انتقل إلى المحتوى

قدمت كالسيف إلى غمده

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

قدمت كالسيف إلى غمده

​قدمت كالسيف إلى غمده​ المؤلف ابن نباتة المصري


قدمت كالسيف إلى غمده
واليمن موقوف على حده
قد أثرت فيك ليالي السرى
ما أثر السيف بإفرنده
وعدت مشكور الثنا والسنا
كذاك عودُ البدر في سعده
لله ما أسعدها طلعةً
يجيبها الوابل من مهده
نعم وما أيمنها عزمة
سلمها الرأي إلى رشده
عزم فتى صورة أخلاصه
في البرّ قد أفضت الى حمده
ماضرَّ ركباً كان بدراً له
أن لا يراعي النجم في قصده
كأنني أبصر بين الفلا
حماهُ يستدعي إلى رفده
مخيماً تنثر ألطافه
نثر سقيطِ الوبلِ من عقده
يستمسك العافي باطنابه
فليسَ يحتاجُ الى وده
و ماجد حث ركاب السرى
حث الرجا الساري الى قصده
أهلة تحمل بدر العلى
لله ما تحملُ من مجده
هوادج تحملها من سرى
فواقع الآل على مده
حتى قضيت النسك من بعدما
قضيت نسك الجود في وفده
يرنو اليك الحجر المجتلى
ياأيها العين بمسوده
أعظم به من حجر للهدى
كأنه خالٌ على خده
هذا وفي جلق وجد عشت
طوارق الحزن الى وقده
هانَ حماها منذ فارقته
ما أهون الغاب بلا أسده
و مزق الروض بها كلّ ما
حاكت خيوط الودق من برده
شوقاً إلى مرتحل أقسمت
لا تبسم الأزهار من بعده
فالعام مثل اليوم في قربه
واليوم مثل العام في بعده
حتى اذا عاد إلى صرحها
قام الى الغصن على قده
و أقبلت تلثم آثاره
تلك الشفاه الحمر عن ورده
أبلج مارد إليها الحيا
الا بشمّ الآس في رده
ليثٌ وغيثٌ في سطاً أو لهاً
فاحذره يا طالب واستجده
يروق مثل السيف في صفحه
وربما راعك في حده
فالأمن كل الأمن في لينه
والخوف كل الخوف في شده
مهابة الزهد وعزّ التقى
قد كفيا الواحد في جنده
تغفيه في الليل سهام الدجى
وأنصل الادمع عن حشده
لا يطمع الطالبُ في شأوهِ
وانما يطمعُ في رفده
رفد أراد الغيثُ تشبيهه
فعد ذاك الفعل من برده
يعطي ويملينا معني الثنا
فالمدح والإرفاد من عنده
حقاً لقد أنجبتمو يا بني
شيبانَ في المجد وفي ولده
مناسبٌ غرٌّ لها رونقٌ
أبصرت عقد الدرّ في نضده
أواخر نمّ بها أولٌ
ومجمع لم يغن عن فرده
كما تلا التنزيل مستقبل المح
راب والاتمام في حمده
سجاهُ حبّ العفوِ حتى لقد
كاد الفتى يذنب عن عمده
و مرّ في المجد إلى غايةٍ
ما حظّ حاكيها سوى كدّه
ذو قلم يجني الغنى والقنا
من سمه الجاري ومن شهده
يقدح في أفق العلى زنده
وليس من يقدح في زنده
يا سيدا إن أشكُ دهراً له
كأنما أشكو أذى عبده
ماذا جنى بعدك من صرفه
لنازح أوحشَ من فقده
حتى اذا هبّ نسيمُ اللقا
قام الرجا يستنّ من لحده
أهلاً بفياضِ الندى لم يقل
مادحه أحسن من ضده
الهى قريضي عن غزالِ النقا
تغزلاً فيه وعن هنده
فلم أصف من طاح من أجلها
وأجله قلبيَ في وجده
أغيد ذو ردف وخصر فكم
في غوره أصبو وفي نجده
يجرح أجفاني وأرنو له
كأنني أقتص من خده
يا ليته لي بالجفا موعداً
لانه يكذبُ في وعده
و غادة مذ عقدت صدغها
ما خرج العاشق عن عقده
كأنها إذ خضبت غيّبت
في دمعيَ الكفّ الى زنده
دع ذا وعد للقول في معشرٍ
غرٍّ وفي غيرهم عده
لولا بنو العطار لم ينتشق
عرف ندى يربو على نده
لا توحش العلياء من نسلهم
ولا ترى الشنعاء من فقده
يكاد سفرٌ ضمّ أخبارهم
من طربٍ يخرج من جلده