عبقرية عمر (المكتبة العصرية)/عمر والصحابة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
عبقرية عمر
 المؤلف عباس العقاد
عمر والصحابة



عمر والصحابة


بایع عمر فبطل الخلاف الا ما لا خطر فيه ر فبطل الخلاف الا ما لا خطر فيه وقد تواترت أقوال الصحابة في عمر بما يشيد بفضله ويشهد بقدره ويكبر في أعين الناس أكبر من تقال فيه .. لأن الذين قالوها أناس لهم حلوم"راجحة ، وألسنة صادقة ، وعقيدة راسخة ، وقلوب لا تهاب أن تقول الحق في انسان ، ولكن الشهادتين اللتين شهد بهما الواقع أدل على قدر عمر بين الصحابة من كل ما قيل . لأن شهادة الواقع الشهادة التي يقولها الصادق باختياره، ويحاول الكاذب أن يكذب فيها فلا يستطيع ، وانما يجوز الصدق والكذب فيما يملكه اللسان أو يسلكه الشعور ، أما الشهادة التي تعبر عن نفسها بلغة الواقع ، فهي قائمة وراء كلام الألسنة ومن وراء هوى النفوس : انكارها كانکار المحسوس الذي تقع عليه الأيدي ، ولا تغمض عنه العيون وقد انتهت مسألة الخلافة بعد النبي بسلام ولكن انتهاءها بسلام لا يعني انها كانت ستنتهي وحدها بسلام على أيه حال ، ولا يعني أنها انتهت لأنها من المسائل التي يؤمن فيها الخطر وتمتنع فيها الفتنة . اذ الحقيقة أن انتهاءها على هذا النحو قد كان أعجوبة من أعاجيب التاريخ ، مع ما يحيط بها من دواعي النزاع، و من كوامن القلق والخوف على غير سابقة يستقيم بها العرف وتضح بها معالم الطريق فما هو الا أن لحق النبي بالرفيق الأعلى حتى تخفزت دواعي النزاع كل فج، وتكشفت کوامن القلق والخوف من كل مكمن ، وجهل علم الناس كيف تنجلي الغاشية ويستقر القرار . (۱) جمع حلسم ، والحلم : العقل والاثاة ، والمراد هنا: العقول (۲) : الطريق الواسع بين جبلين y . 6 من لم تراجع: جديدة ۱۷.. 6 ale - = فالأنصار يقولون انهم أحق بالخلافة من المهاجرين ، لأنهم كثرة والمهاجرون قلة ، ولأنهم في ديارهم والمهاجرون طارئون عليهم ، ولأنهم جميعا عرب مسلمون ولهم فضل التأييد والايواء والمهاجرون على قلتهم عير متفقين على اتفاق ينعقد به الإجماع ، وحجتهم الغالبة انهم السابقون الى الاسلام ومنهم جلة الصحابة الاونين وتسايرت الأحاديث بحق آل البيت النبوي في الخلافة النبوية ، وبين آله رجلان هما: على والعباس .. لو أصفيا الى هذه الدعوة ومضيا فيها التمخضت عن خطب عظيم وكأن هذه العصبيات لم تكف دعاة الخلاف حتى جاء أبو سفيان يزيدها عصبية أخرى بالمفاخرة بين أكبر القبائل وأصغرها في قريش . فدخل على عليه والعباس يثيرهما ويعرض عليهما النجدة والمعونة ، وهيب بعلي باسمه . ثم بالعباس باسمه : « یا على !.. وأنت يا عباس !.. ما بال هذا الأمر في أذل قبيلة من قريش وأقلها .. والله لو شئت لأملانها يعني أبا بكر - خیلا رجلا وآخذنها عليه أقطارها ) فيجيبه على بما هو أهله : « لا والله لا أريد أن تملأها عليه خيلا ورجلا ، ولولا أننا رأينا أبا بكر لذلك أهلا ما خليناه واياها »، ثم يبلغ به کرم النحيزة أن يؤنب أبا سفيان من طرف خفي على سعيه في هذه العصبية فيقول : « يا أبا سفيان !.. ان المؤمنين قوم نصحة بعضهم لبعض ، وان المنافقين قوم بعضهم لبعض ، متخاونون وان قربت ديارهم وأبدانهم ولم تكن هذه العصبيات كل ما هنالك من دواعي النزاع وكوامن القلق والخوف . فقد كان هنالك منافقون أسلموا وهم راغمون، وكان هنالك ضعفاء من المسلمين يقفون على شفير من الفتنة لا يلبث أن مضطرب تحت أقدامهم حتى ينهار ، وكان هنالك أناس لا ينصرون ولا يخذلون ، فهم ان لم يفسدوا في الأرض لا يصلحون وبين هذه المخاوف والنوازع تنتهي مسألة الخلافة بسلام فيكون (1) : أتي بها (۲) : أي الطبيعة • (۳) : کارهون . (4) شفر الشي وشفيره : حده ، وناحية الوادي من أعلاه

! (۳) 6 ۲۷۱ من عمر انتهاؤها بسلام أعجوبة الأعاجيب . وتبحث عن سر هذه الأعجوبة أو عن سرها الأكبر فيغنيك فيها أن تذكر اسما واحدا هو اسم = عمر بن الخطاب الى أين كانت تلك الفتنة ذاهبة لو لم يقف في وجهها عمر وقفته المرهوبة السقيفة 4 سؤال يدلك على سر تلك العجيبة قبل كل جواب .. فما عثرف رأی في البيعة حتى بطل الخلاف الا ما لا خطر له . واطمان من يوافق ، وعلم يخالف أن خلافه لا ينفعه واجتمعت كلمة على مبايعة أبي بكر أوشكت أن تكون كلمات قال أبو بكر لعمر : أبسط يدك نبايع لك قال عمر

أنت أفضل منی

قال أبو بكر : أنت أقوى مني قال

ان قوتي لك فضلك . لا ينبغي لأحد بعد رسول الله

صلى الله عليه وسلم أن يكون فوقك يا أبا بكر ، أنت صاحب الغار مع رسول الله ، وثاني اثنين ، وأمرك رسول الله حين اشتكي فصلت بالناس ، فأنت أحق الناس بهذا الأمر ووثب فأخذ بيد أبي بكر . فتوانب الجمع علية المحاية يبتدرون البيعة ، ثم كان الغد فجلس أبو بكر على المنبر وتكلم عبر بين يديه يقول للناس : « أن الله قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وثاني اثنين اذ هما في الغار ، وأولى الناس بأموركم ، فقوموا فبايعوا » فكانت البيعة العامة ، وتركت شجرة الخلاف لجفاف ، فان لم تذبل الساعتها فهي وشيكة ذبول بایع عمر قطعت جهيزة قول كل خطيب وذلك قدر عمر عند الصحابة ، وقدره عند أبي بكر ، وقدره عند الله ، تغني شهادة السرائر فيه عن شهادة كل كلام وفي تلك الكلمات الموجزات التي تبادلها الصديقان العظيمان خلاصة (۱) بدر إلى الشيء : أسرع • (۲) مثل عربي نصه : قطعت جهیزة قول كل خطيب ، ويضرب للبت في الأمر ، كتر فيه الرأي ، ودار حوله الخلاف، وجهيزة : اسم امرأة من عمر 6

