صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/270

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۶۲ - وما يجرى مجرى هذه ، وفى المبدأ المشترك لجميع الموجودات ، وهو الشيء الذي ينبغي أن يسمى باسم الله جل جلاله . . . لأن الله مبدأ الموجود المطلق لا لموجود دون موجود . فالقسم الذي يشتمل منه على إعطاء مبدأ الموجود ينبغي أن يكون هو العلم الإلهى ، لأن هذه المعاني ليست خاصة بالطبيعيات بل هي أعلى من الطبيعيات عموماً ، فهذا العلم أعلم من علم الطبيعة ، وواجب أن يسمى علم ما بعد الطبيعة . . . » وكلام صاحبنا الفارابي على تركيته العربية أو عربيته التركية كلام صحيح التعريف بفضل الفلسفة أو البحث فيا وراء المادة وما وراء الزمان والمكان ، ولكننا بعد ما قدمناه في موقع الفلسفة من الضرورة نعود فنقول : إنها ليست البعد عن حياتنا الفردية أو حياتنا الاجتماعية بحيث تخرج من عالم الطبيعة إلى ما وراءها ، و إن الإنسان ما عاش ولن يعيش بغير فلسفة حياة منذ بحث في العلاقة بينه و بين العالم المنظور والعالم المحجوب ، ومرحلة الحياة كما قلنا في بعض كتبنا الحديثة : «كجميع المراحل التي نقطعها من مكان إلى مكان ، لا تركب القطار حتى تحصل على التذكرة ، ولا تحصل على التذكرة حتى تعرف الغاية التي تسير إليها . غاية ما هنالك من فرق بين راكبين أن أحدها يقرأ التذكرة والثاني لا يقرأها ، أو أن أحدها يؤدى ثمنها من ماله والثانى يؤدى له الثمن من مال غيره . . . » والعجب أن بعض الفضلاء من طلاب الحقيقة لا ينظرون إلى الفلسفة هـذه النظرة ، ولا يحجمون عن نعتها باللغو الفارغ والهذر الذي ليس وراءه طائل، وكذلك قبل الكاتب النزيه الأستاذ نقولا حداد حين جرى البحث على صفحات ( الرسالة ) من وحدة الوجود ، فضرب المثل على سخف المذاهب الفلسفية القديمة بقول فيثاغورس إن العدد هو سر الوجود ، و إن النسبة بين الأشياء هي نسبة بين أعداد قال فيثاغورس ذلك قبل خمسة وعشرين قرناً ، فكان فرضه هذا أقرب إلى الصـدق من فروض عالمية كثيرة فتن بها الناس إلى سنوات . وقاله فيثاغورس حين رأى أن الأوصاف كلها قد تفارق الموجودات من لون