صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/89

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٨٨ -


الفتنـة بدمشـق:


ففي سنة ١٧٦هـ قامت الفتنة في دمشق بين العصبيتين المضرية واليمنية وساد البلاد الفوضى نحو سنتين. ووقع بين العصبيتين معارك سقط فيها كثير مـن الناس. ورغم عزل والي دمشق عبد الصمد بن علي واستعمال عامل جديد هو إبراهيم بن صالح بن علي فإن الفتنة لم تخمد بل زاد ما الوالي الجديد تأججاً إذ أنه وقـف إلى جانب اليمنية ضد أعدائهم وانتصر القيسية على اليمنية ونهبوا مواضعهم قـــــــرب دمشق بل واستولوا على دمشق. وعندئذ اضطرت اليمنية إلى طلب الأمان، وأراد ابن الوالي أن ينتقم من الثوار فكان ذلك نذيرا بتجدد المعارك، ولم يقف القتال إلا عند وصول قائد الرشيد الذي قبلت القيسية طاعته.

ولم يستمر الهدؤ طويلا إذ يوجد في حوليات سنة ١٨٠هـ ذكر لمسير جعفر بن يحيى بن خالد إلى الشام بنفسه. ومعه القواد والعساكر والسلاح والأمـــــوال وذلك "للعصبية التي بها" فتمكن من تسكين الفتنة "وأطفأ الثائرة وعاد الناس إلـى الأمن والسكون"1.

الفتنـة بالموصـل:


وشهدت الموصل الكثير من الثورات منها ثورة سنة ١٧٧هـ، التي تزعمهـا رجل من الأزد تمكن من السيطرة على الناحية وجبي خراجها مدة سنتين حتى خـرج إليه الرشيد بنفسه، وهدم سور المدينة وأقسم ليقتلن من لقي من أهلها لولا أن أفتـاه القاضي أبو يوسف ومنعه من ذلك، ولم يتمكن الرشيد من القبض على الثائر، الـذي فر إلى أرمينية. واستعمل الرشيد على المدينة وال أساء فيهم السيرة وظلمهم وطالبهم بخراج سنين مضت فهاجر أكثر أهل البلد عنها2.


  1. نفس المصدر السابق، ص ۹۱ – ۹۳، ص ۱۰۳.
  2. نفس المصدر، ص ٩٦، ص ۱۰۳.