انتقل إلى المحتوى

عليك سلام ماريانا ورحمة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

عليك سلام ماريانا ورحمة

​عليك سلام ماريانا ورحمة​ المؤلف جبران خليل جبران


عليك سلام ماريانا ورحمة
بها العفو يهمي والمبرات تهمر
وسقيا لأرض بات قبلك طيها
أخوك ورعيا لاسمه حين يذكر
إذا ما تولت ماريانا فقد هوى
من الحلم صرح كان بالعلم يعمر
عزيزة قوم لم يكن في جهارها
وفي سرها إلا شمائل تشكر
تصدت لما يعي الفطاحل دونه
وكم دون أمر يعجز المتصدر
فقد ظاهرت في نهضة العصر جنسها
لترفعه والخفض ما الدهر يضمر
فعاقبها الجاني على كل مصلح
يقدم عن ميقاته ما يؤخر
تنكر من عرف لها وكدأبه
لكل مجد حالة يتنكر
فتلك التي كانت أديبة جيلها
وكان لها النظم البديع المحرر
دعتها جديدات الليالي فأنشأت
تقول جديدا غير ما الناس تأثر
ووفق السماعي الحبيب شذوذه
وفوق القياسي الذي العرف يؤثر
مخالفة كل الضروب التي جرى
عليها اصلطلاح فهي أسنى وأشعر
ولا بدع إن غابت علينا رموزها
وإن فاق ما تعنيه ما نتصور
فقد تسمع الركز الذي لا نحسه
وقد تجتلي في الغيب ما ليس نبصر
على أن وحيا ذاك من علو جاءها
يبشر أيقاظ النفوس وينذر
وما تدرك الألباب من حل معضل
إذا حاجت الأقدار فيما تقدر
أراعك لألاء المنارة في الدجى
إذ الفلك وثب بالعلى وتحدر
وإذ ينجلي نبراسها ثم يختفي
فآنا له زهو وآنا يكور
أشعته بسطا فقبضا كأنها
مراسي نجاة ترتمي وتجرر
تعاقب ألوانا ولولا اختلافها
لراجي الهدى لم يهتد المتنور
سليم بها المصباح صفو ضياؤها
وما يعتري غير الزجاج التغير
كذاك أتمت ماريانا حياتها
وفي شأنها رشد لمن يتبصر
فلما قضت دال الظلام من السنى
أجل دال حينا لكن النور يثأر
فبينا خبت تلك المنارة في الثرى
إذا هي نجم في السماوات يزهر