غبطته يعود بدون انقطاع إلى مواقف لا تتفق وروح الإنجيل أو تعاليم المجامع والآباء. وفي السنة ١٨٤٨ سعى غبطته السعي نفسه فاضطر الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية إلى الرد على رسالته لتظهر له ببساطة ووضوح أن إجراءات رومة لم تتفق وتقاليد الآباء والرسل فأدى ذلك إلى تكدر غبطته وتألمه. وفي رده المتأخر على هذا الرد أظهر كل غضبه وسخطه. وبما أن غبطته لا يريد الرجوع عن مواقفه فإننا نحن أيضاً، والحمد لله، لا نريد أن نتراجع عن مواقفنا. ولا نريد نحن أن نجدد آلامه أو أن نثير مرة أخرى شكاوي قديمة فنحرك بذلك شروراً ساكنة وندخل في مناقشات ومجادلات تنتهي في غالب الأحيان بالقطيعة والنفور ونحن اليوم، وقد أحاطت المخاطر بكنيسة المسيح، بحاجة إلى الاشتراك في الإنجيل والمحبة والرأفة. وليس هنالك مجال للبحث المجمعي لأنه لم يبق بيننـا لا مبادئ ولا مواقف مشتركة نلتقي عندها.
«ومن الناحية الأخرى فإننا لا نرى حلولاً أقرب إلى النجاح وأكثر تجرداً عن العاطفة من التاريخ نفسه. فما دامت الكنيسة قد عاشت عشرة قرون بعقيدة واحدة إن في الشرق أو الغرب إن في رومة القديمة أو في رومة الجديدة فلنعد نحن الاثنين إلى هذه الكنيسة الواحدة لنرى من هم الذين أضافوا إلى العقيدة الواحدة أو حذفوا منها شيئاً ولنحذف ما أضيف هنا وهنالك ولنضف ما حذف وعندئذ نجد أنفسنا من حيث لا ندري منضوين تحت راية واحدة هي راية الأرثوذكسية الكاثوليكية التي ابتعدت عنهـا رومة القديمة بالعقائد الجديدة والتحديدات المبتعدة أكثر فأكثر. عن التقليد المقدس».
الأب نيستي: «وما هي المبادئ التي لا توافق عليها قداستكم»؟
البطريرك: «إذا تحاشينا البحث في التفاصيل قلنا أنه ما دامت كنيسة المخلص على الأرض فلا يمكننا أن نعترف بأن أسقفاً ما يحكم كنيسة المسيح ما عدا السيد نفسه. فليس هنالك بطريرك معصوم منزه عن الذنب أو الخطأ يتكلم من منبر أعلى من المجامع المسكونية التي هي وحدها معصومة ما دامت تنطق بما يتفق والأسفار المقدسة والتقليد الرسولي. ولا يمكننا الاعتراف، بدون تجديف على الروح القدس