صفحة:وصف إفريقية من الاستبصار في عجائب الأمصار.pdf/12

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
12

نازل مدينة رُومة الكبرى التي هي دار مملكة الروم فلمّا حاصرها وضيّق على ملكها وافسد اقطارها ارسل ملك رومة قائداً من قواده فحشد من كان بلاده من الروم و الجيوش و امر بالوصول إلى بلاد افريقية و النزول على قرطاجنة وخرابها وكان اسم القائد شبیون فخرجوا إلى بلاد افريقية و نزلوا قرطاجنة ولم يكن فيها من يعاونهم فارسلوا إلى ملكهم انبیل یعلّمونه بما حل ببلادهم من البلاء من اهل رومة ويسْئَلونه الاسراع لاغاثتهم قال فعجب من ذلك ملك قرطاجنة و قال أردت قطع رسم الرمانيين من الدنيا و اظن الآن السماء أراد غير ذلك ثم رجع إلى بلاده مسرعاً فزحف اليه شبيون قائد صاحب رومة فهزمه مراراً عديدة حتى قتله و أستاصل عسكره ودخل فى قرطاجنة فهدمها واحرقها وخرب المسلمون عند فتح افريقية بقيتها وذلك مشهور وليس يسكن منها الآن الا قصر واحد يتمى بالقلعة وبناؤه من اغرب ما يكون من البناء مفرط العظم والعلو اقباء معقودة بعضها فوق بعض طبقات كبيرة و هو مطل على البحر و هو حصن عظيم و بقرطاجنة دار الملعب ويسميه أهل تلك البلاد بالطياطير هو كله اقباء معقودة على سوارى رخام و عليها مثلها نحو اربع مرات قد احاطت بالدار و الدار دائرة من اغرب ما يكون من البناء ولها أبواب كثيرة قد صوّر على كل باب منها صورة نوع من الحيوان وقد صوّر في المطان صور جميع الصناع بايديهم آلاتهم و في هذه الدار من الرخام ما لوجع اهل افريقية على نقله ما قدروا عليه لكثرته وكان فيها قصران يعرفان بالأختين ليس فيها حجر سوى الواحد لا يشبه رخام الثانى ويوجد فيها لوح رخام طوله ثلاثون شبراً و عرضه خمسة عشر شبراً