طرب الشعر أن يكون نسيبا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

طرب الشعر أن يكون نسيبا

​طرب الشعر أن يكون نسيبا​ المؤلف معروف الرصافي



طرب الشعر أن يكون نسيبا
 
مذ أجالت لنا القوام الرطيبا
وتجلت في مرسح الرقص حتى
 
أرقصت بالغرام منا القلوبا
أقبلت تنثي بقدِّ رَشيق
 
ألبسته البرد القصير قشيبا
قصرتْ منه كمِّه عن يديها
 
وأطالت إلى الهنود الجيوبا
حبسَ الخضرَ حيث ضاق ولكن
 
من تزيا به، وفي الطيب طيبا
خطرت والجمال يخطر منها
 
في حشا القوم جيئة وذُهوبا
وعلى أرؤس الأصابع قامت
 
تتخطى تبخترا ووثوبا
يعبس الانس أن تروح ذهابا
 
ويعيد ابتسامه أن تئوبا
فهي إن أقبلت رأيت ابتساما
 
وهي إن أدبرت رأيت قطوبا
نحن منها في الحالتين ترابا
 
نرقب الشمس مطلعا ومغيبا
تضحك الحموَّ في الصباح طلوعا
 
ثم تبكيه في المساء غروبا
أظهرت في المجال من كل عضو
 
لعبا كان بالقلوب لعوبا
فأرتنا من الجين صباحا
 
فعجيبا من رقصها فعجيبا
شابهت عطفة الغصون انثناء
 
ما حيات أنوارهن الجُدوبا
تلفِتُ الجيد للرجوع انصياعا
 
كفطيم رأي على البعد ذِيا
تثب الوثبة الخفيفة كالبرق
 
صعودا في رقصها وصبوبا
حركات خلالها سكنات
 
يقف العقل بينهن سليبا
وخطاً تفضح العُقود اتساقاً
 
نظمتها تسرُّعاً ودبيباً
بسمت كوكبا ومرت نسيما
 
وشدْت بلبلا وفاهت خطيبا
لهف نفسي على نضارة بغدا
 
لتغني بوصفها عند ليبا
او غدا الحسن شاعرا ينظم العشق
 
قريضا ابدى بها التشبيبا
هي كالشمس في البِعاد وإن كا
 
ن إلينا منها الشعاع قريبا
عمتِ الناسَ بالغرام فكل
 
قد غدا عاشقا لها ورقيبا
زَهرة تبهج النواظر حسناً
 
ورُواءً وتُنعش الرُّوح طيبا
هي دائي اذا شكوت من الداء
 
وطبي اذا اردت طبيبا
وأتت بعدها من الغيب أخرى
 
يقتفي إثرَها الجمال جنيبا
فأرتنا من الجبين صباحا
 
ومن الخد كوكبا مشبوبا
حملت بُندقية صوبتها
 
نحو مستهدف لها تصويبا
واستمرت رميا بها عن بنان
 
لطفه ضامن له ان يصيبا
تحسن الرمي تارة مستقيما
 
وإلى الخلف تارة مقلوبا
وانكبابا الى الامام واقعاسا
 
كثيرا الى الوراء عجيبا
وهي في كل ذا تصيب الرمايا
 
مثلما طرفها يصيب القلويا
لو أرادت رمي الغيوب وأغضت
 
لاصابت خفيها المحجوبا
مشهد فيه للحياة حياة
 
تترك الواله الحزين طروبا
قد شهدناه ليلة ً جعلتنا
 
نحمد الدهر غافرين الذنوبا
بين رهط شمَّ العرانين ينفي الـ
 
عنى حديثهم والكروبا
كرموا انفسا وطابوا فعالا
 
وسموا محتدا وعفوا جيوبا
كل ذي نجدة تراه لدى الفعل
 
كريما وفى المقال اديبا
تلك والله ليلة لست أدري
 
في بلادي قضيتها ام غريبا
كدت أنسى بها العراقَ وإن أنـ
 
ـقى ندوبا بمهجتي فندوبا
يا سواد العراق بيضك الدهر
 
فاشبهت مقلتي يعقوبا
شملت ريحك العقيم وقد كانت
 
نت لُقوحاً تهب فيك جنوبا
أين أنهارك التي تملأ الارض
 
غلالا بسيحها وحبوبا
 
دَ استحالت كذُورة وشحوبا
أين بغداد وهي تزهو علوما
 
وزروعا واربعا ودروبا
أَقفرْت أرضها وحاق بها الجهـ
 
فجاشت دواهيا وخطوبا