انتقل إلى المحتوى

طبقات الأمم

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
​طبقات الأمم​ المؤلف صاعد الأندلسي


کِتَابُ
طَبَقاتِ الأُمَم
للقاضي أبي القاسم صاعد بن أحمد بن صاعد الأندلسي
المتوفى سنة ٤٦٢ ھ (١٠٦٩-١٠٧٠ م)
 

 
نشره وذيَّله بالحواشي وأردفهُ بالروايات والفهارس
الأب لويس شيخو اليسوعي
 

 
نشر بتتابع في السنة الرابعة عشرة من مجلة المشرق
 
المطبعة الكاثوليكية للآباء اليسوعيين
بیروت ۱۹۱۲
 

 
کتاب
طبقات الأمم
للقاضي أبي القاسم صاعد بن أحمد بن صاعد الأندلسي
توطئة

کتاب طبقات الأمم أحد الكتب النادرة التي تعرَّض فيها كتبةُ العرب لوصف العلوم بين الامم التي سبقت عهدهم. وإن لم يبلغ صاحبه في ذلك شأو كتاب الفهرست لأبي الفرج ابن النديم إلا أنه جمع عدة فوائد تدل على نشاط في البحث وعلى رغبة في التحصيل ودقَّة نظر في التدوين وكان أهل الأندلس يفتخرون به ويروونه لأهل الشرق. وقد ذكر ابن الأبّار في كتاب التكملة لكتاب الصلة (٤٦٣:٢) من طبعة مجريط) عن عبد الله بن محمد بن مرزوق اليحْصبي أنه لما قدم الإسكندرية روى هذا الكتاب لابي طاهر السلفيّ

و ممن عرفوا هذا الكتاب في الشرق أبو الفرج غريغوريوس ابن العبري فانه نقل عنه في كتابه تاريخ مختصر الدول (ص ١٥٨ و ٢٣٥ من طبعتنا البيروتية) نبذتين مفيدتين في العرب وعلومهم . وكذلك عرفهُ الحاج خليفة فذكرهُ مراراً في كتابه كشف الظنون فدعاهُ تارةً (في ۳۱۸:۲ من طبعة ليبسيك) التعريف بطبقات الأمم وقال في وصفهِ انهُ كتاب صغير الحجم كثير النفع. وتارةً (١٣٣:٤) كتاب طبقات الامم بل نقل عنهُ فصلاً طويلًا في علم الرصد (٤٦٥:٣) وكفى بهذه المنقولات دليلًا على اعتبار القدماء للكتاب ومؤلفه

ومع عظم شأن هذا الكتاب ليس منهُ إلاّ نسختان كاملتان في خزائن الكتب الشرقية في اوربَّة وكلتاهما في مكتبة لندن تاريخ الواحدة (الموسومة بعدد ٢٨١) سنة ٩٨٢ ‌ھ ١٥٧٤ م والثانية حديثة (عددها ١٦٢٢) كُتبت سنة ١٣٦٧ ‌ھ ١٨٦٢ م. ويوجد منهُ تعليقات و منتخبات في مخطوطات أخرى في مكتبتي لندن (العدد (۱٥۰۳) وليدن من أعمال هولندا (العدد ٧٥٤) أما في بلاد الشرق فلا يُعرَف منهُ نسخة مخطوطة حتى أسعدنا الحظ على اكتشاف واحدة منها عند بعض الورّاقين في دمشق فحصلنا عليها قبل ثلاث سنوات بطريقة البيع فاطَّلعنا عليها بكامل الرغبة وقصدنا مذ ذاك الحين نشرها في صفحات المشرق فلم تسنح لنا الفرصة قبل هذا الوقت. وهذه النسخة لا يتجاوز عهدها مائتي سنة بل اقل من ذلك وليس فيها تاريخ وهي مكتوبة بخط جليّ شبيه بالقلم الفارسي على ورق صفيق ضارب إلى الصفرة ومجلَّدة تجليداً متقناً بجلد وورق ملوَّن وأُطُر ذهبيَّة على الوجهين مع لسانٍ مثلهما زينةً. والنسخة بالإجمال حسنة مع ما وقع فيها من الأغلاط التي أمكنّا إصلاح اكثرها فنبهنا عليها في ذيل طبعتنا

أما المؤلف فلا نعلم إلاّ القليل من أمره . وهذه ترجمته كما رواها ابن بشكوال في كتاب الصلة (طبعة مجريط ص ٢٢٤) قال عنه:

«صاعد بن أحمد بن عبد الرحمان بن محمَّد بن صاعد التغلبي قاضي طليطلة يكنّى أبا قاسم وأصله من قرطبة روى عن أبي محمَّد بن حزم والفتح بن قاسم وأبي الوليد الوقشي وغيرهم. واستقضاهُ المأمون يحيى بن ذي النون بطليطلة وكان متحرياً في أمورهِ واختار القضاء باليمين مع الشاهد الواحد في الحقوق وبالشهادة على الخط وقضى بذلك أيّام نظرهِ وكان من أهل المعرفة والذكاء والرواية والدراية. وُلد بالمِرْية في سنة ۲۰ (۱۰۲۹ م) وتوفي بطليطلة وهو قاضيها في شوّال سنة اثنتين وستين وأربع مائة ( ۱۰۷۰ م) وصلى عليه يحيى بن سعيد بن الحديدي. ذكر بعضه ابن مطاهر»

