قم غير معتذر ولا متثاقل

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

قمْ غيرَ معتذرٍ ولا متثاقلِ

​قمْ غيرَ معتذرٍ ولا متثاقلِ​ المؤلف مهيار الديلمي


قمْ غيرَ معتذرٍ ولا متثاقلِ
فاقصص معي أثر الخليطِ الزائلِ
واسمح بأحلى نومتيك لساهرٍ
شفعتْ أواخر ليله بأوائلِ
قلقِ الوسادِ يسوم بيعةَ غابن
من صبره ويرومُ نصرةَ خاذلِ
اركب وطاولْ فوق كورك علَّها
أن ترفعَ الأحداجُ المتطاولِ
وإذا لحقتَ وقصَّرتْ بي ناقتي
والثّقل ما بي ما يقصِّر حاملي
فقل السلامُ ومن تباريح الجوى
بعثُ القتيلِ تحيةً للقاتلِ
ومن الغوارب في الخدور مسلَّط
تمضي قضيَّته وليس بعادلِ
لقنَ النفارَ من الغزالة واحتذى
ليَّ العهودِ من القضيبِ المائلِ
وجد القضاء وطال عمرُ مطالهِ
أنّ البلية بالمليِّ الماطلِ
يا سعدُ أحرزها يداً مذخورةً
تولي أخاً قمناً بشكر النائلِ
إن كنتَ فاتك يومَ رامةَ نصرتي
فتغنَّم الأخرى ببرقِ عاقلِ
ما قام عنك المجدُ أن خلّيتني
والدمعَ أن أسلمتني للعاذلِ
ولقد رأيتَ فهل رأيتَ كموقفٍ
بالعنفِ يلبسُ حقُّه بالباطلِ
وعلى النقا من خالفاتِ مها النقا
بمؤزَّرٍ فعمٍ وخصرٍ جائلِ
ودّعننا بمخضَّباتٍ وقعها
وقعُ السهام تموَّهتْ بأناملِ
نصلَ الشبابُ ولات حينَ أوانهِ
حسدا لهنَّ على الخضابِ الناصلِ
وصددنَ إلاَّ نظرةً من خالسٍ
تذكي الجوى أو لفتةً منقابلِ
وأما وما استودعنَ غيرَ حوافظٍ
يومَ الفراقِ وقلنَ غيرَ فواعلِ
وحديثهنَّ فإنّه بلَّ الصدى
إن بلَّه ماءُ السحابِ الهاطلِ
لقد انتأين فما سعيتُ لهاجرٍ
حفظا لهنّ ولا أويتُ لواصلِ
أعلى الوفاءِ بكلِّ فيك تلومني
يا بعدَ صوتكِ قائلا من قائلِ
ومن التجشُّم أن ترومَ بحطّة
تقضى وقد فتلَ الحفاظُ حبائلي
ولهذه الخضراءُ تنقلُ شهبها
أدنى عليك من انتقاص فضائلي
أنا من علمتَ قديمه وحديثه
علمَ اليقينِ وإن جهلتَ فسائلِ
قومي الملوكُ وخيمُ نفسي خيمها
أفلحْ بمثل أواخري وأوائلي
ما ضرَّ عيصى في أرومةِ فارسٍ
ألاّ يكونَ بخندفٍ أو وائلِ
نحن الولاة العادلون ولم تزل
آثارنا حَلىَ الزمانِ العاطلِ
ذدنا فمذ عدمَ الأنامُ رعاءنا
عدتِ الذئابُ على السَّوامِ الهاملِ
عمرت بنا الدنيا ففضَّةُ عذرها
فينا وعمرُ شبابها المتخايلِ
تتبسّم التيجانُ فوق رءوسنا
عن كلّ وضَّاح الجبينِ حلاحلِ
كالبدر يأذنُ للسلامِ فإن سطا
ليثَ السلاحُ بوجهِ أشوسَ باسلِ
من عدَّ نفسا فخره وقبيله
فلنا أثارةُ فخره المتقابلِ
وعلى بقيّتنا طلاوةُ سؤددٍ
تهدي لعينك فائتا من حاصلِ
فإذا الخصوم تجادلوا في مجدهم
ظهرت دلالةُ مجدنا في كاملِ
ذا الروضُ من ذاك الغمامِ المنجلي
والنُّورُ من ذاك الشهاب الآفلِ
وإذا عدمتَ الشمسَ فاقض لنورها
بمشابهٍ للبدرِ أو بمخايلِ
حملَ المكارمَ عنهمُ فوفى بها
عبلَ الذراعِ متينَ حبلِ الكاهلِ
يقظان تسهره الحقوقُ إذا دجا
ليلُ العقوقِ على جفونِ الباخلِ
عرفَ الزمانَ فلم يدعْ في يومه
من عاجلٍ مستظهرا للآجلِ
تجري خلائقه على أعراقه
وعلى الأنابيبِ اعتمادُ العاملِ
ويسئ ظنّاً باللُّها ما لم يجد
فيها إصابةَ حسنِ ظنِّ الآملِ
نشر المروءةَ بعد أن نسيَ اسمها
طيّاً نوّه بالسماح الخاملِ
ملك المدى فجرى بغير مراسلٍ
