صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/257

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ٢٤٩ - ولكن الشيوعيين لا يغلبون هوى المصلحة ، لأن الخروج منه مستحيل ، و إنما يغلبونه لأن تغليبه نافع لهم فيما يقدرونه و يفسرون به الأمور . ولا نقول : إن الشيوعيين وحدهم يغلبون الهوى في تفسير التاريخ وتصوير الحقائق ، فهذه خليقة شائعة بين جميع الناس ملحوظة بين أصحاب المذاهب بلا استثناء . منه ولكننا نقول : إن الشيوعيين وحدهم هم الذين جعلوا ذلك فرضاً لامناص م ولم يجعلوه عيباً يصححونه ويخجلون من إعلانه . وهذا هو الفارق الكبير بين الرأيين فعلينا أن نعترف بالهوى ولا نجهل صنيعه في أفاعيل الأمم والأفراد، ولكن علينا أن نغالبه ما استطعنا كلما عرفناه واقتدرنا عليه . وهذا هو الواجب في كل عيب من العيوب ، أيا كان سببه وأيا كان الناظر إليه . م فأذكر أن « برتراند رسل» الفيلسوف الرياضي الباحث الاجتماعي الكبير قد أشار في بعض كتبه بإباحة العلاقات بين الفتيان والفتيات « بغير بنين» ليتم لهم اختبار الحياة الجنسية قبل الاضطلاع بتبعاتها ، ولأن المنع رياء ما دامت الإباحة قائمة فعلا و إن سترت من أعين المجتمع والشريعة . فأما اختبار الحياة الجنسية فليست الإباحة سبيله الوحيد ، وليس الزواج بعلاقة " جنسية وكفى فيكون اختباره من طريق ذلك الانطلاق t وأما أن الإباحة مطلوبة ما دامت حاصلة ، فهذا الذي يشبه عندنا مذهب الشيوعيين أن الهوى مفروض مادام من عادات بنی آدم . فالسرقة موجودة ولا نعالجها برفع العقوبة عنها ، والسقم الذي يأتي من الطعام موجود ولا نعالجه بتسويغ الطعام المستقم للأبدان ؛ و إنما وجود هذه الآفات هو