صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/125

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۱۷ – اعش آمن السرب كما تشتهى ما نحن ممن يغبط الآمنين إن حياة الأمن في شرعنا مشنوءة مثل حياة السجين مسدد النظرة في كل حين كلاها بخفره حارس أيتها الأخطار عامتنـا بأننا الأحرار لو تعلمين وهذه هي الفترة التي كنت أرى فيها الراحة حظاً للوضيع ، والتعب نسمة مفروضة على العظيم إن الشقي الذي لاصنو يشبهه وللأصاغر أشباه وأمثال ثم تكاملت عواطف النفس فتاقت إلى نصيبها من المجاوبة الناضجة والمقابلة المستوفاة ، وأيقنت أن السعادة مشهود لا يرى بعينين اثنتين بل بأربعة أعين ، وعاطفة لا يحسها قلب واحد بل قلبان متفقان ، فمن رامها بعينين وقلب فـكـا نمـا يرومها شطراً مسلوخاً من جسم ميت ، لأن الأجسام الحية لا تعيش شطرين . إن السعادة لن ترا ها في الحياة بمقلتين خلقت لأربع أعين تخلو بها ولمهجتين لك مقلتان ومهجـة أترى السعادة شطرتين؟ والتقيت بالزهاوي، رحمه الله، وأنا أومن بأن السعادة حقيقة وليست بأكذوبة ، فلما قال الأستاذ الزهاوي : لا سرور في الحياة ولا لذة وإنما اللذة عدم الألم . قلت ؟ هذا كقولنا إن الحياة عدم الموت ، والأولى أن تعكس القضية فيقال : إن الموت عدم الحياة . قال : ولم تقرن اللذة بالحياة وتجعل لهذه حكم تلك في القياس ؟ قلت : إن الحياة قوة إيجابية لا قوة سلبية ، وكذلك الشعور بما يوافقها هو قوة إيجابية من نوعها وليس امتناع قوة أو عدمها ؟ والآن ؟ تسألني ما قولك الآن !