هذا ما وجدناهُ من ترجمتهِ على أن الكتبة تصرفوا في إيراد اسمه فسموه ابن صاعد (الحاج خليفة ٤: ١٣٤) أو صاعد المالقي (۳۱۸:۲) أو القرطبي (١٢٣:٤) وقد وهم الحاج خليفة في ذكر وفاته مرتين في سنة ٢٥٠ والصواب ٤٦٢ كما مرّ. ولأبي القاسم صاعد المترجم عدَّة تآليف جاء ذكر بعضها في كشف الظنون للحاج خليفة منها (٦٢٦:٢) کتاب جوامع أخبار الأمم من العرب والعجم ذكرهُ في كتاب تعريف طبقات الأمم كما سترى ومنها (١١١:٤ و ١٢٤) كتاب صوان الحكم في طبقات الحكماء. ولصاعد كتابان آخران ذكرهما لنفسهِ في أثناء كلامهِ عن علوم الهند والفرس دعاهُ کتاب مقالات أهل الملل والنحل وكتاب إصلاح حركات النجوم . كذلك روى الغزيري (Casiri: Bibl. Arab. Hisp. II, 241) عن مخطوطات الإسكوريال أن لصاعد تاريخاً للأندلس وتاريخاً للإسلام وكل هذه الكتب مفقودة لا يُعرف منها شيء في خزائن الكتب العمومية ولعلَّها عند بعض الخاصَّة فعسى تخرج يوماً من دفائنها


 
بسم الله الرحمن الرحيم
ربِّ يسِّر

قال القاضي أبو القاسم صاعد بن أحمد بن صاعد رحمه الله تعالى اعلم أنَّ جميع الناس في مشارق الأرض ومغاربها وجنوبها وشمالها وان كانوا نوعاً واحداً يتميزون بثلثة أشياء بالأخلاق والصور واللغات1

[الباب الأول: الأمم القديمة2]

وزعم من عُني بأخبار الأمم وبحث عن سائر الأجيال وفحص عن طبقات القرون أن الناس كانوا في سالف الدهور وقبل تشعُّب القبائل وافتراق اللغات سبع أمم

(الأمة الأولى) الفرس وكان مسكنها في الوسط المعمور وحدُّ بلادها من الجبال التي في شمال العراق المتصل بعقبة حلوان والذي فيه انجاهات (?) والكرج والدينَوَر و هَمدان وقم وقاشان وغيرها من البلاد الى أرمينية والباب المتصل ببحر أذربيجان و طبرستان و مَولتان والبيلقان وارزن 3 والشابران (؟) والريّ والطالقان و جرجان إلى بلاد خراسان كنيشابور والمرو وسرخس وهراة وخوارزم وبلخ وبخارا وسمرقند وفرغانة والشاش وغيرها من بلاد خراسان إلى بلاد بتجستان4 وكرمان وفارس والأهواز وإصبهان وما اتصل بها كل هذه البلاد كانت مملكة واحدة ملكها واحد ولسانها واحد فارسي إلا أنهم كانوا يتباينون في شيء يسير من اللغات ويجتمعون في عدد (3) الحروف وصورة تأليفها ويخرجهم اختلافهم بعد ذلك في سائر الأشياء من تلك اللغة كالفهلوية والزريَّة5 وغيرها من لغات فارسون (كذا)

(والأمَّة الثانية) الكلدانيون وهم السريانيُّون والبابليون وكانوا شعوباً منهم الكوثابيون (كذا) والاثوريُّون والأرمانيون والجرامقة وهم أهل الموصل والنبط وهم أهل سواد العراق وكانت بلادهم في وسط المعمور أيضاً وهي العراق والجزيرة التي ما بين دجلة والفرات المعروفة بديار ربيعة ومضر6 والشام وجزيرة العرب التي بين الحجاز ونجد وتهامة والغور واليمن كلها ما بين زبيد الى صنعاء وعدن والعروض والشِحْر7 وحضرموت وعمان وغيرها من بلاد العرب. وكانت هذه البلاد واحدة ملكها واحد ولسانها واحد سرياني وهو اللسان القديم لسان آدم عليه السلام و إدريس ونوح وإبراهيم ولوط عليهم السلام وغيرهم8

ثم تفرعت اللغة العبرانيَّة والعربيَّة من اللغة السريانيَّة فعلب العبرانيُّون وهم بنو إسرائيل على الشام فسكنوها وغلبت العرب على البلد المعروف بجزيرة العرب المتقدَّم ذكرها وعلى الجزيرة المعروفة اليوم بديار ربيعة ومضر فسكنوا جميع ذلك وانكمشت بقيَّة السريانيين إلى العراق وكانت دار مملكتهم العظمى منها مدينة كالوادي (كَلْواذى)

(والأمّة الثالثة) اليونانيون والروم والافرنجة والجلالقة والبرجان والصقالبة والروس والبُرغر9 واللان وغيرهم من الأمم التي حوالي بحر نيطش وبحيرة مانيطش وغيرها من المواضع التي في الربع الغربي والشمال من معمور الأرض كانت مملكتهم ولغتهم واحدة

(والأمّة الرابعة) القبط وهم أهل مصر وأهل الجنوب وهم أصناف السودان من الحبشة والنوبة والزنج وغيرهم من أهل المغرب وهم البرابر ومن اتَّصل بهم إلى بحر اقنابس10 الغربي المحيط لغتهم واحدة ومملكتهم واحدة

(والأمَّة الخامسة) أجناس الترك من الجريجيَّة وكيماك والتغزغز11 والخزر والسرير وجيلان وخوزان12 وطيلسان13 وكشك و برطاس كانت لغتهم واحدة ومملكتهم واحدة

(والأمَّة السادسة) الهند والسند ومن اتَّصل بهم افتهم واحدة وملكهم واحد

(والأمة السابعة) الصين ومن اتَّصل بهم من سكّان بلاد عامور بن یافث بن نوح عليه السلام مملكتهم واحدة ولغتهم واحدة

فهذه الأمم السبعة كانت محيطة بجميع البشر وكانوا جميعاً صابئةً يعبدون الأصنام تمثيلاً بالجواهر العلويَّة والأشخاص الفلكية من الكواكب السبعة وغيرها ثمَّ افترقت هذه الأمم السبعة وتشعَّبت لغاتهم وتباينت أديانهم

[الباب الثاني: اختلاف الأمم وطبقاتها بالأشغال]

