم بن القاسم ، ثنا محمد ابن عبد الله العمي ، ثنا ثابت ، عن أنس قال : " كان رسول الله - - كثيرا ما يقول : أتعجزون أن تكونوا مثل أبي ضمضم ؟ قالوا : يا رسول الله ، وما أبو ضمضم ؟ قال : كان رجلا قبلنا ، فكان إذا أصبح يقول : اللهم إني أتصدق بعرضي على من ظلمني " .

وهذا الحديث لا نعلم رواه عن ثابت إلا محمد بن عبد الله العمي .

باب من أخبر صاحبه بما قيل فيه[عدل]

البخاري : حدثنا محمد بن يوسف ، ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود قال : " قسم النبي - - قسمة ، فقال رجل من الأنصار : والله ما أراد محمد بهذا وجه الله . فأتيت رسول الله - - فأخبرته ، فتمعر وجهه وقال : رحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر " .

باب ما جاء في النميمة ورفع الحديث وسوء ذات البين[عدل]

مسلم : حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا : ثنا محمد بن جعفر ، ثنا شعبة ، سمعت أبا إسحاق ، يحدث عن أبي الأحوص ، عن عبد الله بن مسعود قال : إن محمدا - - قال : " ألا أنبئكم ما العضة ، هي النميمة القالة بين الناس . وإن محمدا - - قال : إن الرجل يصدق حتى يكتب صديقا ، ويكذب حتى يكتب كذابا " .

البخاري : حدثنا يحيى ، ثنا وكيع ، عن الأعمش ، سمعت مجاهدا ، يحدث عن طاوس ، عن ابن عباس قال : " مر رسول الله - - على قبرين فقال : إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ، أما هذا فكان لا يستتر من بوله ، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة . ثم دعا بعسب رطب فشقه باثنتين ، فغرس على هذا واحدا وعلى هذا واحدا ، ثم قال : لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا " .

وللبخاري : في بعض الألفاظ هذا الحديث : " وما يعذبان في كبير بلى إنه لكبير " وقد تقدم الحديث في كتاب الإيمان " .

وروى البخاري أيضا قال : ثنا أبو نعيم ، ثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن همام قال : " كنا مع حذيفة فقيل له : إن رجلا يرفع الحديث إلى عثمان ، فقال حذيفة : سمعت النبي - - يقول : لا يدخل الجنة قتات " .

باب ما جاء في الكذب[عدل]

مسلم : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، ثنا أبو معاوية ووكيع قالا : ثنا الأعمش .

وثنا أبو كريب ، ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن شقيق ، عن عبد الله قال : قال رسول الله - - : " عليكم بالصدق ؛ فإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ، وإياكم والكذب ، فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا " .

أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا عفان ، ثنا شعبة قال : أبو إسحاق أنبأنا ، عن أبي الأحوص قال : كان عبد الله يقول : " إن الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل ، ولا أن يعد الرجل صبيا ثم لا ينجزه له ، وإن محمدا - عليه السلام - قال : ألا أنبئكم ما العضة ؟ هي النميمة القالة بين الناس ، وإن محمدا - عليه السلام - قال لنا : لا يزال الرجل يصدق حتى يكتب عند الله صديقا ، ولا يزال الرجل يكذب حتى يكتب عند الله كذابا ، ألا ترون أنه يقال للصادق : صدق وبر ، ويقال للكذب : كذب وفجر ، وإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار " .

البخاري : حدثني محمد بن سلام ، أنا إسماعيل بن جعفر ، عن أبي سهيل نافع بن مالك ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - - قال : " آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان " .

البزار : حدثنا عبد الأعلى بن حماد ، ثنا حماد بن سلمة ، عن داود ، عن سعيد ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مؤمن : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان " .

تفرد به حماد ، عن داود .

قد أيضا من طريق مسلم بهذا الإسناد إلا أنه قال : " وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم " .

أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا يونس ، عن ليث ، عن يزيد ، عن ابن سنان ، عن أنس ، عن النبي - - قال : " تقبلوا لي بست أتقبل لكم بالجنة . قالوا : وما هي ؟ قال : إذا حدث أحدكم فلا يكذب ، وإذا وعد فلا يخلف ، وإذا اؤتمن فلا يخن ، وغضوا أبصاركم ، وكفوا أيديكم ، واحفظوا فروجكم " .

ليث هو ابن سعد ، ويزيد هو ابن أبي حبيب ، وابن سنان هو سعد ، ويقال : سنان بن سعد ، وثقه يحيى بن معين .

البزار : حدثني إبراهيم بن زياد الصائغ ، ثنا داود بن رشيد ، ثنا علي بن هاشم ، عن الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن مصعب بن سعد ، عن أبيه ، أن النبي - - قال : " يطبع المؤمن على كل خلة غير الخيانة والكذب " .

أوقفه غير علي بن هاشم .

الترمذي : حدثنا يحيى بن موسى قال : قلت لعبد الرحيم بن هارون الغساني : حدثكم عبد العزيز بن أبي رواد ، عن نافع ، عن ابن عمر أن النبي - - قال : " إذا كذب العبد تباعد عنه الملك ميلا من نتن ما جاء به " .

قال يحيى : فأقر به عبد الرحيم ، فقال : نعم .

قال أبو عيسى : هذا حديث جيد غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، تفرد به عبد الرحيم بن هارون .

الترمذي : حدثنا يحيى بن موسى ، ثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة قالت : " ما كان خلق أبغض إلى رسول الله - - من الكذب ، ولقد كان الرجل يتحدث عند النبي - - بالكذبة ما تزال في نفسه حتى يعلم أنه قد أحدث منها توبة " .

قال : وهذا حديث حسن .

البخاري : حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا جرير ، ثنا أبو رجاء ، عن سمرة ابن جندب قال النبي - - : " رأيت الليلة رجلين أتياني قالا : الذي رأيته يشق رأسه فكذاب يحدث بالكذبة تحمل عنه حتى تبلغ الآفاق ، فيصنع به إلى يوم القيامة " .

باب ما يجوز من الكذب[عدل]

مسلم : حدثني حرملة بن يحيى ، أنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، أخبرني حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، أن أمه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، وكانت من المهاجرات الأول اللاتي بايعن النبي - - ، أنها سمعت رسول الله - - وهو يقول : " ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ويقول خيرا أو ينمي خيرا " . قال ابن شهاب : ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث : الحرب ، والإصلاح بين الناس ، وحديث الرجل امرأته ، وحديث المرأة زوجها .

حدثنا عمرو الناقد ، ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، ثنا أبي ، عن صالح ثنا محمد بن مسلم بن شهاب الزهري بهذا الإسناد مثله ، غير أن في حديث صالح وقالت : " ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث ... " . بمثل ما جعله يونس من قول ابن شهاب .

باب ما جاء في حلف الميعاد والخيانة والخديعة[عدل]

البخاري : حدثنا سليمان أبو الربيع ، ثنا إسماعيل بن جعفر ، ثنا نافع بن مالك بن أبي عامر أبو سهل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة عن النبي - - قال : " آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان " .

زاد مسلم : في هذا الحديث : " وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم " رواه من طريق أخرى عن أبي هريرة ، وقد تقدم في الإيمان " .

البزار : حدثنا عمر بن موسى السامي ، ثنا أبو هلال ، عن قتادة ، عن أنس قال : " ما خطبنا رسول الله - - خطبة إلا قال في خطبته : لا إيمان لمن لا أمانة له ، ولا دين لمن لا عهد له " .

وهذا الحديث لا نعلم أحدا رواه إلا أنس ، ولا نعلم له طريقا غير هذا الطريق . انتهى كلام أبي بكر البزار .

أبو هلال اسمه محمد بن سليم الراسبي ضعفه البخاري ، وكان يحيى لا يحدث عنه ، وقال أحمد بن حنبل : أبو هلال مضطرب الحديث عن قتادة . وقال أبو حاتم : هو صدوق يحول من كتاب الضعفاء . وقال فيه يحيى بن معين صويلح ليس به بأس . وكان عبد الرحمن يحدث عنه .

مسلم : حدثني أبو غسان المسمعي ومحمد بن المثنى ومحمد بن بشار ، واللفظ لأبي غسان وابن مثنى قالا : ثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير ، عن عياض بن حمار ، أن رسول الله - - قال : " وأهل النار خمسة : الضعيف الذي لا زبر له ، الذين هم فيكم تبعا لا يتبعون أهلا ولا مالا ، والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه ، ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك . وذكر البخل أو الكذب والسنظير الفحاش " .

باب الإصلاح بين الناس[عدل]

البخاري : حدثنا محمد بن عبد الله ، ثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي وإسحاق بن محمد الفروي قالا : ثنا محمد بن جعفر ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد " أن أهل قباء اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة ، فأخبر رسول الله - - بذلك ، فقال : اذهبوا بنا نصلح بينهم " .

باب فضل الإصلاح بين الناس[عدل]

الترمذي : حدثنا هناد ، ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله - - : ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة ؟ قالوا : بلى . قال : صلاح ذات البين ، فإن فساد ذات البين هي الحالقة " .

قال أبو عيسى : هذا حديث صحيح .

باب ستر المسلم على نفسه وعلى أخيه[عدل]

مسلم : حدثني زهير بن حرب ومحمد بن حاتم وعبد بن حميد ، قال ، عبد : حدثني . وقال الآخران : ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، ثنا ابن أخي ابن شهاب ، عن عمه قال : قال سالم : سمعت أبا هريرة يقول : سمعت رسول الله - - يقول : " كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من الإجهار أن يعمل العبد بالليل عملا ثم يصبح قد ستره ربه فيقول : يا فلان ، عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره ربه ، فيبيت يستره ربه ، ويصبح يكشف ستر الله عنه " .

قال زهير : " وإن من الهجار " .

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا عفان ، ثنا وهيب ، ثنا سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - : " لا يستر عبد عبدا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة " .

النسائي : أخبرنا عمرو بن منصور ، ثنا آدم ، ثنا الليث ، ثنا إبراهيم بن نشيط ، عن كعب بن علقمة ، سمعت أبا الهيثم ، يذكر أنه سمع رخينا كاتب عقبة قال : قال عقبة بن عامر : سمعت النبي - - يقول : " من رأى عورة مسلم فسترها كان كمن استحيى مؤءودة " .

أبو داود : حدثنا مسدد ، ثنا يحيى ، عن سفيان ، عن زيد بن أسلم ، عن يزيد بن نعيم ، عن أبيه " أن ماعزا أتى النبي - - فأقر عنده أربع مرات ، فأمر برجمه وقال لهزال : لو سترته بثوبك كان خيرا لك " .

