صفحة:معجم أدباء الأطباء (1946) - محمد خليلي.pdf/8

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ومع ذلك كله فلا يتفق لي ان أرى هذا الكتاب على رغم سهولة تناوله وقرب موضعه الى يدي ، حتى اذا تمت المحاولة ، وانتهى التأليف ، اذا بالمؤلف يحمله الي مرة واحدة ويطلب مني قراءته وتقدمته بكلمة مناسبة . ولا أدري ما هي العلة التي حملته على اختياري أنا دون الذين لهم علاقة بالطب والأدب ، والمؤلف كما قد يعرف الجميع - فريبي ومن أقرب أرحامي الي فكان المقتضي أن يتصدى لمقـدمته شخص آخر غيري أدرى بقيمة الكتاب وأكثر خبرة واتصالا بموضوعه وكيفما كان فقد وجدتني أقلب هـذا الكتاب صفحة صفحــة وأقرؤه موضوعا بعد موضوع ، فألم به بعض الالمام ، وأتلمس موضع قوة الؤلف وما فات منه وما كان ينبغي له ، وما كان عليه ، فكان من كل ذلك هذه الكلمة المختصرة التي شاء أن يسميها المؤلف ( بالتقدمة ) لقد فكرت مليا لعلي أهتدي الى العلاقة بين الطب والشعر وأسباب التقائها في صعيد واحـد وعند كثير من هولاء الذين ضم تراجمهم هذا الكتاب في اهتد فلم الى حل ، بل بالعكس فقد كانت الأدلة تتضافر على أن بين فن الأدب ، ومهنة الطب برزخا واسعاً لا يجعلها متدانيين متواصلين وهور أي يخالف رأي المؤلف الذي حاول جهده بأن يقرب الوسائط والأسباب ليجعل منبع الطب والشعر منبعاً واحـداً أو منيعاً قريباً على الأقل ، فالشعر في حد ذاته فن لا دخل له بعد الطلب وخصائصه وغاياته ، فاذا ما وجد طبيب شاعر فليس لان الطلب والشعر فنان متقاربان وعلمان انتزعا من أصل واحد وانما مثل الجمع بينهما كمثل الجمع بين الصياغة والنجارة وبين الهندسة والفلاحة وكان وجود طبيب شاعر كوجود مهندس شاعر ، وحائك شاعر وتاجر شاعر . ويغلب على ظني أن الأدباء الذين انبروا الى دراسة الطب في الماضي كانوا يرون في هذه الدراسة شيئا من الكمال أكثر مما يرون فيه داديا طبعي وموافقة فنية