قال صاعد ووجدنا هذه الأمم على كثرة فرقهم وتخالف مذاهبهم طبقتين. فطبقة عُنيت بالعلم فظهرت منها ضروب العلوم وصدرت عنها فنون المعارف. وطبقة لم تُعْنَ بالعلم عناية تستحقُّ بها اسمهُ بَعد مَن امتثلهُ14 فلم يُنقل عنها فائدة حكمة ولا رُؤيت بها نتيجة فكرة. فأما الطبقة التي عُنيت بالعلوم فثمانية أمم الهند والفرس والكلدانيون والعبرانيون واليونانيون والروم وأهل مصر والعرب. وأمّا الطبقة التي لم تُعْنَ بالعلوم فبقية الأمم بعد من ذكرنا من الصين وياجوج وماجوج والترك وبرطاس والسرير والخزر15 وحوران وكشل (?) واللان والصقالبة والبُرغر (والبلغر) والروس والبرجان والبرابر وأصناف السودان من الحبشة والنوبة والزنج وعانة وغيرهم

[الباب الثالث: الأمم التي لم تعن بالعلوم]

وأنسب هذه الأمم التي لم تُعن بالعلوم الصين والترك

فأما (الصين) فأكثر الأمم عدداً وأفخمها مملكة وأوسعها داراً ومساكنهم محيطة بأقصى المشارق المعمور ما بين خط معدل النهار إلى أقصى الأقاليم السبعة في الشمال. وحظُّهم من المعرفة التي [يدور فيها مناجد الأمم16 إتقان الصنائع العملية واحكام المِهَن التصوُّريَّة . فهم أصبر الناس على مطاولة التعب في تجويد الأعمال ومقاساة النصب في تحسين الصنائع

وأمّا (الترك) فأمَّة كثيرة العدد أيضاً فخمة المملكة ومساكنهم ما بين مشارق خراسان من مملكة الاسلام (5) وبين مغارب الصين وشمال الهند إلى أقصى المعمور الشمالي. وفضيلتهم17 التي برعوا فيها وأحرزوا خصلتها معاناة الحروب ومعالجة آلاتها فهم أحذق الناس بالفروسيَّة والثقافة وأَبصرهم بالطعن والضرب والرماية

وأما سائر هذه الطبقة التي لم تُعنَ بالعلوم فهم أشبه بالبهائم منهم بالناس لأنَّ من كان منهم موغلاً في بلاد الشمال ما بين آخر الأقاليم السبعة18 التي هي نهاية المعمور في الشمال. فإفراط بُعد الشمس عن مُسامتة رؤوسهم برَّد هواءهم وكثف جوَّهم فصارت لذلك أمزجتهم باردة وأخلاطهم فجَّة فعظمت ابدانهم وابيضَّت ألوانهم وانسدلت شعورهم فعدموا بهذا دقَّة الافهام وثقوب الخواطر وغلب عليهم الجهل والبلادة وفشا فيهم العمى والغباوة كالصقالبة والبُرْغَر ومن اتَّصل بهم

ومن كان منهم ساكناً قريباً من خط معدَّل النهار وخلقهُ الى نهاية المعمور في الجنوب فطول مقارنة الشمس لسَمت رؤوسهم أَسخنَ هواءَهم وسخف جوَّهم فصارت لذلك أمزجتهم حارَّة وأخلاطهم محرقة فاسودَّت ألوانهم وتفلفلت شعورهم فعدموا بهذا رجاحة19 الأحلام وثبوت البصائر وغلب عليهم الطيش وفشا فيهم النوك والجهل مثل من كان من السودان ساكناً بأقصى بلاد الحبشة والنوبة والزنج وغيرها

وأما (الجلالقة والبرابرة) وسائر سكَّان أكناف المغرب من هذه الطبقة فأمم خصها الله تعالى بالطغيان والجهل وعمَّها بالعدوان والظلم20 على أنهم لم يوغلوا في الشمال فتلاحقهم آفة البلد ولا تمكَّنوا من الجنوب فتقصر بهم طبيعة الموضع بل مساكنهم قريبة من البلاد المعتدلة الهواء. فأما الجلالقة فمساكنهم في مغارب بعض الإقليم الخامس وما يتصل بهِ من بعض الإقليم السادس وأمّا البرابر فمساكنهم في مغارب بعض الاقليم الثاني وما يتصل بهِ من الاقليم الثالث (6) وبعض الإقليم الرابع ولكنَّ الله تعالى يختصّ برحمته من يشأ ويعدل بنعمتهِ عمّن يشاء

وأما سائر من لم أذكرهُ بشيء من هذه الطبقة فهم أُسوة هؤلاء في الجهل وإن اختلفت مراتبهم فيه وتباينت قِسَمُهم منهُ لأنّهم أجمعين مشتركون فيما ذكرنا منهم من أتَّهم لم يستعملوا أفكارهم في الحكمة ولا راضوا أنفسهم بتعلُّم الفلسفة إلاّ أن جمهورهم مع هذا وهم أهل المدن وخلافهم من أهل البادية لا يَخلون حيثما كانوا من مشارق الأرض ومغاربها وجنوبها وشمالها من سياسة ملوكية تضبطهم وناموس إلهي يملكهم ولا يشذّ عن هذا النظام الإنساني ولا يخرج عن هذا التأليف الأليف العقل إلاّ بعض قطّان الصحارى وسكّان الفلوات والفيافي كرماغ البجَّة وهمج عانة وغثاء الزنج وما اشبههم

[الباب الرابع: الأمم التي عُنيت بالعلوم]