و

(T) 1 + ۱۷۲ عمر

انك أفضل منی الك فضلك . قوة عمر عمري ? . تقد الناقدین و بحث الباحثين وحكم التاريخ في أبي بكر وعمر ، وفي موقفه الخلافة من بدايته الى منتهاه قال وقال أبو بكر : انك أقوی منی وقال عمر : آن قوتی صدقا غاية الصدق ، وجاملا غاية المجاملة ، وقضيا بالعدل والحكمة والاخاء . وتركا التاريخ يقول ما يقول ويسهب ما يسهبه ، ثم لا يزيد في فحواه كلمة على ما ضمنته تلك الكلمات الموجزات ولقد كان من أنه كان يراجع أبا بكر في خلافته حتى يرجع عن رأيه ، وكان من فضل أبي بكر أنهم يسألونه مستثيرين : والله ما ندری أنت الخليفة أم .. فيقول : هو لو كان شاء ! .. وكان فضل أبي بكر وقوة عمر جمعا لا يشذ عنه مكابر . ومن شن عنه فما له من فضل ولا قوة ينفعانه بل كان الرجلان على اختلافهما في المزاج كأنهما رجل واحد يراجع تفسيه بين الرأيين المختلفين ، حتى يستقر على أحدهما فاذا رأی لا خلاف فيه ، لأنهما يصدران عن عقيدة واحدة ويتجهان الى غرض واحد. فهما غير مفترقين الى أمد طويل وأعجوبة الاعاجيب في هذا الأمر موقف الرجلين من التي واجهتهما معا بعد موت النبي بأيام قلائل وهي مشكلة الردة ونكوص العرب عن أحكام الدين ، وحيرة الصحابة الكبار فيما يعامل به المرتدون وليس العجب أن يختلف أبو بكر وعمر في مشكلة كبيرة أو صغيرة ، وانما العجب هو نوع هذا الخلاف الذي لم يتوقعه أحد . فيخالف أبو بكر لأنه يجني الى الشدة والصلابة ، ويخالف عمر لأنه يجنح إلى اللين والهوادة .. ثم يلتفيان ولا يتعارضان فأبو بكر بأبي الا أن يحارب الدين منعوا الزكاة ويقول مصرا على هو . المشكلة الكبرى (۱) (1) أي رجوع (۲) يجنح: يميل ويشارك عمر فاذا قوله : ( والله لو منعوني عناقا ) لقاتلتهم على منعها ) وعمر يقول له : « کیف تقاتلهم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله ، فمن قالها فقد عصم مني نفسه وماله الا بحقه وحسابه على الله 71 » في رأيه جلة الصحابة كأبي عبيدة الذي قال فيه النبي : د انه أمين الأمة ، وسالم مولى أبي حذيفة الذي قال فيه النبي : د ان سالم شديد الحب لله ، وأناس من هذه الطبقة في صحابة الرسول ويعود أبو بكر فيقول : « ان الزكاة حق المال ، وفيها تحارب بالحق . ثم يهيب بعمر : رجوت نصرنك وجتني بخذلانك !.. اجبار في الجاهلية وخوا في الاسلام ... بعمر يثوب الى شدته بعد أن أفرغ أمانة الراي كما قال : « ماهو الا أن رأيت أن الله شرح صدر أبي بكر للقتال حتى عرفت انه الحق » وما أسهل أن يعرف الحق لمن يريد أن يراه ولا يغمض عينيه ارجلان هنا مختلفان ام رجل واحد .. قل هذا وذاك فالقولان مستويات . ما دمت لا تنسى ان الرجلين المختلفين معهما العقيدة الراسخة التي لا تفارقهما ، وطالما جمعت العقيدة شا على قلب واحد ، فضلا عن رجلين وانما كان يعيب عمر ان يعارض اذا كان في المسألة وجه واحد لا يحتمل المعارضة بحال ، فاما أن يكون لها وجه آخر یدیه و شرح حجته فالذي يعيبه ويضير الاسلام أن يكتم ذلك الوجه وأن ينطوي عليه صامتا في موقف البحث والمشاورة ، وهو الناصح الأمين و مسألة الردة قد كان لها وجه آخر غير الذي رآه أبو بكر رضي الله عنه ، وكان عمر خلیقا أن يرى ذلك الوجه الآخر لأنه موافق لمجمل ارائه في الحرب والسياسة . فقد كان بطيئا الى الحرب كما عرفنا عامة وصاياه ، وكان أبطأ ما يكون عنها اذا نشبت بين العرب أو المسلمين ، (1) : الأنثى من ولد المعز • (۲) أي عظماء • (۳) أي ضعيف . (4) أي جیو ( من (1)

علقت • ۱۷- لا شن عادة عمري وقد كان . (1) رأى الرأي فلم يحجم {۲} فضلك ). وكان جيش الإسلام بعيدا عن المدينة في غزوة الروم التي خرج بها أسامة ابن زید بعد قيام أبي بكر بالخلافة ، فالتريث إلى أن يستكمل الاسلام عدته ويسترجع الغائبين من جنده وجه غير ضعیف ، أو هو في أقل الأمر کمانه الأمير المسئول أن يطيع صاحب النعمة متی وجبت المناعة واستقر القرار ، فلا ضير إذن لا يألوه جهده معارضة حتى يتبين مذاهب الرأي على اختلافها ، ثم هو مستعد بقوته لمعاونته بأقصى ما استطاع ومثل هذا الرجل معارضته قوة فوق قوة وخير لا ضير فه و خليق بنا أن نفهمها على صوابها في مسألة الردة فنعلم بعد النظرة الثانية أنها دلائل قوته المعهودة وليست من فلتات الضعف فيه . لأنه أن يبديه ويشرح حجنه ، جريئا فيما رآه . وعلى هذا الدأب ظل عمر قوة لأبي بكر بموافقته ومعارضته على السواء. وأصاب فيما قال له يوم بایعه : « أن قوتی لك مع فکسب الاسلام خليفتين معا بتقديم أبي بكر للخلافة ، لأنهما لم يبغيا بالخلافة مأربأ غير خدمة الاسلام ثم بويع عمر بالخلافة فبطل الخلاف الا ما لا خطر فيه عرضها عليه أبو بكر فقال : لا حاجة لي فيها ، فقال أبو بكر : « ولكن لها بك حاجة يا ابن الخطاب ) ... وسأل خيرة أصحابه فقال له عبد الرحمن بن عوف : هو والله أفضل من رأيك فيه . وقال عثمان عفان : لا أن سريرته خير من علانيته ، وأنه ليس فينا مثله » وسأل أسيد بن الحضير فقال :.. اللهم اعلمه الخيرة بعدك ، يرضى للرضى ويسخطه للسخطه والذي يسر خير من الذي يعلن ، ولن يلي هذا الأمر أحد أنوی عليه منه » وأجمع المهاجرون والأنصار على تزكية عمر وتصويب أبي بكر في ترشيحه . ولعلهم لم يذكروا من مناقبه الا ما لا أقالني الله أن أقلتلك وتقدم الى ضرار بن الازور بضرب يكن قدح القادح ليخلف رأيه فيه : (1) يقال : فلتات المجلس : أي هفواته وزلاته • (۲) : العادة والشأن مطلبا وحاجة • (۳)

هو م ۱۷:- عن تزود من

عمر لأنه على عرفانه بالدنيا وعرفانه بالناس لا يجهل أن رجلا كعمر بن الخطاب في حزمه وصدقه لن يخلو من مبغض ، ولن يبغضه أحد لما يعيبه ويحول بينه و بين ولاية أمر المسلمين قال له وهو يعرض عليه الخلافة : « یا عمر ! .. أبغضك مبغض وأحبك محب . وقدما يغض الخير ويحب الشر ) . وان منهم من حذره شدة عمر وقالوا له : « انك كنت تأخذ على يديه ولا تطيق غلظته ، فكيف وهو خليفة ؟ .. وما أنت قائل لربك اذا سألك استخلافه علينا » ? .. فبلغ الصبر بالرجل الصبور مداه ، وأمر من حوله أن يجلسوه فجلس فقال لمن خوفوه الله وعمر

