صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/9

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
٩

أما فيما يتعلق بالسياسة الداخلية فإنه في هذه الفترة التي شهدت فيها الدولة أقصى اتساعها حدثت تغييرات مهمة في نظمها الداخلية وكذلك بدأ ظهور العمارات الإسلامية الفخمة التي نفخر ونعتز بها.

كذلك ينبغي الإشارة إلى المجهودات العظيمة التي قام بها الخليفة عبـد الملك بن مروان من أجل تعريب الدواوين أي تعريب الإدارة وعمل على تغلغل هذا التعريب بين أهل الأمصار. وعمل التعريب وانتشار الإسلام على تكسير الحواجز التي كانت موجودة بين العرب وبين أهل البلاد وكان ذلك تمهيداً لقيام المجتمع العربي الإسلامي الموحد. واستمر في هذه السياسة التي بدأها عبد الملك ابنه الوليد وكذلك عمر بن عبد العزيز. ويرجع الفضل في إنشاء المسجد الجامع في دمشق إلى الوليـد بن عبد الملك، الذي استجلب لبناء هذا الجامع الفنانين من بلاد الروم وكذلك من مصر وأنفق عليه بسخاء حتى أصبح مفخرة من مفاخر الإسلام ونموذجاً من نماذج الفن الإسلامي.

وبعد أن بلغت الدولة من الناحية العسكرية أقصى اتساعها بدأء عصر التوقف العسكري والإقليمي وكان هذا يعني بداية عصر الأفول والاضمحلال.

أما في المشرق فتحركت المسيحية أيضاً فانتهى حصار القسطنطينية الأخيــر بالفشل ثم أن الإمبراطورية البيزنطية خرجت من فترة الضعف التي كانت تمر بها واعتلى عرشها إمبراطور قوي هو ليـو الثالث الأيسوري الذي قام بحملات عسكرية في آسيـة الصغرى وكذلك في مناطق القوقاز. وفي سنة ١٢٢هـ تذكر الحوليات أن ابــــن الخليفة هشام بن عبد الملك الذي كان قد توغل في الأراضي البيزنطية لقي هزيمة مريعة إذ تشتت مقدمة جيشه وقضت هذه الكارثة على حلم الأمويين في القضاء على بيزنطـة. هذا فيما يتعلق بتوقف الفتح العسكري.

أما فيما يتعلق بالأحوال الداخلية في الدولة فإنها لم تكن بأحسن حالاً من التوسع العسكري. ففي كثير من الأقاليم ظهرت ميول واتجاعات انفصالية، أما داخل الدولة فكان من أهم القلاقل التي أصابت الدولة ظهور الخصومات والنزاعــات الدينية. فمنذ البداية ظهرت الحركة الخارجية في مركز الدولة ولكن بفضل جهود الحجاج ابن يوسف الثقفي استطاعت الدولة القضاء على الخوارج ولكن هذا لم يكن يعني القضـاء التام على الحركة إذ أنها ظهرت ونجحت في المشرق وفي المغرب.