هذه الحقائق بصورة جذابة محببة إلى القراء ترغبهم في الاستطلاع، ويراعى فيها انتقاء الموضوع الذي يلذ لأَمثالهم.
وهناك خطر نريد أَن ننبه إليه، ذلك أن بعض المحدِّثين من العلماء كادوا يذهبون إلى أن من شروط الطريقة العلمية في البحث أن لا يعمد المؤلف إلى هذه الأساليب الشيقة في عرض الحقائق. كأنهم يزعمون أن العلم يتنافى معها. والواقع أنه بإمكان العالم أن يكون دقيقاً في كلامه واستنتاجه وجذاباً في أسلوبه وعرضه في آنٍ واحد. ومن يدري فلعل الدافع عند هؤلاء إلى مثل هذه الأحكام ضعفهم في الأداء وعدم تمكنهم من ناحية اللغة وقصورهم عن إيجاد التعابير الشيقة. وهل يضير الحسناء إذا ظهرت بزينتها الكاملة! فواجب المؤرخ إذاً أن يجيد اللغة التي يصطنعها لتدوين حقائقه وعرضها بحيث لا تعوزه معرفة قواعد اللغة ومفرداتها وبيانها وأساليبها. وعليه أن يتقن فن الرواية وقص القصص في اللغة التي يكتب بها حتى إذا قص أخباره وقعت موقعًا حسنًا في قلوب القراء.