صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/211

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ۲۰۳ - من الشعر ، وإن القصة في معدنها دون الشعر في معدنه ، لأن النفاسة هي أن يساوى الشيء القليل ما يساويه الشيء الكثير . أيقول الأستاذ إن خمسين صفحة من القصة لازمة للتصوير والحوار الذي يتحقق به سياق القصة ؟ . حسن . فهذا اللزوم نفسه هو الذي ينزل بها دون منزلة الشعر في متعة الذهن والخيال ، لأن الشعر بغير حوار و بغير تمهيد من أمثال تلك التمهيدات القصصية يعطينا في خمسين صفحة أضعاف ما نعطاه في تلك الصفحات ، بل هي لا تعطينا في القصة شيئا إلا إذا وصلت بعد التمهيد والحوار إلى مادة الشعر في لبابها : وهى التصوير والخيال . وقال الأستاذ عن المقياس الثاني : « أما المقياس الثاني فأحسبه ليس كذلك فاصلا ، فالطبقات الدنيا في الثقافة أو في الأخلاق لا تروج عندها إلا أنواع خاصـة من القصص ليست هي التي يفاضل بينها الكاتب و بين الشعر ، وكما يروج عنـدهم نوع من القصص رخيص . كذلك يروج عندهم أنواع من الشعر رخيصة ، على أننـا نجد أن ميل العامة ليس دائما إلى القصص ، فهناك من الأم ما يميل عامتها وخاصتهـا إلى الشعر و يروج عندهم . ونقول نحن : إن ميل بعض العامة إلى الشعر صحيح ، ولكن حين يكون الشعر قصة ، وحين يكون الشعر من قبيل ملاحم الهلالي والزير سالم. أما حين يكون الشعر • وصفاً كوصف ابن الرومي أو البحتري ، وحكمه كحكمة أبي الطيب وأبي العلاء ، وفخراً " . كفخر الشريف وأبي فراس ، فالعامة لا تفضله على القصص التي تفهمها، وإن أسفت : غاية الإسفاف . «... ومما لا شك فيه أن عدد النسخ التي تصدر من ديوان المتنبي في الطبعة الواحدة أقل من عـدد النسخ التي تصدر من ألف ليلة وليلة ، أو من الروايات العصرية التي تتداولها الأيدى مرة في كل شهر أو مرة في كل أسبوع ، وهذا مع إقبال القراء على ديوان المتنبي لغرض غير لذة المطالعة ، وهو غرض الدرس أو المحاكاة ، ومهما يكن