صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/99

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٩٨ -

بالأخبار من بغداد، ثم أنه شدد الحراسة على حدود خراسان ومنع العبور إلى ولاياته إلا للأشخاص المعروفين. أما فيما يتعلق بملوك الأطراف مـن الوطنيين فإن الفضل نصح المأمون بإرسال خطابات لجابغو والخاقان يؤكد لهما سيادتهما على بلادهما، ويعدهما بالمساعدة ضد أعدائهما، وأن يرسل هدايا إلى ملك كابل، وأن يعفي أمير أترار من جزية عام. وفعلاً نجحت هذه الإجراءات في استتباب الأمن والسلام في هذه النواحي.

خلع المأمون:


حاول الأمين إنفاذ الرسل لإقناع المأمون بالعدول عن موقفه ولكنهم منعوا عند الري من حرية الاتصال بأهل البلاد (حفظوا في حال سفرهم وإقامتهم من أن يخبروا أو يستخبروا). عندئذ رأى الأمين أن القطيعة قد تمت وعمل على أن يعيد توحيد الدولة عن طريق استعمال أساليب العنف. وفي أوائل سنة ١٥هـ أعلن خلع المأمون من ولاية العهد، وأخذ البيعـة لابنه موسى بدلاً منه ولقبه "الناطق بالحق"، وجمل له ديواناً من شرطـة وحرس ورسائل، وعهد بإدارة شئونه وتأديبه إلى علي بن عيسى بن ماهـان والي خراسان السابق، ثم عمد لابنه الآخر عبد الله ولقبه "القائم بالحق"، كما أعلن عدم صلاحية النقود التي ضربها المأمون والتي لا تحمل اسم خليفة بغداد للتداول1.

وأتبع الأمين ذلك بأن أرسل إلى الكعبة وأتى بكتابي العهد اللذين كتبهما الرشيد ومزقهما. وخرج من حيز الكلام إلى حيز العمل وكلف علي بن عيسى بن ماهان القائم بأمر ولي العهد الجديد بالسير إلى خراسان للقبض على ولي العهد المخلوع، وتنفيذ ما اتخذه من اجراءات ضده.

ولا شك في أن اختيار بن ماهان للقيام بهذه المهمة لم يكن اختياراً موفقاً، فالرجل معروف بسوء السيرة في خراسان لجشعه في ابتزاز الأمـــوال،


  1. انظر، ابن الأثير، الكامل ،ج ٥، ص ١٤٢، أحداث سنة ١٩٥هـ (ذكر قطـع خطبة المأمون)، أ.د سعد زغلول، ص ۱۱۷.