أمَّا الطبقة التي عُنيت بالعلوم فهم صفوة الله من خلقهِ ونخبتهُ من عبادهِ لأَنَّهم صرفوا عنايتهم إلى نيل فضائل النفس الناطقة الصانعة لنوع الإنسان والمقوّمة لطبعهِ وزهدوا فيما رغب فيهِ الصين والترك ومن نزع منزعهم من التنافس في أخلاق النفس الغضبيّة والتفاخر بالقوى البهيميّة إذ علموا أن البهائم تشركهم فيها وتفضلهم في كثير منها إما في الصنعة وإحكام التصوير21 وإتقان التشكيل فكالنحل المُحكمة لتسديس22 مخازن قوتها والعنكبوت المتقنة الخيوط بيوتها وتجويد تناسب الدوائر المُقاطِعة لها وغيرها من البهائم التي ظهرت منها الصنائع العجيبة والأفاعيل الغريبة حتى ضربت العرب بها الأمثال فقالت: «أَصْنعُ من السُرْفة» وهي دودة تكون في الحمص ويبلغ من صنعها أن تصنع بيتاً مربَّعاً من دقائق العيدان. وقالوا: «أَصنع من تَنَوُّط23 وهو طائر يبلغ رفقهُ في صنعهِ عشَّهُ متدلياً من الشجرة. وأما في الجرأة والشجاعة (7) فكالأسد والنمر وغيرهما من السباع التي تغاضى الإنسان إقدامها ولا يدّعي بسالتها. وكذلك أيضاً سائر القوى الحيوانيَّة من الجود والبخل وغيرهما فإنّ لبعض البهائم فيها مزيّة على الانسان. وكذلك ضربت العرب الأمثال فقالت: أَنخى من ديك واجرأ من ليث ومن ذباب وأَختل من ذئب وأخبث من ثعلب ومن ضبّ وأخشع من كلب وأظلم من حيّة وأكسب من ذَرَّة ومن نملة ومن دبّ وأجبن من نعامة وأهدى من قطاة وأحذر من عقعق وأبخل من كلب وأَلَحُّ من الحمَّى وأجبن من صِفْرد وأروغ من ثعلب وأصبر من عَود وأحنُّ من ناب

وكذلك قوى الأجسام وصدق الحواس لا ينكر أحد أن حظ بعض البهائم منها أوفر من حظ الانسان. وكذلك قالت العرب في أمثالها: أبصر عن عُقاب ومن فرس وأصحُّ من ذئب ومن ظليم وأضبط من نملة فإنَّها تحمل النواة وهي أضعافها وأسمع من قراد ومن سِمْع ومن فَرَس بيهماء وأسمعُ من دُلدل وهو القنفذ الضخمة، وأسرع من فرس. وسوى هذا مما ضربوا فيه الأمثال بأنواع البهائم

فهذا الغرض الشريف والمقصد الكريم من حبّ القوى الإنسانيَّة والكلف بالفضائل البشريَّة والأَنفة من مشاكلة البهائم والإباءَة من مشابهة السباع. وكان أهل العلم مصابيح الدجى وأعلام الهدى وسادة البشر وخيار الأمم الذين فهموا غرض البارئ تعالى منهم وعرفوا الغاية المنصوبة لهم فصلاة الله عليهم ويا وحشة الدنيا لفقدهم. وإذ قدَّمنا هذه الطبقة التي عُنيت بالعلم ثماني أمم وكان قصدنا التعريف بعا ومهم والتنبيه على علمائهم فنشرع في ذلك على حسب ما نذهب اليهِ من الإيجاز والاختصار إن شاء الله تعالى

[۱ العلم في الهند]

أما الأمَّة الأولى وهي (الهند) فأُمَّة كثيرة القدر عظيمة العدد فخمة المالك قد اعتُرف (8) لها بالحكمة وأُقِرَّ لها بالتبرُّز في فنون المعارف جميع الملوك السالفة والقرون الماضية. وكان ملوك الصين يقولون: إن ملوك الدنيا خمسة وسائر الناس أتباع فيذكرون ملك الصين وملك الهند وملك الترك وملك الفرس وملك الروم. وكانوا يسمُّون ملك الصين «ملك الناس» لأنَّ أهل الصين أطوع الناس للمملكة واشدُّهم انقياداً للسياسة. وكانوا يسمُّون ملك الهند «ملك الحكمة» لفرط عنايتهِ بالعلوم وتقدُّمهم في جميع المعارف . وكانوا يسمُّون ملك الترك «ملك السباع» لشجاعة الترك وشدَّة بأْسهم. [وكانوا يسمون ملك الفرس24 «ملك الملوك» لفخامة مملكتهِ وجلالتها ونفاسة قدرها وعظم شأنها ولأَنها حازت على الملوك وسط المعمور من الأرض واحتوت دون سائر الملوك على أكرم الأقاليم. وكانوا يسمُّون ملك الروم «ملك الرجال» لأنَّ الروم أجمل الناس وجوهاً وأحسنهم أجساماً وأشدُُّّهم أسراً

فكان الهند عند جميع الأمم على ممرّ الدهور وتقادم الأزمان معدن الحكمة وينبوع العدل والسياسة وأهل الأحلام الراجحة والآراء الفاضلة والأمثال السائرة والنتائج الغريبة واللطائف العجيبة وهم وإنْ كانت ألوانهم في أوَّل مراتب السواد فصاروا في ذلك من جملة السودان فقد جنّبهم الله تعالى سوء أخلاق السودان25 ودناءَة شِيَمهم وسفاهة أحلامهم وفضلهم على أُمم كثيرة من السُّمر والبيض

ولبعض أهل العلم بأحكام النجوم في هذا تعليل26 وذلك أنَّهم زعموا أنَّ زُحَل وعُطارد يتولَّيان بالقسمة لطبيعة الهند. فلولاية زحل لتدبيرهم اسودَّت ألوانهم ولولاية عُطارد لذلك خلصت عقولهم ولطفت أذهانهم مع مشاركة زُحل في صحة النظر وُبعد الغور فكانوا لهذا حيث هم من صفاء القرائح وسلامة التمييز وخالفوا بذلك سائر السودان من الزنج والنوبة والحبشان وسواهم. فلهذا التحقوا بعلم العدد والإحكام (9) بصناعة الهندسة ونالوا الحظّ الأوفى والقِدح المعلّى من معرفة حركات النجوم وأسرار الفلك وسائر العلوم الرياضية. وبعد هذا فإنهم أعلم الناس بصناعة الطب وأبصرهم بقوى الأدوية وطبائع المولدات وخواصّ الموجودات ولملوكهم السيرة الفاضلة والمَلَكات المحمودة والسياسات الكاملة