« ابالله تخوفونني ؟

خان امركم بظلم . أقول : اللهم إني قد استخلفت على أهلك خير أهلك !) ولو شاء أبو بكر قال ان ما خوفوه من شدة لفضيلة فضائله التي قدمته عنده على غيرد . فقد خاف عليهم الفتنة ، وكان أكبر حذره الفتنة من أولئك الاعلام الذين يتبعهم الطعام". وليس لهؤلاء غبر عمر پرهبونه ويتقون الفتنة باتقائه ، فمن هنا وصاه فحذره د هؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين قد اتنفخت أجوافهم وطمحت أبصارهم وأحب كل امرىء منهم لنفسه ، وقال له : و ان لهم الحيرة عند زلة واحد منهم فاياك أن تكونه واعلم أنهم لن يزالوا منك خائفين ما خفت الله ، ولك مستقيمين ما استقامت طريقك » . فالذين حذروه عمر انما رغبوه فيه ولم يحذروه منه ، لأنه أراد لهم من يخافونه ويستقيمون معه ، فكانت سيئته عندهم حسنة عند أبي بكر ورجاء في صلاح أمر الاعلام والطعام • فلما اتفق مدح المادحين ونقد الناقدين على ايثار عمر بالخلافة فرغ ابو بكر من مشورته وابرة الى الله ذمته ودعا بعثمان فأملى عليه : بسم الله الرحمن الرحيم : هذا ما عهد به أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجا منها ، وأول عهده بالآخرة داخلا فيها، حيث (۱) الطعام : أوغاد الناس ان تجی النفر من ۱۷۹ خلوا من الاسم = ه ه ...( 15, ومن الكافر ويوقن الفاجر ، ويصدق الكاتب : اني استخلفت عليكم بعدی ثم أخذته غشية فيكتب عثمان « عمر بن الخطاب » ولم يترك الكباب مخافة أن يذهب الموت بأبي بكر في تلك الغشية فيلج من بلج بالخلاف ، وله شبهة يحوم عليها وانه ليكنبها اذ أفاق أبو بكر فقرأ عليه ما كتب ، فكبر وأدرك ما وقع في روعة فحياه ودعا : « جزاك الله عن الاسلام خيرا : والله ان كنت لها لأهلا » ... ثم أتم الكتاب ثم بويع عمر بالخلافة باجماع لم ينعقد لخليفة قبله ولا بعده إلا أن تكون ورانة في دولة استقرت لها دعائم وثبتت لها أركان . فكانت شهادة الصحابة والمسلمين أجمعين بما هو أنطق من الالسنة والقلوب : بالبديهة التي لا تكذب في صادق ولا كذوب وجائز جدا أن يبدأ عمر خلافته وهذا رأى المسلمين فيه ، وأن يختمها آخر الأمر ورأيهم فيه على اختلاف ، اذ الحكم يخلق العداوات ، ويفتق) أسباب التباعد في الظنون والآراء . ويفتن صاحبه حتى يتبدل من حيث بريد ولا يريد . فشهادة أخرى من شهادات الواقع والبداهة أن فارق الدنيا والمختلفون فيه ينقصون، والمتفقون على حمده يزيدون : ثم هم يزيدون في حمدهم اياه وثنائهم عليه دخل زياد علي عثمان في خلافته بما بقى عنده لبيت المال ، فجاء ابن العثمان فأخذ شيئا فضة ومضى به . فبکی زیاد قال عثمان : ما يبكيك ؟ .. قال : أتيت أمير المؤمنين بمثل ما أتيتك به فجاء ابن له فأخذ درهما فأمر به أن ينتزع منه حتى أبكى الغلام وان ابنك هذا جاء فأخذ ما أخذ ، فلم أر أحدا قال له شيئا قال عثمان : « آن کان منع أهله وقرابته ابتغاء . واني أعطى أهلي وأقربائی ابتغاء وجه الله ، ولن تلقی مثل عمر . لن تلقی مثل . لن تلقی مثل عمر !.. ) وبكى على يوم موت ته ، فسئل في بكائه فقال : « أبكي على موت عمر (1) يلج : يدخل • (۲) حام الطائر : دار (3) الروع بالضم : العقل والقلب . (4) فتق الشې : (5) أي عددا - (۹) أي مقاما وقدرا . عمر فيد مه من عمر عمر .

.

شقه •

و ۱۷۷ ان موت عمر ثلمة في الاسلام لا ترتق الى يوم القيامة ) وقال عبد الله بن مسعود : « کان اسلامه فتحا ، وكانت هجرته ثمرا ، وكانت امارته رحمة » وقال معاوية يوازن بين الخلفاء : « أما أبو بكر فلم يرد الدنيا ولم نرده .. واما عمر فأرادته الدنيا ولم يردها . وأما نحن فتمرغنا فيها ظهرا البطن » وقال عمرو بن العاص وهو يحدث نفسه : رله در ابن حنتمة . ای امریء کان !..) ولم يقل فيه قائل ، راض ولا ساخط ، الا ثناء كهذا الثناء بعد خلافة طويلة لو خرج منها بنصف الثناء لأرب" على الأمل في انصاف بنی الانسان (1) -

