رأي، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. فبناء على ذلك أصدرنا لكم مرسومنا هذا من ديوان دار الجهاد محروسة عكا المحمية بوصوله تدققوا في معناه، وتتجنبوا مخالفته، وتعتمدوه غاية الاعتماد».
٣١— وقد شق محمد علي باشا والي مصر في ذلك الحين عصا الطاعة، واتخذ خلافه مع عبدالله باشا والي عكا حجة فرمى إلى احتلال سوريا. وأرسل جيشاً بقيادة ابنه ابراهيم باشا. وقد احتلت جنوده العريش وغزة (۱۸۳۱ م) وظل يتوغل في البلاد إلى أن افتتح عكا، وامتلك الشام، ودان له قسم غير قليل من بر الاناضول، وكاد يهدد الآستانة. فتداخلت الدول، وانسحب بعد أن خصصت مصر له ولذريته من بعده. وقد جرت له في هذه البلاد وقائع سنأتي على ذكرها بالتفصيل في فصل آخر من هذا الكتاب .
۳۲— ومن الحوادث التي جرت في ذلك العهد، وكان لها بعض المساس بغزة تلك التي كان بطلها (عقيلة آغا) الحاسي١. ولد هذا بغزة ثم رحل عنها (١٨٤٥م) إلى الناصرة فالتحق بحاشية (محمود آغا عون الله). وقد اختلف مع حاكم الناصرة (محمد باشا سواري)، وأقام عند بني صخر، وانتدب للمحافظة على الغور من جهة جبل عجلون من قبل والي القدس وسر عسكر اوردو الشام (قبرصلي باشا)، فقام بمهمته حق القيام، واشتهر؛ ولكن شهرته عادت عليه بالوبال. إذ أن محافظ عكا (مصطفى رشيد باشا) ألقى القبض عليه، وأرسله إلى عكا محفوراً، ثم نفاه إلى بلاد الصرب(١٨٥٣م). لكن عقيلة تمكن من الهرب من منفاه، وجاء إلى حلب. فخشيت الدولة نفوذه، فأوعزت إلى (وامق باشا) والي بيروت كي يتلافى الأمر بالتي هي أحسن. فتلافاه وأرجعه إلى سابق عهده في خدمة الدولة.
ازداد عقيلة شهرة بين العرب. ولكن الأكراد كانوا يكرهونه. فجمع حوله
- ↑ الحاسي، والحرابي، والبراعصة فروع لقبيلة من القبائل العربية النازلة في الجبل الأخضر من بلاد المغرب. وقد كان موسى آغا والد عقيلة آغا من رجال قبيلة الحاسي. فهجر وطنه على أثر قتله لرجل من أقاربه ، وجاء إلى غزة هاشم. وكان ذلك عام ١٨١٤م (١٢٢٩هـ) وقد حل ضيفاً على الحاج محمد نجا من البراعصة، وكان هذا قد جاء إليها قبله، وعظم فيها شأنه. وقد ترأس موسى عند البرعصي على خمسين خيالا. وبعد موت الحاج محمد ترأس مكانه. وقد تزوج امرأة من عرب التركمان تدعى (خضرة الشقيرى) فولد له منها ثلاثة أولاد هم عقيلة وصالح وعلي.