صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/169

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

<-171- إلى الحالة الأخرى إلا لسبب كسائر الأسباب التي تدور عليها حوادث الوجود . فلا مصادفة في اللوترية . ولا مصادفة في الحياة . وغاية ما هنالك أنها ترجع إلى أسباب لا تعرفها ، أو لا نسيطر عليها إذا عرفناها . أما أنها مصادفات لا سبب لها فذلك غير ممكن وغير معقول . لكننا نقصد معنى من المعاني حين نقول إن الحياة لوترية ، ويغلب أن يكون المعنى الذي نقصده أن نصيب العاملين في الحياة لا يساوى مجهودهم في جميع الأحوال فتارة ينقص وتارة يزيد . كما يشترى الإنسان ورقة واحدة بقرش واحد فيربح ألف جنيه ، أو يشترى مائة ورقة بمائة قرش فيضيع ثمن ما اشتراه وهذه من وقائع الحياة التي لا سبيل إلى نكرانها . فقد يولد المرء غنيا ولا فضل له في غناه . أو يولد فقيراً ولا ذنب له في فقره . أو يولد صحيح الجسم وهو لم يعمل قبل ولادته شيئا يستحق به هذه النعمة ، أو يولد سقيا عليلا وهو لم يعمل قبل ولادته شيئاً يستحق به هذه النقمة ، وقد يولد في بلاد حرة أو بلاد مستعبدة بغير اختياره وقد يولد عبقرياً نافعاً أو غبيا لا نفع فيه لأسباب لا تقع في حسبانه ولا حسبان أبو يه . ونهبط من هذه الفوارق الكبيرة إلى فوارق أصغر منهـا وأقل منها خطراً في نتائجها وعوارضها . فيولد المرء في قرية تعوزها وسائل التعليم ، أو يولد في العاصمة الكبرى إلى جانب المكتب أو المدرسة . فلا يتساوى حظهما من التعلم و إن تساويا في الثروة والاستعداد للعلوم . وقد يولد المرء وينشأ في كنف أبويه إلى أن يستوفى نصيبه من التربية ، وقد يحرم أمه أو أباه أو يحرم الوالدين معاً وهو طفل صغير . هذه وأمثالها فوارق كثيرة نشاهدها في هـذه الدنيا كل يوم و بين كلى قوم ، النشأة الأولى و بعد وهى غير الفوارق الكثيرة التي يتعرض لها الناس بعد المولد في جميع أدوار الحياة . ع م – ۱۱