صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/72

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٧١ -

فأضعفت من قوة بيزنطة. وهكذا كانت الفرصة مواتية للمنصور في سنة ١٤٩هـ لكي يوجه هجوماً ضد البيزنطيين.

والحقيقة أن الإمبراطورية البيزنطية لم تكن مهددة تماماً من جانب الخلافة كمـا أن الخلافة كانت أقل عرضة للخطر من جانب البيزنطيين ولهذا السبب يطلق بعـض كتاب الإفرنج على هذه الحرب اسم "حرب العظمة" فهو يرى أن هذه الحرب لم تكن ضرورية ولكن الإسلام كان عليه أن يشعر دولة الكفار بسطوته وهيبته ولهذا كانت تقوم القوات الإسلامية بتلك الحملات التي تعرف باسم "الصوائف والشواتـــــــــــي" وهو يرى أن المصالح الاقتصادية بين بيزنطة وبين الإسلام كانت توجب قيام اتفـاق ودي بين الطرفيـن.

وعلى أية حال كان مجال العمليات العسكرية ضد بيزنطة هي المحاذية لجبال طوروس في الشرق وهي المنطقة التي عرفت عند الكتاب باسم العواصم أو "الثغور" ومعناها الحد الذي يفصل بين دولة الإسلام وبين دولة الكفـر. خـلـف هذه المنطقة كانت توجد الممرات والمنافذ في الجبال وكانت هذه الممرات محميـة بالقواعد والقلاع، وهذه القواعد كانت مدناً إغريقية قديمة جددها العرب وأعادوا بناءها وحولوها إلى حصون. وأهم هذه الحصون: أدنة وطرطوس والمصيصة وسميساط وملطية، ومرج دابق. وخلف هذه القلاع كانت تمتد أقاليم آسية الصغرى وهـي أرض الروم. وهذه الأرض كانت هدف القوات الإسلامية خلال الصوائف والشواتـي ترعب بها الأعداء وترجع بالسبي والمغانم. أما عن الهدف الحقيقي للجيــــــــــوش الإسلامية فكان هو عاصمة الدولة البيزنطية. ولكن قوات الإسلام لم تستطع تحقيـق الاستيلاء على القسطنطينية.

والذي يلاحظ هو أن الصوائف لم تكن تذهب على أيام المنصور إلى بيزنطـة إلا إذا كان العسكر غير منشغلين في إخماد ثورة… تقول الرواية في سنة ١٣٧هـ، لم يكن للناس في هذه السنة صائفة لشغل السلطان بحرب سنباذ1.


  1. ابن الأثير، الكامل، ج ٤ ، ص ٣٥٨.