صفحة:-عبد المتعال الصعيدي- تاريخ الإصلاح في الأزهر-1943.pdf/45

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

-۳۹ -


الشرعية والأوقاف الخيرية والأهلية، فقد تركها الإنجليز لحكومة توفيق باشا ، لما لها من الصبغة الدينية ، ولم يمنع الاحتلال مصر من المضى في طريق الإصلاح الذي ابتدأه محمد على باشا وإسماعيل باشا، وإن حاولوا تعويقه والمضى به إلى غاية تخضع المصريين لهم، وتمكنهم من الاستئثار بخيرات بلادهم دونهم.

فرأى أولو الأمر من المصريين أن يأخذوا بالإصلاح الديني الذي كان جمال الدين الأفغانى يدعو اليه ، لينهضوا بأهل مصر ، ويقضوا على ذلك الجمود الذي أضعفهم ، ومكن لأعدائهم منهم ، وقد سبق أن توفيق باشا كان يؤمن بما يدعو اليه جمال الدين الأفغانى من الإصلاح ، وأنه لم يعقه عن الأخذ به إلا سعى الإنجليز وغيرهم فى الإفساد بينه وبين جمال الدين ، فلما رأى نوايا الإنجليز فى استغلال تأخر المصريين أخذ يعمل على النهوض بهم ، ولم يجد أمامه وسيلة إلى هذا إلا إصلاح الأزهر ، والسعى في إزالة سوء ظنه بالعلوم الحديثة اللازمة لنهوض البلاد، ليمكن لها من الدخول فيه ، فيجمع بها أهله بين الثقافة القديمة والحديثة، ولا يقفوا حجر عثرة في سبيل النهوض.

فتوى الشيخ الأنبابي في العلوم الرياضية والفلسفية

وقد ذكر الأستاذ مصطفى بيرم سعى ولاة الأمور في ذلك في رسالته عن الأزهر لمؤتمر علماء اللغات الشرقية المنعقد بمدينة همبورج بألمانيا سنة ۱۹۰۲ م . فقال بعد ذكر مجافاة أهل الأزهر لتلك العلوم :

"فبقيت تلك العلوم الرياضية والجغرافية والعقلية والفلسفية مهجورة من الأزهر ، ينظر إليها بعين السخط ، ويفر من سماعها فرار الصحيح الأجرب ، ولكن بفضل الله وكرمه لم يطل الأمر على ذلك كثيرا ، حتى قيص الله لنا من أمرائنا الكرام ، ووزرائنا الفخام، وعلمائنا الأعلام ، من تنبه لأسباب تأخرنا العلمى ، وأخذوا في السعى