فقس الذي قال بالاتحاد كما أرادته رومة1.
وأقلق تقدم الأتراك العثمانيين الروم وحار الأباطرة في أمرهم. فطلبوا المعونة من الغرب لصد هذا التقدم وللمحافظة على النصرانية في الشرق. وفاوضوا الباباوات مراراً طوال القرن الرابع عشر فكان الجواب واحداً لا يتغير الاعتراف بسلطة رومة! وكان موقف الإكليروس الأرثوذكسي والشعب واحداً أيضاً: لا نخترق التقليد الرسولي ولا نخرج على مقررات المجامع المسكونية! وتضاءلت دولة الروم في القرن الخامس عشر فلم تعد تشمل سوى القسطنطينية وضواحيها ثم بعض الأراضي الضيقة في ساحل البحر فجبل آثوس فثيسالونيكية فميسترة وميزنبوية وانخيالوس. وعظم على الإمبراطور يوحنا الثامن (١٤٢٥-١٤٤٨) سقوط ثسالونيكية في يد الأتراك وأفزعه تقدم السلطان مراد العثماني وانتصاره فهرع يرمم حصون العاصمة. وقام في الغرب آنئذ من طالب بإصلاح الكنيسة رأساً وجسماً والنظر في هرطقة يوحنـا هوس فالتأم مجمع بازل (١٤٣١ - ١٤٤٨) للنظر في هذين الأمرين الهامين، وعلم الآباء المجتمعون بفوز الأتراك وتقدمهم ففاوضوا الإمبراطور يوحنا الثامن في كيفية التعاون بين النصارى للصمود في وجه الأتراك فقام إلى بازل وفد أرثوذكسي وبات ينتظر البحث في التفاهم والاتحاد. ولكن أساقفة الغرب تشاحنوا في تعيين المكان الذي يلتئم فيـه مجمع مسكوني جديد ثم اتفقوا على إرجاء البحث في هذا التفاهم والتعاون إلى أن يكونوا قد حلوا مشكلة يوحنا هوس وهرطقته. فغضب الأرثوذكسيون لكرامتهم وانسحبوا2.
ولم يرض البابا أوجانيوس الرابع (١٤٣١ - ١٤٤٧) عن مجمع بازل ولم يحضر اجتماعاته ولكنه اهتم لسير الحوادث العسكرية في البلقان اهتماماً كبيراً وفاتح الإمبراطور يوحنا الثامن كلاماً مستقلاً في الموضوع نفسه الذي فاوض بشأنه الأساقفة في بازل. فاقترح يوحنا عقد مجمع مسكوني في القسطنطينية ولكن البابا رأى أن يعقد هذا المجمع في بلد إيطالي وسط بين الشرق والغرب ودعا إلى مجمع مسكوني في فراري وقبل يوحنا الثامن وترأس الوفد بشخصه وضم إليه أخاه