ذكرت مقدمة ابن خلدون فى الكتب التي تدرس في علم التاريخ ، مع أن
شيخ الأزهر فى ذلك العهد كان الشيخ الأنبابي ، وقد طلب منه الشيخ محمد
عبده أن نقرأ مقدمة ابن خلدون فى الأزهر فأبى كما سبق ، لأن العادة لم
تجر بقراءتها فيه.
طريقة الدراسة قبل سنة ١٣١٤ هـ
وأما طريقة تدريس هذه العلوم والكتب فتؤخذ من إيثار هذه الكتب فيها دون غيرها ، لأنها إلا النادر منها من الكتب ذات المتون التي كان الطلاب يُعنَون بحفظها في ذلك العهد ، فكان حفظ المتون أول مايهتم به فى الأزهر ، وكان هو أساس التعليم فيه ، حتى شاع عند أهله أن من حفظ المتون حاز الفنون، وكانت هذه المتون تحفظ قبل دراستها من غير فهم ، ومثل هذا يدل على أنهم كانوا لا يهتمون بالفهم كما يهتمون بالحفظ ، وكان أصحاب هذه المتون يتنافسون فى سلوك سبيل الإيجاز فيها ، حتى صارت عبارتها غامضة معقدة، ولا سيما إذا كانت منظومة ، وقد استوجب هذا أن تكون أكثر عناية تلك الكتب التي وضعت لشرحها في تفسير غوامضها ، وفى حل معقداتها ، وبهذا ضاعت فيها العناية بدراسة مسائل العلوم التي وضعت فيها ، وكان لهذا أثره أيضاً فى شيوع الغموض والتعقيد في التأليف، حتى صارت تلك الشروح فى حاجةإلى حواش تفسر ما فيها من غموض ، وحتى صارت تلك الحواشى فى حاجةإلى تقارير تشرح ما فيها من غموض أيضاً ، فيكون أكثر مايهتم به المدرس والطالب أن ينتقل من المتن إلى الشرح و من الشرح إلى الحاشية ، ومن الحاشية إلى التقرير ، فإذا تم لهما هذا ظفرا بالمراد ، وهو فهم عبارات المتون والشروح والحواشى ، ولا يهمهما بعد هذا شيء من مسائل العلوم ، لأنه كان يبلغ من أمر أهل الأزهر أن يهتموا بتصحيح عبارات المتون ، ولو أدى هذا إلى إفساد قواعد العلوم ، وقد ذكر