صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/198

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۹۰ - قلما تفيـد معنى من المعاني غير إشباع الحركة أو خطفها والإسراع فيها ، ولكنها في اللغة العربية تبدل معنى الكلمة أو تبدل قوة المعنى . فقراءة العربية قراءة مضبوطة لا تتأتى بغير تصحيح العلم بهذه القواعد قبل كتابتها وقراءتها ، وسبيل ذلك أن نختصر القواعد النحوية والصرفيـة حتى يحيط أوساط الناس بالقدر الكافي منها لمقاربة الصواب جهد المستطاع . ونقول مقاربة الصواب لأن العصمة من الخطأ لن تتيسر في اللغة العربيـة ولا في غيرها من اللغات ، ولن تتيسر أبدأ في عمل يتناوله جميع الناس من خاصة وعامة . أما الكتابة بالحروف اللاتينية فإن صح أنها تضمن للقارىء أن يقرأ ما أمامه على صورة واحدة فهي لا تمنع الكتاب المختلفين أن يكتبوا الكلمة على صور مختلفة كلها خطأ وخروج على القواعد اللغوية ، ومن هنـا يشيع التبليل في الألسنة و يتقرر الخطأ بتسجيله في الكتابة والطباعة بدلا من تركه محتملا للقراءة على الوجه الصحيح . ولا شك أن الخطأ في النطق أهون ضرراً من الخطأ المكتوب أو المطبوع ، لأن كتابة تبقى خطأ النطق وتزيد عليه أنها تسجله وتضلل من عسى أن يهتدى إلى الصواب . فقصاري ما نغنمه بهذا التبـديل ، أننا ننقل التبعة من القارىء إلى الكاتب ولا نمنع الخطأ ولا نضمن الصحة ، وهي فائدة لا يبلغ من شأنها أن تبدل معالم اللغة وتفصل ما بين قديمها وحديثها . وكان من أسباب مخالفتي لاقتراح الأستاذ العلامة – وهي كثيرة – أن طريقته ليست بأيسر من طريقتنا التي تجرى عليها الآن في كتابة الكلمات العربية مضبوطة بعلامات الشكل المصطلح عليها ، في موضع الحاجة إليها . لأن الطريقة اللاتينية المضاف إليها بعض الحروف العربيـة تعفينا من علامات الشكل ، ولكنها تضطرنا إلى زيادة الحروف حتى تبلغ ضعفها أو أكثر من ضعفها