حدثنا : محمد بن عبيد ، ثنا حماد بن زيد ، ثنا يحيى ، عن ابن المنكدر " أن هزالا أمر ماعزا أن يأتي النبي - - فيخبره " .

باب النصيحة للمسلم[عدل]

أبو داود : حدثنا عمرو بن عون ، أنا خالد ، عن يونس ، عن عمرو ابن سعيد ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، عن جرير قال : " بايعت رسول الله - - على السمع والطاعة ، وأن أنصح لكل مسلم . قال : وكان إذا باع الشيء أو اشتراه قال : أما إن الذي أخذنا منك أحب إلينا مما أعطيناك فاختر " .

الترمذي : حدثنا قتيبة ، ثنا محمد بن موسى المخزومي المدني ، عن سعيد ابن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " للمؤمن على المؤمن ست خصال : يعوده إذا مرض ، ويشهده إذا مات ، ويجيبه إذا دعاه ، ويسلم عليه إذا لقيه ، ويشمته إذا عطس ، وينصح له إذا غاب أو شهد " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

باب معونة المسلم والمشي في حاجته[عدل]

مسلم : حدثنا قتيبة ، ثنا ليث ، عن عقيل ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، أن رسول الله - - قال : " المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يسلمه ، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة " .

البزار : حدثنا بشر بن آدم ، ثنا أبو عاصم ، ثنا سعد بن زيد ، عن سعيد البزار ، عن عثمان بن حيان قال : " كنت عند أم الدرداء فقالت : سمعت أبا الدرداء يقول : سمعت رسول الله - - يقول : من أبلغ ذا سلطان حاجة من لا يستطع إبلاغها ؛ ثبت الله قدميه على الصراط يوم تزل فيه الأقدام " .

وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن رسول الله - - من وجه متصل إلا من هذا الوجه ، وسعيد البزار روى عنه حماد بن زيد وسعيد بن زيد وهو بصري .

أبو داود : حدثنا الربيع بن سليمان ، ثنا ابن وهب ، عن سليمان بن بلال ، عن كثير بن زيد ، عن الوليد بن رباح ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله - - قال : " المؤمن مرآة المؤمن ، والمؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه " .

باب المسلم أخو المسلم[عدل]

مسلم : حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، ثنا دواد - يعني : ابن قيس - عن أبي سعيد مولى عامر بن كريز ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " لا تحاسدوا ، ولا تناجشوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ، وكونوا عبادا لله إخوانا ، المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، والتقوى هاهنا - ويشير إلى صدره ثلاث مرات - بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه " .

باب صفة المؤمن للمؤمن[عدل]

مسلم : حدثنا أبو كريب ، ثنا ابن المبارك وابن إدريس وأبو أسامة ، كلهم عن بريد ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى قال : قال رسول الله - - : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا " .

مسلم : ثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، ثنا أبي ، ثنا زكريا ، عن الشعبي ، عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله - - : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " .

مسلم : حدثني محمد بن عبد الله بن نمير ، ثنا حميد بن عبد الرحمن ، عن الأعمش ، عن خيثمة ، عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله - - : " المسلمون كرجل واحد ، إن اشتكى عينيه اشتكى كله ، وإن اشتكى رأسه اشتكى كله " .

باب المؤاخاة والحلف[عدل]

مسلم : حدثني حجاج بن الشاعر ، ثنا عبد الصمد ، ثنا حماد - يعني ابن سلمة - عن ثابت ، عن أنس " أن رسول الله - - آخى بين أبي عبيدة بن الجراح وبين أبي طلحة " .

البخاري : حدثنا محمد بن كثير ، عن سفيان ، عن حميد الطويل ، سمعت أنس بن مالك قال : " قدم عبد الرحمن بن عوف فآخى النبي - - بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري ، وعند الأنصاري امرأتان فعرض عليه أن يناصفه أهله وماله ، فقال : بارك الله لك في أهلك ومالك ، دلوني على السوق . فأتى السوق فربح شيئا من أقط وسمن ، فرآه النبي - - بعد أيام وعليه وضر من صفرة ، فقال : مهيم يا عبد الرحمن . فقال : تزوجت أنصارية . قال : فما سقت إليها ؟ قال : نواة من ذهب ، قال : أولم ولو بشاة " .

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا عبد الله بن نمير وأبو أسامة ، عن زكريا ، عن سعد بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن جبير بن مطعم قال : قال رسول الله - - : " لا حلف في الإسلام ، وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة " .

مسلم : حدثني أبو جعفر محمد بن الصباح ، ثنا حفص بن غياث ، ثنا عاصم الأحول قال : " قيل لأنس بن مالك : بلغك أن رسول الله - - قال : لا حلف في الإسلام . فقال أنس : قد حالف رسول الله - - بين قريش والأنصار في داره " .

ومن طريق أخرى : " في داره التي بالمدينة " .

باب ما جاء في الكبر[عدل]

مسلم : حدثني أحمد بن يوسف الأزدي ، ثنا عمر بن حفص بن غياث ، ثنا أبي ، ثنا الأعمش ، ثنا أبو إسحاق ، عن أبي مسلم الأغر ، أنه حدثه عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا : قال رسول الله - - : " العز إزاره ، والكبرياء رداؤه ، فمن ينازعني عذبته " .

البزار : حدثنا أحمد بن منصور ، ثنا عمر بن حفص بهذا الإسناد قالا : قال رسول الله - - رفعه قال : العز إزاري ، والكبرياء ردائي ، فمن نازعني منهما شيئا عذبته " .

تفرد به حفص ، عن الأعمش .

وروى البزار أيضا : ثنا عمران بن هارون البصري ، ثنا عبد الله بن محمد القرشي ، ثنا محمد بن طلحة بن يحيى بن طلحة ، عن أبيه ، عن جده طلحة بن عبيد الله ، عن النبي - - في حديث ذكره قال : " من تواضع لله رفعه الله ، ومن تجبر قصمه الله " .

الطحاوي : حدثنا يونس ، ثنا ابن وهب ، أخبرني عبد الرحمن ، عن عبيد الله بن موهب قال : " كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم وهو أمير المدينة ، أن اكتب إلي من حديث عمرة ابنة عبد الرحمن وكانت في حجر عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - قال ابن موهب : فأرسلني أبو بكر بن حزم إلى عمرة ابنة عبد الرحمن ، فكان فيما أملت علي قالت : حدثتني عائشة ، أن رسول الله - - قال : ستة ألعنهم ، لعنهم الله وكل نبي مجاب : الزائد في كتاب الله ، والمكذب بقدر الله ، والمتسلط بالجبروت يذل به من أعز الله ، ويعز به من أذل الله ، والتارك لسنتي ، والمستحل لحرم الله ، والمستحل من عترتي ما حرم الله - عز وجل " .

البخاري : حدثنا محمد بن كثير ، ثنا سفيان ، ثنا معبد بن خالد القيسي ، عن حارثة بن وهب الخزاعي عن النبي - - قال : " ألا أخبركم بأهل الجنة ، كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره ، ألا أخبركم بأهل النار ، كل جواظ عتل مستكبر " .

مسلم : حدثنا منجاب بن الحارث التميمي وسويد بن سعيد ، كلاهما عن علي بن مسهر - قال منجاب : أنا ابن مسهر - عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : قال رسول الله - - : " لا يدخل النار أحد في قبله مثقال حبة خردل من إيمان ، ولا يدخل الجنة أحد في قلبه مثقال حبة خردل من كبرياء " .

باب بيان الكبر ما هو والأفعال التي تبرئ منه[عدل]

الطحاوي : حثنا يزيد بن سنان ، ثنا يحيى بن حماد ، ثنا شعبة ، عن أبان ابن تغلب ، عن فضيل الفقيمي ، عن إبراهيم النخعي ، عن علقمة بن قيس ، عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي - - قال : " لا يدخل النار من في قلبه مثقال حبة من إيمان ، ولا يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة من كبر . قال رجل : يا رسول الله ، إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا . قال : إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق وغمض الناس " .

وهذا الحديث ذكره مسلم - رحمه الله - وقد تقدم في باب أسماء الرب سبحانه من كتاب الإيمان ، وقال فيه : " غمط الناس " .

الترمذي : حدثنا علي بن عيسى البغدادي ، ثنا شبابة بن سوار ، ثنا ابن أبي ذئب ، عن القاسم بن عباس ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، عن أبيه قال : " يقولون في التيه . وقد ركبت الحمار ، ولبست الشملة ، وقد حلبت الشاة ، وقد قال رسول الله - - : من فعل هذا فليس فيه من الكبر شيء " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

باب في التواضع[عدل]

الترمذي : حدثنا قتيبة ، ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - - قال : " ما نقصت صدقة من مال ، وما زاد الله رجلا بعفو إلا عزا ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

مسلم : حدثني أبو عمار حسين بن حريث ، ثنا الفضل بن موسى ، عن الحسين ، عن مطر ، حدثني قتادة ، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير ، عن عياض بن حمار عن النبي - - قال : " إن الله - تعالى - أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ، ولا يبغ أحد على أحد " .

رواه أبو داود : عن أحمد بن حفص ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن طهمان ، عن الحجاج - وهو ابن الحجاج - عن قتادة ، عن يزيد بن عبد الله ، عن عياض ابن حمار ، عن النبي - - .

وحفص هو ابن عبد الله النيسابوري .

البزار : حدثنا عبد الله بن سعيد ، ثنا محمد بن فضيل ، ثنا عمارة بن القعقاع ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة قال : " جلس جبريل إلى النبي - - فقال : يا محمد ، إن هذا الملك ما نزل منذ يوم خلق ، فلما نزل قال : يا محمد ، إني رسول ربك إليك بين أن يجعلك ربك ملكا أو عبدا رسولا . فقال له جبريل : تواضع لربك يا محمد . فقال : عبدا رسولا " .

البخاري : حدثنا مالك بن إسماعيل ، ثنا زهير ، عن حميد ، عن أنس " كان للنبي - - ناقة ... " .

وحدثني محمد ، أنا الفزاري وأبو خالد الأحمر ، عن حميد الطويل ، عن أنس قال : " كانت ناقة لرسول الله - - تسمى العضباء ، وكانت لا تسبق ، فجاء أعرابي على قعود له فسبقها ، فاشتد ذلك على المسلمين وقال : سبقت العضباء . فقال رسول الله - - : إن حقا على الله ألا يرفع شيء من الدنيا إلا وضعه " .

باب ما جاء في التفاخر بالآباء والعصبية ودعوى الجاهلية[عدل]

الترمذي : حدثنا محمد بن بشار ، ثنا أبو عامر العقدي ، ثنا هشام بن سعد ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا ، إنما هم فحم جهنم ، أو ليكونن أهون على الله من الجعل الذي يدهده الخرء بأنفه ، إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء ، إنما هو مؤمن تقي أو فاجر شقي ، الناس كلهم بنو آدم ، وآدم خلق من تراب " .

