وفي السنة ١٠٤٣ رقي السدة المسكونية البطريرك ميخائيل الأول (كيرولاريوس) أشد البطاركة القسطنطينيين شكيمة وأصعبهم مراساً وأوسعهم مطمعاً. فإنه كما سبق وأشرنا، لم يكتف باستقلال السلطتين الزمنية والروحية وتآلفها وتعاونها بل طمع باكثر من هذا فاحتذى الأرجواني لون السلطة والسيادة الزمنيـة وقال إن الكهنوت أشرف من الملك فاستحق تأنيب بسلوس. وعلا السدة الرومانية في السنة ١٠٤٨ لاوون التاسع مرشح الإمبراطور الغربي الطامع في إيطالية هنريكوس الثالث. وكان هذا الإمبراطور قد تجول في جنوب إيطالية في السنة ١٠٤٧ فاعترف بحق شرعي للنورمنديين في الأماكن التي سطوا عليهـا فنهج بذلك نهجاً مضر بمصالح الروم. وهب لاوون لإصلاح الكنيسة واهتم لتثبيت السلطة فيها وعاونه في ذلك رهبان كلوني. وكان هنريكوس يعطف على هؤلاء فلما تسربوا إلى الأبرشيات الإيطالية الخاضعة للكرسي المسكوني ارتاب البطريرك ميخائيل في أمرهم. فكتب في السنة ١٠٥٣ بالاشتراك مع متروبوليت أوخريدة إلى رئيس أساقفة تراني (أوترانتو) ينبهه على حفظ التعاليم الأرثوذكسية ورغب إليه أن يطلع أساقفة الغرب على موضوع هذه الرسالة وفحواها. فلا وصلت الرسالة إلى رئيس أساقفة تراني كان عنده الكردينال هومبرتو. فلما وقف على رسالة البطريرك ترجمها إلى اللاتينية ونقلها إلى البابا لاوون التاسع. فكتب لاوون التاسع إلى القسطنطينية يوضح رغبته في السلام ويطالب بالسلطة على إيطالية وكنائسها وعلى الكنائس الشرقية أيضاً مستنداً في ذلك إلى منحة قسطنطين المزورة. فامتعض البطريرك والإمبراطور ولكن خطر النورمنديين اضطرهما إلى المفاوضة فطلبا إرسال وفد إلى القسطنطينية، فأرسل البابا أحد الكرادلة - هومبرتو ورئيس أساقفة بطرس والكنكيلاريوس فريدريكوس. وحمل هذا الوفد المفاوض رسالتين واحدة
صفحة:نحن ورومة والفاتيكان (الطبعة الأولى).pdf/38
المظهر
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
تَبَاعُدٌ وتَراشقٌ وَحَرْبٌ صَليبيَّة
– ٣٨ -