اما العلم الإلهيّ فإنهم مجمعون منهُ على التوحيد الله عزَّ وجلَّ والتنزيه لهُ عن الاشراك به27 ثمَّ هم مختلفون في سائر أنواعهِ فمنهم براهمة ومنهم صابئة ، فأمّا البراهمة وهي فرقة قليلة العدد فيهم شريعة النسب عندهم فمنهم من يقول بحدوث العالم ومنهم من يقول بأزلِهِ إلاّ انهم مجمعون على إبطال النبؤات وتحريم ذبائح الحيوان والمنع في إيلامهِ. وأمّا الصابئة وهم جمهور الهند ومعظمها فإنَّها تقول بأزل العالم وأنهُ معلول بذات علّة العالم التي هي البارئ عزَّ وجلّ وتعظِّم الكواكب وتصوّر لها صوراً تمثِّلها وتتقرَّب إليها بأنواع القرابين على حسب ما علموا من طبيعة كل كوكب منها ليستحبُّوا بذلك قواها ويصرفوا في العالم السفلي على اختيارهم تدابيرها. ويسمُّون كلّ صورة من هذه الصور بأسماء. [ولهم في أزمان البدارة وأدوار الكواكب وأكوارها وفساد جميع المولِّدات من العناصر الأربعة عند كل اجتماع يكون للكواكب في رأس الحمل وفي عودة المولدات في كل دور28 آراء كثيرة ومذاهب متفرقة على حسب ما بينَّا في كتابنا في مقالات أهل الملل والنحل29 ولبعد الهند من بلادنا واعتراض الممالك بيننا وبينهم قَلَّت عندنا تآليفهم فلم تصل الينا إلاّ طُرَف من علومهم ولا وردت علينا إلاّ نُبذ من مذاهبهم ولا سمعنا إلاّ بالقليل من علمائهم

فمن مذاهب الهند في علوم النجوم المذاهب الثلثة المشهورة عنهم وهو مذهب السند هند ومذهب الأزجير ومذهب الأركند30. ولم يصل (10) إلينا منهم على التحصيل إلا مذهب السند هند وهو المذهب الذي تقلدهُ جماعة من الاسلام وألَّفوا فيه الأزياج كمحمَّد بن ابراهيم الفزاري وحنش بن عبد الله البغدادي ومحمد بن موسى الخوارزمي والحسين بن محمد المعروف بابن الآدمي وغيرهم. وتفسير السند هند «الدهر الداهر» كذلك حكى الحسين بن الآدمي في زيجهِ

تقول أصحاب (السند هند) أنَّ الكواكب السبعة وأوجاتها وجَوْزََهْراتها31 تجتمع كلها في رأس الحمل خاصة في كل أربعة آلاف ألف ألف سنة وثلثمائة ألف ألف سنة وعشرين ألف ألف شمسيّة ويسمُّون هذه المدّة مدّة العالم لأنهم يزعمون أنّ الكواكب وأوجاتها وجوزهراتها متى اجتمعت في رأس الحمل فَسَدَ جميع المكوّنات في الأرض وبقي العالم السفلي خراباً دهراً طويلاً حتى تتفرَّق الكواكب والأوجات والجوزهرات في البروج فإذا كان كذلك بدأ الكون وعادت حالة العالم السفليّ إلى الأمر الأوَّل هكذا أبداً الى غير غاية عندهم. ولكل واحد من الكواكب والأوجات والجوزهرات أدوارٌ ما في هذه المدَّة التي هي عندهم مدَّة العالم قد ذكرتُها في كتابي المؤلف لإصلاح حركات النجوم32

وأمّا أصحاب (الأزجير) فإنهم وافقوا أصحاب السند هند إلا عدد مدة العالم فإن مدتهم التي ذكروها أنَّ الكواكب وأوجاتها وجوزهراتها تجتمع عندهم في رأس الحمل هي جزء من ألف من مدة السند هند وذلك عندهم تفسير الأزجير

وأما أصحاب (الاركند) فإنهم خالفوا الفرقتين الأوَّلتين (كذا) من حركات الكواكب وفي مدة العالم خلافاً لم يبلغني حقيقتهُ

وممّا وصل إلينا من علومهم في الموسيقى الكتاب المسمى بالهنديّة «نافر» وتفسيرهُ ثمار الحكمة فيه أصول اللحون وجوامع تآليف النغم

وممّا وصل إلينا من علومهم في إصلاح الأخلاق وتهذيب النفوس (11) كتاب كليلة ودمنة الذي جلبهُ برزويهِ الحكيم الفارسيّ من الهند الى انوشروان بن قباد33 ابن فيروز ملك الفرس و ترجمهُ لهُ من الهنديَّة الى الفارسيَّة34 ثمَّ ترجمه في الإسلام عبد الله بن المقفَّع من اللغة الفارسية الى اللغة العربية وهو كتاب عظيم الفائدة شريف الغرض جليل المنفعة35

وممّا وصل إلينا من علومهم في العدد حساب الغيار36 الذي بسطهُ أبو جعفر محمد بن موسى الخوارزمي وهو أوجز حساب وأحضرهُ وأقربهُ تناولاً وأسهلهُ مأخذاً وأبدعهُ تركيباً يشهد للسند بذكاء الخواطر وحسن التواليد وبراعة الاختراع

وممّا وصل إلينا من نتائج فكرهم الصحيحة ومولّدات عقولهم السليمة وغرائب صنائعهم الفاضلة الشطرنج. وللهند فيما يتركَّب من بيوتها من الأعداد المضاعفة رموزُ أسرارٍ يعتقدونها من تقدمة المعرفة وغوامض يتنحَّلونها من القوى الخارجة عن الطبيعة. ولعمري أن في ما يظهر عند استعمالها بتصريف قطعها من حسن التأليف وعجيب الترتيب لَغَرضاً جليلاً ومقصداً فخماً لما في ذلك من التنبيه على وجه التحرُّز من الأعداء والإشارة إلى صورة الجبلَّة في التخلُّص من المكاره. وكفى بهذا فائدة جمّة وثمرة نافعة