قال : هذا حديث حسن .

وقال : ثنا هارون بن موسى بن أبي علقمة القروي المدني ، حدثني أبي ، عن هشام بن سعد ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - - قال : " قد أذهب الله عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء ، مؤمن تقي ، وفاجر شقي ، والناس بنو آدم ، وآدم من تراب " .

قال : وهذا أصح عندنا من حديث الأول ، وسعيد المقبري قد سمع أبا هريرة ، ويروي عن أبيه أشياء كثيرة عن أبي هريرة .

أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا ابن نمير ، ثنا يزيد بن زياد بن أبي الجعد ، عن عبد الملك بن عمير ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبي بن كعب قال : " انتسب رجلان على عهد النبي - - ، فقال أحدهما : أنا فلان ابن فلان - حتى عد تسعة - فمن أنت لا أم لك ؟ فقال : رسول الله - - : انتسب رجلان على عهد موسى فقال أحدهما : أنا فلان ابن فلان حتى عد تسعة ، فمن أنت لا أم لك ؟ قال : أنا فلان ابن فلان ابن الإسلام ، فأوحى الله إلى موسى ، ائت هذين المنتسبين ، أما أنت أيها المنتمي أو المنتسب إلى تسعة في النار ، أنت عاشرهم في النار ، وأما أنت يا هذا المنتسب إلى اثنين في الجنة ، فأنت ثالثهم في الجنة " .

أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا زيد بن الحباب ، عن حسين بن واقد ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله - - : " إن أحساب أهل الدنيا الذي يذهبون إليه لهذا المال " .

أبو داود : حدثنا النفيلي ، ثنا زهير ، ثنا سماك بن حرب ، عن عبد الرحمن ابن عبد الله بن مسعود ، عن أبيه قال : " من نصر قومه على غير الحق ، فهو كالبعير الذي ردى فهو ينزع بذنبه " .

حدثنا ابن بشار ، ثنا أبو عامر ، ثنا سفيان ، عن سماك بن حرب ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال : " أنتهيت إلى النبي - - وهو في قبة من أدم ... . " فذكر نحوه .

رواه البزار : عن محمد بن المثنى ، عن محمد بن جعفر ، عن شعبة ، عن سماك بإسناد أبي داود مرفوعا باختلاف يسير في اللفظ .

البخاري : حدثنا ثابت بن محمد ، ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن عبد الله ابن مرة ، عن مسروق ، عن عبد الله ، عن النبي - - ، وعن سفيان ، عن زبيد ، عن إبراهيم ، عن مسروق ، عن عبد الله ، عن النبي - - قال : " ليس منا من ضرب الخدود ، وشق الجيوب ، ودعا بدعوى الجاهلية " .

النسائي : أخبرنا هشام بن عمار ، ثنا محمد بن شعيب ، أخبرني معاوية بن سلام ، أن أخاه زيد بن سلام أخبره ، عن جده أبي سلام أنه أخبره قال : أخبرني الحارث بن مالك الأشعري ، عن رسول الله - - قال : " من دعا بدعوى جاهلية فإنه من جثا جهنم ، فقال رجل : يا رسول الله ، وإن صام وصلى ؟ قال : نعم ، وإن صام وصلى ؛ فادعوا بدعوة الله التي سماكم الله بها المسلمين المؤمنين عباد الله " .

باب ما جاء في الظلم[عدل]

البخاري : حدثنا أحمد بن يونس ، ثنا عبد العزيز بن الماجشون ، أنا عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، عن النبي - - قال : " الظلم ظلمات يوم القيامة " .

باب الإملاء للظالم وأخذه[عدل]

مسلم : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، ثنا أبو معاوية ، ثنا يزيد بن أبي بردة ، عن أبيه ، عن أبي موسى قال : قال رسول الله - - : " إن الله - عز وجل - يملي للظالم ، فإذا أخذه لم يفلته ، ثم قرأ : {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد} " .

باب نصر المظلوم وكف الظالم[عدل]

البخاري : حدثنا سعيد بن الربيع ، ثنا شعبة ، عن الأشعث بن سليم ، سمعت معاوية بن سويد ، سمعت البراء بن عازب قال : " أمرنا النبي - - بسبع ، ونهانا عن سبع ، فذكر : عيادة المريض ، واتباع الجنائز ، وتشميت العاطس ، ورد السلام ، ونصر المظلوم ، وإجابة الداعي ، وإبرار المقسم "

مسلم : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، ثنا زهير ، ثنا أبو الزبير ، عن جابر ، عن النبي - - : " لينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما ، إن كان ظالما فلينهه فإنه له نصر ، وإن كان مظلوما فلينصره " .

البخاري : حدثنا مسدد ، ثنا معتمر ، عن حميد ، عن أنس قال : قال رسول الله - - : " انصر أخاك ظالما أو مظلوما . قال : يا رسول الله ، هذا ننصره مظلوما ، كيف ننصره ظالما ؟ قال : تأخذ فوق يديه " .

الترمذي : حدثنا محمد بن حاتم المكتب ، ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، ثنا حميد الطويل ، عن أنس ، عن النبي - - قال : " انصر أخاك ظالما أومظلوما ، قلنا : يا رسول الله ، نصرته مظلوما ، فكيف أنصره ظالما ؟ قال : تكفه عن الظلم ، فذاك نصرك إياه " .

وفي الباب عن عائشة ، قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

الطحاوي : حدثنا فهد بن سليمان ، ثنا عمرو بن عون الواسطي ، ثنا حفص بن سليمان ، عن عاصم ، عن شقيق ، عن ابن مسعود ، عن النبي - - أنه قال : " أمر بعبد من عباد الله أن يضرب في قبره مائة جلدة ، فلم يزل يسأل ويدعو حتى صارت جلدة واحدة ، فجلد جلدة واحدة فامتلأ قبره عليه نارا ، فلما رفع عنه أفاق قال : علام جلدتموني ؟ قالوا : إنك صليت صلاة بغير طهور ، ومررت على مظلوم فلم تنصره " .

الترمذي : حدثنا أحمد بن منيع ، ثنا يزيد بن هارون ، ثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن أبي بكر الصديق أنه قال : " أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية : {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} وإني سمعت رسول الله - - يقول : إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه " .

قال : هذا حديث حسن صحيح ، رواه في التفسير ، ورواه في موضع آخر وقال : رفعه بعضهم عن إسماعيل وأوقفه بعضهم .

البزار : حدثنا محمد بن المثنى ، ثنا أبو موسى ، ثنا عبيد الله بن عبد الله الربعي ، ثنا الحسن بن عمرو ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي - - قال : " إذا رأيتم أمتي تهاب الظالم أن تقول : أنت ظالم فقد تودع منهم " .

وثناه : يوسف بن موسى ، ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن الحسن ابن عمرو الفقيمي ، عن أبي الزبير ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي - - قال : " إذا رأيتم أمتي تهاب الظالم أن تقول : إنك ظالم . فقد تودع منهم " .

قال أبو بكر : هذا الحديث عن الحسن بن عمرو عن أبي الزبير ، هو الصواب عندي .

قال أبو بكر البزار : وثنا علي بن مسلم ، ثنا محمد بن أبي عبيدة ، ثنا أبي ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد قال : " كان لرجل أعرابي على النبي - - تمر فأتاه يتقاضاه ، فقال : إنه ليس عندنا اليوم ، أنظرنا حتى نعطيكه . فلم يزل به القول حتى قال : أحرج عليك إلا قضيتني . فانتهره القوم وأغلظوا - يعني : له - وقالوا : ويحك أتدري لمن تقول هذا ؟ ألا تسمع رسول الله - - ما يقول ؟ فقال رسول الله - - : فهلا كنتم إذ تكلمتم مع صاحب الحق . ثم قال لامرأة من الأنصار يقال لها خولة : أعندك تمر تعطينه ؟ قالت : نعم . قال : فاقبضه . فقبضته الذي له ، وأطعمته فجاء حامل تمرة فقال للنبي - - : أوفيت أوفى الله لك ؟ فقال النبي - - أولئك خيار الناس . ثم قال : لا قدست أمة لا يأخذ الضعيف حقه غير متعتع " .

وحدثناه زكريا بن يحيى ، ثنا شبابة ، ثنا المغيرة بن مسلم ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد ، عن النبي - - بنحوه .

وهذا الحديث إنما يعرف من حديث أبي عبيدة ، عن الأعمش ، عن أبي صالح مرسلا .

باب التحلل من المظالم[عدل]

البخاري : حدثنا آدم بن أبي إياس ، ثنا ابن أبي ذئب ، ثنا سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلل منه اليوم قبل أن يكون دينار ولا درهم ، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته ، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه " .

باب ما يحذر من دعوة المظلوم[عدل]

البخاري : حدثنا يحيى بن موسى ، ثنا وكيع ، ثنا زكريا بن إسحاق المكي ، عن يحيى بن عبد الله بن صيفي ، عن أبي معبد مولى ابن عباس ، عن ابن عباس " أن النبي - - بعث معاذا إلى اليمن . فقال : اتق دعوة المظلوم ؛ فإنها ليس بينها وبين الله حجاب " .

الترمذي : حدثنا أبو كريب ، ثنا عبد الله بن نمير ، عن سعدان القبي ، عن أبي مجاهد ، عن أبي مدلة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " ثلاثة لا ترد دعوتهم : الصائم حتى يفطر ، والإمام العادل ، ودعوة المظلوم يرفعها الله إليه فوق الغمام ، وتفتح لها أبواب السماء ، ويقول الرب - سبحانه - : وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن ، وسعدان القبي هو سعدان بن بشر ، وقد روى عنه : عيسى بن يونس ، وأبو عاصم وغير واحد من كبار أهل الحديث ، وأبو مجاهد هو سعد الطائي ، وأبو مدلة هو مولى أم المؤمنين عائشة ، وإنما نعرفه بهذا الحديث ، وقد روى عنه أهل الحديث أتم من هذا وأطول .

أبو داود الطيالسي : حدثنا أبو معشر ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرا ، فجوره إلى نفسه " .

أبو معشر اسمه نجيح ، وقد تقدم ذكر من عدله وجرحه .

باب ما جاء في الدعاء على الظالم[عدل]

أبو داود : ثنا عبيد الله بن معاذ ، ثنا أبي ، ثنا سفيان ، عن حبيب ، عن عطاء ، عن عائشة قالت : " سرق لها شيء فجعلت تدعو عليه ، فقال لها رسول الله : لا تسبخي عنه " .

