إذا ضاعت الأصول ضاع التاريخ معها. هذه قاعدة عامة لا موضع للجدال فيها، وذلك أن التاريخ لا يقوم إلا على الآثار التي خلَّفتها عقول السلف أو أيديهم. فإذا سطت محنُ الدهر أو عوادي الزمن على بعض هذه الآثار وأزالت معالمها فقدها التاريخ وكانت كأنها لم توجد. وبفقدها يجهل تاريخ عصرها ورجالها. أما إذا بقيت وحفظت فقد حُفظ التاريخ فيها. لهذا يرى المؤرخون لزاماً في أعناقهم، قبل كل شيء، أن يتفرغوا للبحث والتفتيش عن شتى الآثار التي تخلَّفت عن السلف، والتي اصطلحنا أن نسميها أصولاً.
والأصول لدى المؤرخ هي جميع الآثار التي تخلفت عن السلف. فالرسائل الواردة إلى مجلس محمد علي باشا والصادرة عنه هي أصول لتاريخ هذه الحقبة من تاريخ العرب. ومجموعة المدافع والأسلحة التي ترجع إلى عهده والتي لا تزال محفوظة في وزارة الحربية في مصر وفي سراي عابدين هي أيضاً أصول بعرف المؤرخ واصطلاحه. وكذلك جامعه