وممّا بلغنا ذكرهُ من علمائهم بهيئة العالم وتركيب الأفلاك وحركات النجوم كنكه الهندي فإنَّ ابا معشر جعفر بن عمر البلخي ذكر في كتاب الألوف37 انه المقدَّم في علم النجوم عند جميع العلماء من الهند في سالف الدهر38 ولم يبلغني تحديد عصرهِ ولا شيء من أخبارهِ غير ما ذكرناهُ عنهُ

٢ العلم في الفرس

وأمّا الأمّة الثانية وهي الفرس فأهل الشرف الباذخ والعز الشامخ وأوسط الأمم داراً وأشرفها إقليماً وأَسْوَسُُها ملوكاً ولا نعلم أمّة غيرها دام لها الملك وكانت لهم ملوك تجمعهم ورؤوس تحامي عنهم مَن ناوأهم وتغلب بهم مَنْ غارهم وتدفع ظالمهم عن مظلومهم (12) وتحمّلهم من الأمور على ما فيه حظهم على اتّصال ودوام وأحسن التئام وانتظام يأخذ ذلك آخرهم عن أوَّلهم وغابرهم عن سالفهم

قال صاعد ولأهل العلم بتاريخ الأمم تنازع في مدّة مملكة الفرس ليس هذا موضعُ ذكرهِ وقد أتينا باختلافهم في ذلك في كتابنا في جوامع أخبار الأمم من العرب والعجم39

واصحُّ ما قيل في ذلك أنَّ من ابتداء ملك كَيومرث بن أميم بن الادّ بن سام ابن نوح أبي40 الفرس كلها الذي هو عندهم آدم أبو البشر عليه السلام الى ابتداء ملك منوشهر41 أول ملوك الطبقة الثانية من ملوك الفرس نحو ألف سنة كاملة. ومن ملك منوشهر إلى ابتداء ملك كَيْقُباذ بن روع أول ملوك الطبقة الثالثة من ملوك الفرس قريب من مائتي عام. ومن ملك كيقباذ إلى ابتداء ملك الطوائف وهي الطبقة الرابعة من ملوك الفرس وذلك عند مقتل الإسكندر لدارا بن دارا آخر ملوك الطبقة الثالثة من ملوك الفرس نحو ألف سنة. ومن أول ملك الطوائف إلى ابتداء ملك أزدشير بن بابك42 الساساني أول ملوك بني إسرائيل وهي الطبقة الخامسة من ملوك الفرس خمسمائة سنة وإحدى وثلثون سنة. ومن ابتداء ملك أزدشير بن بابك42 إلى انقضاء دولة الفرس من الأرض وذلك عند قتل يزدجرو بن شهریار زمان خلافة عثمان بن عفَّان رضي الله عنه في سنة اثنتين وثلثين من الهجرة أربعمائة سنة وثلث وثلثون سنة. فذلك ثلثة آلاف سنة ومائة سنة وأربع وستون سنة. وإنما ذكرنا مدة ملكهم. وإن لم يكن من غرض هذا الكتاب لترى بذلك فخامة مملكتهم وعظم سلطانهم. ولهذا ومثلهِ من سائر جلالتهم استحقَّ ملوكهم عند سائر الملوك أن ُيقال لهم «ملوك الملوك» على حسب ما قدَّمنا قبل ذلك

وأعظم فضائل ملوك الفرس التي اشتهروا بها حسن السياسة وجود التدبير لا سيَّما ملوك بني ساسان (13) منهم فهم ملوك لم يكن في سائر الأعصار مثلهم رجاحة43 أحلام وكرم سيرة واعتدال مملكة وبُعد صيت

ومن خواصّ الفرس عناية بالغة بصناعة الطب ومعرفة ثاقبة بأحكام النجوم وتأثيرها في العالم السفليّ وكانت لهم أرصاد للكواكب قديمة ومذاهب في حركاتها مختلفة فمن ذلك المذهب الذي ألَّف عليه أبو المعشر جعفر بن محمد البلغيّ زيجهُ الكبير وذكر أنهُ مذهب العلماء المتقدمين من أهل فارس وكثير من علماء سائر النواحي

وحكى أن مدّة العالم عندهم جزء من اثني عشر ألف من مدّة السند هند وذلك ثلثمائة ألف سنة وستون ألف سنة وأنَّ هذه المدة عندهم هي التي تجتمع فيها أوساط الكواكب خاصّة في رأس الحمل من غير أن يكون معها أوجاتها وجوزهراتها. وأثنى أبو معشر على هذا المذهب وقال انَّ أهل الحساب من فارس وبابل والهند والصين وأكثر الأمم ممَّن كانت لهُ معرفة بصناعة النجوم مجمعون على أنَّ أصحَّ الأدوار دور هذه الفرقة وكانوا يسمونها بسني العالم وبهذا الاسم كانت تسمّيها الأمم الخالية من أهل هذه الصناعة على قديم الدهور. وأمّا أهل زماننا فإنَّهم يسمونها بسني أهل فارس

وللفرس كتب جليلة في أحكام النجوم منها كتاب في صور درجات الفلك ينسب الى أزدرشت44 وكتاب التفسير وكتاب حاماستف45 وهو جليل جداً

وذكر بعض علماء الأخبار أنَّ الفرس في أوَّل أمرها كانت موحدة على دين نوح عليهِ السلام إلى أن أتى بوذاسف المشرقي الى طهْمورَث ثالث ملوك الفرس بمذهب الحنفاء وهم الصابئيُّون فقبلهُ منهُ وقهر الفرس على التسرُّع بهِ فاعتقدوهُ نحو ألف سنة وثمانمائة سنة الى ان تمَّجسوا46 جميعاً