باب ما جاء في الحسد[عدل]

البخاري : حدثنا عبد الله بن يوسف ، أنا مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن رسول الله - - قال : " إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تحسسوا ، ولا تجسسوا ، ولا تناجشوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا " .

النسائي : أخبرنا عيسى بن حماد ، أنا الليث ، عن ابن عجلان ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - - قال في حديث ذكره : " لا يجتمعان في قلب عبد : الإيمان والحسد " .

وقد تقدم الحديث بكماله في كتاب الجهاد في باب من اغبرت قدماه في سبيل الله .

أبو داود : حدثنا عثمان بن أبي شيبة البغدادي ، ثنا أبو عامر عبد الملك ابن عمرو ، ثنا سليمان بن بلال ، عن إبراهيم بن أبي أسيد ، عن جده ، عن أبي هريرة أن رسول الله - - قال : " إياكم والحسد ، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب - أو قال : العشب " .

باب ما يجوز فيه الحسد[عدل]

الترميذي : حدثنا ابن أبي عمر ، ثنا سفيان ، ثنا الزهري ، عن سالم ، عن أبيه قال : قال رسول الله - - : " لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله مالا فهو ينفق منه آناء الليل وآناء النهار " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

باب في البغي[عدل]

أبو داود : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، ثنا ابن علية ، عن عيينة بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي بكرة قال : قال رسول الله - - : " ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم " .

باب الهوى[عدل]

البزار : حدثنا يحيى بن حكيم ، ثنا يحيى بن حماد ، ثنا أبو الأشهب - واسمه جعفر بن حيان - عن أبي الحكم ، عن أبي برزة قال : قال رسول الله - - : " إنما أخشى عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى " .

قال : وهذا الحديث لا يروى بهذا اللفظ إلا عن أبي برزة بهذا الإسناد .

وروى أبو داود : من طريق أبي بكر بن أبي مريم الغساني ، عن خالد بن محمد الثقفي ، عن بلال بن أبي الدرداء ، عن أبي الدرداء ، عن النبي - - قال : " حبك الشيء يعمي ويصم " .

وأبو بكر هذا ضعيف جدا إلا أبا بكر البزار يوثقه " .

باب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر[عدل]

الترمذي : حدثنا محمود بن غيلان ، ثنا أبو داود ، أنبأنا شعبة ، عن سماك ، سمعت عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ، يحدث عن أبيه سمعت رسول الله - - يقول : " إنكم منصورون ، ومصيبون ، ومفتوح لكم ، فمن أدرك ذلك منكم فليتق الله ، وليأمر بالمعروف ، ولينه عن المنكر ، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

النسائي : أخبرنا عمرو بن علي ، ثنا عبد الملك بن عمرو ، ثنا سفيان ، عن سماك بإسناد الترمذي قال : " انتهيت إلى رسول الله - - وهو في قبة حمراء نحو من أربعين رجلا ، فقال : إنكم مفتوح عليكم ومنصورون ، فمن أدرك ذلك منكم فليتق الله ، وليأمر بالمعروف ، ولينه عن المنكر ، وليصل رحمه " .

قاسم بن أصبغ : ثنا أحمد بن زهير ، ثنا أبو نعيم ، ثنا سفيان ، عن زبيد ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البحتري ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - - : " لا يحقرن أحدكم أن يرى أمر الله فيه مقال فلا يقول فيه ، فيقال له : ما منعك أن تقول في كذا وكذا ؟ فيقول : مخافة الناس . قال : فإياي كنت أحق أن تخاف " .

وأبو البختري اسمه سعيد بن فيروز ، وهو ثقة معروف .

ومن طريق شعبة عن أبي مسلمة سعيد بن زيد ، أنه سمع أبا نضرة يحدث ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي - - قال : " لا يمنعن أحدكم مخافة أحد من الناس أن يتكلم بالحق إذا رآه وعلمه . قال أبو سعيد : فذلك الذي حملني على أن رحلت إلى معاوية فملأت أذنيه ثم أقبلت " .

حدثنيه القرشي : ثنا شريح ، ثنا علي بن أحمد بن حزم ، ثنا محمد بن سعيد بن نبات ، ثنا أحمد بن عون الله ، ثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا محمد بن عبد السلام الخشني ، ثنا محمد بن بشار ، ثنا محمد بن جعفر غندر ، ثنا شعبة فذكره .

زاد أبو بكر البزار في هذا الحديث : قال أبو سعيد : " فما زال بنا البلاء حتى قصرنا وإنا لنعذر في السر " ولم يذكر رحلته إلى معاوية .

رواه عن محمد بن المثنى ، عن محمد بن أبي عدي ، عن شعبة .

باب إذا لم يستطع التغيير بيده غير بلسانه أو بقلبه

أبو داود : حدثنا محمد بن العلاء ، ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إسماعيل بن رجاء ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري .

وعن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب ، عن أبي سعيد قال : سمعت رسول الله - - يقول : " من رأى منكرا فاستطاع أن يغيره بيده فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان " .

وقد تقدم لمسلم بن الحجاج من طريق ابن مسعود قول النبي - - : " ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب ، يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ، ويفعلون ما لا يؤمرون ، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ، ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل " .

وحديث أبي سعيد قد تقدم أيضا لمسلم - رحمه الله .

وروى الترمذي : من طريق علي بن زيد ، عن الحسن ، عن جندب ، عن حذيفة قال : قال رسول الله - - : " لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه . قالوا : وكيف يذل نفسه ؟ قال : يتعرض من البلاء بما لا يطيق " .

وعلي بن زيد ضعفه البخاري وقال : هو ذاهب الحديث . وضعفه غيره ، ووثقه أبو بكر البزار ، وقال أبو عيسى في حديثه هذا : حديث حسن .

باب فضل القيام بالحق[عدل]

الترمذي : حدثنا القاسم بن دينار ، ثنا عبد الرحمن بن مصعب أبو يزيد ، ثنا إسرائيل ، عن محمد بن جحادة ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - - : " إن من أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب .

أبو داود : حدثنا محمد بن عبادة الواسطي ، ثنا يزيد بن هارون ، أنا إسرائيل بهذا الإسناد ، وهذا الحديث ، وقال : " أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر أو أمير جائر " .

أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا يونس بن محمد ، ثنا حماد بن سلمة ، عن أبي غالب ، عن أبي أمامة ، عن النبي - - قال : " أفضل الجهاد كلمة حق عند إمام جائر " .

باب إذا عمل بالمعاصي ولم يغير[عدل]

الترمذي : حدثنا قتيبة ، ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن عمرو بن أبي عمرو ، عن عبد الله الأنصاري ، عن حذيفة بن اليمان ، عن النبي - - قال : " والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ، ولتنهون عن المنكر ، أو ليوشكن الله أن يبعث عقابا منه ، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن .

ومن طريق الخشني : حدثنا محمد بن بشار ، ثنا محمد بن جعفر ، ثنا شعبة ، سمعت أبا إسحاق ، يحدث عن عبيد الله بن جرير بن عبد الله البجلي ، عن أبيه ، أن رسول الله - - قال : " ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعز وأكبر ممن يعمله فلا يغيروه ؛ إلا عمهم الله بالعقاب "

حدثنيه القرشي : حدثنا شريح ، ثنا أبن حزم ، ثنا محمد بن سعيد بن نبات ، ثنا أحمد بن عون الله ، ثنا قاسم بن أصبغ ، ثنا محمد بن عبد السلام الخشني فذكره .

البزار : حدثنا محمد بن مرداس ، ثنا سليمان بن مسلم ، عن سليمان التيمي ، عن نافع عن ابن عمر رفعه قال : " الطابع معلق بقائمة العرش ، فإذا اشتكت الرحم وعمل بالمعاصي اجترئ على الله ؛ بعث الله الطابع فيطبع على قلبه ، فلا يعقل بعد ذلك شيئا " .

قال : وهذا الحديث لا نعلم رواه عن التيمي إلا سليمان بن مسلم ، وهو بصري مشهور .

باب متى يترك الناس الأمر بالمعروف[عدل]

الطحاوي : حدثنا محمد بن علي بن داود البغدادي ومحمد بن علي بن زيد المكي قالا : ثنا الحكم بن موسى أبو صالح ، ثنا الهيثم بن جميل ، عن حفص بن غيلان - وهو ابن معبد - عن مكحول ، عن أنس قال : " قيل : يا رسول الله ، متى يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ قال : إذا ظهر فيكم ما ظهر في بني إسرائيل . قيل : وما ذاك يا رسول الله ؟ قال : إذا ظهر الإدهان في خياركم ، والفاحشة في شراركم ، وتحول الملك في صغاركم ، والفقه في أراذلكم " .

مكحول سمع أنسا ووائلة وأبا هند ، وهو شامي جليل ، والهيثم بن جميل ثقة ، وأظنه ابن حميد ، فإن كان فلا بأس به ، قاله ابن معين ، وقال أحمد بن حنبل وذكر له : ما علمت إلا خيرا .

باب قول الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم}[عدل]

الطحاوي : حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، ثنا أبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر الغساني ، ثنا صدقة بن خالد ، ثنا عتبة بن أبي حكيم ، حدثني عمرو بن جارية ، عن أبي أمية قال : " سألت أبا ثعلبة الخشني قلت : كيف تصنع بهذه الآية ؟ قال : أية آية ؟ قلت : {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} فقال لي : أما والله لقد سألت عنها خبيرا ، سألت عنها رسول الله - - فقال : بل ائتمروا بالمعروف ، وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا ، وهوى متبعا ، ودنيا مؤثرة ، وإعجاب كل ذي رأى برأيه ، ورأيت أمرا لا بد لك منه - فعليك بنفسك ، و إياك و أمر العوام فإن من ورائكم أيام الصبر ، صبر فيهن مثل قبض على الجمر ، للعامل يومئذ منهم كأجر خمسين رجلا منكم يعملون مثل عمله " .

أبو أمية اسمه محمد الشعباني .

باب ما جاء فيمن أمر بمعروف ولم يأته ونهى عن منكر وأتاه[عدل]

مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله ابن نمير وإسحاق بن إبراهيم وأبو كريب - واللفظ لأبي كريب - قال يحيى وإسحاق : أنا . وقال الآخرون : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن شقيق ، عن أسامة بن زيد قال : سمعت رسول الله - - يقول : " يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار ، فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى ، فيجتمع إليه أهل النار فيقولون : يا فلان ما لك ؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ ! فيقول : بلى ، قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه ، وأنهى عن المنكر وآتيه " مختصر .

باب ما جاء فيمن رضي بالمعصية ولم يعملها[عدل]

أبو داود : حدثنا محمد بن العلاء ، ثنا أبو بكر ، ثنا مغيرة بن زياد الموصلي ، عن عدي بن عدي ، عن العرس ، عن النبي - - قال : " إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها - وقال مرة : فأنكرها - كمن غاب عنها ، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها " .

أبو بكر هو ابن عياش ثقة ، والمغيرة بن زياد ثقة ، وعدي بن عدي ثقة كان عامل عمر بن عبد العزيز ، والعرس هو ابن عميرة الكندي له صحبة .

أبو داود : حدثنا سليمان بن حرب وحفص بن عمر قالا : ثنا شعبة وهذا لفظه - عن عمرو بن مرة - عن أبي البختري قال : أخبرني من سمع النبي - - ، وقال سليمان : حدثني رجل من أصحاب النبي - - أن النبي - - قال : " لن يهلك الناس حتى يعذروا - أو يعذروا - من أنفسهم " .

باب حفظ الجار[عدل]

أبو داود : حدثنا محمد بن المتوكل العسلاقي ، ثنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت " .

مسلم : حدثنا قتيبة ، عن مالك بن أنس .

وثنا قتيبة وابن رمح ، عن الليث بن سعد .

وثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا عبدة ويزيد بن هارون ، كلهم عن يحيى بن سعيد .

وثنا محمد بن المثنى - واللفظ له - ثنا عبد الوهاب - يعني الثقفي - قال : سمعت يحيى بن سعيد قال : أخبرني أبو بكر - وهو ابن محمد بن عمرو بن حزم - أن عمرة حدثته ، أنها سمعت عائشة تقول : سمعت رسول الله - - يقول : " ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه ليورثه " .

الترمذي : حدثنا أحمد بن محمد ، ثنا عبد الله بن المبارك ، عن حيوة ، عن شرحبيل بن شريك ، وعن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو ابن العاص قال : قال رسول الله - - : " خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه ، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب ، وأبو عبد الرحمن اسمه عبد الله ابن يزيد .

باب ما جاء فيمن آذى جاره[عدل]

أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي يحيى مولى جعدة ، عن أبي هريرة قال : " قالوا : يا رسول الله ، فلانة تصوم النهار ، وتقوم الليل ، وتؤذي جيرانها . قال : هي في النار . قالوا : فلانة يا رسول الله تصلي المكتوبات ، وتصدق بالأثوار من الأقط ، ولا تؤدي جيرانها . قال : هي في الجنة " .

أبو يحيى هذا ثقة ، قاله يحيى بن معين .

البزار : حدثنا يوسف بن موسى ، ثنا عبد الرحمن بن مغراء الدوسي ، ثنا الأعمش ، عن أبي أيوب ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله - - : " لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش ، وقطيعة الرحم ، وسوء الجوار ، ويؤتمن الخائن ، ويخون الأمين . قيل : يا رسول الله ، فكيف المؤمن يومئذ ؟ قال : كالنحلة وقعت فلم تكسر ، وأكلت فلم تفسد ، ووضعت طيبا ، وكقطعة الذهب أدخلت النار فأخرجت فلم تزدد إلا جودة " .

قال : وهذا لحديث لا نعلمه يروى إلا عن عبد الله بن عمرو ، ولا نعلم له طريقا إلا هذا الطريق ، ولا نعلم أسند الأعمش عن أبي أيوب إلا هذا الحديث .

باب في الذي لا يأمن جاره بوائقه[عدل]

مسلم : حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وعلي بن حجر ، جميعا عن إسماعيل بن جعفر - قال ابن أيوب : ثنا إسماعيل - أخبرني العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - - قال : " لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه " .

البخاري : حدثنا عاصم بن علي ، ثنا ابن أبي ذئب ، عن سعيد ، عن أبي شريح ، أن النبي - - قال : " والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن . قيل : يا رسول الله ، ومن ؟ قال : الذي لا يأمن جاره بوائقه " .

تابعه شبابة وأسد بن موسى ، وقال حميد بن الأسود وعثمان بن عمر وأبو بكر بن عياش وشعيب بن إسحاق ، عن ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن أبي هريرة .

باب الصبر على أذى الجار[عدل]

أبو داود الطيالسي : حدثنا الأسود بن شيبان ، عن يزيد بن عبد الله بن الشخير ، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير ، عن أبي ذر عن النبي - - قال : " ثلاثة يحبهم الله ... " فذكر فيهم : " ورجل له جار سوء فهو يؤذيه ويصبر على أذاه ، فيكفيه الله إياه بحياة أو موت " .

هذا حديث مختصر .

أبو داود : حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة ، ثنا سليمان بن حيان ، عن محمد بن عجلان ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : " جاء رجل إلى النبي - - يشكو جاره ، قال : اذهب فاصبر . فأتاه مرتين أو ثلاثا قال : اذهب فاطرح متاعك في الطريق ، فطرح متاعه ، فجعل الناس يسألونه فيخبرهم خبره فجعل الناس يلعنونه : فعل الله به وفعل ، فجاء إليه جاره فقال له : ارجع لا ترى مني شيئا تكرهه " .

باب أجر من دل على خير[عدل]

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وابن أبي عمر ، واللفظ لأبي كريب - قالوا : ثنا أبو معاوية - عن الأعمش ، عن أبي عمرو الشيباني ، عن أبي مسعود الأنصاري قال : " جاء رجل إلى النبي - - فقال : إني أبدع بي فاحملني . فقال : ما عندي ؟ فقال رجل : يا رسول الله ، أنا أدله على من يحمله . فقال رسول الله - - : من دل على خير فله مثل أجر فاعله " .

باب الشفاعة للناس[عدل]

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا علي بن مسهر وحفص بن غياث ، عن بريد ، عن عبد الله بن أبي بردة ، عن أبي موسى قال : " كان رسول الله - - إذا أتاه طالب حاجة ، أقبل على جلسائه فقال : اشفعوا فلتؤجروا ، وليقض الله على لسان نبيه ما أحب " .

النسائي : أخبرنا هارون بن سعيد ، ثنا سفيان ، عن عمرو ، عن ابن منبه ، عن أخيه ، عن معاوية بن أبي سفيان ، أن رسول - - قال : " إن الرجل ليسألني الشيء فأمنعه كي تشفعوا فتؤجروا ، وإن رسول الله - - قال : اشفعوا تؤجروا " .

عمرو هو ابن دينار ، وابن منبه هو وهب ، وأخوه هو همام بن منبه ، وكلهم ثقة مشهور .

باب المستشار مؤتمن[عدل]

الطحاوي : حدثنا أبو أمية ، ثنا الأسود بن عامر وطلق بن غنام ، عن شريك ، عن الأعمش ، عن أبي عمرو الشيباني ، عن أبي مسعود ، عن النبي - - قال : " المستشار مؤتمن " .

قال : وثنا محمد بن علي بن داود قال : قرئ على سعيد بن سليمان بن سعدويه وأنا حاضر ، فقيل له : حدثك حفص بن سليمان ، عن قيس بن مسلم ، عن ابن شهاب ، عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله - - : " المستشار مؤتمن " ؟ فقال : نعم .

ابن شهاب الذي يروي عنه قيس هو طارق بن شهاب ، أدرك الجاهلية ورأى النبي - - .

الترمذي : حدثنا محمد بن إسماعيل - هو البخاري - ثنا آدم بن أبي إياس ، ثنا شيبان أبو معاوية ، ثنا عبد الملك بن عمير ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة قال : " خرج النبي - - في ساعة لا يخرج فيها ولا يلقاه فيها أحد ، فأتاه أبو بكر فقال : ما جاء بك ؟ فقال : خرجت ألقى رسول الله - - وأنظر في وجهه والتسليم عليه ، فلم يلبث أن جاء عمر ، فقال : ما جاء بك يا عمر ؟ قال : الجوع يا رسول الله ، قال : وإنا قد وجدت بعض ذلك . فانطلقوا إلى منزل أبي الهيثم بن التيهان الأنصاري ، وكان رجلا كثير النخل والشاء ، ولم يكن له خدم فلم يجدوه ، فقالوا لامرأته : أين صاحبك ؟ فقالت : انطلق يستعذب لنا الماء . فلم يلبثوا أن جاء أبو الهيثم بقربة يزعبها فوضعها ، ثم جاء يلتزم النبي - - ويفديه بأبيه وأمه ، ثم انطلق بهم إلى حديقته فبسط لهم بساطا ، ثم انطلق إلى نخلة فجاء بقنو فوضعه ، فقال النبي - - : أفلا تنقيت لنا من رطبه . فقال : يا رسول الله ، إني أردت أن تخيروا - أو قال : تخيروا من رطبه وبسره - فأكلوا وشربوا من ذلك الماء ، فقال رسول الله - - : هذا والذي نفسي في يده من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة ظل بارد ، ورطب طيب ، وماء بارد . فانطلق أبو الهيثم يصنع لهم طعاما ، فقال النبي - - : لا تذبحن ذات در . قال : فذبح لهم عناقا أو جديا فأتاهم بها فأكلوا ، فقال النبي - - : هل لك خادم ؟ قال : لا . قال : فإذا أتانا سبي فائتنا . فأتى النبي - - برأسين ليس معهما ثالث قال : فأتاه أبو الهيثم فقال النبي : اختر منهما . فقال : يا نبي الله ، اختر لي . فقال النبي - - : إن المستشار مؤتمن ، خذ هذا فإني رأيته يصلي ، واستوص به معروفا . فانطلق أبو الهيثم إلى امرأته فأخبرها بقول رسول الله - - ، فقالت امرأته : ما أنت يبالغ ما قال فيه النبي - - إلا أن تعتقه . قال : فهو عتيق . فقال النبي - - : إن الله لم يبعث نبيا ولا خليفة : إلا وله بطانتان : بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر ، وبطانة لا تألوه خبالا ، ومن يوق بطانة السوء فقد وقي " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب .

أبو بكر بن أبي شيبة : عن أبي عبد الرحيم ، عن سعيد بن أبي أيوب ، حدثني أبو هانئ حميد بن هانئ الخولاني ، عن أبي عثمان مسلم بن يسار ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " من قال علي ما لم أقل فليتبؤأ مقعده من النار ، ومن استشار أخاه المسلم فأشار عليه بغير رشده فقد خانه ، ومن أفتى بفتيا غير تثبت فإنما إثمها على من أفتاه " .

تقدم هذا الحديث من طريق أبي داود في كتاب العلم وقال فيه : " من أشار علي أخيه بأمر يعلم أن الرشد في غيره فقد خانه " وفي حديث أبي بكر زيادة .

باب التحذير أن يحتقر أحد من المسلمين[عدل]

مسلم : حدثنا سويد بن سعيد ، حدثني حفص بن ميسرة ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - - قال : " رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله - تعالى - لأبره " .