  • * *

وارتفع بهم ( ورعی عمر قدر الصحابة والتابعين كما رعوا قدره . إلا أنه كان مفضلا في هذا كما كان مفضلا في محامده وحسناته ، فإنه رعی اقدارهم وهو مستطیع ألا يرعاها ، وقليل منهم من كان قادرا أن يعمل معه غير ما عمل ، ويقول فيه غير ما قال جمع منهم مجلس المشورة لا يبرم أمرا ولا ينقضه الا بعد مذاكرتهم والاستئناس بنصيحتهم وسابق علمهم من مأثورات النبي وأحاديثه أن يكونوا أتباعا له فجنبهم ولاية الأعمال قائلا لمن راجعه في ذلك : « أكره أن أدنسهم بالعمل ، فسبق الدساتير العصرية بحسن تقسيمه وصادق حدسة وتدبيره : هم مجلس الأمة وليس لأحد من مجلس الأمة أن يلی عملا من أعمال الحكومة ، فهما في الدولة وظيفتان لاتجتمعان وقدم صغارهم على أعظم العظماء من رؤوس القبائل وقروم الجزيرة العربية . فحضر با به سهيل بن عمرو بن الحارث بن هشام وأبو سفيان في السادة ينقطع ندهم بين الكابرين ، وحضره معهم صهيب و بلال وهما مولیان فقيران ، ولكنهما شهدا بدرا وصحبا رسول (۱): الخلل . (۲): لا تلتئم . (۳) اسم أم عمر ۰ (4) : أي زاد • (9) أي يحكم : (٦) : الوسخ : (۷) : الظن والتخمين - (۸) : السيد • (۲) ابن حرب جمع من 2 الحائط . -IYA (1) ان كنتم ولو غير عمر لا اه وتخلف من السابقين من .. فأذن لهما قبل علية القوم !.. وغضب أبو سفيان فقال لصاحبه : لم أر كاليوم قط ، يأذن لهؤلاء العبيد ويتركنا على بابه ؟ .. أما صاحبه نگان حکیما فقال : أيها القوم ! أني والله أرى الذي في وجوهكم ... غضا با فاغضبوا على أنفسكم . دعي القوم - الى الاسلام - ودعيتم فأسرعوا وأبطأتم ، فكيف بكم اذا دعوا يوم القيامة وتركتم ? تقدم عنده صهيب و بلال .. ولا أمن أن يغضب عليه أبو سفيان وسهيل لكنه الحق فوق كل قدر عند هذا القسطاس الذي يعطي كل ذي قدر قدره حيث ينبغي له من تقديم وتأخير . فيقدم من يقدمه عمله ويؤخر من يؤخره عمله ، ولا عليه من غضب الغاضبين ولوم اللامين فلما ندب الناس الى غزو العراق فبادر اليه أبو عبيد بن مسعود حضر الدعوة من الصحابة ولاء قيادتهم وأبى أن يوليها رجلا المهاجرين والأنصار . وأجاب من راجعوه قائلا : « لا و الله !.. لا أفعل . إن الله انما رفعكم بسبقكم وسرعتكم الى العدو جبنتم وكرهتم اللقاء فاولى بالرئاسة منكم من سبق الى الدفع وأجاب الى الدعاء . والله لا أؤمر عليهم الا أولهم انتدابا » ثم دعا معه ابن عبيد وسبليطا بن قیس فأبلغهما « انكما لو سبقتما لوليتكما » والتفت الى أمير الجيش الذي اختاره فقال له : « اسمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأشركهم في الأمر ولا تجتهد مسرعا حتى تبين ، فانها الحرب » هذا ما استحقوه .. فلا رجحان لهم الا بالحق ، ولا رجحان عليهم للحق ومن الحق الذي له الرجحان عليهم حق الأمة جمعاء وحق الأمان الذي الدولة ويوطد أركانها ، فاذا خيف على الدولة من بعضهم فأمان الدولة مفضل عليهم ، وحقها الأكبر مقدم على الكبير من حقوقهم . فربما حبسهم في المدينة لا يسافرون منها الا باذن والى أجل ، مخافة (1) أي سادتهم وعظماؤهم - (۲): الميزان ۰ (۳) أي يقوي فاذا ... الا . على -۱۷ . الناس ومخافة عليهم من الناس . ويستأذنه أحدهم في غزو الروم والفرس محتجا بسابق جلاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيتخذ سابق هذا البلاء حجة عليه يذوده بها عن السفر ، ويقول له : د ان لك في غزوك مع رسول الله ما يكفيك ويبلغك ، وبحسبك ، وهو خير لك الغزو اليوم ، ، وان خيرا لك ألا ترى الدنيا ولا تراك »

يجور ، و كانه { . على هذا الوجه وحده ينبغي أن نفهم كل علاقة كانت بين عمر وبين أحد من أكابر الصحابة والتابعين ، فهو القسطاس الذي لا لا يعرف الجور لو شاء . بل على هذا الوجه وحده تفهم كل علاقة بينه وبين أحد عامة المسلمين ، فلكل رجل حقه ولكل عمل حقه ، ولا ضير على أحد أن يتأخر قدره ويتقدم عمله ، ولا ينفع أحدا أن يتقدم قدره ويتأخر عمله ، فتكل عمل وله حساب ، وكل قدر وله كرامة ، وأكبر الصحابة خليق أن ينزل منزلة المرءوسين لمن سبقهم إلى العمل النافع ، وأصغر الناس خليق أن ينال جزاءه الحسن اذا استحقه ، وكل قطاس غير هذا القسطاس فانما بفارقه الحاكم لظلم أو لخوف ، وليس هذا ولا ذاك سبيل الى عمر ، لأنه عادل ، ولأنه لا يخاف ، واذا وقع ما يخافه غيره فهو ضليع بالتبعات على هذا الوجه وحده ينبغي أن نلتمس التأويل في محاسبات عمر ومعاملاته أذا وقع منها ما يحتاج إلى تأويل ، وقل في محاسبات عمر ومعاملاته ما يحتاج اليه ، لأنه كان يحاسب نفسه قبل أن يحاسب غيره ، وحسابه لنفسه أعسر من حسابه للآخرين ففي محاسباته للقادة والولاة من كبار الصحابة لم توضع في موضع التأويل الكثير والمناقشة الحادمة كما وضعت مسألة خالد بن الوليد رضي الله عنه ... ولا يعقل أن تكون هذه المسألة شذوذا عن القادة والولاة ، لأن الذي صنعه فيها عمر هو الذي كان منتظر أن يصنعه ، (۱) أي يدفعه ويرده . (1) أحدقت النار : اتقدت وازدادت اشتعالا مسألة عزل عمر خالدا وهو لابد لخالد بن . سواء كان القائد خالدا أو كان رجلا غيره وهذا الذي ينفي الشذرة والحين، أو بنفي المعاملة الخاصة التي تكيل للناس بكيلين وتزن لهم بميزانين ، وتنظر اليهم بنظرتين مختلفتين سیف الاسلام وبطل الجزيرة والشام ، واذا كان الوليد من عازل أو قاض عادل ، فلن يكون عازله وقاضيه غير عمر بن الخطاب هو على قدر عزله بلا مراء ، وهو قدر كبير .. فقال اناس انها منافسة الند للند والشسية للشبيه ، وقال أناس عزله الغير خطأ أتاه ، وقال اناس إنها ترة قديمة ولولاها لما كان الخطأ الجديد بمستوجب عزله ، وحرمان المسلمين من بأسه وجهاده .. والذين ظنوا هذه الظنون لهم شبهات من ظواهر الأمور تخيلها لهم وتقربها إلى حدسهم . لأن المشابهة بين عمر وخالد كانت مشابهة خلق وخلق توحى الظن بالتنافس والملاحاة ، وكانت مشابهة خالد لعمر في خلقته تلتبس على بعض الناس فيكلمون عمر وهم يحسبونه خالد بن الوليد فمن شاء أن يخبط بالظن فله أن يحسب أن قد عزله لغير يستوجب عزله ، لأن عمر نفسه قد صان على القائد الكبير كرامته وأمسك عن الخوض في أمر عزله بعد الفراغ من ضجته الأولى ، وكتب الى الأمصار يبرئه من الخيانة ويعلنهم: « انه لم يعزله لسخطة ولا خيانة ، ولكن الناس فتنوا به ) ... قال : « فخشيت أن يوكلوا به ویتنوا ، فأحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع ، وأن لا يكونوا بعرض فتنة » ولما سأله خالد في ذلك قال له : « ان الناس افتتنوا بك فخفت أن تفتتن بالناس » فمن شاء أن يخبط بالظن هنا فقد يخبط ما شاء وله شبهة فيه ، ولكنه يرجع الى الوقائع من قديما وحديثها حتى تسقط شبهاته بين يديه لم يحاسب خالدا بمیزان غير الذي حاسب به جمیع القادة والولاة ، وأن المدهش الحق أن يبقيه في الولاية والقيادة بعد ما اه (۳) مگر سبب ريوقن أن عمر (1) أي الجور والظلم : (۲) أي ضغينة . (۲) أي يضرب ۱۸۱ عمر على خالد عمر