وكان سبب تمجُّسهم أن (14) زرادشت الفارسيّ ظهر في زمان يستاسب47 ملك الفرس ولثلثين سنة خلت من ملكهِ ودعا الى دين المجوسيَّة من تعظيم النار وسائر الأنوار والقول بتركيب العالم من النور والظلام واعتقاد القدماء الخمسة التي هي عندهم: البارئ (تعالى عمّا يقولون) وإبليس والهيولى والزمان والمكان وغير ذلك من شريعة المجوسيَّة. فقبل ذلك منهُ يستاسب وقام بدينه وقاتل الفرس عليه حتى انقادوا جميعاً إليه ورفضوا دين الصابئة واعتقدوا زرادشت نبيا مرسلاً من عند الله عزّ وجلّ إليهم ولم يزالوا على دينهِ وملتزمين لشريعتهِ قريباً من ألف سنة وثلثمائة سنة إلى أن ضعضع ملكهم عمرُ بن الخطّاب رضي الله عنهُ واحتوى على المدائن قاعدة عزّهم وطردهم عن العراق وما يتّصل بها إلى بلاد خراسان ثمَّ استأصل (عثمان) بقيَّة ملكهم بقتل يزدجرد بن شهريار آخر ملوكهم في خلافتهِ وذلك سنة اثنتين وثلاثين من الهجرة وباد منهم خلق عظيم في الحروب الواقعة بينهم وبين المسلمين في يوم القادسيَّة ويوم جَلُولاء48 ويوم نِهاوَند وغيرها وأسلم منهم جماعة وبقيت بقيَّتهم على دين المجوسية إلى الآن أهل ذمَّة كذمَّة اليهود والنصارى بالعراق والأهواز وبلاد فارس وإصبهان وخراسان وغيرها من مملكة الفرس قبل الاسلام

٣ العلم عند الكلدان

وأمّا الأمّة الثالثة وهم الكلدانيون فكانت أمّة قديمة الرئاسة نبيهة الملوك كان منهم النماردة الجبابرة الذين كان أوَّلهم النمرود بن كوش بن حام باني المجدل الذي ذكره الله تعالى في قوله49: قد مكرَ الذين من قبلهم فاتى الله بنيانهم من القواعد فخرَّ عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون

وحكى أبو محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمَداني المعروف بابن ذي الدمينة50 صاحب کتاب سرائر الحكمة وكتاب الإكليل وغيرهما أنَّ ارتفاع سمك المجدل كان فيما ذكرهُ أهل العلم خمسة آلاف (15) ذراع وكان عرضهُ ألف وخمسمائة ذراع. ويزعم البابليُّون $$ ان هذا النمرود البابلي باني الصرح كان اول ملوك الارض بعد الطوفان وكان منهم نمرود ابراهيم (۲) عليه السلام وهو النمرود بن كنعان بن سنحاريب (۳) بن النمرود الأكبر باني الصرح . وكان منهم بخت نصر بن مروز اذان ابن سنحاريب (۳) من ولد نمرود الاصغر بن كتمان الذي غزا بني اسرائيل وقتل منهم ابني خلقاً عظيماً وسبى بقيتهم وغزا مصر وافتتحها ودوخ كثيرا من البلدان ولم يزل ملك بخت نصر بابل وجميع بلاد الكلدانيين الى ان ظهر عليهم الفرس وغلبوهم على مملكتهم وابادوا كثيراً منهم فدرست اخبارهم وطمست آثارهم وكان من الكلدانيين علماء من اجل الناس فضلًا وحكماً متوسعون في فنون المعارف من المهن التعليمية والعلوم الرياضية والالهية . وكانت لهم علوم بإرصاد الكواكب وتحقق بعلم اسرار الفلك ومعرفة مشهورة بطبائع النجوم واحكامها وخواص المولدات وقواها . وهم نهجوا لاهل الشق الآخر من معمور الارض الطريق الى تدبير الهيكل (٤) لاستجلاب قوى الكواكب واظهار طبائعها وطرح شعاعاتها عليها بانواع القرابين المؤلفة لها وضروب التدابير المخصوصة بها فظهرت منهم الافاعيل الغريبة والنتائج العجيبة من انشاء الطلسمات وغيرها من صناعة السر واشهر علمائهم عندنا واجلهم هو هرمس البابلى وكان في عهد سقراط الفيلسوف اليوناني. وذكر عنه ابو معشر جعفر بن محمد بن عمر البلخي في كتاب الالوف انه هو الذي صحح كثيراً من كتب الاوائل في علوم النجوم وغيرها من اصناف الفلسفة مما كان فسد وانه صنف كتباً كثيرة في علوم شتّى. قال ابو معشر : والهرامس جماعة شتى منهم الهرمس الذي كان قبل الطوفان الذي يزعم العبرانيون انه خنوخ النبي وهو ادريس عليه السلام . وكان يعد الطوفان ( 16 ) منهم عدة ذوو معرفة وتمييز 1) ٢) لم يأتِ في الآثار القديمه ذكر نمرود آخر غير البابلي ) في الاصل سنجادب

يريد الهياكل ذات الطبقات السبع التي كانوا يبنوفا للسيارات السبع صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/19 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/20 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/21 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/22 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/23 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/24 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/25 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/26 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/27 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/28 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/29 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/30 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/31 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/32 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/33 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/34 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/35 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/36 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/37 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/38 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/39 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/40 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/41 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/42 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/43 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/44 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/45 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/46 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/47 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/48 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/49 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/50 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/51 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/52 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/53 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/54 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/55 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/56 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/57 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/58 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/59 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/60 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/61 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/62 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/63 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/64 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/65 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/66 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/67 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/68 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/69 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/70 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/71 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/72 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/73 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/74 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/75 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/76 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/77 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/78 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/79 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/80 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/81 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/82 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/83 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/84 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/85 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/86 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/87 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/88 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/89 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/90 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/91 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/92 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/93 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/94 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/95 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/96 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/97 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/98 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/99 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/100 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/101 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/102 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/103 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/104 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/105 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/106 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/107 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/108 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/109 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/110 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/111 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/112 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/113 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/114 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/115 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/116 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/117 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/118 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/119 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/120 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/121 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/122 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/123 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/124
فهرس
كتاب طبقات الأمم
صفحة
 
