انتقل إلى المحتوى

عيد يعود كعود عرفك دائما

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

عيدٌ يعود كعود عُرفك دائماً

​عيدٌ يعود كعود عُرفك دائماً​ المؤلف ابن الرومي


عيدٌ يعود كعود عُرفك دائماً
نلقاك فيه مثلُ عرضك سالما
تُعطي فيهدم جودُ كفك ثروةً
وتشيد أنت معالياً ومكارما
ولعلَّ ماتلقي لمجدٍ بانيا
إلا امرءاً أضحى لمالٍ هادما
وجرت ظباؤك للوَلى أَيامنا
سُنُح الوجوه وللعدو أشائما
وطرفْتَ عيناً لاتزال لها قذى
ووطئت أنفاً من حسودك راغما
ورأت أبا العباس عينُك بالغاً
ماقد بلغتَ مُحارباً ومُسالماً
وأخاه هارون الذي أضحى له
في الصالحات مُشاكلاً وملائما
أخوان أيهما بلوتَ وجدْتَه
في كل نائبة مفيداً عاصما
وإذا هما عند الفعال تَباريا
فكأنما باري ابنُ مامةَ حاتما
الأحسنَين ظِهارةً وبِطانةً
والأطْيبين مَشارباً ومَطاعما
الألينين مَلامساً ومعاطفاً
والأصلبين مَغامِزاً ومعاجما
نلقى أبا العباس بدراً طالعاً
وشقيقَه هارون نَجماً ناجما
وأباهُما شمسا تُمدُّ بنورها
نوريهما أبداً مِداداً دائما
وشقيقةٍ قالت أراه مُفكراً
حتى أراه من السكينة نائما
فأجبتُها إني امرؤٌ هيامَةٌ
في كل وادٍ ما أُفيقَ هَماهِما
أُمسي وأصبحُ للشوارِد طالباً
بهواجسٍ حول الأوابد حائما
متوخياً حظي بذاك مؤدياً
فرضاً لخيرِ الطاهريّة لازما
ملكٌ يُطيع الجودَ في أمواله
عند السؤالِ ولا يُطيع اللائما
مازال يحبوني الجزيلَ وإنما
أحبوه مدحي صادقاً لازاعما
ومتى يقوم بحق مدحك شاعرٌ
حتى يُرى في كلِّ وادٍ هائما
يابنَ الأُلى لم يوجَدوا إلا وهُمْ
عظماءُ دهرٍ يدفعون عظائما
وابنَ الأُلى لم يعدُ دهرٌ طورَه
إلا غدوا خُطماً له وخزائما
الناكلين عن المآثِم والخنا
والنافذين بصائراً وعزائما
أعني عبيد اللَّه خيرَ عبيده
إلا أئمتنا العظامَ جراثما
يامَنْ يُحِبّ المجدَ حبّاً صادقاً
ويرى مغارمَه الثقالَ مغانما
يامن إذا كًسَى المديحَ معاشِر
حلياً لهم كُسي المديح تمائما
عُوذاً لأخلاق وخَلْقٍ أصبحا
في الحُسن أمثالاً لنا ومعالما
عجباً لمن نسي العواقبَ جوده
نسيانَ جودِك كيف يُدعى حازما
ولمن عفا عمن هفا متمادياً
يوما كعفوك كيف يُدعى صارما
ولمن سَقَى مُهجَ النفوسِ سيوفَهُ
عللا كسقيك كيفَ يُدعَى راحما
ولمن حمى الدنيا حمايتكَ التي
شَهرتْك كيف يُعدُّ غيثاً ساجما
لكنك الرجل الذي لم نَلْقَه
إلا على سنن المحجة قائما
تأتي الأمورَ وتتقي إتيانها
طَبَّاً بما تأتي وتترك عالما
تعطي وتمنع ما اعتديتَ وتارةً
تعفو وتبطشُ مُنصفاً لاظالما
لم تَقْرِ إبهاميك فاك ندامةً
يوماً إذا عضّ الرجالُ أباهما
كم قد عفوْتَ فما أبحْتَ محارما
بلْ كم بطشْتَ فما انتهكت محارما
كم قد منحْتَ فما أضعْت منيحةً
بل كم منعتَ مُحامياً لاحارما
يا آل طاهر المُطهَّر كاسمه
لاتعدموا نعماً ترف نواعما
قد قلتُ للمتكلّفي مَسعاتِكم
إن الخوافي لن تكون قوادما
سُدتم فكنتم للوجوه معاطساً
شُمّا وكنتم للرؤوس جماجما
فإذا وُزنتم بالأباعدِ منكُم
كنتم ذُراً والآخرون مَناسما