صفحة:-عبد المتعال الصعيدي- تاريخ الإصلاح في الأزهر-1943.pdf/39

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ثم سافر إلى الهند ليكمل دراسته فيها ، فمكث فيها سنة وبضعة أشهر درس فيها العلوم العصرية في المدارس التي أنشأها الإنجليز فيها ، وتعلم اللغة الانجليزية كما تعلم قبلها العربية والفارسية والتركية، فجمع بهذا بين القديم والحديث ، و تثقف تلك الثقافة الواسعة ، ولعلها لم تتهيأ لعالم مسلم فى عصره.

فكان لهذه الثقافة الواسعة أثرها في تنبهه إلى الخطر الذي يحدق بالاسلام من إهمال أهله ، وقعودهم عن إصلاح التعليم في بلادهم، واستنامتهم لدول أور با التي استولت على كثير من بلادهم ، فانتقل من بلاد الأفعان إلى الهند في سنة ۱٢٨٥ هـ ، و أخذ يلقى على أهلها دروسا في الحرية والوطنية ، وينبههم إلى الخطر المحدق بهم من استنامتهم لحكم الأجنبي فيهم ، فلم يمكنه الإنجليز من الإقامة في الهند ، فانتقل منها إلى مصر سنة ١٣٨٦ هـ ، وأقام فى القاهرة أربعين يوماً ، تردد فيها على الجامع الأزهر ، واتصل به كثير من العظام والطلاب ، فأعجبوا به كل الإعجاب ، ورأوا منه مالم يروه من علماء الدين في الأزهر ، ثم ترك القاهرة إلى الآستانة ، فوصل اليها في سنة ١٣٨٧ هـ ، فأكرمه السلطان عبد العزيز وقربه منه ، وعينه عضواً في مجلس المعارف

فأخذ يعمل في إصلاح مناهج التعليم ، ويحاول القضاء على الجمود في الدين والعلم ، حتى اصطدم برجال الدين فى الآستانة، وأخذ شيخ الإسلام حسن أفندى فهمى يؤلب عليه العامة ، ويدبر له الفتن ، فأمره السلطان أن يترك الآستانة ، ليسكن غضب رجال الدين ، ويقضى على تلك الفتن

فعاد جمال الدين إلى القاهرة فى أوائل سنة ۱۲۸۸ هـ ، فأكرمه إسماعيل باشا ، وأجرى عليه راتباً يليق به، فجعل من بيته مدرسة يقصدها النابهون من طلاب العلم في الأزهر وغيره ، وكان يدرس لهم أمهات الكتب في علم الكلام والحكمة والهيئة والتصوف وأصول الفقه، ولم يكن يقصد من دروسه التعليم فقط ، بل كان يقصد منها الدعوة إلى الإصلاح، وفتح باب الاجتهاد في الدين والعلم ، وبث الأخلاق العالية في النفوس ، وكان إلى هذا يرشد الطلاب إلى مطالعة كتب الأدب، ليتعلموا منها حسن الكتابة