توطئة: في تعريف الكتاب ومؤلفهِ
۳
 
الباب الأول: الأمم القديمة
٥
 
الباب الثاني: اختلاف الأمم وطبقاتها بالأشغال
٧
 
الباب الثالث: الأمم التي لم تُعْنَ بالعلوم
٨
 
الباب الرابع: الأمم التي عُنيت بالعلوم
١٠
 
١ العلم في الهند
١١
 
٢ العلم في الفرس
١٥
 
٣ العلم عند الكلدان
١٧
 
٤ العلم في اليونان
١٩
 
٥ العلوم في الروم
٣٣
 
٦ العلوم في أهل مصر
٣٨
 
٧ العلوم عند العرب
٤١
 
العلوم في الأندلس
٦٢
 
٨ العلوم في بني إسرائيل
٨٧
 
روايات النسخ الخطية المحفوظة في المتحف البريطاني في لندن
٩١
 
ملحوظات و إصلاحات
١٢١
 

صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/126 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/127 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/128 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/129 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/130 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/131 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/132 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/133 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/134 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/135 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/136 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/137 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/138 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/139 صفحة:طبقات الأمم (صاعد الأندلسي).pdf/140

  1. وزد عليها رابعاً الأديان
  2. ليس في الأصل ذكر للأبواب وإنما أوردناها تيسيراً للمطالب
  3. في الاصل اذان
  4. كذا ولعله يريد سجستان
  5. كذا ولعله تصحيف الزندية (le zend)
  6. في الأصل ومصر وهو تصحيف
  7. في الاصل والشجر وهو غلط
  8. هذا رأي لم يوافق عليه العلماء في يومنا بعد الاكتشافات الحديثة في جهات بابل وفي جزيرة العرب وغيرها. وكذلك قول المؤلف عن تفرع اللغات وعددها واختلافها فيه نظر
  9. في الاصل تبرجان والورس والبرغز بالغلط
  10. والصواب بحر قابس
  11. في الأصل ليماك والطغرغر وهو تصحيف
  12. في الاصل حوران وهو غلط. أما جيلان ويقال گیلان فقريبة من الديلم. والسرير على ما قال ياقوت في معجم البلدان (۸۸:۳) مملكة واسعة بين اللان وباب الأبواب أهلها نصاری
  13. في الأصل طيلستان وطيلسان. من أقاليم الخزر والديلم
  14. هذه العبارة في الأصل مبهمة
  15. في الأصل الجزر تصحيف
  16. الأصل مبهم
  17. الأصل فصيلتهم
  18. ذلك وفقاً لتعليم القدماء كبطلميوس ومَن تبعهُ الذين جعلوا الأرض سبعة أقسام دعوها أقاليم وهي على شكل بسيطة. فأفضل هذه الأقاليم الأربعة التي بين إقليمي الشمال والجنوب
  19. في الأصل رجاجة
  20. لم يُصب المؤلف بنسبتهِ إليهِ تعالى هذه الخصال وغاية ما يقال أنَّ تلك الأمم أقلّ من سواها استعداداً للتمدن. وكثير منها اليوم لا ينقصهُ شيء من أسباب الحضارة
  21. في الأصل التصوّر
  22. في الأصل «فكل النحل … لتشديش» وهو غلط
  23. في الأصل قنوط وهو غلط وكذلك وقع بعض أغلاط في الأمثال الآتية أصلحناها
  24. هذا ناقص في الأصل
  25. في الأصل: سوء الأخلاق والسودان. وهو غلط
  26. هذا التعليل المبني على مزاعم أهل التنجيم والفراسة باطل لا صحة له
  27. ليس هذا بصحيح فإنَّ الشرك شائع في كل انحاء الهند. ولعله أراد ديانة البوذيين وفيها أيضاً ضروب من التعاليم الفاسدة الممزوجة بالأضاليل الوثنية
  28. هنا قد طرأ على الأصل بعض فساد
  29. راجع المقدمة
  30. ألفاظ هنديَّة لم نطَّلع على أصلها وسيأتي شرحها
  31. الأوج من مصطلحات علم النجوم أبعد نقطة من الخارج عن مركز الفلك. والجَوْزهر ويقال ڭوزهر عقدة الرأس والذنب في منطقة البروج
  32. اطلب المقدمة
  33. في الأصل قتاد
  34. يريد اللغة البهلويَّة التي عنها نقل عبد الله بن المقفَّع وكان سبقهُ إلى نقلها إلى الكلدانية البردوط بوذ في القرن السادس للمسيح
  35. اطلب طبعتنا لهذا الكتاب عن اقدم نسخة خطية مؤرخة
  36. يريد حساب الاعداد العشرية التي اخذهُ العرب عن أهل الهند وقد ذكرنا في المشرق (ص ۳۳۹) أنَّ السريان سبقوهم إلى معرفتهِ ولعلَّ العرب اخذوهُ عن لأهل الهند بواسطتهم. ثم أخذه الفرنج عن العرب
  37. الحاج خليفة (١: ٥٠)
  38. هذه العبارة عن كنكه نقلها بحرفها ابن أبي أصيبعة في طبقات الأطبّاء (۳۳:۲)
  39. اطلب المقدمة
  40. في الأصل «إلى»ّ
  41. والفرس يقولون منوجهر
  42. 42٫0 42٫1 في الأصل بابل وهو تصحيف
  43. في الاصل رجاجة
  44. كذا والمعروف زرادشت
  45. كذا في الأصل والصواب جاماساف
  46. التمجُّس الدين بالمجوسية وهي عبادة النار والشمس
  47. ويقال بِشّتاشْف و كيستاسب و و كيستاسف
  48. في الأصل حلولاء غلط
  49. اطلب سورة النحل (العدد ۲۸)
  50. ويعرف بابن الحائك توفي سنة ٣٣٤ ھ (٩٤٥ م)