أخذه عليه ، لأنه حينئذ يكون قد وزن بميزانين وکال بكيلين والذي أخذه بعضه الى أيام النبي عليه السلام ، وبعضه الى أيام أبي بكر رضي الله عنه ، وبعضه إلى أيامه ، وكله مما يصح أن يؤخذ به في موقف الحساب ، وان كان الذي حدث في أيام ع وحدها كافيا لما قضاه في أمره فنی فتح مكة نهى رسول الله خالدا القتل والقتال ، وقال له وللزبير : « لا تقاتلا الا من قاتلكما . ولكن خالدا قاتل وقتل نيفا) وعشرين من قريش وأربعة من هذيل ، فدخل رسول الله مكة فرأی امرأة مقتولة فسأل حنظلة الكاتب : من قتلها ?.. قال : خالد بن الوليد . فأمره أن يدرك خالدا فينهاه أن يقتل امرأة أو وليدا أو عسيفا - أي أجيرا وبعث اليه من يسأله : ما حملك على القتال .. فاعتذر بخطأ الرسول في تبليغه ، وشهد الرسول على نفسه بالخطأ فكف عنه . ثم بعث رسول الله خالدا إلى بني جذيمة داعيا إلى الإسلام ولم يبعثه للقتال ، وأمره ألا يقاتل أحدا أن رأی مسجدا أو بنو جذيمة السلاح بعد جدال بينهم واستسلموا . فأمر بهم خالد فكتفوا. ثم عرضهم على السيف فقتل من قتل منهم ، وأفلت من القوم غلام يقال اله السميدع حتى اقتحم على رسول الله وأخبره وشكا اليه . فسأله رسول الله : هل أنكر عليه أحد ما صنع .. قال : نعم ، رجل أصفر ربعة" ورجل أحمر طويل وكان عمر حاضرا فقال : أنا والله يا رسول الله أعرفهما ، أما الأول فهو ابني ، وأما الثاني فهو سالم مولى بني حذيفة. وظهر بعد ذلك أن خالدا أمر كل من أسر أسيرا أن يضرب عنقه ، فأطلق عبد بن عمر وسالم مولى أبي حذيفة أسيرين كانا معهما ... فرفع رسول الله يديه حين علم ذلك وقال : « اللهم أني أبرأ اليك مما صنع ثم دعا علي بن أبي طالب وأمره أن يقصد إلى القوم ومعه ابل وورق فردی الهم الدماء وعوضهم من الأموال وفي عهد أبي بكر رضي الله عنه وجه خالدا إلى بعض أهل الردة (1) النيف : الزيادة ، وكل ما زاد على العقد فهو نيف • (۲) لیس بالطويل ولا القصير ۰ (۳) الدراهم المضروبة · (4) أي دفع الديات أذانا ، ثم وضع و و O 4 اله خالد ) ... (۳) (1) ا . ۱۸۲ مالك أنه أراد قتلهم هو الذي r يدعوهم إلى أحكام الإسلام أو يقاتلهم حتى يثوبوا اليها . فعزم على المسير إلى مالك بن نويرة ولم يأمره الخليفة بالمسير البه . وأحجم الانصار ينتظرون أن يكتب اليهم الخليفة بما يراه ، وقال خالد : « قد عهد إلى أن أمضي وأنا الأمير ، ولو لم يأت كتاب بما رأيته فرصة وكنت ان اخلمته فاني لم أعلمه ، وكذلك لو ابتلينا بأمر ليس فيه منه عهد الينا لم ندع. أن نرى أفضل ما يحضرنا ثم نعمل به ، فأنا قاصد الى ومن معي من المهاجرين والتابعين ولست أكرههم ثم جاءته الخيل بمالك بن نويرة في نفر من بني ثعلبة بن بر بوع فاختلفت السرية فيهم : يشهد قوم أنهم أذنوا وأقاموا وصلوا ، ويشهد آخرون أنه لم يكن من ذلك شيء . فلما اختلفوا فيهم أمر بحبسهم في ليلة باردة . وأرسل فيما قيل مناديا ينادی : ادفنوا أسراركم ، فظن القوم لأن أداء الأسرى كناية عن القتل في لغتهم ... ويروى أن مالكا قال لخالد : ابعثنا إلى أبي بكر فيكون يحكم فينا . فلم يجبه خالد الى طلبته وقال له : لا أقالني الله ان أقلتك ، وتقدم إلى ضرار بن الازور يضرب عنقه . وتزوج بامرأته في الحرب وهو أمر تكرهه العرب وتعايره . وقد أبلغ الخير عمر بن الخطاب فقال لأبي بكر : أن سيف خالد فيه رهق). فاعتذر له أبو بكر بأنه « تأول فأخطأ » وودي مالكا واستدعى خالد اليه قدم خالد فدخل المسجد ، وعليه قباء ، وفي عمامته أسهم غرزها للمباهاة فقام اليه عمر فنزعها وحطمها وقال له : قتلت امرءا مسلما ثم نزون" امرأته .. والله لأرجمنك بأحجارك ! .. وكان أبو بكر رضي الله عنه همه بعزل خالد لاستئثاره بتصريف المال الذي في ولايته فسأل عمر : من يجزيء جزا خالد .. فندب شمر نفسه ليخلفه ان لم يكن بد من ذلك ، وتجهز عمر حتى أنيخ الظهر في الدار ، لولا أن مشی اصحاب رسول الله إلى أبي بكر يوصونه أن يحتفظ بعمر را) أي يرجعوا • (۲) الخفة ، وركوب الشر ، والظلم ، وغشيان المحارم (۲) أي دفع له الدية • (4) نوع من اللباس : (5) أي وثبت • (6) أي من يقوم مقامه ؟ (۷) أي هیئت الراحلة ليركبها علی