وحوى الندى فسقى بغير مساجلِ
ووفى فقيل أبو الوفاء وربما
تقع الكنى صفةً لمعنىً حائلِ
فإذا طرقت فليلُ ضيفٍ شاكرٍ
وإذا استجرت فيومُ أمنٍ شاملِ
وإذا تحدَّث بشره بنواله
عرفَ الخريرُ أمامَ وادٍ سائلِ
شربتْ خلائقه فبين مجدَّلٍ
سكرانَ أو ثملٍ بها متمايلِ
فكأنَّ صرفَ شمولةٍ مسكوبةٍ
في الكأس من خلقٍ له وشمائلِ
حمل الرياسةَ ناهضا بشروطها
وهي الثقيلة في فقارِ الحاملِ
ما كان لما ساد حجّةَ ملحدٍ
غضبانَ في جور القضاء مجادلِ
لم تأتِ نعمته برزقٍ غالطٍ
ضلَّ الطريقَ ولا بحظٍّ جاهلِ
لكنها نزلتْ بساحةِ شاكرٍ
لم يألُ معرفةً لحقِّ النازلِ
أقلامك ارتجعتْ بواسط دولةً
طردتْ بوخزِ أسنةٍ ومناصلِ
نشلت برأيك من براثنِ ضيغمٍ
تفري الشَّوى أنيابه بمعابلِ
طيَّانَ لم يسمعْ لهتفةِ زاجرٍ
يوما ولم يخشعْ لصيحةِ ثاكلِ
كانت كقابِ يمينهِ فرددتها
أختَ المجرَّة من يد المتناولِ
سلُّوا سعودك دونها فتراجعت
عنها السيوفُ وما حظينَ بطائلِ
كم بين ذلك من لواءٍ ناكسٍ
لولاك عزَّ ومن حسامٍ ناكلِ
حسدَ الرجالُ علاك فازددْ يزددوا
واعذر فلم يحسدك غيرُ العاقلِ
حملوا وبانَ بك السماحُ وربّما
سكتَ الفتى والصوتُ صوتُ النائلِ
جعلوا البلادَ ذخيرةٍ للمقتني
وجعلتَ مالك طعمةً للآكلِ
شمختْ يدُ المعطي وتاهَ بأنفهِ
عجبَ المنيل وزهوَ نفس الباذلِ
وألنتَ جنبك للعفاة تواضعا
حتى كأنك سائلٌ للسائلِ
أنا من سكنتَ فؤاده متخلِّياً
فسكنتَ في وطنٍ بحبك آهلِ
وملكته بمودّةٍ لم تكتسبْ
بفرائضٍ في الجودِ أو بنوافلِ
ودعوته فأجابَ ربُّ نوافرٍ
وحشٍ صوادفَ عن سواك عوادلِ
لم يجره طمعٌ ولم تقدمْ به
حرصا على جدواك أوبةُ قافلِ
إلا هوى القربى ورعيُ وشائجٍ
بيني وبينك أحكمتْ ووصائلِ
وإذا وصفتك فهو وصفُ محاسني
وإذا مدحتك فهو مدحُ قبائلي
وأحقُّ من صغتُ الثناءَ لجيدهِ
من ليس إن لبسَ الحليَّ بعاطلِ
والشعرُ عندك من أقلِّ ذرائعي
فيما أروم ومن أدقّ وسائلي
ولقد ذعرتُ عن الرجال سوامهُ
ورفعته عن كلِّ بيتٍ نازلِ
ومنعته منعَ الغيورِ بناتهُ
من أن أدنِّس صونه بمباذلِ
وأثرتُ جوهرَ بحره متعمِّقا
والناسُ يحتشُّون فوق الساحلِ
فاسمع لحظِّك منه وانبذْ غيرهُ
وإذا سمعتَ فقسْ عليهِ وماثلِ
ولقد مدحتُ فكنتُ أصدقَ قائلٍ
وفعلتَ أنتَ فكنتَ أكرمَ فاعلِ
ولعلّ مجدك أن يغارَ فأكتفي
بك معشباً عن كلّ وادٍ ذابلِ
ولعلّ كفَّك أن يفيضَ غديرها
فأعزَّ عن نطفٍ لهم ووشائلِ
كم من كرامٍ ليس مثلك فيهمُ
قد أسمنوا تحت الجدوبِ هواملي
وتحمّلوا متخفِّفين بحملها
كلفي على أيدٍ عليّ ثقائلِ
وإخالُ أنك سالكٌ بي سبلهمُ
وغدت بصدقٍ في الرجالِ مخايلي
صبحتك بالنَّيروز غرّةُ قادمٍ
حملَ التحيّةَ من حبيبٍ واصلِ
يومٌ أحبَّ حضورَ أنديةِ الندى
فأتاك في وفد الثناءِ الحافلِ
يدلي إليك بفضلهِ في فارسٍ
وبحقّه المتقادم المتطاولِ
ويُذمُّ فيك بألفِ يومٍ مثلهِ
في العزّ يشهدُ عامها بالقابلِ
أعداه جودك فاحتبى يصف الحيا
والعشبَ للبلد الجديبِ الماحلِ
سبقَ الربيعَ فكان أيمنَ رائدٍ
وحكى الصلاحَ فكان أصدقَ ناقلِ
وافاك مقتبلا جديدا كاسمهِ
فالبسه والقَ به السُّعودَ وقابلِ
واطوِ الزمانَ مساوقا أيامه
في نعمةٍ فضلٍ وعيشٍ غافلِ