باب ما جاء فيمن قال هلك الناس[عدل]

مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى قال : قرأت على مالك ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - - قال : " إذا قال الرجل : هلك الناس . فهو أهلكهم " .

باب النهي أن يقول خبثت نفسي[عدل]

مسلم : حدثنا أبو الطاهر وحرملة - هو ابن يحيى - قالا : أنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ، عن أبيه ، أن رسول الله - - قال : " لا يقل أحدكم خبثت نفسي . وليقل : لقست نفسي " .

أبو داود : حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا حماد ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، عن النبي - - قال : " لا يقولن أحدكم : جاشت نفسي . وليقل : لقست نفسي " .

باب النهي أن يقول ما شاء الله وشاء فلان[عدل]

النسائي : أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ، ثنا سفيان ، ثنا عبد الملك بن عمير ، عن ربعي ، عن حذيفة قال : " رأيت في النوم كأن رجلا من اليهود يقول : تزعمون أنا نشرك بالله ، وأنتم تشركون تقولون : ما شاء الله وشاء محمد . فأتيت النبي - - فأخبرته ، فقال : أما إني قد كنت أكرهها لكم ، قولوا : ما شاء الله ثم شئت " .

النسائي : أخبرنا إسماعيل بن مسعود ، ثنا خالد ، عن شعبة ، عن منصور قال : سمعت عبد الله بن يسار يحدث ، عن حذيفة ، أن رسول الله - - قال : " لا تقولوا : ما شاء الله وشاء فلان . ولكن قولوا : ما شاء الله ثم شاء فلان " .

النسائي : أخبرنا علي بن خشرم ، عن عيسى بن يونس ، عن الأجلح ، عن يزيد بن الأصم ، عن ابن عباس قال : " جاء رجل إلى النبي - - فكلمه في بعض الأمر فقال : ما شاء الله - عز وجل - وشئت . فقال رسول الله - - : أجعلتني لله عدلا ! بل ما شاء الله - عز وجل - وحده " .

تابعه شيبان النحوي ، عن الأجلح ذكره الطحاوي - رحمه الله .

باب يقول أنا بالله ثم بك[عدل]

البخاري : وقال عمرو بن عاصم ، ثنا همام ، ثنا إسحاق بن عبد الله ، ثنا عبد الرحمن بن أبي عمرة ، أن أبا هريرة حدثه أنه سمع النبي - - يقول : " إن ثلاثة في بني إسرائيل أراد الله أن يبتليهم ، فبعث ملكا فأتى الأبرص فقال : تقطعت بي الحبال فلا بلاغ إلا بالله ثم بك ... " فذكر الحديث .

باب النهي عن سب الدهر[عدل]

البخاري : حدثنا يحيى بن بكير ، ثنا الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، أخبرني أبو سلمة قال : قال أبو هريرة : قال رسول الله - - : " قال الله - عز وجل - : يسب بنو آدم الدهر ، وأنا الدهر بيدي الليل والنهار " .

البخاري : حدثني عياش بن الوليد ، ثنا عبد الأعلى ، أنا معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " لا تسموا العنب الكرم ، ولا تقولوا : خيبة الدهر ؛ فإن الله هو الدهر " .

باب النهي أن يقال للمنافق سيد[عدل]

أبو داود : حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة ، ثنا معاذ بن هشام ، ثنا أبي ، عن قتادة ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله - - : " لا تقولوا للمنافق : سيدا ، فإنه إن يك سيدا فقد أسخطتم ربكم " .

باب ما جاء فيمن يظهر الشماتة بأخيه المسلم[عدل]

الترمذي : حدثنا عمر بن إسماعيل بن مجالد الهمداني ، ثنا حفص بن غياث قال : أخبرنا سلمة بن شبيب ، ثنا أمية بن القاسم الحذاء البصري ، ثنا حفص بن غياث ، عن برد بن سنان ، عن مكحول ، عن واثلة بن الأسقع قال : قال رسول الله - - : " لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك " .

قال : هذا حديث حسن غريب ، ومكحول سمع من : واثلة بن الأسقع وأنس بن مالك ، وأبي هند الداري ، ومكحول شامي يكنى أبا عبد الله .

باب فضل من عال بنات أو أخوات[عدل]

مسلم : حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام وأبو بكر بن إسحاق - واللفظ لهما - قالا : أنا أبو اليمان ، أنا شعيب ، عن الزهري ، حدثني عبد الله ابن أبي بكر ، أن عروة بن الزبير أخبره ، أن عائشة زوج النبي - - أخبرته قالت : " جاءت امرأة ومعها ابنتان لها فسألتني ، فلم تجد عندي شيئا غير تمرة واحدة . فأعطيتها إياها ، فأخذتها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها شيئا ، ثم قامت فخرجت وابنتاها ، فدخل علي النبي - - فحدثته حديثها ، فقال النبي - - : " من ابتلي من البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار " .

مسلم : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا بكر - يعني ابن مضر - عن ابن الهاد ، ، أن زياد بن أبي زياد مولى ابن عياش حدثه ، عن عراك بن مالك ، سمعه يحدث عمر بن عبد العزيز ، عن عائشة أنها قالت : " جاءتني مسكينة تحمل ابنتيها ، فأطعمتها ثلاث تمرات ، فأعطت كل واحدة منهن تمرة ، ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها ، فاستطعمها ابنتاها ، فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما ، فأعجبني شأنها ، فذكرت الذي صنعت لرسول الله - - فقال : إن الله قد أوجب لها بها الجنة - أو أعتقها بها من النار " .

مسلم : حدثني عمرو الناقد ، ثنا أبو أحمد الزبيري ، ثنا محمد بن عبد العزيز ، عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول - - : " من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو . وضم أصابعه " .

باب فضل كافل اليتيم له أو لغيره[عدل]

مسلم : حدثنا زهير بن حرب ، ثنا إسحاق بن عيسى ، ثنا مالك ، عن ثور ابن زيد الديلي ، سمعت أبا الغيث يحدث ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة . وأشار مالك بالسبابة والوسطى " .

باب ثواب الساعي على الأرملة واليتيم[عدل]

مسلم : حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، ثنا مالك ، عن ثور بن زيد ، عن أبي الغيث ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله . وأحسبه قال : وكالقائم لا يفتر ، وكالصائم لا يفطر " .

البخاري : حدثني إسماعيل بن عبد الله ، حدثني مالك ، عن صفوان بن سليم ، يرفعه إلى النبي - - قال : " الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله ، وكالذي يصوم النهار ويقوم الليل " .

حدثنا إسماعيل ، حدثني مالك ، عن ثور بن زيد الديلي ، عن أبي الغيث مولى ابن مطيع ، عن أبي هريرة ، عن النبي مثله .

باب فضل رفع الأذى عن الطريق[عدل]

مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى قال : قرأت على مالك ، عن سمي مولى أبي بكر ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - - قال : " بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره ، فشكر الله له فغفر له " .

مسلم : حدثني زهير بن حرب ، ثنا جرير ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال : والله لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم . فأدخل الجنة " .

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا عبيد الله ، أنا شيبان ، الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي

قال : " لقد رأيت

رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس " .

مسلم : حدثني زهير بن حرب ، ثنا يحيى بن سعيد ، عن أبان بن صمعة ، حدثني أبو الوازع ، حدثني أبو برزة قال : " قلت : يا نبي الله ، علمني شيئا أنتفع به . قال : اعزل الأذى عن طريق المسلمين " .

مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى ، أنا أبو بكر بن شعيب بن الحبحاب ، عن أبي الوازع الراسبي ، عن أبي برزة الأسلمي أن أبا برزة قال : " قلت لرسول الله - - : إني لا أدري لعسى أن تمضي وأبقى بعدك فزودني شيئا ينفعني الله به . فقال رسول الله - - : افعل كذا ، افعل كذا - أبو بكر نسيه - وأمر الأذى عن الطريق " .

باب دفن النخامة[عدل]

البزار : حدثنا محمد بن مثنى ، ثنا ابن أبي عدي ، عن محمد بن إسحاق ، حدثني عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي عتيق ، عن عامر بن سعد عن أبيه قال : سمعت رسول الله - - يقول : " إذا تنخم أحدكم فليغيب نخامته ، لا يصيب جلد مؤمن أو ثوبه " .

وهذا الحديث لا نعمله يروى عن سعد إلا من هذا الوجه .

قال : وثنا عبدة بن عبد الله ، أنا زيد بن الحباب ، أنا الحسين بن واقد ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله - - : " في الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلا ، على كل مفصل صدقة . قالوا : يا رسول الله ، من يطيق ذلك ؟ قال : النخامة يدفنها صدقة ، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة ، وركعتا الضحى تكفر ذلك " .

باب ما أمر بقتله من الدواب[عدل]

البخاري : حدثنا يحيى بن سليمان ، حدثني ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة ، أن رسول الله - - قال : " خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلن في الحرم : الغراب ، والحدأة ، والعقرب ، والفأرة ، والكلب العقور " .

البخاري : حدثنا عبد الله بن يوسف ، أنا مالك ، عن نافع ، عن عبد الله ابن عمر ، أن رسول الله - - قال : خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح " .

وحدثني أصبغ ، أخبرني عبد الله بن وهب ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن سالم قال : قال عبد الله بن عمر : قالت حفصة : قال رسول الله - - : " خمس من الدواب لا حرج على من قتلهن : الغراب ، والحدأة ، والفأرة ، والعقرب ، والكلب العقور " .

مسلم : حدثنا محمد بن أبي خلف ، ثنا روح .

وحدثني إسحاق بن منصور ، ثنا روح بن عبادة ، ثنا ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : " أمرنا رسول الله - - بقتل الكلاب حتى إن المرأة تقدم من البادية بكلبها فنقتله ، ثم نهى النبي - - عن قتلها وقال : عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين فإنه شيطان " .

أبو داود : حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري ، عن إسحاق بن يوسف ، عن شريك ، عن أبي إسحاق ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن ابن مسعود ، قال : قال رسول الله - - : " اقتلوا الحيات كلهن ، فمن خاف ثأرهن فليس مني " .

إسحاق ثقة وهو الأزرق ، وشريك ثقة .

أبو داود : حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، ثنا سفيان ، عن ابن عجلان ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " ما سالمناهن منذ حاربناهن ، ومن ترك شيئا منهن خيفة فليس منا " .

مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى ، أنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عبد الله قال : " كنا مع النبي - - في غار وقد أنزلت عليه {والمرسلات عرفا} فنحن نأخذها من فيه رطبا ، إذ خرجت علينا حية فقال : اقتلوها . فابتدرناها لنقتلها فسبقتنا فقال رسول الله - - : وقاها الله شركم ، ووقاكم شرها " .