6 ۱۸۳- عمر الحاجته إليه ، وأن يبقى خالدا في ولايته لحاجة اليه ، فعمل بما أشاروا ذلك ما كان في عهد النبي وأبي بكر ، فلما كتب الى خالد أن يراجعة في حساب المال ، و الا يعطي شاة ولا بعيرا إلا بأمره ، فأحاله إلى ما جرى به العمل قبله ، وكان قد أجاب أبا بكر بكلام مقتضب قال فيه : « أما أن تدعني وعملي والا فشأنك بعملك ، فلم يطقها شمر وقال : « ما صدقت الله ان كنت أشرت على أبي بكر بأمر فلم أنفذه ) وقد أبرمه منه أنه وهب للشاعر الأشعث بن قیس عشرة آلاف درهم . و تمی، الأمر اليه كما كانت تنمي اليه أخبار الولاة والقواد من عيونه وأرصادم . فكتب إلى أبي عبيدة أن يحاسبه على هذه الهبة « فان زعم أصابة أصابها فقد أقر بالخيانة وأن زعم أنها أسرف » (1) من ساله فقد تحيا (1) وقد أبي خالد أن في مبدا الأمر فاعتقله أبو عبيدة بعمامته كما أمر عمر ونزع منه قلنسوته في موقف المحاسبة قال انها ماله فقومت عروضه وضم ما زاد منها الى بيت المال ، وقال له عمر يومئذ : « يا خالد ! .. والله انك على الكريم ، وانك الى الحبيب ، ولن تعاتبني بعد اليوم على شيء . ولم يعزله عمر دفعة واحدة على أثر قيامه بالخلافة كما جاء في بعض الأخبار ، لأن اسم خالد كان بين أسماء الشهود على عهد بیت المقدس بعد فتحه ، والارجح أن في تاريخ القصة خطأ وقع فيه بعض المؤرخين ومنهم ابن الأثير ، فكتب عن عزل خالد في أخبار السنة الثالثة عشرة للهجرة ثم ذكره في أخبار السنة السابعة عشرة ، وأورد في الموضعين أقوالا متشابهات تلك جملة المآخذ التي أخذها على خالد من عهد النبي عليه السلام الى عهد خلافته ، وما من خالد ثم يلوح شيئا كان يقبله من غيره ، وأنه نصب له ميزانا غير الموازين التي يحاسب (1) أي جعله يفجر ۰ (۲) أي بلفه وعلمه (3) أي قيده . (4) اي قدرت (5) أي أمتعته . (6) أي يظهر و و أحد يعرف عمر و نه أنكر من ا ۱۸- (۴) بها القواد والولاة وكل صاحب عمل مسئول . فرای عمر في انكار هذه المآخذ معروف من بداية أيامه ، والذين لزموه وتأدبوا بأدبه ينكرونها مثله ولو كانوا على البعد منه ، كما حدث من ابنه في بعثة جذيمة حيث أبي على خالد بطشه بمن أوثتهم وعرضهم على السيف . ثم أنكر النبي عليه السلام ما أنكراه واستصوب ما استصوباه فعمر كان يكره الاسراع إلى القتال ويوصی قواده جميعا بالتريث فيه ، وربما تحي القائد المغوار" عن القيادة وهو كفؤ لها لأنه يعجل بالقتال ، كما قال لسلیط بن قيس : « لولا انك رجل عجل" في الحرب لوليتك هذا الجيش ، والحرب لا يصلح لها الا الرجل المكيث" . وكان يتحرج غاية الحرج أن يستبيح دم بريء أو مشكوك فيه ، وتقدم في هذا الكتاب أنه لام أناسا من أصحابه لأنهم قتلوا رجلا ارتد عن دينه ، وقال لهم : هلا استتبتموه وحبستموه .. وتبين من رأيه في أهل الردة انه كان يؤثر الهوادة والاستتابة على القتال . فان كان قتال فالذي لا حيلة فيه ولا محيص عنه ، فانکاره لمقتل مالك نويرة وأصحابه هو رأيه الذي لا شذوذ فيه ، ويضاف اليه انكار البناء بامرأته ، ووقوع البناء بها في أثناء المعركة ، وهو أمر لا ينفرد عمر بكراهته وانتقاده ، بل تكرهه العرب عامة ، مسلمين وغير مسلمين . يحاسب الولاة أدق حساب : يكتب عروضهم تبل ولايتهم ، ويسألهم فيما فشبامن طاريء أموالهم ، ويأمرهم اذا عادوا إلى أهلهم أن يدخلوا المدينة نهارا لينكشف ما عادوا به اليهم ، ويقاسمهم كل درهم بربی" على المحسوب من أرزاقهم . ويجري على هذه السنة كل وال وكل عامل ذی أمانة . فلم يستثن منها أحدا قط ، ولم يعرف وال قط سلم من مصادرة أو حساب عسير فالذي صنعه مع حين أنكر « سرعة هجماته وشدة صدماته » سنة عمرية لا شذوذ فيها ، والذي صنعه حين حاسبه على هباته ووزيعاته سنة عمرية كذلك لا شادون فيها ، ولو أنه صنع غير هذا (1) اي الشجاع . (۲) عجل : أي متسرع (۳) الرزين : (4) اي انتشر : (۰) أي يزيد . (6) أي الطريفة . 6 وكان عمر جمعه) (1) خالد . به۱۸- . . له الصنيع لقد كان ذلك هو الشذوذ المستغرب الذي لا يقع من عمر بن الخطاب خاصة ، لأنه لا يحابي ولا يفرق في المعاملة ولا يبالي غضب قائد كبير ولا وال قدير . وليس يحب أن يقال : ان رجلا من الرجال لا غنى منه لدولة الاسلام . فربما كان شيوع هذه العقيدة أخطر على الاسلام من عزل وال مظلوم او ولاة مظلومين ولا ننسى الأمانة الكبرى التي هي أكبر من أمانة الرفق بالولاة والعدل في محاسبة العمال ، ونعني بها أمانة الدين والدولة أو ما نسميه نحن في ايامنا « بالسياسة العليا » .. وعمر لايتركنا نفسر أعماله هنا باجتهادنا في فهمها وتأويلها على ما فراه ، بل يصرح للناس فيها بما يغنيهم عن التفسير والتأويل فكان رنگی في شئون الولاة الكبار والقواد المشهورين أمرين يجيزان عزلهم ولو لم يقع منهم ما يوجب المؤاخذة أحد هذين الأمرين ، أن يفتتن بهم الناس فيفتتنوا بالناس كما قال الخالد بعد عزله . والخوف في هذا الأمر من القائد الكفؤ أعظم من الخوف قائد صغير لم يبل أحسن البلاء ولم تتساير بذكراه الأنباء ، فليس لهذا خطر في بقائه كخطر القائد الكبير وخطته هنا عامة لا يخص بها واليا دون وال ولا قائدا دون قائد . فلما عزل زياد بن أبي سفيان عن ولاية العراق سأله زياد : لم عزلتني يا أمير المؤمنين .. ألعجز أم خيانة .. فقال له : لم أعزلك لواحدة منهما ، ولكني كرهت أن أحمل فضل عقلك على الناس . وقديما قال فيه عمر : لو كان قرشيا لسان العرب بعصاه . فالحيطة منه وفاق رأيه فيه وقد كان من خلق عمر أن يقدم الحذر ويأخذ بالحيطة ويطيل الروية ثم يجزم بالرأي السديد في غير ابطاء ، ولهذا كان يكره ولاية الرجل الفخور وينهى عنها في خلافته وقبل خلافته ، فأشار على أبي بكر ألا يولي خالد بن سعيد وكلمه في عزله لأنه رجل فخور يحمل أمره على المغالية والتعصب .. فعزله أبو بكر كما أشار (۱) المجازاة والمحاسبة - (۲) أي الحذر من .

