بالضبط ولكننا نرى لاوون يعود إلى رومة مكرما تواكبه قوة عسكرية ونرى کارلوس نفسه يزور رومة في السنة التالية (٨٠٠) لينظر في قضية لاوون وأخصامه فينتهز لاوون فرصة وجوده في رومة ويتوجـه «إمبراطوراً أوغوسطوساً تقياً مقاماً من الله مسلطاً على الرومانيين». ويلاحظ هنـا أن الإمبراطور لاوون الثالث كان قد رفع في حوالي السنة ٧٣٣ سلطة البابا الروحية عن إليرية وصقلية وكلابرية وألحق هذه الأبرشيات بالبطريركية المسكونية وأنه أيضاً كان قد وضع يده على أوقاف القديس بطرس في هذه الأماكن وغيرها. فلما التأم المجمع المسكوني السابع للنظر في تكريم الأيقونات في السنة ٧٨٧ في نيقية كتب بابا رومة إدريانوس الأول إلى البلاط الإمبراطوري في القسطنطينية يرجو إعادة حقوقه المسلوبة إليه ويذكر بتقدم رومة وسلطتها، فحذفت هــذه كلها من الترجمة اليونانية التي تليت أمام الآباء المجتمعين فلم تبحث في المجمع ولم يتخذ أي قرار فيها1. فجاءت الكاروليات «Libri Carolini» في ما بعد تعارض قرارات المجمع المسكوني السابع وتنبىء بقلـة اكتراث كارلوس وبلاطه برأي القسطنطينية حكومـة وكنيسة وشعباً. وسكت أدريانوس عن قرارات مجمع فرانكفورت في السنة ٧٩٤ على الرغم من تعارضها مع قرارات المجمع المسكوني الذي اشتركت فيه رومة ووافقت على أعماله! فاتضح للجميع أن أسقف رومة أصبح بالفعل أقرب إلى بلاط كارلوس منه إلى بلاط الإمبراطور.
وهكذا فيكون البابا لاوون الثالث قد تابع بتتويج كارلوس إمبراطوراً سياسة أسلافه الأقربين ووصل بها إلى نتيجة منطقية محتمة فخرج على القول بإمبراطورية واحدة، والخروج على القول بإمبرطورية واحدة إنمـا كان في حد ذاته خروجاً على فكرة الوحدة والتوحيد السائدة آنئذٍ في الأوساط القانونية والكنيسة: إله واحد ورب واحد وأرض «مسكونة» واحدة وإمبراطورية واحدة وكنيسة واحدة، فيجوز القول والحالة هذه أن باباوات القرن الثامن بعد أن يئسوا من الوصول إلى ما اعتبروه حقهم المشروع وبعد أن رفضت المجامع المسكونية إقرار ما طالبوا بــه هم وسلفائهم من تقدم فعلي على سائر الكنائس
- ↑ Ostrogorsky, G., Byzantine State, 163-164