الطحاوي : حدثنا يونس ، أنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن بكير بن عبد الله بن الأشج ، عن سالم ، عن أبيه ، عن رسول الله - - قال : " اقتلوا الحيات ، واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر ؛ فإنهما يلتمسان البصر ، ويسقطان الحبل ، فمن وجد ذا الطفيتين والأبتر فلم يقتلهما فليس منا " .

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا عبدة بن سليمان وابن نمير ، عن هشام .

وثنا أبو كريب ، ثنا عبدة ، ثنا هشام ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : " أمر رسول الله - - بقتل ذي الطفيتين ؛ فإنه يلتمس البصر ، ويصيب الحبل " .

وحدثناه إسحاق بن إبراهيم ، أنا أبو معاوية ، ثنا هشام بهذا الإسناد وقال : " الأبتر وذا الطفيتين " .

باب ما جاء في الحيات التي تظهر في البيوت[عدل]

مسلم : حدثنا حاجب بن الوليد ، ثنا محمد بن حرب ، عن الزبيدي ، عن الزهري ، أخبرني سالم بن عبد الله ، عن ابن عمر قال : " سمعت رسول الله - - يأمر بقتل الكلاب يقول : اقتلوا الحيات والكلاب ، واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر ؛ فإنهما يلتمسان البصر ، ويستسقطان الحبالى " قال الزهري : ونرى ذلك من سمها - والله أعلم - قال سالم : قال عبد الله : " فلبثت لا أترك حية أراها إلا قتلتها ، فبينا أنا أطارد حية يوما من ذوات البيوت مر بي زيد بن الخطاب أو أبو لبابة وأنا أطاردها ، فقال : مهلا يا عبد الله . فقلت : إن رسول الله - - أمر بقتلهن . قال : إن رسول الله - - قد نهى عن ذوات البيوت " .

وحدثنا حسن الحلواني ، ثنا يعقوب ، ثنا أبي ، عن صالح ، عن الزهري بهذا الإسناد ، وقال : حتى رآني أبو لبابة وزيد بن الخطاب فقالا : إنه قد نهى عن ذوات البيوت " .

مسلم : حدثني إسحاق بن منصور ، أنا محمد بن جهضم ، ثنا إسماعيل - وهو عندنا ابن جعفر - عن عمر بن نافع ، عن أبيه قال : " كان عبد الله بن عمر يوما عند هدم له فرأى وبيص جان ، فقال : اتبعوا هذا الجان فاقتلوه . فقالوا أبو لبابة الأنصاري : إني سمعت رسول الله - - ينهى عن قتل الجنان التي تكون في البيوت إلا الأبتر وذا الطفيتين ؛ فإنهما اللذان يخطفان البصر ، ويتبعان ما في بطون النساء " .

مسلم : حدثني أبو الطاهر ، أنا عبد الله بن وهب ، أخبرني مالك بن أنس ، عن صيفي - وهو عندنا مولى ابن أفلح - أخبرني أبو السائب مولى هشام ابن زهرة " أنه دخل على أبي سعيد في بيته قال : فوجدته يصلي فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته ، فسمعت تحريكا في عراجين في ناحية البيت ، فالتفت فإذا حية ، فوثبت لأقتلها فأشار إلي أن اجلس ، فجلست ، فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار فقال : أترى هذا البيت ؟ فقلت : نعم . فقال : كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس . قال : فخرجنا مع رسول الله - - إلى الخندق ، فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله ، فاستأذنه يوما ، فقال له رسول الله - - : خذ عليك سلاحك ؛ فإني أخشى عليك قريظة . فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع ، فإذا امرأته بين البابين قائمة فأهوى إليها بالرمح ليطعنها به ، وأصابته غيرة ، فقالت له : اكفف عليك رمحك ، وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني ، فدخل فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش ، فأهوي إليها الرمح ، فانتظمها به ، ثم خرج فركزه في الدار فاضطربت عليه ، فما ندري أيهما كان أسرع موتا الحية أم الفتى . قال : فجئنا لرسول الله - - فذكرنا ذلك له ، وقلنا : ادع الله يحييه لنا . فقال : استغفروا لصاحبكم . ثم قال : إن بالمدينة جنا قد أسلموا ، فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام ، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه ، فإنما هو شيطان " .

وحدثني محمد بن رافع ، ثنا وهب بن جرير ، ثنا أبي قال : سمعت أسماء بن عبيد يحدث ، عن رجل يقال له : السائب - وهو عندنا أبو السائب - قال : " دخلنا على أبي سعيد الخدري ، فبينما نحن جلوس إذ سمعنا تحت سريره حركة ، فنظرنا فإذا حية ... " وساق الحديث بقصته نحو حديث مالك ، عن صيفي وقال فيه : فقال رسول الله - - : " إن لهذه البيوت عوامر ، فإذا رأيتم شيئا منها فحرجوا عليها ثلاثا فإن ذهب ، وإلا فاقتلوه ، فإنه كافر ، وقال لهم : اذهبوا فادفنوا صاحبكم " .

الترمذي : حدثنا هناد ، ثنا ابن أبي زائدة ، ثنا ابن أبي ليلى ، عن ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : قال أبو ليلى : قال رسول الله - - : " إذا ظهرت الحية في المسكن فقولوا لها : إنا نسألك بعهد نوح وبعهد سليمان بن داود لا تؤذينا ، فإن عادت فاقتلوها " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب ، انتهى كلام أبي عيسى .

ابن أبي ليلى هذا ضعيف ، قال البخاري : أما أنا لا أروي عنه شيئا .

باب فضل من قتل حية وما جاء في الحيات[عدل]

الطحاوي : حدثنا علي بن معبد ، ثنا طالوت بن عباد ، ثنا داود بن أبي الفرات ، عن محمد بن زيد العبدي ، عن أبي الأعين العبدي ، عن أبي الأحوص الجمشي قال : " بينا ابن مسعود يخطب ذات يوم ، فإذا هو بحية تمشي على الجدار ، فقطع خطبته وضربها بقضيبه حتى قتلها ، ثم قال : سمعت رسول الله - - يقول : من قتل حية فكأنما قتل رجلا مشركا قد حل دمه " .

وروى أبو عمر بن عبد البر قال : ثنا أحمد بن عمر ، ثنا عبد الله بن عمر ، ثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن فطيس ، ثنا بحر بن نصر ، ثنا ابن وهب ، ثنا معاوية بن صالح ، عن أبي الزاهرية ، عن جبير بن نفير ، عن أبي ثعلبة الخشني ، أن رسول الله - - قال : " الجن على ثلاث أثلاث : فثلث لهم أجنحة يطيرون في الهوى ، وثلث حيات وكلاب ، وثلث يحلون ويطعنون " .

رواه أبو عمر في الاستذكار وقال : هذا إسناد جيد ، رواته أئمة ثقات .

ورواه الطحاوي في " بيان المشكل من حديث النبي - - " قال : ثنا بحر بن نصر ، ثنا ابن وهب بهذا الإسناد .

وروى البزار : قال : ثنا أبو كامل ، ثنا عبد العزيز بن المختار ، ثنا خالد الحذاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن النبي - - قال : الحية مسيخ الجن كما مسخت القردة والخنازير " .

باب قتل الوزغ وفضل ذلك[عدل]

مسلم : حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد قالا : ثنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن الزهري ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه " أن النبي - - أمر بقتل الوزغ وسماه فويسقا " .

البخاري : حدثنا عبيد الله بن موسى - أو ابن سلام عنه - أنا ابن جريج ، عن عبد الحميد بن جبير ، عن سعيد بن المسيب ، عن أم شريك " أن رسول الله - - أمر بقتل الوزغ و قال : كان ينفخ على إبراهيم " .

البزار : حدثنا أحمد بن أصبغ ، عن ابن وهب ، عن يونس ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، أن رسول الله - - قال : " الوزغ شيطان " .

وهذا الحديث لا نعلم أحدا أسنده إلا يونس .

مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى ، أنا خالد بن عبد الله ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " من قتل وزغة في أول ضربة ، فله كذا وكذا حسنة ، ومن قتلها في الضربة الثانية ، فله كذا وكذا حسنة لدون الأولى ، وإن قتلها في الضربة الثالثة ، فله كذا وكذا حسنه لدون الثانية " .

وحدثني زهير بن حرب ، ثنا جرير ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - بمعنى حديث خالد ، عن سهيل ، غير أن في حديث جرير : " من قتل وزغة في أول ضربة كتبت له مائة حسنة ، وفي الثانية دون ذلك ، وفي الثالثة دون ذلك " .

باب ما نهى عن قتله من الدواب وسبه[عدل]

مسلم : حدثني أبو الطاهر وحرملة قالا : أنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - " أن نملة قرصت نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت ، فأوحى الله إليه : أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح " .

مسلم : حدثنا قتيبة ، ثنا المغيرة - يعني : ابن عبد الرحمن الحزامي - عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن النبي - - قال : " نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة فلدغته نملة فأمر بجهازه فأخرج من تحتها ، ثم أمر بها فأحرقت ، فأوحى الله إليه : فهلا نملة واحدة " .

أبو داود : ثنا أحمد بن حنبل ، ثنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس " أن النبي - - نهى عن قتل أربع من الدواب : النملة ، والنحلة ، والهدهد ، والصرد " .

النسائي : أخبرنا قتيبة بن سعيد ، ثنا ابن أبي فديك ، عن ابن أبي ذئب ، عن سعيد بن خالد ، عن سعيد بن المسيب ، عن عبد الرحمن بن عثمان " أن طبيبا ذكر ضفدعا في دواء عند النبي - - ، فنهى النبي - - عن قتله " .

عبد الرحمن هو ابن عمر بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد ابن تيم بن مرة بن كعب التيمي القرشي ، أسلم يوم الحديبية وقيل : أسلم يوم الفتح ، قتل مع ابن الزبير بمكة ، ذكر ذلك أبو عمر بن عبد البر .

أبو داود : ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن صالح بن كيسان ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن زيد بن خالد الجهني قال : قال رسول الله - - : " لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة " .

النسائي : أخبرنا إبراهيم بن يعقوب ، ثنا موسى بن داود ، ثنا عبد العزيز ابن أبي سلمة ، عن صالح بإسناده مثله وقال : " يؤذن بالصلاة " .

باب ما جاء في تحريق الدواب[عدل]

النسائي : أخبرنا أبو عاصم ، عن عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن الشيباني ، عن الحسن بن سعد - كوفي - عن عبد الرحمن بن عبد الله - كوفي - عن أبيه قال : " كنا مع رسول الله - - فمررنا بقرية نمل قد أحرقت ، قال : فغضب النبي - عليه السلام - وقال : إنه لا ينبغي لبشر أن يعذب بعذاب الله " .