۱A9-

(1) الشهرة أنداد") عاد من حرب . يحس ة فاذا اجتمع لعمر هذا السبب من أسباب السياسة العليا إلى المأخد التي أنكرها على خالد فلا جناح عليه ، ولا محل للشك والظنة في أسباب عزله لقد رأی زه خالد بالنصر والغلب قبل أن يفتح الشام وسبق القواد : رأى ذلك أهل الردة فدخل المسجد وفي عمامته السهام ، ورآه يوم اسنقل بیت المال في ولايته على عهد أبي بكر وعلى عهده ، ورآه في أمور كان يبتدئها ولا يستأذن فيها ، ورآه مما ولا يلمس ، ومما يقدر ولا ينتظر . فاذا أشفق أن يفتتن بالناس كما افتتنوا به فلا جناح عليه وثاني الأمرين اللذين يدخلان في تقديرات السياسة العليا ويجيزان العزل في غير جريرة ظاهرة أن يصبح القائد ضرورة لا غنى عنها لتسيير الجيوش وفتح الفتوح ، وان يعزي اليه النجاح فتتخاذل العزائم وتصغر أقدار القادة دونه ، وأن تعظم العقيدة فيه فتضعف العقيدة بالله ، ويخسر الجيش بذلك أضعاف ما يخسره باقصاء قائده ولو لم يكن له نظير فان كان له نظير ، كما تبين من اختيار عمر القواده في كل ميدان فلا خسارة هنالك. بل هو كسب العقيدة وكسب قائد جديد ، واذا حان اليوم الذي ينتفع فيه بالقائد المعزول فهو قمين أن ينفع ما بقيت فيه بقية من صلاح وخير وتعويل عمر على العقيدة أمر تعزوه الى كل شيء فتراه فيه على صواب : تعزوه الى ايمانه بالله فهو فيه مصيبة ، وتعزوه إلى حسن سياسته فهو فيه مصيب ، وتعزوه الى تقديره للواقع فهو فيه مصیب . فكل أولئك كان خليقا أن كفة العقيدة عنده على كل كفة ، وان بوجب عليه استبقاءها قبل كل استبقاء . وألا يزال بالناس يذكرهم ذكرهم به حين كتب الى الأمصار بعد عزله خالدا « أن الله هو الصانع وألا يكونوا بعرض فتنة » ولو أن رئيسا لخالد غير عمر بن الخطاب في ايمانه المكين لما فاته أنه (1) الكبر والمخر • (۲) جمع ند ، والند : المنل والنظیر ۰ (۳) أي ذنب أو جناية 0 (4) ينسب (5) أي جدير . f ۱۸۷ يديه : که وهو عن جيد يعلم أين كانت قوة المسلمين وبم كان انتصارهم في جميع الميادين ، ولا فاته أن يستبقى هذه القوة بكل وسيلة وأن يفتديها بجميع ما في تلك قوة العقيدة لا مراء ، أن ضاعت فلا عوض عنها ، وان بقيت فللقادة عوض كثير عمر بن الخطاب الذي يؤمن بهذا ايمان تسلیم ، كما يفكر فيه تفكير سياسة وتدبير ? .. لئن نسی ذلك لهو الحقيق باللوم على نسيانه ، ولئن ذکره فاقتضاه ذكره أن يعزل خالدا بغير جريرة لما كان عليه من لوم كما رأينا لم يعزله لغير جريرة ، أو لم يكن حسابه له مختلفا حسابه للقادة والولاة ... وقد كان أبو بكر نفسه وهو من أبقى خالد يلمح بعض الخطر من افتتان الناس به حين قال : أعجزت المساء أن ينشئن مثل خالد ! ؟ ويؤكد تعويل عمر على العقيدة في كل نجاح واسناده کل فشل الى ضعفها والترخص فيها أن الجيش الذي غزا مصر أبطأ في فتحها فالتمس علة ذلك في ضعف نياتهم وكتب اليهم يقول : لا عجبت لابطائكم - فتح مصر تقاتلونهم منذ سنتين .. وما ذاك الا لما أحدثتم وأحييتم • الدنيا ما أحب عدوكم ، وان الله تبارك وتعالى لا ينصر قوما الا بصدق نیا تهم » فنظرته في عزل خالد هي النظرة العامة التي لا تخصیص فيها لرجل ولا لمعركة ولا لمكان ، وتقديمه العقيدة على كل عدة عدد النصر هو الخطة التي جرى عليها في مراقبة القادة ومراقبة الجيوش وتدبير عدد النصر وتجنيب المسلمين مازق الخذلان وهل أخطأ .. هل كانت منه حماسة ایمان ولم تكن روية تفكير .. هل يرى غير هذا الرأي ناقد أعداء الإسلام لو بحث في الأمر ونفذ الى حقائق الأسباب ؟ کلا بل هو صدق الرای وصدق الایمان معا مقترفين ، لايشير هذا بغير ما يشير به ذاك أسباب و السياسة العليا ، يجيز لعمر ما استجازه من من عمر عن 6 من عسکری من - ا + ودول (1) أي وأقل منه .

۱۸۸

عزل خالد علم الناس انه لا من القيادة والولاية، ولا سيما بعد ما أخذ عليه ما أخذ و بعد با يسامح أحدا في أمثال هذه المآخذ. فما باله يسامح خالدا فيها : أنه اذن لصانع النصر الذي لا غنى عنه ، وان الخطر الأكبر الذي يخشاه لقد حق على الجند وعلى الدولة ، ولقد حق معه خطر آخر لا يقل عنه : أن يسكن الناس الى التفرقة في الحساب ، وأن يألفوا ما يعاب اذا عيب من الرؤوس والأقطاب"، دون الأتباع والأذناب 6

  • * *

ومسالة أخرى يجب الولاية في ألا يغفل عنها الرجل العصري وهو ينظر في عزل خالد للأسباب التي قدمناها أو لأي سبب غيرها .. وذلك أن حقوق نا غير حقوق الولاية في عصر عمر على التخصيص ، وهو العصر الذي بدأت فيه تجربة الولاية والعمالة في دول الاسلام . فالولاية في عصرنا مركز يستحقه موظف الحكومة بعد مرانة طويلة ودراسة خاصة واستعداد مقصور على من المرشحين لها لم تشركهم فيه طائفة أخرى ، وكأنها صناعة العمر التي لا يحتمل عمر الإنسان تجدید صناعتين مثلها . فاذا قيل ان واليا عزل في عصرنا فكأننا نقول ان تاجرا صودر ماله أو زارعا حيل بينه وبين زرع أرضه. ومصادرة هذا القبيل حري أن تلتمس لها أسباب من قبيلها في الرجاحة والاقناع غير أن الولاية في عهد عمر لم تكن كذلك بوجه من الوجوه ، ولم يكن لصاحبها مثل هذا الحق الذي اصطلح عليه العرف وان لم ينص عليه القانون ، وانما كانت تجربة ارتجالية يتساوى فيها المسلمين ، لا تنقطع بها صناعة العمر ولا سابقة الاستعداد والمرانة ، فيصح أن يعزل الوالي لأسباب أهون من تلك الأسباب التي قدمناها في الراحة والاقناع ، ويصح أن يكون للمزل معنى المناوبة في ندية متساوية بين جميع المسلمين . در د ابن حنتمة » أي رجل كان ! .. كلمة قالها رجل يعرف الرجال قالها عمرو بن العاص وكأنه لم يكن 6 الصالحين من (1) سكن اليه : أي اطمأن - (۲) جمع قطب ، وتطب القوم : سیدهم 1 ۱۸۹ كلما وقف (۳) بود أن يقولها لولا أنطقه بها الاعجاب الذي لا يجد فيه كتمان وهي كلمة يقولها الناظر في سيرة عمر أخبارها موقف الناقد الذي يبحث عن الخطأ فيلفية حيثما بحث عنه عسيرا جد عسير أي رجل كان هذا الرجل ؟ .. أي عدل كان عدله } .. أي قسطاس كان قسطاسه ۹ .. أي حساب كان حسابه لنفسه .. وای سبیل للناقد الى رجل كان يحاسب نفسه هذا الحساب ؟ .. وربما اختلفت الأمزجة أو اختلف تركيب العقول والأبدان ، فقل في ذلك ما تشاء ، وقل في خلائق عمر ما تشاء الشدة والصرامة ، أو قل هي الخشونة والصلابة ، أو قل هو نسيان الضعف وفرط الغيرة على الحق في عالم تستكثر فيه مصانعة الحقوق ويستعظم فيه تكلف الصواب قل ما ذلك واذهب ماشئت أن تذهب فيه ، فانك من لا تعطي المزاج حقه ولا تفرض له فرضه حتى تحار بعد ذلك في انتقاد أو علة اختلاف ، لأنه لا يزاول أمرا الا وهو صواب لا محل فيه لسوء الطوية من وجهة ذلك المزاج . قل هي بدا لك د و سبب

