صفحة:معاوية بن أبي سفيان.pdf/38

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
الدهاء

إعادة عبد الله إلى ولايته، بل قنع بحرمان المغيرة من ولاية الخراج واصطنع النصيحة للخليفة الجديد، فجاءه يقول: إنك تستعمل المغيرة على الخراج فيأخذه ولا تستطيع أن تنتزعه منه، والرأي أن تولي على الخراج رجلا يخافك، ولا تبالي أن تعزله متى شئت، وأن تستعمل المغيرة على الصلاة والإمارة، فلا يقوى عليك بغير مال، فاتبع معاوية مشورته غير كاره؛ لأنها أكسبته المال والعداوة بين الداهيتين. ثم استقر الأمر لمعاوية فهان عليه خطب المغيرة وهم بعزله، فنمي الخبر إلى المغيرة من عيونه" حول معاوية، وأشفق من غضاضة العزل، فآثر أن يذهب إليه معتزلا، وأن ذلك حيلته التي يرغم بها معاوية على استبقائه، وهو عزيز الجانب مرغوب يحتال مع ... شخص إلى دمشق فاختلى بيزيد كأنه يلقاه عرضا، ووسوس له أن يطلب إلى أبيه تسميته لولاية العهد، وزين له الأمر قائلا: «إن أصحاب النبي وكبراء قريش قد ذهبوا، وبقي الأبناء وأنت من أفضلهم، فلا أدري ما يمنع أمير المؤمنين أن يعقد لك البيعة؟ قال: أوترى ذلك يتم؟ قال: نعم ... فدخل يزيد على أبيه وأخبره بمقالة المغيرة، فتعجل معاوية لقاءه وأستدعاه ليطمئن إلى حقيقة الخبر، وأبتدره سائلا: ما هذا الذي يقوله يزيد؟ قال: إني يا أمير المؤمنين قد رأيت ما رأيت من سفك الدماء بعد عثمان، وفي يزيد منك خلفي فاعقد له البيعة بعدك، فإن حدث بك حدث كان كها للناس وخلا منك، ولا دماء ولا تكون فتنة ... قال معاوية: ومن لي بهذا؟ ... قال: أكفيك أنا أهل الكوفة ويكفيك زياد أهل البصرة، وليس بين هذين المصرين أحلى يخالف ، فأمره معاوية أن يرجع إلى الكوفة، وأن يتحدث مع قال المغيرة لبعض هؤلاء الثقات: لقد وضعت رجل معاوية في غرز" بعيد الغاية وفتقت عليهم فتقا لا يرتقه أبدا، ثم أجابه ناس من قبيلة إلى بيعة يزيد، فأرسل منهم عشرة إلى دمشق، ولم يرسل سائرهم ليمد في حبل المساومة، وكان من حكمة معاوية أنه ذلك، ثم يرى ما 4 فنمي: نمي إليه: بلغه. عيونه: جواسيسه. غضاضة: مذلة. غرزة ركاب الرجل من جلد. يرتق رتق الشيء سده، ضد فتقه. V A

۲۷

37