انتقل إلى المحتوى

على كل حال جانب الحق أمنع

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

على كلِّ حالٍ جانبَ الحقِّ أمنعُ

​على كلِّ حالٍ جانبَ الحقِّ أمنعُ​ المؤلف مهيار الديلمي


على كلِّ حالٍ جانبَ الحقِّ أمنعُ
وكسبُ القتى بالعزِّ أولى وأمتعُ
ويصعبُ أحياناًُ وينتظرِ الغنى
فيأتي ولمْ يخضعْ لهُ وهو طيِّعُ
ولا تتركُ الحرَّ الأبيَّ طباعهُ
لتخطئهُ والذِلُّ ثمَّ التَّطبُّعُ
سقى اللهُ مرَّ الحزمِ يعرفُ نفسهُ
إلى أينَ ما يجري وإلى أينَ ينزعُ
إذا بذلََ الحرصُ الكرائمَ صانها
وغالى بها إنَّ الرَّخيصَ مضيَّعُ
يلومونَ نصلاً كيفَ يزهي بحدِّهِ
ولا يعلمونَ الهندَ منْ أينَ تطبعُ
دعوهُ مصونَ الماءِ يأكلُ غمدهُ
إذا كانَ في أيمانكمْ ليسَ يقطعُ
وجرُّوا القنا الخوَّارَ فاطردوا بهِ
مخادعةً ما دامَ في الحربِ مخدعُ
أألآنَ لمَّا أن تفاقمَ داؤها
تبيَّنتمُ أيَّ العلاجينِ أنفعُ
فقدْ علمًَ الصمصامُ أنَّ مصيركمْ
إليهِ إذا التفتْ رقابٌ وأذرعُ
أضعتمْ أموراً باعتزالِ محمَّدٍ
فلمَّا مضتْ قلتمْ لهُ كيفَ ترجعُ
إذا كانَ في الأولى التَّجاربُ قبلها
لمطَّلعٌ في آخرِ الأمرِ مقنعُ
بعثتمْ لها الحاوي المدرَّبَ فانظروا
وشيكاً إلى صمَّائها كيفَ تسمعُ
لقامَ بها منْ لمْ يكنْ طالباً لها
يدافعُ قومٌ دونها وهو يدفعُ
فتىً لمْ تفدهِ رفعةٌ منْ حطيطةٍ
وبعضُ الرِّجالِ بالولايةِ يرفعُ
لئنْ أخلفتْ فيها الولاةُ وعودكمْ
لقدْ جازها منْ وعدهِ الصِّدقُ أجمعُ
وإنْ خانَ عاميها الرَّبيعُ فإنَّها
بماءِ يديهِ الآنَ في القيظِ تربعُ
رحيبُ نواحي الصَّدرِ يفضلُ باعهُ
ذراعاً إذا ضاقتْ صدورٌ وأضلعُ
وقورُ الاناةِ ضاحكٌ كما بكى
على الأمرِ في إدبارهِ المتسرِّعُ
وجدتمْ بهِ الرأيَّ المبيَّتَ ناصحاً
لكمْ وبديهُ الرأيَ آلٌ مشعشعُ
وجربتمْ من قبلهِ ومحمَّدٌ
أحدُّ وهزاتُ الهمانيِّ أقطعُ
فذاكَ مغطِّي العجزَ بالحظِّ غالطٌ
بهِ الدَّهرُ مصنوعَ الرِّياسةِ مبدعُ
نفورٌ زجاجيُّ الإباءِ شفيفهُ
يكادُ بأولى غمزةٍ يتصدَّعُ
إذا ما أصابَ أرتابَ مما تعوَّدَ ال
خطاءَ فيرعى الامنَ وهو مروَّعُ
فأنْ ساءهُ في نفسهِ العجزُ سرَّهُ اغ
تيابكَ والنُّقصانِ بالفضلِ مولعُ
لئنْ قعدتْ منْ لؤمهِ أربعٌ بهِ
لقدْ نهضتْ أضدادها بكَ أربعُ
تفيضُ إذا أصفى وتعفو إذا هفا
وتصمى إذا أشوى وتعطي ويمنعُ
سقى الكوفةَ البيضاءَ ما سرَّ جدبها
بكفَّيكَ فيَّاضُ الجداولِ مترعُ
أبعدَ أزورارِ العيشِ بالأمسِ بعدها
غدتْ وهي مرعىً للعفاةِ ومنجعُ
وأسعدَ بغداداً على ما أظلَّها
منَ الشَّوقِ جفنٌ كلَّما جفَّ يدمعُ
أعدتَ لدارٍ موضعِ الأنسِ قاطناً
وأوحشتَ أخرى لا خلا منكَ موضعُ
وأخَّرني يومَ أنطلاقكَ أنْ أرى
على جمراتِ البينِ فيمنْ يشيّعُ
فؤادٌ إذا قيلَ الفراقُ تسابقتْ
حقوقاً أواخي صبرهُ تقطَّعُ
وجدتُ صليبَ العودِ في كلِّ حادثٍ
ولكنَّني الخوَّارُ يومَ أودِّعُ
فمعذرةً أنَّ المفارقَ حافظٌ
هواكَ ومثني الخيرِ بعدكَ مصقعُ
وسمعاً على بعدِ المزارِ وقربهِ
لسيَّارةٍ فيكمْ تحطُّ وترفعُ
إذا أبتمُ سرَّتْ وإذا بنتمْ سرتْ
وراءكمُ تقفو علاكمْ وتتبعُ
وقدْ كانَ بخلُ النَّاسِ باليأسِ صانها
فعلَّمها تأميلكمْ كيفَ تطمعُ
لها سابقاتٌ كونها في زمامكمْ
ضمانٌ وعهدٌ عندكمْ لا يضيَّعُ
ولانَ لها دهرٌ فما كلَّفتكمُ
وقدْ ضيَّقَ الآنَ الزَّمانَ فوسِّعوا
لئنْ حلِّئتْ فاستحلبتكمْ صوادياً
لقدْ أنظرتكمْ برهةً وهي نزَّعُ
دعوها تردْ أورادها منْ حياضكمْ
ولا تدفعوها والغرائبُ تكرعُ
إليكَ وقدْ عيَّا الخطيبُ أخو العصا
وخامَ عنِ النُّصحِ الكميُّ المقنعُ
رغبتُ بها عنْ ناصلِ الودِّ قلبهُ
خبيثٌ وإنْ طابَ اللِّسانُ المصنَّعُ
يريني بفرطِ البشرِ أنِّي قسيمهُ
وشافعهُ مما يضرُّ وينفعُ
وقدْ كذبَ الإنسانُ في أنَّهُ أخي
دعيٌّ يراني جائعاً وهو يشبعُ
إذا قمتُ أشكو عندَ الدَّهرِ ذمَّهُ
وإيِّاهُ أعني ما أقولُ وأسمعُ