من - ا معنی كنا نقرأ عن عزل خالد ما تتفق قراءته من هنا وهناك ، وكنا نستمع الى الذين يردونه الى المنافسة والتناظر فنجيز هذا ولا نمنعه أو نرى فيه منالا قدر عمر ومنقصة تغض من اعجابنا بمزاياه . لأنه قد يغار من خالد ويعزله لغير جريرة ويبقى له بعد ذلك قدره الجليل وأثره الضخم في تاريخ الإنسان وفي عصرنا هذا رأينا أبطالا خدموا أقوامهم ثم بلغ من ضغنهم منافسيهم أنهم قتلوهم ولم يقنعوا باقصائهم عن الحكم ولا بمحاسبتهم بين يدي القضاء . ثم نصب الناقدون لهم موازين النقد فأسقطوا السيئات الحسنات ، وقرئوا قتل أفراد باحياء أمة ، فبقي لأولئك الأبطال حقهم الخالد في الثناء والتعظيم . واذا بلغ من صواب عمر أنك لا تحصى عليه خطأ غير عزله لحالد وما (۱) أي لا يفيد • (۲) أي فيجده • (۳) أي الطبائع . (4) أي النية 1 الحقد ۱۹. عن جرى مجراه فما أكثر هذا صوابا على الآدمي وان كان من أعظم العظماء ? بدأنا نقرأ هذه القصة وفي خلدنا هذا المرض الذي لا يحملنا على استبعادها ، وعندنا أنه خطأ يذكر الى جانب حسنات ، فلا ضير أن يكون له موضعه في جانب تلك الحسنات... ثم تقرأ كل ما تسنى لنا أن نقرأه في هذه القصة فلا نزال نستبعد الخطة ونستبعده ، ولا تزال كلمة ابن العاص تعود الى لساننا وتعود ، حتى نطقنا بها كما هي ، وغفر الله لابن العاص . 6 أساسه » الخلاف بين موضعه فأعسر وهكذا کا نصنع ا في كل خطأ نسب الى عمرو وتواتر على السماع دون تمحيص واستقصاء . فلا تزال بنا الوقائع حتى يثبت بطلانه من او يضعف سنده ضعفا لا الاعتماد عليه ، الا لمن يتج ويتمحل ذرائع النقد ودعوى التخطئة والعيب کلا .. هذا رجل لا يسهل نقده ، ولا يتأتى لانسان أن يحاسبه كما حاسب هو نفسه، ولن يقع المنصف الا على انه اختلاف في الأمزجة وتركيب العقول والأبدان . فاذا وضع هذا التقدير سر عسير بعد ذلك أن تلومه على خطأ ، وأن تحصى عليه خطأ فيه من سوء النية نصيب فالذي حصل والذي كان متوقعا حصوله ينفيان الظنة عن مروءة عمر وانصافه في قضية خالد بن الوليد ، وقد حكم فيها بما وجب عنده ، وانتهى كل شيء بعد ذلك في هذه القضية بانتهاء الغرض منها في مصلحة الدولة ومصلحة السياسة العليا ، إذ لا موضع فيها الحزازات النفوس وصغائر المنافسة وما تجر اليه من لغو المشاكسة وفضول الكلام قال لخالد : لن تعتب على في شيء بعد اليوم ، ثم أمسك في قضيته الا أن تثار في معرض عام ، فيشير اليها حيث تثار على سبيل الاعتذار ، ويقبل ما شاء له کرم الخليقة أن والمشايعين وان أغلظوا في المقال ، على ما كان له من هیب پیة ترد الجامح (1) ينجني : يدعي ذنبا لم يحدث ۰ (۲) وسائل • (۳) الشکس : صعب الخلق • (4) الاتباع والانصار 6 عن الخوض يسمع من هلام الأقربين . . ۱۹- بن الوليد ، .. وتخيف من لا يخاف . قال من خطبته بالجابية : إني أعتذر اليكم عزل خالد فاني أمرته أن يحبس هذا المال على ضعفة المهاجرين فأعطى ذا البأس وذ الشرف وذا اللسان فتصدى له أبو عمرو بن حفص بن المغيرة وجابهه بكلام غلیظ يقول منه : « والله ما أعذرت یا عمر ولقد نزعت غلاما استعمله رسول الله صلی الله عليه وسلم ، وأغمدت سيفا مسله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووضعت أمرا نصبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقطعت رحما وحسدت بنى العم ... » فما زاد عمر على أن قال وهو يعذره : « انك قريب القرابة ، حدیث السن ، تغضب في ابن عمك » ولم ينس أن يصون للرجل اسمه ومنزلته في أمصار المسلمين ، فكتب ما ألمعنا اليه آنفا يرحض عنه سمعة العجز والخيانة ، ويجعل العزل الفضيلة فيه لا لقصور منه ، ولا لتثريب عليه وعلم بموته فاشتد حزنه عليه واسترجع" مرارا ونكس رأسه وهو يكثر من الترحم عليه . ثم قال : كان والله سدادا لنحور العدو ، میمون" النقية). ولم يهمه أن يذكر صوابه أوخطأه في عزاه بمقدار ما أهمه أن يعلن فضله ويذكر حسناته فقال : « قد ثلم في الاسلام ثلمة لا ترتق » . وقيل له : لم يكن هذا رأيك فيه . فلم يحجم أن يعلن قائلا : « ندمت على ما كان مني اليه ) وقال في غير هذا المعرض وبلغه أنه لم يعق من حطام الدنيا غير فرسه وغلامه وسلاحه : « رحم الله أبا سليمان . كان على غير ما قلناه به » ينهى عن الندب و العويل . فلما مات خالد واجتمع بات عمه یبکینه وسئل عمر أن ينهاهن قال : « دعهن يبكين على أبي سليمان ، لم يكن نقع أو لقلقة.. على مثله تبكي البواكي ! .. (1) أي واجهه واستقبله : (۲) أي يغسل • (۳) الاستقصاء في اللوم - (4) أي قال : إنا لله وانا اليه راجعون : 9) مبارك - (۹) النفس - (۷) أي يترك . (۸) أي غبار • (۹) شدة الصوت (1). . . وقد كان . عمر ما عمر (۱) رحم ودخل هشام بن البختري في أناس من بنی مخزوم على فاستنشده شعره في خالد، وقال له وقد أطال الاصغاء إليه : « قصرت في الثناء على البي سليمان . رحمه الله ، إن كان ليحب أن يذل الشرك وأهله ، وان كان الشامت به لمنعرضا لمقت الله الله أبا سليمان ! .. ما عند الله خير له مما كان فيه . ومن الحق أن يقال ان قضية خالد قد أرتنا مروءة خالد كما أرتنا مروءة عمر ، وقد عرضت لنا هذا البطل في صفحبه فاذا هو بطل الفؤاد في ولا ينه و بعد عزله ، وفي شدته على عدوه وطاعته لأميره وما على مثله من غير أن يحق عليه العزل في میزان عمر بن الخطاب فذاك میزان تعلو فيه الكفة ولا يزال صاحبها راجحا أي رجحان ... وقد استجق المجد بيقين واستحق العزل بظن ، ولولا مصلحة أعلى من مصاحة الإبقاء على رضاه لقد كان ذلك الظن حقيقا بالغض عنه والتجوز فيه وكفى بالرجلين فضلا أن يختلفا و من وراء اختلافهما فضل يعترف به كلاهما ويعترف به كل محب وشاني وكل منصف وجاحد ، وما نخال أن تقدیرنا خالدا وتقديرنا عمر يدعونا أن ننهب المبزان في هذه القضية من جدید . فقصارى"ما نغنم من ذلك أني خالدا كان جديرا بالبقاء في منصبه مستحقا لعزله. وليس ذلك بشيء الى جانب ما رأيناه حين نصب الميزان في القضية كما نصبه خليفة الاسلام ، فقد أرانا عدلا أعظم من بطولة الأبطال . فان أخطأ البطل - على تقدير خطئه - فالعدل أعظم منه وأحرى أن يتعقبه كأنه من أضعف الضعفاء ، وذلك میزان اشرف العمر ولخالد وللاسلام من کل میزان (۳) ولم يكن . ذ (1) أي غضب . (۲) الشانيء : العدو • (۳) أي نفاية .