قد تقدم النهي عن التعذيب بعذاب الله في كتاب الجهاد ، رواه البخاري وغيره .

باب ما جاء فيمن قتل عصفورا[عدل]

النسائي : أخبرنا محمد بن داود ، ثنا أحمد بن حنبل ، ثنا أبو عبيدة عبد الواحد بن واصل ، عن خلف - يعني ابن مهران - ثنا عامر الأحول ، عن صالح بن دينار ، عن عمرو بن الشريد قال : سمعت الشريد يقول : سمعت رسول الله - - يقول : " من قتل عصفورا عبثا عج إلى الله يوم القيامة يقول : يا رب ، إن فلانا قتلني عبثا ولم يقتلني لمنفعة " .

باب ما يؤمر به من غلق الأبواب وإطفاء المصابيح والنار عند النوم[عدل]

البخاري : ثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا همام ، عن عطاء ، عن جابر أن رسول الله - - قال : " أطفئوا المصابيح إذا رقدتم ، وغلقوا الأبواب ، وأوكوا الأسقية ، وخمروا الطعام والشراب - وأحسبه قال : - ولو بعود تعرضه عليه " .

البخاري : حدثنا مسدد ، ثنا حماد بن زيد ، ثنا كثير ، عن عطاء ، عن جابر بن عبد الله رفعه قال : " خمروا الآنية ، وأوكوا الأسقية ، وأجيفوا الأبواب ، واكفتوا صبيانكم عند المساء ، فإن للجن انتشارا وخطفة ، وأطفئوا المصابيح عند الرقاد ؛ فإن الفويسقة ربما اجترت الفتيلة فأحرقت أهل البيت " .

البخاري : حدثني إسحاق بن منصور ، أنا روح بن عبادة ، أنا ابن جريج ، أخبرني عطاء ، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : قال رسول الله - - : " إذا كان جنح الليل أو أمسيتم فكفوا صبيانكم ؛ فإن الشياطين تنتشر حينئذ ، فإذا ذهب ساعة من الليل فحلوهم ، وأغلقوا الأبواب ، واذكروا اسم الله ، فإن الشياطين لا تفتح بابا مغلقا ، و أوكوا قربكم ، واذكروا اسم الله ، وخمروا آنيتكم ، واذكروا اسم الله ، ولو أن تعرضوا عليه شيئا ، وأطفئوا مصابيحكم " .

ورى أبو بكر بن أبي شيبة هذا الحديث ، وقال فيه : " وأقلوا الخروج إذا هدأت الرجل ؛ فإن الله يبث من خلقه في ليله ما شاء " .

رواه عن عبد الأعلى ، عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث ، عن عطاء بن يسار ، عن جابر ، عن النبي - - .

مسلم : حدثنا أبو عامر الأشعري ، ثنا أبو أسامة ، عن بريد ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى قال : " احترق بيت على أهله بالمدينة من الليل ، فلما حدث رسول الله - - بشأنهم قال : إن هذه النار إنما هي عدو لكم ، فإذا نمتم فأطفئوها عنكم " .

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب قالوا : ثنا سفيان ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، عن النبي - - : " لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون " .

باب النهي عن ضرب وجه المسلم[عدل]

مسلم : حدثنا عبد الله بن مسلمة ، ثنا المغيرة - يعني : الحزامي - عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - - : " إذا قاتل أحدكم أخاه فليتجنب الوجه " .

حدثناه عمرو الناقد وزهير بن حرب قالا : ثنا سفيان بن عيينة ، عن أبي الزناد بهذا الإسناد ، وقال : " إذا ضرب أحدكم ... . " .

مسلم : حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري ، ثنا أبي ، ثنا شعبة ، عن قتادة سمع أبا أيوب يحدث ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " إذا قاتل أحدكم أخاه فلا يلطمن الوجه " .

مسلم : حدثنا نصر بن علي ، ثنا أبي ، ثنا المثنى .

وحدثني محمد بن حاتم ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن المثنى بن سعيد ، عن قتادة ، عن أبي أيوب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - وفي حديث ابن حاتم ، عن النبي - - : " إذا قاتل أحدكم أخاه فليتجنب الوجه ؛ فإن الله خلق آدم على صورته " .

المثنى بن سعيد ثقة ، وثقة أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو حاتم وأبو زرعة .

باب ما جاء في الذين يعذبون الناس[عدل]

مسلم : حدثنا أبو كريب ، ثنا أبو أسامة ، عن هشام ، عن أبيه ، قال : " مر هشام بن حكيم بن حزام على أناس من الأنباط بالشام قد أقيموا في الشمس فقال : ما شأنهم ؟ قال : حبسوا في الجزية . فقال هشام : أشهد لسمعت رسول الله يقول : إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا " .

باب ما جاء في اللعب بالنردشير[عدل]

مسلم : حدثنا زهير بن حرب ، ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه أن النبي - - قال : " من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لخم خنزير ودمه " .

أبو داود : حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي ، عن مالك ، عن موسى ابن ميسرة ، عن سعيد بن أبي هند ، عن أبي موسى أن رسول الله - - قال : " من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله " .

باب ما جاء في اللعب بالحمام[عدل]

أبو داود : حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا حماد ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة " أن رسول الله - - رأى رجلا يتبع حمامة ، فقال : شيطان يتبع شيطانة " .

تابعه محمد بن عبد الله ، عن محمد بن عمرو ، قال أبو بكر البزار : ولا نعلم أحدا أسنده ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة إلا حماد بن سلمة ومحمد بن عبد الله ، وخالفهما شريك فرواه عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة ، عن عائشة ، وغيرهم يرسله عن أبي سلمة عن عائشة .

باب ما جاء في الغناء واللهو[عدل]

النسائي : أخبرنا هارون بن عبد الله ، ثنا مكي بن إبراهيم ، ثنا الجعيد ، عن يزيد بن خصيفة ، عن السائب بن يزيد " أن امرأة جاءت إلى رسول الله - - فقال : يا عائشة ، تعرفين هذه ؟ قالت : لا يا نبي الله . قال : هذه قينة فلان ، تحبين أن تغنيك ؟ فغنتها ، فقال النبي - - : قد نفخ الشيطان في منخريها " .

الجعيد هو ابن عبد الرحمن بن أوس ثقة معروف مشهور روى عنه يحيى ابن سعيد القطان وحاتم بن إسماعيل ، وسليمان بن بلال والفضل بن موسى وغيرهم .

أبو داود : حدثنا مسدد ، ثنا بشر ، عن خالد بن ذكوان ، عن الربيع ابنة معوذ بن عفراء قالت : " جاء رسول الله - - فدخل علي صبيحة بني بي ، فجلس على فراشي كمجلسك ، فجعلت جويريات يضربن بدف لهن ، يندبن من قتل من آبائي يوم بدر إلى أن قالت إحداهن : وفينا نبي يعلم ما في الغد . فقال : دعي هذه وقولي التي كنت تقولين " .

الترمذي : حدثنا الحسين بن حريث ثنا علي بن الحسين بن واقد ، حدثني أبي ، حدثني عبد الله بن بريدة قال : سمعت بريدة يقول : " خرج رسول الله - - في بعض مغازيه فلما انصرف ، جاءت جارية سوداء ، فقالت : يا رسول الله ، إني كنت نذرت إن ردك الله صالحا أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى ، فقال لها رسول الله - - : إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا . فجعلت تضرب ، فدخل أبو بكر وهي تضرب ، ثم دخل علي وهي تضرب ، ثم دخل عثمان وهي تضرب ، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت استها ثم قعدت عليه ، فقال رسول الله - - : إن الشيطان ليخاف منك يا عمر ، إني كنت جالسا وهي تضرب ، فدخل أبو بكر وهي تضرب ، ثم دخل علي وهي تضرب ، ثم دخل عثمان وهي تضرب ، فلما دخلت أنت يا عمر ألقت الدف " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث بريدة ، وفي الباب عن عمر وعائشة .

أبو داود : حدثنا أحمد بن عبيد الله الغداني ، ثنا الوليد بن مسلم ، ثنا سعيد بن عبد العزيز ، عن سليمان بن موسى ، عن نافع قال : " سمع ابن عمر مزمارا قال : فوضع أصبعيه في أذنيه ونأى عن الطريق ، وقال : يا نافع ، هل تسمع شيئا ؟ قال : فقلت : لا . قال : فرفع أصبعيه من أذنيه وقال : كنت مع النبي - - فسمع مثل هذا ، فصنع مثل هذا " .

قال أبو داود : هذا حديث منكر . فيما ذكره اللؤلؤي عنه .

باب إباحة اللعب بالبنات للجواري[عدل]

مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى ، ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة " أنها كانت تلعب بالبنات عند رسول الله - - قالت : وكان يأتيني صواحبي فكن يتقمعن من رسول الله - - قالت : فكان رسول الله - - يسربهن إلي " .

النسائي : أخبرنا أحمد بن سعد بن الحكم ، ثنا عمي ، ثنا يحيى بن أيوب ، حدثني عمارة بن غزية ، أن محمد بن إبراهيم بن الحارث حدثه ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عائشة قالت : " قدم النبي - عليه السلام - من غزوة وقد نصبت على باب حجرتي عباءة ، وعلى عرض بيتها ستر أرميني ، فدخل البيت فلما رآه قال : ما لي يا عائشة وللدنيا . فهتك العرض حتى وقع بالأرض وفي سهوتها ستر ، فهبت ريح ، فكشفت ناحية عن بنات لعائشة لعب ، فقال : ما هذا يا عائشة ؟ قالت : بناتي . ورأى بين ظهرانيهن فرسا له جناحان من رقع ، قال : فما هذا الذي أرى وسطهن ؟ قالت : فرس . قال : وما هذا الذي علي ؟ قالت : جناحان . قال : فرس له جناحان ! قالت : أو ما سمعت أن لسليمان خيلا لها أجنحة . فضحك حتى بدت نواجذه " .

باب ما جاء من الشؤم في الدار والمرأة والفرس[عدل]

أبو داود : حدثنا القعنبي ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن حمزة وسالم ابني عبد الله بن عمر ، عن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله - - قال : " الشؤم في الدار والمرأة والفرس " .

أبو داود : حدثنا الحسن بن يحيى ، ثنا بشر بن عمر ، عن عكرمة بن عمار ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس بن مالك قال : " قال رجل : يا رسول الله ، إنا كنا في دار كثير فيها عددنا وكثير فيها أموالنا ، فتحولنا إلى دار أخرى ، فقل فيه عددنا ، وقلت فيها أموالنا ! فقال رسول الله - - : ذروها ذميمة " .

تم كتاب الأدب والحمد لله وحده . يتلوه كتاب التوبة إن شاء الله - تعالى .